المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌196 - القسمة الرضائية - فتاوى د حسام عفانة - جـ ١٢

[حسام الدين عفانة]

فهرس الكتاب

- ‌1 - الربا لا يجري في استبدال سيارة بسيارة أغلى ثمنا

- ‌2 - تحريم التحايل في معاملات البنوك الإسلامية

- ‌3 - يحرم التعامل مع شركة كويست للتسويق الشبكي

- ‌4 - الوكيل أمين ومخالفة شروط الوكالة خيانة للأمانة

- ‌5 - يحرم شرعا على المسلم أن يكون طرفا في أي عملية ربوية

- ‌6 - حكم تأجير الأرض الزراعية بالنقود

- ‌7 - الفرق بين التأمين التجاري - التقليدي – وبين التأمين التعاوني أو التكافلي أو الإسلامي

- ‌8 - رهن المبيع في بيع المرابحة للآمر بالشراء

- ‌9 - التصرف في مال الغير بغير إذن

- ‌10 - حكم عمل المسلم بالكنيس

- ‌11 - حكم شراء شقة قبل بنائها ووفق المخططات

- ‌12 - الفرق بين شراء سيارة من البنوك الإسلامية وبين شرائها عن طريق البنوك التجارية

- ‌13 - الرد على مفتي الديار المصرية الذي يجيز أخذ الفائدة البنكية لأن غطاء العملات قد تغير فلم تعد كالسابق بالذهب والفضة

- ‌14 - حكم اعتماد مؤشر الليبور في المصارف الإسلامية

- ‌15 - ضمان المضارب بالتقصير والتعدي

- ‌16 - التحايل على الرابا باسم الرسوم الادارسة

- ‌17 - حكم شراء المال المصادر بالباطل

- ‌18 - العقد شريعة المتعاقدين

- ‌19 - أزمة الرهن العقاري من منظور إسلامي

- ‌20 - إبطال حكم المحكمين

- ‌21 - حكم نشر صور الممثلين على المنتجات التجارية

- ‌22 - رجوع الوالد فيما وهبه لولده

- ‌23 - لا يجري الربا في بيع القمح والملح والتمر بالدين

- ‌24 - السحب على المكشوف

- ‌25 - حكم إصدار شيك بدون رصيد

- ‌26 - حكم دفع رسوم الخدمات للمجالس المحلية والبلدية

- ‌27 - عقد الإجارة يورث

- ‌28 - ثبوت حق الشفعة في المنقولات كالسيارة

- ‌29 - هل تثبت الشفعة بمطلق الجوار

- ‌30 - انخفاض قيمة العملة وأثره على الديون

- ‌31 - التأمين الإسلامي

- ‌32 - جوائز حسابات التوفير في البنوك

- ‌33 - التلاعب بالأدوية

- ‌34 - صندوق التكافل والتقاعد

- ‌35 - تسمية الثمن شرط لصحة البيع بخلاف قبضه عند العقد ليس شرطا

- ‌36 - دفع أجرة العقار مقدمأ

- ‌37 - جعل سعر الفائدة مؤشرا للربح في البنوك الإسلامية

- ‌38 - بيع العملات بالهامش (المارجن)

