المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌57 - يستحب الإشهاد على العقود - فتاوى د حسام عفانة - جـ ١٢

[حسام الدين عفانة]

فهرس الكتاب

- ‌1 - الربا لا يجري في استبدال سيارة بسيارة أغلى ثمنا

- ‌2 - تحريم التحايل في معاملات البنوك الإسلامية

- ‌3 - يحرم التعامل مع شركة كويست للتسويق الشبكي

- ‌4 - الوكيل أمين ومخالفة شروط الوكالة خيانة للأمانة

- ‌5 - يحرم شرعا على المسلم أن يكون طرفا في أي عملية ربوية

- ‌6 - حكم تأجير الأرض الزراعية بالنقود

- ‌7 - الفرق بين التأمين التجاري - التقليدي – وبين التأمين التعاوني أو التكافلي أو الإسلامي

- ‌8 - رهن المبيع في بيع المرابحة للآمر بالشراء

- ‌9 - التصرف في مال الغير بغير إذن

- ‌10 - حكم عمل المسلم بالكنيس

- ‌11 - حكم شراء شقة قبل بنائها ووفق المخططات

- ‌12 - الفرق بين شراء سيارة من البنوك الإسلامية وبين شرائها عن طريق البنوك التجارية

- ‌13 - الرد على مفتي الديار المصرية الذي يجيز أخذ الفائدة البنكية لأن غطاء العملات قد تغير فلم تعد كالسابق بالذهب والفضة

- ‌14 - حكم اعتماد مؤشر الليبور في المصارف الإسلامية

- ‌15 - ضمان المضارب بالتقصير والتعدي

- ‌16 - التحايل على الرابا باسم الرسوم الادارسة

- ‌17 - حكم شراء المال المصادر بالباطل

- ‌18 - العقد شريعة المتعاقدين

- ‌19 - أزمة الرهن العقاري من منظور إسلامي

- ‌20 - إبطال حكم المحكمين

- ‌21 - حكم نشر صور الممثلين على المنتجات التجارية

- ‌22 - رجوع الوالد فيما وهبه لولده

- ‌23 - لا يجري الربا في بيع القمح والملح والتمر بالدين

- ‌24 - السحب على المكشوف

- ‌25 - حكم إصدار شيك بدون رصيد

- ‌26 - حكم دفع رسوم الخدمات للمجالس المحلية والبلدية

- ‌27 - عقد الإجارة يورث

- ‌28 - ثبوت حق الشفعة في المنقولات كالسيارة

- ‌29 - هل تثبت الشفعة بمطلق الجوار

- ‌30 - انخفاض قيمة العملة وأثره على الديون

- ‌31 - التأمين الإسلامي

- ‌32 - جوائز حسابات التوفير في البنوك

- ‌33 - التلاعب بالأدوية

- ‌34 - صندوق التكافل والتقاعد

- ‌35 - تسمية الثمن شرط لصحة البيع بخلاف قبضه عند العقد ليس شرطا

- ‌36 - دفع أجرة العقار مقدمأ

- ‌37 - جعل سعر الفائدة مؤشرا للربح في البنوك الإسلامية

- ‌38 - بيع العملات بالهامش (المارجن)

