المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأدب والحكم والأمثال - التذكرة السعدية في الأشعار العربية

[محمد بن عبد الرحمن العبيدي]

الفصل: ‌الأدب والحكم والأمثال

عر القبائل إننا أربابها

وأحقها بمناسك التكبيرِ

جعل النبوة والخلافة ربنا

فينا ومسجد بيته المعمورِ

هل مثلهنَّ...... لقومه

أحدٌ سو.......

تلك المكارم كلهنَّ مع الحصى

غير القليل لنا ولا ا.........

منا النبيَّ محمدٌ......

العمى بمصدقٍ مأمورِ

إن النوبة والخلافة والهدى

فينا وأول من دعا بظهورِ

خير الذين مضوا ومن هو كائنٌ

بالمحكماتِ مبشرٍ ونذيرِ

قال جرير:

ألم تراني لاسل رميتي

فمن أرمِ لا تخطي مقاتله نبلي

وأوقدتُ ناري بالحديد فأصبحت

لها وهجٌ يصلى به الله من يصلي

قال أبو القاسم الزاهي:

الليل من فكري يصير ضياءا

والسيف من نظري يذوب حياءا

والخيل لو حملتها علمي بها

لتركتها تحت العجاج هباءا

أحصي على دهري الذنوب بمقلة

لدموعها لا أملك الأحصاءا

قال تاج الدولة أبو الحسين أحمد بن عضد الدولة:

أنا التاجُ المرصَع في جبين

الممالك سالكٌ سبلَ الصلاح

كتائبنا يلوحُ النصر فينا

برايات تطرزُ بالنجاحِ

تكادُ ممالك الآفاق سوقاً

تسيرُ إليَّ من كلّ النواحي

ألا لله لي عرضٌ مصونٌ

وقاهُ المجدُ بالمالِ المباحِ

قال أبو نصر عبد العزيز بن محمد بن نباتة:

ومغرور يحاول نيل عرضي

فقلت له الكواكب لا تنالُ

يعاين في المكارم فيض كفي

وتزعم أنه ذهب النوالُ

ويعجب أن حويتُ الفضل طفلاً

ألا لله ثم لي الكمالُ

أحمل ضعف جسمي ثقل نفسي

ونفسي ليس تحملها الجبالُ

وأسمع كلَّ قول غير قولي

فاعلمُ أنه خطلٌ محالُ

قال ابن لؤلؤ:

خصالُ العلى كلها من خصال

وصوبُ الحيا قطرةٌ من شمالي

خلقتُ كما شاءتِ المكرماتُ

بعيد النظير فقيد المثالِ

تنزهني عن دنايا الأمور نفسي وتندبني للمعالي

فللبأسي طولُ يدي والحسام

وللمجد والحمد جاهي ومالي

قال أبو الحسن الموسوي النقيب:

لنا الدوحةُ العليا التي نزعتْ لها

إلى المجد أغصانُ الجدودِ الأطايبُ

إذا كانَ في جو السماء عروقها

فأين عواليها وأين الذوائبُ

قال أبو الفتح البستي:

ونحن أناسٌ لا نذلّ لجانف

علينا ولا نرضى حكومة حائفِ

ملكنا المعالي بالعوالي فجارنا

عزيزٌ ومن نكفلْ به غير خائفِ

ورثنا عن الآباء عند اخترامهم

صفائح تغني عن رسوم الصحائفِ

تؤمرنا أسيافنا ورماحنا

إذا لم يؤمرنا لواء الخلائفِ

بنينا بأطرافِ الأسنة كعبةً

فطابَ بها قسراً ملوكُ الطوائفِ

فمن شاءَ فليخشنْ ومن شاءَ فليلنْ

فما نقدنا إنْ قارضونا بزائفِ

وسوف نجازي باللطائف أهلها

ونسقي ذعافَ السمّ أهل الكنائفِ

تم باب الحماسة على يد كاتبه بحمد الله وحسن توفيقه

‌الباب الثاني

‌الأدب والحكم والأمثال

أنشد أبو تمام لمسكين الدارمي:

وفتيان صدق لست مطلع بعضهم

على سر بعضٍ غير أني جماعها

لكل أمرء شعبٌ من القلب فارغٌ

وموضع نجوى لا يرامُ اطلاعها

يظلون شتى في البلاد وسرهم

إلى صخرة أعيا الرجال انصداعها

قال المرار بن سعيد:

إذا شئت يوماً أن تسود عشيرةً

فبالحلم سدْ لا بالتسرع والشتم

وللحلمُ خيرٌ فاعلمنَّ مغبةً

من الجهل إلا أن تشمس من ظلم

قال شبيب بن البرصاء المري:

وإني لتراك الضغينة قد بدا

ثراها من المولى فما أستنيرها

مخافة أن تجني عليَّ وإنما

يهيج كبيرات الأمورِ صغيرها

تبينُ أعقابُ الأمور إذا مضتْ

وتقبلُ أشباهاً عليك صدورها

إذا افتخرتْ سعدُ بن ذبيان لم تجدْ

سوى ما ابتنينا ما يعد فخورها

ألم تر أنا نورُ قوَّ وإنما

يبينُ في الظلماء للناس نورها

قال إياس بن القائف:

يقيم الرجالُ الأغنياء بأرضهم

وترمي النوى بالمقترين المراميا

فأكرم أخاك الدهر ما دمتما معاً

كفى بالمنايا فرقة وتنائيا

ص: 24

إذا زرتْ أرضاً بعد طول اجتنابها

فقدت صديقي والبلاد كما هيا

قال سالم بن وابصة الأسدي:

أحبَ الفتى ينفي الفواحش سمعه

كأنَّ به عن كل فاحشة وفرا

سليمُ دواعي الصدر لا باسطاً أذىً

ولا مانعاً خيراً ولا قائلاً هجرا

إذا شئت أن تدعى كريماً مكرماً

أديباً ظريفاً عاقلاً ماجداً حرا

إذا ما بدتْ من صاحبٍ لك زلةٌ

فكنْ أنت محتالاً لزلتهِ عذرا

غنى النفس ما يكفيك من سد خلة

فإن زاد شيئاً عاد ذاك الغنى فقرا

قال المؤمل بن أميل المحاربي:

وكم من لئيمٍ ود أني شتمتهُ

وإنْ كان شتمي فيه صابٌ وعلقمُ

وللكف عن شتم اللئيم تكرماً

أضر له من شتمه حين يشتمُ

قال عقيل بن علفة المري:

وكن أكيسَ الكيسى إذا كنت فيهم

وإنْ كنت في الحمقى فكن أنت أحمقا

وللدهر أثوابٌ فكن في ثيابه

كلبسته يوماً أجد وأخلقا

قال معلوط بن بدل القريعي:

متى ما ير الناس الغنيَّ وجاره

فقيرٌ يقولوا عاجز وجليد

وليس الغنى والفقر من حيلة الفتى

ولكن أحاظٍ قسمتْ وجدود

إذا المرءُ أعيته المروءةً ناشئاً

فمطلبها كهلاً عليه شديد

وكائنْ رأينا من غني مذمم

وصعلوكِ قوم ماتَ وهو حميد

قال عدي بن زيد العبادي:

وإنك لا تدري إذا جاءَ سائلٌ

أأنت بما تعطيه أم هو أسعدُ

عسى سائلٌ ذو حاجة إنْ منعته

من اليوم سؤلاً أن يكون له غدُ

وفي كثرة الأيدي لذي الجهل زاجرٌ

وللحلم أبقى للرجال وأعودُ

قال آخر:

إياكَ والأمرَ الذي أن توسعتْ

مواردهُ ضاقتْ عليك المصادرُ

فما حسنٌ أنْ يعذر المرء نفسه

وليس له من سائر الناس عاذرُ

قال العباس بن مرداس:

ترى الرجل النحيف فتزدريه

وفي أثوابه أسد مزير

ويعجبك الطرير فتبتليه

فيخلف ظنك الرجلُ الطرير

فما عظم الرجال لهم بفخر

ولكن فخرهم كرمٌ وخير

بغاثُ الطير أكثرها فراخاً

وأمُّ الصقر مقلاتٌ نزور

ضعافُ الطير أطولها جسوماً

ولم تطل البزاةُ ولا الصقور

لقد عظم البعيرُ بغير لب

فلم يستغنِ بالعظمِ البعير

يصرفه الصبي بكل وجه

ويحبسه على الخسفِ الجرير

وتضربه الوليدةُ بالهراوي

فلا غيرٌ لديه ولا نكير

فإن أك في شراركم قليلاً

فإني في خياركم كبير

قال آخر:

لا تعترض في الأمر تكفى شؤونه

ولا تنصحنْ إلا لمن هو قابله

ولا تخذلِ المولى إذا ما ملمة

ألمت ونازل في الوغى من ينازله

ولا تحرم المولى الكريم فإنه

أخوك ولا تدري لعلك سائله

قال آخر:

وأعرضُ عن مطاعمَ قد أرها

فأتركها وفي بطني انطواء

فلا وأبيكَ ما في العيش خيرٌ

ولا الدنيا إذا ذهبَ الحياء

يعيش المرء ما استحيا بخير

ويبقى العود ما بقي اللحاء

قال سالم بن وابصة:

ونيربٍ من موالي السوءِ ذي حسد

يقتاتُ لحمي ولا يشفيه من قرمِ

داويتُ صدراً طويلاً غمره حقداً

منه وقلمتُ أظفاراً بلا جلمِ

بالحزمِ والخير أسديه وألحمهُ

تقوى الآله وما لم يرعَ من رحمي

فأصبحتْ قوسه دوني موترة

يرمي عدوي جهاراً غير مكتتمِ

إن من الحلم ذلَا أنتَ عارفه

والحلم عن قدرة فضلٌ من الكرمِ

قال بعض بني أسد:

وإني لأستغني فما أبطر الغنى

وأعرض ميسوري على مبتغي قرضي

وأعسر أحياناً فتشتدُّ عسرتي

وأدرك ميسورَ الغنى ومعي عرضي

وما نالها حتى تجلتْ وأسفرتْ

أخو ثقة مني بقرضٍ ولا فرضِ

وأبذلُ معروفي وتصفو خليقتي

إذا كدرتْ أخلاقُ كل فتىً محضِ

ولكنه سيبُ الآله ورحلتي

وشدي حيازيم المطية بالغرض

وأستنفذُ المولى من الأمر بعدما

يزل كما زل البعيرُ عن الدحضِ

وأمنحه مالي وودي ونصرتي

وإنْ كان محنيَّ الضلوع على بغضي

قال آخر:

وإني لأنسى عند كل حفيظة

إذا قيل مولاك احتمال الضغائن

ص: 25

وإنْ كان مولى ليس فيما ينوبني

من الأمر بالكافي ولا بالمعاونِ

قال حاتم بن عبد الله الطائي:

وما أنا بالسعي بفضلِ زمامها

لتشرب ماء الحوض قبل الركائبِ

وما أنا بالطاوي حقيبة رحلها

لأبعثها خفاً وأترك صاحبي

إذا كنت رباً للقلوص فلا تدعْ

رفيقك يمشي خلفها غير راكبِ

أنخها فأردفهُ فإنْ حملتكما

فذاك وإنْ كان العقابُ فعاقبِ

قال الكندي:

وإني لعف عن مطاعم جمة

إذا زين الفحشاء للنفس جوعها

قال عروة بن الورد:

دعيني أطوف في البلاد لعلني

أفيدُ غنى فيه لذي الحق محمل

أليس عظيماً أن تلمَّ ملمةٌ

وليس علينا في الحقوق معول

قال آخر:

أخوكَ الذي إن تدعهُ لملمةٍ

يجبك وإنْ تغضبْ إلى السيف يغضبِ

قال مالك بن حريم الهمداني:

أنبئتُ والأيامُ ذات تجارب

وتبدي لك الأيامُ ما لست تعلمُ

فإن ثراء المال ينفعُ ربهُ

ويثني عليه الحمدَ وهو مذممُ

وإنَّ قليل المال للمرء مفسدٌ

يجزُّ كما جزَّ القطيعُ المحرمُ

يرى درجاتِ المجد لا يستطيعها

ويقعد وسط القوم لا يتكلمُ

قال محمد بن بشير:

لأن أزجيَ عند العري بالخلق

وأجتزي من كثير الزاد بالعلقِ

خيرٌ وأكرم من أنْ أرى منناً

معقودةً للئام الناسِ في عنقيِ

إني وإنْ قصرتْ عن همتي جدتي

وكان مالي لا يقوى على خُلقي

لتاركٌ كل أمر كان يلزمني

عاراً ويشرعني في المنهل الرنقِ

قال أيضاً:

