الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الهدية إلى الموظف مقابل خدمة تعد رشوة
يقول السائل: إن أحد الموظفين أنجز له إحدى المعاملات فقام صاحب المعاملة بإهداء الموظف هدية فما الحكم في ذلك؟
الجواب: إن ما سميته هدية ما هو في الحقيقة إلا رشوة والهدايا التي تهدى إلى الموظفين بحكم وظائفهم هي رشوة ولا يجوز لك شرعاً أن تهدي الموظف كما تقول على إنجاز معاملة أو نحوها وكذلك يحرم على الموظفين قبول ذلك لأن هذه الهدية
" الرشوة " إنما أعطيت لهم لأنهم في هذه الوظائف ولم تعط لهم بحكم العلاقة الشخصية بين المعطي والآخذ.
وقد ثبت في الحديث عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: (استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأزد على صدقات بني سليم يقال له ابن اللتبيه فلما جاء حاسبه قال: هذا مالكم وهذا هدية. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقاً ثم خطبنا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله فيأتي فيقول: هذا مالكم وهذا هدية أهديت لي أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقاً والله لا يأخذ أحد منكم منها شيئاً بغير حقه إلا لقي الله تعالى يحمله يوم القيامة فلا أعرفن أحداً منكم لقي الله يحمل بعيراً له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر ثم رفع يديه حتى رؤي بياض إبطيه ثم قال: اللهم هل بلغت. بصر عيني وسمع أذني) رواه البخاري ومسلم.
قال الإمام النووي: (وفي هذا الحديث بيان أن هدايا العمال حرام وغلول لأنه خان في ولايته وأمانته ولهذا ذكر في الحديث في عقوبته وحمله ما أهدي إليه يوم القيامة كما ذكر مثله في الغال وقد بين صلى الله عليه وسلم في نفس الحديث السبب في تحريم الهدية عليه وأنها بسبب الولاية بخلاف الهدية لغير العامل فإنها مستحبة) شرح النووي على صحيح مسلم 4/ 533.
وجاء في الحديث عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من استعملناه على عمل فرزقناه رزقاً فما أخذ بعد ذلك فهو غلول) رواه أبو داود وقال الشيخ الألباني: صحيح. أنظر صحيح الترغيب والترهيب ص 330.
فهذا الحديث يدل على أنه لا يحل للموظف أن يأخذ على وظيفته إلا راتبه المخصص له وإن أخذ ما زاد على ذلك فهو غلول أي خيانة. عون المعبود 8/ 114
وجاء في الحديث عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (هدايا العمال غلول) رواه أحمد والبيهقي وغيرهما وصححه الشيخ الألباني في إرواء الغليل 8/ 246. ويدخل الموظفون في قوله صلى الله عليه وسلم: (العمال).
وروى الإمام البخاري عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: [كانت الهدية في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية واليوم رشوة].
قال الحافظ ابن حجر: [وصله ابن سعد بقصة فيه فروى من طريق فرات بن مسلم قال: اشتهى عمر بن عبد العزيز التفاح فلم يجد في بيته شيئاً يشتري به فركبنا معه فتلقاه غلمان الدير بأطباق تفاح فتناول واحدة فشمها ثم رد الأطباق فقلت له في ذلك فقال: لا حاجة لي فيه. فقلت: ألم يكن رسول الله وأبو بكر وعمر يقبلون الهدية. فقال: إنها لأؤلئك هدية وهي للعمال بعدهم رشوة] فتح الباري مع الصحيح 6/ 148.
وجاء في الحديث عن ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام قال: (الهدية إلى الإمام غلول) رواه الطبراني وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع 2/ 1186.
وهذه الهدايا التي تقدم للموظفين لقيامهم بأعمال هي من ضمن اختصاصهم وصلب عملهم هي من باب الرشوة وإن سماها الناس هدية وقد صح في الحديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الراشي والمرتشي) رواه أبو داود
والترمذي وابن ماجة وغيرهم وصححه الشيخ الألباني. إرواء الغليل 8/ 244.
ومما يلحق بالرشوة الهدايا التي تهدى بسبب الشفاعة للمهدي في أمر من الأمور فقد جاء في الحديث عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من شفع لأخيه شفاعة فأهدى له هدية عليها فقبلها فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الربا) رواه أحمد وأبو داود وحسنه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود 2/ 27.
قال صاحب فتح الودود: [وذلك لأن الشفاعة الحسنة مندوب إليها وقد تكون واجبة فأخذ الهدية عليها يضيع أجرها كما أن الربا يضيع الحلال] عون المعبود 10/ 331
وقد اعتبر الشيخ ابن حجر المكي قبول الهدية بسبب الشفاعة من الكبائر ونقل عن عبد الله بن مسعود أنه قال: (السحت أن تطلب لأخيك الحاجة فتقضى فيهدي إليك هدية فتقبلها منه).
وفي رواية أخرى عن ابن مسعود رضي الله عنه: (من رد عن مسلم مظلمة فأعطاه على ذلك قليلاً أو كثيراً فهو سحت) انظر الزواجر عن اقتراف الكبائر 2/ 428 - 429.
وينبغي أن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر في أحاديث صحيحة أن من يتلقى رشوة أو هدية في ثوب رشوة فإنه يأتي يوم القيامة حاملاً لها على ظهره وأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يشفع له يوم القيامة كما ثبت ذلك في حديث أبي حميد السابق وكما ثبت في الحديث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني ممسك بحجزكم عن النار: هلم عن النار وتغلبونني تقاحمون فيه تقاحم الفراش أو الجنادب فأوشك أن أرسل بحجزكم وأنا فرطكم عن الحوض فتردون علي معاً وأشتاتاً فأعرفكم بسيماكم وأسمائكم كما يعرف الرجل الغريبة من الإبل في إبله ويذهب بكم ذات الشمال وأناشد فيكم رب العالمين فأقول: أي رب أمتي. فيقول يا محمد إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك إنهم كانوا يمشون بعدك القهقرى على أعقابهم فلا أعرفن أحدكم يوم القيامة يحمل شاة لها ثغاء فينادي: يا محمد يا محمد. فأقول: