الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: دراسة لنموذجين كتبا في عهد الصحابة رضي الله عنهم وشواهدهما
…
الفصل الثاني: دراسة لنموذجين كتبا في عهد الصحابة رضي الله عنه وشواهدهما
أولا: صحيفة همام بن منبه عن أبي هريرة رضى الله عنه:
وهي عن أبي هريرة كما ذكرنا، وتمتاز بأنها رويت بكاملها في مخطوطات مستقلة كما ذكرنا.
وتحتوي على مائة وتسعة وثلاثين حديثاً.
وهذا العدد يتضاعف إذا نظرنا إلى متابعاتها وشواهدها، وقد أحصيت الأطراف التي ذكرت في تحقيق هذه الصحيفة، فوجدتها قد بلغت أكثر من سبعمائة حديث، وأكثرها متابعات وليست شواهد؛ لأن أحاديث الصحيفة لم تكن في حاجة إلى شواهد تلتمس أثناء التحقيق لصحتها، وكذلك لوجود متابعات كثيرة لمعظمها إن لم تكن كلها (1) .
فمثلا حديث: "طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه فليغسله سبع مرات"(2) .
(1) صحيفة همام: (ص: 703 - 724) .
(2)
المصدر السابق: (ص 126 رقم 36) .
فهذا الحديث رواه غير همام عن أبي هريرة؛ فرواه: أبو رزين وأبو صالح والأعرج ومحمد بن سيرين، وثابت بن عياض، وعبد الرحمن بن أبي عمرة، وعبيد بن حنيز، وسليمان بن ذكوان، جميعاً عن أبي هريرة (1) .
هذه المتابعات ينبغي أن تنضم إلى حديث الصحيفة لنقول: إنها كلها مكتوبة عن أبي هريرة، وهي أحاديث كثيرة عن أهل الحديث على الرغم من أنَّ متنها واحد، وهكذا جلُّ أحاديث الصحيفة، تكثر متابعاتها.
وقبل أن نتطرق إلى شواهد الصحيفة التي تضمها إلى ما كتب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأقل في عهد الصحابة - قبل ذلك ينبغي أن ننوه بأن الصحيفة، وقد كثرت أحاديثها - كثرت موضوعاتها بحيث تشمل عدداً كثيراً من الأبواب في العقيدة والفقه والآداب.
وموضوعاتها بالتفصيل: في الإيمان، والطهارة، والصلاة، والصيام والزكاة، والصدقة، والحج، والمعاملات، والنكاح، والأيمان والنذور، والجهاد والسير، واللباس والزينة، والأدب، والرؤيا، والإمارة، والطب، ودلائل النبوة والمناقب، والأنبياء والأمم السابقة، وعلامات الساعة، والبعث، والجنة والنار وأهلهما (2) .
ولا شك في أن هذه الموضوعات الكثيرة إذا كثرت متابعاتها وشواهدها تكثر أحاديثها.
(1) المحصل في ترتيب مسند أحمد: (1/213 – 215) .
(2)
انظر الفهرس الموضوعي لصحيفة همام: (ص 737 – 757) .
من شواهد الصحيفة:
في الصحيفة حديث: إذا استيقظ أحدكم فلا يضع يده على الوضوء حتى يغسلها؛ إنه لا يدري أحدكم أين باتت يده (1) .
متابعاته كثيرة كما بينَّا في تخريج الصحيفة؛ رواه أبو رزين وأبو صالح وأبو سلمة وابن المسيب وأبو الزبير عن جابر، والأعرج وابن سيرين والعلاء بن عبد الرحمن وثابت مولى عبد الرحمن بن زيد وأبو مريم جميعًا عن أبي هريرة.
أما الشواهد:
1-
عن جابر رضى الله عنه:
عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قام أحدكم من النوم فأراد أن يتوضأ فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها، فإنه لا يدري أين باتت يده، ولا على ما وضعها؟ "(2)
قال الدارقطني: إسناد حسن.
2-
عن ابن عمر رضى الله عنه:
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات؛ فإنه لا يدري: أين باتت يده منه، أو أين طافت يده؟ "(3)
(1) صحيفة همام – ص: (287) رقم الحديث (70) .
(2)
قط: (1/49) .
(3)
المصدر السابق (1/50) .
فقال له رجل: أرأيت إن كان حوضاً، فحصبه ابن عمر، وقال: أخبرك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: أرأيت إن كان حوضًا.
قال الدارقطني: إسناد حسن.
حديث: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيفرح أحدكم براحلته إذا ضلت منه، ثم وجدها؟
قالوا: نعم يا رسول الله.
قال: والذي نفسُ محمد بيده، لَلَّه أشد فرحاً بتوبة عبده إذا تاب من أحدكم براحلته إذا وجدها (1) .