ماذا تكلفك الروحاتِ والدلجا

البر طوراً، وطوراً تركب اللججا

كم من فتى قصرت في الرزق خطوته

ألفيتهُ بسهام الرزق قد فلجا

إن الأمور إذا انسدت مسالكها

فالصبرُ يرتق منها كلَّ ما ارتتجا

لا تيأسنَّ وإنْ طالتْ مطالبةٌ

إذا استعنتَ بصبر أن ترى فرجا

أخلقْ بذي الصبر أنْ يحظى بحاجته

ومدمن القرعِ للأبواب أنْ يلجا

قدرْ لرجلك قبل الخطو موضعها

فمن علا زلقاً عن غرةٍ زلجا

ولا يغرنك صفوٌ أنت شاربه

فربما كان بالتكدير ممتزجا

أبصر لرجلك قبل الخطو موضعها

فمن علا زلقاً عن غرة زلجا

قال حسان بن ثابت:

أصون عرضي بمالي لا أدنسهُ

لا بارك الله بعد العرض في المال

أحتال للمال إنْ أودى فأكسبه

ولست للعرض إن أورى بمحتال

قال المقنع الكندي:

يعاتبني في الدين قومي وإنما

ديوني في أشياء تكسبهم حمدا

أسد به ما قد أخلوا وضيعوا

ثغور حقوقٍ ما أطاقوا لها سدا

وإن الذي بيني وبين بني أبي

وبين بني عمي لمختلفٌ جدا

فإنْ أكلوا لحمي وفرتُ لحومهم

وإنْ هدموا مجدي بنيتُ لهم مجدا

وإنْ ضيعوا غيبي حفظت عيوبهم

وإنْ هم هووا عني هويتُ لهم رشدا

وإن زجروا طيرا بنحس تمر بي

زجرت لهم طيراً تمر بهم سعدا

ولا أحمل الحقد القديم عليهم

وليس رئيسُ القوم من يحمل الحقدا

لهم جلُّ مالي إن تتابع لي غنى

وإن قل مالي لم أكلفهم رفدا

وإني لعبدُ الضيف ما دام نازلا

وما شيمةٌ لي غيرها تشبه العبدا

على أنَّ قومي ما يرى غير ناظرٍ

كشيبهم شيباً ولا مردهم مردا

بفضلٍ وأحلام وجودٍ وسؤددٍ

وقومي ربيعٌ في الزمان إذا اشتدا

قال رجل من الفزاريين:

إلا يكنْ عظمي طويلاً فإنني

له بالخصال الصالحات وصول

ولا خير في حسن الجسوم ونبلها

إذا لم تزن حسن الجسوم عقول

وإذا كنت في القوم الطوال علوتهم

بعارفةٍ حتى يقال طويلُ

وكم قد رأينا من فروعٍ كثيرة

تموتُ إذا لم تحيهنَّ أصولُ

ولم أرَ كالمعروف أما مذاقه

فحلوٌ وأما وجهه فجميلُ

قال عبد الله بن معاوية بن عبد الله الطالبي:

أرى نفسي تتوقُ إلى أمور

ويقصر دونَ مبلغهنَّ مالي

فنفسي لا تطاوعني ببخلٍ

ومالي لا يبلغني فعالي

قال المتوكل الليثي:

إني إذا ما الخيلُ أحدثَ لي

صرماً وصلَّ الصفاءَ أو قطعا

ص: 26

لا أحتسي ماءه على رنقٍ

ولا يراني لبينه جزعا

أهجرهُ ثم تنقضي غبر ال

هجران عني ولم أقلْ قذعا

احذر وصالَ اللئيمِ إنَ له

عضهاً إذا حبل وصله انقطعا

قال قيس بن الخطيم:

وما بعض الإقامةِ في ديارٍ

يهانُ بها الفتى إلَاّ بلاءُ

يريد المرءُ أن يعطى مناه

ويأبى الله إلا ما يشاءُ

وكلُّ شديدة نزلتْ بقومٍ

سيأتي بعد شدتها رخاءُ

فلا يعطى الحريص غنى لحرص

وقد ينمي على الجودِ الثراء

غني النفس ما عمرتْ غنيّ

وفقر النفس، ما عمرت شقاء

وليس بنافعٍ ذا البخلِ مالٌ

ولا مزر بصاحبه السخاء

وبعض الداء ملتمس شفاهُ

وداء النوك ليس له شفاء

قال يزيد بن الحكم يعظ ابنه بدراً:

يا بدرُ والأمثالُ يضربها

لذي اللب الحكيم

ذم للخليل بوده

ما خيرُ ود لا يدوم

واعرفْ لجارك حقه

والحقُّ يعرفه الكريمُ

واعلم بأنَّ الضيفَ يوماً

سوفَ يحمدُ أو يلومُ

والناسُ مبتنيان مح

مودُ البناية أو ذميمُ

واعلمْ بنيَّ فإنه

بالعلم ينتفع العليمُ

إن الأمور دقيقها

مما يهيج له العظيمُ

والبغي يصرع أهله

والظلم مرتعه وخيم

ولقد يكون لك البعيد

أخاً ويقطعك الحميم

والمرء يكرم للغنى

ويهان للعدمِ العديم

قد يفتر الحول التقي

ويكثر الحمق الأثيمُ

يملى لذاك ويبتلى

هذا فأيهما المضيم

والمرءُ يبخلُ في الحقوقِ

وللكلالة ما يسيم

وما بخلُ من هو للمنون

وريبها غرض رجيم

ويرى القرون أمامه

همدوا كما همد الهشيم

وتخربُ الدنيا فلا

بؤسٌ يدومُ ولا نعيم

قال منقذ الهلالي:

أي عيشٍ عيشي إذا كنتُ منه

بين حلٍ وبين وشكِ رحيلِ

كل فجّ من البلاد كأني

طالبٌ بعض أهلهِ بذحولِ

ما أرى الفضلَ والتكرم إلا

كفك النفس عن طلاب الفضولِ

وبلاءٌ حملُ الأيادي وإن ت

سمع منا تؤتى به من منيلِ

قال محمد بن أبي شحاذ:

إذا أنت أعطيت الغنى ثم لم تجدْ

بفضل الغنى ألفيتَ مالك حامدُ

إذا أنت لم تعركْ بجنبكَ بعض ما

يريبُ من الأدنى رماك الأباعدُ

إذا الحلمْ لم يغلب لك الجهلَ لم تزلْ

عليك بروق جمة ورواعدُ

إذا العزمُ لم يفرجْ لك الشكَّ لم تزلْ

جنياً كما أستتلى الجنيبة قائدُ

وقل غناءً عنك مالٌ جمعته

إذا صارَ ميراثاً ووارك لأحدُ

قال الحكم بن عبدل:

أطلبُ ما يطلبُ الكريمُ من الر

زق بنفسي وأجملُ الطلبا

وأحلب الثرة الصفي ولا

أجهد أخلاف غيرها حلبا

إني رأيت الفتى الكريم

رغبتهُ في ضيعه رغبا

والعبدُ لا يطلبُ العلاء ولا

يعطيك شيئاً إلا إذا رهبا

مثل الحمار الموقع السوء لا

يحسن شيئاً إلا إذا ضربا

ولم أجد عروة الخلائق إلا

الدين لما اعتبرت والحسبا

قد يرزق الخافض المقيم وما

شد بعنسٍ رحلاً ولا قتبا

ويحرم المال ذو المطية والر

حل من لا يزالُ مغتربا

قال الصلتان العبدي:

أشابَ الصغيرَ وأفنى الكبير

كر الغداةِ ومر العشي

إذا ليلةٌ هرمتْ يومها

أتى بعد ذلك يومٌ فتي

نروح ونغدو لحاجاتنا

وحاجةُ من عاش لا تنقضي

تموت مع المرء حاجاته

وتبقى له حاجةٌ ما بقي

إذا قلت يوماً لمن قد ترى

أروني السري، أروك الغني

ألم تر لقمان أوصى بنيه

وأوصيت عمراً فنعم الوصي

بني بدا خب نجوى الرجال

فكنْ عند سرك خبَّ النجي

وسرك ما كان عند امرئٍ

وسر الثلاثة غير الخفي

قال محمد بن عبد الله الأزدي:

لا أدفعُ ابن العم يمشي على شفاً

وإنْ بلغتني من أذاه الجنادعُ

ولكن أواسيه وأنسى ذنوبه

لترجعه يوماً إليَّ الرواجعُ

وحسبكَ من ذلٍ وسوءِ صنيعةٍ

مناواةُ ذي القربى وإنْ قيل قاطعُ

ص: 27

قال أبي بن حمام العبسي:

لستُ بمولى سوأةٍ أدعي لها

فإنَ لسوءاتِ الأمور مواليا

ولن يجد الناسُ الصديقُ ولا العدى

أديمي إذا عدوا أديمي واهيا

وإنَّ نجاري يا بن غنم مخالفٌ

نجارَ اللئام فابغني من ورائيا

وسيان عندي أن أموتَ وأنْ أرى

كبضعِ رجالٍ يوطنونَ المخازيا

ولست بهيابٍ لمن لا يهابني

ولستُ أرى للمرء ما لا يرى ليا

إذا المرءُ لم يحببكَ إلاّ تكرهاً

عراضَ العلوقِ لم يكن ذاك باقيا

قال بعض بني فقعس:

وذوي ضبابٍ مظهرينَ عداوةً

قرحى القلوب معاودي الأفنادِ

ناسيتهم بغضاءهم وتركتهم

وهم إذا ذكرَ الصديقُ أعادي

كيما أعدهمُ لأبعدَ منهم

ولقد يجاءُ إلى ذوي الأحقادِ

قال آخر:

لا يمنعنكَ خفض العيش في دعة

نزوعُ نفس إلى أهل وأوطانِ

تلقى بكل بلادٍ إنْ حللتَ بها

أهلاً بأهلٍ، وجيراناً بجيرانِ

قال رجل من بني أسد:

وما أنا بالنكس الدنيّ ولا الذي

إذا صدَّ عني ذو المودة أحربُ

ولكنني إنْ دام دمتُ وإنْ يكن

له مذهبٌ عني فلي عنه مذهبُ

ألا إنَّ خير الود ودٌّ تطوعتْ

به النفسُ لا ودَّ أتى وهو متعبُ

قال آخر:

ولا خيرَ في ودَ أمرء متكاره

عليك ولا في صاحب لا توافقه

إذا المرءُ لم يبذل من الود مثل ما

بذلت له فاعلم بأني مفارقه

قال جابر بن الثعلب الطائي:

ومن يفتقر في قومه يحمد الغنى

وإنْ كان فيهم واسط العم مخولا

ويزري بعقل المرءِ قلةُ ماله

وإنْ كان أسرى من رجال وأحولا

كأنَّ الفتى لم يعر يوماً إذا اكتسى

ولم يك صعلوكاً إذا ما تمولا

ولم يك في بؤسٍ إذا باتَ ليلةً

يناغي غزالاً فاترَ الطرف أكحلا

قال آخر:

لعمري لرهطُ المرءِ خيرٌ تقيةً

عليه وإنْ عالوا به كلَّ مركبِ

من الجانب الأقصى وإن كان ذا غنى

جزيل ولم يخبركَ مثل مجربِ

إذا كنتَ في قومٍ ولم تكُ منهم

فكلْ ما علفتَ من خبيث وطيبِ

وإنْ حدثتك النفس إنك قادر

على ما حوتْ أيدي الرجال فجربِ

قال عروة بن الورد العبسي:

أقول لقوم في الكنيفِ تروحوا

عشيةَ بتنا عند ماوان رزحِ

تنالوا الغنى أو تبلغوا بنفوسكم

إلى مستراح من حمام مبرحِ

ومن يك مثلي ذا عيال ومقتر

من المالِ يطرحْ نفسه كلَّ مطرحِ

ليبلغ عذراً أو يصيبَ رغيبة

ومبلغُ نفس عذرها مثلُ منجحِ

قال أوس بن حبناء التيمي:

إذا المرءُ أولاكَ الهوانَ فأولهِ

هواناً وإنْ كانت قريباً أواصر

فإنْ أنتَ لم تقدرِ على أن تهينه

فذره إلى اليوم الذي أنت قادر

وقارب إذا ما لم تكن لك حيلةٌ

وصممْ إذا أيقنت أنك عاقر

قال إياس بن الآرت الطائي:

إذا ما تراخت ساعةٌ فاجعلنها

لخيرٍ فإنَّ الدهر أعصل ذو شغب

فإنْ يك خيرٌ أو يكن بعض راحة

فإنكَ لاقٍ من هموم ومن كرب

قال سوار بن المضرب:

يا أيها القلب هل تنهاك موعظةٌ

أو يحدثنْ لك طولُ الدهرِ نسيانا

إني سأستر ما ذو العقل ساترهُ

من حاجةٍ، وأميتُ السرَّ كتمانا

وحاجةٍ دون أخرى قد سنحت بها

جعلتها للتي أخفيتُ عنوانا

إني كأني أرى من لا حياء لهُ

ولا أمانة بين الناسِ عريانا

قال آخر:

وليس فتى الفتيان منْ جلُّ همه

صبوحٌ فإنْ أمسى ففضل غبوق

ولكن فتى الفتيان من راح أو غدا

لضرِّ عدوٍ أو لنفع صديق

أنشد الشيخ أبو الحسين أحمد بن فارس في حماسته لمصعب بن الزبير:

في القوم معتصم بقوة أمرهِ

ومقصرٌ أزرى به التقصير

لا ترضَ منزلة الذليلِ ولا تقمْ

في دار معجزة وأنتَ خبيرُ

وإذا هممت فأمضِ همكَ إنما

طلبُ الحوائج كلها تعزيرُ

قال الأجدع بن خشرم:

إذا خفتَ سداً لأمر فارم بعزمة

مذاهبه يركبْ بك العزمُ مركبا

وإن وجهة سدتْ عليك فروجها

فإنك لاقٍ لا محالة مذهبا

ص: 28

فلم يجعل الله الأمورَ إذا اعترت

عليك رتاجاً لا يرامُ مضبا

وكن رجلاً جلداً إذا انقلبتْ

عليه بناتُ الدهر يوماً تقلبا

يلام رجالٌ قبل تجريب دهرهم

وكيف يلام المرءُ حتى يجربا

وإني لمعراضُ قليلٌ تعرضي

لوجه امرء يوماً إذا ما تجنبا

وما أنا بالناسي الخليل إذا دنتْ

به الدار والباكي إذا ما تغيبا

قال رجل من جرم:

بان الخليطُ ولم أفارق عن قلىً

ليس المقارب يا أميم كمن نأى

إنَّ المحب إذا تقادم عهده

نسي الحبيبَ وسلَّ حاجته البلى

والهمُّ ما لم تمضه لسبيلهِ

فكفى بصحبته عناءَ للفتى

والفقر يزري بالفتى في قومهِ

والعينُ يقذيها الكريمُ على القذى

والمالُ يبسط للئيم لسانه

حتى يكون كأنه ملك يرى

فامنع من الأعداء عرضك لا تكنْ

شحماً لأكله بعودٍ يشترى

لا تأكل المولى إذا لاحيته

يوماً فإنك مشمتٌ فيه العدى

وإذا نهيتَ الناسَ عن خلقٍ فكنْ

كالتاركِ الخلقِ الذي عنه نها

قال الأعور الشني:

لقد علمت عميرةُ أنّ جاري

إذا ضنَّ المثمرُ من عيالي

وغني لا أضنّ على ابن عمٍ

بنصري في الخطوب ولا بمالي

ولستُ بقائلٍ قولاً لأحظى

بقولٍ لا يصدقه فعالي

وما التقصيرُ قد علمتْ معدّ

وأخلاقُ الدنية من خلالي

وإنْ نلتُ الغنى لم أغلِ فيه

ولم أخصصْ بجفوتي الموالي

ولم أقطع أخاً لأخٍ ظريفٍ

ولم يذمم لطرفتهِ وصالي

وقد أصبحت لا أحتاجُ فيما

بلوت من الأمور إلى السؤالِ

قال آخر:

لعمركِ ما تدرين ما الليلُ جالبٌ

عليكِ وما تدرينَ ما في المغيبِ

قال هبنقة القيسي:

إذا ما طلبت الأرض ثم تباعدتْ

عليك فضعْ كورَ المطية وانزلِ

ولا يختلط فيها فإنك بالغٌ

برفق السرى فيها وكيس التنزلِ

وإنْ كنتَ في دارِ يهينكَ أهلها

ولم تك مكبولاً بها فتحولِ

وإنْ كنتَ ذا مالٍ قليلٍ فلا تكن

لزوماً لقعر البيتِ ما لم تموَّل

قال قيس بن عمرو بن مالك:

إني امرءٌ قلَّ ما أثني على أحدٍ

حتى أرى بعض ما يأتي وما يذرُ

لا تحمدنَّ امرءاً حتى تجربه

ولا تذمنَّ من لم يبله الخبرُ

قال أبو النصر الأسدي:

تعلمني بالعيش عرسي كأنما

تعلمني الأمر الذي أنا جاهلهْ

يعيشُ الفتى بالفقر يوماً وبالغنى

وكلٌّ كأن لم يلقَ حين يزايلهْ

قال الصمة بن عبد الله القشيري:

أعاذل بعض اللوم إنَّ منيتي

لقدر ليالٍ ما لهنَّ مزيدُ

وإنَّ ارتحالي لا يدني منيتي

ولا مانعي من أنْ أموت قعودُ

وقد يرجعُ الله الفتى بعد غيبه

ويلقى المنايا آخرون شهودُ

قال زياد بن زيد:

إنَّ امرءاً قد جربَ الدهر لم يخفْ

تقلبَ عصرْيه لغيرُ لبيبِ

فلا تيئسنَّ الدهر من وصل كاشحٍ

ولا تأمننَّ الدهرَ صرمَ حبيبِ

وليس بعيداً كلُّ آتٍ فواقع

ولا ما مضى من مفرح بقريبِ

وكلُّ الذي يأتي فأنت نسيبهُ

ولستَ لشيء قد مضى بنسيبِ

قال ربيعة بن عبيد القعنبي أبو ذؤاب:

إن المنية بالفتيان ذاهبة

ولو تقوها بأسياف وأدراعِ

لا تجعل الهمَّ علا لا انفراجَ له

لا نوجدنَّ سؤوماً ضيق الباعِ

قال حجاج بن علاط السلمي:

أواخي رجالاً لستُ مطلع بعضهم

على سر بعضٍ إنَّ صدري واسعهُ

تلاقت حيازيمي على قلب حازم

كتوم لما صمت عليه أضالعهُ

قال آخر:

علام أديمُ الصبر لأبي ضراعة

ولا الرزقُ محظورٌ ولا أنا محرجُ

ألا ربما كان التصبر ذلةً

وأدى إلى الأمر الذي هو أسمجُ

قال العلاء الحضرمي، أن النبي عليه السلام استنشده، فلما أنشده من شعره (، فقال عليه السلام إنَّ من البيان لسحراً، وإن من الشعر لحكماً.

حي ذوي الأضغان تسبِ قلوبهم

تحيتك الأدنى فقد يرفع النغلْ

فإن دحسوا بالكرهِ فاعف تكرماً

وإنْ خنسوا عنك الحديثَ فلا تسلُ

ص: 29

فإنّ الذي يوذيك منه سماعه

وإنَ الذي قالوا وراءك لم يقلُ

قال عمرو بن العاص رضي الله عنه:

إذا المرءُ لم يتركْ طعاماً يحبه

ولم ينهَ قلباً غاوياً حيث يمما

قضى وطراً منه وغادر سبه

إذا ذكرتَ أمثالها تملأ الفما

إذا أنا بالمعروف لم أثن صادقاً

ولم أذمم الجبس الدني المذمما

ففيمَ عرفت الخير والشر باسمه

وشق لي اللهُ المسمعُ والفما

إذا قلَّ مالي أو أصيب بنكبة

.... حياتي عفةً وتكرما

وأعرضُ عن ذي المالِ حتى يقالَ لي

قد أحدثَّ هذا نخوة وتعظما

وما بي من كبرٍ وسوءِ رعايةٍ

ولكنه فعلي إذا كنتُ.....

قال ابن هرمة:

إذا أنتَ لم تأخذْ من الناسِ عصمةً

تشدُّ بها في راحتيكَ الأصابعُ

شربت بطرقِ الماء حيث وجدته

على كدر واستعبدتك المطامعُ

وإني لمما ألبسُ الثوبَ ضيقاً

وترك لبس الثوبِ والثوبْ واسعُ

وأصرفُ عن بعض المياه مطيتي

إذا أعجبت بعضَ الرجال المشارعُ

قال آخر:

وإني لأختارُ الحياءَ على الغنى

وشرب قراح الماء بالبارد المحض

وألبس جلباب البلاء وقد أرى

مكانَ الرخاء لو جعلتُ له عرضي

قال آخر:

وإني لأطوي البطنَ من دون ملئه

إذا هبَّ أرواحَ الشتاء الزعازعِ

مخافة أنْ أدعى بطيناً وقد غدا

بذميَ رُكبانُ المطيّ الخواضعِ

قال آخر:

أعين أخي أو صاحبي في بلائهِ

أقومُ إذا عضَّ الزمانُ وأقعد

ومنْ يفرد الأخوانَ فيما ينوبهم

تنبهُ الليالي مرةً وهو مفرد

قال حزن بن جناب التميمي:

لا تعترض للشرِّ من دون أهله

إذا كنتَ خلواً عن هواه بمعزلِ

ومن يقِ أعراضَ الرجال بعرضه

يبحْ محرماً من والديهِ ويجهلِ

فلاتك ممنْ يغلق الهم علمه

عليه بمغلاقٍ من الشرِّ مقفلِ

ولا تجعل الأرضَ العريض محلها

عليك سبيلاً وعرة المتنقلِ

وإنْ خفتَ من دارٍ هواناً فولها

سواك وعن دارِ الأذى فتحولِ

وما المرء إلا حيثُ يجعلُ نفسه

ففي صالح الأعمالِ نفسك فاجعلِ

قال آخر:

أراك على الأيام والدهرِ عاتباً

وللدهرِ عذرٌ إنْ فليتَ له عذرا

وما الدهر بالجاني بشيءٍ تحبهُ

ولا جالبَ البلوى فلا تشتم الدهرا

ولكنْ متى ما يبعثِ اللهُ أمرهُ

على معشرٍ يقلبْ معاسرهم يسرا

قال حارثة بن بدر الغداني:

طربتَ بفاتور وما كدتَ تطربُ

سفاهاً وقد جربتَ فيمن يجربُ

وجربتَ ماذا العيش إلَاّ تعلّة

وما الدهرُ إلاّ منجنونٌ يقلبُ

وما اليومُ إلا مثلُ أمسِ الذي مضى

ومثلُ غدِ الجائي وكلٌّ سيذهبُ

قال عبد العزيز بن زرارة:

وما لبُّ اللبيب بغير حظ

بأغنى في المعيشة من فتيلِ

رأيت الحظ يستر كلَّ عيب

وهيهات الحظوظُ من العقولِ

قال رجل:

ومنْ صحب الأيامَ عاتب صاحباً

وصاحبَ عذالاً وأدبهُ الدهرُ

وإني لأستغني فيبسطني الغنى

ويقبضني عمنْ يقدمني العسرُ

قال أبو المنهال:

ليس امرءٌ فليكن ما كان أوله

وإنْ تخلقَ إلَاّ مثلَ ما خلقا

لبعض بني أسد:

فالبس قرينك إنْ أخلاقهُ فحشتْ

ولا تكنْ عند فحش طائشاً نزقا

لبستُ قومي على ما كانَ من خلق

ولا جديد لمنْ لا يلبس الخلقا

وإنَّ أشعر بيتٍ أنتَ قائله

بيتٌ يقال إذا أنشدته صدقا

وإنما الشعرُ لبُّ المرءِ يعرضه

على المجالس إنْ كيساً وإنْ حمقا

قال بعض بني أسد:

إني ليمنعني من ظلم ذي رحمٍ

لبٌّ أصيلٌ وحلمٌ غيرُ ذي وصمِ

إنْ لان لنتُ وإنْ دبتْ عقاربهُ

ملأتُ كفيه من صفح ومن كرمِ

قال المزرد:

وإني للباسٌ على المقتِ والقلى

بني العم منهم كاشحٌ وحسودُ

أذبُ وأرمي بالحصى من ورائهم

وأبدأ بالحسنى لهم وأعودُ

قال أبو هلال الحسن بن عبد الله العسكري في حماسته للخليل:

