المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب العارية أركانها مُسْتَعِيرٌ وَمُعَارٌ وَصِيغَةٌ وَمُعِيرٌ وَشُرِطَ فِيهِ مَا في - فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب - جـ ١

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌كتاب الطهارة

- ‌مدخل

- ‌باب الأحداث

- ‌باب الوضوء

- ‌باب مسح الخفين

- ‌باب الغسل

- ‌بَابٌ فِي النَّجَاسَةِ وَإِزَالَتِهَا

- ‌باب التيمم

- ‌باب الحيض

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب أوقاتها

- ‌باب في الأذان

- ‌باب في استقبال القبلة

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌باب في شروط الصلاة

- ‌باب في سجود السهو

- ‌بَابٌ فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ

- ‌باب في صلاة النفل

- ‌باب في صلاة الجماعة

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌باب صَلَاةِ الْخَوْفِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ

- ‌باب في الاستسقاء

- ‌بَابٌ فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ

- ‌كتاب الجنائز

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ

- ‌فصل: في صلاة الميت

- ‌فَصْلٌ: فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب زكاة الماشية

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّابِتِ

- ‌باب زكاة النقد

- ‌باب زكاة المعدن والركاز والتجارة

- ‌باب زكاة الفطر

- ‌بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْمَالِ وَمَا تَجِبُ فيه

- ‌باب أداء زكاة المال

- ‌باب تعجيل الزكاة

- ‌كتاب الصوم

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ

- ‌فصل في وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌فصل في فدية الصوم الواجب

- ‌باب صوم التطوع

- ‌كتاب الإعتكاف

- ‌مدخل

- ‌فصل: في الاعتكاف المنذور

- ‌كتاب الحج والعمرة

- ‌مدخل

- ‌باب المواقيت

- ‌باب الإحرام

- ‌باب صفة النسك

- ‌باب ما حرم بالإحرام

- ‌باب الإحصار

- ‌كتاب البيع

- ‌مدخل

- ‌باب الربا

- ‌بَابٌفِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ وَغَيْرِهَا

- ‌باب الخيار

- ‌بَابٌ فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ

- ‌باب التولية والإشراك والمرابحة والمحاطة

- ‌باب الأصول والثمار

- ‌باب الاختلاف في كيفية العقد

- ‌باب الرَّقِيقُ

- ‌باب السلم

- ‌كتاب الرهن

- ‌مدخل

- ‌فصل: فيما يترتب على لزوم الرهن

- ‌فصل: في اختلاف الرهن وما يتعلق به

- ‌فَصْلٌ: فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ

- ‌كتاب التفليس

- ‌مدخل

- ‌فصل: فيما يفعل الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ مِنْ بَيْعٍ وَقِسْمَةٍ وَغَيْرِهِمَا

- ‌فَصْلٌ: فِي رُجُوعِ الْمُعَامِلِ لِلْمُفْلِسِ عَلَيْهِ بِمَا عامله به وَلَمْ يَقْبِضْ عِوَضَهُ

- ‌باب الْحَجْرُ

- ‌باب الصلح

- ‌باب الحوالة

- ‌باب الضمان

- ‌كتاب الشركة

- ‌كتاب الوكالة

- ‌كتاب الإقرار

- ‌كتاب العارية

- ‌كتاب الغصب

- ‌كتاب الشفعة

- ‌كتاب القراض

- ‌كتاب المساقاة

- ‌كتاب الإجارة

- ‌كتاب إحياء الموات

- ‌كتاب الوقف

- ‌كتاب الهبة

- ‌كتاب اللقطة

- ‌كتاب اللقيط

- ‌كتاب الجعالة

الفصل: ‌ ‌كتاب العارية أركانها مُسْتَعِيرٌ وَمُعَارٌ وَصِيغَةٌ وَمُعِيرٌ وَشُرِطَ فِيهِ مَا في

‌كتاب العارية

أركانها مُسْتَعِيرٌ وَمُعَارٌ وَصِيغَةٌ وَمُعِيرٌ وَشُرِطَ فِيهِ مَا في مقرض وملكه المنفعة كمكتر لا مستعير وفي المستعير تعيين وإطلاق تصرف وله إنابة من يستوفي له وفي المعار انتفاع مباح مع بقائه وَتُكْرَهُ اسْتِعَارَةُ وَإِعَارَةُ فَرْعٍ أَصْلَهُ لِخِدْمَةٍ وَكَافِرٍ مسلما وفي الصيغة لَفْظٌ يُشْعِرُ بِالْإِذْنِ فِي الِانْتِفَاعِ كَأَعَرْتك أَوْ بِطَلَبِهِ كَأَعِرْنِي مَعَ لَفْظِ الْآخَرِ أَوْ فِعْلِهِ.

