المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

تأملات دعوية ‌ ‌انتحار المشروعات محمد بن عبد الله الدويش www. dweesh. com   حين تتاح - مجلة البيان - جـ ١٧٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌حقوق الضعفاء

- ‌سر الغطرسة الأمريكية وواجبنا حيالها

- ‌الطائفة المنصورة تنقذ الموقف

- ‌إنها السنن

- ‌المحكمات في أمور العقيدة والشريعة وسياسات الحرب والسلملكم دينكم ولي دين

- ‌طريقة القرآن في عرض هدايته وأحكامه

- ‌الابتغاء من فضل الله

- ‌الإنترنت وتربية الأولاد

- ‌كذب الأطفال في نظر علماء الاجتماع

- ‌انتحار المشروعات

- ‌الأدب الإسلامي والتدافع الحضاري

- ‌طاقية الإعفاء

- ‌قضية الإبداع

- ‌الجراحات.. ثقيلة

- ‌وداعاً…يا حليمة

- ‌وقفة أمام فلول الأحزاب

- ‌خطر النفاق.. حقيقة أم خيال

- ‌التعليم بالمغرب على مفترق الطرق!(2 - 2)

- ‌ثقافة التساؤل

- ‌العصر الروماني الحديث قراءة في واقعنا السياسي

- ‌ماذا وراء التصعيد الهندي لضرب باكستان

- ‌عام على حكومة أرئيل شارونقراءة في ملفات الحصار والإنجازات التي حققتها هبة الأقصى

- ‌السهم الدرزي في ظهر العرب

- ‌لماذا لا يحتفل المسلمون عام 2000مبإخفاق أشرس غارة صليبية على أفقر بقاع الإسلام

- ‌مرصد الأحداث

- ‌حروبهم وحروبنا

- ‌قصور العقل

- ‌نعمة الألم

- ‌تيار النسوية في الفكر الغربي

الفصل: تأملات دعوية ‌ ‌انتحار المشروعات محمد بن عبد الله الدويش www. dweesh. com   حين تتاح

تأملات دعوية

‌انتحار المشروعات

محمد بن عبد الله الدويش

www. dweesh. com

حين تتاح للإنسان فرصة متميزة فإنه يعاب على تفريطه في استثمارها

واغتنامها، ويزداد العتب حين تكون الفرص محدودة والمكاسب المضاعة عالية.

لكن أشد من ذلك وأوْلى بالعتب أن يتمكن من فرصة فيفرط فيها، وينقض

غزله بيده ويخرب بيته بنفسه.

وثمة حالات من ذلك تحصل للدعاة إلى الله تعالى وهي ليست بالقليلة، ومن

ذلك:

* أن يكون الشخص في موقع له أهميته وتأثيره، فيضحي به نتيجة إصراره

على أعمال أو مواقف لا ترقى أهميتها وتأثيرها إلى ما هو فيه.

* أن يرتكب شخص أو مؤسسة دعوية مخالفات قانونية أو إدارية تؤدي إلى

التعويق عن أعمال أكثر أثراً وأهمية.

* أن يتسبب في القضاء على مشروعات قائمة بسبب الإصرار على ما هو

دونها في المصلحة، بل قد يفوت الأمران كلاهما.

إن من يقرأ التاريخ سيجد أن الأمر قد يصل إلى أن حكومات إسلامية سقطت

وقضي عليها بسبب استثارتها للأعداء نتيجة ما ترى أنه مصلحة، وفات في ذلك

من المصالح أضعاف أضعاف ما كانت ترنو إليه من عملها، بل قد ضاعت

المصلحتان كلاهما.

إننا قد نعتذر عن أخطائنا بأعذار نعتقد صحتها وليست كذلك:

* فتارة نعتذر بأننا مستهدفون من أعدائنا، ونشن حملة ضارية عليهم وعلى

ما فعلوه، والأعداء لا ينتظر منهم إلا ما هو أسوأ مما فعلوا، ولِمَ لا نعيب أنفسنا

أننا لم نستطع اكتشاف مؤامرة العدو، أو تفويت الفرصة عليه؟

* وفي مواقف ليست بالقليلة نفسر كل ما يصدر من الآخرين بأنه مؤامرة

وباعثه النكاية بنا لديننا ودعوتنا وسلامة منهجنا

وهذا قد يحصل كثيراً، لكن

ليس كل ما يفعله الآخرون يمكن أن يفسر بالضرورة بهذا التفسير.

* وتارة نعتذر بسلامة منهجنا ونسوِّغ إخفاقنا ونجاح الآخرين بأننا أسلم منهجاً

وأثبت طريقاً.

* وتارة نعتذر بأن كل ما يصيبنا إنما هو ابتلاء من الله ليرفع به درجاتنا

ويمحصنا

إلخ.

* وتارة نحول انهزامنا إلى نصر، وإخفاقنا إلى نجاح مبالغين في وصف

منجزاتنا ومهونين من شأن خسائرنا.

* وتارة نشن هجوماً على من ينتقدنا متهمين رأيه وتارة نواياه.

لقد قال الله عز وجل عن صفوة خلقه وخيرهم بعد الأنبياء حين هزموا في

أحد وأصابهم ما أصابهم: [أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا

قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ] (آل عمران: 165) ، ومع

ذلك لم يكن هذا الأمر منقصاً من شأن ذاك الرعيل؛ بل كان دافعاً له لاستيعاب

الدرس وتجاوز الأزمة.

إن إدراكنا لمسؤوليتنا عن أعمالنا، والتفكير الجاد في العواقب والمآلات،

وموازنة المصالح والمفاسد يعيننا بإذن الله على تجنب إخفاقات ومواقف فشل،

ويزيد من فرصة المحافظة على مشروعاتنا وأعمالنا.

ونحتاج أن نضيف إلى ذلك الجرأة على انتقاد أنفسنا ومراجعة أعمالنا،

والفصل بين سلامة المنهج والممارسة، والفصل بين صحة الحقائق والمنطلقات

وبين مدى انطباقها على الواقع أو ما يعبر عنه الأصوليون بتحقيق المناط.

ونحتاج أن نضيف إلى ذلك تقليل المساحة التي تحتلها العاطفة من تفكيرنا

ومواقفنا، والنظر البعيد الذي يتجاوز ما تحت أقدامنا.

وذلك كله لن ينقلنا للعصمة؛ فسنبقى بشراً نخطئ ونصيب، ونكبو وننهض،

لكنه سيقلل من حالات الإخفاق، وسيحافظ أكثر على مشروعاتنا ومنجزاتنا.

ص: 47