وأفضلُ قسم الله للمرءِ عقله

فليسَ من الخيراتِ شيءٌ يقاربهْ

ص: 30

إذا أكملَ الرحمنُ للمرءِ عقله

فقد كملتْ أخلاقهُ وضرائبهْ

يعيشُ الفتى بالعقلِ في الناسِ إنه

على العقل يجري علمه وتجاربهْ

ومن كان غلاباً بعقلٍ ونجدةٍ

فذو الجدِّ في أمرِ المعيشةِ غالبهْ

يزينُ الفتى في الناسِ صحةُ عقله

وإنْ كان محظوراً عليهِ مكاسبهْ

ويزري به في الناسِ قلةُ عقله

وإنْ كرمتْ أعراقُه ومناسبهْ

قال معن بن أوس:

لعمرك ما أهويتُ كفي لريبة

ولا حملتني نحو فاحشة رجلي

ولا قادني سمعي ولا بصري لها

ولا دلني رأيي عليها ولا عقلي

وأعلم أني لم تصبني مصيبةٌ

من الدهر إلا قد أصابتْ فتى قبلي

ولست بماشٍ ما حييتُ لمنظر

من الأمر لا يسعى إلى مثله مثلي

ولا موتراً نفسي على ذي قرابة

وأوثر ضيفي ما أقام على أهلي

قال مضرس بن ربعي الأسدي:

فلا تهلكنَّ النفسْ لوماً وحسرةً

على الشيء سداه لغيرك قادرهْ

ولا تيأسنْ من صالح أنْ تنالهُ

وإنْ كانَ نوشاً بين أيد تبادرهْ

وما فاتَ فاتركه إذا عزَّ واصطبر

على الدهر إنْ دارتْ عليك دوائرهْ

فإنك لا تعطي امرءاً حظّ غيره

ولا تعرف السبق الذي الغيثُ ما طرهْ

قال يحيى بن طالب:

يزهدني في كل حين صنيعه

إلى الناسِ ما جربتُ من قلةِ الشكرِ

إذا أنتَ لم تحسبْ لنفسك خالياً

أحاط بكَ المكروهُ من حيث لا تدري

قال ابن جذل الطعان:

ومولى دعاهُ البغيُ والبغيُ كاسمه

وللحينِ أسبابُ تضلّ عن الحزمِ

دعاني أشبُّ الحربَ بيني وبينه

فقلتُ له لا بلْ هلمَّ إلى السلمِ

وإياك والحرب الذي لا أديمها

صحيحٌ ولا تنفكَ تأتي على رغمِ

فإنْ نظفر الحرب الذي أنت منهم

وتنقلبوا ملأى الأكفَ من الغنمِ

ولا بد من قتلي لعلك منهم

وإلَاّ فجرحٌ لا يكن على العظمِ

فلما أتى خليتُ فضلَ ردائه

عليه فلم يرجع بحزم ولا عزمِ

وكان صريع الخيل أولَ وهلة

فبعداً له مختار جهل على علمِ

قال غيره:

إذا ما شئتَ سبكَ عند قومٍ

وإنْ كنت المهذب واللبابا

يهابك كلُّ ذي حسب ودينٍ

وأما في اللئام فلن تهابا

قال قيس بن الخطيم:

وإني لأغنى الناسِ عن متكلف

يرى الناس ضلالاً وليس بمهتدِ

وما المالُ والأخلاقُ لَاّ معارةٌ

فما استطعتَ من معروفها فتزودِ

متى ما تقدْ بالباطلِ الحقَّ يأبه

وإنْ قدتَ بالحقَّ الرواسيَ تنقدِ

إذا ما أتيتَ الأمرَ من غير بابهِ

ضللتَ وإنْ تدخلْ من الباب تهتدِ

قال الأصمعي:

ولم أرَ عقلاً تم إلاّ....

ولم أرَ علماً تمَّ إلا على أدبْ

ولم أرَ في الأشياء حين بلوتها

عدواً للبِ المرءِ أعدى من الغضبْ

ولم أرَ بين العسر واليسر خلطةً

ولم أرَ بين الحيّ والميت من نسبْ

قال حارثة بن بدر الغداني:

إذا الهمُّ أمسى وهو داءٌ فأمضه

ولست بمقضيه وأنتَ تعاذلهْ

ولا تنزلن أمر الشديدة بامرئٍ

إذا رامَ أمراً عوقته عواذلهْ

إذا ما قتلتَ الشيء علماً فقلْ به

وإياكَ والأمرَ الذي أنتَ جاهلهْ

وقلْ للفؤادِ إنْ نزابكَ نزوة

من الرّوعِ أفرخْ أكثرُ الروع باطلهْ

ولا تجعلنْ سراً إلى غير كاتمٍ

فتقعد إنْ أفشى عليك تجادلهْ

أرى المالَ أقباء الظلال فتارةً

يؤوبُ وأخرى يحبلُ المالَ حابلهُ

قال أعرابي:

ولما رأوا مالي تقاربَ سربه

رموني بسهمِ البغض من كل جانبِ

وهنتُ على من كنتُ أحسبُ أنني

كريمٌ عليه قبل نوب النوائب

قال الأصمعي:

صديقك حين تَسْتغني كثيرٌ

ومالكَ عند فَقْرك من صديقِ

فلا تغضبْ على أحدٍ إذا ما

طوى عنك الزيارةَ عند ضيقِ

قال الأقيشر:

ألا إنما الإنسانُ غمدٌ لقلبهِ

ولا خيْر في غمدٍ إذا لم يكن نصلُ

وإنْ تجمعُ الآفاتُ فالبخلُ سرها

وشرٌّ من البخلِ المواعيدُ والمطلُ

قال آخر:

ص: 31

وأبثثتُ عمراً بعض ما في جوانحي

وجرعته من مر ما أتجرعُ

ولا بد من شكوى إلى ذي حفيظة

إذا جعلتْ أسرارُ نفسي تطلعُ

قال أبو الأسود:

وما كلُّ ذي لب بمؤتيكَ نصحه

وما كلُّ موتٍ نصحه بلبيبِ

ولكن متى ما استجمعا عند صاحب

فحقَّ له من طاعة بنصيبِ

قال أبو الطمحان القيني:

بني إذا ما سامك الضيم قاهرٌ

عزيزٌ فبعضُ الذلَ أبقى وأغرزُ

ولا تحم من بعض الأمور تعززاً

فقد يورثُ الذل الطويل التعززُ

قال أبو عثمان المازني:

إذا أعجبتكَ خصالُ امرء

فكنه يكنْ منك ما يعجبكْ

وليس على الجودِ والمكرمات

حجابٌ إذا جئته تحجبكْ

هو المالُ إنْ أنتَ لم تحتربْ

أتاحَ لك الدهرُ ما يحربكْ

قال أبو هلال الأسدي:

ودعْ عنكَ مولى السوء والدهرُ إنه

ستكفيكهُ أيامه ونوائبهْ

ويلقى عدواً من سواك يردهُ

إليكَ فتلقاهُ وقد لانَ جانبهْ

قال ابن هرمة:

وموعظةُ الشفيق تكون داء

إذا خالفتَ موعظةَ الشفيقِ

دعوا الأمر الدقيقَ وزملوه

فتلقيحُ الجليل من الدقيقِ

قال آخر:

وإني وإنْ كانَتْ مراضَاً صُدورُكم

لملتمسِ ألبقيا سليمٌ لكم صدري

وإنَّ ابنَ عمّ المرءِ من شدَّ أزرهُ

وأصبح يحمي عيبه وهو لا يدري

وإنَّ الكريمَ من يكرمُ معسراً

على ما اعتراهُ لا يكرمُ ذا يسرِ

وما غيرتني مرةٌ عن تكرمي

ولا عابَ أضيافي غناي ولا فقرِ

قال أعرابي:

سأمنح مالي كلَّ من جاءَ طالباً

وأجعله وقفاً على القرضِ والفرضِ

فإما كريمٌ ضنتُ بالمالِ عرضه

وأما لئيمٌ صنتُ عن لؤمهِ عرضي

قال آخر:

يرى المرءُ أحياناً إذا قلَّ ماله

من الخير أبواباً فلا يستطيعها

وما إنْ به بخلٌ ولكنَّ ماله

يقصرُ عنها والبخيلُ يضيعُها

قال نهيك ابن أساف:

رأيتُ الناس نسبتهم سواءٌ

إذا ما يذكرُ النسبُ القديمُ

ولكنَّ المعائش فضلتهم

فذو المال المقربُ والكريمُ

قال الحسين بن مطير:

فنفسك ألزمْ عن أمور كثيرةٍ

فما لك نفسٌ بعدها تستعيرها

فلا الجود عن فقر الرجال ولا الغنى

ولكنه خيم الرجال وخيرها

وقد تخدع الدنيا، فيمسي غنيها

فقيراً ويغني بعد بؤسٍ فقيرها

وكم طامع في حاجةٍ لا ينالها

ومن آيسٍ منها أتاهُ بشيرها

قال ربيعة الرقي:

إذا المرء لم يطلبْ معاشاً لنفسه

شكا الفقرَ أو لامَ الصديقَ فأكثرا

وصار على الأدنين كلاً وأوشكتْ

حبالُ ذوي القربى بأنْ تتبترا

فسرْ في بلاد الله والتمس الغنى

تعشْ ذا يسار أو تموتَ فتعذرا

وما طالبُ الحاجات في كلّ وجهةٍ

من الناسِ إلَاّ من أجدَّ وشمرا

قال آخر:

إذا أعوزتَ في أرض فدعها

وحثَّ اليعملات على وجاها

ولا يغررك حظ أخيك منها

إذا صفرت يمينك من جداها

ونفسك فز بها إن خفت ضيماً

وخل الدارَ يحزنُ من بكاها

فإنك واجدٌ أرضاً بأرض

ولستَ بواجد نفساً سواها

قال حاتم الطائي:

وذلك إني لا أعادي سراتهم

ولا أنا عن ضراتهم أتنكفُ

وإني لأعطي سائلي ولربما

أكلفُ ما لا أستطيعُ فأكلفُ

قال عبد الله بن عروة:

يحب الفتى المال الكثير وإنما

لنفس الفتى مما يحوز نصيبُ

أرى المرء يبكيه الذي ماتَ قبله

وموت الذي يبكي عليه قريبُ

قال ابن مقبل:

فأخلفْ وأتلفْ إنما المالُ عارةٌ

فكله مع الدهرِ الذي هو آكلهْ

وأهونُ مفقودٍ وأيسرُ هالكٍ

على الحيَّ منْ لا يبلغُ الحيَّ نائلهْ

قال مسكين الدارمي:

وأقطعُ الخرقَ بالخرقاء لاهيةً

إذا الكواكبُ كانت في الدجى سرجا

ما أنزلَ الله بي أمراً فأكرههُ

إلَاّ سيجعلُ لي من بعده فرجا

قال الحضين بن المنذر الرقاشي:

إن المكارمَ ليس يدركها امرءٌ

ورثَ المكارم عن أب فأضاعها

ص: 32

أمرتهُ نفسٌ بالدناءة والخنا

ونهتهُ عن طلب العلا فأطاعها

وإذا أصابَ من الأمور كريمة

يبني الكريمُ بها المكارمِ باعها

قال غيره:

لعمرُ أبي البادي بهجري ملالةً

لئنْ صدَّ ما ضاقتْ عليَّ المذاهبُ

وما أنا بالباكي على ودّ صاحبٍ

إذا ما بداني بالقطيعة صاحبُ

إذا لم أصب إلا بمن قد رعيته

ولم يرعني هانتْ عليَّ المصائبُ

قال ابن هرمة:

وللنفس تاراتٌ تحلُّ بها العرى

وتسخو عن المالِ النفوشُ الشحائحُ

إذا المرء لم ينفعك حياً فنفعه

أقلُّ إذا رصت عليه الصفائحُ

لأية حالٍ يمنعُ المرءُ مالهُ

غداً فغداً والموتُ غاد ورائحُ

قال آخر:

في الشيبِ لي واعظٌ إنْ كنتُ متعظاً

وفي التجاربِ لي ناهٍ ومزدجر

من عاشَ أخلقت الأيامُ جدته

وخانهُ الثقتان السمعُ والبصر

قال آخر:

إذا لم يكنْ صدرُ المجلس سيدٌ

فلا خير فيمن صدرتهُ المجالس

وكم قائلٍ ما لي رأيتكَ راجلاً

فقلتُ له من أجلِ أنك فارس

قال آخر:

خليليَّ قد رضيتُ الزمانَ وراضني

على عدم طوراً وطوراً على وفرْ

فما ازدادَ إلا ازددتُ بذلاً لطالبٍ

ولا عضني إلَاّ عضضتُ على الصبرْ

لحاتم الطائي:

وإني لاستحيي صحابي إنْ يروا

مكانَ يدي من جانبِ الزاد أقرعا

أكفُّ يدي عن أنْ تنال أكفهم

إذا نحنُ أهوينا إلى حاجةٍ معا

أبيتُ خميص البطن مصطمر الحشا

حياءً أخافُ الذمَّ أنْ أتضلعا

وإنك إنْ أعطيتَ بطنكَ سؤلهُ

وفرجكَ نالا منتهى الذم أجمعا

قال آخر:

وما أبطرتنا نعمةٌ دامَ ظلها

علينا ولا قمنا من النكب ضلعا

وما يزدهينا الشرُّ حين يمسنا

ولا نكثر الشكوى إذا الأمر أضلعا

لابن هرمة:

وما نالَ مثلَ اليأس طالبُ حاجةٍ

إذا لم يكنْ فيها نجاحٌ لطالب

وإني لرماءٌ وراءَ عشيرتي

صبورٌ على قذف العدى والمصائب

لسحيم:

رأيتُ الحبيبَ لا يملُّ حديثه

ولا ينفعُ المشنوء أن يتودد

الفضل بن عبد الرحمن:

وعطفاً على المولى وإنْ كان بينه

وبينك في بعض الأمور معاتبُ

ومن ذا الذي يرجو الأباعد نفعه

إذا هو لم يصلح عليه الأقارب

لضرار بن عتبة:

أحبُّ الشيءَ ثم أصدَّ عنه

مخافةَ أنْ يكونَ به مقالُ

نحاذرُ أنْ يقالَ لنا فنخزى

ونعلمُ ما يسبُّ به الرجالُ

لآخر:

إذا أنتَ لم تبرحْ بظن وتقتضي

على الظن أردتك الظنونُ الحوادثُ

لآخر:

كفى حزناً إنَّ الغنى متعذرُ

عليَّ وإني بالمكارمَ مغرم

فواللهِ ما قرتُ في طلبِ العلى

ولكنني أسعى إليها فأخرم

قال المقنع الكندي:

وإذا رزقتَ من النوافل ثروة

فامنحْ عشيرتكَ الأدانيَ فضلها

وأستبقها لدفاع كل ملمة

وأرفق بناشئها وطاوعْ كهلها

وأحلمْ إذا جهلتْ عليك غواتها

حتى تردَّ بفضل حلمك جهلها

وأعلم بأنك لا تكون فتاهمُ

حتى ترى دمث الخلائق سهلها

لأعرابي:

إذا شئت قوماً فاجعل الجودَ بينهم

وبينك تأمنْ كلَّ ما تتحوفُ

فإنْ كشفتْ عنك الملماتُ عورةً

كفاكَ لباسُ الجودِ ما تتكشفُ

الأعور الشني:

وإني لا أضن على ابن عمي

بنصرٍ في الخطوبِ ولا نوالِ

وأكرم ما تكون عليَّ نفسي

إذا ما قلَّ في اللزبات مالي

وقد أصبحتُ لا أحتاجُ فيما

بلوتُ من الأمور إلى سؤالِ

وما التقصيرُ قد علمتْ معد

وأخلاقُ الدنية من خلالي

إذا ما المرءُ قصر ثم مرت

عليه الأربعون مع الرجالِ

ولم يلحق بصالحهم فدعهُ

فليس بلاحقٍ أخرى الليالي

قال الكميت بن زيد:

وما غبن الأقوامُ مثل عقولهم

ولا مثلها كسباً أفاد كسوبها

رأيتُ عذابَ الماء إنْ حيلَ دونها

كفاكَ لما لا بدَّ منه شروبها

إذا لم يكنْ إلا الأسنةُ مركبٌ

فلا رأي للمحمولِ إلا ركوبها

لابن هرمة:

ص: 33

إذا لم يكنْ عند المرءٍ لي معول

صفحتُ وعاتبتُ التي هي أجملُ

أخف بثقلي ما استطعتُ وإنما

أدل إذا ما كان لي متدللُ

قال الزبير بن عبد المطلب:

إذا كنتَ في حاجةٍ مرسلاً

فأرسل حكيماً ولا توصهِ

وإنْ باتَ أمرٌ عليكَ التوى

فشاور لبيباً ولا تعصهِ

ولا تنطق الدهر في مجلس

حديثاً إذا أنت لم تحصهِ

ونص الحديثَ إلى أهلهِ

فإنَّ الوثيقةَ في نصهِ

وإنْ ناصحٌ منك يوماً نأى

فلا تنأ عنه ولا تقصهِ

وكم من فتى عازب عقله

وقد تعجبُ العينُ من شخصه

وآخر تحسبه جاهلاً

ويأتيك بالأمرِ من فصه

لأخي الحارث بن حلزة:

هون الأمر تعش في راحةٍ

قلَّ ما هونت إلا سيهونُ

سائل الأيام عن أملاكها

أي درٍّ حلبت عنها اللبونُ

لا يكون العيش سهلاً كله

إنما العيش سهولٌ وحزونُ

والملماتُ فما أعجبها

للملماتِ ظهورٌ وبطونُ

ربما قرت عيون بشجيً

مرمضٍ قد سخنتْ عنه عيونُ

لآخر:

بلينا بدهر لم يرَ الناسُ مثله

سقانا على لؤم سمامَ الأساودِ

فمن حامد بالعرف ليس بواجدٍ

ومن واجد ما شاء ليس بحائد

ويروي لعبد الملك بن مروان:

أحسنت ظنك بالأيام إذا حسنتْ

ولم تخفْ سوءُ ما يأتي به القدرُ

وسالمتك الليالي فاغتررت بها

وحين تصفو الليالي يحدثُ الكدرُ

قال التوزي:

تنخلتُ آرائي وسقت نصيحتي

إلى غير طلق للنصيح ولا هش

فلما أبى نصحي سلكتُ سبيله

وأوسعته من قولِ زورٍ ومن غشِ

لرجل من ضبه:

يود الفتى تأتي المكارمُ....

إذا فعل المعروف زاد وتمما

وليس

حين تمَّ بناؤه

تتبعه بالنقص حتى تهدما

قال الأحنف بن قيس:

وذي صعر أمت القول منه

بحلم فا

على المقالِ

ومن يحلم وليس له سفيهٌ

يلاق المعضلات من الرجالِ

لغيره:

ترفعتُ عن شتم العشيرة إنني

رأيتُ أبي قد كفَّ عن شتمهم قبلي

حليم إذا ما الحلم كان جلاله

وأجهل أحياناً إذا التمسوا جهلي

لشبيب بن عقبة:

رعى الله دهراً أخرس العدل عذره

بشرخ شباب لم يشبْ صفوه كدرُ

أنال المنى فيه بغير ملامة

ولا لوم في شيء إذا وضح العذر

لأبي الغول الطهوي:

وإنا وجدنا الناسَ عودين طيبا

وعوداً خبيثاً لا يبض على الكسر

يزين الفتى أخلقه ويشينه

وتذكر أخلاق الفتى حيث لا يدري

قال عمرو بن المبارك:

لأشكرنك معروفاً هممتَ به

أن اهتمامك بالمعروف معروفُ

ولا ألومك إنْ لم يمضه قدرٌ

فالشيءُ بالقدر المصروف مصروفُ

قال عدي بن الرقاع:

الناسُ أشباهٌ وبين حلومهم

بونٌ كذاك تفاضلُ الأشياءِ

كالغيم منه وابلٌ متتابعٌ

وجودٌ وآخرُ ما يجودُ بماءِ

والمرءُ يحيى مجده أبناؤه

ويموتُ آخرُ وهو في الأحياءِ

لرجل من هذيل:

وبعضُ الأمر أصلحهُ ببعضٍ

وإنَّ الغثَّ يحمله السمينُ

ترى بين الرجالِ العينُ فضلاً

وفيما أضمروا الفضلُ المبينُ

كلونِ الماء مشتبهاً وليستْ

تخبرُ عن مذاقتهِ العيونُ

فلا تعجلْ بظنكَ قبلَ خبر

فعندَ الخبرِ تنقطعُ الظنونُ

قال حاتم:

وإني لعف الفقر مشترك الغنى

تروكٌ لشكلٍ لا يلائمه شكلي

وشكلي شكلٌ لا يقومُ لمثله

من الناس إلَاّ كلُّ ذي كرم مثلي

ولي نيقةٌ في الجود والبذل لم تكن

تأنقها ممن مضى أحدٌ قبلي

قال طفيل الغنوي:

إنَّ النساءَ كأشجار نبتنَ معاً

منها المرارُ وبعض المرِّ مأكولُ

إن النساء متى ينهينَ عن خلقٍ

فإنه واجبٌ لا بد مفعولُ

فما وعدنك من شر وفين به

وما وعدنَ من الخيراتِ تضليلُ

لحاتم:

ألا لا تلوماني على ما تقدما

كفى بصروف الدهر للمرء محكما

أهن بالذي يهوى البلاد فإنه

إذا متَّ كان المال نهباً مقسما

ص: 34

تحلم عن الأدنين واستبقِ ودهم

ولن تستطيع الحلم حتى تحلما

وعوراء قد أعرضتُ عنها فلم يضر

وذي أود قومته فتقوما

لكعب بن زهير:

لو كنتُ أعجبُ من شيء لأعجبني

سعيُ الفتى وهو مخبوءٌ له القدرُ

يسعى الفتى لأمورٍ يدركها

والنفسُ واحدة والهمُّ منتشرُ

والمرءُ ما عاش ممدودٌ له أملٌ

لا تنتهي العين حتى ينتهي الأثرُ

قال غيره:

اصبر على مضض الإدلاج في السحرِ

وفي الرواح على الحاجاتِ والبكرِ

لا تضجرنَّ ولا تدخلك معجزةٌ

فالنجحُ يهلك بين العجز والضجرِ

إني رأيت وفي الأيام تجربةٌ

للصبر عاقبةٌ محمودةٌ الأثرِ

وقلَّ من جدَّ في أمر يطالبه

واستصحب الصبر إلا فاز بالظفرِ

لكعب بن زهير:

أعلمُ أني متى ما نابني قدري

فليس يحبسه شحٌّ ولا شفقُ

بينا الفتى معجبٌ بالعيش مغتبطٌ

إذا الفتى بالمنايا مسلمٌ غلقُ

والمرءُ ذو المال ينمي ثم يذهبه

مر الدهور ويفنيه فينسحق

كذلك المرء إنْ ينسأ له أجلٌ

يركبْ به طبقٌ من بعده طبق

قال عبد الله بن جعفر بن أبي طالب:

لست أخشى خلة العدمِ

ما.... الله في كرم

كلما أنفقتُ يخلفه لي

ربي واسع النعم

قال حسان:

وإنَّ امرءاً أمسى وأصبح سالماً

من الناس إلا ما جنى لسعيدُ

وإنَّ امرءاً نالَ الغنى ثم لم ينلْ

قريباً ولا ذا حاجةٍ لزهيدُ

وإنَّ امرءاً عادى الرجال على الغنى

ولم يسأل الله الغنى لحسودُ

قال المتلمس:

من كان ذا عضد مدرك ظلامته

إن الذليل الذي ليست له عضدُ

ولا يفيم على ضيم يسامُ به

إلا الأذلان: عير الحي والوتدُ

هذا على الخسف مربوط برمته

وذا يشج فلا يرثى له أحد

قال النمر بن تولب:

فإن المنيةَ من يخشها

فسوف تصادقهُ أينما

وإنْ تتخطكَ أسبابها

فإنَّ قصاراك أنْ تهرما

فأحببت حبيبكَ حباً رويداً

فليس يعولكَ أن تصرما

وأبغض بغيضك بغضاً رويداً

إذا أنتَ حاولت أن تحكما

ولو أن من حتفه ناجياً

لألفيته الصدعَ الأعصما

لضابيء بن الحارث البرجمي:

وما عاجلاتُ الطير تدني من الفتى

رشاداً ولا عن ريثهن يخيب

ولا خير فيمن لا يوطن نفسه

على نائبات الدهر حين تنوب

وفي الشك تفريطٌ وفي الحزم قوةٌ

ويخطئ في الحدسِ الفتى ويصيب

لكعب بن سعد الغنوي:

ألم تعلمي ألا يراخي منيتي

قعودي ولا يدني الوفاة رحيلي

ومن لم ينل حتى يسد خلاله

يجد شهواتِ النفس غير قليلِ

وما أنا للشيء الذي ليس نافعي

ويغضب منه صاحبي بقؤولِ

لسويد بن الصامت:

ألا ربَّ من تدعو صديقاً ولو ترى

مقالته بالغيب ساءك ما يفري

مقالتهُ كالشهد ما كان شاهداً

وبالغيب مأثورٌ على ثغرة النحرِ

تبينُ لك العينان ما الصدر كاتمٌ

من الحقد والبغضاء بالنظر الشزرِ

فرشني بخير طالما قد بريتني

وخيرُ الموالي منْ يريشُ ولا يبري

لأحيحة بن الجلاح الأوسي:

فما يدري الفقيرُ متى غناهُ

ولا يدري الغني متى يعيلُ

ولا تدري وإنْ أزمعت أمراً

بأي الأرض يدركك المقيلُ

وما تدري وإنْ أضربت شولاً

أتلقحُ بعد ذلك أم تحيلُ

وما تدري وإنْ أنتجتَ سقباً

لغيركَ أو يكون لك الفصيلُ

لأعرابي:

إذا ضيعَ أولَ كلِّ أمرٍ

أبتْ أعجازهُ إلَاّ التواءُ

وإنْ سومتَ أمرك كل وغدٍ

ضعيفٍ كان أمركما سواءَ

وإنْ داويتَ ديناً بالتناسي

وبالليان أخطأتَ الدواءَ

للمتلمس:

عصاني فلم يلق الرشادَ وإنما

تبين من أمرِ الغوي عواقبهُ

فا لا تجللها يعالوك فوقها

وكيف توقي ظهر من أنت راكبهُ

قليتكَ فاقليني فلا وصل بيننا

كذلك من يستغن يستغن صاحبهُ

للأصمعي:

ولا تقطع أخاً لك عند ذنب

فإنّ الذنبَ يغفره الكريمُ

ص: 35

ولا تعجل على أحدٍ بظلم

فإنَّ الظلمَ مرتعه وخيمُ

وإنَّ الرفق فيما قيل يمنٌ

وإنَّ الخرقَ في الأشياء شومُ

ولا تفحش وإنْ ملئتَ غيظاً

على أحد فإنَّ الفحشَ لومُ

وخير الوصل ما داومتَ منه

وشر الوصل، وصلٌ لا يدومُ

وإنك إنْ جهدتَ فلن تلاقي

أخا ثقة

له أديمُ

لحميد بن ثور:

أرى بصري قد رابني بعد صحة

وحسبك داءً أن تصحَّ وتسلما

وأن يلبث العصران، يومٌ وليلةٌ

إذا طلبا أنْ يدركا ما تيمما

للمتوكل الليثي:

وكنتُ إذا الخليلُ أرادَ صرمي

قلبتُ لصرمه ظهر المجنِّ

ولست بآمنٍ أبداً خليلاً

على شيء إذا لم يأتمني

لغيره:

يد المعروف غنمٌ حيث كانت

تحملها كفورٌ أو شكورُ

فعند الشاكرين لها جزاءٌ

وعند اللهِ ما كفرَ الكفورُ

لآخر:

قالت تفيد ولم تستغن قلتُ لها

هل الغناءُ غير ما أنفقتُ محتسبا

وكم رأينا أخا دنياً يسير بها

لم تبق منه ومنها غير ما وهبا

للحارث بن نمر التنوخي:

وكلٌّ له فيما يروم ضريبة

وتفضيلُ ما بين الرجال الضرائبُ

وقد تقلبُ الأيام حالات أهلها

وتعدو على أسد الرجال الثعالبُ

لشبيب بن عقبة:

ولا يرد المنايا عن مواقعها

سد الحجاب ولا عزٌّ وأحراسُ

إنَّ الجديدَين في طول اختلافهما

لا ينقصان ولكن ينقص الناس

لا تهلك النفس إسرافاً على طمعٍ

إن المطامعَ فقرٌ والغنى الياسُ

لأعرابي:

إن الشبابَ وإنَّ الشيبَ دأبهما

أن ينقصاك بنقض أو بإمرارِ

لا يرحل الشيبُ من دار يحل بها

حتى ترحل عنها صاحبُ الدار

قال أبو الشعر موسى بن سحيم الضبي:

بينما الظل ظليلٌ مونقٌ

طلع الشمس عليه فاضمحل

وذهب المال كالظل انطوى

بعدما قد كان فيه مستظل

بينما الجد سعيدٌ مقبلٌ

إذ تمادى في عثار وزلل

وإذا المرءُ تولى جدهُ

ذاق ذل العيش ذو الجد المول

حرم الخير إذا ما رامه

وذا ما حاذر الشر نزل

لن ينال العذر قومٌ أجرموا

ثم قالوا سبق السيف العذل

قال صخر بن عمرو:

لعمري لقد نبهت من كان نائماً

وأسمعت من كانت له أذنانِ

أهم بأمر الحزم لو أستطيعه

وقد حيل بين العير والنزوان

ولا خير في عيش يكون كأنه

محلة يعسوب برأس سنان

لغيره:

ومن يحمد الدنيا لعيش يسره

فسوف لعمري عن قليل يلومها

إذا أدبرت كانت على المرء حسرةً

وإنْ أقبلتْ كانت كثيراً همومها

قال جرير:

وإني لعف الفقر مشترك الغنى

سريع إذا لم أرضَ داري انتقاليا

وليس لسيفي في العظام بقية

وللسيف أشوى وقعة من لسانيا

قال بلعاء بن قيس:

وإني لأقرى الهم حتى يضيفني

زماناً إذا ما الهم أعيت مصادره

وأبغي صواب الظن أعلم أنه

إذا طاش ظن المرء طاشت مقادره

وقد يكره الإنسان ما فيه رشدهُ

وتلقى على غير الصواب مراشده

قال الخطفي جد جرير:

عجبتُ لأزراء العيي بنفسه

وصمت الذي قد كان بالقول أعلما

وفي الصمت سترٌ للعيي وإنما

صحيفة لب المرء أن يتكلما

لغيره:

إذا ما رأيت المرءَ يقتاده الهوى

فقد ثكلته عند ذاك ثواكله

وقد أشمت الأعداء جهلاً بنفسه

وقد وجدتْ فيه مقالاً عواذله

ولن يزع النفس اللجوج عن الهوى

من الناس إلا فاضلُ العقل كامله

لأعرابي من بين أسد:

يقولون ثمر ما استطعتَ وإنما

لوارثه ما ثمر المالَ كاسبهْ

فكلهُ وأطعمهُ وخالسهُ وارثاً

شحيحاً ودهراً تعتريه نوائبهْ

قال الحارث بن كلدة:

من الناس من يغشى الأباعد نفعه

ويشقى به حتى الممات أقاربه

فإن بك خيرٌ فالبعيد يناله

وإنْ يك شر فابن عمك صاحبه

لحسان بن غدير:

لأي زمان يخبأ المرء نفسه

غداً فغداً والموت غادٍ ورائح

إذا المرء لم ينفعك حياً فنفعه

أقل إذا رصتْ عليه الصفائح

ص: 36

وللموت سوراتٌ بها تنقض القوى

وتسلو عن المالِ النفوسُ الشحائح

لبشر بن سليمان:

ولم أر مثل الخير يتركه امرؤٌ

ولا الشر يأتيه امرؤٌ وهو طائع

ولا كاتقاء الله خيراً بقية

وأحسن صوتاً حين يسمع سامع

ولا كالمنى لا ترجع الدهر طائلاً

لو أنَّ الفتى عنهنَّ بالحقِّ قانع

ولا كذهاب المرء في شأن غيره

ليشغله عن شأنه وهو ضائعُ

لشبيب بن البرصاء:

وللحق من مالي إذا هو ضافني

نصيبٌ وللنفس الشعاع نصيبُ

ولا خير فيمن لا يوطن نفسه

على نائبات الدهر حين تنوبُ

لآخر:

ومن يغترب يعرف مكان صديقه

ومن يغزُ لا يعدم بلاءً من الدهر

ولم أرَ ذا عسر يدوم ولا غنى

وليس الغنى إلا قريباً من الفقر

فإنْ يك عاراً ما أتيتُ فربما

أتى المرء يومُ السوء من حيث لا يدري

لذواد بن الرقراق:

وما الود إلا عند من هو أهله

ولا الشر إلا عند من هو حامله

وفي الدهر والتجريب للمرء زاجرٌ

وفي الموت شغلٌ للفتى هو شاغله

لعمران بن حطان:

يأسفُ المرء على ما فاته

من لباناتٍ إذا لم يقضها

ونراهُ فرحاً مستبشراً

بالتي أمضى كأنْ لم يمضها

عجباً من فرح النفس بها

بعدما قد خرجت من قبضها

إنها عندي وأحلامُ الكرى

لقريبٌ بعضها من بعضها

لغيره:

وإني لزوارٌ لمن لا يزروني

إذا لم يكن في وده بمريبِ

ومستقربٌ دار الحبيب وإن نأتْ

وما دار من أبغضته بقريبِ

قال القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني:

وما زلتُ منحازاً بعرضي جانباً

من الذل أعتد الصيانة مغنما

إذا قيل هذا مشربٌ قلت: قد أرى

ولكن نفس الحر تحتمل الظما

أنهنهها عن بعض ما لا يشينها

مخافة أقوالِ العدى فيم أولما

فأصبح من عتب اللئيم مسلماً

وقد رحت في نفس الكريم مكرما

يقولون لي فيك انقباضٌ وإنما

رأوا رجلاً عن موقف الذل أحجما

أرى الناس من داناهم هان عندهم

ومن أكرمتهُ عزة النفس أكرما

ولم أقض حقَّ العلم إن كان كلما

بدا طمعٌ صيرته لي سلما

ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي

لأخدمَ من لاقيتُ لكن لأخدما

أأشقى به غرساً وأجنيه ذلةً

إذاً فاتباع الجهل قد كان أحزما

ولو أن أهل العلم صانوه صانهم

ولو عظموه في النفوس لعظما

ولكن أهانوه فهانوا ودنسوا

محياه بالأطماع حتى تجهما

وإني إذا ما فاتني الأمر لم أبتْ

أقلبُ كفي أثره متندما

ولكنه إنْ جاء عفواً قبلته

وإنْ مال لم أتبعهُ هلا وليتما

وأقبض خطوي عن حظوظٍ كثيرة

إذا لم أنلها وافر العرض مكرما

وأكرم نفسي أن أضاحك عابساً

وأن أتلقى بالمديح مذمما

وكم طالب رقي بنعماه لم يصل

إليه وإنْ كان الرئيس المعظما

وما كل برقٍ لاح لي يستفزني

ولا كل من في الأرض أرضاه منعما

ولكن إذا ما اضطرني الأمرُ لم أزل

أقلب فكري منجداً ثم متهما

إلى أن أرى من لا أغص بذكره

إذا قلتُ قد أسدى إليَّ وأنعما

وكم نعمةٍ كانت على الحر نقمةً

وكم مغنمٍ يعتدهُ الحر مغرما

قال أبو تمام:

وإذا أرادَ الله نشر فضيلةٍ

طويتْ أتاح لها لسان حسودِ

لولا اشتعال النار فيما جاورتْ

ما كان يعرفُ طيب عرف العودِ

لولا التخوفُ للعواقب لم تزل

للحاسد النعمى على المحسودِ

وله أيضاً:

وطول مقام المرء في الحي مخلقٌ

لديباجتيه فاغترب تتجدد

فإني رأيت الشمس زيدت محبةً

إلى الناس أن ليست عليهم بسرمد

وله أيضاً:

لا تأخذني بالزمان فليس لي

تبعاً ولست على الزمان كفيلا

من زاحفَ الأيام ثم عبالها

غير القناعة لم يزل مفلولا

من كان مرعى عزمه وهمومه

مرعى الأماني لم يزل مهزولا

لو جار سلطانُ القنوع وحكمه

في الخلق ما كان القليلُ قليلا

ص: 37

الرزق لا تكمد عليه فإنه

يأتي ولم تبعثْ إليه رسولا

وله أيضاً:

ينال الفتى من عيشه وهو جاهلُ

ويكدي الفتى في دهره وهو عالمُ

ولو كانت الأقسامُ تجري على الحجا

هلكنَ إذن من جهلهنَّ البهائم

جزى الله كفاً ملؤها من سعادة

سرتْ في هلاكِ المال والمالُ نائمُ

فلم يجتمع شرقٌ وغربٌ لقاصدٍ

ولا المجدُ في كف امرئ والدراهم

ولم أرَ كالمعروف تدعى حقوقه

مغارم في الأقوام وهي مغانم

ولا كالعلى ما لم ير الشعرُ بينها

فكالأرض غفلاً ليس فيها معالم

وله أيضاً:

ذو الود مني وذو القربى بمنزلةٍ

وإخوتي أسوةٌ عندي وأخواني

عصابةٌ جاورت آدابهم أدبي

فهم وإنْ فرقوا في الأرض جيراني

أرواحنا في مكان واحد وغدتْ

أبداننا في شآم أو خراسانِ

ورب نائي المغاني روحه أبداً

لصيقُ روحي، ودانٍ ليس بالداني

وله أيضاً:

ما أبيض وجه المرء في طلب العلى

حتى تسود وجه في البيدِ

وصدقت إن الرزق يطلب أهله

لكن بحيلة متعب مكدودِ

وله أيضاً:

لا خيرَ في قربى بغير مودةٍ

ولربَّ منتفع بدوّ أباعدِ

وإذا القرابةُ أقبلتْ بمودة

فاشدد لها كف القبول بساعدِ

قال البحتري:

نهيتك عن تعرض عرض حرٍّ

فإن الذم من شأن الذميمِ

فما خرقُ السفيه وإنْ تعدى

بأبلغَ فيك من حقد الكريم

متى أحرجتَ ذا كرمٍ تخطى

إليك ببعض أخلاقِ اللئيم

قال المتنبي:

إذا صديق نكرتُ جانبهُ

لم تعيني في فراقه حيلُ

في سعةِ الخافقين مضطربٌ

وفي بلادٍ من أختها بدلُ

وله أيضاً:

إذا الفضل لم يرفعك عن شكر ناقصٍ

على هبةٍ فالفضلُ فيمن له الشكرُ

ومن ينفقِ الساعات في جمع مالهِ

مخافةَ فقر فالذي فعل الفقرُ

وإني رأيتُ الضر أحسنَ منظراً

وأهونَ من مرأى صغير له كبرُ

وله أيضاً:

وأتعبُ خلق الله من زاد همه

وقصر عما تشتهي النفس وجدهُ

فلا ينحللْ في المجد مالك كله

فينحلَّ مجدٌ كانَ بالمال عقدهُ

ودبرهُ تدبيراً لذي المجد كفه

إذا حاربَ الأعداء والمال زندهُ

فلا مجدَ في الدنيا لمن قل ماله

ولا مال في الدنيا لمن قل مجدهُ

للآخر:

وما طالب الحاجات ممن يرومها

من الناس إلا المستديمُ المصابرُ

وإن نالَ نجحاً فازَ بالصبر قدحه

وإلا فيأس وهو للنفس عاذرُ

قال أبو نواس:

وما طالبُ الحاجات ممن يرومها

من الناس إلا المصبحون على رجل

بأن مواعيد الكرام فربما

حملت من الألحاح سمحاً على البخلِ

وله أيضاً:

ومستعبدٍ إخوانه بثرائه

لبستُ له كبراً أبرَّ على الكبرِ

إذا ضمني يوماً وإياهُ محفلٌ

رأى جانبي وعراً يزيدُ على الوعرِ

وقد زادني تيهاً على الناس أنني

أراني أغناهم وإنْ كنتُ ذا فقرِ

فوالله لا.... إلى لساني لحاجةٍ

إلى أحدٍ حتى أغيب في القبرِ

فلا يطمعن في ذاك مني سوقةٌ

ولا ملكُ الدنيا المحجبُ في القصر

قال أبو الفتح البستي:

يا من يسامي العلى عفواً بلا تعبِ

هيهات نيلُ العلى عفواً بلا تعبِ

عليك بالجدِّ إني لم أجد أحداً

حوى نصيبَ العلى من غير ما نصبِ

وله أيضاً:

توق معاداة الرجال فإنها

مكدرة للصفو من كلِّ مشربِ

ولا تستثر حرباً وإنْ كنتَ واثقاً

بشدة ركنٍ أو بقوة منكبِ

فلن يشرب السمَّ الذعاف أخو جحىً

مدلاً بترياق لديه مجربِ

وله أيضاً:

إذا فطمتَ امرءاً عن عادةٍ قدمتْ

فاجعل له يا عقيد الفضل تدريجا

ولا تعنف إذا قومتَ ذا عوج

فربما أعقبَ التقويمُ تعويجا

وله أيضاً:

يا آمري باقتناء المال مجتهداً

كيما أعيشَ لمالي في غد رغدا

هبني بجهدي قد أصلحت أمر غدٍ

فمن ضميني بتحصيلِ الحياة غدا

وله أيضاً:

إذا أحببتَ أن تحيا

مصونَ الجاه والقدر

ص: 38

وأن تسلم بين الناس

من غدرٍ ومن مكر

فلا تحرص على وفرٍ

ولا تطمع إلى صدرِ

واكثر قول لا أدري

وإنْ كنت امرءاً تدري

أيضاً له:

العلم أنفس علقٍ أنت ذاخره

من يدرس العلم لم تدرس مفاخرهُ

فاجهد لتعلم ما أصبحتَ تجهله

فأول العلم إقبالٌ وآخرهُ

أيضاً له:

إذا خدمت الملوك فالبسْ

من التوقي أعز ملبسْ

وادخل عليهم وأنت أعمى

واخرج إذا ما خرجتَ أخرسْ

أيضاً له:

احذر صديقك إنْ تغير إنه

ضرٌّ يصيبُ الحر حين يعارض

كالخمر يمنع ذوقها ونسيمها

فإذا استحالتْ فهي خلٌّ حامض

وله أيضاً:

تقنع بالكفاية فهي أولى

بوجه الحر من ذل القنوع

وضنَّ بماء وجهك لا ترقه

ولا تبذله للنذلِ المنوع

فأهون من سؤال الحر بذلاً

مماتُ الحر من جوعٍ ونوع

وله أيضاً:

لا تحرمنَّ كريماً ما استطعتَ ولا

تقر النجاح لئيماً طبعه طبعُ

إن الكرام إذا ما مسهم سغبٌ

صالوا صيال لئام الناسِ إنْ شبعوا

وله أيضاً:

إذا خدم السلطانَ قومٌ ليشرفوا

به وينالوا كل ما يتشوفوا

خدمت آلهي واعتصمتُ بحبله

ليعصمني من شر ما أتخوفُ

ويكرمني بالعلم والحلم والتقى

ويؤتيني ما ليس يفني ويتلفُ

فخدمة من يعطي السلاطين ملكهم

وينزعه عنهم أجل وأشرفُ

وله أيضاً:

إنْ كنتَ تطلبُ رتبة الأشرافِ

فعليك بالإحسانِ والإنصافِ

وإذا اعتدى خل عليك فخله

والدهر فهو له مكافٍ كافِ

وله أيضاً:

نصحتك لا تصحب سوى كل فاضلٍ

خليق السجايا بالتعففِ والظرف

ولا تعتمد غيرَ الكرام فواحدٌ

من الناسِ إنْ حصلتَ خيرٌ من الألف

واشفقْ على هذا الزمان ومره

فإن زمانَ المرء أضلعُ من خلف

وله أيضاً:

وإذا سموتَ إلى المعالي فاخترط

عزماً كما عزم الرجالُ البزلُ

إن كنتَ ترضى بالدنية منزلاً

فالأرض حيث حللتها لك منزلُ

وله أيضاً:

من شاء عيشاً رخياً يستفيد به

في دينه ثم في دنياه إقبالا

فلينظرنّ إلى من فوقه أدباً

ولينظرنَّ إلى من تحته حالا

وله أيضاً:

سل الله عقلاً نافعاً واستعذ به

من الجهل تسأل خير معطي لسائلِ

فبالعقل تستوفي الفضائل كلها

كما الجهل مستوفٍ جميع الرذائلِ

وله أيضاً:

فشرطُ الفلاحة غرسُ النباتِ

وشرطُ الرئاسة غرسُ الرجال

فإنْ لم تعاشر سوى كامل

بقيتَ وحيداً لعزِّ الكمال

وله أيضاً:

لا تحقر المرءَ إنْ رأيتَ له

دمامةً أو رثاثةَ الحلَل

فالنحل شيءٌ على ضؤولته

يشتارُ منه الفتى جنى العسل

وله أيضاً:

إذا شئتَ أنْ تلقى عدوك راغماً

فتحرِقه حزناً وتقتله غما

فسام العلى وازدد من الفضل إنه

من ازداد فضلاً زاد حسادهُ هما

وله أيضاً:

دعوني ورسمي في العفاف فإنني

جعلت عفافي في حياتي ديدني

وأعظم من قطع اليدين على الفتى

ضيعةُ بر نالها من يديْ دني

لغيره:

أمت مطامعي وأرحتُ نفسي

لأن النفس ما طمعتْ تهونُ

وأحييتُ القنوعَ وكان ميتاً

وفي إحيائه عرضي مصونُ

إذا طمعٌ أحل بقلب عبدٍ

علتهُ مذلةٌ وعلاه هونُ

قال أبو فراس:

غيري يغيره الفعالُ الجافي

وتحولُ عن شيم الكريم الوافي

لا أرتضي وداً إذا هو لم يدمْ

عند الجفاء وقلة الإنصافِ

تعسَ الحريصُ وقلَّ ما يأتي به

عوضاً من الإلحاحِ والإلحافِ

إن الغني هو الغني بنفسه

ولو أنه عاري المناكب حافِ

ما كل ما فوق البسيطة كافياً

فإذا قنعتَ فكلُّ شيءٍ كافِ

وتعاف لي طمعَ الحريص فتوتي

ومروتي وقناعتي وعفافي

وله أيضاً:

ما كنتُ مذ كنتُ إلا طوعَ خلاني

ليستْ مؤاخذة الأحبابِ من شأني

إذا خليلي لم تكثر إساءته

فأين موضعُ إحساني وغفراني

ص: 39

يجني عليَّ وأحنو صافحاً أبداً

لا شيء أحسنُ من حانٍ على جاني

وله أيضاً:

انفق من الصبر الجميل فإنه

لم يخش فقراً منفقٌ من صبرهِ

واحلم وإنْ سفه الجليسُ وقل له

حسنُ المقال وإن أتاك بهجرهِ

والمرءُ ليس ببالغ في أرضه

كالصقر ليس بصائدٍ في وكرهِ

وله أيضاً:

يقولون لا تخرق بحلمكَ هيبةً

وأحسن شيءٍ

الحلمُ

فلا تتركنَّ اللمَ عن كل مذنب

فما العفو مذموماً وإنْ عظم الجزمُ

وله أيضاً:

إذا مررت بوادٍ جاشَ غاربهُ

فاعقل قلوصك وانزل ذاك وادينا

وإنْ عبرت بوادٍ لا يطيفُ به

أهلُ السفاهة فاجلس ذاك نادينا

ويصبح الصيف أولانا بمنزلنا

نرضى بذاك ويمضي حكمهُ فينا

وله أيضاً:

وعادوا سامعين لنا فعدنا

إلى المعهود من شرفِ الفعال

ونحن متى رضينا بعد سخط

أسونا ما جرحنا بالنوال

قال السري الرفاء:

أعاذلَ إن النائبات بمرصدِ

وإن سرور المرء غير مخلد

إذا ما مضى يومٌ من العيش صالح

فصله بيومٍ صالحِ العيش مرغد

للقاضي ابن معروف:

حذرْ عدوك مرةً

واحذرِ صديقك ألف مرة

فلربما انقلب الصديق

فكان أعرفَ بالمضرة

لأبي محمد بن المنجم:

إذا لم تنل همم الأكرم

ين وسعيهم وادعاً فاغترب

فكم دعةٍ أتعبتْ أهلها

وكم راحةٍ نتجتْ من تعب

لأبي الفرج بن هندو:

لا يوحشنك من مجدٍ تباعده

فإن للمجد تدريجاً وترتيبا

إن القناة التي شاهدت رفعتها

تنمي فتصعد أنبوباً فأنبوبا

للصاحب بن عباد:

إذا أدناك سلطانٌ فزده

من التعظيم واصحبهُ وارقبْ

فلما السلطانُ إلا البحرُ عظماً

وقربُ البحر محذورُ العواقبْ

لأبي النصر الأبيوردي:

سر الفتى من ذمه إن فشا

فأوله حفظاً وكتمانا

واحتط على السر بإخفائه

فإن للحيطانِ آذانا

لأبي بكر الخوارزمي:

لا تصحب الكسلانَ في حاجاته

كم صالح لفساد آخر يفسد

عدوى البليد إلى البليد سريعةٌ

والجمر يوضع في الرماد فيخمدُ

لأبي الفتح البستي:

لا تحقرن أخاً وإن أبصرته

لك جافياً ولما تحب منافيا

فالغصن يذبل ثم يصبح ناضراً

والماء يكدر ثم يرجعُ صافيا

وله أيضاً:

عليك بإظهار التجلد للعدى

ولا يظهرنْ منك الذبول فتحقرا

ألست ترى الريحان يشتم ناضراً

ويطرح في الميضا إذا ما تغيرا

وله أيضاً:

ذكر أخاك إذا تناسى واجباً

أو عن في آرائه تقصيرُ

فالرأي يصدأ كالحسام لعارضٍ

يطرأ عليه وصقله التذكيرُ

وله أيضاً:

توقَّ الخلاف أن سمحتًَ بموعدٍ

لتسلم من هجو الورى وتعافى

فلو أثمر الصفصاف من بعد نوره

وإيراقه ما لقبوه خلافا

وله أيضاً:

إذا ما اصطفيتَ امرءاً فليكنْ

شريف النجار زكي الحسب

فنذلُ الرجال كنذلِ النبا

تِ فلا للثمار ولا للحطب

وله أيضاً:

لا يتسخفن الفتى بعدوه

أبداً وإنْ كان العدو ضئيلا

إنَّ القذى يؤذي العيونَ قليله

ولربما جرحَ البعوضُ الفيلا

لأبي سليمان أحمد الحطابي:

ما دمت حياً فدارِ الناس كلهم

فإنما أنت في دارِ المداراةِ

من يدر دارى ومن لم يدر سوف يرى

عما قليلٍ نديماً للنداماتِ

للقاضي التنوخي:

خذِ الفلس من كفَ اللئيم فإنه

أعز عليه من حشاشة نفسه

ولا ما عشت من كل سفلة

فليس له قدرٌ بمقدار فلسه

فعارضه بقوله:

صنِ النفس عن ذل السؤالِ ونحسه

فأحسنُ أحوالِ الفتى صونُ نفسهِ

ولا تتعرض للئيم فإنه

أذل لديه الحرُّ من شطر فلسه

قال أبو الفضل:

لا تمنع الفضل من مالٍ حبيتَ به

فالبذلُ ينميه بعد الأجر يدخر

فالكرمُ يؤخذ من أطرافه طمعاً

في أن يضاعف منه الأكلُ والثمرُ

وله أيضاً:

دع الحرص واقنع بالكفافِ من الغنى

فرزق الفتى ما عاش عند معيشته

ص: 40

وقد يهلك الإنسان كثرة ماله

كما يذبح الطاووس من أجل ريشه

وله أيضاً:

عمر الفتى ذكره لا طولُ مدتهِ

وموته خزيه لا موته الداني

فأحي ذكرك بالإحسان توزعه

تجمع به لك في الدنيا حياتانِ

قال أبو النصر:

تجنب شرار الناس واصحب خيارهم

لتحذوهم في جل أفعالهم حذوا

فإنَّ لأخلاق الرجال وفعلهم

إلى غيرهم عدوى يوافيهم عدوا

قال البحتري:

قنعت وجانبتُ المطامعَ لابساً

لباسَ محب للتزاهد مؤثر

وآنسني علمي بأنْ لا تقدمي

مفيدي ولا مزرٍ بحظٍ تأخري

ولو فاتني المقدورُ مما أرومه

بسعيٍ لأدركتُ الذي لم يقدر

وله أيضاً:

خفض عليكَ من الهموم فإنما

يحظى براحة دهرهِ من خفضا

وارفضْ دنياتِ المطامع إنها

شينٌ يعر وحقها أن ترفضا

والحمد أنفس ما تعوضه امرؤ

رزيء التلادِ إذا المرزأ أعوضا

قال أبو الطيب المتنبي:

أبني أبينا نحن آل منازلٍ

أبداً غرابُ البين فينا ينعقُ

نبكي على الدنيا وما من معشرٍ

جمعتهم الدنيا فلم يتفرقوا

أين الأكاسرةُ الجبابرةُ الألى

كنزوا الكنوز فما اليقين ولا بقوا

من كلِّ من ضاقَ الفضاءُ بجيشه

حتى ثوى فحواه لحد ضيق

فالموت آتٍ والنفوسُ نفائس

والمستغر بما لديه الأحمق

والمرءُ يأمل والحياة شهيةً

والشيب أوقر والشبيبة أنزق

ولقد بكيتُ على الشبابِ ولمتي

مسودةٌ ولما وجهي رونق

حذراً عليه قبل يوم فراقه

حتى لكدتُ بماء جفني أشرق

وله أيضاً:

فذي الدارُ أخونُ من مومسٍ

وأخدعُ كفة الحابل

تفانى الرجالُ على حبها

وما يحصلونَ على طائل

وله أيضاً:

أين الذي الهرمان من بنيانه

ما قومهُ، ما يومه، ما المصرعُ

تتخلفُ الآثارُ عن أصحابها

حيناً، ويدركها الفناءُ فتتبعُ

قال أبو نواس:

سلكنا من الدنيا بكل طريق

فيومان يوماً فسحة ومضيقِ

إذا امتحنَ الدنيا لبيبٌ تكشفتْ

له عن عدوٍ في ثيابِ صديقِ

قال أبو الفتح البستي:

كلُّ صعودٍ إلى هبوط

كل نفاق إلى كسادِ

كيف يرجى صلاحُ حال

في عالم الكونِ والفسادِ

وله أيضاً:

يا من تبجح بالدنيا وزخرفها

كنْ من صروف لياليها على حذر

ولا يغرنك عيشٌ إن صفا وعفا

فالمرء من غرر الأيام في غرر

إنَّ الزمانَ كما جربت خلقته

مقسم الأمر بين الصفو والكدر

قال أبو نواس:

لعمرك ما الأبصارُ تنفعُ أهلها

إذا لم يكن للمبصرين بصائر

وهل ينفع الخطي غير مثقفٍ

ويظهر إلَاّ بالصقال الجواهر

وكيف ينالُ المجدُ والجسم وادعٌ

وكيف يحاز الحمدُ والوفر وافر

وله أيضاً:

إذا لم يعنك الله فيما يريده

فليس لمخلوقٍ إليه سبيل

وإنْ هو لم يرشدك في كلّ مسلكٍ

هلكتَ ولو أنَّ السماك دليل

قال أبو محمد الخوارزمي:

عجبتُ من معجب بصورته

وكانَ من قبلُ نطفة مذرهْ

وفي غدٍ بعد حسن صورته

يصير في الأرض جيفة قذرهْ

وهو على عجبه ونخوتهِ

ما بين ثوبيه يحملُ العذرهْ

لذي الكفايتين:

دخل الدنيا أناسٌ قبلنا

رحلوا عنها وخلوها لنا

ونزلناها كما قد نزلوا

ونخليها لقومٍ بعدنا

لغيره:

يستوجبُ العفو الفتى إذا اعترف

بما جناهُ وانتهى عما اقترف

لقوله: قل للذين كفروا أن ينتهوا

يغفرْ لهم ما قد سلف

لأبي الفتح البستي:

إذا غدا ملكٌ باللهو مشتغلاً

فأحكم على ملكه بالويلِ والحربِ

أما ترى الشمس في الميزانِ هابطةً

لما غدا برجُ نجم اللهو والطربِ

لأبي أحمد الكاتب:

أحسنْ إذا أحسنَ الزمانُ

وصح منهُ لكَ الضمانُ

بادر بإحسانك الليالي

فليس من غدرها أمانُ

قال المتنبي:

وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً

وآفتهُ من الفهم السقيمِ

ولكن تأخذُ الآذانُ منه

على قدر القرائحِ والعلومِ

ص: 41

وله أيضاً:

ذو العقل يشقى في النعيم بعقلهِ

وأخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ

يؤذي القليلُ من اللئام بطبعه

من لا يقل كما يقل ويلؤمُ

والظلمُ من خلقِ النفوس فإن تجد

ذا عفة فلعله لا يظلمِ

ومن البليلة عذلُ من لا يرعوي

عن جهله وخضابُ من لا يفهمُ

ومن العداوة ما ينالك نفعه

ومن الصداقة ما يضر ويؤلم

أفعالُ من تلدُ الكرام كريمة

وفعالُ من تلدُ الأعاجم أعجمُ

والهم يخترمُ الجسيم نحافةً

ويشيبُ ناصيةَ الصبيِّ ويهرمُ

قال أيضاً:

وما منزلُ اللذات عندي بمنزل

إذا لم أبجلْ عنده وأكرمِ

واحلمُ عن خلي وأعلم أنه

متى أجزه حلماً على الجهل يندمِ

وإنْ بذل الإنسانُ لي جودَ عابس

جزيتُ بجودِ التارك المتبسمِ

وما كل هاوٍ للجميل بفاعلٍ

ولا كل فعال له بمتممِ

وأحسن وجه في الورى وجه محسن

وأيمنُ كف فيهم كف منعمِ

وله أيضاً:

وأتعبُ خلق الله من زاد همهُ

وقصر عما تشتهي النفس وجده

وله أيضاً:

ما كل ما يتمنى المرءُ يدركهُ

تجري الرياحُ بما لا تشتهي السفنُ

فما يدومُ سرورٌ ما سررتَ به

ولا يردُّ عليكَ الفائتَ الحزنُ

إني أصاحبُ حلمي وهو بي كرمٌ

ولا أصاحبُ حلمي وهو بي جبنُ

ولا أقيمُ على مالٍ أذل بهِ

ولا ألذُّ بما عرضي به درنُ

وله أيضاً:

وللسر مني موضعٌ لا يناله

نديمٌ ولا يفضي إليه شرابُ

أعز مكانٍ في الدنا سرجُ سابحٍ

وخيرُ جليسٍ في الزمانِ كتابُ

وله أيضاً:

وإنَّ الجرحَ ينفرُ بعد حينٍ

إذا كانَ البناءُ على فسادِ

وإنَّ الماءَ يجري من جمادٍ

وإنَّ النارَ تخرجُ من زنادِ

وله أيضاً:

وسركم في الحشا ميتٌ

إذا أنشرَ السرُّ لا ينشرُ

وإفشاءُ ما أنا مستودعٌ

من الغدر والحرُّ لا يغدرُ

إذا ما قدرتُ على نطقةٍ

فإني على تركها أقدرُ

وله أيضاً:

من يهن يسهلِ الهوانُ عليه

ما لجرحٍ بميتٍ إيلامُ

واحتمالُ الأذى ورؤيةُ جانيه

غذاءٌ تضوى به الأجسامُ

وله أيضاً:

إذا الجود لم يرزق خلاصاً من الأذى

فلا الحمدُ مكسوباً ولا المالُ باقيا

وله أيضاً:

إذا أنت أكرمتَ الكريمَ ملكتهُ

وإنْ أنتَ أكرمتَ اللئيم تمردا

ووضع الندى في موضع السيف بالعلى

مضرٌ كوضعِ السيف في موضع الندى

ومن يجعل الضرغام للصيد بازه

تصيدهُ الضرغامُ فيما تصيدا

وله أيضاً:

وما الخيلُ إلا كالصديق قليلةٌ

وإنْ كثرتْ في عين من لا يجربُ

إذا لم تشاهدْ غيرَ حسنِ شياتها

وأعضائها، فالحسنُ عنك مغيبُ

وكل امرئٍ يولي الجميل محببٌ

وكلُّ مكانٍ ينبتُ العز طيبُ

وله أيضاً:

وكل طريقٍ أتاهُ الفتى

على قدرِ الرجل فيه الخطى

ومن جهلتْ نفسه قدره

يرى غيره منه ما لا يرى

وله أيضاً:

وإذا ما خلا الجبانُ بأرضٍ

طلبَ الطعنَ وحدهُ والنزالا

وله أيضاً:

لولا المشقة سادَ الناس كلهم

الجود يفقر والأقدامُ قتالُ

إنا لفي زمنٍ تركُ القبيحِ به

من أكثرِ الناس إحسان وإجمالُ

وله أيضاً:

ذريني أنلْ ما لا ينالُ من العلى

فصعبُ العلى في الصعبِ والسهلُ في السهلِ

تريدينَ لقيانَ المعالي رخيصةً

ولا بد دون الشهد من إبر النحلِ

وله أيضاً:

وفي الأحباب مختص بوجدٍ

وآخرُ يدعي معه اشتراكا

إذا اشتبهتْ دموعٌ في خدودٍ

تبينَ من بكى ممن تباكى

وله أيضاً:

ما كل من طلب المعالي نافذاً فيها

ولا كل الرجال فحولا

وله أيضاً:

وإذا الحلمُ لم يكنْ في طباعٍ

لم يحلمْ تقدمُ الميلادِ

وإذا كانَ في الأنابيبِ خلفٌ

وقع الطيشُ في صدور الصعاد

وله أيضاً:

وخلِّ زياً لمن يحققهُ

ما كلُّ دامٍ جبينه عابد

والأمر لله رب مجتهدٍ

ما خابَ إلا لأنه جاهد

وله:

ص: 42