المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(كتاب الجهاد) (1458 ـ الحث على الجهاد) من محمد بن إبراهيم إلى - فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ - جـ ٦

[محمد بن إبراهيم آل الشيخ]

الفصل: ‌ ‌(كتاب الجهاد) (1458 ـ الحث على الجهاد) من محمد بن إبراهيم إلى

(كتاب الجهاد)

(1458 ـ الحث على الجهاد)

من محمد بن إبراهيم إلى معالي وزير الدولة لشئون الإذاعة والصحافة والنشر

سلمه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فنبعث لكم برفقه صورة من البيان الذي أصدره العلماء في الرياض وهو ما يتعلق بأمر الناس بالجهاد، وحثهم عليه، لإذاعته على الناس. وفق الله الجميع لما فيه الخير. والسلام عليكم (1) .

(ص ـ ف 2000 في 22/10/1382هـ.

بسم الله الرحمن الرحيم (2)

الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد: فقد قال الله تعالى: {وجاهدوا في الله حق جهاده} (3) .

(1) ولسماحته مع غيره من المشايخ نصيحة في الحث على الجهاد في (الدرر السنية جـ 7 ص397)

أما يتعلق بنصب الإمام، وشروطه، وحكم الخروج عليه، ونحو ذلك ففي (باب قتال أهل البغي) حيث نصوا هناك على هذه المسائل.

(2)

هذه نصيحة لم ترفق بالخطاب. ويحتمل أن تكون هي أول البيان.

(3)

سورة الحج ـ آية 78.

ص: 195

وقال عز وجل {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين} (1) في الآية الأولى من هاتين الآيتين وما ماثلها من الآيات يأمرنا الله سبحانه بالجهاد فيه حق جهاده، وحق الجهاد الذي أمرنا الله به هو الجهاد الخالص لله، الموافق لكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بفعل الطاعات، ومن بينها الجهاد بقتال الكفار، وبترك جميع المحذورات، إمتثالاً لأمر الله، وابتغاء لمرضاته. وفي الآية الأخرى يخبر سبحانه أنه يهدي المجاهدين فيه وأنه معهم.

و" الجهاد " في اللغة: مصدر جاهد، يقال: جاهد يجاهد مجاهدة وجهاداً: إذا بذل وسعه.

وفي الشرع: له معنيان: عام، وخاص. أما " العام ": فهو أن يجتهد المسلم مستعيناً بالله في تحصيل كل ما يقر به إلى الله وفي الابتعاد عن كل ما نهاه الله عنه. وأما " الخاص " فهو قتال الكفار لتكون كلمة الله هي العليا.

وللجهاد " أربع مراتب" الأولى: جهاد النفس الثانية: جهاد الشيطان. الثالثة: جهاد أهل الظلم والبدع والمنكرات. الرابعة: جهاد الكفار والمنافقين، وقد ذكر شمس الدين ابن القيم في (زاد المعاد) هذه المراتب مجملة، ونحن نثبتها هنا بالتفصيل.

فأما جهاد النفس فهو " أربع مراتب" أيضاً: الأولى: أن يجاهد الإنسان نفسه على تعلم الهدى ودين الحق الذي لا فلاح لها ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به، ومتى فاتها علمه شقيت في الدارين.

وهذا هو العلم الذي افترض الله عل كل إنسان معرفته، وهو: معرفة

(1) سورة العنكبوت ـ آية 69.

ص: 196

الله سبحانه، ومعرفة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومعرفة دين الإسلام بالأدلة. وقد بدأ الله سبحانه وتعالى بالعلم قبل القول والعمل، فقال تعالى:{فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك} (1) .

ولابد لنا أن نعلم الفرق في هذه الآية الكريمة وما ماثلها من الآيات بين العلم بلا إله إلا الله وبين مجرد التلفظ بها، فالله عز وجل يأمرنا أن نعلم بأنه لا إله إلا الله، وحينئذ يتبين لنا أن الله افترض على عباده من الجن والإنس أن يعرفوا معنى لا إله إلا الله لكي يستغفروه ويعبدوه على بصيرة، لكي لا يضلوا كما ضل النصارى وافترض الله على عباده معرفة معنى لا إله إلا الله لكي يعرفوا معنى المعبود، حتى لا يقعوا في عبادة عبد من عبيد الله أو مخلوق آخر من مخلوقاته، كما قد وقع من كثير من المنتسبين للإسلام الذين عبدوا الأنبياء والصالحين وغيرهم من (2) .

(1459 ـ الحكم على البلد بالاسلام أو خلافه)

س: هل يحكم على أهل البلد بأنها بلاد كفر بظهور الشرك فيهم، أو باطباقهم عليه، أو بولايتهم.

ج: إذا ظهر الشرك ولم ينكر ويزال حكم عليها بالكفر، ودعوى الإسلام لا تنفع فمتى وجد الشرك ظاهراً ولم يزال حكم عليها بالكفر.

(تقرير أصول الأحكام 28/3/1368)

(1) سورة محمد ـ آية 19.

(2)

سقط آخر هذه النصيحة، ولم أجده بعد البحث التام وسؤال وزارة الاعلام.

ص: 197

(1460 ـ للقتال ثلاث مراتب)

ثم بالنسبة إلى قتال الكفار لذلك " ثلاث مراتب"

صدر الإسلام فيه الكف والصفح عن المشركين.

ثم انتقل إلى حال آخر، وهو الإذن في قتال من قاتل، لقوله:{أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا} (1) .

ثم بعد ذلك الأذان والأمر بقتال المشركين، كما قال:{فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} (2) وهي آية السيف. وهذا الحديث (3) مثل الآية، فإنه كما شرع أن يقاتلوا دفعاً عن النفس، فإنه في الآخر أذن في القتال وأمر حتى يدخلوا في الإسلام.

(تقرير)

(1461 ـ قتالهم لأجل كفرهم)

ثم المعروف أن المشركين يقاتلون لأجل شركهم، لا لأجل عدوانهم من أدلته حديث:" أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.. "(4) .

ولم يقل: نقاتل من قاتلنا، ولا من نخشى شره.

{قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله} (5) .

فدل على أن قتالهم بالوصف: {الذين لا يؤمنون} هذا هو العلة {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} (6) .

(1) سورة الحج ـ آية 39.

(2)

سورة التوبة ـ آية 5.

(3)

" أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا.. "

(4)

متفق عليه وأخرجه أصحاب السنن

(5)

سورة التوبة ـ آية 29.

(6)

سورة التوبة آية 5.

ص: 198

يفيد أنهم يقاتلون لأجل شركهم، فإن الإسم إذا كان بصيغة الوصف دل على اعتبار الوصف كقولك: أعط الفقير درهماً. " قاتلوا من كفر بالله"(1) .

هذا من البرهان على أن الكفرة يقاتلون لأجل كفرهم. والرسول أفهم الخلق، فلو كا نوا لا يقاتلون إلا لأجل دفع شرهم لقال: إن قاتلوكم.

والله سبحانه لم يأمره أولاً بالجهاد، ثم أمر بذلك بعد.

" أغزوا في سبيل الله"(2)

" جاهدوا المشركين بقلوبكم وأيديكم، وألسنتكم"(3) في هذا الجهاد بأمرين، أو بثلاثة أمور عندما يكون بإمكانه، فإن الحديث يدل على أنهم يجاهدون بها كلها إذا أمكن، وتقدم أن ذلك فرض كفاية.

الحجة والبيان هذه حصة أهل العلم: كشف الشبهات، والذب بالقلم واللسان عن الدين، ومما يدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لحسان: " أهجهم

" (4) فالهجاء عندما يحتاج إليه، وبيان الحق عندما يوجد شبهة: كله جهاد.

