الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ فِي فَضْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ قَالَ اللَّهُ عز وجل: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ
77 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْأَسْفَرَايِينِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَطَّةَ الْأَصْفَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا الْأَصْفَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي
⦗ص: 208⦘
نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَبِسَ السِّلَاحَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَلْفَ شَهْرٍ فَعَجِبَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] إِلَى قَوْلِهِ {خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3] الَّتِي لَبِسَ فِيهَا ذَلِكَ الرَّجُلُ السِّلَاحَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَلْفَ شَهْرٍ "
78 -
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّرَائِفِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُرِيَ أَعْمَارَ النَّاسِ قَبْلَهُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ تَقَاصَرَ أَعْمَارَ أُمَّتِهِ أَنْ لَا يَبْلُغُوا مِنَ الْعَمَلِ مِثْلَ مَا بَلَغَ غَيْرُهُمْ فِي طُولِ الْعُمُرِ، فَأَعْطَاهُ اللَّهُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ خَيْرًا مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ "
⦗ص: 209⦘
79 -
قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
⦗ص: 210⦘
عَمْرَوَيْهِ الصَّفَّارُ، بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا
⦗ص: 211⦘
مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مَازِنٍ، قَالَ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: يَا مُسَوِّدَ وَجْهِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ الْحَسَنُ رضي الله عنه: لَا تُؤَنِّبْنِي رَحِمَكَ اللَّهُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ رَأَى بَنِي أُمَيَّةَ يَخْطُبُونَ عَلَى مِنْبَرِهِ رَجُلًا فَرَجُلًا، فَسَاءَهُ ذَلِكَ، فَنَزَلَتْ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1] نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ، وَنَزَلَتْ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] مَمَلْكَهُ بَنِي أُمَيَّةَ، فَحَسْبُنَا ذَلِكَ، فَإِذَا هُوَ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ
80 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ الْخَلَدِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ
⦗ص: 213⦘
أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ رضي الله عنه: وَمَعْنَى لَيْلَةِ الْقَدْرِ اللَّيْلَةُ الَّتِي يُقَدِّرُ اللَّهُ تَعَالَى لِمَلَائِكَتِهِ جَمِيعَ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ عَلَى أَيْدِيهِمْ مِنْ تَدْبِيرِ بَنِي آدَمَ وَمَحْيَاهُمْ وَمَمَاتِهِمْ إِلَى لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنَ السَّنَةِ الْقَابِلَةِ، وَكَانَ يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ أَيَّامُ حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَيْ: يُقَدِّرُ فِيهَا مَا هُوَ مُنَزِّلُهُ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الْعَامِ الْقَابِلِ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي وَصْفِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان: 3] أَيْ مُبَارَكٌ
⦗ص: 214⦘
فِيهَا لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ عز وجل، فَإِنَّهَا جُعِلَتْ خَيْرًا مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ أَجْرُهَا، فَقَدِّرُوهَا حَقَّ قَدْرِهَا، وَاقْطَعُوهَا بِالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ دُونَ اللَّغْوِ وَاللَّهْوِ، ثُمَّ قَالَ {إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4] أَيْ كُلُّ أَمْرٍ مَبْنِيٍّ عَلَى السَّدَادِ وَالْحِكْمَةِ، وَمَعْنَى يُفْرَقُ: يُفْصَلُ؛ لِيَكُونَ مَا يُلْقَى إِلَى الْمَلَائِكَةِ فِي السَّنَةِ مُقَدَّرًا بِمِقْدَارٍ يَحْصُرُهُ عَلَيْهِمْ
81 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] قَالَ: أَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل الْقُرْآنَ جُمْلَةً وَاحِدَةً فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ يَعْنِي إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَكَانَ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ، فَكَانَ اللَّهُ عز وجل
⦗ص: 215⦘
يُنَزِّلُهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم بَعْضَهُ فِي إِثْرِ بَعْضٍ، ثُمَّ قَرَأَ {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} [الفرقان: 32] "
82 -
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّكَ لَتَرَى الرَّجُلَ يَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ، وَقَدْ وَقَعَ اسْمُهُ فِي الْمَوْتَى ثُمَّ قَرَأَ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4] وَيَعْنِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ يُفْرَقُ أَمْرُ الدُّنْيَا إِلَى مِثْلِهَا مِنْ قَابِلٍ "
83 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4] قَالَ: «يُفْرَقُ فِيهَا أَمْرُ السَّنَةِ إِلَى السَّنَةِ»
⦗ص: 217⦘
84 -
قَالَ:
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: " يُفْرَقُ أَمْرُ السَّنَةِ كُلِّهَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، بَلَاؤُهَا وَرَخَاؤُهَا وَمَعَاشُهَا إِلَى مِثْلِهَا مِنَ السَّنَةِ قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله: وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ الَّتِي وَرَدَ الْقُرْآنُ بِفَضِيلَتِهَا، وَهِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَهِيَ فِي كُلِّ رَمَضَانَ بِدَلِيلِ مَا
85 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحُرَقِيُّ، بِبَغْدَادَ
⦗ص: 218⦘
، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ يَعْنِي ابْنَ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي زُمَيْلٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي ذَرٍّ: سَأَلْتُ
⦗ص: 219⦘
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، قَالَ: أَنَا كُنْتُ أَسْأَلُ عَنْهَا يَعْنِي أَشَدَّ النَّاسِ مَسْأَلَةً عَنْهَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي رَمَضَانَ هِيَ أَوْ فِي غَيْرِهِ؟ فَقَالَ:«لَا بَلْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ» فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَتَكُونُ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ مَا كَانُوا فَإِذَا قُبِضَتِ الْأَنْبِيَاءُ وَرُفِعُوا رُفِعَتْ مَعَهُمْ أَوْ هِيَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ:«لَا بَلْ هِيَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» قَالَ: قُلْتُ: أَخْبِرْنِي فِي أَيِّ شَهْرٍ؟ قَالَ: «فِي رَمَضَانَ هِيَ الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَالْعَشْرِ الْأُوَلِ» ثُمَّ حَدَّثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَحَدَّثَ فَاهْتَبَلْتُ غَفْلَتَهُ فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي فِي أَيِّ عَشْرٍ هِيَ؟ قَالَ:«الْتَمِسْ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا» ثُمَّ حَدَّثَ وَحَدَّثَ فَاهْتَبَلْتُ غَفْلَتَهُ، فَقُلْتُ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِحَقِّي عَلَيْكَ أَنْ تُحَدِّثَنِي فِي أَيِّ عَشْرٍ هِيَ؟ فَغَضِبَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَضَبًا مَا غَضِبَهُ عَلَيَّ مِنْ قَبْلُ وَلَا بَعْدُ ثُمَّ قَالَ: «الْتَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ وَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا»