المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الأخذ بأقوال الأطباء على إطلاقها بل لا بد أن يكون - فتاوى يسألونك - جـ ٦

[حسام الدين عفانة]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الأذان والإقامة

- ‌الصلاة خير من النوم في أذان الفجر

- ‌حكم الخروج من المسجد بعد الأذان

- ‌حكم إقامة الصلاة للمنفرد

- ‌الصلاة

- ‌المحافظة على أداء الصلاة في وقتهاوحكم السهر بعد العشاء

- ‌متى يقوم المسبوق لإتمام صلاته

- ‌الجهر والإسرار في الصلاة للمنفرد

- ‌زيادة لفظة سيدنا في الصلاة الإبراهيمة غير مشروع

- ‌الضحك مبطل للصلاة

- ‌لحن الإمام في القراءة في الصلاة

- ‌حكم قول بلى ونحوها في الصلاة

- ‌حديث مكذوب في قضاء الصلاة الفائتة

- ‌الصلاة في مسجد فيه قبر

- ‌لا تشترط الطهارة للمس شريط تسجيل القرآن

- ‌بناء مدرسة على ظهر المسجد الموقوف

- ‌صلاة الجمعة

- ‌تلاوة آية فيها سجدة أثناء خطبة الجمعة

- ‌الاعتراض على خطيب الجمعة أثناء الخطبة

- ‌لا سنة قبلية يوم الجمعة

- ‌صلاة التراويح

- ‌عدد ركعات صلاة التراويح

- ‌إمام يصلي صلاة التراويح قاعداً

- ‌حكم الأذكار بين كل ترويحتين

- ‌كيف يفعل من فاتته صلاة العيد

- ‌أخذ المصاحف من المسجد

- ‌الجنائز

- ‌وضع الجنائز إذا اجتمعت أمام الإمام

- ‌تقبيل أهل الميت عند التعزية

- ‌دفن رجل وامرأة في قبر واحد

- ‌الدفن في غرفة مقامة على وجه الأرض

- ‌صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي

- ‌الزكاة

- ‌اشتراط الحول في الزكاة

- ‌التهرب من أداء الزكاة

- ‌زكاة الزيتون على المالك دون الأجير

- ‌زكاة الزيتون على المالك والمتضمن

- ‌استيعاب مصارف الزكاة

- ‌الصيام

- ‌أحاديث مشهورة في شهر رمضان

- ‌بداية الصوم ونهايته

- ‌الحجّ

- ‌لا شيء على من مُنِعَ من الحج وأعيد من الحدود

- ‌الحج عن الوالدين

- ‌لا يجوز الحلف كذباً ليتمكن من الحج

- ‌الأضحية

- ‌من نوى الأضحية فلا يحلق شعره

- ‌بداية وقت الأضحية ونهايته

- ‌الأيمان

- ‌الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المعاملات

- ‌الفرق بين الربح والربا

- ‌حكم التعامل في الأسواق المالية (البورصة)