ولا تجد في كتب أهل الدعوة (5) ما يدل على أنهم يقاتلون لدفع شرهم، بل لو سألت صاحب فطرة لأنبأك أنهم يقاتلون لكفرهم،

(1) وهو حديث سليمان بن بريدة عن أبيه. وقد أخرجه الامام أحمد ومسلم وابن ماجه والترمذي وصححه.

(2)

وهو حديث بريده السابق.

(3)

رواه أحمد وأبو داود والنسائي.

(4)

وجبريل معك " اللهم أيده بروح القدس".

(5)

يريد: دعوة الشيخ (محمد بن عبد الوهاب) وتلاميذه وتلاميذهم.

ص: 199

وهذه " مسألة فروعية" وبعض الإخوان يقول: وإن كانت فروعية فالقول بأنهم يقاتلون لأجل صيالهم كأنه يبطل مصارمتهم. (تقرير)

(1462 ـ اتفاق العلماء على وجوب القتال)

ونعرف شيئاً واحداً، وهو: أن العلماء متفرقون على وجوب قتالهم، لكن الذي أوجب الله: هل هو لأجل هذا، أو لا. وكثير لا يدريه.

(1463 ـ الجمع بين القولين في: التعليل بدفع شرهم، ولأجل كفرهم)

مع أن هذه المسألة لا متعلق لأحد فيها: هم في كل زمان دائبون في ذلك، فكيف مثل هذه الأزمان، يتركون إلى متى؟! وفي الحقيقة هم لا يزال شرهم، هم إذا جاءت " مسألة الدين" فهم جميعاً على سلبها من المسلمين، ويريدون أن يمنعوا الدين عن المسلمين، ويبقوا هكذا: يستعمرونهم في مصالحهم. وقتالهم للمسلمين في الوقت الحاضر، بالراديوات، وبالمجلات، وبالمدارس، وغير ذلك.

وفي الحقيقة أنه من أعين المتعين قتالهم في الوقت الحاضر لو تيسر (تقريرات في الموضوع)

(1464 ـ س: الرسالة المنسوبة لشيخ الإسلام: في " قتال الكفار" لأجل دفع شرهم (1) .

جـ ـ هذه جرى فيها بحث في مصر، وبينا لهم بياناً تاماً في الموضوع، وأنها عرضت على مشايخ الرياض وأنكروها.

(1) طبعت في مصر.

ص: 200

وهذه الرسالة حقيقتها أن بعضها من كلامه، ومحذوف منها شيء، ومدخل فيها شيء آخر.

وكلامه في " الصارم المسلول" و " الجواب الصحيح" وغيرهما يخالف هذا وهو أنهم يقاتلون لأجل كفرهم، مع أن حاصلها يرجع إلى القول الأول بالنسبة إلى الواقع، فإن الكفار في هذه الأزمان الضرر حاصل منهم، أو متوقع. فهم يسعون في ضرر الإسلام وأهله: الدول، والطوائف (تقرير)

(1465 ـ أصناف من يقاتل)

أغلظ الكفار كفراً المرتدون. ثم بعدهم في الغلظ كفر الوثنية عبدة الأوثان. ثم بعد ذلك اليهود والنصارى. ولهذا بينهم من الفروق اشياء عديدة، ولهذا الوثني لا يقر إلا بالإسلام أو السيف أما أهل الكتاب فيقرون بالشروط المعروفة {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون} (1) والشروط على أهل الذمة معروفة.

والوثنيون لا يقرون على دينهم على الراجح، وإلا ففيه خلاف، فقد ذهب بعض الأئمة إلى جواز أن يقروا بالجزية بالشروط التي تشترط على أهل الكتاب، ويستدلون بحديث بريدة:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميراً على جيش أو سرية ـ إلى قوله: وإذا لقيت عدوك من المشركين.. وإذ حاصرت أهل حصنٍ"(2)

(1) سورة التوبة ـ آية 29.

(2)

ونقدم بعضه وتخريجه.

ص: 201

لكن الجمهور أجابوا بأن الحصون لأهل الكتاب، فالمراد أهل الكتاب الذين هم من العرب، أما من سواهم من الوثنيين فغير داخلين في هذا.

ومن تغليظ أحكامهم أن نساءهم لا تتزوج، ولا تحل ذبائحهم (تقرير)

(1467 ـ س: قتال مانعي الزكاة هل هو ردة؟

جـ الصحيح أنه ردة، لأن الصديق لم يفرق بينهم ولا الصحابة ولا من بعدهم. وفيه قول مرجوع أنه تأديب. (تقرير)(1) .

(1468 ـ إذا لم نقدر على القتال بالسلاح)

قوله: وهو فرض كفاية.

لكن مثل هذه الأوقات في وجود الهدن المسوغة لم لا نقاتلهم بالأعمال: بأن نصلح أنفسنا، فلم لا نقيم الدين في حقنا، فيكون ترك الكفار ما له ميزة. فهنا شيء نقدر عليه وتركناه، هذا ترك يسبب ترك الكل، ترك فرائض في ذلك. لم نترك هذا كله؟ . (تقرير) .

(1) ولسماحة الشيخ محمد بن ابراهيم رحمه الله مع غيره من المشايخ رسالة في " الرافة" قالوا فيها: أما " الرافة" فافتينا الامام أن يلزموا بالبيعة على الاسلام، ويمنعوا من اظهار شعائر دينهم الباطل. إلخ.. (انظر الدرر السنية جـ7 ص387) .

وله مع غيره من المشايخ نصيحة في حكم: مسجد حمزة، وأبا رشيد، والقوانين، ودخول الحاج المصري بالصلح في (الدرر السنية جـ7 ص319.

وله كذلك مع بعض المشايخ فتوى في " ثلاث مسائل" الأولى في جهاد من بني القصور مما يلي العراق. والثانية" في مسألة الأيال. " والثالث " في أن من العشائر الذين دخلوا في ولاية المسلمين طوائف لم يتعلموا دينهم (انظر الدر جـ7 ص320) .

أما الفتاوي في: قتال الخوارج، وقتال أهل البغي. في (كتاب الحدود) .

ص: 202

(1469 ـ قوله: وذلك أنه ذروة سنام الجهاد)

لكن مسألة الجهاد مثل وقتنا هذا يتعين الذب عن الكيان بالمقالات، وتفنيد مقالات الفسقة، فإن هذا واجب. والأصحاب ذكروا هذا في المطولات، ذكروا أنه يجب أن تكون طائفة تكشف الشبه، وتبين مسائل الدين الواجبة، وتذكر أدلة وجوبها، ليكون على ثقة ويقين فيما يعمله في إسلامه.

فالحاصل أن ما أهمله العلماء في " المختصرات" هنا هو في كتب أهل السنة من السلف ومن يتبعهم.

(تقرير) .

(1470 ـ لا يجب الجهاد على النساء)

" هل على النساء جهادٌ؟ قال: نعم عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة"(1)

هذا يفيد أنه ليس عليهن جهاد، فإنه ليس من شأنهن، فإن شأنهن البيت، وتربية الأطفال، ونحو ذلك (2) وهذا بالنسة إلى الجهاد بالنفس.

أما إذا كانت ذات ثروة، فعليها في ثروتها كما على الرجال، وكذلك إذا كانت ذات حجة وبيان فعليها ذلك.

وطلب العلم داخل في (الجهاد) لحديث " من خرج لطلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع"(3) .

(تقرير) .