- ‌39 - حق الجار في استعمل سور جاره

- ‌40 - إتلاف المزارعين للمنتوجات الزراعية لعدم القدرة على تسويقها

- ‌41 - حكم تزوير الوثائق والشهادات

- ‌42 - انتزاع الملكية الخاصة للمصلحة العامة

- ‌43 - حكم عرض الملابس الداخلية للنساء

- ‌44 - التجارة في الألعاب النارية واستعمالها

- ‌45 - عقد الصيانة

- ‌46 - رد البضاعة بالعيب

- ‌47 - الزيادة على القرض متى تكون ربا ومتى لاتكون

- ‌48 - الشرط الجزائي لا يدخل في الديون

- ‌49 - حكم بيع الفضولي

- ‌50 - المقاطعة الاقتصادية

- ‌51 - استئجار الحلي الذهبية

- ‌52 - حكم غرامة التأخير

- ‌53 - لا يجوز بيع الدجاج قبل القبض

- ‌54 - الظفر بالحق

- ‌55 - الضمان في حوادث السيارات

- ‌56 - سرقة الدواء المدعوم

- ‌57 - يستحب الإشهاد على العقود

- ‌58 - التعامل بالشيكات

- ‌59 - حكم التصرف في المال الموقوف

- ‌60 - حكم الإقالة في البيع

- ‌61 - حكم شراء المسكن عن طريق البنوك الربوية

- ‌62 - البيوع

- ‌63 - تبرع المضارب بضمان رأس مال المضاربة

- ‌64 - ضوابط التعامل بالأسهم

- ‌65 - حكم برنامج توفير للمعلمين

- ‌66 - العمل في محل تقدم فيه الخمور

- ‌67 - فوائد صندوق التوفير هي الربا المحرم

- ‌68 - يجوز أن يكون الشريك أجيرا

- ‌69 - حكم التعامل ببطاقات الائتمان

- ‌70 - لا يجوز ضمان رأس المال في عقد المضاربة

- ‌71 - الأصل في المعاملات الإباحة

- ‌72 - التعويضات المالية

- ‌73 - الغش

- ‌74 - الربا

- ‌75

- ‌76 - الضمان

- ‌77 - الغش

- ‌78 - تغير قيمة العملة

- ‌79 - انتهاء الشركة بموت الشريك

- ‌80 - حظر التجول المتواصل يلحق بالجوائح

- ‌81 - عقد المقاولة

- ‌82 - شركة بزناس

- ‌83 - الرد على فتوى مجمع البحوث في الأزهر بإباحة الربا

- ‌84 - استعمال العام الهجري في عقود الإجارة

- ‌85 - اللقطة

- ‌86 - الضمان

- ‌87 - معنى حديث: (نهى رسول الله عليه الصلاة والسلام عن

- ‌88 - المصارف الإسلامية

- ‌89 - السرقة

- ‌90 - عقد المزارعة لا يعني تملك الأرض

- ‌91 - البيع

- ‌92 - البيع

- ‌93 - البيع

- ‌94 - حقوق الطبع والنشر

- ‌95 - حكم مسابقة من سيربح المليون

- ‌96 - أداء الأمانة

- ‌97 - الأموال التي تدقع لذوي الشهداء تجري مجرى الدية

- ‌98 - إعادة المال لأصحابه عند انتفاء الغرض من جمعه

- ‌99 - المزارعة جائزة

- ‌100 - الهدية تهدى وتباع

- ‌101 - الربا

- ‌102 - الربا

- ‌103 - الربا

- ‌104 - الربا

- ‌105 - الشيكات

- ‌106 - زيادة محرمة

- ‌107 - خلو الرجل

- ‌108 - عقد الاستصناع جائز شرعا

- ‌109 - المال الحرام

- ‌110 - التبرع بالدم

- ‌111 - المال الحرام

- ‌112 - البيع

- ‌113 - المضاربة

- ‌114 - الشرط الجزائي

- ‌115 - الغرامة بالمال

- ‌116 - الغرامة بالمال

- ‌117 - الغرامة بالمال

- ‌118 - الخصومات

- ‌119 - المزارعة جائزة

- ‌120 - جوائز التجار

- ‌121 - القروض

- ‌122 - القروض

- ‌123 - الربا

- ‌124 - حكم التعامل في الأسواق المالية (البورصة)