1-
عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه:
عن الحارث بن سويد قال: دخلت على عبد الله أعوده، وهو مريض فحدثنا بحديثين، حديثا عن نفسه وحديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لَلَّّّه أشد فرحًا بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرض دَوِّيّة مَهْلَكة معه راحلته، عليها طعامه وشرابه، فنام فاستيقظ وقد ذهبت، فطلبها حتى أدركه العطش، ثم قال: أرجعُ إلى مكاني الذي كنت فيه، فأنام حتى أموت، فالله أشدُّ فرحًا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده"(2) .
(1) صحيفة همام: ص (348) رقم الحديث (80) .
(2)
م: (4/2103)(49) كتاب التوبة (1) باب الحض على التوبة والفرح بها رقم (3/2744) .
وانظر البخاري (4/154)(80) كتاب الدعوات (4) باب التوبة – رقم (6308) .
2-
النعمان بن بشير رضي الله عنهما:
خطب النعمان بن بشير فقال: "لله أشد فرحًا بتوبة عبده من رجل حمل زاده ومزاده على بعير، ثم سار حتى كان بفلاة من الأرض، فأدركته القائلة، فنزل فقال تحت شجرة، فغلبته عينه، وانْسَلَّ بعيره، فاستيقظ فسعى شرفاً فلم ير شيئاً، ثم شرفاً ثانياً فلم ير شيئاً، ثم سعى شرفاً ثالثاً فلم ير شيئاً، فأقبل حتى مكانه الذي قال فيه، فبينما هو قاعد إذ جاءه بعيره يمشي، حتى وضع خطامه في يده، فَللَّه أشد فرحًا بتوبة العبد من هذا حين وجد بعيره على حاله"(1) .
3-
البراء بن عازب رضى الله عنه:
عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف تقولون بفرح رجل انفلتت منه راحلته تجرُّ زمامها بأرضٍ قفرٍ، ليس بها طعام ولاشراب، وعليها له طعام وشراب، فطلبها حتى شقَّ عليه، ثم مرت بجذل شجرة فتعلَّق زمامها، فوجدها متعلِّقة به. قلنا: شديدًا يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما والله، لَلّه أشد فرحًا بتوبة عبده من الرجل براحلته"(2) .
4-
أنس بن مالك رضى الله عنه:
عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَلّه أشد فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه
(1) م: (4/2103 – 2104) رقم: (7/2747) .
(2)
المصدر السابق (4/2104) في الكتاب والباب السابقين – رقم: (6/2746) .
وشرابه، فأَيِسَ منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته، فبينا هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح" (1) .
فهذا حديث صدر من رسول الله صلى الله عليه وسلم حمله خمسة من الصحابة رضوان الله عليهم، وكتب في عهدهم من طريق تلميذ لأبي هريرة رضى الله عنه.
ألا تنسحب الكتابة على أحاديث الباقين رضوان الله عليهم؟
حديث: لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال فيفيض، حتى يُهِمَّ ربَّ المال مَنْ يتقبل منه صدقته.
قال: ويقبض العلم، ويقترب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهَرْج. قالوا: الهَرْج ما هو يا رسول الله؟ قال: القتل، القتل (2) .
1-
2 عبد الله بن مسعود وأبي موسى رضي الله عنهما:
عنهما قالا: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن بين يدي الساعة لأيامًا ينزل فيها الجهل، ويرفع فيها العلم، ويكثر فيها الهَرْجُ، والهرج القتل"(3) .
3-
حارثة بن وهب رضى الله عنه:
عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم: "تصدقوا، فإنه يأتي عليكم زمان يمشي الرجل بصدقته فلا يجد من يقبلها، يقول الرجل: لو جئت بها بالأمس لقبلتها، فأما اليوم فلا حاجة لي بها"(4) .
(1) م: (4/2104) في الكتاب والباب السابقين. رقم: (7/2747) .
(2)
خ: (4/314)(92) كتاب الفتن (5) باب ظهور الفتن. رقم: (1411 – 1412) .
(3)
خ: (1/436)(24) كتاب الزكاة (9) باب الصدقة قبل الرد رقم (1411) .
(4)
خ: (1/436)(24) كتاب الزكاة (9) باب الصدقة قبل الرد رقم (1411) .
4-
عدي بن حاتم رضى الله عنه:
عنه في حديث طويل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فإن الساعة لا تقوم حتى يطوف أحدكم بصدقته لا يجد من يقبلها منه"(1) .
فهذه هي شواهد أربعة لهذا الحديث تنسحب عليها الكتابة مِنْ لدن عهد الصحابة؛ لأنَّ أصلها مكتوب عن أبي هريرة.
وحديث: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن لم يحبَّ لقاء الله لم يحب الله لقاءه (2) .
