المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب صفة النسك - فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب - جـ ١

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌كتاب الطهارة

- ‌مدخل

- ‌باب الأحداث

- ‌باب الوضوء

- ‌باب مسح الخفين

- ‌باب الغسل

- ‌بَابٌ فِي النَّجَاسَةِ وَإِزَالَتِهَا

- ‌باب التيمم

- ‌باب الحيض

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب أوقاتها

- ‌باب في الأذان

- ‌باب في استقبال القبلة

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌باب في شروط الصلاة

- ‌باب في سجود السهو

- ‌بَابٌ فِي سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ

- ‌باب في صلاة النفل

- ‌باب في صلاة الجماعة

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌باب صَلَاةِ الْخَوْفِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا

- ‌بَابٌ فِي صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ

- ‌باب في الاستسقاء

- ‌بَابٌ فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ

- ‌كتاب الجنائز

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَحَمْلِهِ

- ‌فصل: في صلاة الميت

- ‌فَصْلٌ: فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب زكاة الماشية

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّابِتِ

- ‌باب زكاة النقد

- ‌باب زكاة المعدن والركاز والتجارة

- ‌باب زكاة الفطر

- ‌بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْمَالِ وَمَا تَجِبُ فيه

- ‌باب أداء زكاة المال

- ‌باب تعجيل الزكاة

- ‌كتاب الصوم

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ

- ‌فصل في وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌فصل في فدية الصوم الواجب

- ‌باب صوم التطوع

- ‌كتاب الإعتكاف

- ‌مدخل

- ‌فصل: في الاعتكاف المنذور

- ‌كتاب الحج والعمرة

- ‌مدخل

- ‌باب المواقيت

- ‌باب الإحرام

- ‌باب صفة النسك

- ‌باب ما حرم بالإحرام

- ‌باب الإحصار

- ‌كتاب البيع

- ‌مدخل

- ‌باب الربا

- ‌بَابٌفِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ وَغَيْرِهَا

- ‌باب الخيار

- ‌بَابٌ فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ

- ‌باب التولية والإشراك والمرابحة والمحاطة

- ‌باب الأصول والثمار

- ‌باب الاختلاف في كيفية العقد

- ‌باب الرَّقِيقُ

- ‌باب السلم

- ‌كتاب الرهن

- ‌مدخل

- ‌فصل: فيما يترتب على لزوم الرهن

- ‌فصل: في اختلاف الرهن وما يتعلق به

- ‌فَصْلٌ: فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ

- ‌كتاب التفليس

- ‌مدخل

- ‌فصل: فيما يفعل الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ مِنْ بَيْعٍ وَقِسْمَةٍ وَغَيْرِهِمَا

- ‌فَصْلٌ: فِي رُجُوعِ الْمُعَامِلِ لِلْمُفْلِسِ عَلَيْهِ بِمَا عامله به وَلَمْ يَقْبِضْ عِوَضَهُ

- ‌باب الْحَجْرُ

- ‌باب الصلح

- ‌باب الحوالة

- ‌باب الضمان

- ‌كتاب الشركة

- ‌كتاب الوكالة

- ‌كتاب الإقرار

- ‌كتاب العارية

- ‌كتاب الغصب

- ‌كتاب الشفعة

- ‌كتاب القراض

- ‌كتاب المساقاة

- ‌كتاب الإجارة

- ‌كتاب إحياء الموات

- ‌كتاب الوقف

- ‌كتاب الهبة

- ‌كتاب اللقطة

- ‌كتاب اللقيط

- ‌كتاب الجعالة

الفصل: ‌باب صفة النسك

آكد ولفظها لبيك اللهم لبيك الخ ولمن رأى ما يعجبه أو يكرهه لبيك إن العيش عيش الآخرة ثم يُصَلِّي وَيُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ويسأل الله الجنة ورضوانه ويستعيذ به من النار.

ــ

البياض وتغني عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ فَرِيضَةٌ وَنَافِلَةٌ أُخْرَى وَيُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سُورَةَ الْكَافِرُونَ وَفِي الثَّانِيَةِ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ وَقَوْلِي لِإِحْرَامٍ مِنْ زِيَادَتِي " وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ " الشَّخْصُ " إذَا تَوَجَّهَ لِطَرِيقِهِ " راكبا أو ماشيا لِلِاتِّبَاعِ فِي الْأَوَّلِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَهْلَلْنَا أَنْ نُحْرِمَ إذَا تَوَجَّهْنَا فِيهِ وَفِي الثَّانِي نَعَمْ لَوْ خَطَبَ إمَامُ مَكَّةَ بِهَا يَوْمَ السَّابِعِ فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يَخْطُبَ مُحْرِمًا فَيَتَقَدَّمُ إحْرَامُهُ سَيْرَهُ بِيَوْمٍ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.

" وَسُنَّ إكْثَارُ تَلْبِيَةٍ وَرَفْعُ رَجُلٍ " صَوْتَهُ " بِهَا " بِحَيْثُ لَا يَضُرُّ بِنَفْسِهِ " فِي دَوَامِ إحْرَامِهِ " فِيهِمَا لِلِاتِّبَاعِ فِي الْأَوَّلِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِلْأَمْرِ بِهِ فِي الثَّانِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ " وَ " ذَلِكَ " عِنْدَ تَغَايُرِ أحوال " كركوب ونزول وصعود وَهُبُوطٍ وَاخْتِلَاطِ رُفْقَةٍ وَفَرَاغِ صَلَاةٍ وَإِقْبَالِ لَيْلٍ أو نهار أو وقت سَحَرٍ " آكَدُ " وَخَرَجَ بِدَوَامِ إحْرَامِهِ ابْتِدَاؤُهُ فَلَا يُسَنُّ الرَّفْعُ بَلْ يُسْمِعُ نَفْسَهُ فَقَطْ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ وَأَقَرَّهُ وَالتَّقْيِيدُ بِالرَّجُلِ مِنْ زِيَادَتِي فَلَا يُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى رَفْعُ صَوْتِهِمَا بِأَنْ يُسْمِعَا غَيْرَهُمَا بَلْ يُكْرَهُ لَهُمَا رَفْعُهُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَذَانِهِمَا حَيْثُ حَرُمَ فِيهِ ذَلِكَ بِالْإِصْغَاءِ إلَى الْأَذَانِ وَاشْتِغَالِ كُلِّ أَحَدٍ بِتَلْبِيَتِهِ عَنْ سَمَاعِ تَلْبِيَةِ غَيْرِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ التَّلْبِيَةَ كَغَيْرِهَا مِنْ الْأَذْكَارِ تُكْرَهُ فِي مَوَاضِعِ النَّجَاسَةِ تَنْزِيهًا لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى " وَلَفْظُهَا لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ إلَى آخِرِهِ " أَيْ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لك وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَك لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَسُنَّ تَكْرِيرُهَا ثَلَاثًا وَمَعْنَى لَبَّيْكَ أَنَا مُقِيمٌ عَلَى طَاعَتِك وَزَادَ الْأَزْهَرِيُّ إقَامَةً بَعْد إقَامَةٍ وَإِجَابَةً بَعْدَ إجَابَةٍ وَهُوَ مُثَنَّى أُرِيدَ بِهِ التَّكْثِيرُ وَسَقَطَتْ نُونُهُ لِلْإِضَافَةِ.

" وَ " سُنَّ " لِمَنْ رَأَى مَا يُعْجِبُهُ أَوْ يَكْرَهُهُ " أَنْ يَقُولَ "لبيك إن العيش عيش الآخرة" قال صلى الله عليه وسلم حِينَ وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ ورأى جمع المسلمين رواه الشافعي وغيره عَنْ مُجَاهِدٍ مُرْسَلًا وَقَالَهُ صلى الله عليه وسلم فِي أَشَدِّ أَحْوَالِهِ فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْحَيَاةَ الْمَطْلُوبَةَ الْهَنِيئَةَ الدَّائِمَةَ هِيَ حَيَاةُ الدَّارِ الْآخِرَةِ وَقَوْلِي أَوْ يَكْرَهُهُ مِنْ زِيَادَتِي " ثُمَّ " بَعْدَ فَرَاغِهِ من تلبيته " ويصلي " وَيُسَلِّمَ " عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَسْأَلُ اللَّهَ " تَعَالَى " الْجَنَّةَ وَرِضْوَانَهُ وَيَسْتَعِيذُ " بِهِ " مِنْ النَّارِ " لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ وَيَكُونُ صَوْتُهُ بِذَلِكَ أَخْفَضَ مِنْ صَوْتِ التَّلْبِيَةِ بِحَيْثُ يَتَمَيَّزَانِ.

ص: 165

‌باب صفة النسك

الأفضل دخول مكة قبل وقوف ومن ثنية كداء وَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ لِقَاءِ الْكَعْبَةِ رَافِعًا يَدَيْهِ واقفا اللهم زد هذا البيت تشريفا إلى آخره اللهم أنت السلام إلى آخره فيدخل المسجد من باب بني شيبة ويبدأ بطواف قدوم إلا.

ــ

بَابُ صِفَةِ النُّسُكِ

" الْأَفْضَلُ " لِمُحْرِمٍ بِحَجٍّ وَلَوْ قارنا " دخول مَكَّةَ قَبْلَ وُقُوفٍ " بِعَرَفَةَ اقْتِدَاءً بِهِ صلى الله عليه وسلم وبأصحابه وَلِكَثْرَةِ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ السُّنَنِ الْآتِيَةِ " وَ " الْأَفْضَلُ دُخُولُهَا " مِنْ ثَنْيَةِ كَدَاءٍ " وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِطَرِيقِهِ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلَفْظُهُ كَانَ يَدْخُلُ مَكَّةَ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا وَيَخْرُجُ مِنْ السُّفْلَى وَالْعُلْيَا تُسَمَّى ثَنْيَةَ كداء بالفتح والمد والتنوين والسفلى ثنية كدا بِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ وَالتَّنْوِينِ وَهِيَ عِنْدَ جَبَلِ قُعَيْقِعَانَ وَالثَّنْيَةُ الطَّرِيقُ الضَّيِّقُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ وَاخْتَصَّتْ الْعُلْيَا بِالدُّخُولِ وَالسُّفْلَى بِالْخُرُوجِ لِأَنَّ الدَّاخِلَ يَقْصِدُ مَكَانًا عالي المقدار والخارج عكسه وَقَضِيَّتُهُ التَّسْوِيَةُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُحْرِمِ وَغَيْرِهِ.

" وَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ لِقَاءِ الْكَعْبَةِ رَافِعًا يَدَيْهِ وَاقِفًا اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ " أَيْ الْكَعْبَةَ " تَشْرِيفًا إلَى آخِرِهِ " أَيْ وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وزد من شرفه وعظمة ممن حجه أو اعتمره وتشريفا وَتَكْرِيمًا وَتَعْظِيمًا وَبِرًّا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ إنَّهُ مُنْقَطِعٌ " اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ إلَى آخِرِهِ " أَيْ وَمِنْك السَّلَامُ فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ قَالَهُ عُمَرُ رضي الله عنه رَوَاهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِسْنَادُهُ لَيْسَ بِقَوِيٍّ وَمَعْنَى السَّلَامِ الْأَوَّلِ ذُو السَّلَامَةِ مِنْ النَّقَائِصِ والثاني.

ص: 165

لعذر ويختص به حلال وحاج دخل مكة قبل وقوف وَمَنْ قَصَدَ الْحَرَمَ لَا لِنُسُكٍ سُنَّ إحْرَامٌ به.

فصل:

واجبات الطواف.

ستر وطهر فلو زالا فيه جدد وبنى وجعله البيت عن يساره مارا تلقاء وجهه وبدؤه بالحجر الأسود محاذيا له أو لجزئه ببدنه فلو بدأ بغيره لم يحسب وكونه سبعا وفي المسجد ونيته إن استقل وعدم.

ــ

وَالثَّالِثِ السَّلَامَةُ مِنْ الْآفَاتِ وَقَوْلِي عِنْدَ لِقَاءِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ إذَا أَبْصَرَ وَقَوْلِي رَافِعًا يَدَيْهِ وَاقِفًا مِنْ زِيَادَتِي "فَيَدْخُلُ" هُوَ أَوْلَى من قوله ثم يدخل " المسجد " الحرام " مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ " وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِطَرِيقِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلِأَنَّ باب بني شيبة من جهة الْكَعْبَةِ وَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَأَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَابِ بَنِي سَهْمٍ إذَا خَرَجَ إلَى بَلَدِهِ وَيُسَمَّى الْيَوْمَ بِبَابِ الْعُمْرَةِ.

" وَ " أَنْ " يَبْدَأَ بِطَوَافِ قدوم " للاتباع رواها الشيخان والمعنى فيه أن الطواف تحية فَيُسَنُّ أَنْ يَبْدَأَ بِهِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " إلَّا لِعُذْرٍ " كَإِقَامَةِ جَمَاعَةٍ وَضِيقِ وَقْتِ صَلَاةٍ وَتَذَكُّرِ فَائِتَةٍ فَيُقَدَّمُ عَلَى الطَّوَافِ وَلَوْ كَانَ فِي أَثْنَائِهِ لِأَنَّهُ يَفُوتُ وَالطَّوَافُ لَا يَفُوتُ وَلَا يَفُوتُ بِالْجُلُوسِ وَلَا بِالتَّأْخِيرِ نَعَمْ يَفُوتُ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَكَمَا يُسَمَّى طَوَافَ الْقُدُومِ يُسَمَّى طَوَافَ الْقَادِمِ وَطَوَافَ الورود وطواف الوارد وَطَوَافَ التَّحِيَّةِ " وَيَخْتَصُّ بِهِ " أَيْ بِطَوَافِ الْقُدُومِ " حَلَالٌ " هُوَ مِنْ زِيَادَتِي " وَحَاجٌّ دَخَلَ مَكَّةَ قَبْلَ وُقُوفٍ " فَلَا يَطْلُبُ مِنْ الدَّاخِلِ بَعْدَهُ وَلَا مِنْ الْمُعْتَمِرِ لِدُخُولِ وَقْتِ الطَّوَافِ الْمَفْرُوضِ عَلَيْهِمَا فَلَا يَصِحُّ قَبْلَ أَدَائِهِ أَنْ يَتَطَوَّعَا بِطَوَافِهِ قِيَاسًا عَلَى أَصْلِ النُّسُكِ " وَمَنْ قَصَدَ الْحَرَمَ " هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ مَكَّةَ " لَا لِنُسُكٍ " بَلْ لِنَحْوِ زِيَارَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ " سُنَّ " لَهُ " إحْرَامٌ بِهِ " أَيْ بِنُسُكٍ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لداخله سواء تكرر دُخُولُهُ كَحَطَّابٍ أَمْ لَا كَرَسُولٍ قَالَ فِي المجموع ويكره تركه.

فَصْلٌ: فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ.

"وَاجِبَاتُ الطَّوَافِ" بِأَنْوَاعِهِ ثَمَانِيَةٌ أَحَدُهَا وَثَانِيهَا " ستر " لعورة " وطهر " عن حدث أصغر وأكبر وَعَنْ نَجَسٍ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَلِخَبَرِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ " فَلَوْ زَالَا " بِأَنْ عَرِيَ أَوْ أحدث أو تنجس ثوبه أو بدنه أَوْ مَطَافُهُ بِنَجِسٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ " فِيهِ " أَيْ فِي طَوَافِهِ " جَدَّدَ " السِّتْرَ وَالطُّهْرَ " وَبَنَى " عَلَى طَوَافِهِ وَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ إذْ يُحْتَمَلُ فِيهِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِيهَا كَكَثِيرِ الْفِعْلِ وَالْكَلَامِ سَوَاءٌ أَطَالَ الْفَصْلَ أَمْ قَصُرَ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْوَلَاءِ فِيهِ كَالْوُضُوءِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِبَادَةٌ يَجُوزُ أَنْ يَتَخَلَّلَهَا مَا ليس بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لَكِنْ يُسَنُّ الِاسْتِئْنَافُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ السِّتْرِ وَالطُّهْرِ مع القدرة أَمَّا مَعَ الْعَجْزِ فَفِي الْمُهِّمَّاتِ جَوَازُ الطَّوَافِ بدونهما إلا طواف الركن فَالْقِيَاسُ مَنْعُهُ لِلْمُتَيَمِّمِ وَالْمُتَنَجِّسِ وَإِنَّمَا فُعِلَتْ الصَّلَاةُ كذلك لحرمة الوقت وهو مفقود هنا لِأَنَّ الطَّوَافَ لَا آخِرَ لِوَقْتِهِ انْتَهَى وَفِي جَوَازِ فِعْلِهِ فِيمَا ذُكِرَ بِدُونِهِمَا مُطْلَقًا نَظَرٌ وقولي فلو زال إلَى آخِرِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ فَلَوْ أَحْدَثَ فِيهِ تَوَضَّأَ وَبَنَى.

" وَ " ثَالِثُهَا " جَعْلُهُ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ " بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " مَارًّا تِلْقَاءَ وَجْهِهِ " فَيَجِبُ كَوْنُهُ خَارِجًا بِكُلِّ بَدَنِهِ عنه حتى عن شاذر وأنه وَحِجْرِهِ لِلِاتِّبَاعِ مَعَ خَبَرِ مُسْلِمٍ خُذُوا عَنِّي مناسككم فلو خَالَفَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَأَنْ اسْتَقْبَلَ الْبَيْتَ أَوْ اسْتَدْبَرَهُ أَوْ جَعَلَهُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ وَرَجَعَ الْقَهْقَرَى نَحْوَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ لم يصح طوافه لمنابذته ما ورد الشرع به وَالْحِجْرُ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَيُسَمَّى حَطِيمًا الْمُحَوَّطُ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ بِجِدَارٍ قَصِيرٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كُلٍّ مِنْ الرُّكْنَيْنِ فَتْحَةٌ.

" وَ " رَابِعُهَا " بَدْؤُهُ بِالْحَجَرِ الأسود محاذيا له أو لجزئه " في مروره " بِبَدَنِهِ " لِلِاتِّبَاعِ وَيُسَنُّ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ أَنْ يَتَوَجَّهَ الْبَيْتَ أَوَّلَ طَوَافِهِ وَيَقِفَ عَلَى جَانِبِ الْحَجَرِ الَّذِي لِجِهَةِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ بِحَيْثُ يَصِيرُ كُلُّ الْحَجَرِ عَنْ يَمِينِهِ وَمَنْكِبُهُ الْأَيْمَنُ عِنْدَ طَرَفِ الْحَجَرِ ثُمَّ يَمُرُّ مُتَوَجِّهًا لَهُ فَإِذَا جَاوَزَهُ انْفَتَلَ وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ وُجُوبِ جَعْلِ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ " فَلَوْ بَدَأَ بِغَيْرِهِ " كَأَنْ بَدَأَ بِالْبَابِ " لَمْ يُحْسَبْ " مَا طَافَهُ فَإِذَا انْتَهَى إلَيْهِ ابْتَدَأَ مِنْهُ وَلَوْ أُزِيلَ الْحَجَرُ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَجَبَ مُحَاذَاةُ مَحَلِّهِ وَيُسَنُّ حِينَئِذٍ اسْتِلَامُ مَحَلِّهِ وَتَقْبِيلُهُ وَالسُّجُودُ عَلَيْهِ وَقَوْلِي أَوْ لِجُزْئِهِ مِنْ زيادتي.

ص: 166

صرفه وسن أن يمشي في كله ويستلم الحجر أول طوافه ويقبله ويسجد عليه فإن عجز استلم بيده فبنحو عود ثم قبل فأشار بيده فبما فيها ويستلم اليماني ويقول أول طوافه بسم الله والله أكبر اللهم إيمانا بك الخ وقبالة الباب اللهم إن البيت بيتك الخ وَبَيْنَ الْيَمَانِيَيْنِ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً الآية ويدعو بما شاء ومأثوره أفضل فقراءة فغير مأثورة ويراعى ذلك كل طوفة ويرمل ذكر في الثلاث الأول من طواف بعده سعى مطلوب بأن يسرع مشيه مقاربا خطاه ويقول فيه اللهم اجعله حجا مبرورا الخ ويضطبع في طواف فيه رمل وفي سعي بأن يجعل وسط ردائه.

ــ

" وَ " خَامِسُهَا " كَوْنُهُ سَبْعًا " وَلَوْ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا مَاشِيًا أَوْ رَاكِبًا أَوْ زَاحِفًا بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَوْ تَرَكَ مِنْ السَّبْعِ شَيْئًا وَإِنْ قَلَّ لَمْ يُجْزِهِ.

" وَ " سَادِسُهَا كَوْنُهُ " فِي الْمَسْجِدِ " وَإِنْ وَسِعَ أَوْ كَانَ الطَّوَافُ عَلَى السَّطْحِ وَلَوْ مُرْتَفِعًا عَنْ الْبَيْتِ أَوْ حَالَ حَائِلٌ بَيْنَ الطَّائِفِ وَالْبَيْتِ كَالسِّقَايَةِ وَالسَّوَارِي.

" وَ " سَابِعُهَا " نِيَّتُهُ " أَيْ الطَّوَافِ " إنْ اسْتَقَلَّ " بِأَنْ لَمْ يَشْمَلْهُ نُسُكٌ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ.

" وَ " ثَامِنُهَا " عَدَمُ صَرْفِهِ " لِغَيْرِهِ كَطَلَبِ غَرِيمٍ كَمَا فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ صَرَفَهُ انْقَطَعَ لَا إنْ نَامَ فِيهِ عَلَى هَيْئَةٍ لَا تُنْقِضُ الْوُضُوءَ وَهَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ مِنْ زِيَادَتِي " وَسُنَنُهُ أَنْ يَمْشِيَ فِي كُلِّهِ " وَلَوْ امرأة إلا لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَنَّ الْمَشْيَ أَشْبُهُ بِالتَّوَاضُعِ وَالْأَدَبِ وَيُكْرَهُ بِلَا عُذْرٍ الزَّحْفُ لا الركوب لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُمْهُورِ وَفِي غَيْرِهِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ وَنَصُّهُ فِي الْأُمِّ عَلَى الْكَرَاهَةِ يُحْمَلُ عَلَى الْكَرَاهَةِ غَيْرِ الشَّدِيدَةِ الَّتِي عَبَّرَ عَنْهَا الْمُتَأَخِّرُونَ بِخِلَافِ الْأَوْلَى " وَ " أَنْ " يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ " الْأَسْوَدَ بِيَدِهِ " أَوَّلَ طَوَافِهِ وَ " أَنْ " يُقَبِّلَهُ وَيَسْجُدَ عَلَيْهِ " لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ الشَّيْخَانِ وَفِي الثالث البيهقي وإنما تسن الثلاثة للمرأة إذَا خَلَا الْمَطَافُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَإِنْ خَصَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِاللَّيْلِ وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ " فَإِنْ عَجَزَ " عَنْ الْأَخِيرَيْنِ أَوْ الْأَخِيرِ " اسْتَلَمَ " بِلَا تَقْبِيلٍ فِي الْأُولَى وَبِهِ فِي الثَّانِيَةِ " بِيَدِهِ " الْيُمْنَى فَإِنْ عَجَزَ فَبِالْيُسْرَى عَلَى الْأَقْرَبِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ " فَ " إنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِلَامِهِ بِيَدِهِ اسْتَلَمَهُ " بِنَحْوِ عُودٍ " كَخَشَبَةٍ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى اسْتَلَمَ "ثُمَّ قَبَّلَ" مَا اسْتَلَمَهُ بِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي " فَ " إنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِلَامِهِ بِيَدِهِ وَبِغَيْرِهَا " أَشَارَ " إلَيْهِ " بِيَدِهِ " الْيُمْنَى " فَبِمَا فِيهَا " مِنْ زِيَادَتِي ثُمَّ قَبَّلَ مَا أَشَارَ بِهِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم طَافَ عَلَى بَعِيرٍ فَكُلَّمَا أَتَى الرُّكْنَ أَشَارَ إلَيْهِ بِشَيْءٍ عِنْدَهُ وَكَبَّرَ وَلَا يُشِيرُ بِالْفَمِ إلَى التَّقْبِيلِ وَيُسَنُّ تَثْلِيثُ مَا ذُكِرَ مِنْ الِاسْتِلَامِ وَمَا بعده في كل طوفة وَتَخْفِيفُ الْقُبْلَةِ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ لَهَا صَوْتٌ " وَ" أَنْ " يَسْتَلِمَ " الرُّكْنَ " الْيَمَانِيَّ " وَيُقَبِّلَ يَدَهُ بَعْدَ اسْتِلَامِهِ بِهَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِلَامِهِ أَشَارَ إلَيْهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ اسْتِلَامُ غَيْرِ مَا ذُكِرَ وَلَا تَقْبِيلُ غَيْرِ الْحَجَرِ مِنْ الْأَرْكَانِ فَإِنْ خَالَفَ لَمْ يُكْرَهْ بَلْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ التَّقْبِيلَ حَسَنٌ.

" وَ " أَنْ " يَقُولَ " عِنْدَ اسْتِلَامِهِ " أول طوافه باسم الله وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ " أَطُوفُ " إيمَانًا بِك إلَى آخِرِهِ " أَيْ وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِك وَوَفَاءً بِعَهْدِك وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّك مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ " وَ " أَنْ يَقُولَ " قُبَالَةَ الباب اللهم إن الْبَيْتُ بَيْتُك إلَى آخِرِهِ " أَيْ وَالْحَرَمُ حَرَمُك وَالْأَمْنُ أَمْنُك وَهَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِك مِنْ النَّارِ وَيُشِيرُ إلَى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ " وَبَيْنَ الْيَمَانِيَيْنِ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً الْآيَةَ " لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَوَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ كَالرَّوْضَةِ اللَّهُمَّ بَدَلَ رَبَّنَا " وَ " أَنْ " يَدْعُوَ بِمَا شَاءَ وَمَأْثُورُهُ " أَيْ الدُّعَاءِ فِيهِ أَيْ مَنْقُولِهِ " أفضل فقراءة " فيه " فغير مأثورة " وَيُسَنُّ لَهُ الْإِسْرَارُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ أَجْمَعُ لِلْخُشُوعِ " وَ " أَنْ " يُرَاعِيَ ذَلِكَ " أَيْ الِاسْتِلَامَ وَمَا بَعْدَهُ " كُلَّ طَوْفَةٍ " اغْتِنَامًا لِلثَّوَابِ لَكِنَّهُ فِي الْأُولَى آكَدُ وَشُمُولُ ذَلِكَ لِاسْتِلَامِ الْيَمَانِيِّ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ زِيَادَتِي.

" وَ " أَنْ " يَرْمُلَ ذَكَرٌ في " الطوفات " الثلاثة الْأُوَلِ مِنْ طَوَافٍ بَعْدَهُ سَعْيٌ " بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " مَطْلُوبٌ " بِأَنْ يَكُونَ بَعْدَ طَوَافِ قُدُومٍ أَوْ رُكْنٍ وَلَمْ يَسْعَ بَعْدَ الْأَوَّلِ فَلَوْ سَعَى بَعْدَهُ لَمْ يَرْمُلْ فِي طَوَافِ إفَاضَةٍ وَالرَّمَلُ يُسَمَّى خَبَبًا " بِأَنْ يُسْرِعَ مَشْيَهُ مُقَارِبًا خُطَاهُ " وَيَمْشِي فِي الْبَقِيَّةِ عَلَى هِينَتِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَإِنْ طَافَ رَاكِبًا أَوْ مَحْمُولًا حَرَّكَ الدَّابَّةَ وَرَمَلَ بِهِ الْحَامِلُ وَلَوْ تَرَكَ الرمل في الثلاثة الأول لَا يَقْضِيهِ فِي الْأَرْبَعِ الْبَاقِيَةِ لِأَنَّ هَيْئَتَهَا السيكنة فَلَا تُغَيَّرُ " وَ " أَنْ " يَقُولَ فِيهِ " أَيْ في الرمل.

ص: 167

تحت منكبه الأيمن وطرفيه على الأيسر ويقرب من البيت فلو فات رمل بقرب وأمن لمس نساء ولم يرج فرجة بعد ويوالي كل طوافه ويصلي بعده ركعتين وخلف المقام أولى ففي الْحِجْرِ فَفِي الْمَسْجِدِ فَفِي الْحَرَمِ فَحَيْثُ شَاءَ بسورتي الكافرون والإخلاص ويجهر ليلا ولو حمل شخص محرما لَمْ يَطُفْ عَنْ نَفْسِهِ وَدَخَلَ وَقْتُ طَوَافِهِ وطاف به ولم ينوه لنفسه أولهما وقع للمحمول إلا إن أطلق وكان كالمحمول فله وسن أَنْ يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ بَعْدَ طَوَافِهِ وَصَلَاتِهِ ثُمَّ.

ــ

" اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ " أَيْ مَا أَنَا فِيهِ مِنْ العمل " حَجًّا مَبْرُورًا " أَيْ لَمْ يُخَالِطْهُ ذَنْبٌ " إلَى آخِرِهِ " أَيْ وَذَنْبًا مَغْفُورًا وَسَعْيًا مَشْكُورًا لِلِاتِّبَاعِ وَيَقُولُ فِي الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ كَمَا فِي التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمْ إنَّك أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْمُنَاسِبُ لِلْمُعْتَمِرِ أَنْ يَقُولَ عمرة مبرورة ويحتمل الإطلاق مراعاة للحديث يقصد الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ وَهُوَ الْقَصْدُ " وَ " أَنْ " يَضْطَبِعَ " أَيْ الذَّكَرُ " فِي طَوَافٍ فِيهِ رَمَلٌ " لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.

" وَفِي سَعْيٍ " قِيَاسًا عَلَى الطَّوَافِ بِجَامِعِ قَطْعِ مَسَافَةٍ مَأْمُورٍ بِتَكْرِيرِهَا سَبْعًا وَذَلِكَ " بِأَنْ يَجْعَلَ وَسَطَ رِدَائِهِ تَحْتَ مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ وَطَرَفَيْهِ عَلَى " مَنْكِبِهِ " الْأَيْسَرِ " كَدَأْبِ أَهْلِ الشَّطَارَةِ وَالِاضْطِبَاعُ مَأْخُوذٌ مِنْ الضَّبُعِ بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ الْعَضُدُ وَخَرَجَ بِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ رَكْعَتَا الطَّوَافِ فَلَا يُسَنُّ فِيهِمَا الِاضْطِبَاعُ بَلْ يُكْرَهُ " وَ " أَنْ " يَقْرُبَ " الذَّكَرُ فِي طَوَافِهِ " مِنْ الْبَيْتِ " تَبَرُّكًا وَلِأَنَّهُ أَيْسَرُ فِي الِاسْتِلَامِ وَالتَّقْبِيلِ نَعَمْ إنْ تَأَذَّى أَوْ آذَى غَيْرَهُ بِنَحْوِ زَحْمَةٍ فَالْبُعْدُ أَوْلَى " فَلَوْ فَاتَ رَمَلٌ بِقُرْبٍ " لِنَحْوِ زَحْمَةٍ " وَأَمْنِ لَمْسِ نِسَاءٍ وَلَمْ يَرْجُ فُرْجَةً " يَرْمُلُ فِيهَا لَوْ انْتَظَرَ " بَعْدُ " لِلرَّمَلِ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ وَالْقُرْبُ يَتَعَلَّقُ بِمَكَانِهَا فَإِنْ خَافَ لَمْسَ نِسَاءٍ فَالْقُرْبُ بِلَا رَمَلٍ أَوْلَى مِنْ الْبُعْدِ مَعَ الرَّمَلِ تَحَرُّزًا عَنْ مُلَامَسَتِهِنَّ الْمُؤَدِّيَةِ إلَى انْتِقَاضِ الطُّهْرِ وَلَوْ خَافَ مَعَ الْقُرْبِ أَيْضًا لَمْسَهُنَّ فَتَرْكُ الرَّمَلِ أَوْلَى وَإِذَا تَرَكَهُ سُنَّ أَنْ يَتَحَرَّكَ فِي مَشْيِهِ وَيَرَى أَنَّهُ لَوْ أمكنه لرمل وكذا في العدو في السعي الآتي بيانه وإن رجا الْفُرْجَةَ الْمَذْكُورَةَ سُنَّ لَهُ انْتِظَارُهَا وَخَرَجَ بِالذَّكَرِ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى فَلَا يُسَنُّ لَهُمَا شَيْءٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ بَلْ يُسَنُّ لَهُمَا فِي الْأَخِيرَةِ حَاشِيَةُ الْمَطَافِ بِحَيْثُ لَا يَخْتَلِطَانِ بِالرِّجَالِ إلَّا عِنْدَ خُلُوِّ الْمَطَافِ فَيُسِنُّ لَهُمَا الْقُرْبُ وَذِكْرُ حُكْمِ الْخُنْثَى مَعَ قَوْلِي وَلَمْ يَرْجُ فُرْجَةً مِنْ زِيَادَتِي.

" وَ " أَنْ " يُوَالِيَ كُلٌّ " مِنْ الذَّكَرِ وَغَيْرِهِ " طَوَافَهُ " خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ فِي وجوبه " و " أن " يصلي بعده ركعتين وَ " فِعْلُهُمَا " خَلْفَ الْمَقَامِ أَوْلَى " لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَذِكْرُ الْأَوْلَوِيَّةِ مِنْ زِيَادَتِي وَكَذَا قَوْلِي " فَ " إنْ لَمْ يَفْعَلْهُمَا خَلْفَ الْمَقَامِ فَعَلَهُمَا " فِي الْحِجْرِ فَفِي الْمَسْجِدِ فَفِي الْحَرَمِ فَحَيْثُ شَاءَ " مَتَى شَاءَ وَلَا يَفُوتَانِ إلَّا بِمَوْتِهِ ويأتي فِيهِمَا " بِسُورَتَيْ الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ " لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِمَا فِي قِرَاءَتِهِمَا مِنْ الْإِخْلَاصِ الْمُنَاسِبِ لِمَا هُنَا لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ ثَمَّ " وَ " أَنْ " يَجْهَرَ " بِهِمَا " لَيْلًا " مَعَ مَا أُلْحِقَ بِهِ مِنْ الْفَجْرِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ ويسر فيما عدا ذلك كالكسوف ويجزىء عن الركعتين فريضة ونافلة أخرى " وَلَوْ حَمَلَ شَخْصٌ " حَلَالٌ أَوْ مُحْرِمٌ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ لَمْ يَطُفْ " مُحْرِمًا " بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " لَمْ يَطُفْ عَنْ نَفْسِهِ وَدَخَلَ وَقْتُ طَوَافِهِ وَطَافَ بِهِ " بِقَيْدٍ زِدْته فِي الأوليين بقولي " ولم ينوه لنفسه أولهما " بِأَنْ نَوَاهُ لِلْمَحْمُولِ أَوْ أَطْلَقَ " وَقَعَ " الطَّوَافُ " للمحمول " لأنه كراكب دابة وعملا بِنِيَّةِ الْحَامِلِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقَعْ لِلْحَامِلِ الْمُحْرِمِ إذَا دَخَلَ وَقْتُ طَوَافِهِ وَنَوَى الْمَحْمُولُ لِأَنَّهُ صَرَفَهُ عَنْ نَفْسِهِ " إلَّا إنْ أَطْلَقَ وَكَانَ كالمحمول " في كونه محرما لَمْ يَطُفْ عَنْ نَفْسِهِ وَدَخَلَ وَقْتُ طَوَافِهِ " فَ " يَقَعُ " لَهُ " لِأَنَّهُ الطَّائِفُ وَلَمْ يَصْرِفْهُ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ طَافَ الْمَحْمُولُ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ طَوَافِهِ لَمْ يَقَعْ لَهُ إنْ لَمْ يَنْوِهِ لِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَكَمَا لو لمن يَطُفْ وَدَخَلَ وَقْتُ طَوَافِهِ وَإِنْ نَوَاهُ الْحَامِلُ لِنَفْسِهِ أَوْ لَهُمَا وَقَعَ لَهُ وَإِنْ نَوَاهُ مَحْمُولُهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لَمْ يَطُفْ عَنْهَا عَمَلًا بِنِيَّتِهِ فِي الْجَمِيعِ وَلِأَنَّهُ الطَّائِفُ وَلَمْ يَصْرِفْهُ عَنْ نَفْسِهِ فِيمَا إذَا لَمْ يَطُفْ وَدَخَلَ وقت طوافه وإفادة حكم الإطلاق فيمن لم يطف من زيادتي.

