الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الإعتكاف
مدخل
…
كتاب الاعتكاف.
سن كل وقت وفي عشر رمضان الأخير أفضل لليلة القدر وَمَيْلُ الشَّافِعِيِّ رحمه الله إلَى أَنَّهَا لَيْلَةُ حاد أو ثالث.
ــ
كِتَابُ الِاعْتِكَافِ.
هُوَ لُغَةً اللُّبْثُ وَشَرْعًا اللُّبْثُ بِمَسْجِدٍ مِنْ شَخْصٍ مَخْصُوصٍ بِنِيَّةٍ وَالْأَصْلُ فِيهِ قبل الإجماع آية: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ} 1 وقَوْله تَعَالَى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ} 2 والاتباع رواه الشيخان.
"سُنَّ" الِاعْتِكَافُ " كُلَّ وَقْتٍ" لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ " وَفِي عَشْرِ رَمَضَانَ الْأَخِيرِ أَفْضَلُ" مِنْهُ فِي غَيْرِهِ لِمُوَاظَبَتِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الِاعْتِكَافِ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي خَبَرِ الشَّيْخَيْنِ وَقَالُوا فِي حِكْمَتِهِ لِلَيْلَةِ أَيْ لِطَلَبِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ الَّتِي هِيَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} 3 أَيْ الْعَمَلُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْعَمَلِ فِي ألف شهر ليس فيها ليلة القدر قال صلى الله عليه وسلم مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَهِيَ فِي الْعَشْرِ المذكور.
1 البقرة: 187.
2 البقرة: 125.
3 القدر: 3.
وعشرين وأركانه نية وتجب نية فرضية في نذره وإن أطلقه كفته نيته لكن لو خرج بلا عزم عود وعاد جدد ولو.
ــ
" وَمَيْلُ الشَّافِعِيِّ رحمه الله إلَى أَنَّهَا لَيْلَةُ حَادٍ أَوْ ثَالِثٍ وَعِشْرِينَ " مِنْهُ دَلَّ لِلْأَوَّلِ خبر الشيخان للثاني خَبَرُ مُسْلِمٍ فَكُلُّ لَيْلَةٍ مِنْهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ محتملة لها لكن أرجاها ليالي الوتر وأرجا مِنْ لَيَالِي الْوِتْرِ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْهُ فَمَذْهَبُهُ أَنَّهَا تَلْزَمُ لَيْلَةً بِعَيْنِهَا وَقَالَ الْمُزَنِيّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُمَا إنَّهَا تَنْتَقِلُ كُلَّ سَنَةٍ إلَى لَيْلَةٍ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ قَوِيٌّ وَاخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْفَتَاوَى وَكَلَامُ الشافعي في الجمع بين الأحاديث يقتضيه وعلامتها طُلُوعُ الشَّمْسِ صَبِيحَتَهَا بَيْضَاءَ لَيْسَ فِيهَا كَثِيرُ شُعَاعٍ.
" وَأَرْكَانُهُ " أَرْبَعَةٌ أَحَدُهَا " نِيَّةٌ " كَغَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ " وَتَجِبُ نِيَّةُ فَرْضِيَّةٍ فِي نَذْرِهِ " لِيَتَمَيَّزَ عَنْ النَّفْلِ وَالتَّصْرِيحُ بِوُجُوبِهَا مِنْ زِيَادَتِي " وَإِنْ أَطْلَقَهُ " أَيْ الِاعْتِكَافَ بِأَنْ لَمْ يُقَدِّرْ لَهُ مدة " كفته نيته " وَإِنْ طَالَ مُكْثُهُ " لَكِنْ لَوْ خَرَجَ " مِنْ الْمَسْجِدِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " بِلَا عَزْمِ عَوْدٍ وعاد جدد " ها لزوم سَوَاءٌ أَخَرَجَ لِتَبَرُّزٍ أَمْ لِغَيْرِهِ لِأَنَّ مَا مضى عبادة تامة فإن عزم.
قيد بمدة وخرج لغير تبرز وعاد جدد لَا إنْ نَذَرَ مُدَّةً مُتَتَابِعَةً فَخَرَجَ لِعُذْرٍ لا يقطع التتابع وعاد ومسجد الجامع.
