المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ فقه الداعية المحتسب - فقه الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

[أبو فيصل البدراني]

الفصل: ‌ فقه الداعية المحتسب

أالعلم: ويكون فيما يدعو إليه وفي المدعو وفي كيفية الدعوة.

ب أن يكون صابراً على دعوته: صابراً على ما يدعو إليه وعلى ما يعترض دعوته وعلى ما يعترضه هو من الأذى لأن كل من قام لله داعياً لا بد أن يُعارض.

ج- الحكمة: وهي وضع الشيء في موضعه.

د- أن يتخلق الداعية بالأخلاق الفاضلة ويقرن العلم بالعمل ولا يعني هذا أن لا يدعو إلى شيء لم يقم به فقد يكون مشغولاً بما هو أهم منه أو معذوراً.

ز- أن يكسر الداعية الحواجز التي بينه وبين الناس.

س- انشراح الصدر لمن خالفه في الأمور الاجتهادية.

42 -

الدعوة إلى الله تقتضي قدراً كبيراً من الاختلاط بالناس ومعاشرتهم والتأثر بهم إلى حد ما وهذا التأثر لا يضر بل هو مغمور في جانب المصلحة الشرعية المُراده من وراء الدعوة.

من‌

‌ فقه الداعية المُحتسب

(الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر):

- الخطأ من طبيعة البشر فلا يفترض الداعية المثالية أو العصمة في الأشخاص وليعاملهم من شق الرحمة أكثر مما يعاملهم من شق القسوة لأن المقصود أصلاً هو الاستصلاح لا المعاقبة وينبغي الالتزام بميزان الشرع.

- لا أحد معصوم من المعاصي حتى الأنبياء تقع منهم الصغائر على القول الراجح لكنهم لا يصرون عليها.

- ينبغي أن يعلم المحتسب أن إخوانه في الله ليسوا ملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون بل هم بشر يخطئون ويصيبون وينبغي ألا يضيق ذرعاً بأي بادرة خطأ أو اجتهاد في غير محله بل يُحسن التوجيه فيعذر الجاهل وينبه الغافل ويذكر المتهاون.

- ينبغي على المحتسب الرفق ما أمكنه ذلك ، وعليه العفو عن الناس ما دام المقام يحتمل ذلك وأن يكون شفيقاً رحيماً خائفاً على مصلحة المأمور المسلم خاصة ، وإذا سمع من المحتسب عليه ما يكره لا يغضب فيكون يُريد ينتصر لنفسه، ولا منافاة بين الرفق في تغيير المنكر والغضب لمحارم الله ، وينبغي الرفق خاصة بذي العزة والجاه الظالم المخوف شره.

- ينبغي الصبر على أذى الخلق في الدعوة إلى الله كأن يسمع ما يكره من الناس.

ص: 15

- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله يستوجب من الشخص الرفق والحلم وسعة الصدر والصبر وعدم الانتصار للنفس ورحمة الناس والإشفاق عليهم وكل ذلك مدعاة للقبول وإلى الحرص وبذل النفس.

- المحتسب ليس بأفضل من موسى عليه السلام والمحتسب عليه ليس بأسوء من فرعون.

- المجتمع المثالي في الإسلام لا بد له من بعض المخالفات ولكن العبرة بالأغلب والظهور وتحجيم الباطل قدر الإمكان.

- وجود المنكر بين الناس أمر لا بد منه.

- ينبغي للمحتسب أن يكون قدوة حسنة وليعلم أن المحتسب عليه إذا كان مسلماً لم يزل داخلاً في ولاية المؤمنين الولاية العامة.

- على المحتسب أن يلتمس لأخيه المحتسب عليه عذراً ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ومخرجاً دون إفراط ويعلم أن عجزه عن تطهير نفسه من ذلك العيب كعجزه هو عن تطهير نفسه من عيوبها.

- ينبغي عدم التفريط في الغيرة على الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

- رفع الحرج عن الناس والتدرج في استصلاحهم أمر مطلوب شرعاً.

- ينبغي للمحتسب:

1 -

أن يعرف ما يأمر به وينهى عنه.

2 -

أن يكون رفيقاً فيما يأمر به وينهى عنه.

3 -

أن يكون صابراً على ما جاءه من الأذى.

- ينبغي للمحتسب أن ينكر ويذكر ما يحصل به المقصود ولا يُطيل.