ص: 168

يخرج من باب الصفا للسعي وشرطه أن يبدأ بالصفا ويختم بالمروة ويسعى سبعا ذهابه من كل للآخر في المسعى مرة وبعد طواف ركن أو قدوم ولا يتخللهما الوقوف ولا تسن إعادة سعي وسن للذكر أن يرقى على الصفا والمروة قامة ويقول كل اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ إلَى آخِرِهِ ثم يدعو بما شاء ويثلث الذكر والدعاء ويمشي أول السعي وآخره ويعدو الذكر في الوسط ومحلهما معروف.

ــ

" وَسُنَّ " لِكُلٍّ بِشَرْطِهِ فِي الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى " أَنْ يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ بَعْدَ طَوَافِهِ وَصَلَاتِهِ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ بَابِ الصَّفَا " وَهُوَ الْبَابُ الَّذِي بَيْنَ الركنين اليمانيين " للسعي " بين الصفا والمروة وللاتباع رواه مسلم. " وَشَرْطُهُ أَنْ يَبْدَأَ بِالصَّفَا " بِالْقَصْرِ طَرَفُ جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ " وَيَخْتِمَ بِالْمَرْوَةِ " وَالتَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِي فَلَوْ عَكَسَ لَمْ تُحْسَبْ الْمَرَّةُ الْأُولَى " وَ " أَنْ " يَسْعَى سَبْعًا ذَهَابُهُ مِنْ كُلِّ " مِنْهُمَا " لِلْآخَرِ فِي الْمَسْعَى مَرَّةٌ " لِلِاتِّبَاعِ وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ بِلَفْظِ: "فَابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ"" وَ " أَنْ يَسْعَى " بَعْدَ طَوَافِ رُكْنٍ أَوْ قُدُومٍ وَ " أَنْ " لَا يَتَخَلَّلَهُمَا " أَيْ السَّعْيَ وَطَوَافَ الْقُدُومِ " الْوُقُوفُ " بِعَرَفَةَ بِأَنْ يَسْعَى قَبْلَهُ لِلِاتِّبَاعِ مَعَ خَبَرِ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ فَإِنْ تَخَلَّلَهُمَا الْوُقُوفُ امْتَنَعَ السَّعْيُ إلَّا بَعْدَ طَوَافِ الْفَرْضِ فَيَمْتَنِعُ أن يسعى بَعْدَ طَوَافِ نَفْلٍ مَعَ إمْكَانِهِ بَعْدَ طَوَافِ فَرْضٍ " وَلَا تُسَنُّ إعَادَةُ سَعْيٍ " لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ.

" وَسُنَّ للذكر أَنْ يَرْقَى عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَامَةً " أَيْ قَدْرَهَا لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَقَى عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي الذَّكَرَ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى فَلَا يُسَنُّ لَهُمَا الرُّقِيُّ إلَّا إنْ خَلَا الْمَحَلُّ عَنْ الرِّجَالِ غَيْرِ الْمَحَارِمِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْخُنْثَى الْإِسْنَوِيُّ وَالْوَاجِبُ عَلَى من لم يرق أَنْ يُلْصِقَ عَقِبَهُ بِأَصْلِ مَا يَذْهَبُ مِنْهُ ورؤوس أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ بِمَا يَذْهَبُ إلَيْهِ مِنْ الصَّفَا والمروة " و " أن " يقول كل " من الذكر وَالرَّاقِي وَغَيْرِهِمَا " اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ إلَى آخِرِهِ " أَيْ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَوْلَانَا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " ثُمَّ يَدْعُو بِمَا شَاءَ " دِينًا وَدُنْيَا " وَ " أَنْ " يُثَلِّثَ الذِّكْرَ وَالدُّعَاءَ " لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِزِيَادَةِ بَعْضِ أَلْفَاظٍ وَنَقْصِ بَعْضِهَا وَتَعْبِيرِي بِكُلٍّ إلَى آخِرِهِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ فَإِذَا رَقَى إلَى آخِرِهِ.

" وَ " أَنْ " يَمْشِيَ " عَلَى هِينَتِهِ " أَوَّلَ السَّعْيِ وَآخِرَهُ وَ " أَنْ " يَعْدُوَ الذَّكَرُ " أَيْ يَسْعَى سَعْيًا شَدِيدًا " فِي الْوَسَطِ " للاتباع في ذلك رَوَاهُ مُسْلِمٌ: " وَمَحَلُّهُمَا " أَيْ الْمَشْيِ وَالْعَدْوِ " مَعْرُوفٌ " ثم يمشي حَتَّى يَبْقَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمِيلِ الْأَخْضَرِ الْمُعَلَّقِ بِرُكْنِ الْمَسْجِدِ عَلَى يَسَارِهِ قَدْرُ سِتَّةِ أَذْرُعٍ فَيَعْدُو حَتَّى يَتَوَسَّطَ بَيْنَ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ اللَّذَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي رُكْنِ الْمَسْجِدِ وَالْآخَرُ مُتَّصِلٌ بِجِدَارِ الْعَبَّاسِ رضي الله عنه فَيَمْشِي حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى الْمَرْوَةِ فَإِذَا عَادَ مِنْهَا إلَى الصَّفَا مَشَى فِي مَحَلِّ مَشْيِهِ وَسَعَى فِي مَحَلِّ سعيه أولا وخرج بزيادتي الذَّكَرَ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى فَلَا يَعْدُوَانِ وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمْ فِي سَعْيِهِ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمْ إنَّك أنت الأعز الْأَكْرَمُ وَأَنْ يُوَالِيَ بَيْنَ مَرَّاتِ السَّعْيِ وَبَيْنَهُ وبين الطواف ولا يشترط فيه الطهر وَلَا سِتْرٌ وَيَجُوزُ فِعْلُهُ رَاكِبًا وَيُكْرَهُ لِلسَّاعِي أَنْ يَقِفَ فِي سَعْيِهِ لِحَدِيثٍ أَوْ غَيْرِهِ.

ص: 169

فصل:

سن للإمام أن يخطب بمكة سابع الحجة بعد ظهر أو جمعة يأمر فيها بالغدو إلى منى ويعلمهم المناسك ويخرج.

ــ

فَصْلٌ: فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ مَعَ مَا يُذْكَرُ مَعَهُ.

" سُنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخْطُبَ " وَلَوْ بِنَائِبِهِ " بِمَكَّةَ سَابِعَ " ذِي " الْحِجَّةِ " بِكَسْرِ الْحَاءِ أَفْصَحُ من فتحها المسمى يوم الزِّينَةِ لِتَزْيِينِهِمْ فِيهِ هَوَادِجَهُمْ " بَعْدَ " صَلَاةِ " ظُهْرٍ أَوْ جُمُعَةٍ " إنْ كَانَ يَوْمُهَا " خُطْبَةً " فَرْدَةً " يَأْمُرُ " هُمْ " فِيهَا بِالْغُدُوِّ " يَوْمَ الثَّامِنِ الْمُسَمَّى يوم التروية لِأَنَّهُمْ يَتَرَوَّوْنَ فِيهِ الْمَاءَ " إلَى مِنًى " وَيُسَمَّى التَّاسِعُ يَوْمَ عَرَفَةَ وَالْعَاشِرُ يَوْمَ النَّحْرِ وَالْحَادِيَ عشر يوم القر لِاسْتِقْرَارِهِمْ فِيهِ بِمِنًى وَالثَّانِي عَشَرَ يَوْمَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثَ عَشَرَ يَوْمَ النَّفْرِ الثَّانِي " وَيُعَلِّمُهُمْ " فيها " المناسك " إلى.

ص: 170

بهم من غد بعد صبح إلى منى ويبيتوا بها ويقصدوا عرفة إذا أشرقت الشمس على ثبير ويقيموا بقربها بنمرة إلى الزوال ثُمَّ يَذْهَبُ بِهِمْ إلَى مَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ فَيَخْطُبُ خطبتين ثم يجمع بهم العصرين تقديما ويقفوا بعرفة ويكثروا الذكر والدعاء إلى الغروب ثم يَقْصِدُوا مُزْدَلِفَةَ وَيَجْمَعُوا بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ تَأْخِيرًا وواجب الوقوف حضوره وهو أهل للعبادة بعرفة بين زوال وفجر نحر ولو فارقها قبل غروب ولم يعد سن دم ولو وقفوا العاشر غلطا ولم يقلوا أجزأهم.

ــ

الْخُطْبَةِ الْآتِيَة فِي مَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ وَيَأْمُرُ فِيهَا أَيْضًا الْمُتَمَتِّعِينَ وَالْمَكِّيِّينَ بِطَوَافِ الْوَدَاعِ قَبْلَ خُرُوجِهِمْ وَبَعْدَ إحْرَامِهِمْ وَهَذَا الطَّوَافُ مَسْنُونٌ وَقَوْلِي أَوْ جُمُعَةً مِنْ زِيَادَتِي " وَ " أَنْ " يَخْرُجَ بِهِمْ مِنْ غَدٍ " بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " بَعْدَ صُبْحٍ " أَيْ صَلَاتِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ يَوْمَ جُمُعَةٍ خرج بهم قبل الفجر إنْ لَزِمَتْهُمْ الْجُمُعَةُ وَلَمْ يُمْكِنْهُمْ إقَامَتُهَا بِمِنًى كَمَا عُرِفَ فِي بَابِهَا " إلَى مِنًى " فَيُصَلُّونَ بِهَا الظُّهْرَ وَمَا بَعْدَهَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ: " وَ " أَنْ " يَبِيتُوا بِهَا وَ " أَنْ " يَقْصِدُوا عرفة إذا أشرقت " هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ طَلَعَتْ " الشَّمْسُ " بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " عَلَى ثَبِيرَ " وَهُوَ جَبَلٌ كَبِيرٌ بِمُزْدَلِفَةَ عَلَى يَمِينِ الذَّاهِبِ إلَى عَرَفَةَ مَارِّينَ بِطَرِيقِ ضَبٍّ وَهُوَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ " وَ " أَنْ " يُقِيمُوا بِقُرْبِهَا بِنَمِرَةَ إلَى الزَّوَالِ " وَقَوْلِي " ثُمَّ يَذْهَبُ بِهِمْ إلَى مَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ " صلى الله عليه وسلم من زيادتي وصدره من عرفة وَآخِرُهُ مِنْ عَرَفَةَ وَيُمَيِّزُ بَيْنَهُمَا صَخَرَاتٌ كِبَارٌ فُرِشَتْ هُنَاكَ " فَيَخْطُبُ " بِهِمْ فِيهِ " خُطْبَتَيْنِ " يُبَيِّنُ لَهُمْ فِي أُولَاهُمَا مَا أَمَامَهُمْ مِنْ الْمَنَاسِكِ إلَى خُطْبَةِ يَوْمِ النَّحْرِ وَيُحَرِّضُهُمْ عَلَى إكْثَارِ الدُّعَاءِ وَالتَّهْلِيلِ فِي الْمَوَاقِفِ وَيُخَفِّفُهَا وَيَجْلِسُ بَعْدَ فَرَاغِهَا بِقَدْرِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ ثُمَّ يَقُومُ إلَى الثَّانِيَةِ وَيَأْخُذُ الْمُؤَذِّنُ فِي الْأَذَانِ وَيُخَفِّفُهَا بِحَيْثُ يفرغ منها مع فراغ المؤذن مِنْ الْأَذَانِ " ثُمَّ يَجْمَعُ بِهِمْ " بَعْدَ الْخُطْبَتَيْنِ " الْعَصْرَيْنِ تَقْدِيمًا " لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالتَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ جَمْعُ تَقْدِيمٍ مِنْ زِيَادَتِي وَالْجَمْعُ لِلسَّفَرِ لَا لِلنُّسُكِ وَيَقْصُرُهُمَا أَيْضًا الْمُسَافِرُ بِخِلَافِ الْمَكِّيِّ.