(1) رواه أحمد وابن ماجه عن عائشة وعن عائشة قالت: قلت: يارسول الله نرى الجهاد أفضل الأعمال أفلا نجاهد. قال: لكن أفضل الجهاد وأجمله حج مبرور، ثم لزوم الحصر. قالت: فلا أدع الحج بعد اذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم. للبخاري والنسائي بلفظه.

(2)

قلت: وتقدم هذا الموضوع في (الجنائز)

(3)

أخرجه الترمذي، والضياء عن أنس.

ص: 203

(1471 ـ تفضيل النفقة في الجهاد)

قوله: ثم النفقة فيه.

تقدم لنا أفضل التطوعات: أن آكده الجهاد، ثم ما ذكره بعده، وعرفنا هناك أن هذا بالنسبة إليها أنفسها، وإلا قد يكون بعضها أفضل حال، وبعضها أفضل في حال أخرى.

ولهذا يقول أحمد: انظر ما كان أصلح لقلبك فافعله. مع أنه لا ينبغي أن يترك الآخر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم: تارة يؤثر الجهاد، وتارة الحج. فينبغي للعبد أن يفعل هذا تارة، وهذا تارة، ويكون الأكثر ما هو الأصلح لقلبك. ولا سيما إذا كانتا متقاربتين في الذات. ولا تنظر إلى خفة ذلك إلى بدنك، بل ما يقربك إلى الله ويبعدك من سخط الله.

إلا أن ها هنا مسألة ينبغي أن ينبه عليها: أن الإنسان لا يتكلف إلا ما يطيق، فما لا يطيق بتحول عنه، والعمل الذي يريحه أفضل. (تقرير)

(1472 ـ ضابط طاعة ولي الأمر)

قوله: أو استنفره الإمام.

بأن دعا بالعموم (نفر عام) فلا يجوز لأحد أن يتخلف، وقد قال الله تعالى:{ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} (1) فإنه يجب فيما هو طاعة لله بذاته، وفيما لم يعلم أنه بذاته طاعة الله، ولكن هذه موكولة لهم، لأنهم يلقون

(1) سورة النساء ـ آية 59.

ص: 204

من البال على تلك الأمور مالا يعتني به أفراد الرعية، إلا في المعاصي فلا سمع لهم ولا طاعة (1)(تقرير)

(1473 ـ الأصوات التي لا تجدي)

{ياأيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون} (2) ليس ذكر الله هنا هو الاشتغال بالأصوات التي لا تجدي.

(تقرير)

(1474 ـ الثبات إذا كانوا مثلي المسلمين، أو أكثر..)

ثم عند ذكر الثبات للعدو والصمود أمامه. نعرف أنه لا يحل للواحد أن ينصرف عن الإثنين. وإذا صار العدو أكثر من مثلي المسلمين جاز لهم الصدود عن وجوه العدو إنسحاباً لا فراراً. وكان المفروض أولاً أن الواحد عن عشرة، والعشرة عن مائة. ولما كان في المسلمين من الإيمان والامتثال من الخير، ونسخت بقوله:{خفف الله عنكم} الآية (3) .

ثم هذه المسألة كونه لا ينثني إلا عن أكثر من مثليه. تعرف هناك حالة كأن يكونوا ألفاً والعدو ثلاثة آلاف، ويعلموا أنهم إذا انثنوا لا يتركونهم. فإن هذا هو الاستشهاد. وكذلك لوخشوا أنهم يذهبون إلى نسائهم وبنيهم فلا يجوز الانثناء وإن كانوا أقل من نصفهم. ونبه على هذا الشيخ في الاختيارات (4) فإن هنا دفع

(1) وانظر فتوى (تحذير المناسك) ص28 منها. وتقدمت في (باب صفة الحج والعمرة)

(2)

سورة الأنفال ـ آية 45.

(3)

سورة الانفال ـ آية 66.

(4)

ص 311.

ص: 205

وهنا تحصيل نفع. فمسألة الدفع مستثنى من هذا. نعرف هذا ونتطفن له.

(تقرير)

(1475 ـ قد يتحول الرباط إلى فرض عين)

قوله: وتمام الرباط أربعون يوماً.

ولكن ليس معنى هذا أنه يخلى الرباط فيفروا ويتركونه، فإنه قد يتحول إلى فر عين حتى يأتي متطوعين مكانهم. (تقرير)

(1476 ـ قوله: وأقله ساعة.

لأن الساعة مقدار من الزمن معروف يحصل فيه منافع ودفع مضار وليست الساعة هذه التي هي ستون دقيقة، لكنها تقاربها. وأقرب ما يقرب هذا " من راح في الساعة الأولى"(1)(تقرير)

(1477 ـ ضابط ما يجب من طاعة الوالدين)

" أحيٌ والداك"(2) .

ثم ما ضابط ما يأمر به الوالدان؟ فإن الوالدين قد يأمران بالمعصية أو بالكفر {وإن جاهداك على أن تشرك بي ماليس لك به علم فلا تطعهما} (3) وقصة سعد (4) .

(1) في حديث فضيلة التقدم إلى الجمعة.

(2)

قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد " أخرجه البخاري والنسائي وأبو داود والترمذي وصححه.

(3)

سورة لقمان آية 15.

(4)

لما حلفت أمه أن لا تكلمه أبداً حتى يكفر بدينه، ولا تأكل ولا تشرب.. فنزل: ووصينا الإنسان بوالديه حسناً وأن جاهداك على أن تشرك بي ـ إلى قوله ـ معروفاً) .

ص: 206

فضابط ما يجب: أن يأمراه بما فيه مصلحة لهما. أما لو أمرا بما لا مصلحة لهما فيه أولهما فيه المضرة فلا يجب. ولكن إذا عصاهما فيسلك معهما ما يحصل اطمئنانهما وتأنيسهما. وإذا لم تكن الطاعة واجبة، فهناك طاعة مندوبة: إذا طلبا ما ينفعهما وهو مباح. (تقرير)

(1478 ـ النمام يمنع)

قوله: ويمنع المخذل.

وكذلك" النمام" يمنع لا يخرج في الجيش، فإنه يبذر البذور التي نتائجها التفريق بين المسلمين وعداوة بعضهم لبعض.

(تقرير)

الفرنساويون في هذه السنين تصلبوا في الحرب، ويستعملون " الشرنقات" إذا استولوا على واحد من الجزائريين، ليعلمهم بالذخائر والمكامن، ومن يأسرونه قد يكون من الأكابر فيخبرهم أن في المكان الفلاني كذا وكذا.

وهذه الإبرة تسكره إسكاراً مقيداً، ثم هو مع هذا كلامه ما يختلط فهو يختص بما يبنيه بما كان حقيقة وصدقاً.

جاءنا جزائريون ينتسبون إلى الإسلام يقولون: هل يجوز للإنسان أن ينتحر مخافة أن يضربوه بالشرنقة، ويقول: أموت أنا وأنا شهيد ـ مع أنهم يعذبونهم بأنواع العذاب.

ص: 207

فقلنا لهم: إذا ك ان كما تذكرون فيجوز، ومن دليله:" آمنا برب الغلام "(1) وقول بعض أهل العلم: إن السفينة إلخ (2) إلا أن فيه التوقف من جهة قتل الإنسان نفسه، ومفسدة ذلك أعظم من مفسدة هذا، فالقاعدة محكمة، وهو مقتول ولابد.

(تقرير)

(1480 ـ الاسترقاق، وشبه المعترضين عليه)

قوله: ويكونون أرقاء بسبي.

ثم عند ذكر " الرقيق" هنا كلمة، وهي أن بعض العصريين يعترضون على ثبوت الاسترقاق، وهو أمر معلوم في الشرع وأحكامه في كتب الحديث والفقه معلومة.

