الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- إذا أنكر المنكر ولم يزل، فإن المحتسب إذا أنكر مرتين فأكثر وتكرر منه الإنكار ولم يستجب المأمور فإنه يبرأ.
- إذا لم يكن ثم فائدة تُرجى من الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلا يُشرع ، وإن لم تنفع الذكرى بأن كان التذكير يزيد في الشر أو ينقص من الخير لم تكن مأموراً بها بل هي منهيٌ عنها.
- تعلق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالنفع له أربع أحوال:
1 -
أن لا يُرجى النفع مع لحوق الضرر بسبب الأمر والنهي فيحرم الإنكار.
2 -
أن لا يُرجى النفع مع عدم لحوق الضرر فلا يُشرع الإنكار.
3 -
أن يُرجى النفع مع عدم لحوق الضرر والأمن منه فيشرع الإنكار.
4 -
أن يُرجى النفع مع لحوق الضرر فيُستحب الإنكار، بشرط أن لا يترتب عليه ضرر معتبر بغيره وإلا كان حراماً، ومن رجاء النفع إظهار شعائر الإسلام.
- اللوم من الناس غير معتبر شرعاً في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذ أن هناك حد أدنى من الأذى الناتج عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ينبغي عدم اعتباره.
هل وجوب
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الفور أم على التراخي:
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الأصل فيه يكون على الفور لكن هناك منكرات تحتمل التأجيل كصاحب المنكرات المتفاوتة في الصغر والكبر فتبدأ بالأكبر فالأصغر وكذلك الغضبان يُنكر عليه بعد هدوءه ونحو ذلك ، وكما لو كان بحضرة المحتسب وقت وقوع المنكر من يحمل كلام المحتسب على غير محمله فيتضرر لسوء فهمه فللمحتسب أن يؤخر الإنكار حتى تحين الفرصة المناسبة وفي ذلك يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: تأخير إنكار المنكر قد يكون من باب استعمال الحكمة في الدعوة إلى الله، فقد يكون هذا الرجل الفاعل للمنكر لا يناسب أن ننكر عليه في هذا الوقت بالذات، لكن سأحتفظ لنفسي بحق الإنكار عليه ودعوته إلى الحق في وقت يكون أنسب، وهذا في الحقيقة طريق صحيح، فإن هذا الدين ـ كما نعلم جميعا ـ بدأ بالتدرج شيئًا فشيئًا، فأقر الناس على ما كانوا يفعلونه من أمور كانت في النهاية حرامًا من أجل المصلحة، فهذه الخمر مثلًا بين الله تعالى لعباده أن فيها إثمًا كبيرًا ومنافع للناس، وأن إثمها أكبر من نفعها، وبقي الناس عليها حتى نزلت آخر آية فيها تحرمها بتاتا، فإذا رأى إنسان من المصلحة أن لا يدعو هذا
الرجل في هذا الوقت، أو في هذا المكان، ويؤخر دعوته في وقت آخر، أو في مكان آخر، لأنه يرى أن ذلك أصلح أو أنفع، فهذا لا بأس به. انتهى.
مناط التأثيم فيمن ترك الاحتساب ، وما كيفية النجاة من شؤم معصية العاصي:
أولاً: يجب أن تعلم أولاً أن فعل الغير لا تكليف به وأنه لاتزر وازرة وزر أُخرى ، فهذا نوح عليه السلام ما ضره كفر ابنه وزوجه ولوط عليه السلام ما ضره كفر زوجه وإبراهيم الخليل عليه السلام ما ضره كفر أبوه بل ولا يخفاك كفر أبي طالب الذي قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم في شأنه (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) ولقد كان فرعون أعتى أهل الأرض وأبعده فوالله ما ضر امرأته كفر زوجها حين أطاعت ربها لتعلم أن الله حكم عدل لا يؤاخذ أحداً إلا بذنبه.
ثانياً: على المسلم النصيحة والبلاغ أما الهداية فهي على الله وقد قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَاّ الْبَلاغُ).
ثالثاً: يجب أن تعلم أن إثم ترك الاحتساب الواجب المتعيَن شيء ومخالفة وإثم المحتسب عليه شيء آخر، فمعصية العاصي شىء ومداهنة العاصي شىء آخر، ومجرد السكوت على المنكر لا يُعد إقراراً لصاحبه بإطلاق، حتى ولو أثِم الساكت لتفريطه مع القدرة وكانت المصلحة في الإنكار، فإنه لا يكون له حكم فاعل المنكر من كل وجه ، علماً بأن الإثم يكون بالرضى بالمنكر أو بالمتابعة عليه.