1-
عن عائشة رضي الله عنها:
عن شريح بن هانئ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه".
فأتيت عائشة فقلت: يا أم المؤمنين، سمعت أبا هريرة يذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً إن كان كذلك فقد هلكنا فقالت: إن الهالك من هلك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما ذاك؟
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه" وليس منا أحد إلا وهو يكره الموت.
فقالت: قد قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بالذي تذهب إليه، ولكن إذا شخص البصر وحشرج الصدر، واقشعرَّ الجلد، وتشنجت الأصابع، فعند
(1) خ: (1/436) في الكتاب والباب السابقين. رقم: (1413) .
(2)
صحيفة همام. ص: (72) رقم: (21) .
ذلك من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومَنْ كره لقاء الله كره الله لقاءه (1) .
2-
عبادة بن الصامت رضى الله عنه:
عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه"(2) ..
3-
أبو موسى رضى الله عنه:
عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه"(3) .
4-
أنس رضى الله عنه:
عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه"(4) .
5-
معاوية رضى الله عنه:
عنه أنه كان يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومَنْ كره لقاء الله كره الله لقاءه"(5) .
وهذه الأحاديث تثبت لها الكتابة بثبوتها عن أبي هريرة رضى الله عنه وتزيل الوهم أن السنة جمعت من الصدور في عهد عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه.
(1) م: (4/2066) أرقام (14 – 18/2683 – 2686) .
(2)
خ: (4/192 – 193)(81) كتاب الرقاق – باب رقم (41) رقم الحديث: (7095) .
(3)
خ: (4/193) في الكتاب والباب السابقين رقم (6508) .
(4)
مجمع الزوائد (2/320) وقال الهيثمي: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار. ورجال أحمد رجال الصحيح.
(5)
المصدر السابق (2/321) وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير، وإسناده حسن.
وفي صحيفة همام عن أبي هريرة رضى الله عنه، قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً، ولضحكتم قليلاً"(1) .
وله شواهد تنسحب عليها الكتابة في عهد الصحابة رضوان الله عليهم؛ لأنه مكتوبٌ في صحيفة همام كما نرى.
1-
عائشة رضي الله عنها:
عنها رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"يا أمة محمد، والله لو تعلمون ما أعلم، لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً"(2) .
2-
أنس رضى الله عنه:
عنه رضى الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً"(3) .
3-
عبد الله بن مسعود رضى الله عنه:
عنه رضى الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "سُعِّرت النار وأزلفت الجنة، يا أهل الحجرات، لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً"(4) .
وفيه عبيد الله بن سعيد قائد الأعمش، وهو ضعيف، ووثَّقه ابن حبان، وقال: يخطئ، وبقية رجاله ثقات، وفي بعضهم خلاف (5) .
(1) صحيفة همام، ص:(50) رقم الحديث (15) .
(2)
خ: (4/215)(83) كتاب النذور والأيمان (3) باب كيف كان يمين رسول الله – صلى الله عليه وسلم. رقم: (6631) .
(3)
خ: (4/188)(81) كتاب الرقاق (26) باب الانتهاء عن المعاصي رقم (6486) .
(4)
رواه الطبراني في الكبير والأوسط والبزار.
(5)
قاله الهيثمي في مجمع الزوائد (10/229) .
4-
ابن أم مكتوم رضى الله عنه:
عنه رضى الله عنه قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات غداة فقال: "سعرت النار لأهل النار، وجاءت الفتن كقطع الليل المظلم؛ لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً"(1)
…
رجاله رجال الصحيح.
5-
أبو الدرداء عويمر رضى الله عنه:
عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً"(2)
…
6-
سمرة بن جندب:
قال البزار: حدثنا خالد بن يوسف حدثني أبي يوسف بن خالد، ثنا جعفر بن سعيد بن سمرة، ثنا خبيب بن سليمان، عن أبيه سليمان بن سمرة فذكر أحاديث بهذا
…
ثم قال: وبإسناده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً، ولضحكتم قليلاً"(3) .
(1) مجمع الزوائد (10/229 – 230) .
(2)
كشف الأستار: (4/70 – 71 رقم 3222) .
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/230) : رواه الطبراني والبزار بنحوه من طريق ابنة أبي الدرداء عن أبيها ولم أعرفها. وبقية رجال الطبراني رجال الصحيح.
(3)
كشف الأستار: (4/70 – 71 رقم 3222) .
قال الهيثمي: رواه الطبراني والبزار، وفي إسناد الطبراني من لم أعرفهم، وإسناد البزار ضعيف (10/230) .