- ‌39 - حق الجار في استعمل سور جاره

- ‌40 - إتلاف المزارعين للمنتوجات الزراعية لعدم القدرة على تسويقها

- ‌41 - حكم تزوير الوثائق والشهادات

- ‌42 - انتزاع الملكية الخاصة للمصلحة العامة

- ‌43 - حكم عرض الملابس الداخلية للنساء

- ‌44 - التجارة في الألعاب النارية واستعمالها

- ‌45 - عقد الصيانة

- ‌46 - رد البضاعة بالعيب

- ‌47 - الزيادة على القرض متى تكون ربا ومتى لاتكون

- ‌48 - الشرط الجزائي لا يدخل في الديون

- ‌49 - حكم بيع الفضولي

- ‌50 - المقاطعة الاقتصادية

- ‌51 - استئجار الحلي الذهبية

- ‌52 - حكم غرامة التأخير

- ‌53 - لا يجوز بيع الدجاج قبل القبض

- ‌54 - الظفر بالحق

- ‌55 - الضمان في حوادث السيارات

- ‌56 - سرقة الدواء المدعوم

- ‌57 - يستحب الإشهاد على العقود

- ‌58 - التعامل بالشيكات

- ‌59 - حكم التصرف في المال الموقوف

- ‌60 - حكم الإقالة في البيع

- ‌61 - حكم شراء المسكن عن طريق البنوك الربوية

- ‌62 - البيوع

- ‌63 - تبرع المضارب بضمان رأس مال المضاربة

- ‌64 - ضوابط التعامل بالأسهم

- ‌65 - حكم برنامج توفير للمعلمين

- ‌66 - العمل في محل تقدم فيه الخمور

- ‌67 - فوائد صندوق التوفير هي الربا المحرم

- ‌68 - يجوز أن يكون الشريك أجيرا

- ‌69 - حكم التعامل ببطاقات الائتمان

- ‌70 - لا يجوز ضمان رأس المال في عقد المضاربة

- ‌71 - الأصل في المعاملات الإباحة

- ‌72 - التعويضات المالية

- ‌73 - الغش

- ‌74 - الربا

- ‌75

- ‌76 - الضمان

- ‌77 - الغش

- ‌78 - تغير قيمة العملة

- ‌79 - انتهاء الشركة بموت الشريك

- ‌80 - حظر التجول المتواصل يلحق بالجوائح

- ‌81 - عقد المقاولة

- ‌82 - شركة بزناس

- ‌83 - الرد على فتوى مجمع البحوث في الأزهر بإباحة الربا

- ‌84 - استعمال العام الهجري في عقود الإجارة

- ‌85 - اللقطة

- ‌86 - الضمان

- ‌87 - معنى حديث: (نهى رسول الله عليه الصلاة والسلام عن

- ‌88 - المصارف الإسلامية

- ‌89 - السرقة

- ‌90 - عقد المزارعة لا يعني تملك الأرض

- ‌91 - البيع

- ‌92 - البيع

- ‌93 - البيع

- ‌94 - حقوق الطبع والنشر

- ‌95 - حكم مسابقة من سيربح المليون

- ‌96 - أداء الأمانة

- ‌97 - الأموال التي تدقع لذوي الشهداء تجري مجرى الدية

- ‌98 - إعادة المال لأصحابه عند انتفاء الغرض من جمعه

- ‌99 - المزارعة جائزة

- ‌100 - الهدية تهدى وتباع

- ‌101 - الربا

- ‌102 - الربا

- ‌103 - الربا

- ‌104 - الربا

- ‌105 - الشيكات

- ‌106 - زيادة محرمة

- ‌107 - خلو الرجل

- ‌108 - عقد الاستصناع جائز شرعا

- ‌109 - المال الحرام

- ‌110 - التبرع بالدم

- ‌111 - المال الحرام

- ‌112 - البيع

- ‌113 - المضاربة

- ‌114 - الشرط الجزائي

- ‌115 - الغرامة بالمال

- ‌116 - الغرامة بالمال

- ‌117 - الغرامة بالمال

- ‌118 - الخصومات

- ‌119 - المزارعة جائزة

- ‌120 - جوائز التجار

- ‌121 - القروض

- ‌122 - القروض

- ‌123 - الربا

- ‌124 - حكم التعامل في الأسواق المالية (البورصة)