رابعاً: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من حيث العموم واجب لكن من حيث الأفراد قد يكون واجباً وقد لا يكون ولذا فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الزائد عن الإنكار القلبي لا يكون واجباً إلا في حال واحدة مشروطة بستة شروط مجتمعة: أولاها أن يكون المأمور به واجباً أو المنهي عنه محرماً أو يكون المأمور به مستحباً وتواطأ أهل بلد على تركه أو يكون المنهي عنه مكروهاً وتواطأ أهل بلد على فعله. وثانيها رجاء النفع أي أن تكون مصلحة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أعظم من مفسدته. وثالثها ألا تخشى الضرر على نفسك أو على غيرك وليس كل ضرر يكون معتبراً في إسقاط الوجوب عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فاللوم اليسير لك والوقوع في عرضك بالغيبة ولمزك أمام أحد من الناس وتجهيلك أو تحميقك ونحو ذلك لا ينبغي أن يصرفك شيء من هذا عن القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ورابعها أن يكون المنكر ظاهراً للمحتسب بغير تجسس أو يكون المنكر مستتر لكن ضرره متعدي. وخامسها أن يكون الآمر والناهي قادراً على الاحتساب بالعلم ونحوه. وسادسها ألا يكون قد قام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من يكفي فإنه في هذه الحال يكون واجباً.
وعموماً لتعلم أخي المسلم أنك إذا كنت لا تُعين على معصية العصاة ولا تشهد مجالسهم وتنكر معاصيهم بقلبك وإذا جالستهم كانت المجالسة في غير معصية بحكم العمل أو الرحم أو الحاجة أو نحو ذلك وتواكلهم وتشاربهم وتمازحهم دون حد يوصل إلى إقرارهم أو مشاركتهم في باطلهم وأديت حق النصيحة لهم فلا ينالك شيء من شؤم معاصيهم بإذن الله ، بل مجالسة العصاة أثناء معصيتهم على سبيل النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة مع أمن التضرر والتأثر بهم والانجرار إلى المعاصي بسببهم فهي مما يُندب وقد تجب كالمخالطة التي لابد منها لبر الوالدين ، وعلى هذا فمخالطة الناس مع الصبر على أذاهم من أجل وعظهم والسعي في هدايتهم ودعوتهم للخير من أجل الطاعات وأعظم القربات ، بل ويُشرع مجالسة أهل المنكر حال تلبسهم بالمنكر لمصلحة شرعية راجحة كأن يترتب على الذهاب إزالة تلك المنكرات أو تخفيفها أو لضرورة أو للدعوة إلى الله ، وبعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يضر المُحسن معصية العاصي ، والإنكار القلبي مع الابتعاد وهجر العصاة المأمور بهجرهم وهجر مكان المعصية كفيل بالسلامة من تبعة شؤم المعصية لكن هجر العصاة يحتاج إلى تفصيل وليس هذا محله.
خامساً: ينبغي التفريق بين البغض في الله وكراهة المنكر وبين أداء الحقوق والواجبات وحسن الخلق، ووقوع بعض من له حق عليك بالمنكر لا يمنع من إعطائه حقوقه، وأداء هذه الحقوق تكون إما على سبيل الوجوب كحق البر للوالدين ومصاحبتهم في الدنيا معروفاً وحق معاشرة الزوجة الكتابية بالمعروف مادامت في عصمتك أو على سبيل الاستحباب كحق الصلة للأقارب وحق الجوار للجيران.
أما مارُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا فجالسوهم وآكلوهم وشاربوهم، فلما رأى الله ذلك منهم ضرب قلوب بعضهم ببعض ثم لعنهم على لسان أنبيائهم داود وعيسى ابن مريم: ذلك بماعصوا وكانوا يعتدون ـ وفي لفظ آخر: (أوَل مادخل النقص على بني إسرائيل أن الرجل كان يلقى الرجل فيقول يا هذا اتق الله ودع ما تفعل من المعاصي ثم يلقاه في الغد فلا يمنعه مارآه منه أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما رأى الله ذلك منهم ضرب قلوب بعضهم على بعض (.
فإن هذا الحديث ضعَفه الشيخ الألباني والشيخ ابن عثيمين ـ رحمهما الله ـ ومعلوم بأن الحديث الضعيف لا يُعمل به في الأحكام وأما معنى الحديث على فرض صحته: فالمقصود إنكار مخالطتهم وقت المعصية كما يدل له قوله صلى الله عليه وسلم: ثم يلقاه من الغد وهو على حاله. وعلى هذا فلا يجوز للمسلم أن يُجالس العاصي والمُبتدع ويكون أكيله وشريبه وهو على معصية إلا مع الإنكار عليه فيُنكر عليه