الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَسْأَلَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِأُمَّتِهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ
197 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو بِعَرَفَةَ يَدَاهُ إِلَى صَدْرِهِ كَاسْتُطْعَامِ الْمِسْكِينِ
198 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْهِلَالِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا ابْنُ كِنَانَةَ بْنِ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعَا عَشِيَّةَ يَوْمِ عَرَفَةَ لِأُمَّتِهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ فَأَكْثَرَ الدُّعَاءَ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: إِنِّي قَدْ فَعَلْتُ إِلَّا ظُلْمَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، وَأَمَّا ذُنُوبُهُمْ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَقَدْ
⦗ص: 380⦘
غَفَرْتُهَا "، فَقَالَ:«يَا رَبِّ إِنَّكَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ تُثِيبَ هَذَا الْمَظْلُومَ خَيْرًا مِنْ مَظْلَمَتِهِ وَتَغْفِرَ لِهَذَا الظَّالِمِ» فَلَمْ يُجِبْهُ تِلْكَ الْعَشِيَّةَ فَلَمَّا كَانَ غَدَاةَ الْمُزْدَلِفَةِ أَعَادَ الدُّعَاءَ، فَأَجَابَهُ اللَّهُ تَعَالَى «إِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ» قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَبَسَّمْتَ فِي سَاعَةٍ لَمْ تَكُنْ تَتَبَسَّمُ فِيهَا، قَالَ:«تَبَسَّمْتُ مِنْ عَدُوِّ اللَّهِ إِبْلِيسَ، إِنَّهُ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدِ اسْتَجَابَ لِي فِي أُمَّتِي أَهْوَى يَدْعُو بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ وَيَحْثُو عَلَى رَأْسِهِ التُّرَابَ»
⦗ص: 381⦘
قَالَ الشَّيْخُ رضي الله عنه: يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْإِجَابَةُ فِي الظُّلْمِ فِي الْعَاقِبَةِ حَتَّى لَا يُخَلَّدَ فِي النَّارِ بِظُلْمِهِ الَّذِي هُوَ دُونَ الشِّرْكِ، فَيُحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ فِي الِابْتِدَاءِ قَبْلَ أَنْ يُعَاقِبَهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذُنُوبِهِ فَسَبِيلُنَا أَنْ نُجْتَنِبَ مِنَ الْمَظَالِمِ مَا اسْتَطَعْنَا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ قَالَ الشَّيْخُ رضي الله عنه: وَفِي كِتَابِ اللَّهِ وَفِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مَا دُونَ الشِّرْكِ مِنَ الذُّنُوبِ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]
199 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ نُعَيْمٍ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ، أَنْبَأَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ
⦗ص: 382⦘
الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا أَخَذَ عَلَى النِّسَاءِ أَلَّا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا نَسْرِقَ وَلَا نَزْنِيَ وَلَا نَقْتُلَ أَوْلَادَنَا وَلَا نَعْصِيَهُ بَعْضُنَا بَعْضًا، فَمَنْ وَفَّى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ أَتَى مِنْكُمْ حَدًّا فَأُقِيمَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَفَّارَتُهُ وَمَنْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ
⦗ص: 383⦘
قَالَ رضي الله عنه: مَا وَقَعَ مَا دُونَ الشِّرْكِ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى إِنْ كَانَ فِي مَشِيئَتِهِ تَعْذِيبُ بَعْضِهِمْ، فَإِنَّهُ لَا يَدُومُ وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ وَيُرَدُّ إِلَى الْجَنَّةِ بِإِيمَانِهِ، قَالَ اللَّهُ عز وجل:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النساء: 40] وَقَالَ: {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} [الكهف: 30] وَفِي تَخْلِيدِ الْمُؤْمِنِ فِي النَّارِ مَعَ الْكُفَّارِ تَضْيِيعُ مَا أَحْسَنَ مِنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، وَقَالَ اللَّهُ عز وجل: إِنَّا لَا نَفْعَلُ ذَلِكَ
201 -
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، أَصْبَحَ أَبُوكُ غَادِيًا؟ قَالَ: غَدَا بِي لِبَعْضِ حَاجَتِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا وَاللَّهِ وَقَدْ غَدَا بِكَ لِيَذْبَحَكَ، قَالَ إِسْحَاقُ: مَا كَانَ أَبِي لِيَذْبَحَنِي، قَالَ: بَلَى قَالَ: لِمَ؟ قَالَ: زَعَمَ أَنَّ رَبَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ، قَالَ إِسْحَاقُ: فَوَاللَّهِ إِنْ أَمَرَهُ لَيُطِيعَنَّهُ فَتَرَكَهُ الشَّيْطَانُ، وَأَسْرَعَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: أَيْنَ أَصْبَحْتَ غَادِيًا بِابْنِكِ؟ قَالَ: غَدَوْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي، قَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا غَدَوْتَ إِلَّا لِتَذْبَحَهُ، قَالَ: وَلِمَ أَذْبَحُهُ؟ قَالَ: زَعَمَتَ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَكَ بِذَلِكَ، قَالَ: فَوَاللَّهِ إِنْ كَانَ أَمَرَنِي لَأَفْعَلَنَّ قَالَ: فَلَمَّا أَخَذَ إِبْرَاهِيمُ إِسْحَاقَ لِيَذْبَحَهُ سَلَّمَ اللَّهُ إِسْحَاقَ عَافَاهُ وَفَدَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِإِسْحَاقَ: قُمْ أَيْ بُنَيَّ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْفَاكَ. وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى إِسْحَاقَ إِنِّي أَعْطَيْتُكَ دَعْوَةً اسْتَجَبْتُ لَكَ فِيهَا، قَالَ إِسْحَاقُ: اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَدْعُوكَ أَنْ تَسْتَجِيبَ لِي، أَيُّمَا عَبْدٍ لَقِيَكَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَا يُشْرِكُ بِكَ شَيْئًا فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ
204 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: خَرَجَ نَبِيُّ اللَّهِ إِبْرَاهِيمُ بِابْنِهِ إِسْمَاعِيلَ وَنَاسٌ يَقُولُونَ: هُوَ إِسْحَاقُ فَذَكَرَ مَعْنَى مَا رَوَيْنَا عَنْ كَعْبٍ ثُمَّ قَالَ إِبْرَاهِيمُ: {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى، قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات: 102] وَيَا أَبَتِ أَوْثِقْنِي رِبَاطًا لَا يَنْتَضِحُ عَلَيْكَ مِنْ دَمِي فَقَامَ إِلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ بِالشَّفْرَةِ فَبَرَكَ عَلَيْهِ فَجَعَلَ مَا بَيْنَ لَبَّتِهِ إِلَى مَنْخَرِهِ نُحَاسًا لَا تَحِيكُ فِيهِ الشَّفْرَةُ ثُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ الْتَفَتَ وَرَاءَهُ فَإِذَا
⦗ص: 389⦘
هُوَ بِكَبْشٍ فَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ قُمْ فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل قَدْ فَدَاكَ فَذَبَحَ إِبْرَاهِيمُ الْكَبْشَ وَتَرَكَ ابْنَهُ ثُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: يَا بُنَيَّ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَاكَ بِصَبْرِكَ الْيَوْمَ فَسَلِ الْيَوْمَ مَا شِئْتَ تُعْطَهْ قَالَ: فَإِنِّي أَسْأَلُ أَلَّا يَلْقَاهُ عَبْدٌ لَهُ مُؤْمِنٌ بِهِ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ إِلَّا غَفَرَ لَهُ وَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ "
205 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُفَسِّرُ، حَدَّثَنَا بشر أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ هَاشِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا عُتْبَةُ بْنُ السَّكَنِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَتْ تَرْوِيَةً وَعَرَفَةَ؛ لِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام أَتَاهُ الْوَحْيُ فِي مَنَامِهِ أَنْ يَذْبَحَ ابْنَهُ، فَرُئِيَ فِي نَفْسِهِ أَمِنَ اللَّهِ هَذَا أَمْ مِنَ الشَّيْطَانِ؟ وَأَصْبَحَ صَائِمًا فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةَ عَرَفَةَ أَتَاهُ الْوَحْيُ فَعَرَفَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِ فَسُمِّيَتْ عَرَفَةَ كَذَا قَالَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ
206 -
وَرَوَى أَبُو الطُّفَيْلِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام لَمَّا ابْتُلِيَ يَعْنِي بِذَبْحِ ابْنِهِ أَتَاهُ يَعْنِي جِبْرِيلُ عليه السلام فَأَرَاهُ مَنَاسِكَ الْحَاجِّ ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ إِلَى عَرَفَةَ قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَهَلْ تَدْرِي لِمَ سُمِّيَتِ الْعَرَفَةُ عَرَفَةَ؟ قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: إِنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام قَالَ لِإِبْرَاهِيمَ: هَلْ عَرَفْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَمِنْ ثَمَّ سُمِّيَتْ عَرَفَةَ