وقد أثبتُّ إسناد هذا الحديث لما فيه من دلالة أنه من صحيفة سمرة ابن جندب التي رويت بهذا الإسناد. والمسلك الذي سلكه البزار في رواية هذه الصحيفة هو ذلك المسلك الذي سلكه مسلم في رواية صحيفة همام بن منبه.
وبهذا يتعانق هذان الحديثان في كونهما مكتوبين: عند همام عن أبي هريرة وعند بني سمرة بن جندب كتبها لهم في رسالة كما سنبين إن شاء الله عز وجل وتعالى.
وهذه الأحاديث كلها تلتقي في الكتابة مع صحيفة همام.
ثانياً: صحيفة سمرة بن جندب.
قال ابن حجر في ترجمة سليمان بن سمرة: روى عن أبيه نسخة كبيرة وعنه ابنه خبيب وعلي بن ربيعة الوالبي.
روى أبو بكر البزار رحمه الله تعالى أول هذه الرسالة بالإسناد الذي سبق منذ قليل فقال: حدثنا خالد بن يوسف، حدثني أبي يوسف ابن خالد، ثنا جعفر بن سعد بن سمرة، ثنا خبيب بن سليمان، عن أبيه سليمان بن سمرة بن جندب أنه كتب إلى بنيه:
من سمرة بن جندب، سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فإني أوصيكم بتقوى الله، وأن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة، وتجتنبوا الخبائث، وتطيعوا الله ورسوله، والخلفاء الذين يقيمون أمر الله، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نصلي من الليل، ويصلي أحدنا بعد الصلاة المكتوبة ما قلَّ أو كَثُرَ، ونجعلها وتراً (1) .
(1) المصدر السابق (2/137) رقم (1377) .
وفي هذه الصحيفة الكثير من الأحاديث.
وقد روى أبو بكر البزار كثيراً منها، وفي زوائده ستة وتسعون حديثاً (1)، في كل منها يأتي بالإسناد السابق ثم يقول: فذكر أحاديث بهذا.. ثم قال: وبإسناده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ويذكر الحديث.
وهذا لا يكون إلا عن نسخة.
وروى الطبراني الكثير منها في المعجم الكبير، وبهذا الإسناد عند البزار، روى أكثر من تسعين حديثاً (2) .
والمشكلة التي تواجهنا في مثل هذا - والتي ذكرناها في أول هذا البحث، هي أنه لا تذكر عند أحاديث هذه النسخة أنها مكتوبة أو من صحيفة؛ وكل هذا في كل الصحف.
ولكننا نتعلق بالدلائل التي تحقق مقصودنا - إن شاء الله عز وجل وتعالى. فكون هذه الأحاديث كلها تذكر بإسناد واحد، ويسلك البزار المسلك نفسه الذي سلكه مسلم في رواية أحاديث صحيفة همام يدلُّ على أنها مكتوبة.
وكذلك كونه يذكر الحديث الأول منها على أنه من رسالة كتبها سمرة إلى بنيه.
(1) ذكر ابن القطان أن البزار يروي منها نحو المائة (الوهم والإيهام 5/138) في رقم (2378) .
وقد أحصى صاحب صحائف الصحابة أحاديث الصحيفة بأرقامها في كشف الأستار (ص159) .
(2)
المعجم الكبير للطبراني: (7/295 – 322) .
وهذا الحديث الأول ذكره الطبراني، وذكر فيه ما يدل على أنه من أول هذه الرسالة المكتوبة، فهو بالإسناد نفسه وبعد أن انتهى من الإسناد إلى سمرة ذكر "أما بعد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا (1)
…
إلخ.
ومهما يكن من أمر فقد قال المزي وابن حجر في ترجمة سليمان بن سمرة بن جندب: روى عن أبيه نسخة كبيرة، وعنه ابنه خبيب وعلي بن ربيعة الوالبي (2) .
وبعض مَنْ خَرَّجوا من هذه النسخة ذكروا أن الحديث الذي خَرَّجوه من النسخة المكتوبة وإن لم يكن هذا الحديث في أول رسالة سمرة ابن جندب.
كما فعل أبو داود، قال:
…
عن سمرة بن جندب أنه كتب إلى بنيه: أما بعد، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا بالمساجد أن نصنعها في ديارنا، ونصلح صنعها، ونطهرها.
وهذا الحديث عند أحمد دون ذكر أنه مكتوب وكذلك عند الطبراني (3) .
وذكر أبو داود خمسة أحاديث أخرى بهذا الإسناد، وفي كل منها "عن سمرة بن جندب، أما بعد" ثم يذكر الحديث (4) .
(1) المعجم الكبير (7/246 رقم 7001 – الطبعة الثانية) .
(2)
تهذيب الكمال (3/283 الطبعة الثانية) وتهذيب التهذيب (3/283) .
(3)
د: (1/125) رقم 456.
وأحمد (5/17) والطبراني (7/303) .
