الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرابع عشر: في الدعاء.
الباب الأول
الحماسة والافتخار
قال بعض بني قيس بن ثعلبة، وقيل أنها لبشامة ابن حزن النهشلي:
إنا محيوكِ يا سلمى فحيينا
…
وإنْ سقيتِ كرامَ الناس فاسقينا
وإنْ دعوتِ إلى جلى ومكرمةٍ
…
يوماً سراة كرام الناس فادعينا
إنا بني نهشل لا ندعي لأب
…
عنه ولا هو بالأبناء يشرينا
إن تبتدرْ غايةٌ يوماً لمكرمة
…
تلقَ السوابقَ منا والمصلينا
بيضُ مفارقنا تغلي مراجلنا
…
نأسو بأموالنا آثارَ أيدينا
إنا لنرخصُ يوم الروع أنفسنا
…
ولو نسام بها في الأمن أغلينا
إنا لمن معشر أفنى أوائلهم
…
قول الكماة ألا أين المحامونا
لو كان في الألف منا واحدٌ فدعوا
…
من فارسٌ خالهم إياه يعنونا
إذا الكماة تنحوا أن ينالهم
…
حدُّ الظبات وصلناها بأيدينا
ولا تراهم وإنْ جلت مصيبتهم
…
مع البكاة على من مات يبكونا
وتركب الكره أحياناً فيفرجه
…
عنا الحفاظ وأسيافٌ تواتينا
قال السموأل بن عاديا اليهودي، وقيل أنها لعبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي.
إذا المرءُ لم يدنسْ من اللؤمِ عرضه
…
فكلُّ رداء يرتديه جميل
وإنْ هو لم يحمل على النفس ضيمها
…
فليس إلى حسن الثناء سبيل
تعيرنا إنا قليلٌ عديدنا
…
فقلتُ لها إن الكرامَ قليل
وما قلَّ من كانت بقاياه مثلنا
…
شبابٌ تسامى للعلى وكهول
وما ضرنا أنا قليل وجارنا
…
عزيزٌ، وجار الأكرمين ذليل
لنا جبل يحتله من نجيره
…
منيع يرد الطرف وهو كليل
رسا أصله تحت الثرى وسحابه
…
إلى النجم فرعٌ لا ينال طويل
وأنا لقومٌ ما نرى القتل سبةً
…
إذا ما رأته عامرٌ وسلول
يقربُ حبُ الموت آجالنا لنا
…
وتكرههُ آجالهم فتطول
وما مات منا سيد حتف أنفه
…
ولا طلَّ منا حيث كان قتيل
تسيل على حد السيوف نفوسنا
…
وليست على غير السيوف تسيل
صفونا فلم نكدر، وأخلص سرنا
…
إناثٌ أطابت حملنا وفحولُ
علونا إلى خير الظهور، وحطنا
…
لوقتٍ إلى خير البطون نزول
فنحن كما المزن ما في نصابنا
…
كهامٌ، ولا فينا يعدُّ بخيل
وننكر إنْ شينا على الناس قولهم
…
ولا ينكرون القول حين نقولُ
إذا سيدٌ منا خلا قام سيدٌ
…
قؤولٌ بما قال الكرامُ فعولُ
وما أخمدتْ نارٌ لنا دونَ طارق
…
ولا ذمنا في النازلين نزيل
وأيامنا مشهورةٌ في عدونا
…
لها غررٌ معلومةٌ وحجولُ
وأسيافنا في كل شرق ومغرب
…
بها من قراع الدارعين فلولُ
معودة ألا تسلَّ نصالها
…
فتغمد حتى يستباح قبيلُ
سلي إنْ جهلت الناس عنا وعنهم
…
وليس سواءً عالمٌ وجهول
فإن بني الديان قطبٌ لقومهم
…
تدور رحاهم حولهم وتجول
قال رجل من بلعنبر بن تميم، يقال له قريط بن أنيف
لو كنتُ من مازن لم تستبحْ إبلي
…
بنو اللقيطة من ذهل بن شبانا
إذاً لقام بنصري معشرٌ خشنٌ
…
عند الحفيظة إنْ ذو لوثة لانا
قومٌ إذا الشر أبدى ناجذيه لهم
…
طاروا إليه زرافات ووحدانا
لا يسألون أخاهم حين يندُ بهم
…
في النائبات على ما قال برهانا
لكنَّ قومي وإنْ كانوا ذوي عددٍ
…
ليسوا من الشر في شيء وإنْ هانا
يجزون من ظلمْ هل الظلم مغفرةً
…
ومن إساءة أهل السوء إحسانا
كأنَّ ربك لم يخلق لخشيته
…
سواهم من جميع الناسِ إنسانا
فليت لي بهم قوماً إذا ركبوا
…
شنوا الإغارة، فرسانا وركبانا
قال الفند الزماني، في حرب البسوس واسمه: شهل بن شيبان:
صفحنا عن بني ذهل
…
وقلنا القوم إخوان
عسى الأيام أن يرجع
…
نَ قوماً كالذي كانوا
فلما صرح الشرُّ
…
فأمسى وهو عريان
ولم يبقَ سوى العدوا
…
نِ دناهم كما دانوا
مشينا مشية الليث
…
غدا والليث غضبان
بضرب فيه توه
…
ينٌ وتخضيعٌ وإقران
وبعض الجهل عند الجه
…
ل للذلة إذعان
وفي الشر نجاةٌ حي
…
ن لا ينجيك إحسان
قال أبو الغول الطهوي:
فدتْ نفسي وما ملكتْ يميني
…
فوارس صدقوا فيهم ظنوني
فوارسُ لا يملون المنايا
…
إذا دارت رحى الحرب الزبون
ولا يجزون من حسن بسيئٍ
…
ولا يجزون من غلظ بلين
ولا تبلى بسالتهم وإنْ همْ
…
صلوا بالحرب حيناً بعد حين
هم منعوا حمى الوقبى بضرب
…
يؤلف بين أشتات المنون
فنكب عنهم درءَ الأعادي
…
وداووا بالجنون من الجنون
ولا يرعونَ أكناف الهوينى
…
إذا حلوا ولا أرض ألهدون
قال جعفر بن علبة الحارثي:
إذا ما ابتدرنا مأزقاً فرجتْ لنا
…
بأيماننا بيضٌ جلتها الصياقل
لهم صدر سيفي يوم بطحاء سحبل
…
ولي منه ما ضمت عليه الأنامل
ولم ندر أن جضنا من الموت جيضةً
…
كم العمر باق والمدى متطاول
وقال أيضاً:
لا يكشفُ الغماءَ إلا ابنُ حرة
…
يرى غمراتِ الموت ثم يزورها
تقاسمهم أسيافنا شر قسمة
…
ففينا غواشيها وفيهم صدورها
قال ربيعة بن مقروم الضبي:
ولقد شهدت الخيل يوم طرادها
…
بسليم أوظفة القوائم هيكل
فدعوا نزال فكنت أول نازل
…
وعلام اركبه إذا لم أنزل
وألد ذي حنق عليَّ كأنما
…
تغلي عداوةُ صدره في مرجلِ
أرجيته عني فأبصر قصده
…
وكويته فوق النواظر من علِ
قال بلعاء بن قيس الكناني:
وفارس في غمار الموت منغمس
…
إذا تألى مكروهة صدقا
غشيته وهو في جأواء باسلة
…
عضباً أصاب سواءَ الرأس فأنفلقا
بضربة لم تكن مني مخالسةً
…
ولا تعجلتها جبناً ولا فرقا
قال سعد بن ناشب المازني:
سأغسل عني العارَ بالسيف جالبا
…
عليَّ قضاء الله ما كان جالبا
وأذهلُ عن داري وأجعلُ هدمها
…
لعرضي من باقي المذمة حاجبا
ويصغر في عيني تلادي إذا أنثنت
…
يمني بادراك الذي كنت طالبا
فإنْ تهدموا بالغدر داري فإنها
…
ترات كريم لا يبالي العواقبا
أخي عزماتٍ لا يريد على الذي
…
يهم به من مقطع الأمر صاحبا
إذا همّ لم تردع عزيمةُ همه
…
ولم يأت ما يأتي من الأمر هائبا
فيالَ رزام رشحوا بي مقدماً
…
إلى الموت خواضاً إليه الكتائبا
إذا هم ألقى بين عينيه عزمهُ
…
وكب عن ذكر العواقب جانبا
ولم يستشر في أمره غير نفسه
…
ولم يرضَ إلاّ قائم السيف صاحبا
قال أبو كبير الهذلي:
ولقد سريت على الظلام بمغشم
…
جلد من الفتيان غير مثقلِ
ممن حملن به وهنَّ عواقدٌ
…
حبك النطاق فشب غير مهبل
ومبرأٍ من كل غبرِ حيضة
…
وفساد مرضعة وراءٍ مغيلِ
حملتْ به في ليلة مزؤودةٍ
…
كرهاً وعقد نطاقها لم يحلل
فأتت به حوش الفؤاد مبطناً
…
سهداً إذا ما نام ليل الهوجل
وإذا نظرت إلى أسرة وجهه
…
برقت كبرق العارض المتهلل
صعب الكريهة لا يرام جنابه
…
ماضي العزيمة كالحسام المقصل
يحمي الصحاب إذا تكون كريهةٌ
…
وإذا هم نزلوا فمأوى العيل
قال تأبط شراً، واسمه ثابت بن جابر:
إذا المرء لم يحتل وقد جد جده
…
أضاعَ وقاسى أمره وهو مدبر
ولكن أخو الحزم الذي ليس نازلاً
…
به الخطب إلا وهو للقصد مبصر
فذاك قريع الدهر ما عاش حول
…
إذا سد منه منخرٌ جاش منخر
أقول للحيان وقد صفرت لهم
…
وطابى ويومي ضيق الحجر معورُ
هما خطتا إما إسارٌ ومنةٌ
…
وإما دم والقتل بالحر أجدرُ
وأخرى أصادي النفس عنها وإنها
…
لمورد حزمِ إن فعلت ومصدرُ
فرشت لها صدري فزلَّ عن الصفا
…
به جؤجؤٌ عبلٌ ومتن مخصرُ
فخالط سهل الأرض لم يكدحِ الصفا
…
به كدحةً، والموتُ خزيان ينظرُ
فأبت إلى فهم ولم أكُ آيباً
…
وكم مثلها فارقتها وهي تصفرُ
وقال أيضاً:
إني لمهد من ثنائي فقاصدٌ
…
به لابن عمَّ الصدقِ شمس بن مالك
قليلُ التشكي للمهم يصيبه
…
كثير الهوى شتى النوى والمسالك
يظل بموماة ويمسي بغيرها
…
جحيشاً ويعروري ظهور المهالك
ويسبق وفد الريح من حيث ينتحي
…
بمنخرق من شده المتدارك
إذا حاص عينيه كرى النوم، لم يزل
…
له كالئٌ من قلب شيحان فاتك
ويجعلُ عينيه ربيئةَ قلبه
…
إلى سلة من حد أخلق صائك
إذا هزه في عظم قرن تهللتْ
…
نواجذُ أفواه المنايا الضواحك
يرى الوحشة الأنس الأنيس ويهتدي
…
بحيث اهتدت أم النجوم الشوابك
قال وداك بن نميل المازني:
مقادمُ وصالون في الروع خطوهم
…
بكلّ رقيق الشفرتين يمانِ
إذا استنجدوا لم يسألوا من دعاهمُ
…
لأية حرب، أم بأي مكانِ
قال قطري بن الفجاءة المازني:
أقول لها وقد طارت شعاعاً
…
من الأبطال ويحكِ لا تراعي
فإنكِ لو سألتِ بقاءَ يوم
…
على الأجلِ الذي لكِ لم تطاعي
فصبراً في مجالِ الموت صبراً
…
فما نيل الخلودِ بمستطاعِ
ولا ثوب البقاءِ بثوبِ عزٍّ
…
فيطوى عن أخي الخنعِ اليراعِ
سبيل الموت غايةُ كل حيِّ
…
وداعيه لأهلِ الأرض داعي
ومن لا يغتبط يهرم ويسأم
…
وتسلمهُ المنونُ إلى انقطاعِ
وما للمرءِ خيرٌ في حياةٍ
…
إذا ما عدَّ من سقطِ المتاعِ
قال سوار بن المضرب السعدي:
وإني لا أزال أخا حروب
…
إذا لم أجن كنتُ مجنَّ جانِ
قال قطري بن الفجاءة المازني
لا يركننْ أحدٌ إلى الإحجام
…
يوم الوغى متخوفاً لحمامِ
فلقد أراني للرماحِ دريئةً
…
من عنْ يميني مرةً وأمامي
ثم انصرفت وقد أصبتُ ولم أصبْ
…
جذع البصيرة قارح الأقدامِ
قال حريش بن هلال القريعي، وقيل أنها للعباس بن مرداس السلمي:
نعرضُ للسيوف إذا التقينا
…
وجوهاً ما تعرضُ للطامِ
ولست بخالعٍ عني ثيابي
…
إذا هرَّ الكُماةُ ولا أرامي
ولكني يجولُ المهر تحتي
…
إلى الغاراتِ بالعضب الحسامِ
قال الشميذر الحارثي:
بني عمنا لا تذكروا الشعر بعدما
…
دفنتم بصحراء الغمير القوافيا
فلسنا كمن كنتم تصيبون سلةً
…
فتقبلَ ضيماً أو نحكم قاضيا
ولكن حكم السيف فيكم مسلط
…
فنرضى إذا ما أصبح السيفُ راضيا
وقد ساءني ما جرت الحربُ بيننا
…
بني عمنا لو كان أمراً مدينا
فإن تزعموا إنا ظلمنا فلم نكنْ
…
ظلمنا ولكنا أسأنا التقاضيا
قال الأشتر النخعي:
بقيتُ وفرى وانحرفت عن العلى
…
ولقيت أضيافي بوجهِ عبوسِ
إنْ لم أشنَّ على ابن حرب غارةً
…
لم تخلُ يوماً من نهاب نفوسِ
خيلاً كأمثال السعالي شزباً
…
تعدُو ببيض في الكريهة شوسِ
حمي الحديد عليهم فكأنهُ
…
ومضانُ برق أو شعاعُ شموسِ
قال زفر بن الحارث الكلابي:
وكنا حسبنا كلَّ بيضاء شحمةً
…
ليالي لافينا جذامَ وحميرا
فلما قرْعنَا النبعَ بالنبع بعضه
…
ببعض أبتْ عيدانهُ أنْ تكسَّرا
سقيناهمُ كأساً سقونا بمثلها
…
ولكنهم كانوا على الموت أصبرا
قال عمرو بن معدي كرب:
ولما رأيت الخيل زوراً كأنها
…
جداولُ زرع خليتْ فأستبطرت
فجاشتْ إليَّ النفس أولَ وهلة
…
وردت على مكروهها فاستقرت
