الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
/282 أ/
…
ذكر من اسمه يونس
[999]
يونس بن سعيد بن عيسى بن سعد الله، أبو الفضل بن أبي الخير
الخراط الإربليُّ
وقد مرَّ شعر والده في مكانه.
وكان من أهل القرآن الكريم والفضل؛ رجلاً خيرًا متدينًا.
استشهد بإربل في الوقعة المشهورة حين دخلها التتار- خذلهم الله تعالى- بمسجدها الجامع في شوال سنة أربع وثلاثين وستمائة -تغمده الله برحمته ورضوانه- وكان يقول مقطعات صالحة من الشعر.
أنشدني لنفسه ما كتبه إلى الصاحب الوزير شرف الدين أبي البركات المستوفي الإربلي رضي الله عنه يهنئه بالعيد: [من الوافر]
بأيمن طالعٍ عيدت يا من
…
بطلعته يهنَّأ كلُّ عيد
ولازالت لك الأيَّام عونًا
…
مساعفةً على رغم الحسود
ولا برحت صلاتك واصلات
…
تعمُّ بها القريب مع البعيد
تعوَّد كفك المعروف حتَّى
…
غدا وعطاؤك فوق المزيد
/282 ب/ فأنت لكلِّ مكرمة وفضلٍ
…
أخٌ ولكلِّ معروف وجود
إذا نحر العدا نعمًا وشاءً
…
فضحِّ ضحى بشانئك الحسود
ولا برحت صلاتك واصلات
…
تعمُّ بها القريب مع البعيد
تعوَّد كفُّك المعروف حتَّى
…
غدا وعطاؤه فوق المزيد
/282 ب/ فأنت لكلِّ مكرمة وفضلٍ
…
أخٌ ولكلِّ معروفٍ وجود
إذا نحر العدا نعما وشاءً
…
فضحِّ ضحى بشانئك الحسود
وعش ما شئت كيف تشاء وألبس
…
جديد العمر في الزمَّن الجديد
ووجدت له هذه الأبيات كتبها إلى شرف الدين أبي البركات أيضًا رضي الله عنه: [من الوافر]
أيا مولاي يا من لا يضاهي
…
بحاتم في السَّماح ولا بمعن
ويا من جوده للناس طرًا
…
مع الأوقات في خوفٍ وأمن
بقيت الدَّهر للراجين حتَّى
…
تعمَّ بجودك العافي وتغني
ترى الأنعام هل درجت وشيخي
…
أبي مولاي من ذهبٍ وقطن
وأن ثواب ما تسديه محضًا
…
لوجه الله لا طلبًا لمنِّ
فعش واسلم مدى الأعوام والبس
…
جديد العمر في عزٍّ ويمن
[100]
يونس بن عليِّ بن رسن بن الحسن بن إبراهيم بن غنيمٍ،
أبو الفيض بن أبي الحسن الدوريُّ
من دور تكريت.
/283 أ/ كانت ولادته بها في سادس وعشرين رمضان سنة إحدى وسبعين وخمسمائة.
وتوفي أيضًا بها سنة ست عشرة وستمائة.
قدم مع والده تكريت وحضر دروس القاضي تاج الدين أبي زكريا يحيى بن عبد الله التغلبي، وقرأ عليه شيئًا من علم المذهب والأدب. وكانت له معرفة حسنة. وحصّل من معرفة الفقه ما يحتاج إليه، وانحدر إلى بغداد مرارًا، ونزل بالمدرسة النظامية وسكنها، واشتغل بها على جماعة من المعيدين. وكتب الكثير من كتب الفقه واللغة وغيرها؛ وفوَّض إليه قاضي القضاة عماد الدين أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن أحمد الدامغاني عقود الأنكحة بالدور. فتولّى ذلك وتولّى أيضًا الخطابة بجامعها أيام الجمع والأعياد.
وأهل الدور يرجعون إليه في وقائعهم وحوادثهم، وما يحتاجون إليه من كتبة الشروط وغير ذلك.
وكان ذا عائلةٍ وفقرٍ صبورًا على الضائقة والمجاهدة /283 ب/ في طلب الرزق
له ولعياله.