(4)
د (1/597 رقم 975) ، (2/211 – 212 رقم 1562) ، (3/55 رقم 2560) ، (3/158 – 159 رقم 2716) ، (3/224 رقم 2787) .
والحديث الأول من هذه الأحاديث الخمسة جاء هكذا:
حدثنا محمد بن داود بن سفيان، حدثنا يحيى بن حسان، حدثنا سليمان بن موسى أبو داود، حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب حدثني خبيب بن سليمان بن سمرة، عن أبيه سليمان بن سمرة، عن سمرة ابن جندب: أما بعد، أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في وسط الصلاة أو حين انقضائها فابدؤوا قبل التسليم فقولوا:"التحيات الطيبات والصلوات والملك لله، ثم سلموا على اليمين، ثم سلموا على قارئكم، وعلى أنفسكم".
قال أبو داود بعد هذا الحديث: دلت هذه الصحيفة على أن الحسن سمع من سمرة.
ولا يظهر لي وجه الدلالة من الحديث وإسناده أن الحسن سمع من سمرة، كما قال ابن حجر (1) فليس هنا ذكر في الحديث للحسن، ولكن هذا يفيدنا جدًّا في أمرين:
الأمر الأول:
أن هذه الأحاديث من صحيفة سمرة.
الأمر الثاني:
أن أبا داود يعتبر أن أحاديث الحسن عن سمرة من صحيفة وسماع.
(1) التهذيب (2/269) .
على أن إيراد أبي داود لهذه الأحاديث وسكوته عندها يدل على أنها صالحة عنده، على الرغم من تضعيف العلماء لها.
وبعض المصنفين قد يذكر حديثاً آخر وكأنه أول الرسالة وما ذاك إلا لأنه يريد أن يذكر الحديث مع السند الذي يذكره مرة واحدة في أول الرسالة، أو في أول النسخة.
وذلك كالدارقطني الذي روى بسنده عن خبيب بن سليمان بن سمرة، عن أبيه، عن جده قال: بسم الله الرحمن الرحيم من سمرة بن جندب إلى بنيه، سلام عليكم، أما بعد، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا برقيق الرجل أو المرأة الذين هم تلاد له، وهم عملة لا يريد بيعهم، فكان يأمرنا ألا تخرج عنهم من الصدقة شيئاً، وكان يأمرنا أن نخرج من الرقيق الذي يُعَدُّ للبيع (1) .
وإذا كان الطريق الذي سلكه البزار والطبراني لرواية أحاديث هذه الصحيفة ضعيفاً فإننا سنعرض لطريق آخر، ربما يكون أقوم من الطريق الأول، وهو طريق الحسن عن سمرة.
ولكننا نبادر فنقول: إن أبا داود روى منها كما سبق وسكت، مما يدل على أن هذا الإسناد أو الأحاديث صالحة عنده.
ويرى علي بن المديني أن الحسن سمع من سمرة، قال: "وقد روى سمرة أكثر من ثلاثين حديثاً مرفوعاً وغيرها، والحسن قد سمع من سمرة؛ لأنه
(1) قط: (2/128) .
كان في عهد عثمان ابن أربع عشرة وأشهر، ومات سمرة في عهد زياد" (1) .
وقال: "وأما أحاديث سمرة - أي عن الحسن - فهي صحاح"(2) .
وقال البخاري: وقال لي علي - يعني ابن المديني: سماع الحسن من سمرة صحيح، وأخذ بحديثه: من قتل عبده قتلناه (3) .
وقال: سماع الحسن من سمرة صحيح (4) .
وقال الترمذي: وسماع الحسن من سمرة صحيح. هكذا قال علي بن المديني وغيره (5) .
هذا، وممن صحح حديث الحسن عملياً عن سمرة الترمذي وابن خزيمة في صحيحه والحاكم في مستدركه (6) .
وهناك أقوال أخرى في أنه لم يسمع من سمرة، ولكن يكفينا شهادة هؤلاء العلماء التي سبقت.
(1) علل علي بن المديني (ص:53) .
(2)
المعرفة والتأريخ: (2/52) . وقوله "أي عن الحسن": أي من طريق الحسن.
(3)
التاريخ الكبير: (2/90) .
(4)
التاريخ الصغير: (1/247) .
ونقل البخاري بسنده عن الحسن قال: ولدت لسنتين بقيتا من خلافة عمر.
(5)
سنن الترمذي (2/518 – 519) أبواب البيوع (21) باب ما جاء في كراهية بيع الحيوان بالحيوان نسيئة. بعد حديث رقم 1237.
(6)
صحائف الصحابة (ص: 171) وفيه مواضع الأحاديث في هذه الكتب الثلاثة.
ومهما يكن من أمر فما هو ثابت هو هذه النسخة التي كتبها لبنيه والتي حوت أحاديث كثيرة والاختلاف إنما هو في السماع أو عدم السماع.