- ‌125 - القروض

- ‌126 - الشيكات

- ‌127 - الشيكات

- ‌128 - المضاربة

- ‌129 - المضاربة

- ‌130 - المضاربة

- ‌131 - المضاربة

- ‌132 - البيع

- ‌133 - الربا

- ‌134 - القروض

- ‌135 - يحرم أخذ الأجرة على عسب الفحل

- ‌136 - سماح صاحب الأرض لجاره بالمرور من الأرض لا يعطي الج

- ‌137 - الشهادة

- ‌138 - الهبة

- ‌139 - حق التقادم

- ‌140 - الضمان

- ‌141 - الضمان

- ‌142 - الخصومات

- ‌143 - الصلح

- ‌144 - القروض

- ‌145 - تغير قيمة العملة

- ‌146 - البيع

- ‌147 - البيع

- ‌148 - الربا

- ‌149 - حكم السندات

- ‌150 - البيع

- ‌151 - القروض

- ‌152 - حكم الاختلاس

- ‌153 - الرشوة

- ‌154 - دفاع عن فقيه العصر الشيخ العلامة يوسف القرضاوي

- ‌155 - الربا

- ‌156 - الربا

- ‌157 - المصارف الإسلامية

- ‌158 - القروض

- ‌159 - الوفاء بالوعد

- ‌160 - المواعدة على الصرف

- ‌161 - البيع

- ‌162 - الشيكات

- ‌163 - توثيق المعاملات بالكتابة

- ‌164 - القروض

- ‌165 - البيع

- ‌166 - البيع

- ‌167 - ضوابط الكسب

- ‌168 - الشركات المساهمة

- ‌169 - البيع

- ‌170 - الخصومات

- ‌171 - البيع

- ‌172 - البيع

- ‌173 - البيع

- ‌174 - ما يحرم بيعه

- ‌175 - البيع

- ‌176 - حق الشفعة

- ‌177 - القروض

- ‌178 - الصرافة

- ‌179 - الصرافة

- ‌180 - الربا

- ‌181 - الربا

- ‌182 - شركة الأبدان

- ‌183 - الاقتطاع من أجر العامل

- ‌184 - القروض

- ‌185 - الميراث

- ‌186 - أنت ومالك لأبيك

- ‌187 - المال الحرام

- ‌188 - الرشوة

- ‌189 - السمسرة

- ‌190 - المال الحرام

- ‌191 - المال الحرام

- ‌192 - أتعاب العامل

- ‌193 - القرعة

- ‌194 - لا يجوز أن يكون الربح في شركة المضاربة نسبة من رأس المال

- ‌195 - حكم جائزة السداد المبكر في البنوك الإسلامية

- ‌196 - القسمة الرضائية

- ‌197 - حقيقة تملك السلع وقبضها في بيع المرابحة كما تجريه البنوك الإسلامية

- ‌198 - مرجعية الرقابة الشرعية في البنوك الإسلامية

- ‌199 - الضوابط الشرعية للتعامل مع أموال الأيتام

- ‌200 - المعايير الشرعية لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية والإسلامية AAOFI

- ‌201 - التجار واستغلال شهر الصيام برفع الأسعار

الفصل: ‌57 - يستحب الإشهاد على العقود

‌57 - يستحب الإشهاد على العقود

يقول السائل: وقعت عقد عمل مع شخص ليعمل عندي أجيراً في محل تجاري ثم بعد مضي مدة من الزمن رفض أن يلتزم بمضمون العقد وادعى أن العقد باطل لعدم وجود شاهدين على العقد فما الحكم في ذلك؟ الجواب: إن العقود في باب المعاملات في الشريعة الإسلامية إذا تمت بإيجاب وقبول من العاقدين تكون صحيحة إذا خلت مما يبطلها. انظر الموسوعة الفقهية 9/10- 12. والإشهاد على هذه العقود من السنن وليس من الواجبات ولا تتوقف صحة العقد المذكور في السؤال على الإشهاد. ولا شك أن الإشهاد على العقود أفضل وأولى وخاصة إذا كان العقد يتعلق بأمر ذو أهمية كبيع أرض أو إجارة عمارة أو نحو ذلك والإشهاد على العقود أقطع للنزاع وأبعد عن التجاحد وإنكار الحقوق بل فيه حفظ للحقوق وهذا الأمر ينطبق تماماً على كتابة العقود وتوثيقها فينبغي لمن وقع عقد بيع أرض مثلاً مع غيره أن يبين فيه كل التفاصيل المتعلقة بالبيع مثل موقع الأرض وحدودها ومساحتها وثمن البيع ووقت تأدية الثمن إن كان مؤجلاً أو على أقساط وينبغي له أن يستشهد شهيدين على ذلك بأن يذكر اسمهيما على أن يوقعا على وثيقة البيع وينبغي عدم إغفال تاريخ البيع بالتفصيل بالإضافة لذكر كل ما يزيد العقد توثيقاً