وهذا الاعتراض مبني على " عقيدة ردية" وهو عدم الحكم على المشركين بالشرك والوثنية، يريدون أن ما أطبق عليه الكثير من الوثنية ليس وثنية، وهو أن من قال لا إله إلا الله فهو مسلم، وهذا من النفاق، والجهل العظيم، ومرض القلب من جهة الاعتقاد، فإن قوله: " أقتلته

(1) هذا في حديث صهيب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " وكان ملك فيمن كان قبلكم وكان له ساحر، وفيه فقال الغلام للملك انك لست بقاتلي حتى تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع ثم تأخذ سهماً من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل: بسم الله رب الغلام ففعل فمات فقال الناس آمنا برب الغلام ـ إلى آخر الحديث أخرجه مسلم بطوله.

(2)

اذا خيف غرقها بالجميع جاز أن يلقى بعضهم، واستدلوا بقصة يونس عليه السلام، وذلك أن السفينة تلعب بها الأمواج من كل جانب وأشرفوا عل الغرق فساهموا على من تقع عليه القرعة يلقى في البحر لتخف بهم السفينة فوقعت القرعة على نبي الله يونس عليه السلام ثلاث مرات وهم يظنون به أن يلقى من بينهم

ص: 208

بعدما قال لا إله إلا الله " (1) في شخص لم ينطق بها، فإذا نطق بها ولو مع احتمال أنه خوف من بارقة السيف قبل منه، فإن تبين أنه كما قال فذاك، وإلا قتل بشرطه فيما بعد.

وهي أيضاً " شبهة افرنجية" دخلت من عمل النصارى مع الرقيق مالا يعمل مثله في الإسلام، وهم الآن يعملون مع أسود الجلد.. وسواء كان استرقاقهم بغنيمة أو غير ذلك.

ثم الإسلام الذي جعل الرق عليه بهذا السبب هو أيضاً جاء بالإحسان إليه، وأن لا يساء إليه، ويستخدم فيما يقدر عليه، وفي الحديث " إخوانكم خولكم جعلكم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه من طعامه وليلبسه من لباسه ولا يكلفه ما يغلبه"(2) .

فالشرع المطهر هو العدل، وهو الميزان: مثل الطب والطبيب ـ تقريباً، وإلا حاشا أن يضرب له مثل بالخالق ـ فإنه يقطع ما يحتاج للقطع ويشتق ما يحتاج للشق ومع ذلك هو قائم بالأغذية وما يحتاج إليه، وذلك أنه بالشق ساع إلى حياته، فكذلك ما جاء في الشرع من مكروه من قتل وحبس أو قطع كلها عقوبات في محلها.

ولكن هؤلاء الأقذار " الافرنج ونحوهم" ما عرفوا قدر أنفسهم التي هم بها أسوء حالاً من الكلاب والحمير، وهم في كلماتهم كإبليس اعترض على الشرع والقدر بجهله.

(1) أخرجه البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد رضي الله عنه.

(2)

متفق عليه.

ص: 209

وهذه "المسألة" قد بحث فيها أُناس من الإخوان، ويريدون جواباً كتابياً، وهي واضحة مثل الشمس، إذا لم يعلم مانع من استرقاقه في الظاهر.

نعم هنا ينبغي أن يحتاط عن استرقاق: إما مسلم، أو بيننا وبينهم هدنة تعصم أموالهم. أما شيء في أيدي أُناس مسترقين في اليمن وتهامة حتى يكون عند الواحد مائة، وفي المغرب كذلك. (تقرير)

(1481 ـ هل للطائرات سهم)

س: الطائرات ونحوها هل يتصور أن يكون لها سهما.

جـ ـ لا يظهر ذلك، هي أشبه بالإبل منها بالخيل، والإبل امتنع القياس فيها.

(تقرير)

(الأراض المغنومة)

(1482 ـ عقارات بيت المال في نجد وغيرها موقوفة على المسلمين، لايجوز التنازل عنها ، ولا إسقاطها عمن هي تحت يده وتصرف غلتها في مصارفها الشرعية) .

(بيت مال حرمه)

من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب السمو الملكي

أمير الرياض

وفقه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

إشارة إلى المعاملة الواردة إلينا منكم برقم 243 وتاريخ 23/2/1377هـ المختصة بقضية عقارات بيت المال بحرمة،

ص: 210

وما وردكم من جلالة الملك بهذا الشأن ـ فقد جرى دراستها والنظر فيها بالوجه الشرعي، وبعد ذلك قررنا فيها قراراً مستوفي برقم 546 وتاريخ 6/5/1377هـ وها هو إليكم برفق المعاملة لاطلاع سموكم عليه، ورفعه إلى جلالة الملك المعظم حفظه الله، والله يحفظكم في 5/5/1377هـ.

(ص ـ ف 547 في 6/5/1377هـ)

" القرار "

الحمد لله حق حمده، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وجنده. وبعد:

فبناء على المعاملة الواردة إلينا في دار الإفتاء من إمارة الرياض من إمارة الرياض برقم 243 وتاريخ 23/3/77هـ عطفاً على الأمر الملكي المتضمن طلب البيان والافتاء عن الأملاك التي غنمها المسلمون أثناء قتالهم لأعداء الإسلام، واستولوا عليها بحكم الغنيمة، وهو المسمى:" بيت المال " هل يجوز لولي الأمر ـ أعزه الله ـ أن يسقطها، أو يتنازل عنها لمن هي تحت يده. وبعد السؤال وما يترتب عليه من الجواب ـ أفتيت بما نصه:

الحمد لله. أما ما غنمه المسلمون في مقاتلتهم لأعداء الإسلام: من نخيل، ومزارع، وأبيار، ونحوها، وهو المعروف ببيت المال في حرمه وغيرها من بلدان نجد وغيرها، فهذا لا يحل التنازل عنه، ولا إسقاطه لمن هو تحت يده، لأنه في حكم الموقوف شرعاً على الفاتحين ومن أتى بعدهم ممن يجاهدون في سبيل الله ويحافظون على كيان الأمة والذب عن الحوزة، ويجاهدون بأنفسهم وأموالهم،

ص: 211

سواء أكان جهادهم بالسيف والسنان، أو بالحجة والبيان، والأدلة على هذا متكاثرة: من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكلام أئمة العلماء من الحنابلة وغيرهم من أهل المذاهب الأربعة وعلماء الحديث وغيرهم.

وها نحن نسوق بعضاً من ذلك ملخصاً على طريق التنبيه، ونترك بقية الأدلة طلباً للاختصار، قال الله تعالى:{واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسة وللرسول لذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير} (1) .

وقال الإمام مجد الدين ابن تيمية في كتاب المنتقى: (باب حكم الأرضين المغنومة} عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أيما أتيتموها فأقمتم فيها فسهمكم فيها. وأيما قرية عصت الله ورسوله فإن خمسها لله ورسوله ثم هي لكم" رواه أحمد ومسلم.

وعن سالم مولى عمر، قال: قال عمر: أما والذي نفسي بيده لولا أن اترك آخر الناس بياناً ليس لهم من شيء ما فتحت على قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، ولكن أتركها خزانة لهم يقتسمونها. رواه البخاري.

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " منعت العراق درهمها وقفيزها ومنعت الشام مدها ودينارها، ومنعت مصر إردبها ودينارها. وعدتم من حيث بدأتم وعدتم من حيث بدأتم وعدتم من حيث بدأتم

(1) سورة الأنفال ـ آية 41.

ص: 212

شهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه " رواه أحمد وأبو داود.