والإشكال أيضا في ضعف إسناد الصحيفة من طريق سليمان بن سمرة عن أبيه.
وإن كان ابن قطلوبغا قد ذكر أن صاحب المختارة روى من هذه الرسالة بهذا الإسناد فيها، ومعنى ذلك أنه صححها (1) .
ولكن إذا قيل: إن هذا السند ضعيف فالمتون تتقوى بالمتابعات والشواهد.
ومنهجنا أن نتناول أحاديث هذه الصحيفة لنرى متابعاتها وشواهدها ونحكم عليها من خلال ذلك، وهذا لا تتسع له عجالتنا هذه.
ولكننا سنتناول بعضها، ثم نعرج على صحيفة سمرة عند الحسن لنفعل الشيء نفسه، فيثبت لنا أحاديث كتبت في صحيفة سمرة وأحاديث كتبت تبعاً لهذه الصحيفة.
شواهد صحيفة سليمان عن أبيه.
حديث:
1-
"من قتل قتيلاً فله سلبه":
هذا رواه الطبراني من طريق جعفر بن سعد بن سمرة، عن خبيب ابن سليمان بن سمرة، عن أبيه، عن سمرة.
(1) من روى عن أبيه عن جده: (ص192) .
وله متابعات في مسند سمرة (1) .
1-
أنس بن مالك رضى الله عنه:
عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين: "من قتل كافراً فله سلبه".
قال: فقتل أبو طلحة عشرين (2) .
2-
سلمة بن الأكوع رضى الله عنه:
عن إياس بن سلمة عن أبيه قال: بارزت رجلاً فقتلته، فنفلني رسول الله صلى الله عليه وسلم سلبه (3) .
وفي رواية: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قتل هذا"؟.
فقالوا: ابن الأكوع. فقال صلى الله عليه وسلم: "له سلبه"(4) .
3-
أبو قتادة رضى الله عنه:
عنه رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه"(5)
(1) الطبراني في الكبير: (7/296) وانظر أحمد (33/320) رقم (20144) وقد رواه الإمام أحمد بسنده عن نعيم بن أبي هند عن ابن سمرة بن جندب، عن أبيه.
وقد رواه الطبراني من طرق عن أبي مالك الأشجعي، عن نعيم بن أبي هند، عن ابن سمرة، عن أبيه. رقم:(6995)
وعن أبي مالك عن سعد بن طارق، عن سمرة. رقم:(6996) ومن طريق جعفر بن سعد، به. رقم:(6997) ورقم: (6998) .
(2)
حم: (19/180) رقم: (12131) .
(3)
حم: (27/20 – 21) رقم: (16492) .
(4)
حم: (27/21) رقم: (16494) .
(5)
خ: (2/401 – رقم: 3142) .
وحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا مطرنا في السفر ونودي بالصلاة من كراهية أن يشق علينا يأمر المؤذن: أن صلوا في رحالكم (1) .
1-
ابن عمر رضي الله عنهما:
عنه رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه "كان يأمر المنادي فينادي بالصلاة، ثم ينادي أن صلوا في رحالكم، في الليلة الباردة وفي الليلة المطيرة في السفر"(2) .
2-
جابر بن عبد الله رضي الله عنهما:
عنه رضى الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فمطرنا قال: "ليصلِّ مَنْ شاء منكم في رحله"(3) .
3-
ابن عباس رضي الله عنهما:
عنه رضى الله عنه مرفوعا - أمر منادياً فنادى في يوم مطير: "أن صلوا في رحالكم"(4) .
4-
أسامة الهذلي رضى الله عنه:
عنه رضى الله عنه أن يوم حنين كان مطيراً فأمر النبي صلى الله عليه وسلم مناديه: "أن الصلاة في الرحال"(5) .
(1) الطبراني في الكبير (7/318) رقم: (7080) .
(2)
حم: (8/54 رقم 4478) وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه أبو داود: (1061) وابن خزيمة: (1655-1656) وابن حبان: (2076-2077) .
(3)
حم: (22/250 رقم 14347) . وإسناده على شرط مسلم، وأخرجه مسلم (698) .
(4)
حم (4/302) رقم: (2503) . وإسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه البخاري (616، 668، 901) ومسلم (699) .
(5)
حم (34/308 - 309) رقم: (20700) . وإسناده صحيح رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود (1075) وابن خزيمة (1658) .
5 -
نعيم بن النحام رضى الله عنه:
عنه رضى الله عنه قال: "سمعت مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة باردة وأنا في لحافي، فتمنيت أن أقول: صلوا في رحالكم، ثم سألت عنها، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قد أمره بذلك"(1) .