- ينبغي تحمَل المُخالف أياً كانت مُخالفته مع الإنصات له وعدم مقاطعته حتى ينتهي من حديثه.

- ليس المقصود من الحسبة إهانة صاحب المنكر إلا إن كان عدواً لله فقد يكون مشروعاً أحياناً.

- لا يُشترط للمحتسب أن يكون ممتثلاً ما يأمر به مجتنباً ما ينهى عنه وإن كان مطالباً بالتوبة عموماً ، فكمال الحال في الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر غير مشروط ، فإنكار المُنكر لا يلزم من مُنكره أن يكون سليماً من المعاصي معصوماً من الخطأ ،لأنه لا يوجد شخص خالي من المعاصي والأخطاء والعصمة قد دُفنت مع النبي صلى الله عليه وسلم.

- يُقال لمُنكر المنكر زيادة على المشروع من بُغض وهجر وذم وعقوبة عليك نفسك لا يضرك من ضل إذا اهتديت.

- مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة والإنكار قد يؤدي إلى التنفير من دين الله.

ص: 16

- ينبغي اعتبار موقع المحتسب بالنسبة للمحتسب عليه وكذلك المحتسب عليه بالنسبة للمحتسب فليس خواص المقربين كالأغراب ولا ذو المكانة كغيره ، وعلى هذا فقس.

- ينبغي التفريق بين الواقع في المنكر عن علم والواقع فيه عن جهل فالجاهل يحتاج إلى تعليم وصاحب الشبهة يحتاج إلى بيان والغافل يحتاج إلى تذكير والمصر يحتاج إلى وعظ.

- ينبغي مراعاة البيئة التي حصل فيها المنكر مثل انتشار السنة أو البدعة وكذلك مدى استشراء المنكر أو وجود من يفتي بجوازه من الجهلة المتبوعين.

- ينبغي التفريق بين المنكر والخطأ في حق الشرع والخطأ في حق الشخص والمنكر الكبير والمنكر الصغير وبين المحتسب عليه صاحب السوابق في عمل الخير والماضي الحسن الذي يتلاشى خطؤه أو يكاد في بحر حسناته وبين العاصي المُسرف على نفسه وبين من وقع منه المنكر مراراً وبين من وقع فيه لأول مرة وبين من يتوالى منه حدوث الخطأ وبين من يقع فيه على فترات متباعدة وبين المجاهر والمستتر.

- الإنكار بالقلب يقتضي مفارقة المنكر ولكن هذا لا يعني أن المسلم يدع بعض الأعمال المشروعة أو قصد بعض ما يُشرع قصده من الأماكن لوجود بعض المنكرات هناك وذلك أن الأمور الضرورية أو غيرها من الحاجية أو التكميلية إذا اكتنفها من خارج أمور لا تُرضي شرعاً فإن الإقدام على جلب المصالح صحيح على شرط التحفظ بحسب الاستطاعة من غير حرج.

- من فوائد الإنكار بالقلب سلامته من الإثم والإنكار القلبي يعني عدم الرضا به وكراهيته والنفور منه وتمنى زواله.

- يُغيَر المنكر إما بالكلية وإما بتغيير بعضه وتخفيفه إذا تعذَر تغييره بالكلية.

- الظن المجرد لا يسوغ الإقدام على الإنكار أما إذا كان ظناً غالباً مُحتفاً بالقرائن فيُشرع الإنكار.

- يُؤخر الإنكار لمقصد شرعي وقد يكون التأخير لمصلحة الآمر الناهي أو لمصلحة المحتسب عليه أو غير ذلك.

- يُنكر المنكر القائم ويُمنع المتأكد وقوعه قبل الوقوع.

- إذا أبيح محظور لضرورة أُنكر ما زاد عن قدرها.

- يُنكر في مسائل الخلاف دون مسائل الاجتهاد.

- لا يُنكر تغير الأحكام الاجتهادية بتغير الأزمان.

ص: 17

- يُنكر من التشبه بالكفار ما اختصوا به دون غيرهم، أما إذا لم يكن من اختصاصهم وكان شائعاً بين المسلمين والكفار فلا يُنكر وإن كان أصله مأخوذ منهم.

- إيذاء المسلم حرام إذا أمكن الوصول إلى إرشاده بدونه ، وخاصة إذا كان مرتكباً للمنكر جاهلاً به.

- شغل الناس بالخير عن الشر هو أمثل وسائل تغيير منكرهم.