- ‌الخصم من الدين إذا عجل السداد

- ‌التعامل بالشيكات

- ‌التعامل بالشيكات الآجلة

- ‌عقد مضاربة

- ‌المضارب يضارب في مالين

- ‌المضارب يعطي مال المضاربة لغيره

- ‌المضارب لا يضمن مال المضاربة

- ‌بيع العينة وبيع التورق

- ‌حقوق الطبع والنشر

- ‌حكم مسابقة من سيربح المليون

- ‌خيانة الأمانة في المال

- ‌الأموال التي تدفع لذوي الشهداء تجري مجرى الدية

- ‌إعادة المال لأصحابه عند انتفاء الغرض من جمعه

- ‌الهدية تهدى وتباع

- ‌الأسرة والمجتمع

- ‌خُطبة النكاح

- ‌الفحص الطبي قبل الزواج

- ‌ما يترتب على الإجهاض

- ‌من موانع الحمل

- ‌مرض الثلاسيميا

- ‌لا يجوز تزيين الملابس بالآيات القرآنية

- ‌مصافحة الأم والأخت

- ‌الديوث

- ‌تدريب الرجل المرأة على السياقة

- ‌اللعب المختلط للشباب والفتيات

- ‌مظاهر الأعراس

- ‌الموسيقى

- ‌لا توارث بسبب الرضاع

- ‌حرمان البنات في الوقف

- ‌الحناء للرجال

- ‌متفرقات

- ‌تكره الأسئلة التي لا يترتب عليها عمل

- ‌حكم سب العلماء

- ‌حكم سب الأموات

- ‌حكم من مات وليس في عنقه بيعة

- ‌موقف المسلم عند حلول المصائب

- ‌ثواب المسلم على مصيبته

- ‌أول خلق الله

- ‌حديث لا يصح

- ‌حكم تشريح الجثث

- ‌معالجة مياه المجاري

الفصل: الأخذ بأقوال الأطباء على إطلاقها بل لا بد أن يكون

الأخذ بأقوال الأطباء على إطلاقها بل لا بد أن يكون الطبيب الذي يقبل قوله في هذه القضايا الخطيرة من أهل الاختصاص وأن يكون ثقة في دينه وحبذا لو صدر تقرير طبي في هذه الحالات وأمثالها عن لجنة طبية لا تقل عن ثلاثة أطباء ثقات ومن أهل الاختصاص فيكون هذا أولى وأحسن لأننا قد سمعنا عن حالات كثيرة وقع فيها تساهل كبير في هذه القضايا من بعض الأطباء.

* * *

‌مرض الثلاسيميا

السؤال من جمعية أصدقاء مرضى الثلاسيميا الفلسطينية ونصه: إن مشكلة الثلاسيميا هي ما تعرفون في بلادنا وإن نسبة انتشار المرض والسمة الوراثية تصل إلى 4% أي أن مئة وعشرين ألف مواطن يحملون سمة المرض الوراثية. فما هو الحكم الشرعي لإجراء الفحص الطبي لمثل هذه الأمراض سيما وأن السمة الوراثية لا تكتسب لاحقاً وإنما هي تبقى ملازمة للإنسان وجوداً أو نفياً طوال حياته.

الجواب: أولاً لا بد من التعريف بمرض الثلاسيميا وأخطاره وطرق علاجه وأساليب الوقاية منه.

[فالثلاسيميا مرض وراثي يؤثر على صنع الدم، فتكون مادة الهيموغلوبين في كريات الدم الحمراء غير قادرة على القيام بوظيفتها مما يسبب فقر الدم عند المريض. وهناك نوعان من الثلاسيميا:

نوع يكون الشخص فيه حاملاً للمرض ولا تظهر عليه أعراضه، أو قد تظهر أعراض فقر دم بسيط ويكون هذا الشخص قادراً على نقل المرض لأبنائه.

ونوع يكون فيه الشخص مصاباً بالمرض وتظهر عليه أعراض واضحة للمرض منذ الصغر.

ص: 479

وينتشر مرض الثلاسيميا في جميع أنحاء العالم، ولكن بنسبة أكبر في بعض البلدان، مثل بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط. وقد أوضحت الدراسات أن حوالي 3 - 4% من السكان في فلسطين يحملون المرض أي ما يقارب 80 - 100 ألف شخص أو أكثر من ذلك. وينتقل مرض الثلاسيميا بالوراثة من الآباء إلى الأبناء إذا كان أحد الوالدين حاملاً للمرض أو مصاباً به، فمن الممكن أن ينتقل المرض إلى بعض الأبناء بصورته البسيطة (أي أن يصبحوا حاملين للمرض).

أما إذا كان الوالدان يحملان المرض فإن هناك احتمالاً بنسبة 25% أن يولد طفلهما مصاباً بالمرض بصورته الشديدة. وتظهر أعراض الإصابة بالثلاسيميا على المريض خلال السنة الأولى من العمر. ونتيجة لتكسر كريات الدم الحمراء مبكراً

(السابق لأوانه)، تظهر أعراض فقر دم شديد على النحو التالي: شحوب البشرة، مع الاصفرار أحياناً. والتأخر في النمو. وضعف الشهية. وتكرر الإصابة بالالتهابات. ومع استمرار فقر الدم، تظهر أعراض أخرى مثل التغير في شكل العظام وخاصة عظام الوجه والوجنتين، وتصبح ملامح الوجه مميزة لهذا المرض. كما يحدث تضخم في الطحال والكبد، ويتأخر الطفل في النمو. أما في الحالات البسيطة (لدى حاملي المرض) فقد يحدث فقر دم بسيط لدرجة لا يكون المرض فيها بادياً للعيان ويعيش صاحبه بشكل طبيعي جداً ولا يحتاج إلى أي علاج وقد لا تكتشف هذه الحالات إلا صدفة.