" وَ " أَنْ " يَقِفُوا بِعَرَفَةَ " إلَى الْغُرُوبِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مسلم قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَبَيْنَ هَذَا الْمَسْجِدِ وَمَوْقِفِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالصَّخَرَاتِ نَحْوُ مِيلٍ " وَ " أَنْ " يُكْثِرُوا الذِّكْرَ " مِنْ تَهْلِيلٍ أو غيره " وَالدُّعَاءَ إلَى الْغُرُوبِ " رَوَى التِّرْمِذِيُّ خَبَرَ أَفْضَلُ الدعاء دعاء يَوْمَ عَرَفَةَ وَأَفْضَلُ مَا قُلْت أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَزَادَ الْبَيْهَقِيُّ اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا اللَّهُمَّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَذَكَرَ الْإِكْثَارَ فِي الدُّعَاءِ وَالذِّكْرُ غَيْرُ التَّهْلِيلِ مِنْ زِيَادَتِي " ثُمَّ " بعد الغروب " يقصدوا مزدلفة ويجمع بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ تَأْخِيرًا " لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ نَعَمْ إنْ خَشِيَ فَوْتَ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ لِلْعِشَاءِ جَمَعَ بِهِمْ فِي الطَّرِيقِ وَالْجَمْعُ لِلسَّفَرِ لَا لِلنُّسُكِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ وَيَذْهَبُونَ بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ فَمَنْ وَجَدَ فُرْجَةً أَسْرَعَ " وَوَاجِبُ الْوُقُوفِ " بِعَرَفَةَ " حُضُورُهُ " أَيْ الْمُحْرِمِ " وَهُوَ أَهْلٌ لِلْعِبَادَةِ " وَلَوْ نَائِمًا أَوْ مَارًّا فِي طَلَبِ آبِقٍ أَوْ نحوه " بعرفة " أي بجزء منها " بَيْنَ زَوَالٍ وَفَجْرٍ " يَوْمَ " نَحْرٍ " لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي خَبَرِهِ وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَلِخَبَرِ الْحَجُّ عَرَفَةَ مَنْ جَاءَ لَيْلَةَ جَمْعٍ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَلَيْلَةُ جَمْعٍ هِيَ لَيْلَةُ الْمُزْدَلِفَةِ وَخَرَجَ بِالْأَهْلِ غَيْرُهُ كَمُغْمًى عَلَيْهِ وَسَكْرَانَ وَمَجْنُونٍ فَلَا يُجْزِئُهُمْ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ لَكِنْ يَقَعُ حَجُّهُمْ نَفْلًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي الْمَجْنُونِ كَحَجِّ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَاتَهُ الْحَجُّ لِصِحَّةِ حَمْلِهِ عَلَى فَوَاتِ الْحَجِّ الْوَاجِبِ.

" وَلَوْ فَارَقَهَا " أَيْ عَرَفَةَ " قَبْلَ غُرُوبٍ وَلَمْ يَعُدْ " إلَيْهَا " سُنَّ " لَهُ " دَمٌ " خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ لَا إنْ عَادَ إلَيْهَا وَلَوْ لَيْلًا لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا يُسَنُّ لَهُ وَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي الْمَوْقِفِ " وَلَوْ وَقَفُوا " الْيَوْمَ " الْعَاشِرَ غَلَطًا وَلَمْ يَقِلُّوا " عَلَى خِلَافِ العادة في الحج لِظَنِّهِمْ أَنَّهُ التَّاسِعُ بِأَنْ غُمَّ عَلَيْهِمْ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ فَأَكْمَلُوا ذَا الْقِعْدَةِ ثَلَاثِينَ ثُمَّ بان أن الهلال أهل ليلة الثلاثين " أَجْزَأَهُمْ " وُقُوفُهُمْ سَوَاءٌ أَبَانَ لَهُمْ ذَلِكَ فِي الْعَاشِرِ أَمْ بَعْدَهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمْ إذْ لَوْ كُلِّفُوا بِهِ لَمْ يَأْمَنُوا وُقُوعَ مِثْلِ ذَلِكَ فِيهِ وَلِأَنَّ فِيهِ مَشَقَّةً عَامَّةً بِخِلَافِ مَا إذَا قَلُّوا وَلَيْسَ مِنْ الْغَلَطِ الْمُرَادِ لَهُمْ مَا إذَا وَقَعَ ذَلِكَ بِسَبَبِ حِسَابٍ كما ذكره.

ص: 171

فصل:

يجب مبيت لحظة بمزدلفة من نصف ثان فمن لم يكن بها فيه ولم يعد فيه لزمه دم وسن أن يأخذوا منها حصى رمي نحر ويقدم نساء وضعفه بعد نصف إلى منى ويبقى غيرها حتى يصلوا الصبح بغلس ثم يقصدوا منى فإذا بلغوا المشعر الحرام استقبلوه ووقفوا وهو أفضل وذكروا ودعوا إلى إسفار ثم يسيروا ويدخلوا منى بعد طلوع شمس.

ــ

الرَّافِعِيُّ وَخَرَجَ بِالْعَاشِرِ مَا لَوْ وَقَفُوا الْحَادِيَ عَشَرَ أَوْ الثَّامِنَ غَلَطًا فَلَا يُجْزِيهِمْ لِنُدْرَةِ الْغَلَطِ فِيهِمَا وَلِأَنَّ تَأْخِيرَ الْعِبَادَةِ عَنْ وَقْتِهَا أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِسَابِ مِنْ تَقْدِيمِهَا عَلَيْهِ فِي الثَّانِي.

فَصْلٌ: فِي الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَالدَّفْعِ مِنْهَا وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا.

" يَجِبُ " بَعْدَ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ " مَبِيتٌ " أَيْ مُكْثٌ " لَحْظَةٍ " وَلَوْ بِلَا نَوْمٍ " بِمُزْدَلِفَةَ " لِلِاتِّبَاعِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالْوُجُوبِ وَبِالِاكْتِفَاءِ بِلَحْظَةٍ مِنْ زِيَادَتِي فَالْمُعْتَبَرُ الْحُصُولُ فِيهَا لَحْظَةً " مِنْ نِصْفٍ ثَانٍ " مِنْ الليل لَا لِكَوْنِهِ يُسَمَّى مَبِيتًا إذْ الْأَمْرُ بِالْمَبِيتِ لَمْ يَرِدْ هُنَا بَلْ لِأَنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَهَا حَتَّى يَمْضِيَ نَحْوُ رُبُعِ اللَّيْلِ وَيَجُوزُ الدَّفْعُ مِنْهَا بَعْدَ نِصْفِهِ وَبَقِيَّةُ الْمَنَاسِكِ كَثِيرَةٌ شَاقَّةٌ فَسُومِحَ فِي التَّخْفِيفِ لِأَجْلِهَا.

" فَمَنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا فِيهِ " أَيْ فِي النِّصْفِ الثَّانِي بِأَنْ لَمْ يَبِتْ بِهَا أَوْ بَاتَ لَكِنْ نَفَرَ قَبْلَهُ أَيْ النِّصْفِ " وَلَمْ يَعُدْ " إلَيْهَا " فِيهِ لَزِمَهُ دَمٌ " كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْأَصْلِ عَدَمَ لُزُومِهِ نَعَمْ إنْ تركه كَأَنْ خَافَ أَوْ انْتَهَى إلَى عَرَفَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ وَاشْتَغَلَ بِالْوُقُوفِ عَنْ الْمَبِيتِ أَوْ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ إلَى مَكَّةَ وَطَافَ لِلرُّكْنِ فَفَاتَهُ المبيت لم يلزمه شيء " وَسُنَّ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْهَا حَصَى رَمْيٍ " يَوْمَ " نَحْرٍ " قَالَ الْجُمْهُورُ لَيْلًا وَقَالَ الْبَغَوِيّ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ غَدَاةَ يَوْمِ النحر التقط لي حصى قال فلقطت له حصيات مثل حصى الخذف والتصريح بسن أَخْذُهَا مَعَ التَّقْيِيدِ بِرَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ مِنْ زِيَادَتِي فَالْمَأْخُوذُ سَبْعُ حَصَيَاتٍ لَا سَبْعُونَ.

" وَ " أَنْ " يُقَدَّمَ نِسَاءٌ وَضَعَفَةٌ بَعْدَ نِصْفٍ " مِنْ اللَّيْلِ " إلَى مِنًى " لِيَرْمُوا قَبْلَ الزَّحْمَةِ وَلِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ سَوْدَةَ أَفَاضَتْ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ بِإِذْنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِالدَّمِ وَلَا النَّفَرَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهَا وَفِيهِمَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَنَا مِمَّنْ قَدَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ " وَ " أَنْ " يَبْقَى غَيْرُهُمْ حَتَّى يُصَلُّوا الصُّبْحَ بِغَلَسٍ " بِهَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَيَتَأَكَّدُ طَلَبُ التَّغْلِيسِ هُنَا عَلَى بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ لخبر لشيخين: "وَلِيَتَّسِعَ الْوَقْتُ لِمَا بَيْنَ أَيْدِيهمْ مِنْ أَعْمَالِ يَوْمِ النَّحْرِ"" ثُمَّ يَقْصِدُوا مِنًى " وَشِعَارُهُمْ مَعَ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ النِّسَاءِ وَالضَّعَفَةِ التَّلْبِيَةُ قَالَ القفال مع التكبير.

" فَإِذَا بَلَغُوا الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ " وَهُوَ جَبَلٌ فِي آخِرِ مُزْدَلِفَةَ يُقَالُ لَهُ قُزَحٌ " اسْتَقْبَلُوا الْقِبْلَةَ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ" وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي " وَوَقَفُوا " عِنْدَهُ " وَهُوَ " أَيْ وُقُوفُهُمْ بِهِ " أَفْضَلُ " مِنْ وُقُوفِهِمْ بِغَيْرِهِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ وَمِنْ مُرُورِهِمْ بِهِ بِلَا وُقُوفٍ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي " وَذَكَرُوا " اللَّهَ تَعَالَى " وَدَعَوْا إلَى أَسْفَارٍ " لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَوْلِي وَذَكَرُوا مِنْ زِيَادَتِي كَأَنْ يَقُولُوا اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ " ثُمَّ يَسِيرُوا " بِسَكِينَةٍ فَإِذَا وَجَدُوا فُرْجَةً أَسْرَعُوا وَإِذَا بَلَغُوا وادي محسر أسرع.

ص: 172

فيرمي كل سبع حصيات إلى جمرة العقبة ويقطع التلبية عند ابتداء نحو رمي ويكبر مع كل رمية وحلق وعقبه ويذبح من معه هدي ويحلق أو يقصر والحلق أفضل للذكر والتقصير لغيره وأقله ثلاث شعرات من رأس وسن لمن لا شعر برأسه إمرار موس عليه ويدخل مكة ويطوف للركن فيسعى إن لم يكن سعى فيعود إلى منى وسن ترتيب أعمال نحر كما ذكر ويدخل وقتها لا الذبح بنصف ليلة نحر لمن وقف قبله وَيَبْقَى وَقْتُ الرَّمْيِ الِاخْتِيَارِيِّ إلَى آخِرِ يَوْمِهِ ولا آخر لوقت الحلق والطواف وسيأتي وقت الذبح وحل باثنين من رمي نحر وحلق وطواف غير نكاح ووطء ومقدماته وبالثالث الباقي.