علامَ تقولُ الرمحُ يثقلُ عاتقي
…
إذا أنا لم أطعنْ إذا الخيل كرت
ظللتُ كأني للرماحِ دريئةً
…
أقاتلُ عن أبناء جرم وفرَّت
فلو أن قومي أنطقتني رماحهم
…
نطقتُ ولكن الرماحَ أجرت
قال بعض بني بولان من طيء:
نحن حبسنا بني جديلة في
…
نارٍ من الحربِ جحيمةِ الضرمِ
نستوقدُ النبلَ بالحضيضِ ونعد
…
ونصطادُ نفوساً بنت على الكرمِ
قال سيارُ بن قصير الطائي:
لو شهدتْ أمَ القديد طعاننا
…
بمرعش خيل الأرمني أرنتِ
عشيةَ أرمي جمعهم بلبانهِ
…
ونفسي قد وطنتها فاطمأنت
قال قيس بن الخطيم:
طعنتُ ابنَ عبدِ القيسِ طعنةَ ثائرٍ
…
لها نفذٌ لولا الشعاعُ أضاءها
ملكتُ بها كفًى فأنهرت فتقها
…
يرى قائمٌ من دونها ما وراءها
وكنتُ امرءاً لا أسمعُ الدهر سبةً
…
أسبُّ بها إلا كشفتُ غطاءها
متى يأتِ هذا الموتُ لم تلفَ حاجةٌ
…
لنفسي إلا قد قضيتُ قضاها
فإني في الحرب العوانِ موكلٌ
…
بأقدامِ نفس ما أريدُ بقاءها
قال بعض بني أسد:
يديتْ على ابن حسحاس بنَ وهب
…
بأسفل ذي الجداة يد الكريم
ولو أني أشاءُ لكنتُ منه
…
مكانَ الفرقدين من النجومِ
ذكرتُ تعلةَ الفتيانِ يوماً
…
وإلحاق الملامة بالمليمِ
قال الحصين بن الحمام المريِّ:
تأخرتُ أستبقي الحياة فلم أجد
…
لنفسي حياةَ مثل أنْ أتقدما
فلسنا على الأعقاب تدمى كلومنا
…
ولكنْ على أقدامنا تقطرُ الدما
ولما رأيتُ الصبر قد حيل دونها
…
وإنْ كان يوماً ذا كواكب مظلما
صبرنا، وكان الصبرُ منا سجية
…
بأسيافنا يقطعن كفاً ومعصما
نفلق هاماً من رجال أعزة
…
علينا وهم كانوا أعقَّ وأظلما
ولما رأيت الحبّ ليس بنافعي
…
عمدتُ إلى الأمر الذي كان أحزما
فلست بمبتاع الحياة بذلة
…
ولا مرتقٍ من خشية الموتُ سلما
قال بشامة بن حزن:
إني امرؤٌ أسم القصائدَ للعدى
…
إنَّ القصائد شرها إغفالها
قومي بنو الحرب العوان بجمعهم
…
والمشرفيةُ والقنا إشعالها
ما زال معروفاً لمرة في الوغى
…
علَّ القنا وعليهم إنهالها
من عهد عاد كان معروفاً لنا
…
أسر الملوك وقتلها وقتالها
قال رجل من بني عقيل، وحاربه بنو عمه فقتل منهم:
بكره سراتنا يا آل عمرو
…
نغاديكم بمرهفة صقالِ
ونبكي حين نقتلكم عليكم
…
ونقتلكم كأنّا لا نبالي
قال القتال الكلابيَّ:
نشدتُ زياداً والمقامةُ بيننا
…
وذكرته أرحام سعدَ وهيثمِ
فلما رأيتُ أنه غير منته
…
أملتُ له كفي بلدنْ مقومِ
ولما رأيتُ أنني قد قتلتهُ
…
ندمتُ عليه أيَّ ساعة مندمِ
قال قيس بن زهير:
شفيتُ النفسَ من حمل بن بدر
…
وسفي من حذيفة قد شفاني
فإنْ أكُ قد بردتُ بهم غليلي
…
فلم أقطع بهم إلا بناني
قال أعرابي، قتل أخوه ابنه:
أقول للنفس تأساءً وتعزيةً
…
إحدى يدي أصابتني ولم تردِ
كلاما خلف من بعد صاحبه
…
هذا أخي حين أدعوه وذا ولدي
قال الحارث بن وعلة الذهلي:
قومي هم قتلوا أميم أخي
…
فإذا رميتُ يصبني سهمي
فلئن عفوت لأعفونْ جللاً
…
ولئن سطوتُ لأوهننْ عظمي
لا تأمننْ قوماً ظلمتهمُ
…
وبدأتهم بالشتم والرغم
إن يأبروا نخلاً لغيرهمُ
…
والقولُ تحقرةُ وقد ينمي
وزعمتمُ أنْ لا حلوم لنا
…
إنَّ العصا قرعتْ لذي الحلمِ
قال آخر:
فلو أن حياً يقبلُ المال فديةً
…
لسقنا لهم سيلاً من المال مفعما
ولكن أبى قومٌ أصيب أخوهمُ
…
رضى العار فاختاروا على اللبن الدما
قال بعض بني فقعس:
فلا تأخذوا عقلاً من القومِ إنني
…
أرى العار يبقى، والمعاقلُ تذهبُ
كأنك لم تسبق من الدهر ليلةً
…
إذا أنت أدركتَ الذي كنت تطلبُ
قال الأحوص بن محمد:
إني على ما قد علمت محسدٌ
…
أنمي على البغضاء والشنآن
ما تعتريني من خطوب ملمة
…
إلَاّ تشرفني وترفع شاني
فإذا تزول تزول عن متخمط
…
تخشى بوادرهُ لدى الأقرانِ
إني إذا خفي الرجالُ وجدتني
…
كالشمس لا تخفى بكلِّ مكان
قال بعض بني عبد شمس:
لما رأوها من الأجزاع طالعة
…
شعثاً فوارسها شعثاً نواصيها
لاذت هنالك بالأشعاف عالمة
…
إن قد أطاعت بليل أمر غاويها
قال حيان بن ربيعة الطائي:
لقد علم القبائلُ أن قومي
…
ذوو جسد إذا لبس الحديدُ
وأنا نعم أحلاسُ القوافي
…
إذا استعر التنافرُ والنشيد
وأنا نضربُ الملحاءَ حتى
…
تولى والسيوفُ لنا شهودُ
قال عمرو بن معدي كرب:
ولقد أجمع رجليَّ بها
…
حذر الموت وإني لفرور
ولقد أعطفها كارهةً
…
حين للنفس من الموت هديرُ
كلَّ ما ذلك مني خلقٌ
…
وبكلِّ أنا في الروع جديرُ
وابنُ صبح سادراً يوعدني
…
ما له في الناس ما عشتُ مجير
وقال آخر وضرب بنو عم له مولى له اسمه حوشب:
إنْ كنتُ لا أرمى وترمى كنانتي
…
تصب جانحات النبل كشحي ومنكبي
أفيقوا بني حزنٍ وأهواؤنا معناً
…
وأرحامنا موصلةٌ لم تقضب
فإنْ تبعثوها تبعثوها ذميمةً
…
قبيحة ذكر الغب للمتغببِ
سآخذُ منكم آل حزن بحوشب
…
وإن كان مولى لي وكنتم بني أبي
قال رجل من بين أسد:
أقول لنفسي حين خود رألها
…
مكانك لما تشفقي حين مشفقِ
مكانكِ عني تنظري عمَّ تنجلي
…
غيابةُ هذا العارض المتألق
قال موسى بن جابر الحنفي:
ألم تريا أني حميت حقيقتي
…
وباشرتُ حدَّ الموت، والموتُ دونها
وجدتُ بنفس لا يجادُ بمثلها
…
وقلتُ اطمئني حين ساءتْ ظنونها
وما خيرُ مالٍ لا يقي الذمَّ ربهُ
…
ونفسِ أمرئٍ في حقها لا يهينها
قال حريث بن جابر:
لعمرك ما أنصفتني حين سمتني
…
هواك مع المولى وأن لا هوى ليا
إذا ظلم المولى فزعت لظلمه
…
وحركَ أحشائي وهرت كلابيا
قال عبد الله بن سبرة:
إذا شالت الجوزاءُ والنجمُ طالعٌ
…
فكلُّ مخاضات الفرات معابرُ
وإني إذا ضنَّ الأميرُ بإذنه
…
على الأذن من نفسي إذا شئت قادرُ
قال بعض بني قيس بن ثعلبة:
دعوت بني سعدِ إليَّ فشمرتْ
…
خناذيذُ من سعد طوال السواعد
إذا ما قلوبُ الناس طارتْ مخافةً
…
من الموتِ أرسوا بالنفوس المواجدِ
قال شماس بن أسود الطهوي:
أغركَ يوماً أني قالَ ابن دارمِ
…
وتقصى كما يقصى من البرك أجربُ
قضى فيكم نوسٌ بما ألحقُّ غيرهُ
…
كذلك يخزوك العزيزُ المدربُ
فأدِّ إلى قيسِ بن حسان ذودهُ
…
وما نيل منكَ التمرُ أو هوَ أطيبُ
فالا تصل رحم ابن عمرو بن مرثد
…
يعلمكَ وصلَ الرحم عضبٌ مجربُ
قال حجر بن خالد:
وجدنا أبانا حلَّ في المجد بيته
…
وأعيا رجالاً آخرينَ مطالعه
فمن يسعَ منا لا ينل مثل سعيه
…
ولكن متى ما يرتحلْ فهو تابعه
يسودُ ثنانا من سونا وبدؤنا
…
يسودُ معداً كلها ما تدافعه
ونحن الذين لا يروع جارنا
…
وبعضهم للغدر صمٌ مسامعه
منعنا حمانا، واستباحت رماحنا
…
حمى كلِّ حيّ مستجيراً مرابعه
قال ربيعة بن مقروم الضبي:
أخوك أخوكَ من يدنو وترجو
…
مودته وإنْ دعيَ استجابا
إذا حاربت، حاربَ من تعادي
…
وزاد سلاحه منك أقترابا
وكنتُ إذا قريني جاذبته
…
حبالي مات أو تبع الجذابا
فإنْ أهلكْ فذي حنق لظاهُ
…
علي يكادُ يلتهبُ إلتهابا
بمثلي فاشهد النجوى وعالنْ
…
بي الأعداءَ والقومَ الغضابا
فإن الموعدي يرون دوني
…
أسود خفيةَ الغلب الرقابا
قال بشر بن المغيرة بن المهلب:
جفاني الأميرُ والمغيرةُ قد جفا
…
وأمسى يزيدُ لي قد أزورَ جانبهْ
وكلهم قد نال شبعاً لبطنه
…
وشبعُ الفتى لؤمٌ إذا جاع صاحبه
فيا عمِ مهلاً، واتخذني لنوبةٍ
…
تلم فإن الدهرَ جمٌّ نوائبه
أنا السيف، إلَاّ أن للسيف نبوةً
…
ومثلي لا تنبو عليكَ مضاربه
قال سلمى بن ربيعة:
زعمتْ تماضرُ أنني إما أمتْ
…
يسددْ أبينوها الأصاغر خلتي
تربتْ يداك، وهل رأيت لقومه
…
مثلي على يسري وحين تعلني
رجلاً إذا ما النائبات غشينه
…
أكفى لمعضلة وإن هي جلتِ
ومناخِ نازلة كفيتُ وفارسٍ
…
نهلتْ قناتي من مطاهُ وعلتِ
وإذا العذارى بالدخان تقنعتْ
…
واستعجلتْ نصبَ القدور فملتِ
دارت بأرزاقِ العفاة مغالقٌ
…
بيديَّ من قمع العشار الجلتِ
ولقد رأيتُ ثأى العشيرة بينها
…
وكفيت جانيها اللتيا والتي
وصفحت عن ذي جهلها ورفدتها
…
نصحي، ولم تصب العشيرة زلتي
وكفيت مولاي الأحمَّ جريرتي
…
وحبست سائمتي على ذي الخلةِ
قال عبد الله بن عنمة الضبي:
إنْ تسألوا الحقَّ نعطِ الحقَ سائلهُ
…
والدرعُ محقبةٌ والسيفُ مقروبَ
وإنْ أبيتم فإنَّا معشرٌ أنفٌ
…
لا نطعمُ الخسف، إنَّ السمَّ مشروبُ
فأزجرْ حماركَ لا ترتعْ بروضتنا
…
إذاً يردُّ وقيدُ العير مكروبُ
قال معبد بن علقمة:
فقلْ لزهير إنْ شتمتَ سراتنا
…
فلسنا بشتامين للمتشتمِ
ولكننا نأبى الظلامَ ونعتصي
…
بكل رقيق الشفرتين مصمم
وتجهلُ أيدينا ويحلمُ رأينا
…
ونشتم بالأفعالِ لا بالتكلم
وإنَّ التمادي في الذي كان بيننا
…
بكفيك فاستأخر له أو تقدم
قال أبان بن عبدة:
إذا الدينُ أودى بالفساد فقل له
…
يدعنا ورأساً من معد نصادمه
بجيشٍ تضلُّ البلق في حجراتهِ
…
بيثربَ أخراه وبالشام قادِمه
إذا نحن سرنا بين شرق ومغرب
…
تحركَ يقظان التراب ونائمه
قال الكروسُ بن زيد:
رأيتني ومن لبسي المشيبُ فأملتْ
…
غنائي فكوني آملاً خيرَ آملِ
لئن فرحتْ بي معقلٌ عند شيبتي
…
لقد فرحتْ بي بين أيدي القوابلِ
قال آخر في معناه:
تبين فيه ميسم المجد والعلى
…
وليداً يفدى بين أيدي القوابل
قال قوال الطائي:
قولا لهذا المرء ذو جاء ساعياً
…
هلمَّ فإنّ المشرفي الفرائص
وإنّ لنا حمضاًُ من الموت منقعاً
…
وإنك مختلٌّ فهل أنت حامضُ
أظنكَ دونَ المال ذو جئتَ تبتغي
…
ستلقاك بيضٌ للنفوس قوابضُ
قال وضاح بن إسماعيل، وهو المعروف بوضاح اليمن:
فإنكِ لو رأيتِ الخيلَ تعدو
…
عوابسَ يتخذن النقع ذيلا
رأيتِ على متونِ الخيلِ جناً
…
تفيدُ مغانماً وتفيتُ نيلا
قال القتال الكلابي:
إذا همَّ هماً لم يرَ الليلَ غمه
…
عليه ولم تصعب عليه المراكب
جليدٌ كريمِ خيمه وطباعه
…
على خير ما تبنى عليه الضرائب
إذا جاع لم يفرح بأكلةِ ساعة
…
ولم يبتئسْ من فقدها وهو ساغب
يرى أنَّ بعد العسر يسراً ولا يرى
…
إذا كان يسرٌ أنه الدهر لازبُ
قال آخر:
لا يحملُ العبدُ منا فوق طاقته
…
ونحن نحمل ما لا تحملُ القلعُ
منا الأناةُ وبعضُ القوم يحسبنا
…
إنا بطاءٌ وفي إبطائنا سرعُ
قال المتلمس بن عبد المسيح:
ألم تر أن المرء رهنُ منيةٍ
…
صريعِ لعافي الطير أو سوفَ يرمس
فلا تقبلن ضيماً مخافةَ ميتةٍ
…
وموتنْ بها حراً وجلدك أملس
فمن طلب الأوتار ما حزَّ أنفه
