الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جنايات المقتبس على الدولة والوطن
(شر ملحقاً للعدد الثاني من السنة الثانية)
يقوم بيننا دعاة الفساد ينشرون أفكارهم، ويجرون علينا ويلاتهم، يفسدون علينا سياستنا، يغرقون بين عناصرنا، ينفروننا من دولتنا، يساعدون علينا أعداءنا يتسلطون على علماءنا، يحقرون كبرياءنا، يضروننا في ديننا، يسقطون مهابة حكامنا، يسعون في إفساد شباننا، يعملون على إماتة عواطفنا، يعمدون لانتزاع الشجاعة والشهامة منا، كل ذلك يفعله المفسدون ونحن ساهون لاهون.
لا ينبض لنا عرق، ولا يتحرك فينا دم، كأننا لسنا من أهل الحياة فإلى متى هذا النوم يا قوم، هذا صاحب المقتلس منذ إعلان الحرب بين دولتنا المحبوبة وبين إيطاليا أخذ ينشر الأخبار المنكوبة التي تجلب اليأس وتضعف القوى.
نشر قوات إيطاليا وما عندها من الاستعدادات الحربية ليرهبنا بذلك ويقطع عزائمنا. بين ضعف الدولة وفقرها وثبط العثمانيين عن جمع الإعانات وتحرص بأنهم لا يجمعون من المملكة أكثر من ربع مليون ليرة وأن من الحكمة أن يصرف على أعمار بلادهم. وقال في الرد على من يحث العثمانيين وعموم البلاد الإسلامية على مساعدة الدولة بأموالهم كما فعل الفرنسيون واليابانيون (فأين نحن من يا بأن مملكة الشمس المشرقة وفرنسا ممدنة العالم) كأن العثمانيين ليسوا من بني البشر. وقارب أن يفضل السياسة المدنية على السياسة الشرعية الربانية في مقالة نشرها بإمضاء س. ز. ولما رأى أن مسألة اختلاف العرب والترك قد زالت وأن الأمة أدركت خطأها وتبين لها بفضل الوعظ الديني أن الواجب عليها أن تتضامن وتتكافل وتنسى الأحقاد وتدع الشخصيات ليتسنى لها الخروج من هذا المأزق الحرج الذي وقعت فيه لم يرق له ذلك فقام ينشر ما يدعو إلى النفور ويزعم أن خطباء المسلمين يهيجون الناس لأنهم يأمرونهم بالجهاد في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ويحثونهم على مساعدة دولتهم والدفاع عن إخوانهم بالإعانات والتطوع مموها أن في ذلك ما يثير الخواطر على المسيحيين كذب والله فأله، وطاش سهمه، وخاب ظنه فليس في الحث على الجهاد ما يوجب شيئاً من ذلك. وهل المسلمون والمسيحيون إلا سواء في الوطنية، سواء في العثمانية وهاهم يعملون معاً يداً واحدة على جمع الإعانات لإنقاذ دولتهم وأهل وطنهم
والحماسة سائدة بين الجميع على رغم أنف من يريد التفرقة بينهم فليدع المتخرصون تخرصاتهم فإن الشرع الشريف يعتبر مواطنينا المسيحيين قسمين ذمي ومعاهد فالذمي له ما المسلمين وعليه ما عليهم دمه حرام، وعرضه حرام، وماله حرام ولا يحل لمسلم أن بمثابة فضلاً عن أن يتعرض له بسوء والمعاهد الأجنبي قد دخل البلاد بإذن الخليفة الأعظم فهو محقون الدم مصون العرض محفوظ الحقوق عملاً بالأمان الذي منحته الحكومة إياه ومن أوفى ذمة من المسلمين وليرجع القارئ إلى مقالة صاحب المقتبس (التكهن السياسي المنشورة عدد (795) ومقالة ماليتنا والإعانات (المنشورة عدد 799 وإلى مقالة الأقاويل والأراجيف الموقعة بإمضاء س. ز المنشورة عدد 801 ويتصفح جريدته وليقابل بينها وبين غيرها من الجرائد العثمانية التي تتقد حماسة وغيرة وتحمل العثمانيين على أن يفدوا دولتهم العثمانية بأنفسهم وأموالهم وأولادهم وأن يعيشوا شرفاء أو يموتوا أعزاء قال لنا بعض الناس أنني حينما أقرأ جريدة المفيد تأخذ في الحماسة الشديدة وآخذ العهود على نفسي أنني إذا وجدت احتياجاً في دولتي لا مثالي لا فدينها بنفسي ومالي وإذا طالعت جريدة المقتبس يعتورني اليأس والخور وأتصور أن الطليان لابد أن يأخذوا طرابلس الغرب وأن حماستنا وغيرتنا وإعاناتنا وقوتنا لا تقيد شيئاً وقد اجتمعنا بكثير ممن كانوا يعتقدون فيه الوطنية فرأيناهم ساخطين عليه وقد ظهر لهم ما كان يخفيه من العداء للأمة والملة.
ومهما تكن عند امرئ من خليقة
…
وإن خالها تخفى علي الناس تعلم
ذلك بعض ما قام به صاحب المقتبس من المفاسد فلما كان عمل العثمانيين تجاهها هل رهبوا إليه ونصحوه وبينوا له خطورة الأمر هل أقاموا عليه احتجاجاً مشروعاً ليرتدع فما هو عليه من الغي ويرجع إلى الصواب شاء أم أبى هل رفعوا أمره إلى الحكومة لتتلاقى الخطر قبل أن يتسع الخرق؟ هل قاطعوا جريدته ورفضوا الاشتراك ليتضح له خلل رأيه وأن الأمة قد انتبهت له فيعدل خطته أو يعتزل الصحافة فيريح الناس من إفساده وسخافة رأيه حقاً ليس الوقت وقت خصام وشحناء وتضاغن وعداء وتخطئ مخطئ وتفيد مزاعم متحرض وإنما الوقت وقت أن نجتمع بدا واحدة ونعمل على تلاقي هذا الخطر المحدق بنا الذي لا يعلم ما تكون النتيجة فيه (وستكون خيراً أن شاطئه) وليكن من لنا بتقييد تلك اليد الأثيمة عن تفريق وحدتنا والعبث بمصالحنا وزرع اليأس في قلوبنا والتلاعب بديننا. نحن
والله لا نطلب من صاحب المقتبس إصلاحاً لأنه بعيد عن الخير والخير بعيد عنه ولا نعلم أن جريدته بجريدة أجنبية منها بجريدة عثمانية وأنها لا تعمل على نفع العثمانيين وإنما نريد أن يكف عنا شروره ويكفينا وتعزيزه أو يرغم على ترك هذه السياسات السخيفة والآراء الصبيانية الضعيفة ويحزنها في فؤاده فلا يراها أحد من العالمين وخلاصة القول أن الواجب على من عنده غيرة وحمية مقاطعة كل جريدة إفسادية ورفض الاشتراك بها ليرتدع بذلك المفسدون.