المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌23 - المجاهرة بالفطر في رمضان - فتاوى د حسام عفانة - جـ ٩

[حسام الدين عفانة]

فهرس الكتاب

- ‌1 - العلاقات الزوجية في نهار رمضان

- ‌ الصيام

- ‌2 - الرد على الفتاوى التي تجيز الإفطار للاعبي كرة القدم

- ‌3 - استقبال رمضان

- ‌4 - لا تضاعف السيئات في شهر رمضان المبارك بل تغلظ

- ‌5 - وقوع المعاصي في رمضان مع كون الشياطين مصفدة

- ‌6 - حكم استئذان المرأة زوجها في صوم ما أفطرته من رمضان

- ‌7 - مقدار طعام المسكين المذكور في قوله تعالى {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين}

- ‌8 - معنى ما ورد في الحديث (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)

- ‌9 - المتاجرون برمضان

- ‌10 - المفطرات العصرية في الصيام

- ‌11 - الطبيب الذي يقبل قوله للفطر في رمضان

- ‌12 - قضاء رمضان

- ‌13 - هدي النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان

- ‌14 - حكم اعتكاف المرأة

- ‌15 - حكم الأكل أثناء الأذان لصلاة الفجر

- ‌16 - قضاء رمضان سابق

- ‌17 - يشرع صيام يوم عرفة وإن وافق يوم السبت

- ‌18 - تفرق المسلمين في رؤية الهلال

- ‌19 - هدي النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان

- ‌20 - البدء بصيام الستة من شوال يوم جمعة أو يوم سبت

- ‌21 - الصيام مرتبط بالبلد الذي يقيم فيه الصائم

- ‌22 - تذكير الناسي في نهار رمضان

- ‌23 - المجاهرة بالفطر في رمضان

- ‌24 - الصيام مرتبط بالبلد الذي يقيم فيه الصائم

- ‌25 - انقطاع الحيض أثناء نهار رمضان

- ‌26 - إكراه الزوجة على الإفطار في نهار رمضان

- ‌27 - المباحات في رمضان

- ‌28 - الاعتماد على الحسابات الفلكية في الصيام

- ‌29 - هدي النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان

- ‌30 - المشقة المبيحة للفطر

- ‌31 - المفطرات المعتبرة

- ‌32 - أحاديث في شهر الصيام

- ‌33 - بداية الصوم ونهايته

- ‌34 - بداية الصوم ونهايته

- ‌35 - المسائل الطبية في الصيام

- ‌36 - قضاء رمضان

- ‌37 - الفرق بين الفدية والكفارة

- ‌38 - يصح صوم من أصبح جنبا

- ‌39 - النية في الصيام

- ‌40 - تفرق المسلمين في رؤية الهلال

- ‌41 - المشقة المبيحة للفطر

- ‌42 - فتح المطاعم في نهار رمضان

- ‌43 - صيام يوم عاشوراء

- ‌44 - ما لا يفطر الصائم

- ‌45 - تأثير المعاصي والآثام في الصيام

- ‌46 - قضاء رمضان

- ‌47 - قضاء رمضان

- ‌48 - صوم التطوع

- ‌49 - صوم التطوع

- ‌50 - صيام ستة أيام من شعبان

- ‌51 - صوم التطوع

- ‌52 - صوم التطوع

- ‌53 - حكم من اصبح في أول يوم من رمضان مفطرا

- ‌54 - حكم استعمال البخاخ في رمضان

- ‌55 - النية في الصيام

- ‌56 - العبادة في رمضان فقط

- ‌57 - المفطرات المعتبرة

- ‌58 - إكراه الزوجة على الإفطار في نهار رمضان

- ‌59 - ما لا يفطر الصائم

- ‌60 - استعمال أدوية لتأخير الحيض للصائمة

- ‌61 - ما لا يفطر الصائم

- ‌62 - ما لا يفطر الصائم

- ‌63 - صوم الأطفال

- ‌64 - صوم شهر رجب

- ‌65 - تفرق المسلمين في رؤية الهلال

- ‌66 - النية في الصيام

- ‌67 - حكم من اصبح في أول يوم من رمضان مفطرا

- ‌68 - حكم من اصبح في أول يوم من رمضان مفطرا

- ‌69 - تشويه مُحيا شهر رمضان المبارك بالمعاصي والآثام

- ‌70 - غسيل الكلى من مفسدات الصيام

- ‌71 - وظائف المسلم في عيد الفطر

الفصل: ‌23 - المجاهرة بالفطر في رمضان

‌23 - المجاهرة بالفطر في رمضان

يقول السائل: ما حكم من لا يصوم رمضان ويجاهر بفطره؟ الجواب: من المعلوم أن صوم رمضان فريضة مكتوبة على المسلمين لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) سورة البقرة الآية 183.

والصيام ركن من أركان الإسلام فمن تهاون في صيام رمضان فقد وقع في معصية كبيرة والعياذ بالله فإذا انضم إلى فطره مجاهرته في ذلك فقد ازداد عصياناً وإثماً حيث إنه أظهر المعصية وتلبس بأفعال أهل المجون نسأل الله العفو والعافية.