- المنكرات الظاهرة يجب إنكارها بخلاف الباطنة فإن عقوبتها على صاحبها خاصة.

- يُشرع للمحتسب أن يحتسب على المحتسب عليه وإثارة الوازع الشرعي عنده فإن لم يكن فبالوازع الطبعي.

- يُشرع أمر الأولاد بالصلاة لسبع والضرب عليها لعشر وكذلك الصوم ليكون ذلك تمريناً له على العبادة ومُجانبة المعصية وترك المنكر.

- يُشرع للإمام تعطيل أماكن المعصية إما بهدم أو تحريق أو تغيير صورته وإخراجه عما وُضع له.

- إذا كان المنكر (المحتسب فيه) لا يُمكن الانتفاع به بوجه مباح فإنه يُفسد تماماً ويُتلف ولا ضمان على من أتلفه أما إذا كان يُمكن الانتفاع به في غير المنكر فإنه لا يفسد ولا يتلف إلا في حال قصد التعزير لصاحبه.

- تُنكر الشفاعة في الحدود إذا بلغت الإمام أو نائبه أما إذا لم تبلغهم ولم يكن المشفوع فيه صاحب شر وأذى للناس فلا يُنكر إذن.

- يُنكر من العرف ما خالف الشرع ، والعرف عرفان الأول: عرف صحيح معتبر وهو الذي لا يخالف الشرع ، والثاني عرف فاسد وهو ما خالف الشرع.

- المنكر السري يُنكر سراً والمنكر الظاهر ينكر ظاهراً.

- يُستعان ببعض المباح لتغيير المنكر.

- المنكر الظاهر يُنكر والخفي لا يبحث عنه.

- يستثنى من المنكر الخفي الذي لا يجوز إنكاره هو ما يتعدى ضرره إلى الغير أو ما يُخشى فواته.

- يُشرع التشنيع على المخطئ أحياناً ولكن إلى حد لا تخرجه عن المطلوب لأن التشنيع على المخطئ الذي يؤدي إلى يأس الخاطئ من الإصلاح مذموم.

- قد يكون الإنكار مشروعاً بالاستخفاف والسخرية بصاحب المنكر مع سلامة القصد.

- ينبغي أن يكون تغليظ الكلام وتخشينه والسب من غير فحش مقصده رجوع العاصي عن تلك المعصية لا الانتصار لنفسه لكونه رد كلامه واستهزأ به.

ص: 18

- لا مانع من الإنكار بأحاديث الوعيد دون إيضاحها ما لم يترتب على ذلك مفسدة راجحة وذلك أن العلماء إذا تكلّموا في أحاديث الوعيد أجروها على ظاهرها، لأنهم يَرون أن هذا أردع وأبلغ في النفوس.

- للمفتي أن يشدد في الجواب بلفظ متأول عنده زجراً وتهديداً في مواضع الحاجة.

- إذا رأى المفتي المصلحة أن يقول للعامي ما فيه تغليظ وهو لا يعتقد ظاهره وله فيه تأويل جاز زجراً وإذا لم يترتب على إطلاقه مفسدة والله أعلم.

- المنكر إذا أخفي لم يضر إلا صاحبه وإذا فشى ولم ينكر ضر العامة لهم.

- من معاني ظهور المعاصي: تحدث الناس بها وفشو القول بينهم فيها.

- بغض فاعل المنكر الغير معذور من الإنكار القلبي والأصل بغض فعله.

- يستحب تحفيز الناس على عمل الخير بشيء من الدنيا مع إرشادهم وحثهم على الإخلاص.

- إنكار المنكر إذا كان يحصل بسببه افتراق وهجر من لا يستحق الهجر لا يُشرع إنكاره بالكيفية المؤدية إلى هذا الهجر وقد يحرم.

- ينبغي للمحتسب عليه المبادرة إلى فعل المأمور به وترك المنهي عنه وأن يقابل المحتسب بالرضا والتسليم والعرفان بالجميل وقبول النصيحة.

- يتعين الرفق في تغيير المنكر مع الجاهل ومع ذي العزة الظالم المخوف شره

- من سبل الوقاية من الوقوع في المنكر قد يكون الأمر بالمعروف.

- أسلوب التعريض نافع في الإنكار لكن إذا كان أكثر الحاضرين يعرفونه وهو يعلم بذلك فقد يكون أسلوب تهكم وتوبيخ شديد ولتبتعد عنه.