- ‌125 - القروض

- ‌126 - الشيكات

- ‌127 - الشيكات

- ‌128 - المضاربة

- ‌129 - المضاربة

- ‌130 - المضاربة

- ‌131 - المضاربة

- ‌132 - البيع

- ‌133 - الربا

- ‌134 - القروض

- ‌135 - يحرم أخذ الأجرة على عسب الفحل

- ‌136 - سماح صاحب الأرض لجاره بالمرور من الأرض لا يعطي الج

- ‌137 - الشهادة

- ‌138 - الهبة

- ‌139 - حق التقادم

- ‌140 - الضمان

- ‌141 - الضمان

- ‌142 - الخصومات

- ‌143 - الصلح

- ‌144 - القروض

- ‌145 - تغير قيمة العملة

- ‌146 - البيع

- ‌147 - البيع

- ‌148 - الربا

- ‌149 - حكم السندات

- ‌150 - البيع

- ‌151 - القروض

- ‌152 - حكم الاختلاس

- ‌153 - الرشوة

- ‌154 - دفاع عن فقيه العصر الشيخ العلامة يوسف القرضاوي

- ‌155 - الربا

- ‌156 - الربا

- ‌157 - المصارف الإسلامية

- ‌158 - القروض

- ‌159 - الوفاء بالوعد

- ‌160 - المواعدة على الصرف

- ‌161 - البيع

- ‌162 - الشيكات

- ‌163 - توثيق المعاملات بالكتابة

- ‌164 - القروض

- ‌165 - البيع

- ‌166 - البيع

- ‌167 - ضوابط الكسب

- ‌168 - الشركات المساهمة

- ‌169 - البيع

- ‌170 - الخصومات

- ‌171 - البيع

- ‌172 - البيع

- ‌173 - البيع

- ‌174 - ما يحرم بيعه

- ‌175 - البيع

- ‌176 - حق الشفعة

- ‌177 - القروض

- ‌178 - الصرافة

- ‌179 - الصرافة

- ‌180 - الربا

- ‌181 - الربا

- ‌182 - شركة الأبدان

- ‌183 - الاقتطاع من أجر العامل

- ‌184 - القروض

- ‌185 - الميراث

- ‌186 - أنت ومالك لأبيك

- ‌187 - المال الحرام

- ‌188 - الرشوة

- ‌189 - السمسرة

- ‌190 - المال الحرام

- ‌191 - المال الحرام

- ‌192 - أتعاب العامل

- ‌193 - القرعة

- ‌194 - لا يجوز أن يكون الربح في شركة المضاربة نسبة من رأس المال

- ‌195 - حكم جائزة السداد المبكر في البنوك الإسلامية

- ‌196 - القسمة الرضائية

- ‌197 - حقيقة تملك السلع وقبضها في بيع المرابحة كما تجريه البنوك الإسلامية

- ‌198 - مرجعية الرقابة الشرعية في البنوك الإسلامية

- ‌199 - الضوابط الشرعية للتعامل مع أموال الأيتام

- ‌200 - المعايير الشرعية لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية والإسلامية AAOFI

- ‌201 - التجار واستغلال شهر الصيام برفع الأسعار

الفصل: ‌196 - القسمة الرضائية

‌196 - القسمة الرضائية

قول السائل: ورثنا عن أبينا قطعة أرض كبيرة وقمنا بتقسيمها بالتراضي، وبعد مضي عدة سنوات، يطالب بعض الورثة بإعادة القسمة من جديد، فهل يحق لهم ذلك، أفيدونا؟

الجواب: القسمة عند الفقهاء عُرفت بتعريفات كثيرة منها ما قاله الكاساني الحنفي: عبارة عن إفراز بعض الأنصباء عن بعض، ومبادلة بعضٍ ببعض؛ لأن ما من جزأين من العين المشتركة لا يتجزآن قبل القسمة، إلا وأحدهما ملك أحد الشريكين، والآخر ملك صاحبه غير عين، فكان نصف العين مملوكاً لهذا، والنصف مملوكاً لذاك على الشيوع، فإذا قسمت بينهما نصفين، والأجزاء المملوكة لكل واحد منهما شائعة غير معينة، فتجتمع بالقسمة في نصيبه دون نصيب صاحبه، فلا بد وأن يجتمع في نصيب كل واحد منهما أجزاء، بعضها مملوكة له، وبعضها مملوكة لصاحبه على الشيوع.] بدائع الصنائع5/462. وعرفت مجلة الأحكام العدلية القسمة في المادة (1114) : القسمة هي تعيين الحصة الشائعة، يعني إفراز وتمييز الحصص بعضها عن بعض بمقياس ما كالكيل والوزن والذراع.