وكان يقول شعرًا لينًا سهلاً، ومنه ما كتبه إلى القاضي تاج الدين يحيى بن عبد الله يمدحه، وأنشدها عنده يذكر فيها حاله:[من البسيط]
زاد الغرام بقلب المدنف القلق
…
ولازمتني هموم الشَّوق والأرق
لمَّا سرى الرَّكب بالأظعان من إضمٍ
…
وغودر القلب مملوءًا من الحرق
ناديت حاديهم رفقًا بمن سلبوا
…
منه الرُّقاد ولم يبقوا على رمق
يا حادي الرَّكب لا تعجل على دنفٍ
…
أسير ذات اللَّمى المعسول والحدق
أوهى قوى صبره بينٌ ألمَّ به
…
حينًا فحاوله دهرًا فلم يطق
فليت أيَّامه بالعود عائدةٌ
…
وليته لعذاب البين لم يذق
يشتاق نعمان والأجراع من سلمٍ
…
وجيرة المنحنى مع عيشه الأنق
يبكي على الغور إن لاح العقيق له
…
وكيف يجدي بكاء المغرم القلق
أو لاح بارق نجد أو ألمَّ به
…
خيال محبوبه في ظلمة الغسق
يحنُّ إن سجعت ورقٌ على غصنٍ
…
من الأراك أريج الرِّيح والعبق
لا ير عوى لعذول ظلَّ يعذله
…
لكنَّه من خمار الشَّوق لم يفق
/284 أ/ ويح اللَّيالي لقد أخنت عليَّ بما
…
جنته من فرقه الأحباب والقلق
وشتَّتت شملنا من بعد ألفته
…
وغادرتني رهين الشُّوق والحرق
فحيث زادت همومي وانقضى جلدي
…
ولم أجد ملجأ ينجي من الغرق
يمَّمت دوحة تاج الدِّين معتمدًا
…
أرفِّع العيش بين النصِّ والعنق
باب الهداية كهف المستضعفين وهم
…
خير البريَّة في الأقطار والأفق
السَّالكين طريق الحقِّ قاطبةً
…
والمنقذين من الأنجاس والرَّهق
قومٌ فخارهم فوق السِّماك علا
…
بنور عزٍّ من الإجلال متَّسق
أبقى الإله أمير المؤمنين لهم
…
ما جاوبت إلفها ورقاء في الورق
النَّاصر العادل الملك الَّذي خضعت
…
له الملوك خضوع المدنف الومق
مولَّى تظلُّ له الأملاك قاطبةً
…
من سطوة وهي قتلى الغيظ والحنق
لو رام أن يملك الدُّنيا بأجمعها أنـ
…
ـقادت له إنقياد الشَّاء في الرِّيق
مؤيَّدًا بجنود الحقِّ منتصرًا
…
بالله لا بالظُّبا والبيض والدَّرق
وأيَّد الله مولانا الإمام فقد
…
فاق الأنام بجود وافرٍ غدق
قاضي القضاة الَّذي شاد العلوم علاً
…
وأظهر الملَّة المحمودة الطُّرق
/284 ب/ تاجٌ له في علاء المجد منقبةٌ
…
يجوز أدنى علاها رتبة الشَّفق
بنى المكارم للعافين محتسبًا
…
ناهيك من أريحيٍّ ماجد طلق
في الرأي قيسٌ وفي الإقدام عنترةٌ
…
وفي البلاغة قسُّ المنطق الذِّلق
إذا انتضت كفُّه ماضي اليراع على
…
متن الطُّروس بدت بالمنظر الطَّلق
فالله يحفظ مولانا ويعضده
…
بنجله الطَّاهر العلَاّمة الأفق
ضياء دينٍ سما فوق العباد على
…
رغم الحسود الشَّقيِّ الماذق الحمق
سمحٌ تعلَّم منه الغيث نائله
…
يجود بالذَّهب الإبريز والورق
لو سابق المزن في جود في كرمٍ
…
لحاز من غير جهد لذَّة السَّبق
مدِّبر الملك لو جاراه في نظرٍ
…
كلُّ الملوك لبذَّ الكلَّ في طلق
لازال في نعمة تهمي أنامله
…
بالجود ما سارت الرَّكاب في الغسق
مولاي قلبي رهينٌ في محبَّتكم
…
وقد عرتني هموم الشَّوق والأرق
وقد تعلَّقت من دون الورى بكم
…
وحقِّ من خلق الإنسان من علق
فأنتم خير أهل الأرض قاطبةً
…
منكم هداة الورى في الدِّين والخلق