ــ

كتاب العارية

بتشديد الياء وَقَدْ تُخَفَّفُ وَهِيَ اسْمٌ لِمَا يُعَارُ وَلِعَقْدِهَا مِنْ عَارَ إذَا ذَهَبَ وَجَاءَ بِسُرْعَةٍ وَقِيلَ مِنْ التَّعَاوُرِ وَهُوَ التَّنَاوُبُ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الإجماع قوله تعالى: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} 1 فَسَّرَهُ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ بِمَا يَسْتَعِيرُهُ الْجِيرَانُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اسْتَعَارَ فَرَسًا مِنْ أَبِي طَلْحَةَ فَرَكِبَهُ وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ وقد تجب كإعارة الثوب لِدَفْعِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ وَقَدْ تَحْرُمُ كَإِعَارَةِ الْأَمَةِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَقَدْ تُكْرَهُ كَإِعَارَةِ الْعَبْدِ المسلم من كافر كما سيأتي.

" أَرْكَانُهَا " أَرْبَعَةٌ " مُسْتَعِيرٌ وَمُعَارٌ وَصِيغَةٌ وَمُعِيرٌ وَشُرِطَ فِيهِ مَا " مَرَّ " فِي مُقْرِضٍ " مِنْ اخْتِيَارٍ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي وَصِحَّةِ تَبَرُّعٍ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ تَبَرُّعٌ بِإِبَاحَةِ الْمَنْفَعَةِ فَلَا تَصِحُّ مِنْ مُكْرَهٍ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُكَاتَبٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَمَحْجُورِ سَفَهٍ وَفَلَسٍ " وَمِلْكِهِ الْمَنْفَعَةَ " وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِلْعَيْنِ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ إنَّمَا تُرَدُّ عَلَى الْمَنْفَعَةِ دُونَ الْعَيْنِ "كَمُكْتِرٍ لَا مُسْتَعِيرٍ" لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ لِلْمَنْفَعَةِ وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُ الِانْتِفَاعُ فَلَا يَمْلِكُ نَقْلَ الْإِبَاحَةِ كَمَا أَنَّ الضَّيْفَ لَا يُبِيحُ لِغَيْرِهِ مَا قُدِّمَ لَهُ فَإِنْ أَعَارَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ صَحَّ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى إعارته إن لم يسم الثاني " وَ " شُرِطَ " فِي الْمُسْتَعِيرِ تَعْيِينٌ وَإِطْلَاقُ تَصَرُّفٍ " وهما من زيادتي فلا يصح لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَأَنْ قَالَ أَعَرْت أَحَدَكُمَا وَلَا لِبَهِيمَةٍ وَلَا لِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ إلَّا بِعَقْدِ وَلِيِّهِمْ إذَا لَمْ تَكُنْ الْعَارِيَّةُ مُضَمَّنَةً كَأَنْ اسْتَعَارَ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ " وَلَهُ " أَيْ لِلْمُسْتَعِيرِ " إنَابَةُ من استوفى لَهُ " الْمَنْفَعَةَ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ رَاجِعٌ إلَيْهِ " وَ " شُرِطَ " فِي الْمُعَارِ انْتِفَاعٌ " بِهِ بِأَنْ يَسْتَفِيدَ الْمُسْتَعِيرُ مَنْفَعَتَهُ وَهُوَ الْأَكْثَرُ أَوْ عَيْنًا مِنْهُ كَمَا لَوْ اسْتَعَارَ شَاةً مَثَلًا لِيَأْخُذَ دَرَّهَا وَنَسْلِهَا أَوْ شَجَرَةً لِيَأْخُذَ ثَمَرَهَا فَلَا يُعَارُ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَحِمَارٍ زَمِنٍ " مُبَاحٍ " فَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ مَا يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَآلَةِ لَهْوٍ وَفَرَسٍ وَسِلَاحٍ لِحَرْبِيٍّ وَكَأَمَةٍ مُشْتَهَاةٍ لخدمة رجل غير نحوم مَحْرَمٍ لَهَا مِمَّنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ إلَيْهَا لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ أَمَّا غَيْرُ الْمُشْتَهَاةِ لِصِغَرٍ أَوْ قُبْحٍ فَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ صِحَّةَ إعَارَتِهَا وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ مَنَعَهَا وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ الْمُتَّجَهُ الصِّحَّةُ فِي الصغيرة دون القبيحة اهـ. وَكَالْقَبِيحَةِ الْكَبِيرَةُ غَيْرُ الْمُشْتَهَاةِ وَالْخُنْثَى يَحْتَاطُ فِيهِ مُعَارًا وَمُسْتَعِيرًا وَتَعْبِيرِي بِمُبَاحٍ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ ويجوز إعَارَةُ جَارِيَةٍ لِخِدْمَةِ امْرَأَةٍ أَوْ مَحْرَمٍ وَشُرِطَ فِيهِ أَنْ يَكُونَ الِانْتِفَاعُ بِهِ " مَعَ بَقَائِهِ " فلا يعار المطعوم ونحون لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهِ إنَّمَا هُوَ بِاسْتِهْلَاكِهِ فَانْتَفَى الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ مِنْ الْإِعَارَةِ وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمُعَارِ فَلَوْ قَالَ أَعِرْنِي دَابَّةً فَقَالَ خُذْ مَا شِئْت مِنْ دوابي صحت.