…
قصيرٌ وخاض الموتَ بالسيف بيهس
نعامةُ لما صرعَ القومُ رهطهُ
…
تبينَ في أثوابه كيف يلبسُ
فإنْ يقبلوا بالودَّ نقبلْ بمثله
…
وإلَاّ فإنا نحن آبى وأشمس
قال سعد بن ناشب المازني:
تفندني فيما ترى من شراستي
…
وشدة نفسي أمُّ سعد وما تدري
فقلت لها إنَّ الحليم وإنْ حلا
…
ليلفى على حال أمرَّ من الصبر
وفي اللين ضعفٌ والشراسةُ هيبةٌ
…
ومن لم يهبْ يحملْ على مركب وعر
وما بي على من لان لي في فظاظةٍ
…
ولكنني فظٌّ أبيَّ على القسر
أقيم صغاذي الميل حتى أردهُ
…
وأخطمه حتى يعودَ إلى القدر
فإنْ تعذليني تعذلي بي مرزءاً
…
كريم نثا الأعسار مشتركَ اليسر
إذا همَّ ألقى بين عينيه عزمه
…
وصمم تصميم السريجي ذي الأثرِ
وقال أيضاً:
لا توعدنا يا بلال فإننا
…
وإنْ نحنُ لم نشققْ عصا الدين أحرارُ
وإنَّ لنا إما خشيناك مذهباً
…
إلى حيثُ لا نخشاكَ والدهرُ أطوارُ
فلا تحملنا بعد سمع وطاعةٍ
…
على غاية فيها الشقاقُ أو العارُ
فإنا إذا ما الحربُ ألقت قناعها
…
بها حين يجفوها بنوها لأبرارُ
ولسنا بمحتلين دارَ هضيمة
…
مخافةَ موتٍ، إنْ بنا نبت الدارُ
قال قرار بن عباد:
إذا المرءُ لم يغضب له حين يغضبُ
…
فوارسُ إنْ قيلَ اركبوا الموتَ يركبوا
ولم يحبه بالنصر قوم أعزة
…
مقاحيم في الأمر الذي يتهيبَ
تهضمه أدنى العدوَّ ولم يزلْ
…
وإنْ كان عضياً بالظلامةُ يضربُ
فآخِ لحال السلم منْ شئتَ وأعلمنْ
…
بأنَّ سوى مولاك في الحرب أجنبُ
ومولاكَ، مولاك الذي إن دعوته
…
أجابك طوعاً والدماءُ تصببُ
فلا تخذل المولى، وإنْ كان ظالماً
…
فإنَّ به تثأى الأمور وترأبُ
قال أبو كدام التيميَّ:
لله تيمٌ أيُّ رمحِ طراد
…
لاقى الحمام به وفصل جلادِ
ومحشِ حربٍ مقدم متعرض
…
للموت غير معرد حيادِ
كالليثِ لا يثنيه عن إقدامه
…
خوف الردى وقعاقع الإيعادِ
مذلٌ بمهجته إذا ما كذتبْ
…
خوفَ المنية نجدةُ الأنجادِ
ساقيته كأس الردى بأسنة
…
ذلقٍ مؤللة الشفار حدادِ
فكأنما كانتْ يدي من حتفه
…
لما انثنيتْ بها على ميعادِ
قال شبيل الغزاري، وحاربه بنو أخيه فقتلهم:
أيا لهفي على منْ كنتُ أدعو
…
فيكفيني وساعدهُ الشديد
وما عن ذلةٍ غلبوا ولكنْ
…
كذاك الأسدُ تفرسها الأسودُ
قال قطري بن الفجاءة المازني:
ألا أيها الباغي البراز تقربنْ
…
أساقكَ بالموت الذعاف المقشبا
فما في تساقي الموتِ في الحرب سبةٌ
…
على شاربيه فاسقني منه واشربا
قال وداك بن نميل المازني:
نفسي فداءٌ لبني مازن
…
من شمس في الحربِ أبطال
هيمُ إلى الموتِ إذا خيروا
…
بين تباعاتٍ وتقتال
حموا حماهم وسما بينهم
…
في باذخاتِ الشرفِ العالي
قال أوس بن ثعلبة:
جذامُ حبلِ الهوى ماضٍ إذا جعلتْ
…
هواجس الهمَ بعد النوم تعتكرُ
وما تجهمني ليلٌ ولا بلدُ
…
ولا تكاءدني عن حاجتي سفرُ
قال سوار:
أجنوبُ إنكِ لو رأيتِ فوارسي
…
بالسيف حين تبادرَ الأشرارُ
سعةَ الطريق مخافةً أن يؤسروا
…
والخيلُ تتبعهم، وهمْ فرارُ
يدعون سواراً إذا احمرَّ القنا
…
ولكلَّ يوم كريهةٍ سوارُ
قال أبو حزابة، أو ابن حزابة التيمي:
مشمرُ للمنايا شوهُ إذا
…
ما ألوغد أسبل ثوبيه على القدم
خاض الردى في العدى قدماً بمنصله
…
والخيل تعلكُ ثني الموت باللجمِ
وهم مئونَ ألوفاً، وهو في نفرٍ
…
شمَّ العرانين ضرابينَ للبهمِ
قال آخر:
فيا عجلُ عجل القاتلين بذحلهم
…
غريباً لدينا من قبائل يحصبِ
جنيتم وجرتم إذ أخذتم بحقكم
…
غريباً زعمتم مرملاً غير مذنبِ
فلم تدركوا ثأراً ولم تذهبوا بما
…
فعلتم بني عجلٍ إلى وجهِ مذهبِ
وما قتلُ جانٍ غائب عن نصيره
…
لطالب أوتار بمسلكِ مطلبِ
ولكنكم خفتم أسنةَ مازن
…
فنكبتمُ عنها إلى غير منكبِ
وقد ذقتمونا مرةً بعد مرة
…
وعلمُ بيانِ المرءِ عندَ المجربِ
قال رجل من بني نمير:
أنا ابنُ الرابعينَ من آلِ عمرو
…
وفرسانِ المنابر من جنابِ
نعرض للسيوفِ إذا التقينا
…
وجوهاً لا تعرضُ للسبابِ
فآبائي سراةُ بني نمير
…
وأخوالي سراةُ بني كلابِ
قال الهذلول بن كعب الغنوي:
تقول، وصكتْ نحرها بيمينها
…
أبعلي هذا بالرحى المتقاعس
فقلتُ لها لا تعجلي وتبيني
…
بلائي إذا ألتفتْ عليَّ الفوارس
لعمرُ أبيكِ الخيرِ إني لخادمٌ
…
لضيفي وإني إنْ ركبتْ لفارس
وغني لأشري الحمدَ أبغي رباحهُ
…
وأتركُ قرني وهو خزيانُ ناعس
وأحتمل الأوقَ الثقيل وأمتري
…
خلوفَ المنايا حين فرَّ المغامسُ
وأقري الهمومَ الطارقات حزامةً
…
إذا كثرتْ للطارقات الوساوسُ
قال قبيضة بن جابر النصراني الجرميَّ:
لنا الحصنان من أجأٍ وسلمى
…
وشرقياهما غير انتحالِ
وتيماءُ التي من عهد عادٍ
…
حميناها بأطراف القوالي
وعاجمتُ الأمورَ وعاجمتني
…
كأني كنتُ في الأمم الخوالي
قال سالم بن وابصة:
عليك بالقصدِ فيما أنتَ فاعله
…
إنَّ التخلق يأتي دونه الخلق
وموقفٍ مثل حدَّ السيفِ قمتُ به
…
أحمي الذمار وترميني به الحدق
فما زلقت، ولا أبليتُ فاحشةً
…
إذا الرجالُ على أمثالها زلقوا
قال عامر بن الطفيل:
قضى الله في بعض المكاره للفتى
…
برشد وفي بعض الهوى ما يحاذرَ
ألم تعلمي أني إذا الألفُ قادني
…
إلى الجور لا أنقادُ والألفُ جائر
قال الأخنس بن شهاب التغلبي:
فللهِ قومٌ مثلُ قومي عصابةً
…
إذا حفلتْ عند الملوك العصائبُ
هم يضربون الكبش يبرقُ بيضه
…
على وجهه من الدماء سبائبُ
وإنْ قصرتْ أسيافنا كان وصلُها
…
خطانا إلى أعدائنا فنضاربُ
ونحن أناس لا حجاز بأرضنا
…
مع الغيثِ ما نلفى ومن هو غالبُ
ترى رائدات الخيل حول بيوتنا
…
كمعزى الحجز أعوزتها الزرائبُ
أرى كلَّ قوم ينظرون إليهم
…
وتقصرُ عما يفعلون الذوائبْ
وكلُّ أناس قارَبُوا قيدَ فحلهم
…
ونحن خلعنا قيدهُ فهو سارب
قال العديل بن الفرخ العجلي:
ظللتُ أساقي الهمَّ أخوتي الألى
…
أبوهم أبي عند المزاح وفي الجد
كفى حزناً أن لا أزال أرى القنا
…
يمجُّ نجيعاً من ذراعي ومن عضدي
لعمري لئن رمتُ الخروج عليهم
…
بقيس على قيس وعوف على سعد
وضيعتُ عمراً والربابِ ودارماً
…
وعدوانَ ودَّ كيف أصبر عن ودِّ
لكنتُ كمهريق الذي في سقائه
…
لرقراقِ آل فوقَ رابية صلدِ
كمرضعةٍ أولاد أخرى وضيعتْ
…
بني بطنها هذا الضلالُ عن القصدِ
فما تربُ أثري لو جمعت ترابها
…
بأكثر من أبني نزارٍ على العدِّ
هما كنفا الأرض اللذا لو تزعزعا
…
تزعزع ما بين الجنوب إلى السدِّ
وإني وإن عاديتهم وجفوتهم
…
لتألم مما عضَّ أكبادهم كبدي
قالت امرأة من بني عامر:
فإنْ يك ظني صادقاً وهو صادقي
…
بكم وبأحلام لكم صغرات
تعدْ فيكم جزرَ الجزورِ رماحنا
…
ويمسكن بالأكباد منكسراتِ
قال قتادة بن مسلمة الحنفي:
بكرتْ عليَّ من السفاهِ تلومني
…
سفهاً تعجز بعلها وتلومُ
لما رأتني قد رزءت فوارسي
…
وبدت بجسمي نهكةٌ وكلومُ
ما كنتُ أولَ من أصاب بنكبة
…
دهرُ وحيٌّ باسلونَ صميم
قاتلتهم حتى تكافأ جمعهم
…
والخيلُ في سبل الدماءِ تعوم
ومعي أسودٌ من حنيفة في الوغى
…
للبيض فوق رؤوسهم تسويم
قومُ إذا لبسوا الحديد كأنهمْ
…
في البيضِ والحلقِ الدلاصِ نجومِ
فلئن بقيتُ لأرحلنَّ بغزوة
…
نحو الغنائم أو يموتَ كريمُ
قال رجل من بني يشكر:
فإنْ ترضوا فإنَّا قد رضينا
…
وإنْ تأبوا فأطرافُ الرماح
مقومةٌ وبيضٌ مرهفاتٌ
…
تترُّ جماجماً وبنانَ راحِ
قال جريبة بن الأشيم الفقعسي:
إذا الدهرُ عضتكَ أنيابُهُ
…
لدى الشرَ فأزمْ به ما أزم
ولا تلف في شرهِ هائباً
…
كأنكَ فيه مشرٌ السقم
عرضنا نزالِ فلم ينزلوا
…
وكانتْ نزالِ عليهم أطم
وقد شبهوا العيرَ أفراسنا
…
فقد وجدوا ميرها ذا بشم
قال القطامي:
ومن يكنِ الحضارةُ أعجبتهُ
…
فأيَّ رجال بادية ترانا
ومن ربطَ الجحاش فإن فينا
…
قناً سلبا وأفراساً حسانا
وكنَّ إذا أغرنَ على جنبا
…
وأعوزهنَّ نهبٌ حيث كانا
أغرنَ من الضبابِ على حلول
…
وضبةَ إنه من حانَ حانَا
وأحياناً على بكر أخينا
…
إذا ما لم تجد إلَاّ أخانا
قال رجل من بين حمتر:
أبوا أن يبيحوا جارهم لعدوهم
…
وقد ثار نفع الموت حتى تكوثرا
وكانوا كأنف الليث لا شم مرغماً
…
ولا نالَ قط الصيد حتى تعفرا
قال عباس بن مرداس السلمي:
فلم أر مثل الحيَّ حياً مصبحاً
…
ولا مثلنا يوم التقينا فوارسا
أكرَّ وأحمى للحقيقة منهمُ
…
وأضربَ منّا بالسيوف القوانِسا
أنشد ابن فارس لحجل بن نضلة الباهلي:
جاءَ شقيقٌ عارضاً رمحه
…
إنَّ بني عمكَ فيهم رماحْ
هل أحدثَ الدهر بنا نكبةً
…
أم هلْ رقتْ أمُّ شقيقٍ سلاحْ
قال شتيم بن خويلد الفزاري:
هم النارُ تحرقُ من مسها
…
فإنْ شئتما فاصلياها فذوقا
يسوسونَ من إرث آبائهم
…
حلوماً بها يرتقون الفتوقا
قال عوفة بن عطية:
أفي صرمةٍ عشرين أو هي دونها
…
قشرتم عصاكم فانظروا عمَّ تقشر
ففئتم ولما تدرِكوا ما طلبتم
…
ألا ربَّ آتي غيه وهو مبصر
قال سعد بن مالك بن الأقيصر الأزدي:
متى تلقني يعدو ببزي مقلصٌ
…
كميتٌ بهيم أو أغرُّ محجلُ
تلاق امرأً أن تلقه فبسيفه
…
تعلمك الأيام ما كنت تجهلُ
قال مفروق بن عمرو الشيباني:
سائلْ قضاعةَ هل وفيتُ بذمتي
…
أم هل أضعتُ العهد حين وليت
ولربَ أبطال لقيتُ بمثلهم
…
فسقيتهم كأس الردى وسقيت
فلأطلبنَّ المجد غير مقصر
…
إن متَّ متُ وإنْ حييتُ حييت
قال جعفر بن علبه الحارثي:
كأنَّ العقيلين يوم لقتهم
…
فراخُ قطا لاقين أجدل بازيا
وضجَّ العقيليون يوم لقيتهم
…
ضجيجَ الجمال الدبر لاقت مداويا
فليست ورائي حاجةٌ غير أنني
…
وددتُ معاذاً كان فيمن أتاينا
فتصدقه النفس الكذوب بسالتي
…
ويعمل بالعشواء أنْ قد رأينا
قال رجل من بني دارم:
وإنّا أناسٌ يملأ البيضَ هامنا
…
ونحن حواريون حين نزاحفُ
وللصدأ المسودَّ أطيب عندنا
…
من المسك دافته الأكف الدوائفُ
وتضحك عرفان الدُّروع جلودنا
…
إذا جاء يومٌ مظلم اللون كاسِفُ
تعلق في مثل السواري سيوفنا
…
وما بينها والكعب مهوىً نفانفُ
جماجمنا يوم اللقاء برأسنا
…
إلى الموت تمشي ليس فيها تجانفُ
قال كعب بن مالك الأنصاري:
نصل السيوف إذا قصرن بخطونا
…
قدماً ونلحقها إذا لم تلحق
ندعُ الجماجمَ ضاحياً هاماتها
…
بلهَ الأكفَّ كأنها لم تحلقِ
قال جابر بن زيد:
بنو اليوم لا بل أمس كان أبوهم
