الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المنتدى
أين المشتاقون
؟ ! !
أم الحارث السهلي
في طريق طويل مليء بالعقبات والصعاب يسير ذلك الركب الميمون يحدوه
الشوق إلى جنات عدن عند مليك مقتدر.. طريق كم فيه من البشائر والآمال، وكم
فيه من التضحيات الجسام..
فها هي جموع الدعاة المخلصين والمشتاقين تمضي بكل ثقة وعزم وإصرار
لإحقاق الحق ورفع راية التوحيد.
ولله درّ ذلك المشتاق الذي جرى في دمه حب الدعوة فأبى إلاّ أن يضحِّي بوقته
ونومه وراحته وماله من أجل دين الله.
لقد أعتقوا أرواحهم وباعوها رخيصة لله بأغلى الأثمان ولسان حالهم يقول:
«اللهم خذ من أرواحنا ودمائنا وحياتنا وأوقاتنا حتى ترضى.. من أجل نصرة دينك
وإعلاء كلمتك وإقامة شرعك» .
فكيف يهنأ لك بال أخي الكريم وأنت ترى تلك الأرقام المذهلة والقصص
المفجعة لقساوسة ومبشرين ضحُّوا بالغالي والنفيس من أجل باطلهم، وأنفقوا
الأموال الطائلة لنشر فسادهم ثم اسأل نفسك: أليس الأَوْلَى أن نكون نحن المضحِّين
ومن أوائل المتقدمين؟ ! !
وفي المقابل وأنت ترى أولئك الشجعان من الدعاة المخلصين وهم يصنعون
قوس النصر لأمتهم المجيدة، ويعدّون العدة لخوض غمار المعركة الحاسمة على
أمل الوصول للوعد الحق، تُحلِّق أرواحهم وتسمو في عبادة سامية وأجواء إيمانية
رائعة من قيام، وصيام، وذكر، وجهاد، وبر، وصلة، وإغاثة، ودعوة تدفعهم
لمواصلة الطريق والثبات عليه، ألا تحب أن تكون معهم وتصطف في
صفوفهم؟ ! !
وأنت هُنا في عيش رغيد وأمانٍ خادعة وشعارات براقة لا يحرك فيك ساكناً
واقع إخوانك المسلمين سواء الآمنون منهم أو المضطهدون وهم يصطرخون: هل
من مغيث؟ !
لقد شرفك الله بالتوحيد؛ فلِمَ لا ترفع لواءه وتبلغه لغيرك وتشكر نعمة الله
عليك؟ فكم هم أولئك الذين يتعطشون لنور الإسلام ولشرائعه وأحكامه العظام؛
ولكن من سيوصله إليهم سواك أنت يا فتى الإسلام ويا فتاة الإسلام؟
فإذا تقاعسنا ورضينا بالواقع المرِّ فمن ينقذ العالم من الظلم والجور؟
ومن ينشر العدل والسلام؟
واعلم يا رعاك الله! أن قانون الغاب الذي يسود العالم لا بد له من زوال فلا
يحزنك الواقع، وشمّر للمستقبل، وحطِّم قيود المستحيل، وألغ من قاموسك الكسل
والتواني؛ فالأمل بحاجة إلى سواعد فتية وعزائم قوية لتقود العالم وتعود لها
الريادة؛ فهل نحن فاعلون ذلك؟ !
يقول الإمام الجُنيد رحمه الله تعالى: «هَبْ أنك لا تخاف، ويحك.. ألا
تشتاق» .
فنقول للداعية: هَبْ أنك لا تريد العمل للدعوة، ويحك ألا تشتاق؟
فأين أشواق المؤمن للجهاد؟
وإنني على يقين بأنك مشتاق إلى السير في ذلك الطريق؛ فابدأ الآن وامضِ
في طريقٍ غير موحشة!
المنتدى
ليس في الإمكان أحسن مما كان
إمام الطيّب
ليس في الإمكان أحسن مما كان هذه الفكرة التي عششت ثم باضت وأفرخت
في عقول الأجيال المعاصرة من المسلمين، بل في عقول النُخَب التي تتقدم الركب
بوصفها قيادات فكرية؛ فهم يهرعون دوماً إلى الماضي، وكم هو جميل أن نهرع
إلى بؤر الإشراق في تاريخنا، نستجديها الهدى، ونستلهمها العبر، ومن ثم نحملها
مشاعل نستضيء بها في ديجور الحياة المدلهم، ولكن أن نهرع إلى الماضي مسكناً
لآلامنا، وضماداً لجراحنا. نتغنى بمُلكنا لكسرى وقيصر في الماضي العريق،
ونذهل عن أننا في أَسْرهم في وقتنا الحاضر السحيق، نفخر بيوم كنا، ونغض
الطرف عما آل إليه أمرنا، فيتلاشى عن آفاقنا الغد، وبين أيدينا كلام الله الأزلي
الأبدي، يحثنا على الإعداد والاستعداد للغد:[وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ]
(الحشر: 18) . نعم إنه الغد الأبدي؛ حيث الناس فريقان: شقي وسعيد، [فَرِيقٌ
فِي الجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ] (الشورى: 7) وذلك المآل الأبدي رهين بما تقدمه
للغد القريب الفاني؛ فهنا العطاء، وهناك الجزاء، والنجاء مناط بسلامة القلوب،
والإحسان في كل شيء، وفي الإمكان كثير من الحُسن إذا ما أحسنَّا القصد والسعي
ومن ثم الظن [إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ](البقرة: 195) .