المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأول: الالتزام بدرجات الإنكار الشرعية كما ذكرها أهل العلم - فقه الإنكار باليد

[ذياب الغامدي]

الفصل: ‌الأول: الالتزام بدرجات الإنكار الشرعية كما ذكرها أهل العلم

‌الأول: الالتزامُ بدرجاتِ الإنكارِ الشرعيةِ كما ذكرها أهلُ العلم

، ومن ذلك:

ص: 46

التَّعريفُ باللِّسانِ أولاً ثم باليدِّ، يقول الغزَّالي:" إنَّ درجاتِ التَّغييرِ تبدأُ بالتَّعريفِ، أي تعريفُ الفاعلِ للمُنْكرِ أنَّ هذا مُنْكرٌ، ثم الوعظُ اللَّيِّنُ، ثم السَّبُّ والتَّعنيفُ بالقولِ، ثم التَّغييرُ باليَدِّ، ككسرِ الملاهي، وإراقةِ الخَمْرِ، ثم التَّهديدُ والتَّخويفُ، ثم مُبَاشرةُ الضَّربِ باليَدِّ والرِّجْلِ، ثم جَمْعُ الأعوانِ وشَهْرُ السِّلاحِ". (1) ويقول القرطبي: " فالمُنكرُ إذا أمكنت إزالتُه باللِّسانِ للنَّاهي فليفعله، وإن لم يمكنه إلَاّ بالعقوبةِ أم القتل فليفعل، فإن زالَ المُنكرُ بدونِ القَتْلِ لم يَجُزْ القَتْلُ، وهذا (أي: الحُكم) تُلُقِّي من قولِه سبحانه وتعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} ) ". (2) وقال ابنُ العربي: " وإنَّما يبدأُ باللِّسانِ والبيانِ، فإن لم يَكُنْ فباليدِّ". (3) لكن إذا عَلِمَ أنَّه لا ينتهي عن مُنْكرِه بمجردِ القولِ، جاز له البدءُ بالدَّرجةِ الأعلى، كما ذكره الجصاص فيمن قَصَدَ رجلاً بالقتلِ، او قَصَدَ امرأةً بالزنا ونحو ذلك: "

وعلم أنَّه لا ينتهي إن أنْكَرَه بالقولِ، أو قاتله بما دون السلاح، فعليه أن

(1) انظر «إحياء علوم الدين» للغزالي (2 / 329-333) .

(2)

ـ انظر «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (4 / 49) .

(3)

ـ انظر «السيل الجرار» للشوكاني (4 / 586) .

ص: 47

يقتُلَه

وإن غلَبَ في ظَنِّه أنَّه إن أنكرَه بالدَّفعِ بيدِه، أو بالقولِ امتنع عليه، ولم يمكنه بعد ذلك دفعه عنه، ولم يمكنه إزالةُ هذا المنكرَ إلَاّ بأن يُقْدِمَ عليه بالقتلِ، من غير إنذارٍ منه له، فعليه أن يقتلَه

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده»

" يُوجِبُ ذلك أيضاً؛ لأنَّه قد أمر بتغييرِه على أيِّ وجهٍ أمكن ذلك، فإذا لم يمكنه تغييره إلا بالقتل، فعليه قتله حتى يزيله

". (1) وكذا ما ذكره الشوكاني آنفاً: "

ولكنه يُقَدِّمُ الموعظةَ بالقولِ اللِّين، فإن لم يُؤَثِّرْ ذلك جاء بالقولِ الخَشِنِ، فإن لم يُؤثِّرْ ذلك انتقلَ إلى التغييرِ باليدِّ، ثم المقاتلةِ إن لم يمكن التغيير إلا بها

". (2)

(1) ـ انظر «أحكام القرآن» للجصاص (1 / 31، 32) .

(2)

ـ انظر «السيل الجرار» للشوكاني (4 / 586) .

ص: 48