…
بنا أمتنعوا من أنْ يضاموا ويهضموا
فلما دفعنا عنهم كل جاهلٍ
…
وهانهم من كان بالأمسِ يظلمُ
أرادوا الذي من دونها لغويهم
…
إذا رامها يوماً سعيرٌ مضرمُ
فمهلاً بني اليوم الحدي فقبلكم
…
تناذرنا أعداؤنا ثم أحجموا
وإياكم إنا إذا جدَ جدُّنا
…
لذائقنا سمٌّ مدوف وعلقمَ
ومن يشتجر عبر الرماح فإنه
…
دليل بأغفار الحياض ملطم
قال دريد بن الصمة:
وإني أخوهم عند كل ملمة
…
إذا مت لم يلقوا أخاً لهم مثلي
تجود لهم نفسي بما ملكت يدي
…
ونصري فلا فحش عليهم ولا بخلي
ومولى دفعتُ الدرأ عنه تكرماً
…
ولو شئتُ أمسى وهو مغض على تبلي
ولكنني أحمي الذمار وأنتمي
…
إلى سعي آباء نموا شرفي قبلي
قال نافع بن خليفة الغنوي:
ومن خير ما فينا من الأمر أننا
…
متى نلق يوماً موطن الصبر نصبر
نوطن في يوم الحفاظ نفوسنا
…
لما كان من معروف أمر ومنكر
إذا أمرتنا بانصراف نفوسنا
…
نقول لها لم تفري حين منفر
قال الدراج الضبابي:
أبلغ أبا عمرو إذا ما لقيتهم
…
بآيات كراتي إذا الخيل تفدعُ
ولما دخلت السجن أيقنتُ أنه
…
هو البين لا بين النوى ثم يجمعُ
فما السجن أبكاني ولا القيد شفني
…
ولا من حذار الموت يا قوم أجزعُ
ولكنَّ أقواماً أخاف عليهم
…
إذا متّ أن تعطو الذي كنت أمنعُ
فلا تضرعوا للقوم من خشية الردى
…
لكلِّ فتىً يوماً حمامٌ ومصرعُ
قال جذل بن أشمط العبدي:
يا هذه كم يكون اللوم والفند
…
لا تنكري رجلاً أثوابه قددُ
إن أمس منفرداً فالبدر منفردٌ
…
والليثُ منفرد والسيف منفردُ
أو كنت أنكرت برديه وقد خلقا
…
فالبحر من فوقه الأقذاءُ والزبدُ
أو كان صرفُ الليالي عنك غيره
…
فإنَّ تحت ثيابي ضيغمٌ أسدُ
لا تسألي القوم عن مالي وكثرته
…
وسائلي القوم ما نفعي وما خلقي
أعطي السنان غداة الروع حصته
…
وعامل الرمح أرويه من العلقِ
القوم أعلمُ أني من خيارهم
…
إذا سما بصرٌ الرعديدة الفرقِ
قد يقترُ المرءُ يوماً وهو ذو حسبٍ
…
وقد يثوبُ سوامُ العاجز الحمق
ويكثرُ المالُ يوماً بعد قلته
…
ويكتسي الغصنُ بعد اليبسِ بالورقِ
قال ابن الأطنابة:
أبتْ لي عفتي وأبى بلائي
…
وأخذي الحمد بالثمن الربيح
وأقدامي على المكروه نفسي
…
وضربي هامة البطل المشيح
وقولي كلما جشأتْ وجاشت
…
مكانك تحمدي أو تستريحي
لأدفع عن مآثرَ صالحات
…
وأحمي بعد عن عرض صحيحِ
بذي شطب كلون الملح صاف
…
ونفس لا تقر على القبيحِ
قال آخر:
متى تهزز بني قطنِ تجدهم
…
سيوفاً في عواتِقهم سيوفُ
جلوس في مجالسهم رزانٌ
…
وإنْ ضيفٌ ألمَّ فهم ضيوفُ
إذا نزلوا حسبتهم بدوراً
…
وإنْ ركبوا فإنهم حتوفُ
قال آخر:
حرامٌ على أرماحنا طعنُ مدبر
…
ويندق قدماً في الصدور صدورها
مسلمة أعجاز خيلي في الوغى
…
مكلومةٌ لباتها ونحورها
قال آخر:
يلقى السيوف بوجهه وبنحره
…
ويقيم هامته مقام المغفر
ويقول للطرف أصطبر لشبا القنا
…
فهدمت ركن المجد أن لم تعقر
وإذا تأمل شخص ضيفٍ مقبلِ
…
متسربل سربالَ ليل أغبر
أومى إلى الكوماء هذا طارق
…
نحرتني الأعداء إن لم تنحري
قال آخر:
إذا استلب الخوف الرجال نفوسهم
…
صبرنا على الموت النفوس العواليا
حذار الأحاديث التي إنْ تعينتْ
…
عقدنَ بأعناق الرجال المخازيا
قال جابر بن حنى التغلبي:
نعاطي الملوك السَّلم ما قصدوا بنا
…
وليس علينا قتلهم بمحرم
يرى الناس منا جلد أسود سالخ
…
وفروة ضرغام من الأسد ضيغم
قال غيره:
فذلل أعناق الصعاب ببأسه
…
وأعناق طلاب الندى بالفواضلِ
فما انقبضتْ كفاه إلَا بصارم
…
ولا انبسطت كفاه إلا بنائلِ
قال آخر:
فتى دهره شطران فيما تنوبه
…
ففي بأسه شطر وفي جوده شطر
فلا من بغاة الخير في عينه قذىً
…
ولا من زئير الأسد في أذنه وقرُ
قال ضمرة بن ضمرة:
عليها الكماةُ والحماةُ فمنهمُ
…
مصيدٌ بأطراف الرماح وصائدُ
أذيقُ الصديق رأفتي وإحاطتي
…
وقد تشتكي مسي العداة الأباعدُ
وذي برة أوجعته وسبقته
…
فقصر عني سعيه وهو جاهدُ
وقد علم الأقوام أن أرومتي
…
يفاع إذا عدَّ الروابي المواجدُ
قال عمرو بن معدي كرب:
لقد علم الحماة الشمُ أني
…
أهشُّ إذا دعيتُ إلى الطعانِ
وخرق قد تركت لدى مكرَّ
…
عليه سبائب من أرجوانِ
ولم يوهنِ مراسُ الحرب ركني
…
ولكن ما تقادم من زمان
قال عبد العزيز بن زرارة الكلابي:
قد عشتُ في الدهر أطواراً على طرقٍ
…
شتى، فصادفتُ منه اللينَ والفظعا
لا يملأ الأمرُ صدري قبل موقعه
…
ولا يضيقُ به ذرعي إذا وقعا
كلاًّ لبستُ فلا النعماء تبطرني
…
ولا تخشعتُ من لأوائها جزعا
قال خراشة بن عمرو:
قرومٌ نمتنا في فروع قديمة
…
تحل محل المجد حيث تنقلا
مصاليت ضرابون في كفة الوغى
…
إذا الصارخ المكروب غمَّ وخللا
ونحنُ على العلاتِ أكرم شيمةً
…
وخيرُ لقيات بقين وأولا
وأطول في دار الحفاظ إقامةً
…
وأربط أحلاماً إذا البقل أجهلا
وأكثر منا سيداً وابنُ سيد
…
وأجدر منا أن نقول ونفعلا
قالت أمامة بنت الجلاح:
إذا شئت أن تلقى فتىً لو وزنته
…
بكل معدي وكلَّ يمانِ
وفي بهم حلماً وجوداً وسؤدداً
…
وبأساُ فهذا الأسود بن قنان
أغرَّ أبرّ من نزار ويعرب
…
وأوثقهم عقداً بقول لسانِ
وأوفاهم عهداً وأطولهم يداً
…
وأعلاهم ذكراً بكلّ مكان
كأن العطايا والمنايا بكفه
…
سحابان مقرونان مؤتلفان
قال بشر بن عوانة، وقد لقي الأسد:
أفاطمَ لو شهدتِ ببطن خبت
…
وقد لاقى الهزبر أخاك بشرا
إذن لرأيت ليثاً رام ليثاً
…
هزبراً أغلباً يغشى هزبرا
تبهنس إذ تراجع عنه مهري
…
محاذرةً فقلتُ عقرت مهرا
أنل قدمي ظهر الأرض إني
…
رأيتُ الأرض أثبت منك ظهرا
وقلت له وقد أبدى نصالاً
…
محددة ووجهاً مكفهرا
تدل بمخلب وبحد ناب
…
وباللحظات تحسبهنّ جمرا
وفي يمناي ماضي الحد أبقى
…
بمضربه قراع الحرب أثرا
ألم تبلغك ما فعلت ظباهُ
…
بكاظمة غداة ضربتُ عمرا
وقلبي مثل قلبك لست أخشى
…
مصاولة ولست تخاف ذعرا
وأنت تروم للأشبال قوتاً
…
وأطلبُ لابنة الأعمام مهرا
ففيم تسوم مثلي أن يولي
…
ويجعل في يديك النفس قسرا
نصحتك فالتمس يأويك غيري
…
طعاماً إنَّ لحمي كانَ مرا
فلما ظنّ أنّ الغشَّ قولي
…
وخالفني كأني قلت هجرا
مشى ومشيت من أسدين راما
…
مراماً كان إذْ طلباه وعرا
هززت له الحسام فخلتُ أني
…
هززت به لدى الظلماء فجرا
فخر مضرجاً بدم كأني
…
هدمتُ به بناءً مشمخرا
وجدت له بجائشةٍ رآها
…
لما كذبته ما منته غدرا
وقلت له يعزَّ عليّ أني
…
قتلتُ مناسبي جلداً وقهرا
ولكن رمتُ شيئاً لم يرمه
…
سواك فلم أطقْ يا ليثُ صبرا
تُحاول أن تعلمني فراراً
…
لعمرُ أبي لقد حاولت نكرا
فلا تجزع فقد لاقيت حراً
…
يحاذر أن يعاب فمتَّ حرا
قال الزبير بن بكار:
اصبر فكل فتىً لا بد مخترم
…
والموتُ أيسر مما أملت جشمُ
الموتُ أيسر من إعطاء منقصة
…
إن لم تمتْ عبطة فالغاية الهرمُ
قال أبو داود:
كم ربعنا من خميس جحفل
…
وقتلنا من رئيس منتخل
فأسألوا عنا إذا الحيَّ شتوا
…
وسلوا عنا إذا البأس نزل
قال ابن هرمة:
إذا قيلَ أي فتىً تعلمونَ
…
أهشَّ إلى الطعن بالذابلِ
وأضربَ للهام يوم الوغى
…
وأطعم في الزمن الماحلِ
أشارتْ إليك أكف العباد
…
إشارة غرقي إلى الساحل
قال آخر:
وقوفك تحت ظلال السيوف
…
أقرَّ الخلافة في دارها
كأنك مطلع في القلوب
…
إذا ما تناجتْ بأسرارها
وفي راحتيك السدى والندى
…
وكلتاهما طوعُ ممتارها
وأقضية الله محتومةٌ
…
وأنت منفذ مقدارها
قال الأعور الشني:
إنا نعفُ ونقري الشحم نازلنا
…
إذْ لم نجد في بيوت القوم أمثالا
ونضرب الكبش مخضراً كتائبه
…
ضرباً على سكنات إلهام صلصالا
فإنْ تصب سادةٌ منا فإنَّ لنا
…
بيضاً مساميح يوم الروع أبطالا
هم يمنعون نساءَ الحي إن بكرتْ
…
خيلاً تجرُّ مذرَّ الشمس إرسالا
قال معقل بن عامر الأسدي:
ويوم كأنَّ المصطلين بحره
…
وإنْ لم تكن جمرٌ وقوف على جمر
صبرنا له حتى تجلى وإنما
…
تفرجُ أيامُ الكريهة بالصبر
قال غيره:
قليلُ الأذى إلا عن القرن في الوغى
…
كثير الأيادي واسع الذرع بالفضلِ
ويحلم ما لم يحلب الحلم ذلة
…
ونجهل إن شدتْ قوى الحلم بالجهلِ
قال نهيك بن أساف الحارثي:
ومنْ مارس الأهوالَ في طلب الغنا
…
يعشْ مثرياً أو يود فيما يمارسُ
وفتيان صدق قد حرستُ من الردى
…
وليس لمن لم يحرس الله حارس
قال المرقش الأكبر:
هلا سألتَ بنا فوارس وائل
…
فلنحنُ أسرعها إلى أعدائها
ولنحن أكثرها إذا عدّ الحصى
…
ولنا سوابقها ومجد لوائها
قال شبيب بن البرصاء:
تبين أدبار الأمور إذا مضتْ
…
وتقبل أشباهاً عليك صدورها
ولا خير في العيدانِ إلا صلابها
…
ولا ناهضات الطير إلا صقورها
قال عبد الله بن ظبيان:
يرى مصعبٌ إني تناسيتُ نائياً
…
وبئس لعمر الله ما ظنَّ مصعبُ
ووالله ما أنساهُ ما ذرَّ شارقٌ
…
وما لاح في داج من الليل كوكبُ
أأرفع رأسي وسطَ بكر بن وائلِ
…
ولم أردِ سيفي من دم يتصببُ
قال المساور بن هند:
وأصبحتُ مثل السيف أخلقَ جفنه
…
تقادمُ عهد القين وهو حديدُ
ألم تعلموا يا عبس لو تشكرونني
…
إذا ألتفت الذواد كيف أذود
ألم تعلموا أني ضحوك إليكم
…
وعند شديدات الأمور شديد
قال آخر:
أنسسلم مولانا ولم تجر خيلنا
…
إلى خيلهم حتى يضرجها الدم
شهدنا وجربنا أموراً كثيرة
…
ولا تحقرن علم أمرء هو أقدم
قال كردم:
هم المطعمون سديف العشار
…
والشحم في الليل البارده
وهم يكسرون صدور الرَّما
…
ح والخيلُ مطرودة طاردة
قال آخر هو وعلة الجزي كما في الوجنات والسمط:
ما بالُ من أسعى لأجبر كسره
…
حفاظاً ويبغي من سفاهته كسري
أعودُ على ذي الذنب والجهل منهم
…
بحلمي ولو عاقبتُ غرقهم بحري
أناةً وحلماً وانتظاراً بهم غداً
…
فما أنا بالواني ولا الضرع الغمرِ
أظن صروف الدهر بيني وبينهم
…
ستحملهم مني على المركب الوعرِ
قال قطبة بن الخضراء:
وإذا لقيت كتيبةً فتقدمن
…
إنَّ المقدم لا يكون الأخيبا
تلقى التحية أو تموت بطعنة
…
والموت آتٍ من نأى وتجنبا
قال الكميت بن زيد:
وإنا لذوداون عن حرماتنا
…
إذا كان يومُ أكلف الوجه أغبر
وذمتنا محفوظة برماحنا
…
إذا ما أضاع الذمة المتخفر
وأيماننا مبسوطةٌ بسيوفنا
…
مطبقةٌ يوم الوغى حين تشهر
وأعراضنا مستورةٌ بحياتنا
…
وما خيرُ عرض لا يصانُ ويسترُ
