المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الأولفي فضل علم الأنساب - قلائد الجمان في التعريف بقبائل عرب الزمان

[القلقشندي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌المقدمة في ذكر أمور يحتاج إليها في علم الأنساب

- ‌الفصل الأولفي فضل علم الأنساب

- ‌الفصل الثانيفي بيان ما يقع عليه اسم العرب، وذكر أنواعهم

- ‌الفصل الثالثفي معرفة طبقات الأنساب وما يلحق بذلك

- ‌الفصل الرابعفي ذكر مساكن العرب القديمة

- ‌الفصل الخامسفي بيان أمور يحتاج الناظر في علم الأنساب إليها

- ‌المقصد في معرفة تفاصيل أنساب العرب

- ‌الفصل الأولفي ذكر عمود النسب النبويوما يتفرع عنه من الأنساب

- ‌الفصل الثاني من المقصدفي ذكر عرب الزمان وتفصيل أنسابهم وأصولهم

- ‌القسم الأول:

- ‌القبيلة الأولى:

- ‌القبيلة الثانية من بني سبأ:

- ‌العمارة الأولى:

- ‌العمارة الثانية:

- ‌العمارة الثالثة:

- ‌العمارة الرابعة:

- ‌العمارة الثالثة:

- ‌العمارة الرابعة:

- ‌العمارة الخامسة:

- ‌العمارة السادسة:

- ‌العمارة السابعة:

- ‌العمارة الثامنة:

- ‌القبيلة الثالثة من بني سبأ:

- ‌القبيلة الرابعة من بني سبأ:

- ‌القبيلة الخامسة من بني سبأ:

- ‌القسم الثاني

- ‌القبيلة الأولى:

- ‌القبيلة الثانية:

- ‌القبيلة الثالثة:

- ‌القبيلة الرابعة:

- ‌القبيلة الخامسة:

- ‌القسم الثالث

- ‌الأصل الأول: البرانس

- ‌القبيلة الأولى:

- ‌القبيلة الثانية:

- ‌القبيلة الثالثة:

- ‌الأصل الثاني: من البربر: البتر

- ‌القبيلة الأولى:

- ‌القبيلة الثانية:

الفصل: ‌الفصل الأولفي فضل علم الأنساب

‌المقدمة في ذكر أمور يحتاج إليها في علم الأنساب

ومعرفة القبائل

وفيها خمسة فصول

‌الفصل الأول

في فضل علم الأنساب

وفائدته ومسيس الحاجة إليه لا خفاء أن معرفة الأنساب من الأمور المطلوبة، والمعارف المندوبة؛ لما يترتب عليها من الأحكام الشرعية، والمعارف الدينية. فقد وردت الشريعة باعتبارها في مواضع: منها: العلم بنسب النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه النبي القرشي الهاشمي الذي كان بمكة وهاجر منها إلى المدينة وتوفي ودفن بها، فإنه لا بد لصحة الإيمان من معرفة ذلك، ولا يعذر مسلم في الجهل به وناهيك بذلك.

ومنها: التعارف بين الناس حتى لا يعتزي أحد إلى غير أبيه، ولا ينسب إلى سوى أجداده. وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى:(يأيُها الناس إنا خلقناكُم من ذَكر وأُنثى وجعلناكم شُعوباً وقبائل لتعارفوا) . ولولا معرفة الأنساب لفات إدراك ذلك وتعذر الوصول إليه.

ومنها: اعتبار النسب في الإمامة التي هي الزعامة العظمى. فقد حكى الماوردي في الأحكام السلطانية الإجماع على كون الإمام قرشياً، ثم قال: ولا اعتبار بضرار حيث. فجوزها في جميع الناس. فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: الأئمة

ص: 7

من قريش. قال أصحابنا الشافعية: فإن لم يوجد قرشي اعتبر كون الإمام كنانياً من بني كنانة من خُزيمة، فإن تعذر اعتبر كونه من بني إسماعيل عليه السلام، فإن تعذر اعتبر كونه من بني إسحاق عليه السلام، فإن تعذر اعتبر كونه من جرهم، لشرفهم بصهارة إسماعيل عليه السلام، بل قد نصوا أن الهاشمي أولى بالإمامة من غيره من قريش.

فلولا المعرفة بعلم النسب لفات وتعذر حكم الإمامة العظمى التي بها عموم صلاح الأمة، وحماية البيضة، وكف الفتنة، وغير ذلك من المصالح.

ومنها: اعتبار النسب في كفاءة الزوج للزوجة عند الشافعي رضي الله عنه، حتى لا يكافئ الهاشمية والمطّلبية غيرها من قريش، ولا يكافئ القرشية غيرها من العرب ممن ليس بقرشي، ولا يكافئ الكنانية غيرها من العرب ممن ليس بكناني ولا قرشي على الأصح.

وفي اعتبار النسب في العجمي أيضاً وجهان: أصحهما الاعتبار. فإذا لم يعرف النسب تعذرت هذه الأحكام.

