المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌«البنتاجون فيلم» وسياسة المشاهد السريعة أحمد فهمي وقف (جون ريندون) مستشار العلاقات العامة - مجلة البيان - جـ ٢١٤

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌214 - جمادى الآخرة - 1426 ه

- ‌ستبقى موريتانيا مع علمائها

- ‌التسامح الديني طريق التحريف القادم

- ‌الوصل بين الفقه والحديث

- ‌هذه هي الصوفية

- ‌الجولة القادمة

- ‌الدورات المكثفة لحفظ القرآن الكريم

- ‌العبيد لا يصنعون حضارة

- ‌أخت المروءات الذبيحة

- ‌القصة فن تربية النشء

- ‌مدير الموظفين خادمهم

- ‌قصص قصيرة جداً

- ‌أضواء على بطولات معاصرة

- ‌الجرأة على الثوابت الشرعية

- ‌يريدون ليطفئوا نور الله

- ‌المجتمع المتمدن

- ‌جيل الصحوة بين الهزيمة والانطلاق

- ‌مصر «الجائزة»

- ‌الانسحاب السوري من لبنان يحل المشكلة أم يعقدها

- ‌صحوة ضمير

- ‌«البنتاجون فيلم»

- ‌هل يكون السودان الهدف القادم بعد العراق

- ‌كريموف يذبح مسلمي أوزبكستان

- ‌أفغانستان ونفوذ تجار الحرب

- ‌حكومة الجعفري والمسلسل الطائفي الجديد

- ‌مسيرة تركيا إلى أوروبا

- ‌حماس في المشهد الفلسطيني الجديد

- ‌المعتقلون الإداريون رهائن الملف السري في أروقة «الشاباك»

- ‌مرصد الأحداث

- ‌تجربة عملية في إحياء اللغة العربية الفصحى

- ‌وقفة تدبر مع آية من كتاب الله العزيز

- ‌بشهادات اليهود

- ‌المكر الإعلامي ودوره في التضليل بين القديم والحديث

- ‌عولمة الفئران

- ‌الأمة عندما يراد لها الافتراق والاجتماع معاً

الفصل: ‌ ‌«البنتاجون فيلم» وسياسة المشاهد السريعة أحمد فهمي وقف (جون ريندون) مستشار العلاقات العامة

«البنتاجون فيلم»

وسياسة المشاهد السريعة

أحمد فهمي

وقف (جون ريندون) مستشار العلاقات العامة أمام طلبة الأكاديمية الجوية الأمريكية، يحدثهم عن حرب الخليج الثانية:«هل توقف أحدكم لحظة ليتساءل: كيف حصل سكان الكويت بعد التحرير مباشرة على مئات الأعلام الأمريكية الصغيرة التي لوَّحوا بها لجنودنا؟ حسناً! الجواب: تلك كانت إحدى وظائفي» .

يمتلك (ريندون) شركة كبرى للعلاقات العامة ويرتبط مع البنتاغون بعقود طويلة الأجل يتولى من خلالها أعمالاً متعلقة بحرب العراق وغيرها، وهناك أيضاً شركات أخرى يعتمد عليها البنتاغون مثل (ويبر ساندويك) حول العالم و (هيل آند نولتون) هذه الشركات مهمتها الرئيسة المساعدة في إخراج المشاهد السياسية اللازمة لخداع الرأي العام أو لخنق دولة انتهى تاريخ الصلاحية لنظامها السياسي.

وقد أصبحت «المَشاهدِ السريعة» سياسة معتمدة بصورة رسمية منذ إعلان استراتيجية الضربات الاستباقية، فتم تأسيس مكتب الاتصالات العالمية في البيت الأبيض، وخُصصت له ميزانية 200 مليون دولار كي يروج للحرب ضد العراق. قبل ذلك كان لا بد من انتظار حدث خطير في حجم احتلال العراق للكويت قبل الشروع في الحرب، لكن الوضع تطور كثيراً في الحرب الأخيرة، وأصبح بالإمكان إنتاج مشهد مسوغ لبدء الحرب لكن في استوديوهات البنتاغون.

وسياسة «المشاهد السريعة» لها خلطة سرية تتضمن: مدخلاً مناسباً (الديمقراطية، أسلحة الدمار) ـ معلومات استخباراتية (علاقة مع القاعدة، تطوير أسلحة إلخ) ـ معارضة (الجلبي، أقباط المهجر إلخ) ـ قراراً من مجلس الأمن ـ تكراراً. ويتم مزج هذه المكونات حتى تُحدِث التحريض المطلوب ضد الجهة المقصودة بنجاح، والرئيس بوش لا ينكر هذه السياسة بل يقول:«إن إحدى مهماتي هي أن أكون محرضاً، وأنا جادٌّ في ذلك.. أنا أحرض الناس حتى أنتزع القرارات منهم بقوة» .

وسياسة «المشاهد السريعة» لها جانبان مهمان:

أولهما: أن المشاهد السياسية المركبة تكون سريعة التأثير والزوال أيضاً؛ بمعنى أنه لا يترتب عليها أية عاقبة أو مساءلة بعد اكتشاف الكذب أو تضخيم الأحداث، وتلك مزية عظيمة تفسح المجال لمزيد من الخداع. وقبل غزو العراق صرح الرئيس بوش بأن تقريراً لوكالة الطاقة الذرية يؤكد أن العراق سيمتلك سلاحاً نووياً في ستة أشهر، وتساءل قائلاً:«أنا لا أدري ما هو الدليل الإضافي الذي نحتاجه؟ بعد ذلك تبين أن لا وجود لمثل هذا التقرير المزعوم، ولا وجود لأي برنامج نووي؛ فهل اعترض الأمريكيون واتهموا رئيسهم بالكذب؟ تقول (هيلين توماس) كبيرة مراسلي البيت الأبيض: «إن إعادة انتخاب بوش هي أكبر استفتاء بالموافقة على حرب العراق» . نحن إذن أمام رؤساء يكذبون ومواطنون لا يأبهون، وهذه وضعية تنبئ عن الأخلاقيات التي ستحكم الصراع في الفترة القادمة، وهذا ما أكده وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد بقوله:«أحيانا تكون الحقيقة ثمينة جداً إلى درجة أن يصبح من الضروري أن تكون مصحوبة بحراسة من الأكاذيب» .

ثانيهما: أن غالبية الدول العربية تقع ضمن نطاق الأهداف المحتملة لهذه السياسة؛ فهناك (أجندة) جاهزة لكل دولة تحتوي على المكونات الضرورية لإخراج مشهد مؤثر، لا توجد ضرورة أبداً لانتظار سلوك استفزازي أو عدواني من دولة ما لشن الحملة ضدها، يكفي أن يدركها الدور فتدور الآلة الإعلامية الجبارة، ويخرج المشهد السياسي للرأي العام لترتفع الرايات البيضاء في أسابيع قليلة.

ص: 20