قال الكميت بن معروف:
بطاءٌ عن الفحشاء لا يحضرونها
…
سراعٌ إلى داع الصياح المثوب
مناعيش للمولى، مساميح بالقرى
…
مصاليتُ تحت العارض المتلهبِ
وقال أيضاً:
إني نماني للمكارم نوفلٌ
…
والخالدان ومعبد والأزهرُ
يا ربَّ جبار ضربنا رأسه
…
إنا لنضرب رأس من يتجبرُ
المقدمون إذا الكتائب أحجمتْ
…
والعاطفون إذا استضاف المحجر
ونكر في يوم الوغى ورماحنا
…
حمرُ الأسنة حين يغشى المنكر
قال أبو مسلم:
أدركت بالرأي والكتمان ما عجزتْ
…
عنه ملوك بني مروان إذ قعدوا
مازلت أسعى عليهم في ديارهم
…
والقومُ في غفلة بالشام قد رقدوا
حتى ضربتهم بالسيف فانتبهوا
…
من نومة لم ينمها قبلهم أحدُ
ومن رَعى غنماً في أرض مشبعةٍ
…
ونام عنها تولى رعيها الأسدُ
قال الحارث بن ظالم بن جذيمة:
فأقسم لولا تعرض دونهُ
…
لخالطه ما في الحديدة صارمِ
علوت بذي الحيات مفرق رأسه
…
ولا يركبُ المكروه إلا الأكارمِ
قال خالد بن جعفر بن كلاب:
ولا حرز إلَاّ كلَّ أبيض صارم
…
وكلُّ رديني وجرداء ضامر
وأجرد كالسرحان خاط بضبعه
…
محرم أنساء مفجُّ الدوابر
قال الأفوه الأوديَّ:
خليلان مختلفٌ شأننا
…
أريدُ العلاء ويبغي السمن
أريدُ دماء بني مالك
…
وراق المعلى بياض اللبن
قال خالد بن زهير الهذلي:
فأقصرْ ولا تأخذكَ مني سحابةٌ
…
تنفر منا المرتعين خواتها
ولا تبعثُ الأفعى تداور رأسها
…
ودعها إذا ما غيبتها سفاتها
قال غيره:
حبست بضيقة فرسي ونفسي
…
حفاظاً للعشيرة واصطبارا
رفعتُ به ذمارَ حماةِ قيسٍ
…
وخيرُ القوم من رفع الذمارا
أثبت مجدهم ما دمتُ حياً
…
ولستُ بمورثٍ إنْ مت عارا
قال آخر:
ألم تعلمي والعلمُ ينفع أهله
…
وليس الذي يدري كآخر لا يدري
إذا ما الثريا أشرقت في قتامها
…
فويق الناس كالرفقة السفرِ
وأردفتِ الجوزاء يبرق نظمها
…
كلون الصوار في مرابعها العمر
بانا على سرائنا غير جهل
…
وإنا على ضرائنا من ذوي الصبر
قال رجل من بني مازن:
نباشر في الحرب المنايا ولا ترى
…
لمن لا نباشرها من الموت مهربا
أخو غمرات ما يورع جأشه
…
إذا الموتُ بالموت ارتدى وتعصبا
قال مالك بن الريب:
وما أنا بالنائي الحفيظة في الوغى
…
ولا المتقي في السلم جرَّ الجرائم
ولا المتازي للعواقب في الذي
…
أهمُ به من فاتكات العزائم
ولكنني ماضي العزيمة مقدمٌ
…
على غمرات الحادث المتقادم
قليلُ اختلاج الرأي في الجد والهوى
…
جميع الفؤاد عند وقع العظائم
قال حاتم بن سحيم:
ألا هل أتى أهل العراق مناخنا
…
نقسم بين الناس بؤسى وأنعما
بأبيض معقود به التاج ماجدٌ
…
وفتيان صدق لا يهابون معدما
ونضرب صنديد الكتيبة في الوغى
…
ونركبُ أطراف الرماح تكرما
قال عبد الله بن ذكوان:
وليس بمذهب ما في فؤادي
…
سوى بيض يفلقن الشؤونا
فلا ترضوا بأخذ النصف منهم
…
فإنَّ النصف حظا الأرذلينا
قال عمرو بن عمر:
غداة أتى أهل العراق كأنهم
…
من البحر لجَ موجه متراكب
وجئنا جميعاً في الحديد كأننا
…
سحابُ خريف دفعته الجنائبُ
فزالوا وقد نلنا سراة رجالهم
…
وليس لما نلنا من الشر حاسبُ
قال توبة بن مضرس:
تعزي المصيبات الفتى وهو عاجز
…
ويلعب صرف الدهر بالحازم الجلدِ
وإني امرءٌ لا ينقض العجز مرتي
…
إذا ما أنطوى مني الفواد على حقد
قال القحيف بن حمير العقيلي:
لقد لقيتْ أفناءُ بكر بن وائل
…
وهزان بالبطحاء ضرا غشمشما
أذا ما غضبنا غضبةً مضرية
…
هتكنا حجاب الشمس أو قطرتْ دما
قال بجير بن بجرة:
فليت أبا بكر يرى ما سيوفنا
…
وما تختلي من معصم ورقابِ
ألم تر إنَّ الله يوم براجة
…
يصبَّ على الكفار سوط عذابِ
كأنهم والخيل تتبع فلهم
…
جراد زهته الريح يوم ضبابِ
إذا ما فرغنا من ضرابِ كتيبة
…
سمونا لأخرى مثلها بضراب
قال مسعود بن معتب:
وذو الطلح يعلم أنا به
…
أسودٌ ترشح أشبالها
وأعدت للحب خيفانة
…
تجرُّ إلى الموتِ أذيالها
قال قيس بن الخطيم:
إذا تلقى رجال الأوس تلقى
…
دماءَ أساود ونيوبَ نمرِ
ونصدق في الصباح إذا التقينا
…
وإنْ كان الصباح جحيم جمرِ
قال حسان بن ثابت:
ولست لحاضن إنْ لم تزركم
…
خلال الدار مشعلةٌ طحونُ
يدينَ لها العزيزُ إذا رآها
…
ويسقطَ من مخافتها الجنينُ
ألم نترك مآتمَ موجعات
…
لهنَّ على سراتكم رنينُ
قال بعض العرب:
وقد علموا بأنَّ الحربَ ليستْ
…
لأصحابِ المجامر والخلوقِ
ضربنا على الإسلام حتى
…
أقمناكم على وضح الطريق
قال ربيعة بن مقروم:
وإذا امرءٌ منا جنا فكأنه
…
مما يخاف على مناكب يذبل
ودخلتُ أبنية الملوك عليهم
…
ولشر قولِ المرء ما لم يفعل
قال عروة بن زيد الخيل:
برزت لأهلِ القادسية معلماً
…
وما كلُّ من يغشى الكريهة يعلمْ
ونجاني الله الأجل ونجدتي
…
وضربٌ لأبطال الأساور مخذمُ
فأقعصت منهم فارساُ بعد فارس
…
وما كل من يلقى الكتيبة يسلمُ
قال رجل من بني أسد:
لقد علمتْ قيس وخندفُ أننا
…
حميناهمُ بالمرهفات البواترِ
ومازال منا في قديس مصابرٌ
…
نضاربُ قدماً عن أقاصي العشائرِ
لدن عدوة حتى أتى الليل دونهم
…
وقد أفلحوا أخرى الليالي الغوائرِ
قال ذريح أحد بني تيم اللات:
ولما رأيتْ الخيل شدَّ نحورها
…
رماح ونشاب صبرت جناحا
كأنَّ سيوفَ الهند حول لباتهِ
…
بوارقُ غيث من تهامة لاحا
قال أبو مريم البجليَّ:
وما ذمَ الكرامُ لديك عهدي
…
ولا حمدتْ شمائلي اللئامُ
إذا صدعٌ تشعبَ لآثموهُ
…
وما صدعوا فليسَ له التيامُ
أرى خلل الرماد وميض جمر
…
جديرٌ أنْ يكون له ضرامُ
فإنَّ النار بالزندين تذكى
…
وإنَّ الحرب يقدمها الكلامُ
قال عمرو بن معدي كرب:
شهدتُ طرادهُ بأقبَّ نهد
…
شديد الأسر معتدل النواحي
يقولُ له الفوارسُ إذْ رأوهُ
…
نرى مسداً أمرَّ على رماح
إذا قاموا إليه ليلجموهُ
…
تمطى فوق أعمدةٍ صحاح
فأثكلنا الحليلة من بينها
…
وخلينا الخريدةَ للنكاح
قال أبو مسروق بن الأجدع:
لقد علمتْ نسوانُ همدانَ أنني
…
لهنَّ غداة الروع غيرَ خذولِ
وأبذلُ في الهيجاء نفسي وأنني
…
لها في سوى الهيجاءِ غيرَ بذول
قال حزن بن كهف بن أبي حارثة:
أمنْ مالِ جاري رحتَ تحترش الغنى
…
وتدفع عنك الفقْر بابن محلم
لقد ما أتيت الأمر من غير وجههِ
…
وأخطأت جهلاً وجهةَ المتغنمِ
فما نحن بالقوم المباح حماهمُ
…
وما الجارُ فينا إنْ علمتَ بمسلمِ
وإنا متى نندبْ إلى الموت نأتهِ
…
نخوضُ إليه لجَّ بحر من الدمِ
قال حزن بن عامر الطائي:
وحيّ يمنعون بلاد غوث
…
على الجرد الممنعةِ الجيادِ
لباسهم إذا فزعوا دروعٌ
…
كأنَّ قتيرها حدق الجرادِ
قال زامل بن مصاد القيني:
فمن يك لغواً في اللقاء فإننا
…
ذوو نزلِ عند اللقاء ومصدقِ
بضرب يزيل الهام عن سكناته
…
وطعن كأفواهِ المزاد المخرقِ
قال عبيد بن قماص:
وإني لضربٌ إذا الخيلُ أحجمتْ
…
بسيفي ربَّ القونس المتوقدِ
وكنتُ إذا دارٌ جفتْ بي تركتها
…
لغيري ولم أقعدْ على غير مقعدِ
قال عمر بن يربوع الغنوي:
ألم تحم نجداً بمسنونة
…
عتاق تباري بفرسانها
وبيضٍ صوارم مذروبة
…
تقد الدروع بأبدانها
وشمٍّ عواسلَ مطرورة
…
تصولُ الدماء بخرصانها
نكحنا نساءهم عنوة
…
ببيض الصفيح ومرانها
عرانين صرعى تجرُّ الرياحُ
…
عليها الذيول بجولانها
قال العيار بن محرز المازني:
ولا نرعى الهدون ولا الهوينا
…
إذا خارت مصاعيب الرجال
ولكنا بنو اللأواء فيها
…
جزعنا الدهر حالاً بعد حالِ
بنا يستعطفُ الأمر المولى
…
ونحسمُ داء ذي الداء العضالِ
قال قيس بن الخطيم:
فلما هبطنا الحرث قال أميرنا
…
حرامٌ علينا الخمرُ ما لم نضاربِ
فسامحه منا رجال أعزةً
…
فما انقلبوا حتى أحلتْ لشاربِ
قال زيد الخيل:
وقد علمتْ سلامة أنَّ سيفي
…
كريهٌ كلما دعيتْ نزالِ
أحادثهُ بصقل كل يوم
…
فأعجمه بهامات الرجالِ
قال سوار بن حيان المنقريَّ:
ونحن حفزنا الحوفزان بطعنةٍ
…
سقتهُ نجيعاً من دم الجوف أشكلا
قضى الله أنا يوم نقتسمُ العلى
…
أحقُّ بها منكم وأعطى وأجزلا
فلستَ بمستطيع السماء ولم تجدْ
…
لعزِ بناهُ الله فوقك مثقلا
قال زيد بن عمرو بن قيس:
وكنتُ إذا ما بابُ ملك قرعته
…
قرعتُ بآباء ذوي حسب ضخمِ
همُ ملكوا أملاك آلِ محرقِ
…
وزادوا أبا قابوس رغماً على رغمِ
وكنا إذا قومٌ رمينا صفاتهم
…
تركنا صدوعاً في الصفاة التي نرمي
فنرعى حمى الأعداء غيرَ محرَّم
…
علينا ولا يُرعى حمانا الذي نحمي
قال القلاح بن زيد، أحد بني عمرو بن مالك:
تحضض زيداً عرسه فيطيعها
…
عليَّ وللواشي أغشُّ وأكذبُ
ولو جاء يوم ينشفُ البأسُ ريقه
…
لقاتلتْ عنك القوم وهي تخضبُ
ولا يستوي يا زيد درجٌ ومجمرٌ
…
وصدرُ سنانٍ في الحروبُ مجربُ
قال مؤبن اللجلاج:
ألم تر أن الشرَّ مما يهيجه
…
أصاغرهُ حتى يتمَّ فيكبرا
وإن كمين العرّ يخفي دواؤه
…
على أهله حتى يبين فيظهرا
قال المفضل بن المهلب:
هل الجورِ إلا أن تجودَ بأنفسٍ
…
على كلِّ ماضي الشفرتين قضيبِ
ومنْ هزَّ أطراف القنا خشيةَ الردى
…
فليس لمجد صالح بكسوبِ
قال أنس بن مدرك:
كم من أخ لي كريم قد أصبتُ به
…
ثم بقيتُ كأني بعده حجر
لا أستكينُ على ريب الزمان ولا
…
آسى على الأمر يأتي دونه القدرُ
مردى حروب أجيل الأمر جائلهُ
…
إذْ بعضهم لأمور تعتري جزرُ
إني وعقلي سليكاً بعد مقتله
…
كالثور يضربُ لمَّا عافتِ البقرُ
قال وعلة بن الحارث الجرميَّ:
إذا ما تلاقينا على الشحط أصبحتْ
…
تحيتنا زرق الوشيج المقوَّم
ذوابلُ في أطرافها قعضبيةٌ
…
رقاقٌ نواحيها رواءٌ من الدمِ
قال حاتم الطائي:
وخيلٍ تنادي للطعان شهدتها
…
ولو لم أكن فيها لساء عذيرها
وغمرة موتٍ ليس فيها هوادةٌ
…
تكونُ صدورُ المرهفات جسورها
وتأبى اهتضامي أسرةٌ ثعليةٌ
…
كريمٌ غناها مستعف فقيرها
وأقسمت لا أعطي الملوك ظلامة
…
وحولي عديٌّ كهلها وغريرها
قال الفرزدق:
حبوتم معداً يوم كسرى بن هرمز
…
بضربة فصل قومتْ كلَّ مائلِ
بأبطح ذي قارٍ غداة أتتكمُ
…
قنابلُ موت تهتدي بقنابلِ
فضلتم بني شيبان فضلاً وسؤدداً
…
كما فضلتْ شيبانُ بكر بن وائلِ
قال العباس بن عبد المطلب:
أبى قومنا أنْ تنصفونا فأنضفتْ
…
قواطعٌ في أيماننا تقطر الدما
تركناهمُ لا تستحلون بعدها
…
لذي رحم من سائر الناس محرما
وزعناهم وزع الحوامس غدوةً