إلخ

ومما يدل على مشروعية ذلك آية الدين وهي أطول آية في القرآن الكريم حيث يقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُءَاثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} سورة البقرة الآيتان 282-283.

وفي هاتين الآيتين الكريمتين أمر الله جل وعلا بالإشهاد في موضعين الأول {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} والموضع الثاني {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} وهذا الأمر مصروف عن ظاهره والمراد به الندب لا الإيجاب كما قرر ذلك جمهور أهل العلم

قال الإمام أبو بكر الجصاص الحنفي [ولا خلاف بين فقهاء الأمصار أن الأمر بالكتابة والإشهاد والرهن المذكور جميعه في هذه الآية ندب وإرشاد إلى ما لنا فيه الحظ والصلاح والاحتياط للدين والدنيا، وأن شيئا منه غير واجب. وقد نقلت الأمة خلف عن سلف عقود المداينات والأشربة والبياعات في أمصارهم من غير إشهاد، مع علم فقهائهم بذلك من غير نكير منهم عليهم، ولو كان الإشهاد واجباً لما تركوا النكير على تاركه مع علمهم به. وفي ذلك دليل على أنهم رأوه ندباً، وذلك منقول من عصر النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا. ولو كانت الصحابة والتابعون تشهد على بياعاتها وأشريتها لورد النقل به متواتراً مستفيضاً ولأنكرت على فاعله ترك الإشهاد، فلما لم ينقل عنهم الإشهاد بالنقل المستفيض ولا إظهار النكير على تاركه من العامة ثبت بذلك أن الكتاب والإشهاد في الديون والبياعات غير واجبين] أحكام القرآن للجصاص 2/206

وقال الإمام ابن العربي المالكي [الْمَسْأَلَةُ الْمُوفِيَةُ أَرْبَعِينَ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي لَفْظِ (أَفْعِلْ) فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا إذَا تَبَايَعْتُمْ} عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ فَرْضٌ ; قَالَهُ الضَّحَّاكُ.

الثَّانِي: أَنَّهُ نَدْبٌ ; قَالَهُ الْكَافَّةُ ; وَهُوَ الصَّحِيحُ ; فَقَدْ بَاعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَكَتَبَ وَنُسْخَةُ كِتَابِهِ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا مَا اشْتَرَى الْعَدَّاءُ بْنُ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَى مِنْهُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً لِأَدَاءٍ وَلَا غَائِلَةَ وَلَا خِبْثَةَ ، بَيْعَ الْمُسْلِمِ لِلْمُسْلِمِ} . وَقَدْ بَاعَ وَلَمْ يُشْهِدْ ، وَاشْتَرَى وَرَهَنَ دِرْعَهُ عِنْدَ يَهُودِيٍّ وَلَمْ يُشْهِدْ ، وَلَوْ كَانَ الْإِشْهَادُ أَمْرًا وَاجِبًا لَوَجَبَ مَعَ الرَّهْنِ لِخَوْفِ الْمُنَازَعَةِ] أحكام القرآن لابن العربي 1/259.