" وتكره " كراهة تنزيه " اسْتِعَارَةٌ وَإِعَارَةٌ فَرْعٍ أَصْلِهِ لِخِدْمَةٍ وَ " اسْتِعَارَةٍ وإعارة " كافر مسلما " صيانة لهما عن الْإِذْلَالِ وَالْأَوْلَى مَعَ ذِكْرِ كَرَاهَةِ الِاسْتِعَارَةِ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِي فَإِنْ قَصَدَ بِاسْتِعَارَةِ أَصْلِهِ للخدمة ترفعه فلا كراهة بل يستحب كما قال الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ وَكَذَا لَا تُكْرَهُ إعَارَةُ الْأَصْلِ نَفْسَهُ لِفَرْعِهِ وَلَا اسْتِعَارَةُ فَرْعِهِ وإياه منه " و " شرط " في الصيغة لَفْظٌ يُشْعِرُ بِالْإِذْنِ فِي الِانْتِفَاعِ كَأَعَرْتك أَوْ بِطَلَبِهِ كَأَعِرْنِي مَعَ لَفْظِ الْآخَرِ أَوْ فِعْلِهِ " وَإِنْ تَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ كَمَا فِي.

1 الماعون:7.

ص: 270

وأعرتكه لتعلفه أو لتعيرني فرسك إجارة فاسدة ومؤنة رده على مستعير فإن تلف لا باستعمال مأذون ضمنه لا مستعير من نحو مكتر كتالف في شغل مالك وله انتفاع مأذون ومثله ضررا إلا إن نهاه فلزراعة بر يزرعه وشعيرا لا عكسه ولبناء أو غرس يزرع لا عكسه ولبناء لا يغرس وعكسه وإن أطلق الزراعة صح وزرع ما شاء لا إعارة متعدد جهة بل يعين أو يعمم.

ــ

الْإِبَاحَةِ وَفِي مَعْنَى اللَّفْظِ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ " وَ " قَوْلُهُ " أَعَرْتُكَهُ " أَيْ فَرَسِي مَثَلًا " لِتَعْلِفَهُ " بِعَلَفِك " أَوْ لِتُعِيرَنِي فَرَسَك إجَارَةً " لَا إعَارَةً نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى " فَاسِدَةٌ " لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ والعوض فيجب فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَمُضِيِّ زَمَنٍ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ وَلَا تُضْمَنُ الْعَيْنُ كَمَا يُعْلَمُ ذلك من كتاب الإجارة وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَعَرْتُكَهُ شَهْرًا مِنْ الْآنِ لِتَعْلِفَهُ كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ لتعيرني فرسك هذا شهرا من الآن كانت إجَارَةً صَحِيحَةً " وَمُؤْنَةُ رَدِّهِ " أَيْ الْمُعَارِ " عَلَى مستعير " من مالك أو من نحو مكتران رَدَّ عَلَيْهِ فَإِنْ رَدَّ عَلَى الْمَالِكِ فَالْمُؤْنَةُ عليه كما ورد عَلَيْهِ الْمُكْتَرِي وَخَرَجَ بِمُؤْنَةِ رَدِّهِ مُؤْنَتُهُ فَتَلْزَمُ المالك لأنها من حقوق الملك وَخَالَفَ الْقَاضِي فَقَالَ إنَّهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ.