وقال الشوكاني رحمه الله في الكلام على شرح هذه الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم: " أيما قرية

إلخ " فيه التصريح بأن الأرض المفتوحة تكون للغانمين. قال الخطابي: فيه دليل على أن أرض العنوة حكمها حكم سائر الأموال التي تغنم، وأن خمسها لأهل الخمس، وأربعة أخماسها للغانمين. وقوله " يقسمونها" أي يقسمون خراجها وقوله: " كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر" فيه تصريح بما وقع منه صلى الله عليه وسلم، إلا أنه عارض ذلك عنده حسن النظر لآخر المسلمين فيما يتعلق بالأرض خاصة نحو وقفها على المسلمين، وضرب عليها الخراج الذي يجمع مصلحتهم.

وروى أبو عبيد في " كتاب الأموال" من طريق أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب، عن عمر أنه أراد أن يقسم السواد، فشاور في ذلك، فقال له علي رضي الله عنه: دعه يكون مادة للمسلمين، فتركه. وأخرج أيضاً من طريق عبد الله بن قيس: أن عمر أراد قسمة الأرض، فقال له معاذ: إن قسمتها صار الريع العظيم في أيدي القوم يبيدون فيصير إلى الرجل الواحد أو المرأة، ويأتي قوم يسدون من الإسلام مسداً ولا يجدون شيئاً، فانظر أمراً يسع أولهم وآخرهم، فاقتضى رأي عمر تأخير قسم الأرض، وضرب الخراج عليها للغانمين ولمن يجيء بعدهم.

وذهب مالك إلى أن الأرض المغنومة لا تقسم، بل تكون وقفاً، يقسم خراجها في مصالح المسلمين: من أرزاق المقاتلة، وبناء القناطر والمساجد، وغير ذلك من سبل الخير إلا أن يرى الإمام في وقت من

ص: 213

الأوقات أن المصلحة تقتضي القسمة فإن له أن يقسم الأرض. وحكى هذا القول ابن القيم عن جمهور الصحابة، ورجحه، وقال: إنه الذي كان عليه سيرة الخلفاء الراشدين. قال: ونازع في ذلك بلال وأصحابه، وطلبوا أن يقسم بينهم الأرض التي فتحوها، قال عمر: هذا غير المال، ولكن أحبسه فيما يجري عليكم وعلى المسلمين.

قال بلال وأصحابه: اقسمها بيننا، فقال عمر: اللهم اكفني بلالاً وذويه، فما حال الحول ومنهم عين تطرف، ثم وافق سائر الصحابة عمر.

ثم قال: ووافق عمر جمهور الأئمة وإن اختلفوا في كيفية إبقائها بلا قسمة، فصار مذهب أحمد وأكثر نصوصه على أن الإمام مخير فيها تخيير مصلحة لا تخيير شهوة. فإن كان الأصلح قسمة البعض ووقفه البعض فعله، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل " الأقسام الثلاثة" فإنه قسم أرض قريضة والنظير، وترك قسمة مكة، وقسم بعض خيبر، وترك بعضها لما ينوبه من مصالح المسلمين.

وفي رواية لأحمد: أن الأرض تصير وقفاً بنفس الظهور والاستيلاء من غير وقف الإمام.

وله " رواية ثالثة ": أن الإمام يقسمها بين الغانمين كما يقسم المنقول إلا أن يتركوا حقهم منها. قال: وهو مذهب الشافعي، بناء من الشافعي على أن آية الأنفال وآية الحشر متواردتان، وأن الجميع يسمى فيئاً وغنيمة، ولكنه يرد عليه أن ظاهر سوق آية الحشر أن الفيء غير الغنيمة وأن له مصرفاً عاماً، ولذلك قال عمر:

ص: 214

إنها عمت الناس بقوله: {والذين جاءوا من بعدهم} (1) ولا يأتي حصة لمن جاء بعدهم إلا إذا بقيت الأرض محبسة للمسلمين، إذ لو استحقها المباشرون للقتال وقسمت بينهم توارثها ورثة أولئك، فكانت القرية والبلد تعبر إلى إمرأة واحدة أو صبي صغير.

وذهبت الحنفية إلى أن الإمام مخير بين القسمة بين الغانمين وأن يقرها لأربابها على خراج، وينتزعها منهم ويقرها مع آخرين.

وقوله عليه السلام: " وعدتم من حيث بدأتم" أي رجعتم إلى الكفر بعد الإسلام. وهذا الحديث من أعلام النبوق، لإخباره صلى الله عليه وسلم بما سيكون من ملك المسلمين هذه الأقاليم، ووضعهم الجزية والخراج، ثم بطلان ذلك: إما بتغلبهم وهو أصح التأويلين وفي البخاري ما يدل عليه، ولفظ " المنع" في الحديث يرشد إلى ذلك. وإما بإسلامهم.

ووجه استدلال المصنف بهذا الحديث على ما ترجم الباب به من حكم الأرضين المغنومة أو النبي صلى الله عليه وسلم قد علم بأن الصحابة يضعون الخراج على الأرض، ولم يرشدهم إلى خلاف ذلك، بل قرره لهم. اهـ. ملخصاً.

والمراد بقوله: إلى أن يرى الإمام أن المصلحة تقتضي القسمة، قسمتها بين الغانمين الذين باشروا القتال ـ كما هو معروف.

وقال أبو داود في سننه: (باب إيقاف أرض السواد وأرض العنوة) ثم ذكر حديث أبي هريرة المتقدم وغيره ـ أحاديث تركناها اختصاراً.

(1) سورة الحشر ـ آية 10.

ص: 215

وكذلك قرر الإمام ابن رشد المالكي في كتابه " بداية المجتهد، ونهاية المقتصد " وذكر كلام الائمة الأربعة رحمهم الله.

وقال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في " كتاب الأموال": وأما ما جاء في ترك القسم، فإن هشيم بن بشير حدثنا، قال: أخبرنا العوام بن حوشب، عن إبراهيم التيمي، قال: لما افتتح المسلمون السواد، قالوا لعمر: اقسمه بيننا، فإنا افتتحناه عنوة. قال: فأبى، فهي لمن جاء بعدكم من المسلمين، وأخاف إن قسمته أن تفاسدوا بينكم في المياه، فآثر فقراء أهل السواد في أراضيهم، وضرب على رؤوسهم الجزية، وعلى أرضهم الطسق " يعني الخراج" ولم يقسم بينهم، ثم ساق عدة أحاديث في معنى هذا. ثم قال: فقد تواترت الآثار في افتتاح الأرضين عنوة بهذين الحكمين.

ـ يعني حكم النبي صلى الله عليه وسلم في أرض خيبر، وحكم عمر رضي الله عنه في أرض السواد ـ إلى آخر كلامه رحمه الله.

وأما كلام فقهاء الحنابلة في ذلك فهو معروف في كتبهم المطولات والمختصرات، فقد صرح بمعنى ما ذكر في " المغني " و " المقنع" و " المنتهى" وشروحها، وغيرها من كتب المذهب تركنا إيراد عبارتهم طلباً للاختصار.

وعلى هذا درج سلفنا الصالح، وعليه عمل أئمة هذه الدعوة الإسلامية من الولاة والعلماء من لدن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله إلى وقتنا هذا، مستندين بذلك إلى ما تقدم ذكره من الأدلة الشرعية، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها،

ص: 216

فقد حكموا بوقفها، والاحتفاظ باسمها الأول (بيت المال) ولم يزل عملهم مستمراً على صرف ريعها في مصرفها الشرعي.

