المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التزام المسلمين بالأحكام الشرعية في بلاد غير المسلمين - فتاوى يسألونك - جـ ٤

[حسام الدين عفانة]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ الجزء الرابع

- ‌الطهارة والصلاة

- ‌المسح على الجبيرة

- ‌كيف يتيمم المريض في المستشفى

- ‌النظافة لدخول المسجد

- ‌الأذان الجماعي

- ‌يستحب الأذان في أذن المولود

- ‌حكم صلاة المرأة في البنطال

- ‌حكم قراءة الفاتحة في الركعتين الأخيرتين

- ‌الدعاء قبل السلام من الصلاة

- ‌صيغة التسليم من الصلاة

- ‌يجوز إيقاف الهاتف النقال [البلفون] أثناء الصلاة

- ‌جذب مصل من الصف إذا كانت الصفوف مكتملة

- ‌لا يجوز ترك صلاة الجماعة إذا رفض الإمام الجمع بين الصلاتين

- ‌الاقتداء بالإمام المخالف في المذهب

- ‌الدعاء المشروع في القنوت

- ‌صلوات الأيام والليالي المكذوبة

- ‌التنكيس حقيقته وحكمه

- ‌حكم قراءة سورة الفاتحة في ختام الدروس وتلاوة القرآن

- ‌العمل المشروع عند دخول المسجد

- ‌وضع جهاز لقتل الحشرات في المسجد

- ‌حكم بناء مسجد وجعل أعلاه مسكناً

- ‌حكم دخول الحائض للمسجد

- ‌حكم الصلاة في مسجد بني من مال حرام

- ‌حكم بناء مسجد جديد بالقرب من مسجد قديم

- ‌زيادة التبرعات للمسجد عن حاجته

- ‌صلاة الجمعة

- ‌حكم البيع والشراء وقت النداء لصلاة الجمعة

- ‌حكم تعدد صلاة الجمعة في البلدة الواحدة

- ‌الجنائز

- ‌حكم رفع اليدين في صلاة الجنازة

- ‌اتباع النساء للجنائز غير مشروع

- ‌تلقين الميت بعد دفنه بدعة

- ‌حكم الدفن ليلاً

- ‌الاحتفال بذكرى مرور عام على الميت بدعة

- ‌حكم نبش القبور

- ‌الصيام

- ‌الحامل والمرضع تقضيان ما أفطرتا من رمضان فقط

- ‌الفرق بين الفدية والكفارة

- ‌يصح صوم من أصبح جنباً

- ‌عقوبة من أفطر عامداً في رمضان

- ‌التشريك في النية في الصيام

- ‌الحج

- ‌تكفير الحج للذنوب

- ‌لا يجوز الحج بالمال الحرام

- ‌الخاطب ليس محرماً لخطيبته في الحج

- ‌تجوز العمرة قبل أن يحج حجة الفرض

- ‌الأضحية

- ‌كيفية توزيع الأضحية

- ‌لا يجوز إعطاء الجزار أجرته من الأضحية

- ‌حكم الجمع بين الأضحية والعقيقة

- ‌الأضحية أفضل من التصدق بثمنها

- ‌منْ تشرع في حقه الأضحية

- ‌تجوز الاستعانة في ذبح الأضحية

- ‌حكم تخدير الدجاج قبل ذبحه

- ‌المعاملات

- ‌تقضى الديون بأمثالها لا بقيمتها

- ‌تغير قيمة العملة

- ‌حكم الإعلانات التجارية

- ‌حكم شراء أسهم الشركات التي تتعامل بالربا أحياناً

- ‌أجرة السمسار في البيع وغيره

- ‌يجوز بيع خثى الأبقار

- ‌بيع العقار دون تسجيله قانونياً

- ‌حكم المماطلة وعقوبتها

- ‌حكم الاختلاس من محل العمل

- ‌الهدية إلى الموظف مقابل خدمة تعد رشوة

- ‌ما هو السحت

- ‌الأسرة والمجتمع

- ‌يحرم تزويج تارك الصلاة

- ‌اشتراط المرأة في عقد زواجها أن لا يتزوج عليها بأخرى

- ‌زوج الأخت أجنبي على أخت الزوجة

- ‌مسألة لبن الفحل

- ‌ما هو النمص

- ‌المسؤولية الطبية

- ‌علاج الطبيب للمرأة

- ‌تقليم الأظفار

- ‌يجوز للزوج منع زوجته من التدخين

- ‌حكم إسقاط الجنين المشوه

- ‌لا يجوز استئصال القدرة على الحمل مطلقاً

- ‌سداد ديون الأب

- ‌المنكرات في الحفلات

- ‌لا يجوز هجر المسلم إلا لسبب شرعي

- ‌الإصابة بالعين

- ‌لا يجوز تعليق التمائم

- ‌المتفرقات

- ‌ملك الموت لا يقال له عزرائيل