" فَإِنْ تَلِفَ " كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ " لَا باستعمال مأذون " فيه ولو بلا تقصير " ضمنه " بدلا أو رشا لِخَبَرِ: "عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ" رواه أبو داوود وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَيَضْمَنُ التَّالِفَ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا كَخَشَبٍ وَحَجَرٍ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ جَمْعٍ وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ يَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ بِالْمِثْلِ وَجَرَى عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ أَمَّا تَلَفُهُ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَلَا ضَمَانَ لِلْإِذْنِ فِيهِ " لَا مُسْتَعِيرٌ مِنْ نَحْوِ مُكْتِرٍ " كَمُوصًى له بمنفعة فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ وَهُوَ لَا يَضْمَنُ فَكَذَا هُوَ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ إجَارَةً فَاسِدَةً لِأَنَّ مُعِيرَهُ ضَامِنٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ فَعَلَ مَا لَيْسَ لَهُ قَالَ وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَلَا يُقَالُ حُكْمُ الْفَاسِدَةِ حُكْمُ الصَّحِيحَةِ فِي كُلِّ مَا تَقْتَضِيهِ بَلْ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ بِمَا تَنَاوَلَهُ الْإِذْنُ فَقَطْ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي " كَتَالِفٍ فِي شَغْلِ مَالِكٍ " تَحْتَ يَدِ غَيْرِهِ كَأَنْ تَسَلَّمَ مِنْهُ دَابَّتَهُ لِيُرَوِّضَهَا لَهُ أَوْ لِيَقْضِيَ لَهُ عَلَيْهَا حَاجَةً فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ.

" وَلَهُ " أَيْ لِلْمُسْتَعِيرِ " انْتِفَاعٌ مَأْذُونٌ " فِيهِ " وَمِثْلُهُ " وَدُونَهُ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى " ضَرَرًا إلَّا إنْ نَهَاهُ " الْمُعِيرُ عَنْ غَيْرِ مَا عَيَّنَّهُ فَلَا يَفْعَلُهُ اتِّبَاعًا لِنَهْيِهِ " فَ " الْمُسْتَعِيرُ " لِزِرَاعَةِ بُرٍّ " بِلَا نَهْيٍ " يَزْرَعُهُ وَشَعِيرًا " وَفُولًا لَا نَحْوُ ذُرَةٍ لِأَنَّ ضَرَرَهُمَا فِي الْأَرْضِ دُونَ ضَرَرِ الْبُرِّ وَضَرَرَ نَحْوِ الذُّرَةِ فَوْقَهُ " لَا عَكْسُهُ " أَيْ وَالْمُسْتَعِيرُ لِزِرَاعَةِ شَعِيرٍ أَوْ فُولٍ لَا يَزْرَعُ بُرًّا لِمَا عُلِمَ " وَ " الْمُسْتَعِيرُ " لِبِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ يَزْرَعُ لَا عَكْسُهُ " أَيْ وَالْمُسْتَعِيرُ لزراعة لَا يَبْنِي وَلَا يَغْرِسُ لِأَنَّ ضَرَرَهُمَا أَكْثَرُ " وَ " الْمُسْتَعِيرُ " لِبِنَاءٍ لَا يَغْرِسُ وَعَكْسُهُ " أَيْ وَالْمُسْتَعِيرُ لِغَرْسٍ لَا يَبْنِي لِاخْتِلَافِ جِنْسِ الضَّرَرِ إذْ ضَرَرُ الْبِنَاءِ فِي ظَاهِرِ الْأَرْضِ أَكْثَرُ وَضَرَرُ الْغِرَاسِ فِي بَاطِنِهَا أَكْثَرُ لِانْتِشَارِ عُرُوقِهِ.