منها: مراعاة النسب الشريف في المرأة المنكوحة، فقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«تنكح المرأة لأربع: لدينها، وحسبها، ومالها، وجمالها» فراعى صلى الله عليه وسلم في المرأة الحسب، وهو شرف الآباء.

ومنها: جريان الرق على العرب في أحد قولي الشافعي رضي الله عنه وموافقيه، فإذا لم يعرف النسب تعذر ذلك، إلى غير ذلك من الأحكام الجارية هذا المجرى.

ثم ليعلم أنه قد ذهب كثير من أئمة المحدثين والفقهاء، كالبخاري، إلى جواز الرفع في الأنساب احتجاجاً بعمل السلف، فقد كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه

ص: 8

في علم الأنساب في المقام الأرفع والجانب الأعلى، وذلك أذل دليل وأعظم شاهد على شرف هذا العلم وجلالة قدره.

وقد حكى صاحب الريحان والريعان عن أبي سليمان الخطابي رحمه الله قال: كان أبو بكر رضي الله عنه نسّابة فخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فوقف على قوم من ريبعة فقال: ممن القوم؟ قالوا: من ربيعة، قال: وأي ربيعة أنتم، أمن هامتها أم من لهازمها؟ قالوا: بل من هامتها العظمى. قال أبو بكر: ومن أيها؟ قالوا من ذُهل الأكبر. قال أبو بكر: فمنكم عوف بن مُحلِّم الذي يقال له: لا حُرّ بوادي عوف؟ قالوا: لا. قال: فمنكم بِسطام بن قيس أبو القِرَى ومنتهى الأحياء؟ قالوا: لا، قال: فمنكم اَلْحوفزان قاتل الملوك وسالبها أَنْعُمها؟ قالوا: لا. قال: فمنكم المزدلف الحرّ صاحب العمامة الفردة؟ قالوا: لا. قال: فمنكم أخوال الملوك من كِندة؟ قالوا: لا. قال: فمنكم أصهار الملوك من لَخم؟ قالوا: لا. قال: فلستم بذُهل الأكبر بل ذهل الأصغر. فقام إليه غلام من شيبان يقال له: دِغْفَل حين بَقَل وجهه فقال: إن على سائلنا أن نسأله: يا هذا إنك قد سألت فأخبرناك ولم نكتمك شيئاً من خبرنا، فمن الرجل؟ قال أبو بكر: أنا من قريش. قال: بخٍ بخٍ أهل الشرف والرياسة، فمن أي القرشيين أنت؟ قال: من تَيم بن مُرة. قال الفتى: أمكنت والله الرامي من سواء الثُّغرة، فمنكم قُصي الذي جمع القبائل من فِهر وكان يُدعى مُجمعاً؟ قال: لا. قال: فمنكم هاشم الذي هشم الثريد لقومه؟ قال: لا. قال: فمنكم شيبة الحمد مطعم

ص: 9

طير السماء؟ قال: لا. قال: فمن المفيضين بالناس أنت؟ قال: لا. قال: فمن أهل الندوة أنت؟ قال: لا. قال: فمن أهل السقاية أنت؟ قال: لا. قال: فمن أهل الرفادة أنت؟ قال: لا. قال: فمن أهل الحجابة أنت؟ قال: لا. واجتذب أبو بكر رضي الله عنه زمام ناقته، فقال الفتى:

صادف دَرُّ السيل درّاً يدفعه

يَهيضه حيناً وحيناً يصدعُهْ

أما والله يا أخا قريش لو لبثت لأخبرتك أنك من رعيان قريش ولست من الذوائب. فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فتبسم. فقال عليّ رضي الله عنه: يا أبا بكر، لقد وقعت من الغلام الأعرابي على باقعه. فقال: يا أبا الحسن، ما من طامة إلا وفوقها طامة.

ودِغْفل هذا هو دغفل ابن حنطلة النسابة الذي يُضرب به المثل في معرفة النسب، قدم مرة على معاوية بن أبي سفيان في خلافته فاختبره فوجده رجلاً عالماً، فقال: بِم نلت هذا يا دغفل؟ قال: بقلب عَقول، ولسان سؤول، وآفة العلم النسيان.

وممن اشتهر بمعرفة الأنساب أيضاً ابن الكيّس، من بني عوف بن سعد ابن ثعلب بن وائل وفيهما يقول مسكين بن عامر:

فحكِّم دِغْفلاً وارحل إليه

ولا تَدِع المعطيَّ من الكَلالِ

أو ابن الكيِّس النَّمري زيداً

ولو أمسى بمُنخرق الشمال

ص: 10

وقد صنف في علم الأنساب جماعة من جلة العلماء وأعيانهم، كأبي عبيد القاسم ابن سلام، والبيهقي، وابن عبد البر، وابن حزم، وغيرهم؛ وذلك دليل شرفه ورفعة قدره.

ص: 11