والمريض بالثلاسيميا بحاجة إلى نقل دم بشكل دوري لتعويضه عن كريات الدم التي تتكسر وللمحافظة على مستوى مقبول من الهيموغلوبين في دمه. وكثرة نقل الدم إلى المريض تسبب ترسب الحديد بشكل يحمل الضرر لأعضاء جسمه ولذلك فمن المهم أن يحصل المريض على أدوية تساعد على طرد الحديد الزائد من الجسم. ويتم علاج المضاعفات التي قد تظهر لدى المريض حسب كل حالة. وهنالك أبحاث تجري لاكتشاف علاجات أفضل للثلاسيميا وتجرى أحياناً عمليات لزرع نخاع عظمي، ولكن هذه العمليات مكلفة جداً ونتائجها ليست مضمونة.

ص: 480

ويعتبر الفحص الطبي قبل الزواج أهم وسيلة للوقاية من الثلاسيميا ويوصى بإجراء هذا الفحص في مجتمعنا للأشخاص المقبلين على الزواج وذلك لتجنب الزواج بين شخصين حاملين للمرض، وهذه الحالة الوحيدة التي يمكن أن تؤدي إلى ولادة طفل مصاب بالمرض بصورته الشديدة كما تتوفر القدرة على فحص الجنين في الأشهر الأولى من الحمل عند الشك بإمكانية إصابته.

والطريقة الوحيدة للوقاية من الثلاسيميا هي تجنب ولادة أطفال مصابين به من خلال ما يلي:

- الاستشارة الطبية والفحص الطبي قبل الزواج: إجراء المقبلين على الزواج لفحص طبي للتأكد من أنهما لا يحملان الثلاسيميا في آن واحد وخاصة أن نسبة الحاملين للمرض في بلادنا كبيرة

- فحص الجنين في حالة الشك بإصابته بالثلاسيميا للتأكد من الإصابة واتخاذ الإجراءات الطبية اللازمة.

- التقليل من ظاهرة الزاوج بين الأقارب فمرض الثلاسيميا كسائر الأمراض الوراثية يزداد انتشاراً في حالة الزاوج بين الأقارب إذ يزيد ذلك احتمال نقل الصفات الوراثية غير الحميدة إلى الأبناء. ولكن هذا لا ينفي ضرورة أن يقوم المقبلون على الزواج الذين لا تربطهم صلة قرابة بإجراء الفحص الطبي قبل الزواج] نشرة حول الثلاسيميا إصدار جمعية أصدقاء مرضى الثلاسيميا.

هذه المعلومات الموثقة تبين لنا خطورة مرض الثلاسيميا وأثره السيء على مستقبل الأجيال وبناء على ذلك فلا بد من اتخاذ السبل للوقاية من هذا المرض.

ومن المعلوم أن من مقاصد الشريعة الإسلامية المحافظة على النسل. حيث إن النسل هو أحد الكليات الخمس أو الضرورات الخمس التي جاءت الشريعة الإسلامية بصيانتها والمحافظة عليها وشرع الإسلام أحكاماً كثيرة للمحافظة على النسل ليس هذا محل بحثها. ولكن المقصود هو وجوب المحافظة على النسل ويظهر هذا في نوعين من الأحكام الأول وقائي قبل

