المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم الصلاة خلف الصف - لقاء الباب المفتوح - جـ ٨٢

[ابن عثيمين]

الفصل: ‌حكم الصلاة خلف الصف

‌حكم الصلاة خلف الصف

فضيلة الشيخ: دخلت المسجد ولقيت الصفوف كلها ملأى، وبعد أن انتهيت من الصلاة قال لي الإمام: أعد الصلاة؛ لأنك صليت خلف الصفوف وحدك، فما صحة قوله؟

إذا جاء الإنسان ووجد الصفوف تامة فليصلِّ خلف الصف وحده مع الإمام ولا إعادة عليه، وهذا هو القول الراجح من أقوال أهل العلم.

والمسألة فيها ثلاثة أقوال للعلماء: القول الأول: أن صلاة المنفرد خلف الصف صحيحة ولو كان له مكان في الصفوف التي أمامها، وأن دخوله في الصف على سبيل الاستحباب لا على سبيل الوجوب.

وهذا مذهب أكثر الأمة الإسلامية؛ لأنه مذهب الإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أبي حنيفة، ورواية عن الإمام أحمد يعني: معناه نصف مذهب الإمام أحمد، مع الذين يجيزون الصلاة خلف الصف ولو كان له مكان.

القول الثاني: أن من صلى منفرداً خلف الصف ولو لم يجد مكاناً فصلاته غير صحيحة.

إذا قابلت بين القولين تجد أن هذا في غاية ما يكون من الشدة، وهذا في غاية ما يكون من السهولة.

القول الثالث: وهذا هو الوسط: أنك إذا وجدت الصف تاماً فصف وحدك؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] وهنا لا استطاعة، فإذا قال إنسان: لك استطاعة اجذب شخصاً قلنا: هذا لا يجوز؛ لأن جذب الواحد فيه اعتداء عليه، وفيه تشويش على بقية المصلين، وفيه قطع للصف.

أما كونه اعتداء على هذا الذي جذبت، فلأنك تنقله من مكان فاضل إلى مكان مفضول.

وتشوش عليه الصلاة أيضاً؛ لأنه لا يدري ما الذي جذبه.

وأما كونه تشويش على المصلين، فلأن هذا الصف سوف يتقارب، وكل من فيه سيتحركون حركة لا داعي لها، من أجل تسوية الصف وسد الفرج في هذا الصف.

وأما كونه انقطع عن الصف فواضح.

فإن قال قائل: يستطيع هذا أن يتقدم ويقف مع الإمام، قلنا: هذا أيضاً غلط؛ لأنه إذا تقدم فسوف يؤذي المصلين الذين أمامه، حيث يتخللهم، وإذا كان المسجد فيه عشرون صفاً كم يتخلل؟ عشرين صفاً؛ فيؤذيهم، ثم إذا تقدم ووقف مع الإمام وجاء آخر بعده بدقيقة أو دقيقتين، وقلنا له: اذهب مع الإمام، صار عند الإمام اثنان، وبعد دقيقة أو دقيقتين جاء الثالث نقول: اذهب مع الإمام، وإذا مع الإمام صف كامل، لكن لو وقف بالصف وجاءه شخص صاروا صفاً، وإن لم يأته أحد فكونه مع الجماعة في الأفعال وإن لم يكن معهم في الصف خير من كونه ليس معهم لا في الصف ولا في الأفعال.

هذا هو القول الوسط الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، واختاره شيخنا عبد الرحمن السعدي رحمه الله: على أنه متى وجد الإنسان الصفوف تامة أمامه فليدخل مع الإمام ولو صلى وحده وصلاته صحيحة.

ونقول للسائل: إن كنت أعدت الصلاة بناءً على كلام الإمام فعلى خير، تكون الصلاة الثانية نافلة إن كانت الأولى صحيحة، أو تكون صحيحة والأولى نافلة إن كانت الأولى غير صحيحة -يعني: فرضاً- ولكن القول الراجح عرفته الآن، أنك إذا جئت والصفوف تامة فصل مع الإمام ولو كنت منفرداً.

ص: 9