- ‌(اطلبوا العلم ولو في الصين) ليس حديثاً

- ‌حكم غيبة الفاسق

- ‌لا حياء في الدين

- ‌حديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم حديث ثابت صحيح

- ‌لا أثر للبيئة في تغير الأحكام الشرعية الثابتة بالنصوص

- ‌التزام المسلمين بالأحكام الشرعية في بلاد غير المسلمين

- ‌إخفاء العمل عن الناس ثم علمهم

- ‌حكم اقتناء الكلاب في البيوت

- ‌رسم الكاريكاتير

- ‌كتاب (الرحمة في الطب والحكمة) فيه دجل وأكاذيب

الفصل: ‌التزام المسلمين بالأحكام الشرعية في بلاد غير المسلمين

وقال علي حيدر شارح المجلة: (إن الأحكام التي تتغير بتغير الأزمان هي الأحكام المستندة على العرف والعادة لأنه بتغير الأزمان تتغير احتياجات الناس وبناءً على هذا التغير يتبدل أيضاً العرف والعادة وبتغير العرف والعادة تتغير الأحكام حسبما أوضحنا آنفاً بخلاف الأحكام المستندة إلى الأدلة الشرعية التي لم تبن على العرف والعادة فإنها لا تتغير.) درر الحكام 1/ 47.

وقال الشيخ مصطفى الزرقا: [وقد اتفقت كلمة فقهاء المذاهب على أن الأحكام التي تتبدل بتبدل الزمان وأخلاق الناس هي الأحكام الاجتهادية من قياسية ومصلحية أي التي قررها الاجتهاد بناءاً على القياس أو على دواعي المصلحة وهي المقصودة بالقاعدة الآنفة الذكر.

أما الأحكام الأساسية التي جاءت الشريعة لتأسيسها وتوطيدها بنصوصها الأصلية الآمرة الناهية كحرمة المحرمات المطلقة وكوجوب التراضي في العقود. إلى غير ذلك من الأحكام والمبادئ الشرعية الثابتة التي جاءت الشريعة لتأسيسها ومقاومة خلافها فهذه لا تتبدل بتبدل الأزمان] المدخل الفقهي العام 2/ 934 - 935.

وبعد هذا البيان يظهر لنا جليا أن القول بأن الإمام الشافعي غير مذهبه لما حلَّ في مصر نظراً لاختلاف البيئة والمجتمع قول باطل يؤدي إلى نقض أصول الشريعة والتلاعب بها والإمام الشافعي ذلك الأصولي العظيم مبرؤ مما ينسب إليه.

‌التزام المسلمين بالأحكام الشرعية في بلاد غير المسلمين

يقول السائل: إنه سمع قولاً لأحد العلماء حول التزام المسلم الذي يعيش في بلاد غير المسلمين بالقوانين التي يضعها غير المسلمين وأن على المسلم احترام تلك الأنظمة وإن خالفت الدين الإسلامي مثل منع المرأة

ص: 468

المسلمة من ارتداء الجلباب الشرعي فعلى المسلمة أن تطيع ذلك ولا تلبس الجلباب الشرعي فما قولكم في ذلك؟

الجواب: إن على المسلم الذي يقيم في ديار غير المسلمين أن يفرق بين الأنظمة التي يضعها أهل تلك البلاد والتي لا تتعارض مع أحكام ديننا الإسلامي الحنيف وبين الأنظمة والقوانين التي تعارض أحكام الشرع الثابتة بنصوص صريحة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو التي اتفق عليها أكثر أهل العلم.

فمثلاً إذا كان نظام السير في دولة غربية يفرض على السائق أن لا يحصل على رخصة السياقة إلا إذا بلغ سناً معيناً وأن على السائق أن يجري فحصاً سنوياً لسمعه وبصره أو نحو ذلك فالمسلم الذي يعيش في تلك البلاد يطيع ذلك النظام ولا بأس عليه.

وأما إذا فرض القانون على المسلم الذي يعيش في ديار غير المسلمين أن لا يصلي أو أن لا يصوم أو فرضوا على المرأة المسلمة ألا تلبس الجلباب الشرعي وأن تخرج سافرة فيحرم على المسلم طاعتهم لأن الطاعة لها حدود لا يجوز تجاوزها فإذ أُمِرَ المسلم بالقيام بمعصية سواء أكان الآمر مسلماً أو غير مسلم حاكماً أو غير حاكم فلا يجوز للمسلم الطاعة في المعصية.