" وَإِنْ أَطْلَقَ الزِّرَاعَةَ " أَيْ الْإِذْنَ فِيهَا أَوْ عَمَّمَهُ فِيهَا " صَحَّ " عَقْدُ الْإِعَارَةِ " وَزَرَعَ " الْمُسْتَعِيرُ " مَا شَاءَ " لِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ قَالَ الشَّيْخَانِ فِي الْأُولَى وَلَوْ قِيلَ لَا يَزْرَعُ إلَّا أَقَلَّ الْأَنْوَاعِ ضَرَرًا لَكَانَ مَذْهَبًا وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَزْرَعُ مَا اُعْتِيدَ زَرْعُهُ هُنَاكَ وَلَوْ نَادِرًا وَمَنَعَ البلقيني بحث الشيخين لأن المطلقات إنما تنزل على الأقل إذا كانت بِحَيْثُ لَوْ صَرَّحَ بِهِ لَصَحَّ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُوقَفُ عَلَى حَدِّ أَقَلِّ الْأَنْوَاعِ ضَرَرًا فَيُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ وَالْعُقُودُ تُصَانُ عَنْ ذَلِكَ " لَا " إنْ أَطْلَقَ " إعَارَةَ " شَيْءٍ " مُتَعَدِّدِ جِهَةٍ " كَأَرْضٍ تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ وَغَيْرِهَا فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ " بَلْ يُعَيِّنُ " جِهَةَ الْمَنْفَعَةِ مِنْ زَرْعٍ أَوْ غَيْرِهِ " أَوْ يُعَمِّمُ " الِانْتِفَاعَ كَقَوْلِهِ انْتَفِعْ بِهِ كَيْفَ شِئْت أَوْ افْعَلْ بِهِ مَا بَدَا لَك وَيَنْتَفِعُ فِي الشِّقِّ الثَّانِي وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي بِمَا شَاءَ كَمَا فِي الإجارة وقيل بما هو العادة ثم وبه جزم به ابْنُ الْمُقْرِي فَإِنْ لَمْ تَصْلُحْ إلَّا لِجِهَةٍ واحدة كبساط لا يصلح إلا للفراش لَمْ يَحْتَجْ فِي إعَارَتِهِ إلَى تَعْيِينِ جِهَةِ الْمَنْفَعَةِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ.

" تَتِمَّةٌ " لَوْ اسْتَعَارَ لِلْبِنَاءِ أَوْ لِلْغِرَاسِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا مَرَّةً واحدة فلو قلع مَا بَنَاهُ أَوْ غَرَسَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إعَادَتُهُ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ إلَّا إذَا صَرَّحَ له بالتجديد مرة بعد أخرى.

ص: 271

فصل:

لكل رجوع بشرط في بعض كدفن فإنما يرجع قبل المواراة أو بعد اندراس وإن أَعَارَ لِبِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ وَلَوْ إلَى مُدَّةٍ ثم رجع فإن شرط قلعه لزمه والإ فإن اختاره قلع مجانا ولزمه تسوية الأرض وإلا خير معير بين تملكه بقيمته وقلعه بأرش وتبقيته بأجرة فإن لم يختر تركا حتى يختار أحدهما ولمعير دخولها وانتفاع بها ولمستعير دخولها لإصلاح ولكل بيع ملكه وَإِذَا رَجَعَ قَبْلَ إدْرَاكِ زَرْعٍ لَمْ يَعْتَدْ قلعه لزمه تبقيته إليه بأجرة ولو عين مدة ولم يدرك فيها لتقصر قلع مجانا كما لو حمل نحو سيل بذرا إلى أرضه فنبت ولو قال من بيده عين أعرتني فقال مالكها.

