المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الأنعام (6) : آية 160] - التحرير والتنوير - ٨-أ

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 111]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 112]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 113]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 114]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 115]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 116]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 117]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 118]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 119]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 120]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 121]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 122]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 123]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 124]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 125]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 126]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 127]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 128]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 129]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 130]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 131]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 132]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 133]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 134]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 135]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 136]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 137]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 138]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 139]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 140]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 141]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 142]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : الْآيَات 143 إِلَى 144]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 145]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 146]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 147]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 148]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 149]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 150]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 151]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 152]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 153]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 154]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : الْآيَات 155 إِلَى 157]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 158]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 159]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 160]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 161]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : الْآيَات 162 إِلَى 163]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 164]

- ‌[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 165]

الفصل: ‌[سورة الأنعام (6) : آية 160]

أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ. وَأَمَّا تَفْرِيقُ الْآرَاءِ فِي التَّعْلِيلَاتِ وَالتَّبْيِينَاتِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَهُوَ مِنَ النَّظَرِ فِي الدِّينِ: مِثْلَ الِاخْتِلَافِ فِي أَدِلَّةِ الصِّفَاتِ، وَفِي تَحْقِيقِ مَعَانِيهَا، مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى إِثْبَاتهَا.

وَكَذَلِكَ تَفْرِيق الْفُرُوعِ: كَتَفْرِيقِ فُرُوعِ الْفِقْهِ بِالْخِلَافِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى صِفَةِ الْعَمَلِ وَعَلَى مَا بِهِ صِحَة الْأَعْمَال وَفَسَادُهَا. كَالِاخْتِلَافِ فِي حَقِيقَةِ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ تَفْرِيقٍ لَا يُكَفِّرُ بِهِ بَعْضُ الْفِرَقِ بَعْضًا، وَلَا يُفْضِي إِلَى تَقَاتُلٍ وَفِتَنٍ، فَهُوَ تَفْرِيقُ نَظَرٍ وَاسْتِدْلَالٍ وَتَطَلُّبٍ لِلْحَقِّ بِقَدْرِ الطَّاقَةِ وَكُلُّ تَفْرِيقٍ يُفْضِي بِأَصْحَابِهِ إِلَى تَكْفِيرِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَمُقَاتَلَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا فِي أَمْرِ الدِّينِ، فَهُوَ مِمَّا حَذَّرَ اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا مَا كَانَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ نِزَاعًا عَلَى الْمُلْكِ وَالدُّنْيَا فَلَيْسَ تَفْرِيقًا فِي الدِّينِ، وَلَكِنَّهُ مِنَ الْأَحْوَالِ الَّتِي لَا تَسْلَمُ مِنْهَا الْجَمَاعَاتُ.

وَقَرَأَهُ الْجُمْهُورُ: فَرَّقُوا- بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ- وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ: فَارَقُوا- بِأَلْفٍ بَعْدِ الْفَاءِ- أَيْ تَرَكُوا دِينَهُمْ، أَيْ تَرَكُوا مَا كَانَ دِينًا لَهُمْ، أَيْ لِجَمِيعِ الْعَرَبِ، وَهُوَ الْحَنِيفِيَّةُ فَنَبَذُوهَا وَجَعَلُوهَا عِدَّةَ نِحَلٍ. وَمَآلُ الْقِرَاءَتَيْن وَاحِد.

[160]

[سُورَة الْأَنْعَام (6) : آيَة 160]

مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَاّ مِثْلَها وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (160)

مِنْ عَادَةِ الْقُرْآنِ أَنَّهُ إِذَا أَنْذَرَ أعقب الْإِنْذَار بِبِشَارَة لِمَنْ لَا يَحِقُّ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْإِنْذَارُ، وَإِذَا بَشَّرَ أعقب الْبشَارَة بنذارة لِمَنْ يَتَّصِفُ بِضِدِّ مَا بُشِّرَ عَلَيْهِ، وَقَدْ جَرَى عَلَى ذَلِكَ هَاهُنَا:

فَإِنَّهُ لَمَّا أَنْذَرَ الْمُؤْمِنِينَ وَحَذَّرَهُمْ مِنَ التَّرَيُّثِ فِي اكْتِسَابِ الْخَيْرِ، قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ اللَّهِ الْقَاهِرَةِ، بِقَوْلِهِ:

ص: 194

لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً [الْأَنْعَام: 158] فَحَدَّ لَهُمْ بِذَلِكَ حَدًّا هُوَ مِنْ مَظْهَرِ عَدْلِهِ، أَعْقَبَ ذَلِكَ بِبُشْرَى مِنْ مَظَاهِرِ فَضْلِهِ وَعَدْلِهِ. وَهِيَ الْجَزَاءُ عَلَى الْحَسَنَةِ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا وَالْجَزَاءُ عَلَى السَّيِّئَةِ بِمِثْلِهَا، فَقَوْلُهُ:

مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ إِلَى آخِرِهِ اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ جَرَى عَلَى عُرْفِ الْقُرْآن فِي الِانْتِقَال بَيْنَ الْأَغْرَاضِ.