إذا تبين هذا فإن على ولي الأمر ـ أعزه الله ـ أن يحافظ عليها من كل معتد، ويولي على غلاتها رجلاً ثقة يقبضها ويصرفها في مصارفها الشرعية حسبما تقتضيه المصلحة: مثل مساعدة أئمة المساجد الكبار الذين يقومون بالإمامة والخطابة والتدريس والوعظ ولا سيما في القرى التي ليس فيها قضاة لحاجة المساجد إلى أئمة أكفاء، ومثل رجل معلوم فقره وحاجته، أو يكون عليه دين فيعطى بحسب حاله، ونحو ذلك. وإنما يكون عطاء مثل هؤلاء من الريع والغلال. وأما العقارات فهي باقية بحالها، ومحتفظ لها باسمها.

ولا يكون إعطاؤهم بصورة مستمرة كل سنة مثلاً، بل يكون بصورة مؤقتة حسب الحاجة والمصلحة، فيجتهد نائب الإمام عند حصول الثمار كل سنة بحسبها، وينظر فيمن كان يعطى شيئاً منها فإن ك ان على حالته أعطاه، وإن تغيرت حالته فالحكم يدور مع علته وجوداً أو عدماً.

قال ذلك ممليه الفقير إلى عفو ربه محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف حامداً مصلياً مسلماً على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

في 3/5/1377هـ

(1483 ـ أراض الرياض التي كانت تزرع وتغرس)

أراضي البلاد الخراجية (كالرياض) حين قطعت دوراً هي في الأصل لبيت المال. الولاة إما قصروا، أو ما جاء في علمهم هذا

ص: 217

أو قصر غيرهم في البيان، فتركوا تلك الأراضي لمن هي بيده فبيعت بتلك الأثمان. ومن هذا يظهر أنه لو احتيج لأرض من الأراضي وأن الولاة اشتدوا ولا عاوضوهم فإن تلك الاراضي لا يحكم عليها بأنها غصب إذ كانت في مصلحة من المصالح التي للمسلمين.

ورقبة الأرض لا تكون مغصوبة، ويجري فيها الميراث، والوارث ينزل منزلة من قبله (1)(تقرير)

أما لو أخذت وأعطيتها زيد وعبيد فهذا شيء آخر من تحت يده أولى ـ ولا سيما في الأرض المعطلة التي لا تزرع ولا تغرس، فإذا كان محل يجعل لطاعة فيتعين على ولاة الأمور التحلل منهم.

(1484 ـ تعشير أموال أهل الشرك)

(الأموال التي تجبى: أقسام)

قوله: وما أخذ من مال مشرك.

أهل الشرك إذا اتجروا إلينا وكان بيننا وبينهم هدنة فلنا أن نعشر أموالهم، نأخذ من العشرة ريالاً.

أما أموال المسلمين فلا يجوز أن تعشر، وجاء الوعيد في عشر المكاس (2) .

المكوس حرام، ولا تخلط مع الفيء، ولا مع الزكاة، ولا مع الفيء الخاص، بل كل له مصرف، هذه يتولاها الذي جباها، والحلال له مستحقون، والحرام شأنه به الذي جباه. لكن لو توخى بها

(1) ويأتي في (باب احياء الموت) إن شاء الله تعالى.

حكم الأرض البيضاء، وهل تدخل في حكم بيت المال كالتي تزرع وتغرس.

(2)

(وانظر (الدرر السنية في الأجوبة النجدية جـ5 ص 381 ـ 384) .

ص: 218

أشياء فيها نفع خفف عنه، فإن أسوأ الدنانير دينار يجيء من غير محله ويدفع في غير محله، يجبي معصية ويبذل معصية.

رحمة الله على الوالد كتب لفيصل رسالة، قال: إعلم أن الأموال التي تجبى " ثلاثة أقسام" الزكاة، والفيء، والمكوس، فيجب أن يعطى كلاً حكمه. وقوله: المكوس. مراده التي جباها من جباها وعصى بذلك.

المقصود من ذكر كلام الوالد أنه لا يخلط هذا مع هذا، فالفيء لأناس مخصوصين، والزكاة لأناس.

فالذي يحتوي عليه بيت مال المسلمين أشياء عديدة، بل أوسع من ذلك أن الذي يجبيه الولاة أشياء (أحدها) الزكاة (الثاني) ما يدخل مدخلاً شرعياً وليس بزكاة: كالخمس، وخمسه، وكأموال الكفار التي تصل إلى المسلمين بغير إيجاف خيل ولا ركاب، فيصرف في المصالح، وإذا فضل شيء فهو لعموم المسلمين، وهو الفيء.

" الثالث" المكوس. فإنها كثيراً ما يأخذها الولاة بغير حق بل بظلم، ولكنها تعد في جملة ما يدخل على جنس الحكومات الإسلاميين، فمنها ما هو شرعي. ومنها ما هو ظلم، ولكن يتعلق به أحكام مع أنه ظلم: منها أنه إذا وضع معصية فإنه يجب أن يعدل فيه، فيؤخذ على ولد الملك وطالب العلم، وغير ذلك ويدخل ذلك في " المظالم المشتركة" ومن ذلك أن الأئمة إذا أخذوا شيئاً من هذه الأموال واجب عليهم أن يردوها، فإذا جهلت أربابها حل لمن أعطيها من الجيش، فكل مال يجهل صاحبه مصرفه الفيء

ص: 219

فالشيء الذي من المكوس إذا تاب الإمام فأراد رده إلى أربابه وأهله لا يعرفون فيجوز أن يعطى لأحد مستحقي الفيء.

لكن هذه المسألة نسب من أجلها أن ابن تيمية يحلل المكوس لما قام به من الدعوة، وكلامه مقيد موضح في أماكنه (1) .

كما قام دحلان واستجلب أناس من المغرب بيوتات علم جعلوا حول نجد يشنعون على أهل نجد كذا وكذا.

نعم ينوب المسلمين نائبة من خشية جيش أو دفع عدو بمال أو ينبثق شيء وليس في بيت المال شيء فلا باس، مصالح المسلمين تؤخذ من مصالح المسلمين، فإذا لم يكن شيء فهذا سائغ. أما سواه فلا (2) .

(تقرير) .

(1485 ـ مصارف الفيء)

قوله: يصرف في مصالح المسلمين.

من بناية المساجد والمدارس، والربط، وإصلاح الطرق، وسد البثوق، وعمل القناطر، إلى غير ذلك مما هو ضروري للبلد أو حاجي للبلد. لكن في مثل هذه ينبغي أن يبدأ بالأهم، ولا يبذل شيئاً زائداً عن القدر الكافي.

لكن عمل كل ما يلزم للبلد لا يمكن حصرها إلا بتتبع: مقابر مواقف للسيارات في نفس البلد مع حوالي البلد.

(تقرير)

(1) في فتوى " المظالم المشتركة " وغيرها.

(2)

وانظر الفتاوي في اموال المجاهلي ونحوهم في (كتاب القضاء) لاختصاص النظر فيها بالقضاة.