ــ
على العود كَانَتْ هَذِهِ الْعَزِيمَةُ قَائِمَةً مَقَامَ النِّيَّةِ وَلَوْ قَيَّدَ بِمُدَّةٍ كَيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ " وَخَرَجَ لِغَيْرِ تَبَرُّزٍ وَعَادَ جَدَّدَ " النِّيَّةَ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يطل الزمن لقطعه الاعتكاف بخلاف خروجه للتبرز فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ تَجْدِيدُهَا وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ فَهُوَ كَالْمُسْتَثْنَى عِنْدَ النِّيَّةِ " لَا إنْ نَذَرَ مُدَّةً مُتَتَابِعَةً فَخَرَجَ لعذر لا يقطع التتابع وعاد " فلا يلزم تَجْدِيدٌ سَوَاءٌ أَخَرَجَ لِتَبَرُّزٍ أَمْ لِغَيْرِهِ لِشُمُولِ النية جميع المدة وَلَا يَجُوزُ اعْتِكَافُ الْمَرْأَةِ وَالرَّقِيقِ إلَّا بِإِذْنِ الزوج والسيد.
أولى ولو عين فِي نَذْرِهِ مَسْجِدَ مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ الأقصى تعين ويقوم الأول مقام الأخيرين والثاني مقام الثالث.
ــ
" وَ " ثَانِيهَا " مَسْجِدٌ " لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَلَا يصح في غيره ولو هيىء للصلاة " وَالْجَامِعُ أَوْلَى " مِنْ بَقِيَّةِ الْمَسَاجِدِ لِكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ وَلِئَلَّا يَحْتَاجَ إلَى الْخُرُوجِ لِلْجُمُعَةِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ بَلْ لَوْ نَذَرَ مُدَّةً مُتَتَابِعَةً فِيهَا يَوْمُ جُمُعَةٍ وَكَانَ مِمَّنْ تلزمه الجمعة ولم يشرط الْخُرُوجَ لَهَا وَجَبَ الْجَامِعُ لِأَنَّ خُرُوجَهُ لَهَا يُبْطِلُ تَتَابُعَهُ " وَلَوْ عَيَّنَ " النَّاذِرُ " فِي نَذْرِهِ مَسْجِدَ مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ الْأَقْصَى تَعَيَّنَ" فَلَا يَقُومُ غَيْرُهَا مَقَامَهَا لِمَزِيدِ فَضْلِهَا قَالَ صلى الله عليه وسلم: " لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى" رَوَاهُ الشَّيْخَانِ " وَيَقُومُ الْأَوَّلُ " وهو مسجد مكة " مقام الأخيرين " لِمَزِيدِ فَضْلِهِ عَلَيْهِمَا وَتَعَلُّقِ النُّسُكِ بِهِ " وَ " يَقُومُ " الثَّانِي " وَهُوَ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ " مَقَامَ الثَّالِثِ " لمزيد فضله عليه
ولبث قدر يسمى عكوفا ومعتكف وَشَرْطُهُ إسْلَامٌ وَعَقْلٌ وَخُلُوٌّ عَنْ حَدَثٍ أَكْبَرَ وينقطع كتتابعه بردة وسكر ونحو.
ــ
قَالَ صلى الله عليه وسلم " صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِي" رواه الإمام أحمد صححه ابن ماجه فعلم أنه لا يقوم الأخير إن مَقَامَ الْأَوَّلِ وَلَا الثَّالِثُ مَقَامَ الثَّانِي وَأَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ مَسْجِدًا غَيْرَ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَلَوْ عَيَّنَ زَمَنَ الِاعْتِكَافِ فِي نَذْرِهِ تَعَيَّنَ.
" وَ " ثَالِثُهَا " لُبْثُ قَدْرٍ يُسَمَّى عُكُوفًا " أَيْ إقَامَةً وَلَوْ بِلَا سُكُونٍ بِحَيْثُ يَكُونُ زَمَنُهَا فوق زمن الطمأنينة في الركوع ونحوه فَيَكْفِي التَّرَدُّدُ فِيهِ لَا الْمُرُورُ بِلَا لُبْثٍ وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافًا مُطْلَقًا كَفَاهُ لَحْظَةٌ.
" وَ " رَابِعُهَا " مُعْتَكِفٌ وَشَرْطُهُ إسْلَامٌ وَعَقْلٌ وَخُلُوٌّ عَنْ حَدَثٍ أَكْبَرَ " فَلَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ مَنْ اتَّصَفَ بِضِدِّ شَيْءٍ مِنْهَا لِعَدَمِ صِحَّةِ نِيَّةِ الْكَافِرِ وَمَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَحُرْمَةِ مُكْثِ مَنْ به حدث أكبر بالمسجد وتعبيري يخلو عن حدث أكبر أعم من.
حيض تخلو مدة اعتكاف عنه غالبا وجنابة مفطرة لا غير مفطرة إن بادر بطهره ولا جنون وإغماء ويجب خروج.
ــ
قَوْلِهِ وَالنَّقَاءُ مِنْ الْحَيْضِ وَالْجَنَابَةِ " وَيَنْقَطِعُ " الِاعْتِكَافُ " كَتَتَابُعِهِ بِرِدَّةٍ وَسُكْرٍ وَنَحْوِ حَيْضٍ تَخْلُو مُدَّةُ اعْتِكَافٍ عَنْهُ غَالِبًا " بِخِلَافِ مَا لَا تَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا كَشَهْرٍ " وَجَنَابَةٍ مُفْطِرَةٍ " لِلصَّائِمِ أَوْ غير مفطرة وَلَمْ يُبَادِرْ بِطُهْرِهِ وَإِنْ طَرَأَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ لِتَبَرُّزٍ أَوْ نَحْوِهِ لِمُنَافَاةِ كُلٍّ مِنْهَا الْعِبَادَةَ الْبَدَنِيَّةَ " لَا " بِجَنَابَةٍ " غَيْرِ مُفْطِرَةٍ إنْ بَادَرَ بِطُهْرِهِ " بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُبَادِرْ " وَلَا جُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ " لِلْعُذْرِ وَقَوْلِي لا غير مفطرة أعم من مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ جَامَعَ نَاسِيًا فَكَجِمَاعِ الصَّائِمِ وَقَوْلِي نَحْوُ مَعَ إنْ بَادَرَ مِنْ زِيَادَتِي.
من به حدث أكبر من مسجد تعذر طهره فيه بلا مكث ويحسب زمن إغماء فقط ولا يضر تزين وفطر وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ هُوَ فِيهِ صَائِمٌ لزمه أو أن يعتكف صائما أو عكسه لزماه وجمعهما.
ــ
" وَيَجِبُ خُرُوجُ مَنْ بِهِ حَدَثٌ أَكْبَرُ مِنْ مَسْجِدٍ " لِأَنَّ مُكْثَهُ بِهِ مَعْصِيَةٌ إنْ " تَعَذَّرَ طُهْرُهُ فِيهِ بِلَا مُكْثٍ " وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ خُرُوجُهُ بَلْ يَجُوزُ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُبَادِرَ بِهِ كيلا يَبْطُلَ تَتَابُعُ اعْتِكَافِهِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْحَيْضِ وَالْجَنَابَةِ وَالْغُسْلِ وَقَوْلِي بِلَا مُكْثٍ مِنْ زِيَادَتِي.
" وَيُحْسَبُ " مِنْ الِاعْتِكَافِ " زَمَنُ إغْمَاءٍ " كَالنَّوْمِ " فَقَطْ " أَيْ دُونَ غَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ الِاعْتِكَافَ كَجُنُونٍ وَنَحْوِ حَيْضٍ لَا تَخْلُو الْمُدَّةُ عَنْهُ غَالِبًا لِمُنَافَاتِهِ لَهُ " وَلَا يَضُرُّ تَزَيُّنٌ " بِطِيبٍ وَلُبْسِ ثِيَابٍ وَتَرْجِيلِ شَعْرٍ " وَفِطْرٌ " بَلْ يَصِحُّ اعْتِكَافُ اللَّيْلِ وَحْدَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الصَّوْمُ وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ لِخَبَرِ: "لَيْسَ عَلَى الْمُعْتَكِفِ صِيَامٌ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ" رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
" وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ هُوَ فِيهِ صَائِمٌ لَزِمَهُ " الِاعْتِكَافُ يَوْمَ صَوْمِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ صَائِمًا عَنْ رَمَضَانَ أَمْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ لَهُ إفْرَادُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ " أَوْ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا أَوْ عَكْسَهُ " أَيْ أو أن يصوم معتكفا " لزماه " أَيْ الِاعْتِكَافُ وَالصَّوْمُ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُمَا لِأَنَّ الْحَالَ قيد في عاملها ومبنية لِهَيْئَةِ صَاحِبِهَا بِخِلَافِ الصِّفَةِ فَإِنَّهَا مُخَصِّصَةٌ لِمَوْصُوفِهَا " وَ " لَزِمَهُ " جَمْعُهُمَا " لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ فَلَزِمَ بِالنَّذْرِ كما لو نذر أن يصلي بِسُورَةِ كَذَا وَفَارَقَ مَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ مُصَلِّيًا أَوْ عَكْسَهُ حَيْثُ لَا يَلْزَمُ جَمْعُهُمَا بِأَنَّ الصَّوْمَ يُنَاسِبُ الِاعْتِكَافَ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْكَفِّ وَالصَّلَاةُ أَفْعَالٌ مُبَاشِرَةٌ لَا تُنَاسِبُ الِاعْتِكَافَ وَلَوْ نَذَرَ الْقِرَانَ بَيْنَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ فَلَهُ تفريقهما وهو أفضل.