- ينبغي إنكار موضع المنكر وقبول الباقي وإعادة الحق إلى صاحبه وحفظ مكانة المحتسب عليه المتأول المجتهد.

- في بعض الحالات تنفع المصارحة مع المحتسب عليه وتكون خيراً من التعريض وقد يكون العكس ويشرع إقناع المحتسب عليه أحياناً وينبغي مراعاة ما هو مركوز في الطبيعة والجبلة البشرية من غيرة ونحوها.

- الموعظة الحسنة هي الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب والوعد والوعيد فللرغبة والرهبة تأثير في معاونة الاعتقاد.

- ينبغي أن يكون الإنكار مبني على الدليل الشرعي مقترن بالبينة وليس صادر عن جهل أو أمر مزاجي.

- كلما كان المنكر أعظم كان الاعتناء بتصحيحه أشد.

- قد يلاحظ المحتسب والمربي مصلحة أشخاص آخرين في إنكاره على أحد أصحابه من أجل المنفعة العامة دون ظلم صاحبه.

ص: 19

- إذا كان المحتسب عليه معانداً فإنه يستحق من التغليظ ما لا يستحق الجاهل بشرط أن لا يترتب على الإغلاظ منكراً أشد، وأن يكون جانبه محمياً من سطوة الظالم.

- الإنصات لكلام المحتسب عليه وترك مقاطعته ولو كان منكراً مشروع وهو مدعاة لقبوله من المحتسب.

- ينبغي التحرز قدر الإمكان في أسلوب الإنكار على المحتسب عليه من أن تأخذه العزة بالإثم.

- من المحتسب عليهم من يكفيه الإنكار بالنظرة الدالة على الإنكار ومنهم من يكفيه الإشاحة بالوجه ومنهم من تكفيه الموعظة ومنهم من يحتاج إلى الزجر والتعنيف ومنهم من لا يمتنع إلا بالحبس أو الضرب فينبغي البدء بالأرفق.

- ينبغي على المحتسب الصبر واحتمال الأذى لأجل مرضاة الله وليوطن نفسه على ذلك وليعلم أن العاقبة للمتقين.

- ينبغي للمحتسب الحلم وهو ضبط النفس عند هيجان الغضب.

- إذا كان أمام المحتسب طريقين لإزالة المنكر أو الأمر بالمعروف أحدهما أرفق والآخر أغلظ فليبدأ بالأرفق هذا في الأعم الأغلب.

- ينبغي للداعية والمحتسب أن لا يذكر آية أو حديث إذا غلب على ظنه أن يحملوها على غير محملها الحق أو كانت الآية والحديث لا تبلغه عقولهم.

- من السياسة الحكيمة: ترك الأمر الذي لا ضرر فيه ولا إثم اتقاءً للفتنة ، وتأليف القلوب بالمال أحياناً وبالجاه أحياناً وبالعفو في موضع الانتقام والإحسان في مكان الإساءة وباللين في موضع المؤاخذة وبالصبر على الأذى والحلم والرفق مقابل الحمق ومقابلة الطيش والعجلة بالأناة والتثبت.

- تهيئة نفوس الناس إلى تقبل أحكام الشريعة مشروعة ومطلوبة ، ولابد أن يأخذ الناس فترة كافية للتفكير وفرصة مناسبة للانسحاب حال النصيحة.

- الناس يكرهون الأسلوب المباشر في الإنكار وكذلك الأوامر المباشرة.

- الناس يُحبون من يُصحَح أخطائهم دون تجريح لمشاعرهم.

- الحق يستنير ويتضح إذا قام الباطل يُصارعه ويُقاومه.

- لا تُشعر المخطئ المتأول بأنه خصم.

- اجعل تصحيح الخطأ يبدو سهلاً.

- ارفع الحرج عن الآخرين عندما يُخطئون دون قصد.

- عندما تُناقش أحداً فابدأ بالمتفق عليه لا المختلف عليه.

- قبل توجيه الإنكار أحياناً لأحد ابدأ بالثناء على أمر جيَد يتحلَى به.

- ألفت النظر إلى الأخطاء بشكل غير مباشر.

ص: 20

- تكلم عن أخطائك إذا لزم الأمر قبل أن تنتقد الآخرين.

- قدم اقتراحات مهذبة ولا تصدر أوامر صريحة.

- دع المنصوح يحتفظ بماء وجهه.

- اجعل الغلطة التي تُريد إصلاحها تبدو ميسورة التصحيح واجعل العمل الذي تريد أن يُنجز سهلاً هيناً.