ــ

فَصْلٌ:

فِي بَيَانِ أَنَّ الْعَارِيَّةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَفِيمَا لِلْمُعِيرِ وَعَلَيْهِ بَعْدَ الرَّدِّ فِي عَارِيَّةِ الْأَرْضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

" لِكُلٍّ " مِنْ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ " رُجُوعٌ " فِي الْعَارِيَّةِ مُطْلَقَةً كَانَتْ أَوْ مُؤَقَّتَةً فَهِيَ جَائِزَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَتَنْفَسِخُ بِمَا تَنْفَسِخُ بِهِ الْوَكَالَةُ مِنْ مَوْتِ أَحَدِهِمَا وَغَيْرِهِ لَكِنْ " بِشَرْطٍ فِي بَعْضٍ " مِنْ الصُّوَرِ " كَدَفْنٍ " لِمَيِّتٍ " فَ " إنَّهُ " إنَّمَا يَرْجِعُ " بَعْدَ الْحَفْرِ " قَبْلَ الْمُوَارَاةِ " لَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْوَضْعِ فِي الْقَبْرِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ خِلَافَهُ " أَوْ بَعْدَ انْدِرَاسٍ " لِأَثَرِهِ إلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَتِهِ وَصُورَتُهُ فِي الثَّانِيَةِ إذَا أَذِنَ فِي تَكْرَارِ الدَّفْنِ وَإِلَّا فَقَدْ انْتَهَتْ الْعَارِيَّةُ وإذا رجع قبل المواراة غَرِمَ لِوَلِيِّ الْمَيِّتِ مُؤْنَةَ حَفْرِهِ وَلَا يَلْزَمُ المستعير الطم وَكَطَرْحِ مَالٍ فِي سَفِينَةٍ بِاللُّجَّةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ بَعْدَ أَنْ تَصِلَ إلَى الشَّطِّ وَبِذَلِكَ علم أن تعبيري بما ذكر أعم وأولى مما ذكره " وإن أَعَارَ لِبِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ وَلَوْ إلَى مُدَّةٍ ثُمَّ رَجَعَ " بَعْدَ أَنْ بَنَى الْمُسْتَعِيرُ أَوْ غَرَسَ " فَإِنْ شَرَطَ " عَلَيْهِ " قَلْعَهُ " أَيْ الْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ شَرَطَ الْقَلْعَ مَجَّانًا " لَزِمَهُ " قَلْعُهُ عَمَلًا بِالشَّرْطِ كَمَا فِي تَسْوِيَةِ الْأَرْضِ فَإِنْ امْتَنَعَ قَلَعَهُ الْمُعِيرُ " وَإِلَّا " أَيْ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ الْقَلْعَ " فَإِنْ اخْتَارَهُ " الْمُسْتَعِيرُ " قُلِعَ مَجَّانًا وَلَزِمَهُ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ " لِأَنَّهُ قَلَعَ بِاخْتِيَارِهِ وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُهُ إذَا قَلَعَ رَدُّهَا إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ إيجَابِ التَّسْوِيَةِ فِي الْحُفَرِ الْحَاصِلَةِ بِالْقَلْعِ دُونَ الْحَاصِلَةِ بِالْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ لِحُدُوثِهَا بِالِاسْتِعْمَالِ نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ " وَإِلَّا " أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ قَلْعَهُ " خُيِّرَ مُعِيرٌ بَيْنَ " ثَلَاثِ خِصَالٍ مِنْ " تَمَلُّكِهِ " بِعَقْدٍ " بِقِيمَتِهِ " مُسْتَحَقِّ الْقَلْعِ حِينَ التَّمَلُّكِ " وقلعه ب " ضمان " أرش " لنقصه وهو قد التفاوت بين قيمته قائما ومقلوعا.