ص: 220

(1486ـ قوله: ولا يختص بالمقاتلة)

لا يختص الفيء بالمقاتلة، بل حقهم فيها مقدم، الذين يحمون حوزة الدين، وكذلك تعليم العلم، وكذلك أئمة المساجد، والمؤذنين وسائر من يقومون بالمصالح الدينية: هم أحق من غيرهم في ذلك، إذ مصالح الدين مقدمة على مصالح الوطن. الدين هو الصلاح، مع ما في الدنيا من الشرور، واستيلاء الغير من الأئمة الذين إذا استعملوا على أهل الدين حنقهم فوق كل حنق {يسومونكم} من أجل أنهم ذرية الدعاة، هكذا يفعل المستعمرون إذا وجدوا إلى ذلك سبيلا. (تقرير)

(1487 ـ أخذ شيء على الاثمان التي تباع بها العقارات)

من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب السمو الملكي

أمير منطقة الرياض

الموقر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: ـ

فبالإشارة إلى خطابكم رقم 25008 ـ 17 ـ 9 المعطوف على خطاب ديوان ولي العهد برقم 1634 في 13/9/72 هـ حول ما رفعه لسموكم رئيس بلدية الرياض عن ما لاحظته البلدية من أن العقارات في مدينة الرياض تباع بدون رخص، وأن دلالين العقارات لا شيخ لهم.

أما مسألة " شيخ الدلالين" للعقارات فموافق مناسب.

لكن أخذ شيء على الأثمان التي تباع بها العقارات لا يسوغ شرعاً بل هو من الظلم. وما يحتاجه شيخ الدلالين وغيره من مرتب يكون على بيت المال، لأن من مصرف بيت المال المصالح العامة:

ص: 221

من إصلاح الطرقات، ومجاري المياه، ونحو ذلك. وبيت المال لله الحمد غني.

أسأل الله تعالى أن ينصر دينه، ويعلي كلمته، ويوفق إمام المسلمين وولي عهده ومن تحت أيديهم لإقامة الشرع المطهر، والعمل به في الأخذ والإعطاء، إنه على كل شيء قدير. والله يحفظكم.

(ص ـ م في 16/10/72هـ)

(1488 ـ وأجور التنظيفات من بيت المال)

من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب السمو الملكي

أمير الرياض

الموقر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: ـ

فبالإشارة إلى خطابكم رقم 25019 ـ 17 ـ 9 المعطوف على خطاب ديوان ولي العهد رقم 2581 ـ 21 ـ 8 ـ 72 حول ما لاحظته بلدية الرياض من أن جميع البلديات في المملكة تتقاضى من ملاك البيوت والدكاكين نسباً معلومة من إيجارات العقارات، وذلك كأجرة للعمال الذين ينظفون الشوارع

إلخ..

وترى البلدية أن يساهم سكان الرياض بقسطهم فيما يختص بتنظيف الأسواق والدكاكين.

وأفيد سموكم أن هذه الإصلاحات من التنظيفات للطرقات وغيرها الذي يقوم بها شرعاً هو بيت المال: لأن مصرفه هي المصالح الشرعية، ومن جملتها إصلاح الطرقات ومجاري المياه.

ومن العجب اقتراح رئيس البلدية أن يقاس الرياض على الحجاز والإحساء ونحوهما، بل الذي ينبغي أن يكون العمل الجاري في

ص: 222

الريا هو الأسوة، وأن يعمل بمثله في سائر أنحاء المملكة. أعني أن لا يتعرض لشيء من أموال الناس فيما يعمل في الطرق من إصلاح وتنظيف وغير ذلك، لكون ذلك هو الأمر الشعري، وبيت المال لله الحمد غني، وفيه من القدرة على عمل المصالح من شتى الجهات ما يستغني به عن أن تؤخذ أموال الناس بغير طريق شرعي. والله يحفظكم.

(ص ـ م في 16/10/1372هـ)

(1490 ـ اتفقوا على دفع عشر حاصلات البلد: لمصالح القرية، وضيوفها، ثم امتنع بعضهم)

من محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم رئيس الديوان العالي

الموقر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فبالإشارة إلى خطابكم رقم 4 ـ 22 ـ 4506 وتاريخ 10/11/1375هـ المرفق به المعاملة الخاصة بشكوى آل زيدي قبائل بني مغيد من امتناع موسى بن محمد مرعي وأخيه من دفع عشر حاصلاتهم الزراعية التي جرت عوائد القبيلة بتسليمه.

أفيدكم أنه قد جرى الاطلاع على قرار قاضي أبها المرفق رقم 1605 في 23/9/1374هـ المتضمن إلزام موسى وأخيه بتسليم عشر حاصلاتهم الزراعية المتفق عليها حسب العادة بين أهل القرى لمصالح القرية وضيفها كالكلف السلطانية وما يلزم البلد مما حصل عليه الاتفاق، على أن يكون بينهم بالتراضي والسوية.

ونرى أن لا بأس بإلزام القاضي إياهم ذلك. والسلام.

(ص ـ ف 756 في 21/11/1375هـ)

ص: 223

(1491 ـ فتوى في الموضوع)

من محمد بن إبراهيم إلى فضيلة قاضي محائل

سلمه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فقد جرى الاطلاع على المعاملة المرفوعة إلينا منكم رفق خطابكم رقم 414 بتاريخ 27/8/1382هـ المتعلقة بطلب عدة أشخاص من نواب بعض القبائل التابعين لقضائكم إلزام الأشخاص الذين لهم أملاك وحقوق مالية في قراهم وهم من قبائل أخر بغرم ما يترتب عليهم ضمن أهل المحلة المقيمين بها على حسب أملاكهم من الكلف التي تعود مصلحتها لأهل المحلة وتدفع الضرر عنهم، وذكركم أنه جرى منكم تبليغ إمارة جهتكم بأنه لا يسوغ إعفاء الممتنع عن دفع ما يترتب عليه ضمن أهل المحلة من غرم دية يضمن بها أهل المحلة، أو ضيافة، أو شيء من الكلف العائدة بالمصلحة أو الدافعة ضرراً إذا كان مقيماً بالمحلة ولو لم يكن من أهلها إذا كان له فيها مال أو عقار أسوة بأهلها، وذلك على سبيل العدالة والمساواة بأمثاله على حسب الأملاك، عملاً بالعرف المتبع في تلك الجهات من مدد طويلة، وأنكم اشترطتم لإقرار هذا انتفاء المفاسدة أو المغايرة للوجهة الشرعية إلى آخر ما ذكرتم. وأخيراً صار منكم التوقف في المسألة لعرضها علينا.

ونفيدكم أنه لا يظهر لنا ما يخالف ما ذكرتم من إلزام الممتنع عن دفع ما يترتب عليه ممن له أملاك وأموال وهو مقيم في محله بأن يدفع ما يترتب عليه أسوة بأمثاله مما فيه جلب مصلحة أو دفع مضرة

ص: 224

ونفيدكم أن هذه الكلف لا يخلو أمرها: إما أن يكون كلفاً واجبة شرعاً. وهذه لا شك في تحري العدل والمساواة في توزيعها على من وجبت عليه شرعاً إن كانوا في سبب التحمل سواء. وإما أن تكون مظالم مشتركة فيجب فيها كذلك مراعاة العدل والمساواة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالته في " المظالم المشتركة" فهؤلاء المكرهون على أداء هذه الأموال عليهم لزوم العدل فيما يطلب منهم، وليس لبعضهم أن يظلم بعضاً فيما يطلب منهم، بل عليهم التزام العدل فيما يؤخذ منهم بغير حق، كما عليهم التزام العدل فيما يؤخذ منهم بحق، فإن هذه الكلف التي أخذت منهم بسبب نفوسهم وأموالهم هي بمنزلة غيرها بالنسبة إليهم، وإنما يختلف حالها بالنسبة إلى الآخذ، فقد يكون آخذاً بحق، وقد يكون آخذاً بباطل اهـ. وبالله التوفيق. والسلام عليكم.

رئيس القضاة (ص ـ ف 619 ـ 1 في 27/3/1383هـ)

(1492 ـ إذا أعطيت الزكوات للفقراء، فمن أين يعطى أرباب الوظائف)

إذا أعطيت الزكوات للفقراء، فأرباب الاستحقاق بسبب وظائفهم الدينية من قضاء وإمامة ونحوها والوظائف التي خلاف ذلك فتجرى عليهم مرتباتهم من الأموال التي خلاف الزكاة.