…
بكلَّ سريجي إذا هزَّ صمما
أبا طالبٍ لا تقبل النصف منهم
…
وإنْ أنصفوا حتى تعقَّ وتظلما
قال أبو طالب:
وأنا لعمرُ الله أن جدَّ ما أرى
…
لتلتبس أسيافنا بالأماثلِ
بكف فتى مثل الشهاب سميدعٍ
…
أخي ثقة حامي الحقيقة باسلِ
وحتى ترى ذا الردع يركبُ ردعه
…
من الطعن فعل الأنكب المتحاملِ
قال أعشى باهلة:
قنابل من قحطان لم يرَ مثلهم
…
إذا الصدع أعبا رأيه كل شاعب
فلما رأيناهم دلفنا لجمعهم
…
بأرعن جرار عظيم المناكبِ
وشكتْ بأطرافِ الرماح جلودهم
…
فمن بين مقتول وآخر هاربِ
قال أبو الأسود الدؤلي:
ألا أبلغا عني زياداً رسالة
…
تخبُّ إليه حيث كانَ من الأرضِ
فما لكَ مسهوماً إذا ما لقيتني
…
تقطعُ دوني طرف عينيك كالمغضي
وما لي إذا ما أخلق الود بيننا
…
أمر القوى منه وتعمل في النقضِ
ألم تر أني لا ألون سيمتي
…
تلون غول الليل في البلد المقضِ
ولكنني أرمي العدو بصيلم
…
تصدعُ منها الأرضُ بالطول والعرضِ
قال خوط بن سلمى:
فما قومٌ كقومي حين يعلو
…
شهابُ الحرب تسعرهُ الرماحُ
وما قومٌ كقومي حين يخشى
…
على الخودِ المخدرة الفضاحُ
أذب عن الحفائظ في معدٍّ
…
إذا ما جدَّ بالقوم الكفاحُ
صبرنا نكسر الأسلات فيهم
…
فرحنا قاهرين لهم وراحوا
قال ابن ميادة:
يداه يدٌ تنهلَّ بالخير والندى
…
وأخرى شديدٌ بالأعادي ضريرها
وناراه، نارٌ نارُ كل مدفعٍ
…
وأخرى يصيب المجرمين سعيرها
قال نصر بن سيار الكناني:
بنفسي غداة الروع فرسان حندف
…
وفرسان قيس وقعها واصطبارها
إذا خطرت قيسٌ وخندف بالقنا
…
لدى جارها لم يرهبِ الضيمَ جارها
قال آخر:
لما رأيت أميرنا متجهماً
…
ودعت عرصة داره بسلامِ
ووجدتُ آبائي الذين تقدموا
…
شنوا الإباء على الملوك أمامي
قال آخر:
جريت ما عودتك الكرامُ
…
وتجري الكرامُ بعاداتها
كذاك السوابق لا تنتهي
…
إذا أرسلتْ دون غاياتها
قال رجل من قيس:
ونحن المالكون الناس قسراً
…
نسوقهم المذلة والنكالا
وطئنا الأسعريَّ بعز قيسٍ
…
فيالك وطأةً لن تستقالا
وأصبح
…
فينا أسيراً
…
ألا منعوه إن كانوا رجالاً
عظيمهم وسيدهم قديماً
…
جعلنا المخزياتِ له ظلالا
قال بكر بن النطاح:
يتلقى الندى بوجهٍ حيي
…
وصدور القنا بوجهٍ وقاحِ
هكذا هكذا تكونُ المعالي
…
طرق الجد غير طرق المزاح
قال آخر:
قومٌ إذا اختلف القنا
…
جعلوا الصدور لها مسالكْ
لبسوا القلوب على الدروع
…
مظاهرين لدفع ذلكْ
قال الفرزدق:
إنا لتوزن بالجبالِ حلومنا
…
ويزيدُ جاهلنا على الجهالِ
إنا لننزلُ ثغر كل مخوفة
…
بالمقربات كأنهنَّ سعالي
قال طفيل بن عمرو بن حممة:
أسلماً على خسف وما كنتُ خالداً
…
وما ليَ من والِ إذا جاءني حتمي
فلا سلم حتى تحفز الناس حفزة
…
وتصبح طيرٌ كابسات على لحمي
ولما يكن يوم أغرُّ محجلٌ
…
تسير به الركبانُ ذو نبأٍ ضخمِ
قال حرب بن أمية لابن أبي براء في حرب الفجار
متى ما تزرنا تجد حربنا
…
مدربة نارها تسطع
وقوماً عليهم من السابغاتِ
…
جيادٌ قوانسها تلمعُ
مصابيح مثل نجوم السماء
…
وما رفع الله لا يوضعُ
قال ابن المولى:
وإذا تخيل من سحابك لامعٌ
…
سبقتْ مخيلتُه يد المستمطرِ
وإذا صنعت صنيعة أتممتها
…
بيدين ليس نداهما بمكدرِ
وإذا الفوارس عددتْ أبطالها
…
عدوك في أولاهم بالخنصرِ
قال النابغة الجعدي:
وأنا لقومٌ ما تعودَ خيلنا
…
إذا ما التقينا أن تحيد وتنفرا
وننكر يوم الروع ألوان خيلنا
…
من الطعن حتى تحسب الجون أشقرا
وليس بمعروف لنا أن نردها
…
صحاحاً ولا مستنكراً أن تعفرا
قال آخر:
إذا ظلمتْ حكامنا وولاتنا
…
خصمناهم بالمرهفات الصوارمِ
سيوف كأنَّ الموتَ حالفَ حدها
…
مشطبة تغري شؤون الجماجمِ
إذا ما انتضيناها ليوم كريهة
…
ضربنا بها ما استمسكتْ بالقوائمِ
قال أبو سفيان بن الحارث:
ونحن وردنا بطنَ سلع عليكمْ
…
بأسيافنا والخيلُ تدمي نحورها
ونحن تركنا الخزرجي مجدلاً
…
تمجُّ حياة النفس منه زفيرها
تركناه لما غادرته رماحنا
…
ولم يبق منه غير عين يديرها
قال مالك بن عوف النصري:
وذا شكا مهري إليَّ حزازةً
…
عند اختلاف الطعن قلتُ له أقدم
أني بنفسي في الحروب لتاجرٌ
…
تلك التجارة لا انتقاد لدرهم
قال سعد بن ناشب المازني:
وإن أسيافنا بيضٌ مهندةٌ
…
عتقٌ وآثاركم في هامكم جددُ
وإن هو يتم سللناها وقد عدتْ
…
يوماً وهام بني بكر لها عمدُ
قال موسى بن جابر الحنفي:
وإنا لوقافون بالموقف الذي
…
يخاف رداهُ والنفوسُ تطلعُ
وإنا لنعطي المشرفية حقها
…
فتقطعُ في أيماننا وتقطعُ
قال كعب بن مالك:
ونحن أناس لا نرى القتلَ سبةً
…
على أحد يحمي الذمار وينفعُ
جلادٌ على ريب الحوادث لا ترى
…
على هالك عيناً لنا الدهر تدمعُ
قال آخر:
بكى صاحبي لما رأى الموت فوقنا
…
مطلاً كأطلال السحاب إذا اكفهر
فقلت له: لا تبكِ عينكَ إنما
…
يكون غداً حسن الثناء لمن صبرَ
فآسى على حالٍ يقل بها الأسى
…
وقاتل حتى أستبهم الورد والصدر
قال مالك بن الريب:
يقول المشفقونَ عليَّ حتى
…
متى تلقى الجنود بغير جندِ
وما من كان ذا سيفٍ ورمحٍ
…
وطابَ بنفسه موتاً بفردِ
قال مطهر بن رياح بن عمرو:
لله در بني رياح
…
في الملماتِ الكبارِ
تحمي النساء فإنها
…
قيد الكرام عن الفرارِ
قال ابن صريم الجرمي:
أرد الكتيبة مفلولة
…
وقد تركت لي أحسابها
ولست إذا كنت في جانبٍ
…
أكول العشيرة مغتابها
ولكن أطاوعُ ساداتها
…
ولا أتعلم ألقابها
قال القطري بن الفجاءة:
وربَّ مصاليتٍ نشاطٍ إلى الوغى
…
سراع إلى الداعي كرام المقادمِ
أخضتهم بحرَ الحمام وخضته
…
رجاءَ الثواب لا رجاء الغنائمِ
قال مسلم بن الوليد:
لو أنَّ قوماً يخلقون منية
…
من بأسهم كانوا بني جبريلا
قومٌ إذا احمر الهجير من الوغى
…
جعلوا الجماجم للسيوف مقيلا
قالت جمل:
بني جعفر لا سلم حتى تزوركم
…
بكلَّ ردينيَّ وأبيضَ ذي أثر
وحتى تروا وسطَ البيوت مغيرة
…
تضمكم بالضرب جامية الوعر
تبين لذي الشك الذي لم يكن درى
…
ويبصرها الأعلى ويسمع ذو الوقرِ
قال النابغة الذبياني:
إني لأخشى عليكم أنْ يكونَ لكم
…
من أجل بغضائهم يومٌ كأيامِ
لهم لواءٌ بكفي ماجدٍ بطل
…
لا يقطعُ الخرق إلَاّ طرفهُ سامي
مستحقبو حلق الماذي يقدمهم
…
شمُّ العرانين ضرابون للهامِ
لا تزجروا مكفهراً لا كفاء له
…
كالليل يخلطُ أصراماً بأصرامِ
والخيلُ تعلم أنا في تجادلها
…
يوم الحفاط أولو بؤسى وإنعامِ
تعدو الذئابُ على من لا كلاب له
…
وتتقي سورة المستنفر الحاميِ
قال زيد الخيل:
بني عامر ما تصنعونَ إذا عدا
…
أبو مكنفٍ قد شدَّ عقدَ الدوابر
بجيشٍ تضلُّ البلق في حجراته
…
ترى الأكم فيه سجداً للحوافر
وجمعٍ كمثل الليل مرتجس الوغى
…
كثير تواليه سريع البوادر
قال عامر الخصفي المحاربي:
ألا أيها المستخبري ما سألتني
…
بأيامنا في الحرب إلا لتعلما
لنا العزة القعساء نختطم العدى
…
بها ثم تستعصي بها أن تخطما
فما يستطيع الناس عقداً نشدهُ
…
وننقضهُ منهم وإنْ كانَ مبرما
وأبقت لنا آباؤنا من تراثهم
…
دعائم مجد كان في الناس معلما
هم يطدونَ الأرض لولاهم ارتمتْ
…
بمن فوقها من ذي بيان وأعجما
يقوم فلا يعيا الكلام خطيبنا
…
إذا الكرب أنسى الجبسَ ما قد تعلما
وكنا نجوماً كلما انقضَّ كوكبٌ
…
بدا زاهرٌ منهنَّ ليس بأقتما
قال أبو تمام:
السيف أصدقُ أنباء من الكتبِ
…
في حده الحدُ بين الجد واللعبِ
بيض الصفائح لا سودُ الصحائف في
…
متونهنَّ جلاء الشك والريب
والعلم في شهب الأرماح لامعة
…
بين الخميسين لا في السبعة الشهب
أين الرواية أم أين النجوم وما
…
صاغوه من زخرفٍ فيها ومن كذبِ
تخرصاً وأحاديثاً ملفقةً
…
ليست بنبع إذا عدتْ ولا غربِ
يقضون بالأمر عنها وهي غافلة
…
ما دارَ في فلكٍ منها وفي قطبِ
لم يعلم الكفرُ كم من أعصر كمنتْ
…
له العواقبُ بين السمر والقضبِ
تدبير معتصم بالله منتقمٍ
…
لله مرتغبٍ في الله مرتقبِ
ومطعم النصر لم تكهمْ أسنتهُ
…
يوماً ولا حجبتْ عن روح محتجبِ
لم يرمِ قوماً ولم ينهد إلى بلدٍ
…
إلا تقدمه جيشٌ من الرعبِ
لو لم يقدْ جحفلاً يوم الوغى لغدا
…
من نفسه وحدها في جحفلٍ لجبِ
هيهات زعزعتِ الأرض الوقور به
…
عن غزوِ محتسبٍ لا غزوِ مكتسبِ
لم ينفقِ الذهب المربي بكثرته
…
على الحصى وبه فقر إلى الذهبِ
إن الأسود أسود الغابِ همتها
…
يوم الكريهة في المسلوب لا السلب
قال أيضاً:
في موقفٍ وقف الموتُ الزعافُ به
…
فالمجدُ يوجد والأرواح تفتقدُ
صدعت جِريتهم في عصبةٍ قللٍ
…
قد صرح الماء عنها وانجلى الزبدَ
من كلِّ أروع ترتاعُ المنون له
…
إذا تجرد لا نكسٌ ولا جحدُ
يكاد حين يلاقي القرنَ من حنقٍ
…
قبل السنان على حوبائه يردُ
فلوا ولكنهم طابوا فأنجدهم
…
جيشٌ من الصبر لا يحصى له عددُ
إذا رأوا المنايا عارضاً لبسوا
…
من اليقين دروعاً ما لها زردُ
نأوا عن المصرخ الأدنى فليس لهم
…
إلا السيوفُ على أعدائهم مددُ
أما وقد عشت يوماً بعد رؤيته
…
فافخر فإنك أنت الفارسُ النجدُ
لو عاين الأسدُ الضرغامُ صورته
…
ما ليمَ إن ظنَّ رعباً أنه الأسدُ
أنهبت أرواحه الأرماح إذْ شرعتْ
…
فما تردَّ لريب الدهر عنه يدُ
كأنما نفسه من طول حيرتها
…
منها على نفسها يوم الوغى رصد
لم تبقَ مشركةٌ إلَاّ وقد علمتْ
…
أنْ لم تتبْ أنه للسيف ما تلد
قال أيضاً:
تراه إلى الهيجاء أولَ راكب
…
وتحت صبير الموت أول نازلِ
تسربل سربالا من الصبر وارتدى
…
عليه بعضب في الكريهة قاصلِ
وقد ظللتُ عقبانُ أعلامه ضحىً
…
بعقبان طير في الدماء نواهلِ
أقامتْ مع الرايات حتى كأنها
…
من الجيش إلا أنها لم تقاتلِ
قال أيضاً:
ومن كانَ بالبيض الكواعبُ مغرماً
…
فما زلت بالبيض القواضب مغرما
وقال أيضاً:
بدلت أرؤسهمُ يوم الكريهة مِنْ
…
قنا الظهور قنا الخطي مدعما
تركتهم سيراً لو أنهم كتبتْ
…
لم تبق في الأرضِ قرطاساً ولا قلما
ثم انصرفت ولم تلبث وقد لبثتْ
…
سماء عدلك فيهم تمطرُ النعما
لو كان يقدمُ جيشٌ قبل مبعثهم
…
لكانَ جيشك قبل البعث قد قدما
قال أيضاً:
لنا غررٌ زيديةٌ أدديةٌ
…
إذا نجمتْ دانتْ لها الأنجم الزهر
لنا جوهرٌ لو خالط الأرض أصبحتْ
…
وبطنانُها منه وظهرانها تبرُ..