- حتى ولو أخطأ الناس أثني عليهم وأشعرهم بقيمتهم وهذا خاص في حق العصاة المستترين وأما المجاهرين فالأمر مع المصلحة.

- ترك الإنكار فيما زاد على القلب لمسوغ شرعي لا يعني إقرار المنكر.

- الأمر بالمعروف مقصود لذاته والنهي عن المنكر مقصود لغيره.

- ينبغي اعتبار حال المحتسب عليه من جهة المكانة والسلطان والإنكار على الصغير بما يتناسب مع سنه والحذر عند الإنكار على النساء والأجنبيات وعدم الانشغال بتصحيح آثار المنكر وترك معالجة أصل المنكر وسببه وعدم تضخيم المنكر والمبالغة في تصويره وترك التكلف والاعتساف في إثبات المنكر وتجنب الإصرار على انتزاع الاعتراف من المحتسب عليه بمنكره وإعطاء الوقت الكافي لتصحيح المنكر خصوصاً لمن تدرج عليه واعتاده زمانا طويلاً من عمره وهذا مع المتابعة والاستمرار في التنبيه والتصحيح وعدم إشعار المحتسب عليه بأنه خصم.

- على العاصي المسلم أن ينكر الجليَات المعلومات كشرب الخمر وترك الصلاة والزنا ونحو ذلك على الوجه المشروع ولا يخوض في دقائق الحسبة فإن خاض فإنه غالباً يُفسد أعظم مما يُصلح.

- لو رأى المسلم منكرين أحدهما كبير والآخر صغير وقدر على إنكار الصغير منهما دون الكبير فإن إنكار الصغير لا يسقط عنه.

- لو تمكن المرء من الإنكار على الضعفاء دون الأقوياء فإنه يلزمه الإنكار عليهم بضوابط الإنكار المعروفة.

- يشرع في الاحتساب العمل بقاعدة (ما لا يُدرك كله لا يُترك جُله).

- أجمع المسلمون على أن المنكر واجب التغيير على كل من قدر عليه ولو كان يلحق بتغييره اللوم والأذى اليسير المحتمل وأما الضرر فلا.

- بعض صور الاحتساب يشترط لها الإذن من ولي الأمر خشية ظهور الفتنة.

- ينبغي في بعض المنكرات المسارعة إلى إنكارها وعدم إهمالها لئلا يبرد الحديث وتضيع المناسبة ويضعف التأثير.

ص: 21

- يشرع تأليف من قرب إسلامه وترك التشديد عليه وكذلك من قارب البلوغ من الصبيان ومن بلغ ومن تاب من المعاصي، كلهم ينبغي أن يتدرج معهم ويتلطف بهم في أنواع الطاعات قليلاً قليلاً وهكذا تعليم العلم ينبغي أن يكون بالتدريج.

- إذا كان المنكر مما عمت به البلوى فيُشرع إنكاره بين الفينة والأخرى لا دائماً.

- يُشرع عدم الإنكار على السكران أو الغضبان حال سكره وغضبه لأنه لا يرجى النفع في هذه الحال.

- يُشرع إنكار المنكر في بعض المجالس التي يكون فيها غيبة بأسلوب الالتفات كأن يقول ما أخبار الطقس حينما يخوضون في الغيبة ونحوها.

- أحياناً يكون من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يكثر أعداؤه ويقل أصدقاؤه وتسوء منزلته بين قومه غالباً ويهجره الناس وهذا بحسب المحتسب عليهم. وأحيانا من خلصت نيته وصفت من شوائب الرياء طويته يقلب الله له قلوب الخلق بالمودة وقد يُزيَنه في أعينهم ليُحبَوه وإن كان قد أتى بما يكرهونه.

- يجوز قبول الانقياد الجزئي للمُحتسب عليه وخاصة إذا كان يرجى أن ينقاد كلياً ولو كان هذا الانقياد الجزئي غير مجزيء للكمال الواجب.

- يشرع الترغيب بطاعة الله بالثواب الدنيوي أحياناً لكن دون المبالغة.

- المنكر إذا كان عادة محرمة مُخالفة للشرع وقد أخذت صيغة العادة المتأصلة في النفوس والتي يصعب اجتنابها فينبغي على المسلم أن يأخذ بالرفق واللين والتدرَج في الأسلوب بما لا يجرح مشاعرهم ولا يُهين نفوسهم.

- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفق هدي النبوة ينفيان قرناء السوء عن المسلم كما ينفي الكير خبث الحديد.

- تُشرع استخدام لغة الجسد أحياناً مع المحتسب عليه أو المنصوح كوضع الكف بالكف أو اليد على المنكب ونحو ذلك.

- يُشرع أحياناً إثارة وإحياء المروءة عند المحتسب عليه ، خاصةً إذا كان يكف بذلك وكذلك يشرع أحياناً التقديم بمقدمه قبل الاحتساب حتى لا تستوحش القلوب.

- يشرع للمسلم ترك الإنكار على بعض المنكرات إذا رأى المصلحة في ذلك ويبدأ بالدعوة بالأهم فما دونه.

- لا ينبغي الأخذ بالتدرج في الأمر والنهي وإهمال الجزئيات مطلقاً وعدم التعرض لها إنما المقصود إعطاء الأمور الأهم الأولوية من حيث التقديم في الأمر والنهي.

- لا حرج أن يتبنى المسلم وجهه نظر المشرك إظهاراً لعواره وإلزامه على مذهبه الباطل ، وقول الباطل على وجه التنزَل مع الخصم لإظهار باطله مشروع.

- علاج كل علةٍ بقطع سببها.

ص: 22

- ينبغي تصحيح التصور الذي حصل المنكر نتيجة لاختلاله.

- بيان مضرة المنكر أدعى لاستجابة المحتسب عليه.

- ينبغي تقديم البديل الصحيح قدر الإمكان.

- ينبغي الإرشاد إلى ما يمنع من وقوع المنكر لأن الدفع أسهل من الرفع كما يُقال.

- المؤمن المحتسب منهي أن يحزن على الكفار حُزناً مُفرطاً أو يكون في ضيق من مكرهم ، كما أن الله نهى نبيّه أن يصيبه حُزن أو ضيق ممن لم يدخل في الإسلام في أول الأمر فكذلك في آخره؛ وكثير من الناس إذا رأى المنكر، أو تغيَُر كثير من أحوال الإسلام جزع وكلَّ وناح كما ينوح أهل المصائب وهو منهيٌ عن هذا بل هو مأمور بالصبر والتوكل والثبات على دين الإسلام، وأن يؤمن بأن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، وأن العاقبة للتقوى، وأن ما يصيبه فهو بذنوبه، فليصبر إن وعد الله حق، ويستغفر لذنبه.

- إذا فعل المسلم ما أوجب الله عليه من النُصح والإرشاد والإنكار فلا يضره بعد ذلك فعل العاصي.

- علامة النُصح للناس أن تحب لهم ما تحب لنفسك من طاعة الله تعالى وأن تكره لهم ما تكره لنفسك من معصية الله تعالى.

- من لم يقطع الطمع من الخلق ولم ييأس مما بأيديهم ولم يُعوَل في نفع ولا ضر عليهم لا يمكنه أن يأمرهم ولا ينهاهم.

- ينبغي للمحتسب تقليل العلائق مع الناس إن كانت المصلحة في ذلك.

- على المحتسب البلاغ لا القبول.

- لا ينبغي أن يُبالى بلوازم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خاصة إذا كان يعسر التحرز منها وما يكون بسبب دفع المعاصي من آثار يكون مُهدراً ويُغتفر لأهل الحسبة ما لا يُغتفر لغيرهم.

فقه الاحتساب على الولاة:

ولاة المسلمين نوعان: ولاة عدول، وولاة جور، أما العدول فالاحتساب عليهم يكون بحسب المصلحة الشرعية وبحسب الحال والمقام فإن كان الإنكار يقتضي اللطف والرفق بالتعامل أخذ به وهو الأصل ومن الحكمة الشرعية أنك لا ترد على المُطاع خطأه بين الملأ فتحمله رتبته على نصرة الخطأ ولكن تلطف في إعلامه به حيث لا يشعر به غيره وإن كان الإنكار يقتضي العنف أمامه بالقول والغلظة والشدة أخذ به على حذر وليتحرَى النُصح بالسر وينبغي الأدب معهم واللطف بهم ووعظهم سراً وتبليغهم ما يقول الناس فيهم لينكفوا عنه وهذا كله إذا أمكن ذلك فإن لم يمكن الوعظ سراً والإنكار فليفعله علانية إذا اقتضت المصلحة ذلك لئلا يضيع أصل الحق.

ص: 23