الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التاريخ
أبو بكر رضي الله عنه
نأتي في هذا الباب على ترجمة أعاظم رجال المسلمين ممن أنتقع بهم العلم والدين، كما تعهدنا بذلك في المقدمة لما فيه من تجريك بواعث الهمم، للاقتداء بأولئك الرجال. في جلائل العمال. وكرائم الخصال. ولانا نرى كثيراً ممن يدعى التمدن يحفظون تاريخ فلاسفة الغربين. ويتلمظون به في المجالس ثم إذا سألتهم عن تاريخ رجل من عظماء المسلمين. أو عالم من العلماء المبرزين. تراهم لا يحفظون نبذة من كلامه ولا مأثرة من مأثره اللهم غفراً ينسون تاريخ قومهم ويحفظون تاريخ غيرهم أن هذه النهاية التعاسة وغاية الخذلان.
وها نحن أولاء نتيمن بالابتداء بترجمة خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفضل من طلعت عليه الشمس بعد النبيين. (أبي بكر الصديق) رضى الله تعالى وعنه وكان الأحرى بنا أن نبتدئ بترجمة الرسول صلى الله عليه وسلم لولا أن ألف في ترجمته مالا يحصى من المؤلفات عدا بل أن الكتب الدينية جمعاء ترجمة لحياته الشريفة صلى الله عليه وسلم. اسم أبي بكر عبد الله سماه به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أسلم وكان اسمه عبد الكعبة ولقبه بالعتيق لجمال وجهه ووصف بالصديق لبداره إلى تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما جاء به عموماً واسم أبيه عثمان ويكنى أبا قحافة ويجتمع نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم في مرة بن كعب. ولد رضى الله عنه لسنتين وأشهر من مولد النبي صلى الله عليه وسلم. صحب النبي صلى الله عليه وسلم صحبه لا يمكن للمؤرخ أن يحيط بها مهما بلغ من الإطلاع وأجاد في الشرح. صحبة تمثل التفاني في تأييد الحق بأجلى مظاهره وتعلم الناس كيف يتحدون. قداه بماله عند الاقتضاء. وبنفسه عند الشدائد صدقه حين كذبه الناس ونصره حين خذله الناس وآمن به حين كفر به الناس قال صلى الله عليه وسلم أنم آمن الناس على في صحبته وماله أبو بكر ولو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن أخوة الإسلام. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد ذكر عنده أبو بكر فبكي وقال وددت لو أن عملي كله من عمله يوماً واحداً من أيامه وليلة من لياليه أما الليلة فليلة سار مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى النار فلما انمتهيا إليه قال والله لا تدخله حتى أدخل قبلك فإن كان فيه شيء أصابني دونك فدخل فكسحه فوجد في جانبه ثقباً فشق
أزاره وسد به تلك الثقب وبقي منها اثنان فألقمهما رجله ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أدخل فدخل فوضع رأسه في حجره ونام فلدغ أبو بكر في رجله من الحجر ولم يتحرك مخافة أن ينتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتبه فقال مالك يا أبا بكر فقال لدغت فداك أبي وأمي فتفل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب ما يجده ثم انتقض عليه فكان سبب موته وأما اليوم فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب وقالوا لا يؤدي زكاة فقال لو منعوني عقالاً لجاهدتهم عليه فقلت يا خليفة رسول الله تالف الناس وأرفق بهم فقال أجبار في الجاهلية وخوار في الإسلام أنه قد انقطع الوحي وتم الدين ثم ينتقض وأنا حي ما هذه المحبة وما هذه المفاداة! أن هي إلا نور قذفه الله في قلب أبي بكر حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حب إليه من نفسه (ما فضلكم أبو بكر بكثرة صلاة ولا صيام ولكن بشيء وقر في صدره وكان أبو بكر رضي الله عنه أشجع الناس وقف في وجوه المشركين وقفات عديدة يعرض فيها نفسه للخطر دفاعاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن علي كرم الله وجهه ورضي عنه قال أخبروني من أشجع الناس قالوا أنت قال أما أني ما بارزت أحداً إلا انتصفت منه ولكن أخبروني من أشجع الناس قالوا لا نعلم قال أبو بكر أنه لما كان يوم بدر جعلنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريشاً فقلنا من يكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لئلا يهوى إليه أحد من المشركين فو الله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر شاهراً بالسيف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يهوى إليه أحد إلا هوي إليه فهو أشجع الناس قال ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وآخذته قريش فهذا يجبأه وهذا يتلتله وهم يقولون أنت الذي جعلت الآلهة إلهاً واحداً فو الله مادنا منا أحد إلا أبو بكر يضرب هذا ويجبأ هذا ويتلتل هذا وهو يقول ويلكم أتقتلون رجلاً ان يقول ربي الله ثم رفع علي رضي الله عنه بردة كانت عليه فبكي حتى أخضلت لحيته ثم قال أنشدكم بالله أمؤمن آل فرعون خير أم أبو بكر فسكت القوم فقال إلا تجيبوني فو الله لساعة من أبي بكر خير من ألف ساعة من مؤمن آل فرعون ذاك رجل يكتم إيمانه وهذا رجل أعلن إيمانه.