الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعدو أن يكون مجرد ترديد لآيات من القرآن الكريم ممن يحفظها ويتلوها تعليماً أو تحفيظاً لغيره فلا يرقى مثل هذا الجهد إلى مستوى الجهد العقلي للعلماء بالبداهة بما يتسم به من الابتكار الذي هو مظهر الثقافة الواسعة والتعمق الفكري بل لا سبيل إلى المقارنة بينهما فإذا كان التعليم جهداً مقوماً بالمال فالإنتاج المبتكر من باب أولى] بحوث مقارنة في الفقه الإسلامي 2/ 72 - 73.
وخلاصة الأمر أن حقوق التأليف مصونة شرعاً ولأصحابها حق التصرف فيها ولا يجوز الاعتداء عليها كما ورد في قرار مجمع الفقه الإسلامي. انظر مجلة المجمع المذكور عدد5 ج 3 ص2581.
* * *
حكم مسابقة من سيربح المليون
يقول السائل: ما قولكم في مسابقة من سيربح المليون التي تبثها إحدى المحطات الفضائية؟
الجواب: إن من آفات الأمة الإسلامية أنها تحاكي وتقلد غيرها من الأمم في كثير من الأمور وليت هذه المحاكاة وهذا التقليد كان في الأمور النافعات ولكن ومع الأسف الشديد فمعظم هذا التقليد يقع في أتفه الأمور وذميم الخصال والفعال وصدق الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم عندما قال: (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم. قيل يا رسول الله! اليهود والنصارى؟ قال: فمن) رواه البخاري ومسلم.
قال الإمام النووي: (السنن بفتح السين والنون وهو الطريق والمراد بالشبر والذراع وجحر الضب التمثيل بشدة الموافقة لهم والمراد الموافقة في المعاصي والمخالفات لا في الكفر وفي هذا معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم) شرح النووي على صحيح مسلم 5/ 167.
ومن هذا التقليد الأعمى للغربيين تقليدهم في هذه المسابقات التافهة المتعددة في الأشكال والألوان التي تزخر بها برامج محطات الإفساد الفضائية.
فهناك مسابقات ثقافية كما يزعمون تطرح فيها أسئلة تافهة مثل: أسماء الممثلين والمطربين وعناوين الأغنيات والأفلام وغير ذلك من التفاهات التي يعتبر الجهل بها خير من العلم بها.
ويضاف إلى ذلك المناظر السيئة التي تظهر فيها المذيعات والمقدمات لأمثال هذه المسابقات.
والمسابقات أصبحت ظاهرة منتشرة في المحطات الفضائية وكذلك لدى أصحاب المصانع والشركات الذين يروجون لبضائعهم بطرق يغلب عليها القمار المغطى باسم الجوائز.
ومن ذلك مسابقة من سيربح المليون أو مسابقة كنز الأحلام أو هل تريد أن تصبح مليونيراً أو نحو ذلك من الأسماء البراقة وهذه المسابقات تقوم على فكرة الحظ.
فمثلاً في مسابقة كنز الأحلام ألوف الناس يتصلون بالأرقام الهاتفية المعلن عنها ويدفعون الملايين وقلة قليلة تفوز منهم اعتماداً على الحظ.
فالشركات والمحطات التي تنظم هذه المسابقات تحقق أموالاً طائلة نتيجة هذه الاتصالات وتعطي الشيء القليل منها كجوائز وإن كان مبلغ الجائزة في نظر كثير من الناس كبير جداً كمليون ولكنهم قد جمعوا من الناس ملايين ويظهر لي أن هذا نوع من القمار والقمار من المحرمات بنص كتاب الله تعالى، يقول الله جل جلاله:(يَاأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) سورة المائدة الآية 90.
وينبغي أن يعلم الناس أن المكالمات الهاتفية في هذه المسابقات
تكلف أكثر بكثير من المكالمات العادية وأن الشركات المنظمة لهذه المسابقات تتفق مع شركات الاتصالات على رفع أسعار المكالمات التي تتم على الأرقام المعلن عنها. فلذلك تحقق الجهات المنظمة للمسابقات مبالغ طائلة نتيجة الاتصالات الكثيرة ومن هذه المبالغ الضخمة التي يحصلون عليها تدفع الجوائز.
ويضاف إلى ذلك أن مسابقة من سيربح المليون مشتملة على أسئلة وأجوبة وكلما أجاب المتسابق على سؤال زاد رصيده في الجائزة وهكذا وأقول إن هذه مقامرة صريحة لأن المتسابق عندما يجيب على السؤال الأول يعطى مئة ريال مثلاً فهذه المئة ريال تصبح من حق المتسابق ويستطيع أن ينسحب من المسابقة ويأخذها، فعندما يسئل السؤال الثاني فإنه يقامر على المبلغ الأول، فإذا أجاب عن السؤال الثاني يتضاعف المبلغ ليصبح مئتي ريال مثلاً وإذا لم يجب الجواب الصحيح فإنه يخسر المئتين وهكذا يتكرر الموقف في كل سؤال وجواب فهذه مقامرة واضحة.
