المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌معنى قول الله تعالى: (فأينما تولوا فثم وجه الله) - لقاء الباب المفتوح - جـ ١١٢

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌لقاء الباب المفتوح [112]

- ‌تفسير آيات من سورة الفاتحة

- ‌تفسير قوله تعالى: (الحمد لله رب العالمين)

- ‌تفسير قوله تعالى: (الرحمن الرحيم)

- ‌تفسير قوله تعالى: (مالك يوم الدين)

- ‌الأسئلة

- ‌حكم التهنئة برأس العام الجديد

- ‌شرح تعريف الواجب: ما يثاب فاعله امتثالاً ويعاقب تاركه اختياراً

- ‌المراد بعصمة الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌أحاديث لا تصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌حكم الازدحام على أيسر الصف في الصلاة وترك الأيمن

- ‌ألفاظ توجيه المصلين قبل التكبير في الميزان

- ‌رجل دخل مع إمام يصلي العشاء بنية العصر ثم تذكر أنه صلى العصر مع جماعة أخرى

- ‌حكم اشتراط الطهارة لمن لبس جورباً على جورب

- ‌حكم الحجامة في الشتاء

- ‌حكم الإفطار لمن صام نفلاً

- ‌حكم لبس الجوارب لئلا يغسل قدميه

- ‌حكم السفر لحضور صلاة الجنازة وتعزية أهل الميت

- ‌جواز وضع المدفئة أمام المصلي

- ‌حكم إقامة دروس القرآن والدروس العلمية يوم الجمعة

- ‌حكم سجود التلاوة للإمام في الصلاة السرية

- ‌معنى قول الله تعالى: (فأينما تولوا فثم وجه الله)

الفصل: ‌معنى قول الله تعالى: (فأينما تولوا فثم وجه الله)

‌معنى قول الله تعالى: (فأينما تولوا فثم وجه الله)

ورد في مختصر الصواعق المرسلة للإمام ابن القيم رحمه الله حين أتى إلى قوله عز وجل: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة:115] ذكر أنه ورد عن بعض السلف ومنهم الشافعي بأن المعنى في قوله: (وَجْهُ اللَّهِ) أي: قبلة الله، ثم نقض ذلك ترجيحاً من عدة وجوه، وقال من بينها: ما بالكم أخذتم هذه على قبلة الله، مع أنه في كل النصوص التي وردت فيها وجه الله هي إضافة الصفة إلى الموصوف، فرجح من عدة أوجه -كما قلت- قوله: إن تفسيرها نعني به إحاطة الله التامة والمطلقة، فكما تعلم الأشاعرة يؤولون قضية الدعاء ورفع الأيدي إلى السماء بقولهم: إن هذه قبلة الدعاء، وأنكر السلف عليهم ذلك وقالوا: إن هناك قبلة واحدة للصلاة وللدعاء، فهل للأشاعرة أن يقولوا: إن القول في قبلة الله في هذا التفسير أيضاً يستلزم عدة قبلات لله عز وجل، فأرجو من فضيلتكم إزالة مثل هذه الشبهة مأجورين وجزاكم الله خيراً؟

أولاً: أنا أرجو من الإخوان الحاضرين أن لا يوردوا مثل هذا السؤال المطول المعقد، وأكثر الإخوة الآن قد لا يفهمون هذا إطلاقاً ولا طرأ على بالهم إطلاقاً، فمثل هذا يكون بيني وبين السائل.

لكن الآية الكريمة فيها قولان للسلف: القول الأول: أن المعنى: فأينما تولوا فثم وجهت الله، أي: قبلته، بمعنى: أنك إذا أشكل عليك القبلة، ثم صليت وأنت في البر، صليت إلى جهة ظننتها القبلة ثم تبين إنها ليست القبلة فصلاتك صحيحة، لأن هذه الآية ذكرت كمقدمة لقوله تعالى:{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة:142] فهذه الآية كقوله: {قُل لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} [البقرة:142] و {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة:115] أي: إن اتجهتم إلى الكعبة فأنتم مولون وجه الله، وإن اتجهتم إلى بيت المقدس كما انتقدكم اليهود فأنتم مولون إلى وجه الله:{لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة:142] وهذا قول له قوته.

القول الثاني: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة:115] أي: فالله تعالى قبل وجوهكم، ويؤيد هذا القول قول النبي صلى الله عليه وسلم في المصلي: إنه لا يبصق قبل وجهه، قال:(فإن الله قبل وجهه) .

فالآية محتملة لهذا ولهذا، ومعناها صحيح على كلا القولين.

أما الأشاعرة وقولهم: إن هذا قبلة الدعاء، فيقال لهم: أنتم هل تدعون السماء أم تدعون رب السماء؟ فإذا رفعتم أيديكم إلى السماء وقلتم: يا ألله، فإنما تنادون الله عز وجل، فإذاً الله هناك، لستم تقولون: يا سماء، وكونهم يقولون: إن السماء قبلة الداعي، خطأ، لأن قبلة الداعي هي الكعبة، فإن العبادة التي يشرع فيها استقبال القبلة إنما يشرع إلى الكعبة.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

ص: 22