6-
من سمع منادي النبي صلى الله عليه وسلم:
عن عمرو بن أوس قال: "أخبرني من سمع منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قامت الصلاة، أو حين حانت الصلاة، أو نحو هذا أن صلوا في رحالكم، لمطر كان"(2) .
وهكذا يصحح حديث سمرة بهذا الحشد من الشواهد، وتثبت كتابة هذه الأحاديث في عهد الصحابة رضوان الله عليهم.
أما نسخة سمرة عند الحسن البصري فالأمر أيسر من الطريق السابق؛ لأن كثيرا من أحاديثها صححها بعض العلماء - كما سبق (3) .
لكننا نريد أن نطبق على بعض أحاديثها منهجنا، وهو أنه إذا كان لها شواهد فهي مكتوبة كذلك تبعاً لأحاديث هذه النسخة.
(1) حم: (29/453) رقم (17933 – 17934)
وهذا الحديث حسن لغيره، ورواه الحاكم في المستدرك:(3/259) .
(2)
حم: (24/164 – 165) رقم (15433) .
وإسناده صحيح، رجاله ثقات، رجال الشيخين وأخرجه النسائي:(2/14 – 15) .
(3)
انظر ص (78-79) من هذا البحث.
حديث الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من توضأ فبها ونعمت، ومن اغتسل فذلك أفضل"(1) .
1-
جابر بن عبد الله رضي الله عنهما:
عنه رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل"(2) .
2-
أنس رضى الله عنه:
عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونِعْمَت، ومن اغتسل فالغسل أفضل"(3) .
(1) الطبراني في الكبير (7/199 الطبعة الثانية أرقام 6817 – 6820، 6926)
من طرق عن همام وشعبة وأبي عوانة يونس بن عبيد، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة 0 ورواه أحمد (33/280 رقم 20089) من طريق همام عن قتادة، به.
ورواه ابن الجارود (ص142 رقم 285) من طريق همام، عن قتادة، به. رقم (284) ورواه أبو داود (354) وابن خزيمة رقم (1757) .
(2)
البزار – كشف الأستار (1/302) رقم: (629) .
من طريق قيس، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم، به.
قال البزار: لا نعلمه عن جابر إلا من حديث قيس عن الأعمش.
قال الهيثمي: رواه البزار، وفيه قيس بن الربيع، وثقه شعبة والثوري، وضعفه جماعة (مجمع الزوائد: 2/175) .
(3)
مسند الطيالسي: (3/2224) .
عن الربيع بن صَبِيح، عن يزيد، عن أنس، به.
والربيع ويزيد الرقاشي ضعيفان.
ورواه ابن ماجه (2/296) كتاب الصلاة (81) باب ما جاء في الغسل يوم الجمعة والرخصة في ذلك. رقم (1090) . من طريق إسماعيل بن مسلم المكي، عن يزيد الرقاشي، عن أنس.
وفيها زيادة " يجزئ عنه الفريضة ".
وهذه متابعة للربيع بن صبيح.
كشف الأستار (1/301-302) باب فيمن توضأ يوم الجمعة. من طريق يحيى بن أبي بكير، عن الربيع بن صبيح، عن الحسن ويزيد الرقاشي، عن أنس، به رقم (628) .
قال البزار: إنما يعرف هذا عن يزيد، عن أنس، هكذا رواه غير واحد، وجمع يحيى عن الربيع في هذا الحديث بين الحسن ويزيد عن أنس، فحمله قوم على أنه عن الحسن عن أنس، وأحسب أن الربيع إنما ذكره عن الحسن مرسلاً، عن يزيد، عن أنس – فلما لم يفصله جعلوه كأنه عن الحسن عن أنس، وعن يزيد عن أنس.
ومهما يكن من أمر فيتقوى هذا الحديث بشواهده قبلُ وبعدُ.
3-
أبو سعيد رضى الله عنه:
عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل"(1) .
4-
عبد الرحمن بن سمرة رضى الله عنه:
عنه قال - ولا أعلمه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل"(2) .
(1) كشف الأستار (1/302) في الباب السابق. رقم 630.
من طريق أَسِيد بن زيد، عن شريك، عن عوف، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، به.
قال البزار: لانعلمه عن أبي سعيد إلا من هذا الوجه، وأسيد كوفي شديد التشيع، احتمل حديثه أهل العلم.
قال الهيثمي: رواه البزار، وفيه أَسِيد بن زيد، وهو كذاب (مجمع 2/175) .
وقد اتبع الهيثمي في هذا ابن معين، ولكن قال ابن حجر: ضعيف أفرط ابن معين فكذَّبه، وماله في البخاري سوى حديث واحد مقرون بغيره، من العاشرة.
فالحديث ضعيف ينجبر بشواهده.