وقد صدرت عدة فتاوى من عدد من العلماء والهيئات العلمية في تحريم هذه المسابقات وأمثالها، منها ما صدر عن لجنة الفتوى في موقع " إسلام أون لاين " على الإنترنت ونص السؤال هو: [هل المال الذي يربحه المتسابقون في المسابقات التلفزيونية عبر الهاتف حلال أم حرام؟
الجواب: بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
السائل الكريم: المسابقات في الأصل حلال لأنها استنهاض لهمة المشاركين، شريطة أن تكون في أمور نافعة، لا في أسئلة عن أفلام هذا الممثل والدور الذي أدته الممثلة في مسرحية ما، فهذا كله مبني على ما الجهل به خير.
عموماً هناك بعض الضوابط التي يجب أن نأخذ بها حتى نبتعد بمسابقتنا عن القمار وهي كالتالي:
أولاً: ألا يتم الاتفاق بين الهيئة المنظمة وإحدى شركات الاتصال
…
(وهذا غالباً ما يحدث) على إجراء مثل هذه المسابقات على أن يكون المال
الوارد من المكالمات بينهما بعد أخذ ثمن الجائزة منه فهذا أقرب ما يكون إلى الميسر.
ثانياً: أن تكون المسابقات بين أفراد لا يدفعون مالاً للاشتراك فيها بطريقة أو بأخرى كزيادة سعر المكالمة إن كانت وسيلة الاشتراك الاتصال الهاتفي.
ثالثاً: أن تكون في أمور نافعة لا في أسئلة عن أفلام هذا الممثل والدور الذي أدته الممثلة في مسرحية ما فهذا كله مبني على ما الجهل به خير.
رابعاً: ألا تقوم: على ابتزاز أموال الجمهور المشارك فتؤدي إلى الشره في الاستهلاك أملاً في الحصول على جائزة باهظة القيمة.
وخلاصة القول: شراء الجوائز من أموال المشتركين في المسابقات المختلفة أو تقسيم أموال المشتركين بين الهيئة المنظمة وإحدى شركات الاتصالات ووجود جوائز باهظة تؤدي إلى الشره في الاستهلاك فلكل هذه الأسباب نقول: إن مثل هذه المسابقات هي أقرب للميسر من كونها مسابقات شريفة لغرض نبيل.
وأنت تستطيع من خلال معرفة سير إجراءات المسابقات المختلفة والاستعانة بالضوابط السابقة للحكم على نوعية المسابقة].
ومن الفتاوى الصادرة في هذه المسابقات فتوى الشيخ العلامة الدكتور يوسف القرضاوي وكان نص السؤال هو [ما هو الحكم في المسابقات المليونية أو ما دون المليون عبر الهواتف الدولية والمحلية؟
الجواب: هذه المسابقات التي يشترك فيها الناس عن طريق الاتصال بالهواتف المحلية أو الدولية على أمل أن يربحوا المليون أو ما دون المليون ثم تكون النتيجة أن الملايين منهم يخسرون أجرة الاتصالات الهاتفية التي يدفعونها لشركات الهاتف وتتقاسمها مع منظمي المسابقة ولا يحصلون في النهاية إلا على الريح.
هذه المسابقات ليست إلا لوناً من ألوان القمار - أو الميسر بلغة القرآن - تدخله الملايين الطامعة في المليون أو ما دونه بما تدفعه للهاتف على احتمال أن تربح أو تخسر ثم تخسر الأغلبية الساحقة، ويكسب واحد في المليون أو في كل عدة ملايين.
صحيح أنه لا يخسر مبلغاً كبيراً ولكن العبرة بالمبدأ وليس بحجم الخسارة المهم أنه دخل العملية مقامراً لعله يكسب ويصبح مليونيراً في لحظة.
والإسلام يحرم القمار أو الميسر تحريماً باتاً ويقرنه بالخمر في كتاب الله، ويجعله - مع الخمر والأنصاب والأزلام - رجساً من عمل الشيطان مما يدل على أنه من كبائر المحرمات لا من صغائرها وما ذلك إلا ليحمي الناس من التعلق بالأوهام والأحلام الزائفة، التي تبنى على غير أساس والإسلام لا يمنع أن يكسب الإنسان المال، ضمن شبكة الأسباب والمسببات، ووفق سنن الله في الكون والمجتمع، والأصل في هذه السنن أن يكسب الإنسان المال بكد اليمين وعرق الجبين وإعمال الفكر وإجهاد الجسم ومواصلة الليل بالنهار حتى يحقق الآمال.
أما أن ينام على أذنه ويغرق في الأحلام ويحصل الثروة عن طريق
…
(ضربة حظ) تواتيه، فليس هذا من هدي الإسلام، ولا من نهج الإسلام، ولا من خلق المسلمين.
ثم إن هذه الشركات التي تنظم هذه المسابقات وأمثالها تجمع من الناس أضعاف ما تدفع لهم لأنهم أعداد كبيرة فهي - من ناحية أخرى - تأكل أموال الناس بالباطل، أي هي - بصريح العبارة - عملية سرقة مقنعة ومغلفة بالمسابقة.
ومما يؤسف له أن يشيع في مجتمعاتنا المسلمة هذا النوع من المسابقات وجوائز السحب الكبرى وألوان اليانصيب ونحوها مما ينكره الإسلام ويحرمه وينشئ شبابنا المسلم على هذه التطلعات غير المشروعة ليسبح في غير ماء ويطير بغير جناح وقد حذر سيدنا علي رضي الله عنه -