ــ

الْمَاشِي وَحَرَّكَ الرَّاكِبُ دَابَّتَهُ وَذَلِكَ قَدْرَ رَمْيَةِ حجر حتى يقطعوا عرض الوادي " ويدخلوا منى بعد طلوع شمس فَيَرْمِي كُلٌّ " مِنْهُمْ حِينَئِذٍ " سَبْعَ حَصَيَاتٍ إلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ " لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ. " وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ نَحْوِ رَمْيٍ " مِمَّا لَهُ دَخْلٌ فِي التَّحَلُّلِ لِأَخْذِهِ فِي أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ كَمَا أَنَّ الْمُعْتَمِرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ طَوَافِهِ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي " وَيُكَبِّرُ " بَدَلَ التَّلْبِيَةِ " مَعَ كُلِّ رَمْيَةٍ " لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَهَذَا الرَّمْيُ تحية مِنًى فَلَا يَبْدَأُ فِيهَا بِغَيْرِهِ وَيُبَادِرُ بِالرَّمْيِ كماأفادته إلغاء حَتَّى إنَّ السُّنَّةَ لِلرَّاكِبِ أَنْ لَا يَنْزِلَ للرمي والسنة للرامي إلى الجمرة أو يَسْتَقْبِلَهَا " وَ " مَعَ " حَلْقٍ وَعَقِبَهُ " لِفِعْلِ السَّلَفِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي " وَيَذْبَحُ مَنْ مَعَهُ هَدْيٌ " تقربا " وَيَحْلِقُ " لِلْآيَةِ الْآتِيَةِ وَلِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ. " أَوْ يُقَصِّرُ " لِلْآيَةِ وَلِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْحَلْقِ " وَالْحَلْقُ أفضل للذكر وَالتَّقْصِيرُ " أَفْضَلُ " لِغَيْرِهِ " مِنْ أُنْثَى وَخُنْثَى قَالَ تعالى: {مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} 1 إذْ الْعَرَبُ تَبْدَأُ بِالْأَهَمِّ وَالْأَفْضَلِ وَرَوَى الشَّيْخَانِ خَبَرَ: " اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ" فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالْمُقَصِّرِينَ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ" قَالَ فِي الرَّابِعَةِ: "وَالْمُقَصِّرِينَ" وَرَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حلق وإنما عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ الْحَلْقُ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى وَذِكْرُ حُكْمِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَالْمُرَادُ مِنْ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ إزَالَةُ الشَّعْرِ فِي وَقْتِهِ وَهِيَ نُسُكٌ لَا اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ كَمَا عُلِمَ مِنْ الْأَفْضَلِيَّةِ هُنَا وَمِنْ عَدِّهِ رُكْنًا فِيمَا يَأْتِي وَيَدُلُّ لَهُ الدُّعَاءُ لِفَاعِلِهِ بِالرَّحْمَةِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ فَيُثَابُ عَلَيْهِ.

" تَنْبِيهٌ " يُسْتَثْنَى مِنْ أَفْضَلِيَّةِ الْحَلْقِ مَا لَوْ اعْتَمَرَ قَبْلَ الْحَجِّ فِي وَقْتٍ لَوْ حَلَقَ فيه جاء يوم النحر ولو لم يَسْوَدَّ رَأْسُهُ مِنْ الشَّعْرِ فَالتَّقْصِيرُ لَهُ أَفْضَلُ " وَأَقَلُّهُ " أَيْ كُلٍّ مِنْ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ " ثَلَاثُ شعرات " أَيْ إزَالَتُهَا " مِنْ " شَعْرِ " رَأْسٍ " وَلَوْ مُسْتَرْسِلَةً عنه أو متفرقة لوجوب الفدية على المحرم بِإِزَالَتِهَا الْمُحَرَّمَةِ وَاكْتِفَاءً بِمُسَمَّى الْجَمْعِ الْمَأْخُوذِ مِنْ قوله تعالى: {مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ} 2 أَيْ شَعْرَهَا وَقَوْلِي مِنْ رَأْسٍ مِنْ زِيَادَتِي " وَسُنَّ لِمَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ إمْرَارُ مُوسًى عَلَيْهِ " تَشْبِيهًا بِالْحَالِقِينَ " وَيَدْخُلُ مَكَّةَ وَيَطُوفُ لِلرُّكْنِ " لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَكَمَا يُسَمَّى طَوَافَ الرُّكْنِ يسمى طواف الإفاضة وَطَوَافَ الزِّيَارَةِ وَطَوَافَ الْفَرْضِ وَطَوَافَ الصَّدَرِ بِفَتْحِ الدَّالِ " فَيَسْعَى إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى " بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ كَمَا مَرَّ وَسَيَأْتِي أَنَّ السَّعْيَ رُكْنٌ وَتَعْبِيرِي بِالْفَاءِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْوَاوِ " فَيَعُودُ إلَى مِنًى " لِيَبِيتَ بِهَا.

" وَسُنَّ تَرْتِيبُ أَعْمَالِ " يَوْمِ " نَحْرٍ " بِلَيْلَتِهِ مِنْ رَمْيٍ وَذَبْحٍ وَحَلْقٍ أَوْ تَقْصِيرٍ وَطَوَافٍ " كَمَا ذَكَرَ " وَلَا يَجِبُ رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي حَلَقْت قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، فَقَالَ:"ارْمِ وَلَا حَرَجَ" وَأَتَاهُ آخَرُ فَقَالَ: إنِّي أَفَضْت إلَى الْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ فَقَالَ: "ارْمِ وَلَا حَرَجَ" وَرَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَا سُئِلَ عَنْ شيء في ذلك اليوم قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ إلَّا قَالَ: "افْعَلْ وَلَا حَرَجَ"" وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا لَا الذَّبْحُ " لِلْهَدْيِ تَقَرُّبًا " بِنِصْفِ لَيْلَةِ نَحْرٍ " بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " لِمَنْ وَقَفَ قَبْلَهُ " رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَ أُمَّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ فَرَمَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَفَاضَتْ وَقِيسَ بِذَلِكَ الْبَاقِي مِنْهَا " وَيَبْقَى وَقْتُ الرَّمْيِ الِاخْتِيَارِيِّ إلَى آخِرِ يَوْمِهِ " أَيْ النَّحْرِ رَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إني رميت بعد ما أَمْسَيْت، قَالَ:"لَا حَرَجَ" وَالْمَسَاءُ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي الِاخْتِيَارِيَّ وَقْتُ الْجَوَازِ فَيَمْتَدُّ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ وَقْتَ الْفَضِيلَةِ لرمي يَوْمَ النَّحْرِ يَنْتَهِي بِالزَّوَالِ فَيَكُونُ لِرَمْيِهِ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَوَقْتُ اخْتِيَارٍ وَوَقْتُ جَوَازٍ " ولا آخر لوقت الحلق " أو التقصير.

1 الفتح: 27.

2 الفتح: 27.

ص: 173

فصل:

يجب مبيت بمنى ليالي تشريق معظم ليل ورمي كل يوم بعد زوال إلى الجمرات فإن نفر في الثاني بعد رميه جاز وسقط مبيت الثالثة ورمى يومها وشرط للرمي ترتيب وكونه سبعا وبيد وبحجر وقصد المرمى وتحقق إصابته.

ــ

" والطواف " المتبوع بالسعي إن لم يفعل لأن الأصل عدم التأقيت " وَسَيَأْتِي وَقْتُ الذَّبْحِ " لِلْهَدْيِ تَقَرُّبًا وَغَيْرُهُ فِي بَابِ مَا حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ.

" وَحَلَّ بِاثْنَيْنِ مِنْ رَمْيٍ " يَوْمَ " نَحْرٍ وَحَلْقٍ " أَوْ تَقْصِيرٍ " وَطَوَافٍ " مَتْبُوعٍ بِسَعْيٍ إنْ لَمْ يَفْعَلْ مِنْ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ " غَيْرَ نِكَاحٍ وَوَطْءٍ وَمُقَدِّمَاتِهِ " مِنْ لُبْسٍ وَحَلْقٍ أَوْ تَقْصِيرٍ وَقَلْمٍ وَصَيْدٍ وَطِيبٍ وَدُهْنٍ وَسَتْرِ رَأْسِ الذَّكَرِ وَوَجْهِ غَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ لِخَبَرِ: "إذَا رَمَيْتُمْ الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ" وَرُوِيَ إذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحُ فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَحَلَّ بِهِ اللُّبْسُ وَالْحَلْقُ وَالْقَلْمُ وَكَذَا الصَّيْدُ " وَ " حَلَّ " بِالثَّالِثِ الْبَاقِي " مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَهُوَ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ وَمَنْ فَاتَهُ الرَّمْيُ وَلَزِمَهُ بَدَلُهُ مِنْ دَمٍ أَوْ صَوْمٍ تَوَقَّفَ التَّحَلُّلُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِبَدَلِهِ هَذَا فِي تَحَلُّلِ الْحَجِّ أما الْعُمْرَةُ فَلَهَا تَحَلُّلٌ وَاحِدٌ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْحَجَّ يَطُولُ زَمَنُهُ وَتَكْثُرُ أَفْعَالُهُ بِخِلَافِ الْعُمْرَةِ فَأُبِيحَ بَعْضُ مُحَرَّمَاتِهِ فِي وَقْتٍ وَبَعْضُهَا فِي آخَرَ.

فَصْلٌ: فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ الَّتِي عَقِبَ يَوْمِ العيد وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُ.

" يَجِبُ مَبِيتٌ بِمِنًى لَيَالِيَ " أَيَّامِ " تَشْرِيقٍ " لِلِاتِّبَاعِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ مَعَ خَبَرِ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ " مُعْظَمَ لَيْلٍ " كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ بِمَكَانٍ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِمَبِيتِ مُعْظَمِ اللَّيْلِ وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ بِلَحْظَةٍ مِنْ نِصْفِهِ الثَّانِي بِمُزْدَلِفَةَ كَمَا مَرَّ لِمَا تَقَدَّمَ ثَمَّ وَالتَّصْرِيحُ بِمَبِيتِ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ وَبِالْوُجُوبِ مَعَ قَوْلِي مُعْظَمَ لَيْلٍ مِنْ زِيَادَتِي " وَ " يَجِبُ " رَمْيٌ كُلَّ يَوْمٍ " مِنْ أَيَّامِ التشريق " بعد الزوال إلَى الْجَمَرَاتِ " الثَّلَاثِ وَإِنْ كَانَ الرَّامِي فِيهَا وَالْأُولَى مِنْهَا تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ وَهِيَ الْكُبْرَى وَالثَّانِيَةُ الْوُسْطَى وَالثَّالِثَةُ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ وَلَيْسَتْ مِنْ مِنًى بَلْ مِنًى تَنْتَهِي إلَيْهَا " فَإِنْ نَفَرَ " وَلَوْ انْفَصَلَ مِنْ مِنًى بَعْدَ الْغُرُوبِ أَوْ عاد لشغل " فِي " الْيَوْمِ " الثَّانِي بَعْدَ رَمْيِهِ " وَبَاتَ اللَّيْلَتَيْنِ قبله أو ترك مبيتها لِعُذْرٍ " جَازَ وَسَقَطَ مَبِيتُ " اللَّيْلَةِ " الثَّالِثَةِ وَرَمْيُ يَوْمِهَا " قَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} 1 وَيَخْطُبُ الْإِمَامُ بِمِنًى بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ خُطْبَةً يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا رَمْيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وحكما لمبيت وَغَيْرَهُمَا وَثَانِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ خُطْبَةً يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا جَوَازَ النَّفْرِ فِيهِ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَيُوَدِّعُهُمْ.

" وَشَرْطٌ لِلرَّمْيِ " أَيْ لِصِحَّتِهِ " تَرْتِيبٌ " لِلْجَمَرَاتِ بِأَنْ يَرْمِيَ أَوَّلًا إلَى الْجَمْرَةِ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ ثُمَّ إلَى الْوُسْطَى ثُمَّ إلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ: " وَكَوْنُهُ سَبْعًا " مِنْ الْمَرَّاتِ لِذَلِكَ فَلَوْ رَمَى سَبْعَ حَصَيَاتٍ مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ حَصَاتَيْنِ كَذَلِكَ إحْدَاهُمَا بِيَمِينِهِ وَالْأُخْرَى بِيَسَارِهِ لَمْ يُحْسَبْ إلَّا وَاحِدَةٌ ولو رمى حصاة واحدة سبع مرات كفى وَلَا يَكْفِي وَضْعُ الْحَصَاةِ فِي الْمَرْمِيِّ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى رَمْيًا وَلِأَنَّهُ خِلَافُ الْوَارِدِ " وَ " كَوْنُهُ " بِيَدٍ " لِأَنَّهُ الْوَارِدُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي فَلَا يَكْفِي الرَّمْيُ بِغَيْرِهَا كَقَوْسٍ وَرِجْلٍ " وَ " كَوْنُهُ " بِحَجَرٍ " لِذِكْرِ الْحَصَى فِي الْأَخْبَارِ وَهُوَ من الحجر فيجزي بِأَنْوَاعِهِ وَلَوْ مِمَّا يُتَّخَذُ مِنْهُ الْفُصُوصُ كَيَاقُوتٍ وَعَقِيقٍ وَبَلُّورٍ لَا غَيْرُهُ كَلُؤْلُؤٍ وَإِثْمِدٍ وَجِصٍّ وَجَوْهَرٍ مُنْطَبِعٍ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَحَدِيدٍ " وَقَصْدُ الْمَرْمِيِّ " مِنْ زِيَادَتِي فَلَوْ رَمَى إلَى غَيْرِهِ كَأَنْ رَمَى فِي الْهَوَاءِ فَسَقَطَ فِي الْمَرْمِيِّ لَمْ يُحْسَبْ " وَتَحَقُّقُ إصَابَتِهِ " بِالْحَجَرِ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ فيه كأن تدحرج وخرج منه فلو شك في إصابته لم يحسب.

1 البقرة: 203.

ص: 174

وسن أن يرمي بقدر حصى الخذف ومن عجز أناب ولو ترك رميا تداركه في باقي تشريق أداء وإلا لزمه دم بثلاث رميات ويجب على غير نحو حائض طواف وداع بفراق مكة ويجبر تركه بدم فإن عاد قبل مسافة قصر وطاف فلا دم وإن مكث بعده لا لصلاة أقيمت أو شغل سفر أعاد وسن شرب ماء زمزم وَزِيَارَةُ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

ــ

" وَسُنَّ أَنْ يَرْمِيَ بِقَدْرِ حَصَى الْخَذْفِ " بِمُعْجَمَتَيْنِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: "عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ" وَهُوَ دُونَ الْأُنْمُلَةِ طُولًا وَعَرْضًا بِقَدْرِ الْبَاقِلَّا " وَمَنْ عَجَزَ " عَنْ الرمي لعلة لا يرجى زوالها قَبْلَ فَوَاتِ وَقْتِ الرَّمْيِ " أَنَابَ " مَنْ يَرْمِي عَنْهُ وَلَا يَمْنَعُ زَوَالُهَا بَعْدَهُ مِنْ الِاعْتِدَادِ بِهِ وَلَا يَصِحُّ رَمْيُهُ عَنْهُ إلَّا بَعْدَ رَمْيِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَإِلَّا وَقَعَ عَنْهَا وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ سَبْعًا إلَى هُنَا يَأْتِي فِي رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ " وَلَوْ تَرَكَ رَمْيًا " مِنْ رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ أَوْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَإِذَا تَرَكَ رَمْيَ يَوْمٍ " تَدَارَكَهُ فِي بَاقِي تَشْرِيقٍ " أَيْ أَيَّامِهِ وَلَيَالِيِهِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِبَاقِي الْأَيَّامِ " أَدَاءً " بالنص فِي الرِّعَاءِ وَأَهْلِ السِّقَايَةِ وَبِالْقِيَاسِ فِي غَيْرِهِمْ وَقَوْلِي أَدَاءً مِنْ زِيَادَتِي وَإِنَّمَا وَقَعَ أَدَاءً لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ قَضَاءً لَمَا دَخَلَهُ التَّدَارُكُ كَالْوُقُوفِ بَعْدَ فَوْتِهِ وَيَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَمْيِ مَا بَعْدَهُ فَإِنْ خَالَفَ فِي رَمْيِ الْأَيَّامِ وَقَعَ عَنْ الْمَتْرُوكِ وَيَجُوزُ رَمْيُ الْمَتْرُوكِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَلَيْلًا كَمَا عُلِمَ فَقَوْلُ الْأَصْلِ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَيَدْخُلُ رَمْيُ التَّشْرِيقِ بِزَوَالِ الشَّمْسِ وَيَخْرُجُ بِغُرُوبِهَا اقْتِصَارٌ عَلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ " وَإِلَّا " أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَدَارَكْهُ " لَزِمَهُ دَمٌ بِ "تَرْكِ رَمْيِ " ثَلَاثِ رَمَيَاتٍ " فَأَكْثَرَ وَلَوْ فِي الأيام الأربعة لِأَنَّ الرَّمْيَ فِيهَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَإِنْ كَانَ رَمْيُ كُلِّ يَوْمٍ عِبَادَةً بِرَأْسِهَا وَفِي الرَّمْيَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مُدُّ طَعَامٍ وَفِي الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْهُ مُدَّانِ وَفِي تَرْكِ مَبِيتِ لَيَالِي التَّشْرِيقِ كُلِّهَا دَمٌ وَاحِدٌ وَفِي لَيْلَةٍ مُدٌّ وَفِي لَيْلَتَيْنِ مُدَّانِ إنْ لَمْ يَنْفِرْ قَبْلَ الثالثة إلا وجب دم لِتَرْكِهِ جِنْسَ الْمَبِيتِ هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْمَعْذُورِينَ أَمَّا هُمْ كَأَهْلِ السِّقَايَةِ وَرِعَاءِ الْإِبِلِ أو غيرها فَلَهُمْ تَرْكُ الْمَبِيتِ لَيَالِيَ مِنًى بِلَا دَمٍ.

" ويجب على غير نحو حائض " كنفساء " طواف وداع " ويسمى بالصدر أيضا " بِفِرَاقِ مَكَّةَ " وَلَوْ مَكِّيًّا أَوْ غَيْرَ حَاجٍّ ومعتمر أو فارقها بسفر قَصِيرٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ أَيْ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَمَا ذَكَرْته مِنْ وُجُوبِ طَوَافِ الْوَدَاعِ عَلَى غَيْرِ الْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ هُوَ مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَنَاسِكِ وَالْمُعْتَمَدُ مَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ مِنْهَا فَلَا يَجِبُ على من ذكر وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا وَدَاعَ عَلَى مَنْ خَرَجَ لِغَيْرِ مَنْزِلِهِ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ وَكَانَ سَفَرُهُ قَصِيرًا لكن خَرَجَ لِلْعُمْرَةِ وَلَا عَلَى مُحْرِمٍ خَرَجَ إلَى مِنًى وَأَنَّ الْحَاجَّ إذَا أَرَادَ الِانْصِرَافَ مِنْ منى فعليه الوداع كما في المجموع أَمَّا نَحْوُ الْحَائِضِ فَلَا طَوَافَ عَلَيْهَا لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ إلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ وَقِيسَ بِهَا النُّفَسَاءُ فَلَوْ طَهُرَتْ قَبْلَ مُفَارَقَةِ مَكَّةَ لَزِمَهَا الْعَوْدُ وَالطَّوَافُ أَوْ بَعْدَهَا فَلَا وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي " وَيُجْبَرُ تَرْكُهُ " مِمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ " بِدَمٍ " لِتَرْكِهِ نُسُكًا وَاجِبًا وَاسْتَثْنَى مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ تَبَعًا لِلرُّويَانِيِّ الْمُتَحَيِّرَةَ.

" فَإِنْ عَادَ " بَعْدَ فِرَاقِهِ بِلَا طواف " قبل مسافة قصر وَطَافَ فَلَا دَمَ " عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ المقيم وكما لو جاوز الميقات غَيْرُ مُحْرِمٍ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ وَقَوْلِي وَطَافَ مِنْ زِيَادَتِي وَقَوْلِي فَلَا دَمَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ سَقَطَ الدَّمُ " وَإِنْ مَكَثَ بَعْدَهُ " أَيْ بَعْدَ الطَّوَافِ وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " لَا لِصَلَاةٍ أُقِيمَتْ أَوْ شُغْلِ سَفَرٍ " كَشِرَاءِ زَادٍ وَشَدِّ رَحْلٍ " أَعَادَ " الطَّوَافَ بِخِلَافِ مَا إذَا مَكَثَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ " وَسُنَّ شُرْبُ مَاءِ زَمْزَمَ " وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجٍّ وَمُعْتَمِرٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَأَنْ يَتَضَلَّعَ مِنْهُ وأن يستقبل القبلة عند شربه " وَزِيَارَةُ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجٍّ وَمُعْتَمِرٍ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الْأَصْلِ فِيهِ وَفِيمَا قَبْلَهُ خِلَافَهُ وَذَلِكَ لِخَبَرِ: "مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجنة ومنبري عَلَى حَوْضِي" وَخَبَرِ "لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَمَسْجِدِي هَذَا" رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَسُنَّ لِمَنْ قَصَدَ الْمَدِينَةَ الشَّرِيفَةَ لِزِيَارَتِهِ أَنْ يُكْثِرَ فِي طَرِيقِهِ مِنْ الصَّلَاةَ وَالسَّلَامَ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا رَأَى حَرَمَ الْمَدِينَةِ وَأَشْجَارَهَا زَادَ في ذلك وسأل الله أَنْ يَنْفَعَهُ بِهَذِهِ الزِّيَارَةِ وَيَتَقَبَّلَهَا مِنْهُ وَيَغْتَسِلُ قَبْلَ دُخُولِهِ وَيَلْبَسُ أَنْظَفَ ثِيَابِهِ فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَصَدَ الرَّوْضَةِ وَهِيَ بَيْنَ قَبْرِهِ وَمِنْبَرِهِ كَمَا مَرَّ وَصَلَّى تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ بِجَانِبِ الْمِنْبَرِ وَشَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى بَعْدَ فَرَاغِهَا عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ ثُمَّ وَقَفَ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ مُسْتَقْبِلَ رَأْسِ الْقَبْرِ الشَّرِيفِ وَيَبْعُدُ مِنْهُ نَحْوَ أَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ نَاظِرًا لِأَسْفَلَ مَا يَسْتَقْبِلُهُ فَارِغَ الْقَلْبِ مِنْ علق الدنيا ويسلم بلا رفع صوت وَأَقَلُّهُ السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يَتَأَخَّرُ صَوْبَ يَمِينِهِ قَدْرَ ذِرَاعٍ فَيُسَلِّمُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ يَتَأَخَّرُ قَدْرَ ذراع فيسلم

ص: 175

فصل:

أركان الحج إحرام ووقوف وطواف وسعي وحلق أو تقصير وترتيب المعظم ولا تجبر وغير الوقوف أركان للعمرة ويؤديان بإفراد بأن يحج ثم يعتمر وبتمتع بأن يعكس وبقران بأن يحرم بهما أو بعمرة ثم يحج قَبْلَ شُرُوعٍ فِي طَوَافٍ ثُمَّ يَعْمَلَ عَمَلَهُ ويمتنع عكسه وأفضلها إفراد إن اعتمر عامه ثم تمتع وعلى المتمتع والقارن دم إن لم يكونا من.

ــ

عَلَى عُمَرَ رضي الله عنهما ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى مَوْقِفِهِ الْأَوَّلِ قُبَالَةَ وَجْهِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَتَوَسَّلُ بِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَيَسْتَشْفِعُ بِهِ إلَى رَبِّهِ ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ لِنَفْسِهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ وَإِذَا أَرَادَ السَّفَرَ وَدَّعَ الْمَسْجِدَ بِرَكْعَتَيْنِ وَأَتَى الْقَبْرَ الشريف وأعاد نحو السلام الأول.