(2)
مسند الطيالسي: (2/688) رقم: (1447)
عن أبي حمزة، عن الحسن، عن عبد الرحمن بن سمرة به وقيل في هذا إنه وهم، وليس عن عبد الرحمن بن سمرة وإنما هو عن سمرة، فعاد الحديث إلى "الحسن عن سمرة".
5-
ابن عباس رضي الله عنهما:
عنه رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ فبها ونعمت ويجزئ من الفريضة، ومن اغتسل فالغسل أفضل"(1) .
هذا بالإضافة إلى ماورد عن عائشة.
وفي قصة عمر والداخل يوم الجمعة وهو يخطب مايفيد معنى هذا الحديث، وأن الغسل ليس واجبًا.
وهما مخرجان في الصحيحين (2) .
وهذه الأحاديث في كل منها مقال، ولكنها بمجموعها تقوي حديث سمرة وتعد مكتوبة تبعًا لنسخة سمرة التي فيها هذا الحديث.
وعن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الميت يعذب بما نيح عليه"(3) .
هذا الحديث عند كثير من الصحابة على الرغم من استدراك السيدة عائشة على بعض من رواه من الصحابة، كما هو مشهور (4) .
(1) السنن الكبرى للبيهقي: (1/295) باب الدلالة على أن الغسل يوم الجمعة سنة اختيار.
من طريق أسباط بن نصر، عن عكرمة، عن ابن عباس.
(2)
حديث عائشة:
خ: (1/286 – 287)(11) كتاب الجمعة (15) باب من أين تؤتى الجمعة وعلى من تجب رقم (902) .
م: (2/581)(7) كتاب الجمعة (1) باب وجوب غسل الجمعة رقم (6/847) .
وفي قصة عمر والداخل وهو يخطب:
خ: (1/280 – 281)(11) كتاب الجمعة باب فضل الغسل يوم الجمعة رقم (878) عن ابن عمر.
وفي (1/282) باب فضل الجمعة رقم (882) عن أبي هريرة.
م: (2/580) كتاب الجمعة رقم (3) عن ابن عمر ورقم (40) عن أبي هريرة.
(3)
حم: (33/301) رقم (20110) . من طريق قتادة عن الحسن به.
والطبراني في الكبير: (7/215 – 216) الطبعة الثانية رقم: (6896) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/16) : وفيه عمر بن إبراهيم الأنصاري وفيه كلام، وهو ثقة.
(4)
انظر الإجابة للزركشي بتحقيقنا: (ص: 60 – 61) .
1-
عمر رضي الله عنه:
عنه رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه"(1) .
2-
ابن عمر رضي الله عنهما:
عنه رضي الله عنه قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبر فقال: "إن هذا ليعذب الآن ببكاء أهله عليه"(2) .
3-
المغيرة بن شعبة رضي الله عنه:
عنه قال: ألا وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من نيح عليه عذب بما يناح به عليه"(3) .
4-
أبو موسى الأشعري رضي الله عنه:
عنه رضي الله عنه قال: "الميت يعذب ببكاء الحي عليه؛ إذا قالت النائحة
(1) هو متفق عليه.
خ: (1/397)(23) كتاب الجنائز (32) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه إذا كان النوح من سننه 0 رقم: (12287) .
م: (2/6238)(11) كتاب الجنائز (9) باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه 0 رقم (16/927)
(2)
متفق عليه.
خ: (1/396) في الكتاب والباب السابقين. رقم (1286) .
م: (2/641) في الكتاب والباب السابقين. رقم (23/928) .
(3)
متفق عليه.
خ: (1/397 – 398)(23) كتاب الجنائز (33) باب مايكره من النياحة على الميت رقم (1291) .
م: (2/642 – 644)(11) كتاب الجنائز (9) باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه. رقم: (28/933) .
واعضداه، واناصراه، واكاسباه، جبذ الميت، وقيل له: آنت عضدها، آنت ناصرها، آنت كاسبها" (1) ؟!.
5-
عمران بن حصين رضى الله عنه:
عن محمد بن سيرين قال: ذكروا عن عمران بن حصين: "الميت يعذب ببكاء الحي، فقالوا: كيف يعذب الميت ببكاء الحي؟!.
فقال عمران: قد قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم" (2) .
فهذه ستة أحاديث تلتقي عند معنى واحد، بل ولفظ واحد في الأغلب، وحديث سمرة منها مكتوب، ألا يدل ذلك على أن الحديث الذي قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك مكتوب؟ أي تنسحب عليها الكتابة في عهد الصحابة رضوان الله عليهم.
(1) حم: (32/488) رقم (19716) .
والمستدرك (2/471) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وأخرجه الترمذي (1003) وابن ماجه (1594) .
(2)
حم: (33/147) رقم (19918) .
وأخرجه النسائي (4/15) وابن حبان (3134) .