أما لو أن هذا المفطر قد ستر على نفسه لكان ذنبه أهون وإن كان هو عظيم في ذاته قال العلامة ابن القيم [والمستخفي بما يرتكبه أقل إثماً من المجاهر المستعلن والكاتم له أقل إثماً من المخبر المحدث للناس به فهذا بعيد من عافية الله تعالى وعفوه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (كل أمتي معافى إلا المجاهرين وإن من المجاهرة أن يستر الله تعالى عليه ثم يصبح يكشف ستر الله عنه يقول يا فلان فعلت البارحة كذا وكذا فيبيت ربه يستره ويصبح يكشف ستر الله عن نفسه أو كما قال، وفي الحديث الآخر عنه (من ابتلي من هذه القاذورات بشيء فليستتر بستر الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله)

وفي الحديث الآخر (إن الخطيئة إذا خفيت لم تض إلا صاحبها ولكن إذا أعلنت فلم تنكر ضرت العامة] إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان 2/147-148

ولا شك أن المجاهرة بالإفطار فيها نوع من التبجح والافتخار بالمعصية وهذه وقاحة عظيمة وقلة حياء فهذا العاصي المجاهر لم يستح من الله سبحانه وتعالى ولم يستح من الناس.

والحديث الأول الذي ذكره ابن القيم رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

الحديث.

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: [قوله: (كل أمتي معافى) بفتح الفاء مقصور اسم مفعول من العافية وهو إما بمعنى عفا الله عنه وإما سلمه الله وسلم منه

ومحصل الكلام كل واحد من الأمة يعفى عن ذنبه ولا يؤاخذ به إلا الفاسق المعلن أ. هـ

وقال الطيبي: الأظهر أن يقال المعنى كل أمتي يتركون في الغيبة إلا المجاهرون ، والعفو بمعنى الترك وفيه معنى النفي كقوله:(ويأبى الله إلا أن يتم نوره) والمجاهر الذي أظهر معصيته وكشف ما ستر الله عليه فيحدث بها ، وقد ذكر النووي أن من جاهر بفسقه أو بدعته جاز ذكره بما جاهر به دون ما لم يجاهر به اهـ. والمجاهر في هذا الحديث يحتمل أن يكون من جاهر بكذا بمعنى جهر به

ويحتمل أن يكون على ظاهر المفاعلة والمراد الذي يجاهر بعضهم بعضاً بالتحدث بالمعاصي) فتح الباري 10/597-598

وقال الحافظ أبو العباس القرطبي في شرح الحديث السابق بعد أن ذكر اختلاف الروايات فيه: [وهذه الروايات وإن اختلفت ألفاظها هي راجعة إلى معنىً واحد قد فسره في الحديث وهو أن يعمل الرجل معصية في خفية وخلوة ثم يخرج يتحدث بها مع الناس ويجهر بها ويعلنها وهذا من أكبر الكبائر وأفحش الفواحش وذلك: أن هذا لا يصدر إلا من جاهل بقدر المعصية أو مستهين مستهزئ بها مصرٍ عليها غير تائب منها مظهرٍ للمنكر. والواحد من هذه الأمور كبيرة فكيف إذا اجتمعت؟! فلذلك كان فاعل هذه الأشياء أشد الناس بلاء في الدنيا وعقوبة في الآخرة لأنه تجتمع عليه عقوبة تلك الأمور كلها وسائر الناس ممن ليس على مثل حاله وإن كان مرتكب كبيرة فأمره أخف وعقوبته إن عوقب أهون. ورجوعه عنها أقرب من الأول لأن ذلك المجاهر قل أن يتوب أو يرجع عما اعتاده من المعصية وسهل عليه منها. فيكون كل العصاة بالنسبة إليه إما معافى مطلقاً إن تاب وإما معافى بالنسبة إليه إن عوقب والله تعالى أعلم] المفهم لما أشكل من تلخيص 6/618.

وينبغي أن يعلم أن الإنسان إذا ابتلي بمعصية من المعاصي فالواجب عليه أن يستر نفسه ولا يظهر شيئاً من ذلك وعليه أن يتوب إلى الله تعالى فقد ورد في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عز وجل عنها فمن ألم بشيء منها فليتستر بستر الله عز وجل وليتب إلى الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله) رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة حديث رقم 663.

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: [قال ابن بطال: في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله وبصالحي المؤمنين ، وفيه ضرب من العناد لهم ، وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف ، لأن المعاصي تذل أهلها ، ومن إقامة الحد عليه إن كان فيه حد ومن التعزير إن لم يوجب حداً ، وإذا تمحض حق الله فهو أكرم الأكرمين ورحمته سبقت غضبه ، فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الآخرة ، والذي يجاهر يفوته جميع ذلك] فتح الباري 10/598- 599.

وخلاصة الأمر أن الفطر في نهار رمضان بدون عذر حرام شرعاً ومن كبائر الذنوب فإذا انضم إلى ذلك المجاهرة بالفطر فقد ازداد إثماً على إثم والواجب على من فعل ذلك أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى وأن يقضي ما أفطر من رمضان.

ص: 23