فَالْكَلَامُ تَذْيِيلٌ جَامِعٌ لِأَحْوَالِ الْفَرِيقَيْنِ اللَّذَيْنِ اقْتَضَاهُمَا قَوْلُهُ: لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً [الْأَنْعَام: 158] . وَهَذَا بَيَان لبَعض الْإِجْمَال الَّذِي فِي قَوْله: لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها الْآيَةَ، كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا.

وجاءَ بِالْحَسَنَةِ مَعْنَاهُ عَمِلَ الْحَسَنَةَ: شبه عمله الْحَسَنَة بِحَالِ الْمُكْتَسِبِ، إِذْ يَخْرُجُ يَطْلُبُ رِزْقًا مِنْ وُجُوهِهِ أَوِ احْتِطَابٍ أَوْ صَيْدٍ فَيَجِيءُ أَهْلُهُ بِشَيْءٍ. وَهَذَا كَمَا اسْتُعِيرَ لَهُ اسْمُ التِّجَارَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ [الْبَقَرَة: 16] .

فَالْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ، وَالْكَلَامُ تَمْثِيلٌ، وَيَجُوزُ حَمْلُ الْمَجِيءِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، أَيْ مَجِيءٌ إِلَى الْحِسَابِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْحَسَنَةِ أَن يَجِيء بكتابتها فِي صَحِيفَةِ أَعْمَالِهِ.

وَأَمْثَالُ الْحَسَنَةِ ثَوَابُ أَمْثَالِهَا، فَالْكَلَامُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها، أَوْ مَعْنَاهُ تُحْسَبُ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ مِثْلَ الَّتِي جَاءَ بِهَا كَمَا

فِي الْحَدِيثِ: «كَتَبَهَا اللَّهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ»

وَيُعْرَفُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الثَّوَابَ عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ الْحِسَابِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها.

وَالْأَمْثَالُ: جَمْعُ مِثْلٍ وَهُوَ الْمُمَاثِلُ الْمُسَاوِي، وَجِيءَ لَهُ بِاسْمِ عَدَدِ الْمُؤَنَّثِ وَهُوَ عَشْرُ اعْتِبَارًا بِأَنَّ الْأَمْثَالَ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْحَسَنَةُ

ص: 195

أَيْ فَلَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ أَمْثَالُهَا، فَرُوعِيَ فِي اسْمِ الْعَدَدِ مَعْنَى مُمَيِّزِهِ دُونَ لَفْظِهِ وَهُوَ أَمْثَالٌ. وَالْجَزَاءُ عَلَى الْحَسَنَةِ بِعَشْرَةِ أَضْعَافٍ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ، وَهُوَ جَزَاءُ غَالِبِ الْحَسَنَاتِ، وَقَدْ زَادَ اللَّهُ فِي بَعْضِ الْحَسَنَاتِ أَنْ ضَاعَفَهَا سَبْعَمِائَةِ ضِعْفٍ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ

[الْبَقَرَة: 261] فَذَلِكَ خَاصٌّ بِالْإِنْفَاقِ فِي الْجِهَادِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ»

. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: عَشْرُ أَمْثالِها بِإِضَافَةِ عَشْرُ إِلَى أَمْثالِها. وَهُوَ مِنْ إِضَافَةِ الصِّفَةِ إِلَى الْمَوْصُوف، وقرأه يَعْقُوبُ- بِتَنْوِينِ عَشْرُ وَرَفْعِ أَمْثالِها، عَلَى أنّه صفة ل عَشْرُ، أَيْ فَلَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ مُمَاثِلَةٍ لِلْحَسَنَةِ الَّتِي جَاءَ بِهَا. وَمُمَاثَلَةُ الْجَزَاء للحسنة موكول إِلَى عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَفَضْلِهِ.

وَإِنَّمَا قَالَ فِي جَانِبِ السَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا بِصِيغَةِ الْحَصْرِ لِأَجْلِ مَا فِي صِيغَتِهِ مِنْ تَقْدِيمِ جَانِبِ النَّفْيِ، اهْتِمَامًا بِهِ، لِإِظْهَارِ الْعَدْلِ الْإِلَهِيِّ، فَالْحَصْرُ حَقِيقِيٌّ، وَلَيْسَ فِي الْحَصْرِ الْحَقِيقِيِّ رَدُّ اعْتِقَادٍ بَلْ هُوَ إِخْبَارٌ عَمَّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلِذَلِكَ كَانَ يُسَاوِيهِ أَنْ يُقَالَ:

وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَيُجْزَى مِثْلَهَا، لَوْلَا الِاهْتِمَامُ بِجَانِبِ نَفْيِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمُمَاثَلَةِ. وَنَظِيرُهُ

قَول النّبيء صلى الله عليه وسلم حِينَ سَأَلَتْهُ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ فَقَالَتْ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِي لَهُ عِيَالَنَا، فَقَالَ لَهَا:«لَا إِلَّا بِالْمَعْرُوفِ»

وَلَمْ يَقُلْ لَهَا: أَطْعِمِيهِمْ بِالْمَعْرُوفِ. وَقَدْ جَاءَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى

قَول النّبيء صلى الله عليه وسلم وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً»

فَأَكَّدَهَا بِوَاحِدَةٍ تَحْقِيقًا لِعَدَمِ الزِّيَادَةِ فِي جَزَاءِ السَّيِّئَةِ.

ص: 196