وينبغي أن لا يحرم من الزكاة من يعطى من بيت المال لأجل وظيفة إذا كان ما يأخذه من بيت المال لا يقوم بكفايته وكفاية من يمونه.

(من فتوى في إخراج الزكاة بتاريخ 4/5/74هـ)

ص: 225

(1493 ـ مرتب القضاة ينبغي أن لا ينقص إذا تقاعدوا)

من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب السمو الملكي رئيس مجلس الوزراء الأفخم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

إشارة لمذكرة سموكم رقم 18081 في 20/10/78هـ المشفوعة بمعروض الشيخ

قاضي محكمة حوطة بني تميم سابقاً، بشأن طلبه تخصيص راتبه الذي كان يستلمه حينما كان بالقاء، وطلب سموكم الإفادة بما لدينا ورأينا في طلبه.

أعرض لسموكم أنه قد جرى إحالة المذكور للتقاعد، وسيعامل بمقتضى الأنظمة القائمة. وإن رأى سموكم العطف على المذكور بالأمر بإعطائه راتبه السابق كاملاً فهو مستحق وأهل للعطف، وما ذكره من حاجته وكثرة عائلته فهو صحيح.

وبهذه المناسبة أعرض لسموكم أن القضاة لهم مكانة بين ذويهم خاصة ومن يعرفهم عامة، ولهم عادات معروفة من ناحية سعة العيش، واستقبال الناس، وضيافتهم، وكان بعضهم لا يكفيه راتب وظيفته لنفقاته المتنوعة، فمتى أُحيل إلى التقاعد فإن دخله سيكون ضئيلاً، وحينئذ يضطر لتغيير مجرى حياته المعيشية.

وإن رأى سموكم التفضل بالأمر بأن تكون إحالة القضاة الشرعيين إلى التقاعد بكامل رواتبهم استثناء من أحكام نظام التقاعد التي تطبق على عموم الموظفين فهو أمر محمود، وفيه أيضاً تشطيع كامل لطلاب العلم الشريف، ومدعاة للتنافس على تحصيله.

وعدد القضاة الشرعيين قليل، ويندر إحالتهم للتقاعد. والقاضي

ص: 226

إذا أحيل للتقاعد لم تنقطع صلة الناس به كسائر الموظفين، بل يبقى يرشد العامة وينصحهم يذكرهم بواجبات دينهم وأحكام عباداتهم وفرق بين من يستفاد منه بعد انتهاء خدماته الوظيفية وبين من لا يستفاد منه، والأمر لله ثم لكم، والله يحفظكم.

رئيس القضاة (ص ـ ق 3491 ـ 5 في 26/1/1378هـ)

(1494 ـ جواب على طلب ابداء الملاحظات على نظام الموظفين العام)

من محمد بن إبراهيم إلى حضرة معالي وزير الدولة لشئون رئاسة مجلس الوزراء وفقه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فبالإشارة إلى التعميم الصادر منكم برقم 17030 وتاريخ 2/8/1380 هـ حول إبداء الملاحظات على نظام الموطفين العام نرفق لكم طيه الملاحظات التي عنت لنا بهذا الشأن، ونسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه الخير والمصلحة. والسلام.

رئيس القضاة (ص ـ ق 7339 ـ 2 في 24/1/1380أ)

(ومما جاء فيه ـ بعد بيان شمول التشريع لتحديد مقادير العقوبات على المخالفات بالنسبة للموظفين وغيرهم ـ ما يلي) :

(6)

سبق أن جرت منا إليكم عدة مخابرات بشأن طلب استثناء القضاة من بعض أحكام شروط التوظيف، وكذا مفتشي القضاة،

ص: 227

وكتاب القضاة مكفوفي البصر، وحصلت الموافقة على أكثر هذه الطلبات. فنرى أن تدرج هذه الاستثناءات ضمن النظام الجديد حتى يكون ذلك أضمن لبقائها.

كما أن هناك ملاحظات أخرى جوهرية وللمشاركة نثبتها كما يلي:

(أ) تعديل المادة (50) الخاصة بالإجازة العادية بحيث تكون حقاً من حقوق الموظفين، وإذا اقتضت مصلحة العمل عدم قيامه بها فيعطى له راتبها.

(ب) إلغاء قرار مجلس الوزراء الخاص بعدم تمديد الإجازة الإدارية بإجازة مرضية لعدم واقعيته، ولأنه مادام أن الإجازة مستوفيه للشروط النظامية فلا مانع من ذلك.

(ج) موظفو خارج الهيئة يساوون بموظفي داخل الهيئة في الإجازات العادية المرضية، إذ لا مبرر للتفاوت الواقع بهما.

(د) من الأفضل منح الوزراء ومن في مرتبتهم حق تحوير أسماء الوظائف إذا اقتضت مصلحة العمل ذلك.

(هـ) إعادة نظام الوكالات، حيث أن إلغاءه بشأن تعطيل للأعمال، خاصة عندما يمنح الموظف إجازة مرضية حيث يجب تأمين عمله.

(و) يحسن إعادة صرف السلفة للموظف المحتاج، على أن لا تتجاوز ثلاثة رواتب، تحسن عليه بنسبة الربع شهرياً، وذلك لسد حاجته الضرورية.

ص: 228

(ز) إذا أصيب الموظف بمرض أو جرح وهو على رأس العمل ولا يستطيع معه مزاولة عمله الرسمي ينبغي إعطاؤه راتبه كاملاً لمدة سنة واحدة، بشرط أن يكون في خلال هذه المدة نائماً بالمستشفى، وبموجب شهادة من مدير المستشفى، وطبية تصدر شهرياً ويوضع فيها رقم الغرفة والسرير الخاص به، وإذا خرج من المستشفى بعد مرور السنة ولا يستطيع مزاولة عمله فيستمر في صرف راتبه بنسبة النصف لمدة ستة شهور من تاريخ خروجه من المستشفى، وإذا لم يعد بعد ذلك فتصفى حقوقه بموجب نظام التقاعد. أما إذا كان المرض أو الجرح ناشئاً بسبب الوظيفة فيمنح إجازة مرضية لمدة سنة كاملة براتب كامل، ولمدة سنة أخرى بنصف الراتب، وإذا لم يعد إلى عمله بعد هذه المدة فيحال إلى التقاعد بموجب النظام.

(ج) إلغاء المرتبة التاسعة ونقل جميع موظفيها إلى المرتبة الثامنة، كما يحسن عدم إيقاف العلاوة الدورية المستحقة للموظف حتى ولو وصل إلى نهاية مربوط المرتبة، وذلك بالنسبة لموظفي المرتبة الرابعة فما دون، على أن تكون العلاوة الدورية للمراتب الثامنة والسابعة كل سنتين خمسين ريالاً، وللمراتب السادسة والخامسة ثمانون ريالاً، وللمراتب الرابعة والثالثة والثانية مائة ريال.

(ط) يوضع بدل تنقل لموظفي المراتب السادسة فما دون كما يلي: لموظفي المرتبة السادسة 90 ريالاً، وموظفي المرتبتين السابعة والثامنة 60 ريالاً، وتلغى جميع السيارات الخاصة بنقل الموظفين.

(ي) يوضع بدل تنقل لموظفي خارج الهيئة كما يلي: 40 ريالاً للمرتبة الأولى، ولموظفي المرتبة الثانية والثالثة 30 ريالاً.

ص: 229