والقسمة مشروعة بكتاب الله عز وجل وبسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فمن القرآن الكريم قوله تعالى:{وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً} سورة النساء الآية 8. وقوله تعالى: {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} سورة الأنفال الآية41، وقوله سبحانه تعالى: {لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً} سورة النساء الآية 7، وقوله سبحانه: {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاء قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ} سورة القمر الآية 28. وأما من السنة النبوية فقد ثبت في أحاديث كثيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قسَّم الغنائم كما في حديث أنس رضي الله عنه قال: (اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم من الجعرانة حيث قسم غنائم حنين) رواه البخاري، وقال الإمام البخاري في صحيحه:[باب قول الله تعالى {فأن لله خمسه وللرسول} يعني للرسول قسم ذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما أنا قاسم وخازن والله يعطي) ] . وروى الإمام مسلم في صحيحه بإسناده عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (لما كان يوم حنين آثر رسول الله صلى الله عليه وسلم ناساً في القسمة، فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى أناساً من أشراف العرب وآثرهم يومئذ في القسمة، فقال رجل: والله إن هذه لقسمة ما عدل فيها وما أريد فيها وجه الله. قال فقلت والله لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فأتيته فأخبرته بما قال، قال فتغير وجهه حتى كان كالصرف - شجرٌ أحمر يصنع منه صبغ يدبغ به الجلود - ثم قال: (فمن يعدل إن لم يعدل الله ورسوله) . قال ثم قال: (يرحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر) . وعن علي رضي الله عنه قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم فقمت على البُدن، فأمرني فقسمت لحومها، ثم أمرني فقسمت جلالها وجلودها) رواه البخاري ومسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إذا قُسمت الأرض وحُدَّت، فلا شفعة فيها) رواه أبو داود وهو حديث صحيح كما قال العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة حديث رقم 1385. وقال الشيخ ابن قدامة المقدسي: [وأجمعت الأمة على جواز القسمة، ولأن بالناس حاجة إلى القسمة ليتمكن كل واحد من الشركاء من التصرف على إيثاره ويتخلص من سوء المشاركة وكثرة الأيدي.] المغني 10/99. إذا تقرر هذا فإن الفقهاء قد جعلوا القسمة على أنواع باعتبار إرادة المتقاسمين: القسمة بهذا الاعتبار قسمان: قسمة تراض، وقسمة إجبار، ولا يخالف في ذلك أحد من أهل العلم على الإجماع. ذلك أن الشركاء قد يرغبون جميعاً في قسمة المال المشترك، أو يرغب بعضهم ويوافق الباقون على أصل القسمة وعلى كيفية تنفيذها، فلا تكون بهم حاجة إلى اللجوء إلى القضاء، وتسمى القسمة حينئذ قسمة تراض. وقد يرغب واحد أو أكثر، ويأبى غيره، فإذا لجأ الراغب إلى القضاء، فإن القاضي يتولى قسمة المال وفق الأصول المقررة شرعاً، وتكون القسمة حينئذ قسمة إجبار. فقسمة التراضي: هي التي تكون باتفاق الشركاء. وقسمة الإجبار: هي التي تكون بواسطة القضاء، لعدم اتفاق الشركاء. ثم ليس حتماً في قسمة الإجبار أن يتولاها القاضي بنفسه، أو بمن يندبه لذلك، بل له أن يحبس الممتنع من القسمة حتى يجيب إليها، ويحدد له القاضي مدةً معقولةً لإتمامها بصورة عادلة.] الموسوعة الفقهية الكويتية 33/215. وورد في مجلة الأحكام العدلية المادة (1121) أن قسمة الرضا هي: القسمة التي تجري بين المتقاسمين في الملك بالتراضي أو برضا الكل عند القاضي. وأما قسمة القضاء فعرفتها المادة (1122) بأنها تقسيم القاضي الملك المشترك جبراً وحكماً بطلب بعض المقسوم لهم. وإذا تمت القسمة بالتراضي أو جبراً من القاضي فحكمها اللزوم، لأنها من العقود اللازمة باتفاق الفقهاء، فلا يجوز لأحد من المتقاسمين أن يرجع عنها، فالقسمة لا تقبل الرجوع بالإرادة المنفردة، بمعنى أن ينقضها واحدٌ أو أكثر ويرد المال إلى الشركة، دون اتفاق من جميع المتقاسمين. انظر الموسوعة الفقهية الكويتية 33/245. وقال ابن رشد الحفيد:[والقسمة من العقود اللازمة لا يجوز للمتقاسمين نقضها ولا الرجوع فيها إلا بالطوارئ عليها] بداية المجتهد ونهاية المقتصد 2/218. وقال الدكتور وهبة الزحيلي: [القسمة من العقود اللازمة باتفاق الفقهاء، لا يجوز نقضها، ولا الرجوع فيها إلا بالطوارئ