وأنتم ظلُّ ربِّ العالمين ومن
…
يمحو به الله ظلم الخائن النَّزق
/285 أ/ وأنتم فرجٌ للمستغيث وقد
…
أشرفت من شدَّة البلوى على الغرق
لازال مجدكم يعلو وذكرٌ كم
…
يحلو وبركم كالطَّوق في العنق
ما غرَّدت فوق غصن الأيك ساجعةٌ
…
وما انجلت عن ظلامٍ غرَّة الفلق
[1001]
يونس بن أبي الغنائم بن أبي بكر بن أبي الغنائم بن أبي بكر بن
محمَّدٍ، أبو الفتح المقرئ البغداديُّ
لقيته بحلب شيخًا أسمر قصيرًا سنة أربع وثلاثين وستمائة، وقد استوفى ثمانين سنة، يخضب بالحنا يقرئ بين يدي الجنائز وفي الأعزية، وروى لي عن جماعة من الشعراء المتأخرين مقطعات من منظومهم منها؛ الضياء أبو يعقوب يوسف بن سليمان بن صالح بن رهيج المضري البغدادي المعروف بابن الكتاني، وأبو الفضل عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن أحمد الغساني الجلياني، وأبو الحسن علي بن يحيى بن أبي خازن البغدادي القلانسي، والباز الأشهب أبو عبيد الله علوي بن عبيد الله بن علي بن علوان الحلبي، والرشيد أبو محمد بن بدر النابلسي، وأبو الفوارس عبد الله بن محمد الإسكندري، /285 ب/ والقاضي محيي الدين أبو حامد محمد بن محمد بن عبد الله الشهرزوري.
واستكثر من قول الأشعار ينظمها طبعًا من غير أن يشتغل بشيء من علم العربية، وأقام بحلب مدّة طويلة بعد أن جال في أقطار البلاد. ولم يزل بها مقيمًا إلى أن مات يوم الأربعاء الثالث من جمادى الأولى سنة ثلاث وأربعين وستمائة –رحمه الله تعالى-.
وكان يتعاطى التصنيف ويظن أنه قد رد على أبي الفرج الأصفهاني في كتاب "الأغاني" الذي ألفه، وخطأه في مواضع بزعمه؛ وأنه لم يأت بالشيء على وجهه، وما كان ينبغي له أن يذكر ذلك.
ثم عدّد لي مصنفاته. وكان إذا أنشد شعر نفسه يلحن ولا يقوم إعراب بيتٍ البتة؛ إلَاّ أنه كان عنده كياسة ومفاكهة إذا شرع في كلام ومحاورة.
وله أشعار كثيرة قصد بها الأماثل والكبراء ممتدحًا إلَاّ أنَّني استبردتها لما فيها من الرثاثة والركة واضطراب المعاني والألفاظ.
وحدثني –رحمه الله تعالى- قال: كنت بقلعة حلب، وهنالك جماعة /286 أ/ من الفضلاء والشعراء، فأمرهم صاحب الديوان يومئذ أن ينظم أحد منهم بيتين من الشعر؛ لتكتب على قبر السلطان الملك العزيز غياث الدين محمد بن غازي بن يوسف مليكها –رحمه الله تعالى- فانزويت إلى ناحيةٍ، وأعملت فكرتي وأنشأت هذين البيتين وهما:[من الطويل]
حرامٌ على من زار قبري ولم يقل
…
سقى الله هذا القبر صوب السَّحائب
كما كنت إن ضنَّ الغمام بجوده
…
أتيت بأنوع النَّدى والرَّغائب
وأنشدني لنفسه فيمن ينتف لحيته: [من البسيط]
وللأصيل ذوا عدلٍ تقوم له
…
بشاهد الحبِّ من بدوٍ ومن حضر
تنظيف لحنٍ إذا ما ضلَّ ينشدنا
…
شعرًا وتنظيف خدَّيه من الشَّعر
وأنشدني لنفسه يقتضي وعدًا: [من الطويل]
أذِّكره لا خيفةً أن يفوتني
…
رجاءٌ وإن لم أقتضيه فينساني
ولكنَّني أخبرته أن منطقي
…
يكنُّ ثنائي حيث سرِّي وإعلاني
[1002]
/286 ب/ يونس بن موسى، أبو الوليد الأنصاريُّ
من أهل سلا من بلاد المغرب.