وقال الشيخ ابن قدامة المقدسي [: وَيُسْتَحَبُّ الْإِشْهَادُ فِي الْبَيْعِ ; لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا إذَا تَبَايَعْتُمْ.} وَأَقَلُّ أَحْوَالِ الْأَمْرِ الِاسْتِحْبَابُ. وَلِأَنَّهُ أَقْطَعُ لِلنِّزَاعِ ، وَأَبْعَدُ مِنْ التَّجَاحُدِ ، فَكَانَ أَوْلَى ، وَيَخْتَصُّ ذَلِكَ بِمَا لَهُ خَطَرٌ ، فَأَمَّا الْأَشْيَاءُ الْقَلِيلَةُ الْخَطَرِ ، كَحَوَائِجِ الْبَقَّالِ ، وَالْعَطَّارِ ، وَشَبَهِهِمَا ، فَلَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ فِيهَا ; لِأَنَّ الْعُقُودَ فِيهَا تَكْثُرُ ، فَيَشُقُّ الْإِشْهَادُ عَلَيْهَا ، وَتَقْبُحُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا ، وَالتَّرَافُعُ إلَى الْحَاكِمِ مِنْ أَجْلِهَا ، بِخِلَافِ الْكَثِيرِ. وَلَيْسَ الْإِشْهَادُ بِوَاجِبٍ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، وَلَا شَرْطًا لَهُ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ ، وَإِسْحَاقَ وَأَبِي أَيُّوبَ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: ذَلِكَ فَرْضٌ لَا يَجُوزُ تَرْكُهُ. ....وَلَنَا ، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اُؤْتُمِنَ أََانَتَهُ} . وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: صَارَ الْأَمْرُ إلَى الْأَمَانَةِ. وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم {اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا ، وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ ،} {وَاشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ سَرَاوِيلَ} ، {وَمِنْ أَعْرَابِيٍّ فَرَسًا ، فَجَحَدَهُ الْأَعْرَابِيُّ حَتَّى شَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ ،} وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَشْهَدَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَكَانَ الصَّحَابَةُ يَتَبَايَعُونَ فِي عَصْرِهِ فِي الْأَسْوَاقِ ، فَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِشْهَادِ ، وَلَا نُقِلَ عَنْهُمْ فِعْلُهُ ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَوْ كَانُوا يُشْهَدُونَ فِي كُلِّ بِيَاعَاتِهِمْ لَمَا أُخِلَّ بِنَقْلِهِ. {وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عُرْوَةَ بْنَ الْجَعْدِ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ أُضْحِيَّةً. وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِشْهَادِ ، وَأَخْبَرَهُ عُرْوَةُ أَنَّهُ اشْتَرَى شَاتَيْنِ فَبَاعَ إحْدَاهُمَا ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ تَرْكَ الْإِشْهَادِ.} وَلِأَنَّ الْمُبَايَعَةَ تَكْثُرُ بَيْنَ النَّاسِ فِي أَسْوَاقِهِمْ وَغَيْرِهَا ، فَلَوْ وَجَبَ الْإِشْهَادُ فِي كُلِّ مَا يَتَبَايَعُونَهُ ، أَفْضَى إلَى الْحَرَجِ الْمَحْطُوطِ عَنَّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} . وَالْآيَةُ الْمُرَادُ بِهَا الْإِرْشَادُ إلَى حِفْظِ الْأَمْوَالِ وَالتَّعْلِيمِ ، كَمَا أَمَرَ بِالرَّهْنِ وَالْكَاتِبِ ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ ، وَهَذَا ظَاهِرٌ] . المغني 4/205-206

وخلاصة الأمر أنه يستحب الإشهاد على عقود البيع والشراء والإجارة ونحوها إذا كان محل العقد شيئاً مهماً كبيراً ولا ينبغي الإشهاد على كل صغير لما في ذلك من الحرج.

ص: 57