المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[تحريف الكلم عن مواضعه] - فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية ت محب الدين الخطيب - جـ ١

[محمود شكري الألوسي]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة الطبعة الأولى] محب الدين الخطيب

- ‌[مقدمة محمود شكري الألوسي البغدادي]

- ‌[دعاء الصالحين]

- ‌[التفرق]

- ‌[مخالفة ولي الأمر]

- ‌[التقليد]

- ‌[الاقتداء بالعالم الفاسق أو العابد الجاهل]

- ‌[الاحتجاج بما كان عليه الآباء بلا دليل]

- ‌[الاحتجاج على الحق بقلة أهله]

- ‌[الاستدلال على بطلان الشيء بكونه غريبًا]

- ‌[انخداع أهل القوة والحيلة بقوتهم وحيلتهم]

- ‌[انخداع أهل الثروة بثروتهم]

- ‌[الاستخفاف بالحق لضعف أهله]

- ‌[وصم أنصار الحق بما ليس فيهم]

- ‌[التكبر عن نصرة الحق لأن أنصاره ضعفاء]

- ‌[استدلالهم على بطلان الشيء بكونهم أولى به لو كان حقا]

- ‌[جهلهم بالجامع والفارق]

- ‌[الغلو في الصالحين]

- ‌[الاعتذار بعدم الفهم]

- ‌[إنكارهم الحق الذي لا تقول به طائفتهم]

- ‌[التمسك بخرافات السحر]

- ‌[التناقض في الانتساب]

- ‌[صرف النصوص عن مدلولاتها]

- ‌[تحريف كتب الدين]

- ‌[الانصراف عن هداية الدين إلى ما يخالفها]

- ‌[كفرهم بما مع غيرهم من الحق]

- ‌[ادعاء كل طائفة حصر الحق فيها]

- ‌[إنكار ما أقروا أنه من دينهم]

- ‌[المجاهرة بكشف العورات]

- ‌[التعبد بتحريم الحلال]

- ‌[الإلحاد في أسماء الله سبحانه وصفاته]

- ‌[نسبة النقائص إلى الله سبحانه]

- ‌[تنزيههم المخلوق عما نسبوه للخالق]

- ‌[قولهم بالتعطيل]

- ‌[الشركة في الملك]

- ‌[إنكار النبوات]

- ‌[جحودهم القدر واحتجاجهم به على الله]

- ‌[مسبة الدهر]

- ‌[إضافة نعم الله إلى غيره]

- ‌[الكفر بآيات الله]

- ‌[اختيار كتب الباطل ونبذ آيات الله]

- ‌[القدح في حكمة الله تعالى]

- ‌[الكفر بالملائكة والرسل، والتفريق بينهم]

- ‌[الغلو في الأنبياء والرسل]

- ‌[الجدال بغير علم]

- ‌[الكلام في الدين بلا علم]

- ‌[الكفر باليوم الآخر]

- ‌[التكذيب بآية مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ]

- ‌[التكذيب بآية لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ]

- ‌[الخطأ في معنى الشفاعة]

- ‌[قتل أولياء الله]

- ‌[الإيمان بالجبت والطاغوت]

- ‌[لبس الحق بالباطل]

- ‌[الإقرار بالحق للتوصل إلى دفعه]

- ‌[اتخاذ النبيين أربابا]

- ‌[تحريف الكلم عن مواضعه]

- ‌[تلقيب أهل الهدى بألقاب غريبة]

- ‌[التكذيب بالحق]

- ‌[الافتراء على المؤمنين]

- ‌[رمي المؤمنين بالفساد في الأرض]

- ‌[رمي المؤمنين بتبديل الدين]

- ‌[اتهام أهل الحق بالفساد في الأرض]

- ‌[تناقضُ مَذهَبهِمْ لَمَّا تَرَكوا الحق]

- ‌[دعْوَاهُم العَمَلَ بِالْحَقِّ الَّذي عِنْدهمْ]

- ‌[الزِّيادةُ في العِبادةِ]

- ‌[النقص من العبادة]

الفصل: ‌[تحريف الكلم عن مواضعه]

قَال تَعَالى في سورةِ [آلِ عِمرانَ: 72-74] : {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ - وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ - يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [آل عمران: 72 - 74] قالَ الحسنُ والسُّدِّيُّ: تَواطَأ اثنا عَشَرَ رَجُلا مِن أحبارِ يَهودِ خَيْبَرَ وقُرى عَرِينٍ، وقال بعضُهُم لِبَعْضٍ: ادْخلوا في دِينِ مُحَمَّدٍ أوَّل النَّهارِ بالِّلسانِ دونَ الاعتقادِ، واكفُروا آخِرَ النَّهارِ، وقولوا: إنا نَظَرْنا في كُتُبِنا، وشاوَرْنا عُلَماءَنا، فَوَجَدْنا مُحَمَّدا ليس بذاكَ، وظَهَرَ لنا كَذِبُهُ، وبُطلانُ دِينه، فإذا فَعَلْتُم ذلك شَكَّ أصحابُه في دِينهم، وقالوَا: إنَّهم أهلُ كِتابٍ، وهُم أعْلَمُ بِهِ، فَيْرجِعونَ عن دِينهم إلى دينكم.