ولكن لبعض المذاهب تفصيل في مبدأ اللزوم: قال الحنفية: تلزم قسمة التراضي وقسمة التقاضي بعد تمامها، فلا يجوز الرجوع عنها إذا تمت. أما قبل التمام، فكذلك تلزم قسمة التقاضي، فلو قسم القاضي المال المشترك بين قوم، فخرجت السهام كلها بالقرعة، لا يجوز لهم الرجوع، وكذا لا رجوع إذا لم تتم القسمة، كأن خرج بعض السهام دون بعض. وأما قسمة التراضي: فيجوز للشركاء الرجوع عنها قبل تمامها؛ لأن قسمة التراضي لا تتم إلا بعد خروج السهام كلها، كما هو الشأن في كل عقد كالبيع مثلاً، يجوز الرجوع عنه قبل تمامه. إلا أنه إذا خرج جميع السهام إلا واحداً، لم يجز الرجوع في قسمة التراضي، لصيرورة السهم متعيناً لمن بقي من الشركاء أو لتعيين نصيب ذلك الواحد. وأطلق المالكية القول باللزوم فقالوا: ولزم ما خرج بالقسمة، فليس لأحدهم نقضها، وكذا يلزم الشريك في قسمة التراضي، فمن أراد الفسخ لم يكن منه. وقال الشافعية: تلزم قسمة الإجبار من غير تراضٍ، ومن المعلوم أن قسمة الإفراز والتعديل فيهما الإجبار، وأما قسمة التراضي قسمة رد دون غيرها، فالأرجح عندهم أنه لا بد من الرضا بها بعد خروج القرعة، ولا يلزم حكم القاسم إلا برضا الشركاء؛ لأنه لما اعتبر الرضا بالقسمة ابتداء، اعتبر بعد خروج القرعة. والحنابلة قالوا: تلزم عندهم قسمة الإجبار، فهم كالشافعية، وفي قسمة التراضي عندهم وجهان كالشافعية، لكن الأرجح عندهم أنه إذا خرجت القرعة لزمت القسمة؛ لأن القاسم كالحاكم، وقرعته كالحاكم، لأنه مجتهد في تعديل السهام كاجتهاد الحاكم في طلب الحق، فوجب أن تلزم قرعته.] الفقه الإسلامي وأدلته 5/683-684. وقد قررت المادة (1157) من المجلة لزوم القسمة وعدم الرجوع عنها حيث ورد فيها:[لا يسوغ الرجوع عن القسمة بعد تمامها.] وجاء في شرح المادة السابقة: [أي بعد تمامها على الوجه الآنف الذكر، أي ليس للمقسوم له أن يرجع عن القسمة، كما أنه ليس لورثته بعد وفاته الرجوع عنها (علي أفندي) . لا يجوز الرجوع عن القسمة الصحيحة والتامة التي جرت على الوجه السالف الذكر] درر الحكام 3/161. وورد في القانون المدني الأردني المادة 1048: [لا يسوغ الرجوع عن القسمة بعد تمامها إلا أنه يجوز لجميع الشركاء فسخ القسمة وإقالتها برضائهم وإعادة المقسوم مشتركاً بينهم كما كان] . ومما قرره الفقهاء أن القسمة إذا وقعت صحيحة فإنه يترتب عليها استقلال كل واحد من الشركاء بعد القسمة بملك نصيبه والتصرف فيه كأي مالك فيما يملك، لأن هذا هو ثمرة القسمة ومقصودها. الموسوعة الفقهية الكويتية 33/247. وانظر مجلة الأحكام العدلية المادة 1162. وقال الدكتور وهبة الزحيلي: [يترتب على القسمة الأحكام التالية:

1-

يتعين نصيب كل شريك مستقلاً عن نصيب غيره، فيملك حصته مستقلاً بعد القسمة. 2- يملك الشريك المقسوم له جميع التصرفات الثابتة لصاحب الملكية المطلقة، من بيع وإيجار ورهن، وبناء وهدم، ونحوها. 3- لا تثبت الشفعة في القسمة؛ لأن حق الشفعة في المبادلة المحضة، والقسمة مبادلة من وجه واحد، فلا تحتمل الشفعة. والظاهر أن هذا الحكم متفق عليه في المذاهب] الفقه الإسلامي وأدلته 5/686.

وخلاصة الأمر أن القسمة إذا تمت بتراضي وتوافق جميع الأطراف، فهي لازمة للجميع، ولا يجوز لأحد من الأطراف الرجوع عنها، ومن آثار القسمة المقررة عند الفقهاء أن كل طرفٍ يملك نصيبه ويتصرف فيه تصرف المالك فيما يملك.

ص: 196