المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم صيام يوم السبت منفردا أو مجتمعا مع غيره - لقاء الباب المفتوح - جـ ١٦٣

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌لقاء الباب المفتوح [163]

- ‌تفسير آيات من سورة الطور

- ‌تفسير قوله تعالى: (أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (أم لهم سلم يستمعون فيه)

- ‌تفسير قوله تعالى: (أم له البنات ولكم البنون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (أم تسألهم أجراً فهم من مغرم مثقلون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (أم عندهم الغيب فهم يكتبون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (أم يريدون كيداً فالذين كفروا هم المكيدون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (أم لهم إله غير الله سبحان الله عما يشركون)

- ‌تفسير قوله تعالى: (وإن يروا كسفاً من السماء)

- ‌تفسير قوله تعالى: {فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ}

- ‌تفسير قوله تعالى: (يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئاً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (واصبر لحكم ربك)

- ‌تفسير قوله تعالى: (ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم)

- ‌الأسئلة

- ‌حكم الأطفال إذا شربوا من لبن مجمع من الأمهات

- ‌حكم وضع السواك في الفم لغير حاجة التسوك

- ‌علة عدم صوم الرسول كصوم داود

- ‌حكم كفارة الظهار قبل الطلاق البائن

- ‌حكم قضاء صلاة التطوع

- ‌حكم قراءة الفاتحة قبل الاعتدال في القيام عند القيام إلى الركعة

- ‌الرد على من يقول: إن المسلم لا يكفر بذنب ما لم يستحله

- ‌مدى صحة أحاديث في فضيلة صلاة الإشراق

- ‌حكم من ترك الصلاة بسبب مرض ألم به

- ‌حكم من أنكر تلبس الجن بالإنس

- ‌حكم من دفع مائة ريال ودفعت شركته مائة وخمسين ريالاً من أجل بيت يتملكه بعد خمس عشرة سنة

- ‌حكم القراءة السريعة على المريض

- ‌حكم من أخرج زيادة عن الزكاة الواجبة عليه

- ‌حكم صيام يوم السبت منفرداً أو مجتمعاً مع غيره

- ‌حكم الزكاة في أرض ينوي صاحبها بيعها

- ‌حكم التوقف في تكفير من فعل مكفراً بجهل

الفصل: ‌حكم صيام يوم السبت منفردا أو مجتمعا مع غيره

‌حكم صيام يوم السبت منفرداً أو مجتمعاً مع غيره

استدل بعض أهل العلم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تصوموا يوم السبت إلا في المكتوب عليكم) على أن الصيام يوم السبت لا يجوز سواء مفرداً أم مجمعاً مع غيره، فما صحة هذا القول؟

هذا القول ليس بصحيح، أولاً: أن هذا الحديث ضعفه كثيرٌ من العلماء، قال الإمام مالك فيما نقله عنه أبو داود، قال: إنه كذب، والإمام مالك رحمه الله منزلته في الحديث معلومة فهو من أئمة الحديث وحفاظ الحديث، قال: إنه كذب، وأبو داود ثقة.

القول الثاني: أنه شاذ فيكون ضعيفاً، يعني: لا نقول كذب لكنه ضعيف، والشاذ لا يعمل به، ووجه شذوذه: أنه مخالف لما ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لإحدى أمهات المؤمنين وقد وجدها صائمة يوم الجمعة قال: (أصمت أمس؟ قالت: لا، قال: أتصومين غداً؟ قالت: لا.

قال: فأفطري) فقوله: (أتصومين غداً) يدل على جواز صيام يوم السبت، وهذا يعارض الحديث الذي أشار إليه السائل، حيث قال:(لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة أو عود عنب فليمضغه) لأن مقتضى هذا الحديث أنه لا يصام مع الجمعة، مقتضى الحديث هو النهي، والحديث الصحيح صريح بأنه يجوز صيامه مع يوم الجمعة، فيكون شاذاً؛ لأن الشاذ مخالفة الثقة للثقات، والشاذ لا يجوز العمل به.

القول الثالث: أنه منسوخ، وهذا يعني: أن الحديث صحيح لكنه منسوخ، لكن هذا القول يحتاج إلى معرفة التاريخ: هل هذا النهي قبل الأذن أم بعده؟ ولا علم لنا بذلك، ومن المعلوم أنه لا بد من العلم بتأخر الناس إذا قلنا: إنه منسوخ، وحينئذٍ فأحسن ما يقال فيه: إنه إن أفرده لأنه يوم السبت فهذا منهي عنه وإلا فلا، على أنه ورد في السنن من حديث أم سلمة:(أن أكثر ما كان يصوم الرسول عليه الصلاة والسلام يوم السبت ويوم الأحد) مع أنهما عيدان للكفار والعيد من المعروف أن من شعائره ألا يصام، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يصومهما مخالفة لليهود والنصارى، ذكره أهل العلم في معارضة هذا الحديث الضعيف الذي فيه النهي عن صوم يوم السبت.

فالحاصل: أننا لو تحملنا كثيراً وقلنا بقبول هذا الحديث وهو النهي عن صوم يوم السبت، فإننا لا نقبله إلا بشرط أن يكون الذي صامه من أجل أنه يوم السبت، وبناءً على ذلك لو صادف يوم السبت يوم عرفة وصامه وحده فليس في ذلك بأس؛ لأنه إنما صامه لأنه يوم عرفة لا لأنه يوم السبت، كذلك لو صادف يوم السبت العاشر من محرم، فإنه يصومه، لكن ينبغي أن يصوم يوماً قبله ويوماً بعده مخالفة لليهود الذين يصومون اليوم العاشر فقط.

كذلك لو صادف عادته كالذي يصوم يوماً ويفطر يوماً، وصادف يوم جمعة وصومه يوم السبت وفطره يوم الأحد، هذا لا بأس به أيضاً؛ لأنه لم يصمه لأنه يوم السبت لكنه صامه لأنه صادف عادته.

خذها بارك الله فيك وبثها في قومك، فإن كثيراً من الناس اغتر بكلام بعض المعاصرين في هذا الحديث.

ص: 29