المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شروط وجوب الحج - لقاء الباب المفتوح - جـ ٢٤

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌لقاء الباب المفتوح [24]

- ‌الحج

- ‌شروط وجوب الحج

- ‌الأسئلة

- ‌بعض أحكام المعتدة

- ‌حكم قطع النافلة إذا أقيمت صلاة الفريضة

- ‌وجوب الذبح في مكة على من ترك واجباً في الحج

- ‌حكم توكيل الأهل في الأضحية

- ‌ضوابط في سفر العائلات إلى خارج الوطن

- ‌توجيه قوله تعالى: (إذ يريكهم الله في منامك قليلاً)

- ‌من أحكام الحائض في الحج

- ‌معنى القول بأن القرآن (عرض)

- ‌التفضيل بين قراءة القرآن وبين طلب العلم

- ‌توجيه حديث: (رحم الله امرأً صلى قبل العصر أربعاً)

- ‌حكم القنوت في صلاة الجمعة

- ‌حكم من اعتمر لنفسه وحج عن غيره

- ‌وقت صلاة الضحى

- ‌توجيه قوله صلى الله عليه وسلم في المساجد: (لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى)

- ‌حكم كتابة ذكر الله على لافتات الطرق

- ‌تحريم إيذاء الكافر المعاهد

- ‌حكم صيام عشر ذي الحجة

- ‌حكم التعامل مع أهل البدع الداعين إلى بدعهم

- ‌حكم من لا يستطيع الصوم في كفارة القتل الخطأ

- ‌حكم الذهاب إلى السحرة وتصديقهم

- ‌حكم الصلاة على سطح الحرم المدني

- ‌حكم خروج المذي في رمضان بشهوة

- ‌مناقشة شروط نقل الفتوى عن المفتي

- ‌جواز قتل الحيوان المملوك لمرض ونحوه

- ‌حكم المريض الذي لا يرجى برؤه إذا مات وعليه صوم

- ‌حكم حج من لا يصلي

- ‌حكم الجاهل الذي لا يتعلم وواجبنا نحوه

- ‌وجوب التخلص من الربا الحاصل على رأس المال

- ‌حكم السلام على المصلي وكيفية رده للسلام

- ‌الأضحية

الفصل: ‌شروط وجوب الحج

‌شروط وجوب الحج

الشرط الأول: الإسلام: وضده الكفر، فالكافر لا يجب عليه الحج، ولا يؤمر به، ولا يجوز له أن يدخل مكة - أي: حَرَمَ مكة -؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة:28] .

ومِن ذلك: مَن لا يصلي، فإننا لا نأمره بالحج، ولا نُمَكِّنه من دخول مكة - أعني: حرم مكة - لأنه مرتد كافر، لقوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة:28] .

والثاني: البلوغ: وضده الصِّغَر، فالصغير لا يجب عليه الحج؛ ولكن لو حج صحَّ حجه، ووجب عليه إذا بلغ أن يحج حج الفريضة.

والثالث: العقل: وضده الجنون، فالمجنون لا يجب عليه الحج، ولا يصح منه الحج؛ لعدم صحة النية منه.

والرابع: الحرية: وضده الرِّق، فالرقيق لا يجب عليه الحج؛ لأنه مملوكٌ مشغولٌ بخدمة سيده؛ ولكنه لو حج بإذنه وهو بالغٌ عاقل فمِن العلماء مَن قال: إن حجه صحيح ومجزئ.

ومنهم مَن قال: إنه غير مجزئ.

ولكنهم متفقون على أنه صحيح.

والخامس: الاستطاعة، أي: القدرة على الوصول إلى البيت الحرام بالمال والبدن، وضده العجز، فمن كان عاجزاً بماله فلا حج عليه، كالفقير الذي ليس عنده من المال ما يمكنه أن يحج به، إما لكونه قليل ذات اليد، أو لكونه مديناً بدين يستغرق ما في يده.

ولهذا نقول: إن من عليه دين فإنه لا يحج حتى يقضي الدين، فإن كان الدين مؤجلاً -أعني: مُقَسَّطاً- فإن كان يَثِق من الوفاء كلما حلَّ القسط، وبيده الآن ما يحج به وَجَبَ عليه الحج، وإن كان لا يثق فإنه لا يجب عليه الحج، ولا ينبغي أن يحج أيضاً؛ لأن وفاء الدين أهم من الحج، لماذا نقول: أهم من الحج؟

لأن الحج مع وجود الدين ليس بواجب، فحتى الآن لم يصبح عليه فريضة، وعلى هذا فلا ينبغي للإنسان أن يحج وعليه دين حتى لو أذن له الدائن بأن يحج؛ لأن إذن الدائن لا يوجب أن يَسْقُط عنه شيءٌ من دينه.

وقد ظن بعض الناس أن الدائن إذا أذن فإن المدين يحج، والأمر ليس كذلك؛ لأن الدائن لا يتعلق حقه ببدن المدين حتى نقول: إذا أذن له فليحج، وإنما يتعلق الحق بمال المدين، فهل إذا أذن الدائن لمدينه أن يحج يَسْقُط عنه شيءٌ من دَينه؟ الجواب: لا، إذاً لا فائدة من الإذن.

وحينئذٍ نقول: مَن كان عليه دَين فإن كان حالاً فلْيُوْفِه قبل أن يحج، وإن كان مؤجلاً -أي: مُقَسَّطاً- وكان الرجل يثق من نفسه أنه إذا حل القسط أوفاه، وبيده الآن ما يمكن أن يحج به فليحج، وإن كان لا يثق من نفسه فلا، وإنما يجعل ما بيده الآن مدخراً لقضاء الدين إذا حل القسط.

ومن الاستطاعة: أن يكون للمرأة محرم، فإن لم يكن لها محرم فإن الحج ليس بواجب عليها، بل يحرم عليها أن تحج بلا محرم؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:(لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) قال ذلك عليه الصلاة والسلام وهو يخطب الناس معلناً ذلك، حتى لا يخفى على أحد، فلا يجوز للمرأة أن تسافر بلا محرم، سواء كانت كبيرة أو شابة، وسواء كان معها نساءٌ أم لم يكن، وتهاوُن بعضِ الناس اليوم خطأ؛ لكونهم يطلقون نساءهم أو خَدَمهم فيحجون بلا محرم، فإن هذا لا يحل -أي: لا يحل للمرأة ولو كانت خادمة- أن تحج بلا محرم، ولو كانت مع نساء؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم:(لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) .

فمتى وجب الحج وَجَبَ على الإنسان أن يبادر به، ولا يجوز أن يتأخر؛ لأن جميع أوامر الله تعالى على الفورية ما لم يوجد دليل على جواز التأخير؛ لقول الله تعالى:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ} [آل عمران:133] .

وقوله: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة:148] .

ولأن الإنسان لا يدري ما يعرِض له، فقد يموت قبل أن يحج، ويبقى الحج ديناً في ذمته.

وعلى هذا فالواجب على مَن وجب عليه الحج لتمام شروطه أن يبادر به، فإن لم يفعل كان آثماً، وإذا مات قبل أن يحج مع التأخير فمِن العلماء مَن يقول: إنه يُحَجُّ عنه ويُجْزِئُه.

ومنهم من يقول: إنه لا يُحَجُّ عنه؛ لأنه لا يُجْزِئُه؛ لكونه أخَّر الحج مع قدرته عليه، فلا ينفعه حج غيره عنه.

ص: 3