فَصْلٌ: فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَبَيَانِ أَوْجُهِ أدائهما مع ما يتعلق بذلك.

" أَرْكَانُ الْحَجِّ " سِتَّةٌ " إحْرَامٌ " بِهِ أَيْ نِيَّةُ الدُّخُولِ فِيهِ لِخَبَرِ: "إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ"" وَوُقُوفٌ " بِعَرَفَةَ لِخَبَرِ: " الْحَجُّ عَرَفَةَ"" وَطَوَافٌ " لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} 1 " وَسَعْيٌ " لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فِي الْمَسْعَى وَقَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اسْعَوْا فَإِنَّ السَّعْيَ قَدْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ"" وَحَلْقٌ أَوْ تَقْصِيرٌ " لِتَوَقُّفِ التَّحَلُّلِ عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ جَبْرِهِ بِدَمٍ كَالطَّوَافِ وَالْمُرَادُ إزَالَةُ الشَّعْرِ كَمَا مَرَّ "وَتَرْتِيبُ الْمُعَظَّمِ" بِأَنْ يُقَدِّمَ الْإِحْرَامَ عَلَى الْجَمِيعِ وَالْوُقُوفَ عَلَى طَوَافِ الرُّكْنِ والحلق أو التقصير عَلَى السَّعْيِ إنْ لَمْ يَفْعَلْ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَدَلِيلُهُ الِاتِّبَاعُ مَعَ خَبَرِ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ وَقَدْ عَدَّهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا رُكْنًا وَفِي الْمَجْمُوعِ شَرْطًا وَالْأَوَّلُ أَنْسَبُ بِمَا فِي الصلاة وقولي أَوْ تَقْصِيرٌ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي " وَلَا تُجْبَرُ " أَيْ الْأَرْكَانُ أَيْ لَا دَخْلَ لِلْجَبْرِ فِيهَا وَتَقَدَّمَ مَا يُجْبَرُ بِدَمٍ وَيُسَمَّى بَعْضًا وغيرها يُسَمَّى هَيْئَةً " وَغَيْرُ الْوُقُوفِ " مِنْ السِّتَّةِ " أَرْكَانُ للعمرة " لِشُمُولِ الْأَدِلَّةِ لَهَا وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحَلْقَ أَوْ التقصير يجب تأخيره فالترتيب فيها مطلق.

" ويؤديان " أَيْ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا مَعًا أَوْ يَبْدَأَ بِحَجٍّ أَوْ بِعُمْرَةٍ قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ أَحَدُهَا أَنْ يُؤَدَّيَا " بِإِفْرَادٍ بِأَنْ يَحُجَّ ثُمَّ يَعْتَمِرَ " بِأَنْ يُحْرِمَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْحَجِّ بِالْعُمْرَةِ وَيَأْتِيَ بِعَمَلِهَا " وَ " ثَانِيهَا " بِتَمَتُّعٍ بِأَنْ يَعْكِسَ " بِأَنْ يَعْتَمِرَ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مِيقَاتِ بَلَدِهِ ثُمَّ يَحُجَّ سَوَاءٌ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ أَمْ مِنْ مِيقَاتٍ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْهُ أَمْ من مثل مسافته أو مِنْ مِيقَاتٍ أَقْرَبَ مِنْهُ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الْأَصْلِ اشْتِرَاطَ كَوْنِهِ مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنْ مِيقَاتِ عُمْرَتِهِ وَكَوْنُ الْعُمْرَةِ مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِهِ وسمي الْآتِي بِذَلِكَ مُتَمَتِّعًا لِتَمَتُّعِهِ بِمَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ بَيْنَ النُّسُكَيْنِ أَوْ لِتَمَتُّعِهِ بِسُقُوطِ الْعَوْدِ لِلْمِيقَاتِ عَنْهُ " و " ثالثها " بقران بأن بحرم بِهِمَا " مَعًا فِي أَشْهُرِ حَجٍّ " أَوْ بِعُمْرَةٍ " وَلَوْ قَبْلَ أَشْهُرِهِ " ثُمَّ يَحُجَّ " فِي أَشْهُرِهِ " قَبْلَ شُرُوعٍ فِي طَوَافٍ ثُمَّ يَعْمَلَ عَمَلَهُ " أَيْ الْحَجِّ فِيهِمَا فَيَحْصُلَانِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِخَبَرِ عَائِشَةَ السَّابِقِ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِمَا رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّ عَائِشَةَ أَحْرَمَتْ بِعُمْرَةٍ فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَهَا تَبْكِي فَقَالَ: " مَا شَأْنُك" قَالَتْ حِضْت وَقَدْ حَلَّ النَّاسُ وَلَمْ أَحْلُلْ وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَهِلِّي بِالْحَجِّ" فَفَعَلَتْ وَوَقَفَتْ الْمَوَاقِفَ حَتَّى إذَا طَهُرَتْ طَافَتْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "قَدْ حللت من حجك وَعُمْرَتِك جَمِيعًا" وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي قَبْلَ الشُّرُوعِ مَا إذَا شَرَعَ فِي الطَّوَافِ فَلَا يَصِحُّ إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ لِاتِّصَالِ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ بِمَقْصُودِهِ وَهُوَ أَعْظَمُ أَفْعَالِهَا فَيَقَعُ عَنْهَا وَلَا يَنْصَرِفُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى غَيْرِهَا وَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ الْإِحْرَامَ بِهِمَا بِكَوْنِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَالْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ بِكَوْنِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ اقْتِصَارٌ عَلَى الْأَفْضَلِ.

" وَيَمْتَنِعُ عَكْسُهُ " بِأَنْ يحرم بحج وَلَوْ فِي أَشْهُرِهِ ثُمَّ بِعُمْرَةٍ قَبْلَ طَوَافٍ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ بِهِ شَيْئًا بِخِلَافِ إدْخَالِ الحج على.

1 الحج: 29.

ص: 176

حاضري الحرم وهم من دون مرحلتين منه واعتمر المتمتع في أشهر حج عامه ولم يعد لإحرام الحج إلى ميقات ووقت وجوب الدم عليه إحرامه بالحج والأفضل ذبحه يوم نحر فإن عجز بحرم صام قبل نحر ثلاثة أيام تسن قبل عرفة.

ــ

العمرة فإنه يستفيد به الوقوف والرمي والمبيت "وَأَفْضَلُهَا" أَيْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ " إفْرَادٌ " بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي " إنْ اعْتَمَرَ عَامَهُ " فَلَوْ أُخِّرَتْ عَنْهُ الْعُمْرَةُ كَانَ الْإِفْرَادُ مَفْضُولًا لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا عَنْهُ مكروه " ثم تمتع " أفضل من القرآن في أفضلية ما ذكر منشأ الْخِلَافِ اخْتِلَافُ الرُّوَاةِ فِي إحْرَامِهِ صلى الله عليه وسلم رَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أفرد الحج ورويا أَنَّهُ أَحْرَمَ مُتَمَتِّعًا وَرَجَحَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ رُوَاتَهُ أَكْثَرُ وَبِأَنَّ جَابِرًا مِنْهُمْ أَقْدَمُ صُحْبَةً وَأَشَدُّ عِنَايَةً بِضَبْطِ الْمَنَاسِكِ وَبِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اخْتَارَهُ أَوَّلًا كَمَا بَيَّنْته مَعَ فَوَائِدَ في شرح الروض وَأَمَّا تَرْجِيحُ التَّمَتُّعِ عَلَى الْقِرَانِ فَلِأَنَّ أَفْعَالَ النُّسُكَيْنِ فِيهِ أَكْمَلُ مِنْهَا فِي الْقِرَانِ.

" وَعَلَى " كل من " المتمتع والقارن دم " قال تَعَالَى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} 1 وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم ذَبَحَ عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ يَوْمَ النَّحْرِ قَالَتْ وَكُنَّ قَارِنَاتٍ " إنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ حَاضِرِي الْحَرَمِ " لِقَوْلِهِ تعالى في المتمتع: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} 2 وَقِيسَ بِهِ الْقَارِنُ فَلَا دَمَ عَلَى حَاضِرِيهِ "وَهُمْ مِنْ" مَسَاكِنِهِمْ " دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ مِنْهُ " أَيْ مِنْ الْحَرَمِ لِقُرْبِهِمْ مِنْهُ وَالْقَرِيبُ مِنْ الشَّيْءِ يُقَالُ إنَّهُ حَاضِرُهُ قَالَ تَعَالَى: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} 3 أَيْ قَرِيبَةً مِنْهُ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَرْبَحُوا مِيقَاتًا كَمَا أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الروض فَمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ مِنْ الْآفَاقِيِّينَ وَلَوْ غَيْرَ مُرِيدٍ نُسُكًا ثُمَّ بَدَا لَهُ فَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ لِعَدَمِ الِاسْتِيطَانِ وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي دُونِ المرحلتين من جاوز الميقات مريد النسك ثُمَّ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ لَا يَلْزَمُهُ دَمُ التَّمَتُّعِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ اسْتَوْطَنَ وَلَا يَضُرُّ التَّقْيِيدُ بِالْمُرِيدِ لِأَنَّ غَيْرَهُ مَفْهُومٌ بِالْمُوَافَقَةِ وَمِنْ إطْلَاقِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى جَمِيعِ الْحَرَمِ كَمَا هُنَا قَوْله تَعَالَى: {فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} 4 وعبر في المحرر بدل الحرم بمكة قال الأسنوي والفتوى قرب دُخُولِ مَكَّةَ أَوْ عَقِبَ دُخُولِهَا لَزِمَهُ دَمُ التمتع لأنه ليس من الحاضرين عَلَى مَا فِيهِ فَقَدْ نَقَلَهُ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ ثُمَّ قَالَ وَأَيَّدَهُ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ اعْتِبَارَ ذَلِكَ مِنْ الْحَرَمِ يُؤَدِّي إلَى إدْخَالِ الْبَعِيدِ عَنْ مَكَّةَ وَإِخْرَاجُ الْقَرِيبِ لِاخْتِلَافِ الْمَوَاقِيتِ وَعَطَفْت عَلَى مَدْخُولِ إنْ قَوْلِي " وَاعْتَمَرَ الْمُتَمَتِّعُ فِي أَشْهُرِ حَجِّ عَامِهِ " فَلَوْ وَقَعَتْ الْعُمْرَةُ قَبْلَ أَشْهُرِهِ أَوْ فِيهَا وَالْحَجُّ فِي عَامَ قَابِلٍ فَلَا دَمَ وَكَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِهَا فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ وَأَتَى بِجَمِيعِ أَفْعَالِهَا فِي أَشْهُرِهِ ثُمَّ حَجَّ " وَلَمْ يَعُدْ لِإِحْرَامِ الْحَجِّ إلَى مِيقَاتٍ " وَلَوْ أَقْرَبَ لِمَكَّةَ مِنْ مِيقَاتِ عُمْرَتِهِ أَوْ إلَى مِثْلِ مَسَافَةِ مِيقَاتِهَا فَلَوْ عَادَ إلَيْهِ وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَلَا دم لِانْتِفَاءِ تَمَتُّعِهِ وَتَرَفُّهِهِ وَكَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِهِ مِنْ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا الْقَارِنُ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ ثُمَّ عَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى مِيقَاتِ.

" وَوَقْتِ وُجُوبِ الدَّمِ عَلَيْهِ " أَيْ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ " إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ " لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِيرُ مُتَمَتِّعًا بِالْعُمْرَةِ إلى الحج ووقت جواز بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعُمْرَةِ وَقَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَلَا يَتَأَقَّتُ ذَبْحُهُ كَسَائِرِ دِمَاءِ الْجُبْرَانَاتِ بِوَقْتٍ " و " لكن " الأفضل ذبحه يوم

1 البقرة: 196.

2 البقرة: 196.

3 لأعراف: 163.

4 التوبة: 28.

ص: 177