الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإعانة بالوسائل المنكرة
لايشك مسلم اعتقد أن هذا الدين المحمدي حق، وإن القرآن الكريم صدق، وأن سيدنا الله صلى الله تعالى عليه وسلم ما كان ينطق عن الهوى، وقرأ قوله تعالى:(إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله) الآية وقوله سبحانه: (الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله) وقوله جل جلاله: (فأنذرتكم ناراً تلظى لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى وسيجنبها الأتقى الذي يؤتى ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزي إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى) وقوله عز شأنه: (الذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا) وبلغه ماروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت وقد حكيت له أي لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سلم إنساناً فقال ما أحب إني حكيت إنساناً وأن لي كذا وكذا وأنه لا يجوز التوصل بالمحرم إلى الحلال في الصدقة من علم هذا كله لا يشك في أن قسماً من الزكاة الثمانية يجب أن يصرف في سبيل الله وهو الجهاد وأن الجهاد كما يكون بالنفس يكون بالمال وأن المسلم لا يتزكى عند الله ماله إذا آتاه لأحد له عنده نعمة تجزى وأن الصدقة رثاء الناس موصوف بها الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وأن روايات التمثيل التي تحكي الناس حظرنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الصدقة التي تؤتى بواسطة أمر محرم شرعاً لا أجر فيها ولا يقبلها الله تعالى بل تكون مردودة على صاحبها وفيها الإثم والوبال والعذاب والخزي والنكال.
إذا صح هذا عند المسلم وتقرر وعرف أنه من الدين المحمدي الحنيفي وأراد أن يعطي إعانة للحرب أو للفقراء أو لمنفعة عامة للمسلمين أو غيرها من الصدقات سواء كانت واجبة وهي الزكاة وما شابهها أو تطوعاً وهي ماعداها لا يدفعها ذلك المسلم بواسطة حضور رواية تمثيل أو اجتماع يشتمل على محرم إذا كان قصده بتلك الصدقة من حيث هي وجه الله تعالى والثواب في الآخرة فإن دفع الصدقة بواسطة من هذه الوسائط أو مثلها خسران الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين وحق لذلك المتصدق أن ينشد له:
مربية الأيتام من كد فرجها
…
لك الويل لا تزني ولا تتصدقِ
فإن فيها الوزر بدل الثواب والأجر وذلك لأن المتصدق بواسطة حضور روايات التمثيل
وأمثالها لو لم يحضر لم يتصدق فكانت منه لأجل حضور الرواية واتباع نفسه سبيل الغواية لا لوجه الله عز علاه ولا للثواب يوم المآب.
ولا ريب أن الذين يمثلون الرواية ليسوا ذوي مروءة وشهامة لخروجهم أمام الناس بهيئة تشينهم في دينهم وتثلم عرضهم بين المجتمعين عليهم إذا كان يصدق على أمر دهم قول الشاعر:
يرينا صفحتي قمر
…
يفوق سناهما القمرا
يزيدك وجهه حسنا
…
إذا مازدته نظرا
ونتأكد أن لا أحد من المواطنين سيما أصحاب المروءة والدين يؤازر هذا العمل الشري المنكور وأن موه بأنه تدعو إليه الوطنية الصحيحة في مثل هذه الأزمات الشديدة إذ كانت إعانة الحملة الطرابلسية يمكن جمعها أضعافاً مضاعفة بدون فحش وثلم عرض وإخلال بالمروءة وارتكاب محرمات جمة لا يرتضيها صاحب دين أو ذمة ونشكر بلسان الدين والمروءة والشهامة أصحاب الوجدان الذين يتركون مؤازرة المشخصين المرد لما علموا أن قصد الواردين إليهم التمتع بجمالهم وما كنا نحتال أن يسترسل في دمشق بعض أبناء العائلات الكرمة في مثل هذه المفاسد المميتة للأخلاق ولم ندرِ كيف سمح ولهم أولياؤهم بالانغماس في سبيل هذه السفاسف الغربية وهم يعلمون أن اقتداءنا بالغربيين بالضار من عاداتهم دون المنافع هو داؤنا العضال وكان الأولى بهؤلاء الشبان أن يجتهدوا في نفع أمتهم بما يرفع شأنهم ويعلى من أقدارهم ولعلهم إلى ذلك صائرون.
محمد عارف المنير الحسيني