الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجواب: إن عقد البيع قد تم بين البائع والمشتري إذا كانت الأمور قد جرت مثلما ذُكر في السؤال وعقد البيع من العقود اللازمة عند الفقهاء فمتى صدر الإيجاب والقبول من المتعاقدين فقد تم العقد ولا يملك أحدهما فسخه إلا برضى الآخر إذا لم يكن بينهما خيار وفي السؤال لم يرد ذكر للخيار فالعقد لازم والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: [البيّعان بالخيار ما لم يتفرقا] رواه البخاري ومسلم.
وهنا قد تم التفرق بينهما فلزمهما البيع فلا يجوز شرعاً للبائع أن يفسخ العقد أو يلغيه بإرادة منفردة وهذا البائع وقد فسخ العقد وباع العقار لشخص آخر فقد أثم ووقع في الحرام والله سبحانه وتعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) سورة المائدة الآية 1.
وأما بالنسبة لما ذكره السائل عن الناحية القانونية فإن القانون المدني لا يعترف بأي عقد لبيع العقار ولو كان العقد خطياً إلا إذا تم تسجيله في الدائرة المختصة وبما أنه لم يتم عقد خطي ومسجل في الدوائر الرسمية فإن الموقف القانوني للمشتري ضعيف جداً.
حكم المماطلة وعقوبتها
يقول السائل: ما المقصود بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لي الواجد يحل عرضه وعقوبته)؟
الجواب: هذا الحديث رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة والحاكم والبيهقي وورد في مسند أحمد بلفظ: (لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته).
والحديث قال عنه الحاكم: صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي وحسنه الحافظ ابن حجر وحسنه الشيخ الألباني أيضاً. فتح الباري 5/ 259، إرواء الغليل 5/ 259. ولي الواجد معناه مطل القادر على قضاء دينه. عون المعبود 10/ 41.
وقد ثبت في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (مطل الغني ظلم) رواه البخاري ومسلم.
قال الإمام النووي: [قوله صلى الله عليه وسلم (مطل الغني ظلم) قال القاضي وغيره: المطل منع قضاء ما استحق أداؤه فمطل الغني ظلم وحرام، ومطل غير الغني ليس بظلم ولا حرام لمفهوم الحديث ولأنه معذور.] شرح الإمام النووي على صحيح مسلم 4/ 174 - 175.
وهذان الحديثان الشريفان فيهما التحذير الشديد للمماطل القادر على سداد دينه ومع ذلك يماطل في سداد الدين لينتفع بالمال لنفسه ولا يؤدي حقوق العباد وهذه المماطلة سماها الرسول صلى الله عليه وسلم ظلماً والظلم ظلمات يوم القيامة.
قال الحافظ ابن عبد البر: [وقد أتى الوعيد الشديد في الظالمين بما يجب أن يكون من فقهه عن قليل الظلم وكثيره منتهياً وإن كان الظلم ينصرف على وجوه بعضها أعظم من بعض. قال الله عز وجل: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) سورة لقمان الآية 13. وقال تعالى: (وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا) سورة طه الآية 111.
أي خاب من رحمة الله تعالى ومن بعضها أو من كثير منها على حسب ما ارتكب من الظلم والله يغفر لمن يشاء.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال حاكياً عن الله تبارك وتعالى: (يا عبادي إني حرمت عليكم الظلم فلا تظالموا) رواه مسلم.
ومن الدليل على أن مطل الغني ظلم محرم موجب للإثم ما ورد به الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم من استحلال عرضه والقول فيه ولولا مطله لم يحل ذلك.] الاستذكار 20/ 268 - 269.
والغني المماطل يعدُّ فاسقاً عند جمهور أهل العلم ويدل على ذلك بأن منع الحق بعد طلبه وانتفاء العذر عن أدائه كالغصب والغصب كبيرة وتسميته ظلماً يشعر بكونه كبيرة. فتح الباري 5/ 372.
وقال بعض العلماء إن مطل الغني بعد مطالبته وامتناعه عن الأداء لغير عذر يعتبر من كبائر الذنوب وقد عده ابن حجر المكي من الكبائر: [إذ الظلم وحل العرض والعقوبة أكبر الوعيد] الزواجر عن اقتراف الكبائر 1/ 570.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الغني المماطل مردود الشهادة قال سحنون بن سعيد: [إذا مطل الغني بدين عليه لم تجز شهادته لأن النبي صلى الله عليه وسلم سماه ظالماً] الاستذكار 20/ 270.
وجاء في الحديث عن خولة زوجة حمزة رضي الله عنهما: (أن رجلاً كان له على رسول الله صلى الله عليه وسلم وسق تمر فأمر أنصارياً أن يقضيه فقضاه دون تمره فأبى أن يقبضه فقال: أترد على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم ومن أحق بالعدل من رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتحلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدموعه ثم قال: صدق ومن أحق مني بالعدل لا قدس الله أمة لا يأخذ ضعيفها حقه من شديدها ولا يتعتعه. ثم قال: يا خوله عديه واقضيه فإنه ليس من غريم يخرج من عنده غريمه راضياً إلا صلت عليه دواب الأرض ونون البحار وليس من عبد يلوى غريمه وهو يجد إلا كتب الله عليه في كل يوم وليلة إثماً) رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح كما قال الهيثمي في مجمع الزوائد 4/ 140.
وتعتعه أي أقلقه وأتعبه بكثرة تردده إليه ومطله إياه، ويلوي أي يمطل ويسوف.
وجاء في الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يتقاضاه ديناً كان عليه فاشتد عليه حتى قال له: أحرج عليك إلا قضيتني فانتهره أصحابه وقالوا: ويحك تدري من تكلم؟ قال: إني أطلب حقي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هلاّ مع صاحب الحق كنتم؟ ثم أرسل إلى خولة بنت قيس فقال لها إن كان عندك تمر فأقرضينا حتى يأتينا تمرنا فنقضيك. فقالت: نعم بأبي أنت يا رسول الله. قال: فأقرضته فقضى الأعرابي وأطعمه. فقال: أوفيت أوفى الله لك. فقال صلى الله عليه وسلم: أولئك خيار الناس إنه لا قدّست أمة لا يأخذ الضعيف فيها حقه غير متعتع) رواه ابن