ص: 481

وقوع المرض والثاني علاجي بعد وقوعه ويكون بالتداوي وأود أن أبين هنا ما يتعلق بالوقائي فمن المعلوم أن الوقاية خير من العلاج ولذا شرع الإسلام حسن اختيار الزوجة فقد جاء في الحديث عن عائشة رضي الله عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (تخيروا لنطفكم فأنكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم) رواه ابن ماجة والحاكم وصححه الشيخ الألباني بمجموع طرق كما في السلسة الصحيحة 3/ 56 - 67 وحسنه في صحيح سنن ابن ماجة 1/ 333. ومن الوقاية أيضاً الابتعاد عن زواج الأقارب تفادياً لضعف النسل وخاصة إذا تكرر زواج الأقارب فإن النسل يكون أكثر ضعفاً. وقد ورد في الأثر عن عمر رضي الله عنه أنه قال لآل السائب: قد أضوأتم فانكحوا في النوابغ قال الحربي يعني تزوجوا الغرائب. ذكره الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 3/ 146. وقد رويت بعض الأحاديث في تغريب النكاح ولكنها ليست ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر الحافظ ابن حجر في المصدر السابق. وذكر طرفاً منها الزبيدي في إتحاف السادة المتقين 5/ 348 - 349. ومع ذلك فإن تغريب النكاح أمر معروف لدى الناس قديماً وحديثاً. وما دام أن العلم الحديث قد أثبت أن الزواج بين الأقارب من أسباب انتشار مرض الثلاسيميا فينبغي أخذ ذلك بالاعتبار والتقليل ما أمكن من زواج الأقارب.

وإن حصل زواج بين الأقارب فينبغي أن لا يتكرر في العائلة الواحدة حيث إن توالي الزواج بين الأقارب في الآباء والأبناء يؤول إلى تأخر الذرية وانحطاطها بدناً وعقلاً ذلك الانحطاط الذي نرى آثاره ظاهرة في الأسر الكبيرة التي تلتزم ذلك فيما بين أفرادها.

أما أسباب هذا الانحطاط فهي على الغالب اتحاد الأوصاف والأخلاق الموروثة المتشابهة من سيئة أو حسنة في العقب فتتجلى بوضوح أكثر مما كانت عليه في كل من الأبوين منفرداً. لهذا نرى في ثمرة هذا التزواج القريب الخوارق والتطرف في الحسن أو القبح والجودة أو الرداءة إلى غير ذلك وبما أن الأول من النوادر والثاني هو الغالب كان الأولى في التزاوج أن يكون بين الأباعد ليقل اتحاد الصفات المتشابهة. الطب النبوي والعلم الحديث 2/ 97 - 98.

ص: 482

ومن طرق وأساليب الوقاية المعروفة حديثاً الفحص الطبي قبل الزواج وهو أمر مشروع أخذاً من عموم الأدلة الآمرة بالتداوي ويدل على مشروعية الفحص الطبي قبل الزواج قوله صلى الله عليه وسلم: (لا توردوا الممرض على المصح) رواه مسلم. ويؤيده أيضاً ما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن رجلاً خطب امرأة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً) رواه مسلم.

والفحص الطبي قبل الزواج يشمل الفحوصات التي تعنى بمعرفة الأمراض الوراثية والمعدية والجنسية وغيرها. والفحص الطبي قبل الزواج له منافع كثيرة منها

[1. تعتبر الفحوصات الطبية قبل الزواج من الوسائل الوقائية الفعالة جداً في الحدّ من الأمراض الوراثية والمعدية والخطرة.

2.

وهي تشكل حماية للمجتمع من انتشار الأمراض والحد منها والتقليل من أي كوارث تحدث هزات مالية وإنسانية للأفراد والأسر والمجتمعات، خاصة لدى ارتفاع نسب المعاقين في المجتمع وتأثيره المالي والإنساني من كون متطلباتهم أكثر من حاجات الأفراد الآخرين.

3.

تحاول هذه الفحوصات أن تضمن إنجاب أطفال أصحاء سليمين عقلياً وجسدياً من تزاوج الخاطبين المعنيين وعدم انتقال الأمراض الوراثية التي يحملها أو يظهرها أحد الخاطبين أو كلاهما.

4.

تحديد قابلية الزوجين المؤهلين للإنجاب من عدمه بصورة عامة وإلى حد ما لأن أسباب العقم ليست معروفة كلها ويحقق رغبة الخطيبين لمعرفة الأسباب المحتملة للعقم وبهذا يقدمان على الزواج وهما مطمئنين بأنهما سيكون لهما أولاد بإذن الله لأن وجود العقم في أحد الزوجين قد يكون من أهم أسباب الاختلاف والنزاع بين الزوجين وقد يصل ذلك إلى الطلاق.

5.

ويهدف الفحص الطبي إلى التحقق من قدرة كل من الزوجين المؤهلين على ممارسة علاقة جنسية سليمة مع الطرف الآخر بما يشبع

ص: 483