مقاماتنا وقفٌ على العلم والحجى
…
فأمردنا كهلٌ وأشيبنا حبرُ
ألنَّا الأكفَّ بالعطايا فجاورتْ
…
مدى اللينِ إلَاّ أنَّ أعراضنا صخرُ
كأنَّ عطايانا يناسبن من أتى
…
ولا نسبٌ يدنيه منا ولا صهرُ
إذا زينةُ الدنيا من المال أعرضتْ
…
فأزين منها عندنا الحمد والشكرْ
وكورُ اليتامى في السنين فمن نبا
…
بفرخ له وكر فنحن له وكرُ
أبى قدرنا في الجودِ إلَاّ نباهةٌ
…
فليس لمالٍ عندنا أبداً قدرُ
جرى حاتمٌ في حلبةٍ منه لو جرى
…
بها القطر شأواً قيل أيهما القطرُ
فتىً ذخر الدنيا أناسٌ ولم يزلْ
…
لها باذلاً فانظرْ لمن بقيَ الذخرُ
فمن شاءَ فليفخر بما شاءَ من ندى
…
فليس لحيٍّ غيرنا ذلك الفخرُ
جمعنا العلى بالجودِ بعد افتراقها
…
إلينا كما الأيام يجمعها الشهرُ
قال أيضاً:
أنا ابنُ الذين استرضعُ الجودُ فيهم
…
وسمي منهم وهو كهلٌ ويافعُ
نجومٌ طوالعٌ، جبالٌ فوارعٌ
…
غيوثٌ هوامع، سيوف دوافعُ
مضوا وكأنَّ المكرمات لديهم
…
لكثرة ما أوصوا بهنَّ شرائعُ
فأيَّ يد في الجودُ مدتْ فلم تكن
…
لها راحة من جودهم وأصابعُ
هم استودعوا المعروف محفوظ مالنا
…
فضاع وما ضاعت لدينا الودائع
بهاليلُ لو عانيتَ فيض أكفهم
…
لأيقنتَ أنَّ الرزق في الأرض واسعُ
قال البحتري
ونحنُ من لا تطال هضبته
…
وإن أنافتْ بفاخر رتبهْ
لو أعربَ النجمُ عن مناقبه
…
لم يتجاوزْ أحسابنا حسبهْ
قال أيضاً:
لقد كان ذاك الجأشُ جأش مسالم
…
على أنَّ ذاك الزيَّ زيُّ محاربِ
تسرع حتى قال من شهد الوغى
…
لقاءُ أعاد، أمْ لقاءُ حبائبِ؟
وصاعقةٍ من فصله ينكفي بها
…
على أرؤسِ الأقران خمسُ سحائبِ
يكاد الندى منها يفيضُ على العدى
…
مع السيف في ثني قناً وقواضبِ
قال أبو الطيب المتنبي:
أطاعنُ خيلاً من فوارِسها الدهرُ
…
وحيداً وما قولي كذا ومعي الصبرُ
وأشجع مني كلَّ يوم سلامتي
…
وما ثبتتْ إلاّ وفي نفسها أمرْ
تمرستُ بالآفاتِ حتى تركتها
…
تقولُ أماتَ الموتُ، أم ذعرَ الذعرُ
وأقدمتُ أقدامَ الأتيَّ كأنّ لي
…
سوى مهجتي أو كان لي عندها وترُ
ذرِ النفس تأخذْ وسعها قبل بينها
…
فمفترقٌ جاران دارهما عمرُ
ولا تحسبنَّ المجدَ زقاً وقينةً
…
فما المجدُ إلَاّ السيفُ والفتكةُ البكرُ
وتضريبُ أعناقِ الملوك وأنْ ترى
…
لك الهبواتُ السودُ والعسكر المجرُ
وتركك في الدنيا دوياً كأنما
…
تداولُ سمع المرء أنملهُ العشرُ
وكم من جبالٍ جبتُ تشهدُ أنني
…
الجبالُ وبحر شاهد أنني البحرُ
قال أيضاً:
يزور الأعادي في سماء عجاجة
…
أسنته في جانبيها الكواكبُ
فتسفر عنه والسيوف كأنما
…
مضاربها مما أنفللن ضواربُ
طلعن شموساً والغمود مشارق
…
لهنَّ وهامات الرجال مغاربُ
قال أيضاً:
لقد تصبرت حتى لات مصطبر
…
فالآن أقحم حتى لاتَ مقتحمِ
لأتركنَّ وجوهَ الخيل ساهمةً
…
والحربُ أقومُ من ساق على قدمِ
بكلَّ منصلت ما زال منتظري
…
حتى أدلت له من دولة الخدمِ
شيخ يرى الصلوات الخمس نافلة
…
ويستحلَّ دم الحجاج في الحرمِ
ردي حياض الردى يا نفس واتركي
…
حياض خوف الردى للشاء والنعمِ
إنْ لم أزرك على الأرماح سائلة
…
فلا دعيتُ ابن أمَّ المجد والكرمِ
أعلك الملك والأسياف ظامية
…
والطير جائعة لحم على وضم
من لو رآني ماء مات من ظمأٍ
…
ولو مثلت له في النوم لم ينم
قال أيضاً:
أمثلي تأخذ النكبات منه
…
ويجزع من ملاقات الحمام
ولو برز الزمان إليَّ شخصاً
…
لخضب شعر مفرقه حسامي
قال أيضاً:
يحاذرني حتفي كأني حتفه
…
وتنكرني الأفعى فيقتلها سمي
طوال الردينيات يقصفها دمي
…
وبيض السريجيات يقطعها لحمي
قال أيضاً:
لقوكَ بأكبدِ الأبل الأبايا
…
فسقتهم وحدُّ السيف حادِ
وقد مزقتَ ثوبَ الغيّ عنهم
…
وقد ألبستهم ثوبَ الرشادِ
فما تركوا الأمارةَ لاختيارِ
…
ولا انتحلوا ودادكَ من ودادِ
ولا استفلوا لزهدٍ في التعالي
…
ولا انقادوا سروراً بانقيادِ
ولكن هبَّ خوفك في حشاهم
…
هبوب الريحِ في رجلِ الجراد
وماتوا قبل موتهم فلمَّا
…
مننتَ أعدتهم قبلَ المعادِ
غمدتَ صوارماً لو لم يتوبوا
…
محوتهمُ بها محو المدادِ
فلا تغرركَ ألسنةٌ موال
…
تقلبهنَّ أفئدةٌ أعادي
وكن كالموتِ لا يرثي لباك
…
بكى منه ويروى وهو صادِ
فإنَّ الجرح ينغرُ بعد حين
…
إذا كان البناءُ على فسادِ
وإنَّ الماء يجري من جمادٍ
…
وإنَّ النارَ تخرجُ من زنادِ
قال أيضاً:
التاركين من الأشياء أهونها
…
والراكبينَ من الأشياءِ ما صعبا
مبرقعي خيلهم بالبيض متخذي
…
هامَ الكماة على أرماحهم عذبا
قال أيضاً:
أذاقني زمني بلوى شرقتُ بها
…
لو ذاقها لبكى ما عاشَ وأنتحبا
وإنْ عمرتُ جعلتُ الحرب والدةً
…
والسمهريَّ أخاً والمشرفيَّ أبا
بكلِّ أشعثَ يلقى الموت مبتسماً
…
حتى كأنَّ له في قتلهِ أربَا
الموتُ أعذرُ لي والبرُ أجملُ بي
…
والبرُّ أوسعُ والدنيا لمن غلبا
قال أيضاً:
تخوفني دون الذي أمرتْ به
…
ولم تدرِ أنَّ العارَ شرُّ العواقبِ
يهونُ على مثلي إذا رامَ حاجة
…
وقوعُ العوالي دونها والقواضبِ
كثيرُ حياةِ المرءِ مثلُ قليلها
…
يزولَ وباقي عيشهِ مثل ذاهبِ
إليكِ فإني لستُ ممن إذا اتقى
…
عضاض الأفاعي نام فوق العقاربِ
إليَّ لعمري قصدُ كل عجيبةٍ
…
كأني عجيبٌ في عيونِ العجائبِ
بأي بلادٍ لم أجرَّ ذؤابتي
…
وأي مكان لم تطأه ركائبي
قال أيضاً:
خذوا ما أتاكم به واعذروا
…
فإنَّ الغنيمةَ في العاجلِ
وإنْ كان أعجبكم عامكم
…
فعودوا إلى حمص في القابلِ
فإنَّ الحسام الخضيبَ الذي
…
قتلتم به في يد القاتلِ
تفكَّ العناة وتغني العفاةَ
…
وتغفرُ للمذنبِ الجاهلِ
فهنأكَ النصرَ معطيكه
…
وأرضاهُ سعيك في الأجلِ
قال أيضاً:
أعلى الممالك ما يبنى على الأسلِ
…
والطعن عند محبيهن كالقبلِ
وما ترّ سيوفٌ في ممالكها
…
حتى تقلقل دهراً قبل في القللِ
مثل الأمير بغى أمراً فقرَّبهُ
…
طولُ الرماح وأيدي الخيل والإبلِ
وعزمةٌ بعثتها همةٌ زحلٌ
…
من تحتها بمكان الترب من زحلِ
تتلوا أسنته الكتبَ التي نفذتْ
…
ويجعلُ الخيلَ أبدالاً من الرسلِ
يلقى الملوكَ فلا يلقى سوى جزر
…
وما أعدُّوا فلا يلقى سوى نفلِ
الفاعل الفعل لم يفعل لشدتهِ
…
والقائل القول لم يترك ولم يقلِ
والباعثُ الجيش قد غالت عجاجتهُ
…
ضوء النهار فصار الظهرُ كالطفلِ
الجو أضيق ما لاقاه ساطعها
…
ومقلةُ الشمس فيه أخيرُ المقلِ
ووكلَ الظنَّ بالأسرار فانكشفتْ
…
له ضمائر أهل السهلِ والجبلِ
هو الشجاع يعد البخلَ من جبن
…
وهو الجوادُ يعدُّ الجبنَ من بخلِ
يعودُ من كلّ فتح غير مفتخر
…
وقد أغذَّ إليه غير محتفل
ولا يجيرُ عليه الدهرُ بغيتهُ
…
ولا تحصنُ درع مهجةَ البطلِ
إذا خلعتُ على عرض له حللاً
…
وجدتُها منه في أبهى من الحللِ
بذي الغباوة من إنشادها ضررٌ
…
كما تضرُّ رياحُ الورد بالجعلِ
لقد رأت كل عين منك مالئها
…
وجربت خير سيف خيرة للدولِ
فما تكشفك الأعداء عن ملل
…
من الحروب ولا الآراء عن زللِ
وكم رجال بلا أرض لكثرتهم
…
تركت جمعهم أرضاً بلا رجل
ما زال طرفك يجري في دمائهم
…
حتى مشى بك مشي الشارب الثمل
إنَّ السعادة فيما أنت فاعله
…
وفقت مرتحلاً وغير مرتحلِ
أجرِ الجيادَ على ما كنتَ مجريها
…
وخذْ بنفسك في أخلاقكَ الأولِ
فلا هجمت بها إلَاّ على ظفر
…
ولا وصلت بها إلَاّ إلى أملِ
قال أيضاً:
أأطرحُ المجد عن كتفي وأطلبهُ
…
وأترك الغيث في غمدي وأنتجعُ
والمشرفيةُ لا زالتْ مشرفةً
…
دواءُ كلِّ كريم أو هي الوجعُ
بالجيش تمتنع الساداتُ كلهم
…
والجيشُ بابنِ أبي الهيجاء يمتنعُ
لا يعتقي بلدٌ مسراهُ عن بلد
…
كالموت ليس له ريٌّ ولا شبعُ
حتى أقام على أرباض خرشنةٍ
…
تشقى به الرومُ والصلبانُ والبيعُ
للسبي ما نكحوا، والقتل ما ولدوا
…
والنهب ما جمعوا، والنارِ ما زرعوا
يطمعُ الطير فيهم طولُ أكلهم
…
حتى تكاد على أحيائهم تقعُ
تغدو المنايا فلا تنفكُّ واقفة
…
حتى يقول لها عودي فتندفعُ
لا تحسبوا من أسرتم كان ذا رمقٍ
…
فليس يأكل إلا الميتَ الضبعُ
هلا على عقب الوادي وقد صعدتْ
…
أسدٌ تمرُّ فرادى ليس تجتمعُ
فكلُّ غزو إليكم بعد ذا فله
…
وكلُّ غاز لسيف الدولة التبعُ
يمشي الكرامُ على آثار غيرهم
…
وأنتَ تخلقُ ما تأتي وتبتدعُ
من كان فوق محلِّ الشمس موضعهُ
…
فليس يرفعهُ شيءٌ ولا يضعُ
الدهرُ معتذرٌ، والسيفُ منتظرٌ
…
وأرضهمُ لك مصطافٌ ومرْتبعُ
وما حمدتك في هولٍ ثبتَّ له
…
حتى بلوتكَ والأبطال تمتصعُ
فقد يظنُّ شجاعاً من به خرقٌ
…
وقد يظنُّ جباناً من به زمعُ
إنَّ السلاحَ جميعُ الناس تحملهُ
…
وليس كلُّ ذواتِ المخلبِ السبعُ
ليت الملوك على الأقدارُ معطيةٌ
…
فلم يكنْ لدنيٍ عندها طمعُ
قال أيضاً:
الرأي قبلَ شجاعة الشجعان
…
هو أولٌ وهي المحلُّ الثاني
فإذا هما اجتمعا لنفسٍ مرةٍ
…
بلغتْ من العلياء كلَّ مكاني
ولربما طعن الفتى أقرانهُ
…
بالرأي قبل تطاعن الأقرانِ
لولا العقولُ لكانَ أدنى ضيغمٍ
…
أدنى إلى شرفٍ من الإنسانِ
ولما تفاضلتِ النفوسُ ودبرتْ
…
أيدي الكماةِ عوالي المرانِ
قال أيضاً:
إني لأجبنُ من فراق أحبتي
…
وتحس نفسي بالحمام فأشجعُ
ويزيدني غضبُ الأعادي قسوةً
…
ويلمُّ بي عتبُ الصديق فأجزعُ
قال أيضاً:
دروعٌ لملك الروم هذي الرسائلُ
…
يردُّ بها عن نفسه ويشاغل
هي الزردُ الضافي عليه ولفظها
…
عليك ثناءٌ سابغُ وفضائل
وأنَّى اهتدى هذا الرسول بأرضه
…
وما سكنتْ قد سرتُ فيها القساطل
ومن أيّ ماءٍ كان يشفي جيادهُ