كان شاعرًا منتجعًا نحويًا فاضلاً. صار إليّ من شعره هذه القصيدة يمدح بها الأمير شمس الدين محمود بن قليج الحلبيَّ: [من البسيط]
أمللت سمعي من عذلٍ بتنديد
…
فبعض شانيك من لومٍ وتقنيد
قد كنت تبقى وإن لم تبق من شفقٍ
…
لو كان قلبك في أحشاء معمود
لا درَّ درُّك من لاح ألحَّ على
…
ضعفي وجار على ليني بتشديد
أما نهاك ضني وجد منيت به
…
أبلى شبابي من سقمٍ بتجديد
في ذمَّة الله نفسٌ ما يذمُّ لها
…
خلقٌ وإن غرَّ من طرف ومن جيد
وفي رضا الحب قلبٌ قلَّبته على
…
جمر الغضا خطرات الخرَّد الغيد
سنحن يوم الكثيب الفرد من كثبٍ
…
وما سمحن لنا إلا بتبعيد
يخفضن في المشي من خطو وقد رفعت
…
حمر القباب على الحمر الجلاعيد
بيضٌ أوانس في سرب أوانسه
…
شرَّدن نومي عن عيني بتسهيد
بدور حسنٍ حوتهنَّ الخدور وقد
…
أشرقن في الكثب من قضبٍ أماليد
/287 أ/ يحملن درًا ثوى فيهن من صدفٍ
…
طاف ببحر سراب غير مورود
يا للبراقع كم فيهنَّ من قمر
…
سار وسرِّ جمال فوق توريد
ومن عيون نفثن السِّحر في كبدي
…
كالسُّمِّ تجنيه من بنت العناقيد
عدمت صبري أنِّي قد وجدت به
…
ما ضلَّ من جزعٍ عنِّي وتبليد
فكيف أبقى على ما بي وها رمقي
…
يفنى بفنَّين معدومٍ وموجود
أما الفراق فأرمي في النوى ورمى
…
خدَّيَّ من فيض أجفاني بتخديد
ولجَّ فابتزَّ أوطاني وأوطاني
…
مواطئ العسف من همٍّ وتنكيد
بعدٌ من المغرب الأقصى لمشرقه
…
يقرِّب العيس من وخدٍ ومن بيد
كأنَّ في كلِّ قطر لي مدى أرب
…
لا يقتضي بسوى المهريَّة القود
تغرُّب ومشيبٌ نازلٌ وأسىً
…
برحٍ وفقد حبيب غير مردود
وساءني أنَّ عمري ضاع أكثره
…
بين اللَّئام ولم أظفر بمقصود
ولا حمدت رحيلي لا ولا زمني
…
حتَّى حللت بشمس الدِّين محمود
وقال أبو النجم فرقد بن عبد الله بن ظافر بن عبد الواحد الكناني الإسكندري، أنشدني /287 ب/ أبو الوليد يونس بن موسى الأنصاري السلائي لنفسه؛ لما رجع الملك الظاهر غياث الدين غازي بن يوسف من محاصرة دمشق إلى حلب خائبًا. وكان
معه ابن الحصين الوزير، وابن أخته النظام أبو المؤيد محمد بن الحسين الطغرائي –وكان أحول- والقاضي بهاء الدين أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم الموصلي، ويعرفه الفقهاء بالأحمر. وكان الوزير ابن الحصين أجهز العينين:[من السريع]
قل للمليك الظَّاهر استبصر
…
دهيت في الملك ولم تشعر
بالأجهر المطرود من واسط
…
والأحول المشؤوم والأحمر
ثلاثةٌ لو برزوا دفعةً
…
للشمس أو للبدر لم تظهر
ولو تولَّى واحدٌ منهم
…
تدبير ذي القرنين لم ينصر
الأجهر: الذي لا ينظر للشمس.