" وتبقيته بأجرة " كنظائره من الشفعة وغيرها وفاقا للإمام الغزالي وَصَاحِبَيْ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْأَنْوَارِ وَغَيْرِهِمْ وَلِمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الصُّلْحِ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَا فِيهِمَا هُنَا مِنْ تَخْصِيصِ التَّخْيِيرِ بِالْأَوَّلَيَيْنِ وَلِمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ مِنْ تَخْصِيصِهِ بِالْأَخِيرَتَيْنِ وَإِذَا اختار ماله اخْتِيَارُهُ لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ مُوَافَقَتُهُ فَإِنْ أَبَى كُلِّفَ تفريغ الأرض مجانا وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَ إذَا كَانَ فِي الْقَلْعِ نَقْصٌ وَكَانَ الْمُعِيرُ غَيْرَ شَرِيكٍ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْغِرَاسِ ثَمَرٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَإِلَّا فَيَتَعَيَّنُ الْقَلْعُ فِي الْأَوَّلِ وَالتَّبْقِيَةُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الثَّانِي وَتَأْخِيرُ التَّخْيِيرِ إلَى بَعْدَ الْجِذَاذِ وكما فِي الزَّرْعِ فِي الثَّالِثِ لِأَنَّ لَهُ أَمَدًا يُنْتَظَرُ وَفِيمَا لَوْ وَقَفَ الْبِنَاءَ أَوْ الْغِرَاسَ أَوْ الْأَرْضَ كَلَامٌ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ " فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ " أَيْ الْمُعِيرُ شَيْئًا مِمَّا مر " تُرِكَا حَتَّى يَخْتَارَ أَحَدُهُمَا " مَا لَهُ اخْتِيَارُهُ لتنقطع الخصومة فليس المعير أَنْ يَقْلَعَ مَجَّانًا وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ الْمُسْتَعِيرُ أُجْرَةً لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الِاخْتِيَارِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى يَخْتَارَا " وَلِمُعِيرٍ " زَمَنَ التَّرْكِ " دُخُولُهَا " أَيْ الْأَرْضِ " وَانْتِفَاعٌ بِهَا " لِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَلَهُ اسْتِظْلَالٌ بِالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ "وَلِمُسْتَعِيرٍ دُخُولُهَا لِإِصْلَاحٍ" بِتَرْمِيمِ بِنَاءٍ وَسَقْيِ غِرَاسٍ وَغَيْرِهِمَا صِيَانَةً لِمِلْكِهِ عَنْ الضَّيَاعِ نَعَمْ إنْ تَعَطَّلَ نَفْعُهَا عَلَى مَالِكِهَا بِدُخُولِهِ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ دُخُولِهَا إلَّا بِأُجْرَةٍ أَمَّا دُخُولُهُ لَهَا لِغَيْرِ ذَلِكَ كَتَنَزُّهٍ فَمُمْتَنِعٌ عَلَيْهِ.

" وَلِكُلٍّ " مِنْهُمَا مُجْتَمَعَيْنِ وَمُنْفَرِدَيْنِ " بَيْعُ مِلْكِهِ " مِمَّنْ شَاءَ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ حَتَّى لَوْ بَاعَا مِلْكَيْهِمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ صَحَّ لِلضَّرُورَةِ وَوُزِّعَ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا وَلَا يُؤَثِّرُ فِي بَيْعِ الْمُسْتَعِيرِ تَمَكُّنُ الْمُعِيرِ مِنْ تَمَلُّكِهِ مَالَهُ كَتَمَكُّنِ الشَّفِيعِ مِنْ تَمَلُّكِ الشِّقْصِ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ جَهِلَ وَلَهُ حُكْمُ مَنْ بَاعَهُ مِنْ مُعِيرٍ وَمُسْتَعِيرٍ فِيمَا مَرَّ لَهُمَا " وَإِذَا رَجَعَ قَبْلَ إدْرَاكِ زَرْعٍ " بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " لَمْ يَعْتَدْ قَلْعَهُ " قَبْلَ إدْرَاكِهِ وَنَقَصَ " لَزِمَهُ تَبْقِيَتُهُ إلَيْهِ " أَيْ إلَى قَلْعِهِ لِأَنَّ لَهُ أَمَدًا يُنْتَظَرُ بخلاف البناء والغراس " بأجرة " لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ انْقَطَعَتْ بِالرُّجُوعِ فَإِنْ اُعْتِيدَ قَلْعُهُ قبل إدراكه أو لم ينقص أجير عَلَى قَلْعِهِ " وَلَوْ عَيَّنَ مُدَّةً وَلَمْ يُدْرِكْ فيها التقصير " مِنْ الْمُسْتَعِيرِ إمَّا بِتَأْخِيرِ الزِّرَاعَةِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ أَوْ بِهَا كَأَنْ عَلَا الْأَرْضَ سَيْلٌ أَوْ ثَلْجٌ أَوْ نَحْوُهُ مِمَّا لَا يُمْكِنُ.

ص: 272

آجرتك أو غصبتني ومضت مدة لها أجرة صدق فإن تلفت في الثانية أخذ قيمة وقت تلف بلا يمين فإن كانت دون أقصى قيمة حلف للزائد.