…
ولم تصف من مزج الدماء المناهل
قال أيضاً:
تحقر عندي همتي كلَّ مطلبٍ
…
ويقصرُ في عيني المدى المتطاول
وما زلتُ طوراً لا تزولُ مناكبي
…
إلى أن بدت للضيم في زلازل
ومن يبغِ ما أبغي من المجد والعلى
…
تساوى المحايي عنده والمقاتلُ
غثاثةُ عيشي أنْ تغثَّ كرامتي
…
وليس بغثٍ أنْ تغثَّ المآكلُ
قال المتنبي:
لا بقومي شرفتُ بل شرفوا بي
…
وبنفسي فخرتُ لا بجدودِ
وبهم فخر كلِّ من نطق الضا
…
د وعوذ الجاني وغوثُ الطريدِ
إنَّ أكن معجباً فعجبُ عجيب
…
لم يجدْ فوق نفسه من مزيدِ
أنا تربُ الندى، وربُّ القوافي
…
وسمامُ العدى، وغيظُ الحسودِ
أنا في أمة تداركها اللهُ
…
غريبٌ كصالح في ثمودِ
قال أيضاً:
أنا صخرةُ الواديِ إذا ما زوحمتْ
…
فإذا نطقتُ فإنني الجوزاءُ
وإذا خفيتُ على الغبيِّ فعاذرٌ
…
أن لا تراني مقلةٌ عمياءُ
قال أيضاً:
إني أنا الذهبُ المعروفُ مخبرهُ
…
يزيدُ في السبك للدينارِ دينار
قال أبو بكر الخوارزمي:
وعلى الخيول فوارسٌ أحجامهم
…
أقدام غيرهم من الفرسان
قوم إذا خرج المبارز نحوهم
…
من أهله تبعوهُ بالأكفان
قال أيضاً:
ومن عجبٍ تهديدهم بجموعهم
…
وودَّ لو ازدادوا ليزدادَ مغنما
إذا حدث الجاسوسُ عنهم بكثرة
…
تحكم في حق البشيرِ فحكما
قال القاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني:
إذا انحاز عنك الغوث واحتفل العدى
…
عليك فصرح باسمه الفرد وأغلبِ
فلو طبعتْ بيضُ السيوف على اسمه
…
مضتْ وهي في الأغماد في كلّ مضربِ
وما خلعت للمرء مسعاة والد
…
إذا لم تقابله نحال مهذبِ
قال الغزي:
غرٌّ إذا ركبوا الجياد حسبتها
…
شهبانَ رجم فوقهنَّ بدور
قال أبو فراس:
قد ضجَّ جيشكَ من طول القتال به
…
وقد شكتك إلينا الخيل والإبل
وقد درى الروم قد جاوزت أرضهم
…
أن ليس يعصمهم سهلٌ ولا جبل
في كل يوم تزور الثغر، لا ضجرٌ
…
يثنيكَ عنه ولا شغلٌ ولا مللُ
فالنفس جاهدةٌ، والعين ساهدَ
…
والجيشُ منهمكٌ والمالُ مبتذلُ
توهمتك كلابُ غير قاصدها
…
وقد تكنفك الأعداءُ والشغلُ
واستقبلوك بفرسانٍ أعنتها
…
سودُ البراقع والأكوارُ والكللُ
فكنتَ أكرمَ مسؤولٍ وأفضلهُ
…
إذا وهبتَ فلا من ولا بخل
قال أيضاً:
فأنفذ من مسِّ الحديد ونصله
…
أبا وائلٍ والدهر أجدعُ صاعرُ
وآبَ ورأسُ القرمطي أمامهُ
…
له جسدٌ من أكعبِ الرمح ضامرُ
قال أيضاً:
ألا منْ مبلغٌ سرواتِ قومي
…
وسيفَ الدولة الملكَ الهماما
بأني لم أدع فتيات قومي
…
إذا حدثنَ جمجمنَ الكلاما
شريتُ ثناءَهنَّ ببذلِ نفسي
…
ونار الحربِ تضطرمُ اضطراما
ولمَّا لم أجد لَاّ فراراً
…
أشدَّ من المنية أو حماما
حملتُ على ورودِ الموتِ نفسي
…
وقلتُ لصحبتي موتوا كراما
قال أيضاً:
ولما أن طغتْ سفهاءُ قوم
…
فتحنا بينها للحربِ بابا
منحناها الحرائبَ غيرَ أنا
…
إذا جارتْ منحناها الحرابا
ولما ثارَ سيف الدين ثرنا
…
كما هيجتَ آساداً غضابا
دعانا والأسنةُ مشرعاتٌ
…
وكنا عند دعوته الجوابا
صنائعُ فاقَ صانعها ففاقتْ
…
وغرسٌ طابَ غارسهُ فطابا
وكنا كالسهام إذا أصابتْ
…
مراميها، فراميها أصابا
قال أيضاً:
وتدعو كريماً من يجودُ بماله
…
ومن يبذل النفسَ الكريمة أكرمُ
إذا لم يكن ينجي فرارٌ من الردى
…
على حالة فالصبر أرجى وأحزمُ
لعمري لقد أعذرتَ لو أنَّ مسعداً
…
وقدمتَ لو أنَّ الكتائب تقدمُ
ومالكَ لا تلقى بمهجتكَ القنا
…
وأنت من القوم الذين هم همُ
طلبتكَ حتى لم أجد لك مطلباً
…
وأقدمتُ حتى قلَّ من يتقدمُ
وما قعدتْ بي عن لحاقكَ علةٌ
…
ولكنْ قضاءٌ فاتني فيكَ مبرمُ
يسوموننا فيكَ الفداء وإننا
…
لنرجوك قسراً، والمعاطسُ ترغمُ
سنضربهم ما دامَ للسيف قاطعٌ
…
ونطعنهم ما دام للرمح لهدمُ
فإنْ ترغبوا في الصلحِ فالصلحُ صالحٌ
…
وإنْ تجنحوا للسلم فالسلم أسلمُ
وإني لجرارٌ لكلَّ كتيبةٍ
…
معودةٍ ألَاّ يخل بها قصرُ
وإني لنزالٌ بكلَّ مخوفةٍ
…
كثيرٌ إلى نزالها النظرُ الشزرُ
وأصدأ حتى ترتوي البيض والقنا
…
وأسغبُ حتى يشبع الذئب والنسرُ
ويا ربَّ دارٍ، لم تخفني منيعةٍ
…
طلعتُ عليها بالردى أنا والفجرُ
وحي رددتُ الخيل حتى ملكتهُ
…
هزيماً وردتني البراقع والخمرُ
وساحبةِ الأذيال نحوي لقيتها
…
فلم يلقها جافي اللقاء ولا وعرُ
رددت لها ما حازهُ الجيشُ كله
…
وأبتُ ولم يكشفْ لأبياتها سترُ
وما حاجتي في المال أبغي وفورهُ
…
إذا لم أفر عرضي فلا وفر الوفرُ
قال أيضاً:
بأطراف...... الطوالِ
…
تفردْ بأوساط المعالي
وما تحلو مجاني العز يوماً
…
إذا لم تجنها سمرُ العوالي
ممالكنا مكاسبنا إذا ما
…
توارثها رجالٌ عن رجالِ
علينا أنْ نعاودَ كلَّ يوم
…
رخيصٍ عنده المهج الغوالي
فإنْ عشنا ذخرناها لأخرى
…
وإنْ متنا فموتاتُ الرجال
ومن عرف الحروبَ ومارسته
…
أطابَ النفس بالحربِ السجالِ
إذا لم تمسِ لي نارٌ بأرض
…
أبيتُ لنار غيري غيرَ صالِ
قال أيضاً:
ألم ترنا أعزَّ الناسِ جاراً
…
وأمرعهمُ وأمنعهمُ جنابا
لنا الجبلُ المطلُّ على نزار
…
حللنا النجدَ منه والهضابا
يفضلنا الأنامُ ولا نحاشي
…
ونوصفُ بالجميلِ ولا نحابى
وقد علمتْ ربيعةُ بل نزارٌ
…
بأنا الرأس والناسُ الذنابى
قال أيضاً:
وما المرءُ حيث يجعل نفسه
…
وإني لها فوق السماكين جاعلُ
وللوفرِ متلافٌ، وللحمد جامعٌ
…
وللشر تراكٌ وللخيرِ فاعلُ
ومالي لا نمسي وتصبح في يدي
…
كرائم أموال الرجال العقائل
لنا عقبُ الأمر الذي في صدوره
…
تطاولُ أعناقُ العدى والكواهل
أصاغرنا في المكرمات، أكابرٌ
…
أواخرنا في المأثراتِ أوائل
إذا صلتُ صولاً لم أجد لي مصاولاً
…
وإنْ قلتُ قولاً لم أجدْ من يقاول
قال أيضاً:
خيلي وإنْ قلتْ كبيرٌ نفعها
…
بين الصوارم والقنا الرعافِ
ومكارمي عدد النجوم، ومنزلي
…
مأوى الكرام ومنزلُ الأضيافِ
لا أقتني لصروفِ دهري عدةً
…
حتى كأنَّ خطوبه أحلافي
شيمٌ عرفتُ بهنَّ إذْ أنا يافعٌ
…
ولقد عرفتُ بمثلها أسلافي
قال أيضاً:
وقد علمتْ سراةُ الحيّ أنا
…
لنا الجبلُ الممنَّع جانباهُ
يفيءُ الراغبون إلى ذراهُ
…
ويلجأ الخائفون إلى ذراهُ
قال أيضاً:
لئنْ خلق الأنامُ لحسو كأسٍ
…
ومزمارٍ وطنبورٍ وعودِ
فلم يخلقْ بنو حمدان إلَاّ
…
لمجدٍ، أو لبأسٍ، أو لجودِ
قال أبو فراس:
لنا بيتٌ على عنق الثريا
…
بعيد مذاهب الأطنابِ سامِ
تظللهُ الفوارسُ بالعوالي
…
وتفرشهُ الولائدُ بالطعامِ
قال أبو العشائر الحمداني:
أاخا الفوارس لو رأيتَ مواقفي
…
والخيل من تحت الفوارس تخبط
لقرأت منها ما تخط يد الوغى
…
والبيض تشكل والأسنة تنقط
قال أبو زهير:
وقد علمت بما لاقته منا
…
قبائلُ يعرب وابني نزارِ
لقيناهم بأرماح طوالٍ
…
تبشرهمُ بأعمارٍ قصارِ
قال أبو نصر:
ولو شئتُ علمتُ المكارم شيمتي
…
ولكنني بالمكرماتِ رفيقُ
أخافُ عليها أنْ تجودَ بنفسها
…
إذا ما أتاها في الزمان مضيقُ
قال ذو الكفايتين:
أذالهمُ ذلُّ الهزيمة فانحنت
…
قناةُ الظهور واستقام الأخادِع
وكان لهم لبس المعصفر عادةً
…
فحاطت لهم منه السيوف القواطع
بطرتم فطرتم والعصا زجرُ من عصا
…
وتقوم عبد الهون بالهونِ نافع
تبسمت والخيلُ العتاقُ عوابسٌ
…
وأقدمت والبيض الرقاقُ هوالع
صدعت بصبح النصر ليل جموعهم
…
وكيف بقاءُ الليل والصبح صادع
فما النصر منآدٌ ولا النصر خاذلٌ
…
ولا النصل خوانٌ ولا السهم طالع
أنشد الشيخ أبو الحسن علي بن الحسن بن أبي الطيب الباخرزي، للأمير علي بن محمد الصلحي الناجم بالحجاز:
وسرجي فراشي والحسام مضاجعي
…
وعدةُ حربي لا ذوات الخلاخلِ
ورمحي يعاطيني البعيد لأنني
…
تناولت ما أعيا على المتناولِ
ولي همةٌ تسمو على كل همة
…
ولي أملٌ أعيا على كل آملِ
ولي من بني قحطان أنصار دولة
…
بطاريقُ من أنجاد كلّ القبائل
فأجابه الحسن بن يحيى الحكاك المكي:
رويدك ليس الحق ينفي بباطلِ
…
وليس مجدٌّ في الأمور كهازل
كزعمك أن الدرع لبسك في الوغى
…
وذاك لجبن فيك غير مزابل
وهل ينفعنَّ السيف يوماً ضجيعه
…
إذا لم يضاجعه بيقظة باسل
فهلا اتخذت الصبر درعاً وجنةً
…
كما الصبرُ درعي في الخطوب النوازل
وتفخر أن أصبحت مأمول عصبةٍ
…
فأخسس بمأمولٍ وأخسسْ بأمل
وهل هي إلا في تراث جمعته
…
فهلا غدت في بذل عرف ونائل
كما همنا فاعلم إغاثة سائل
…
وإسعافُ ملهوف وإغناء عائلِ
فلا تغترر بالليث عند خدوره
…
فكم خادرٍ فاجي بوثبة صائلِ
قال الفرزدق:
لنا العزة القعساءُ والعددُ الذي
…
عليه إذا عدَّ الحصى يتحلف
تراهم قعوداً حوله وعيونهم
…
مكسرةٌ أبصارها ما تصرف
وبيتان بيت الله نحن ولاته
…
وبيتٌ بأعلى إيلياءَ مشرفُ
نرى الناس ما سرنا يسرون خلفنا
…
وإنْ نحن أومأنا إلى الناس وقفوا
ولا عزَّ إلا عزنا قاهر له
…
ويسألنا النصف الذليل فننصفُ
ألوفُ ألوفٍ من رجالٍ ومن قناً
…
وخيل كريعان الجراد وحرشفُ
وإن فتنوا يوماً ضربنا رؤوسهم
…
على الدين حتى يقبل المتألفُ
سيعلم من سامى تميماً إذا هوت
…
قوائمه في البحر من يتخلفُ
فسعدٌ جيال العزَ والبحر مالكٌ
…
فلا حضنٌ يبلى ولا البحر ينزفُ
إذا ما احتبت لي دارمٌ عند غاية
…
جريتُ إليها جري من يتعطرفُ
وسعد كأهل الردم لو فض عنهم
…
لماجوا كما ماج الجراد وطوفوا
هم يعدلون الأرضَ لولاهم التفت
…
على الناس أو كادت تميل فتنشفُ
قال أيضاً:
يقري المئين رميمَ أعظم غالب
…
فسعى بها ومفك كلَّ أسيرِ
والمستغاث به فما كحباله
…
للمستجير بها حبالُ مجيرِ