[اتخاذ النبيين أربابا]

اتخاذ النبيين أربابا (الثالثة والخمسون) : تسْمِيتهم اتِّباعِ الإِسلامِ شِركًا. قَالَ تَعَالى [آل عمران: 79- 80] : {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ - وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 79 - 80] أخْرَجَ ابنُ إسحاقَ بِسَنَدِهِ: حِينَ «اجْتَمَعَتِ الأحْبارُ مِنَ اليهودِ والنَّصارى من أهلِ نَجْرانَ عِنْدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وَدَعاهُم إلى الإِسلامِ، [قالوا] : أتُريد يا محمدُ أنْ نَعْبُدَكَ كَما تَعْبُدُ النَّصارى عِيسى ابنَ مَرْيَمَ؟ فقالَ رَجُلٌ مِن أهلِ نَجْرانَ نَصْرانِيٌّ يُقالُ لَهُ الرَّئيسُ: أوَ ذاكَ تريدُ مِنَّا يا محَمَّدُ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَعاذَ الله أنْ نَعْبُدَ غَيْرَ الله، أوْ نَأمُرَ بِعِبادَةِ غيرِهِ، وما بِذَلِكَ بَعَثنَي، وَلا بِذَلِكَ أَمَرَني» ، فَأنْزَلَ الله تَعالى هذه الآية.

[تحريف الكلم عن مواضعه]

تحريف الكلم عن مواضعه (الرابعة والخمسون) : تحْريفُ الكَلِم عَنْ مواضِعِهِ، وَلَيُّ الألْسِنَةِ بالكِتابِ.

ص: 265

قَالَ تَعالى في سورةِ [آل عِمران: 78] : {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 78] رُويَ أنَّ الآية نَزَلَتْ في اليهودِ والنصارى جَميعا، وَذلِكَ أنَّهم حَرَّفوا التَّوراةَ والإِنْجيلَ، وَألْحَقوا بِكِتابِ الله تَعالى ما لَيْسَ مِنْهُ. واخْتَلَفَ النَّاسُ في أنَّ المحرَّفَ هَلْ كان يُكْتَبُ في التَّوراةِ أمْ لا؟ فَذَهبَ جَمْع إلى أنه لَيْس في التَّوراةِ سِوى كلامِ الله تَعالى، وأنَّ تَحْريفَ اليهودِ لم يَكُنْ إلا تَغْييرا وَقْتَ القِراءَةِ، وتأويلا باطِلا للنُّصوصِ، وأمَّا أنَّهم يَكْتُبون ما يَرومونَ في التَّوراةِ على تَعدُّدِ نُسَخِها فَلا. واحْتَجُّوا لِذَلِكَ بمَا رُويَ أنَّ التَّوراةَ والإِنجيلَ كما أنْزَلَهما الله تَعالى لم يُغَيَّرْ منهما حَرْفٌ، وَلَكِنَّهُم يُضِلُّونَ بِالتَّحْريفِ والتّأويلِ وَكُتُبٍ كانوا يَكْتُبونَها مِن عِندِ أنْفُسِهِم، وَيقولونَ: إنَّ ذَلِكَ مِنْ عِندِ الله، وما هو مِنْ عِندِ الله، فأمَّا كُتُبُ الله تَعالى فإنَّها مَحْفوظَةٌ لا تحوَّل. وبأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَقولُ لِليهودِ إلزامًا لهم:«ائتوا بِالتَّوراةِ فَاتْلوها إنْ كنْتُمْ صادِقينَ» ، وهم يَمْتَنِعونَ عن ذَلِكَ، فَلَو كانَت مُغَيَّرَةً إلى ما يُوافِقُ مَرامَهُمْ ما امْتنعوا، بَلْ وَمَا كانَ يقولُ لَهُم ذَلِكَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لأنَّهُ يَعودُ على مَطلَبِهِ الشَّريفِ بالإِبطالِ. وَذَهَبَ آخَرُونَ إلى أنَّهُم بَدَّلوا، وَكَتموا ذَلِكَ في نَفْسِ كِتابِهم، واحْتَجُّوا على ذلك بكثيرٍ مِنَ الظَّواهِرِ (1) . ولا يَمْنَعُ مِن ذَلِكَ تَعَدُّدُ النُّسَخِ؛ لاحْتِمالِ التّوَاطُؤِ، أو فُعِلَ ذَلِكَ فِي البَعْضِ دُونَ البَعْضِ، وكَذَلِكَ لا يَمْنَعُ مِنْه قَولُ الرَّسولِ لَهُمْ ذَلِكَ؛ لاحْتِمالِ عِلْمهِ بِبقاءِ بَعضِ ما يَفي بغرَضِهِ سالِما عَنِ التَّغْييرِ، إمَّا لِجَهلِهِم بوجْهِ دِلالَتِهِ، أو لِصَرْفِ الله تَعالى إياهُم عن تغْييرِهِ. وتَمامُ الكَلامِ في تفسيرِ الجَدِّ عندَ الكلام على هَذه الآية، وكذا في (الجَواب الصَّحيح) لشَيخِ الإِسلامِ. وكثيرٌ مِنَ الأمَّة المحمَّدِيّة سَلَكوا مَسْلَكَ الكِتابِيِّيينَ في التَّحريفِ، والتّأويلِ، واتِّباعِ شَهَواتِهِم. وقَالَ تَعالى في سورةِ [النِّساءِ: 46] :

(1) ومنها أن السفر المنسوب إلى موسى نفسه مذكور فيه خبر وفاة موسى مكتوبا من بعده، فكيف يوحى إليه أو يصدر عنه ما كتب بعده؟ محب الدين الخطيب.

ص: 266