ــ

مَعَهُ الزَّرْعُ ثُمَّ زَرَعَ بَعْدَ زَوَالِهِ وَهُوَ لَا يُدْرَكُ فِي الْمُدَّةِ " قَلَعَ " أَيْ الْمُعِيرُ " مَجَّانًا " بِخِلَافِ مَا إذَا تَأَخَّرَ إدْرَاكُهُ لَا لِتَقْصِيرِهِ بَلْ لِنَحْوِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَطَرٍ " كَمَا لَوْ حَمَلَ نَحْوُ سَيْلٍ " كَهَوَاءٍ " بَذْرًا " بِمُعْجَمَةٍ " إلَى أَرْضِهِ فَنَبَتَ " فِيهَا فَيَقْلَعُهُ مَجَّانًا لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُعْرِضْ عَنْهُ وَإِلَّا فَقَدْ صَارَ مِلْكًا لِمَالِكِ الْأَرْضِ وَيَلْزَمُ مَالِكَ الْبَذْرِ إنْ قَلَعَ بِاخْتِيَارِهِ تَسْوِيَةُ الْحُفَرِ الْحَاصِلَةِ بِالْقَلْعِ دُونَ الْأُجْرَةِ لِلْمُدَّةِ الَّتِي قَبْلَ الْقَلْعِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِعَدَمِ الْفِعْلِ مِنْهُ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي.

" وَلَوْ قَالَ مَنْ بِيَدِهِ عَيْنٌ " كَدَابَّةٍ وَأَرْضٍ " أَعَرْتنِي فَقَالَ " لَهُ " مَالِكُهَا بَلْ آجَرْتُك أَوْ غَصَبْتنِي " بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " وَمَضَتْ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ صُدِّقَ " أَيْ الْمَالِكُ كَمَا لَوْ أَكَلَ الطعام غَيْرِهِ وَقَالَ كُنْتَ أَبَحْتَهُ لِي وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يُؤْذَنُ فِي الِانْتِفَاعِ غَالِبًا بِمُقَابِلٍ فِي الْأُولَى وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْإِذْنِ فِي الثَّانِيَةِ وَالتَّصْدِيقُ يَكُونُ بِيَمِينِهِ إنْ بَقِيَتْ الْعَيْنُ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَعَارَهُ وَأَنَّهُ آجَرَهُ أَوْ غَصَبَهُ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَإِنْ تَلِفَتْ فِي الْأُولَى بغير الاستعمال فَمُدَّعِي الْإِعَارَةِ مُقِرٌّ بِالْقِيمَةِ لِمُنْكِرٍ لَهَا يَدَّعِي الْأُجْرَةَ فَيُعْطِي الْأُجْرَةَ بِلَا يَمِينٍ إلَّا إذَا زَادَتْ عَلَى الْقِيمَةِ فَيَحْلِفُ لِلزَّائِدِ أَمَّا إذَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ فَيُصَدَّقُ مَنْ بِيَدِهِ الْعَيْنِ بِيَمِينِهِ فِي الْأُولَى وَلَا مَعْنَى لِهَذَا الِاخْتِلَافِ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ العين تَالِفَةٌ فِي الْأُولَى فَهُوَ مُقِرٌّ بِالْقِيمَةِ لِمُنْكِرِهَا " فَإِنْ تَلِفَتْ " الْعَيْنُ قَبْلَ رَدِّهَا " فِي الثَّانِيَةِ " بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ وَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ " أُخِذَ " مِنْهُ " قِيمَةٌ وَقْتَ تَلِفَ بِلَا يَمِينٍ " لِأَنَّهُ مُقِرٌّ لَهُ بِهَا إذْ الْمُعَارُ يضمن بقيمته وقت تلفه والمغصوب بأقصى قيمة مِنْ وَقْتِ غَصْبِهِ إلَى وَقْتِ تَلَفِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ " فَإِنْ كَانَتْ " قِيمَتُهُ وَقْتَ تَلَفِهِ " دُونَ أَقْصَى قِيَمِهِ حَلَفَ " وُجُوبًا " لِلزَّائِدِ " أنه يستحقه لأن عريمه يُنْكِرُهُ وَيَحْلِفُ لِلْأُجْرَةِ مُطْلَقًا إنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لها أجرة.

ص: 273