المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

تأملات دعوية ‌ ‌تشويه الحق محمد بن عبد الله الدويش dweesh@dweesh.com   الحق واضح لا لبس - مجلة البيان - جـ ١٩٦

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌ولا تستوي الحسنة ولا السيئة

- ‌تداعي الديمقراطية الفرنسية أمام فريضة الحجاب

- ‌السبيل إلى حج مبرور

- ‌هكذا حج الصالحون

- ‌الحج مدرسة

- ‌عبرات على صعيد منى

- ‌الافتقار إلى الله.. لبُّ العبودية

- ‌المال بين نظر الغني والفقير

- ‌الإسلاميون بين دولة ضائعة وفرصة سانحة(1)

- ‌تشويه الحق

- ‌الديمقراطية اسم لا حقيقة له

- ‌في ظل الهجمة الاستعمارية على المنطقة:ماذا يرتب للقرن الإفريقي

- ‌لصوص النفط

- ‌المقاومة العراقية والمستقبل السياسي في بلاد الرافدين

- ‌ملامح المرحلة الاستراتيجية الجديدة في السودان

- ‌التغلغل الهندي في دول آسيا الوسطى

- ‌أوروبا الباحثة عن دور في العصر الأمريكي

- ‌هل يعود المسيح إلى أوروبا

- ‌رجل السلام

- ‌مرصد الأحداث

- ‌رسالة علمية في جامعة الأزهر عن:مجلة البيانودورها في نشر الثقافة الإسلامية

- ‌ماذا وراء تمجيد الزنادقة والشخصيات المنحرفةفي التاريخ القديم والمعاصر

- ‌صفات مطلوبة في المدير المسلم

- ‌نزف حِبر

- ‌الحكمة ضالة المؤمن.. ولكن

- ‌ماذا أطلب لصدام حسين

الفصل: تأملات دعوية ‌ ‌تشويه الحق محمد بن عبد الله الدويش dweesh@dweesh.com   الحق واضح لا لبس

تأملات دعوية

‌تشويه الحق

محمد بن عبد الله الدويش

dweesh@dweesh.com

الحق واضح لا لبس فيه ولا غموض، وقد تركنا رسول الله صلى الله عليه

وسلم على مثل البيضاء ليلها كنهارها، ومع وضوح الحق وجلائه فقد فطر الله

تبارك وتعالى الناس على قبوله والأنس به، بل الباطل لا تستقيم النفوس عليه ولا

تستقر؛ فهي إنما خلقت لتعيش على الحق وتلتزمه.

لكن هذا لن ينقل الناس إلى دائرة الموضوعية؛ فهم قلَّما يفصلون بين الحق

وبين واقع أتباعه وأحوالهم.

وقد أخبر عز وجل أنه لم يميز الكفار بالنعم لئلا يلجأ الناس إلى الكفر معتقدين

الصلة بينه وبين محبة الله لأهله: [وَلَوْلا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن

يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ] (الزخرف: 33) .

قال ابن كثير رحمه الله حول هذه الآية: «أي لولا أن يعتقد كثير من

الناس الجهلة أن إعطاءنا المال دليل على محبتنا لمن أعطيناه فيجتمعوا على الكفر

لأجل المال؛ هذا معنى قول ابن عباس والحسن وقتادة والسدي وغيرهم» .

وامتن عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم بأن رزقه الرفق واللين للناس،

وأخبر أنه لو حُرِم ذلك صلى الله عليه وسلم لأعرض عنه الناس: [فَبِمَا رَحْمَةٍ

مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظاًّ غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ

لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّلِينَ]

(آل عمران: 159) .

فإذا كان هذا شأن النبي صلى الله عليه وسلم فكيف بشأن غيره من الناس؟

وقد حذر الله تبارك وتعالى من شأن علماء السوء الذين يلبسون الحق بالباطل،

ويصدون عن سبيل الله، ويكتمون ما أنزل الله.

وشأن هؤلاء على خطورته واضح جلي؛ لكن تشويه الحق قد يصدر من

صاحب نية صالحة حسنة، فيؤدي ذلك لصد الناس عنه.

* ومن ذلك:

- سوء التعامل مع الناس والفظاظة والغلظة، وقد يسوِّغ لنفسه بأن هذا من

البغض في الله، ومن الغلظة على أصحاب المنكر وأهل الفسق، وهؤلاء من أبعد

الناس عن هدي صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم.

- السطحية والسذاجة، وضحالة الثقافة، وقلة الوعي بأمور الحياة، وبخاصة

أنه كثيراً ما يتحدث ويبدي رأيه باعتبار أنَّ لما يثار صلةً بأمور الشرع، ويفترض

أن ما يملكه من خلفية معرفية كاف لإبداء رأيه فيما يحسن وما لا يحسن.

- الجمود والتعصب، أو الإصرار على إفتاء الناس بالورع والاحتياط في

أمور وسَّع الشرع فيها، والنفور من كل جديد مستحدث، وكأن الأصل التحريم

والتضييق.

- التخلف في السلوك الشخصي، أو في المؤسسات والمنشآت التعليمية

والدعوية.

- الحديث مع الناس بلغة التعالي غير المقصود وانتظار السماع والإنصات

منهم، دون أن يكون لهم حق الاعتراض والمناقشة؛ لأنهم ليسوا أهل علم ولا فقه.

إن دعوتنا للحق وصدق نيتنا لا تعفينا عن الاجتهاد في حسن إبلاغه للناس،

وإن انحراف بعض أهل العلم في مجاراة واقع الناس وتوسعهم في التيسير غير

المنضبط لا يسوِّغ لنا التضييق، ووفود كثير من المستجدات التي تحوي انحرافاً

وزيغاً لا يسوِّغ لنا رفض كل جديد.

والثبات على الحق والمنهج لا يستلزم الإصرار على وسائل لم تعد مجدية ولا

ملائمة للعصر بحجة أن من سبقنا استخدموها.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه،

ولا تجعلنا فتنة للناس.

ص: 44