وقد ثبت في الحديث الصحيح عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة) رواه البخاري.

وقد نص العلماء على أن الطاعة تكون في غير معصية فقد روى الإمام البخاري الحديث السابق في (باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية) صحيح البخاري مع فتح الباري 16/ 239.

وقال ابن خواز منداد من كبار فقهاء المالكية: [وأما طاعة السلطان فتجب فيما كان لله فيه طاعة ولا تجب فيما كان فيه معصية] تفسير القرطبي 5/ 259.

ص: 469

ومما يدل على أن الطاعة تكون في المعروف ما ثبت في الحديث الصحيح عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية وأمَّر عليهم رجلاً من الأنصار وأمرهم أن يطيعوه. فغضب عليهم وقال: أليس قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تطيعوني؟

قالوا: بلى. قال: عزمت عليكم لما جمعتم حطباً وأوقدتم ناراً ثم دخلتم فيها. فجمعوا حطباً فأوقدوا ولما هموا بالدخول نظر بعضهم إلى بعض، فقال بعضهم: إنما تبعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فراراً من النار أفندخلها؟ فبينما هم كذلك إذ خمدت النار وسكن غضبه فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: لو دخلوها ما خرجوا منها أبداً إنما الطاعة في المعروف) رواه البخاري.

وجاء في حديث آخر عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا طاعة لأحد في معصية الخالق) رواه احمد والبزار وقال الحافظ ابن حجر: وسنده قوي. فتح الباري 5/ 241، وقال الألباني: وإسناده صحيح على شرط مسلم.

وجاء في رواية أخرى: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) وهي رواية صحيحة. راجع سلسلة الأحاديث الصحيحة للشيخ الألباني 1/ 137 - 144.

إذا ثبت هذا فأقول إن على المسلم الذي يعيش في ديار غير المسلمين أن ينظر وأن يقيس الأمور بمقياس الشرع فإذا كان ما ألزم به من أنظمة وقوانين تلك البلاد لا يعد معصية فلا بأس أن يعمل بها وأما إن كان في ذلك معصية ومخالفة واضحة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فتحرم عليه الطاعة.

قال الحافظ ابن حجر: (فإذا داهن فعليه الإثم ومن عجز وجبت عليه الهجرة من تلك الأرض) فتح الباري 5/ 241.

وأوضح الأمر بمثال عملي مما يتعرض له المسلمون في بعض البلاد الغربية فقد ألزمت بعض المؤسسات التعليمية في إحدى الدول الغربية الفتيات المسلمات بخلع الجلباب الشرعي ومنعتهن من الدخول إلى تلك المؤسسات إلا باللباس الذي يظهر العورة ولا يستر البدن.

ص: 470

والسؤال الذي طرح نفسه هو: ما حكم ارتداء المرأة المسلمة للجلباب الشرعي؟

الجواب: إن اللباس الشرعي الذي يستر ما أمر الله بستره فرض في حق المرأة المسلمة فلا يجوز لها الخروج من البيت إلا إذا سترت ما أمر الله بستره قال تعالى

(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) سورة الأحزاب 59.

وقال تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ) سورة النور الآية 31.

وبناءاً على هذه النصوص الشرعية وغيرها يحرم على المرأة المسلمة أن تخرج من بيتها إلى السوق أو المدرسة أو الجامعة أو المؤسسة التي تعمل فيها إلا وهي ملتزمة باللباس الشرعي الذي أوجبه الله تعالى فإذا ألزمت المرأة المسلمة بنظام أو قانون بأن تخلع اللباس الشرعي فلا يجوز لها أن تطيع من أمرها بذلك لأنه يأمرها بمعصية الله تبارك وتعالى ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وينبغي التنبيه على أنه لو تعلق الأمر بمسألة خلافية بين فقهاء المسلمين فاخذ الإنسان بالرأي الأخف فلا حرج في ذلك وإن كان فيه موافقة لنظام وقوانين غير المسلمين.

فمثلاً لو منعت امرأة من تغطية وجهها في مؤسسة أو جامعة أو مصنع فالتزمت بذلك فلا حرج عليها إن لم تغط وجهها لأن تغطية الوجه ليس فرضاً متفقاً عليه بين علماء المسلمين فكثير من الفقهاء يرون عدم وجوب تغطية المرأة لوجهها وهذا الرأي معتبر ومستند على أدلة قوية فلو أن المرأة المسلمة أخذت بهذا الرأي فلا حرج عليها إن شاء الله.

*****

ص: 471