المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سنن متروكة من السنن المتروكة عدم تسوية الصفوف في الصلاة وترك - مجلة الحقائق - جـ ٣٠

[عبد القادر الإسكندراني]

الفصل: ‌ ‌سنن متروكة من السنن المتروكة عدم تسوية الصفوف في الصلاة وترك

‌سنن متروكة

من السنن المتروكة عدم تسوية الصفوف في الصلاة وترك فرج فيها وعدم إتمامها وقد اتفقت عامة الفقهاء على أن من السنة تسوية الصفوف وإتمامها وسد فرجها والتراص فيها وعدم الشروع في صف قبل إتمام ما قبله.

قال في الهندية وينبغي للقوم إذا قاموا إلى الصلاة أن يتراصوا ويسدوا الخلل ويسووا بين مناكبهم في الصفوف.

ولا بأس أن يأمرهم الإمام بذلك كذا في البحر الرائق شرح كنز الدقائق والقيام في الصف الأول أفضل من الثاني وفي الثاني أفضل من الثالث وإن وجد في الصف الأول فرجة دون الصف الثاني يخرق الصف الثاني كذا في القنية.

وأفضل مكان المأموم حيث يكون أقرب إلى الإمام. أ. هـ وفي الدر المختار (ولو صلى على رفوف المسجد إن وجد في صحنه مكاناً كره كقيامه في صف خلف صف فيه فرجة) قال محشية العلامة الظحطاوي (قوله كقيامه من صف خلف صف) فإنه مكروه وهل الكراهة تنزيهية أو تحريمية يحرر والذي يرشد إليه قوله عليه الصلاة والسلام ومن قطعه قطعه الله الثاني أه. وقد نقل عبارته العلامة ابن عابدين وأقرها ثم قال بقي ما إذا رأى الفرجة بعدما أحرم هل يمشي إليها لم أره صريحاً وظاهر الإطلاق نعم ثم رأيت من مفسدات الصلاة من الحلية عن الذخيرة إن كان في الصف الثاني فرأى فرجة في الأول فمشى إليها لم تفسد صلاته لأنه مأمور بالمراصة قال عليه الصلاة والسلام تراصوا في الصفوف ولو كان في الصف الثالث تفسد أه أي لأنه عمل كثير وظاهر التعليل بالأمر أنه يطلب منه المشي إليها تأمل وكتب على قول الدر (ولو وجد فرجة في الأول لا الثاني له خرق الثاني لتقصيرهم) يفيد أن الكلام فيما إذا شرعوا وفي القنية قام في آخر صف وبينه وبين الصفوف مواضع خالية فللداخل أن يمر بين يديه ليصل الصفوف لأنه أسقط حرمته بنفسه فلا يأثم المار بين يديه دل عليه ما في الفردوس عن ابن عباس عنه صلى الله عليه وسلم من نظر إلى فرجة في صف فليسدها بنفسه فإن لم يفعل فمر مار فليتخط على رقبته فإنه لا حرمة له أي فليتخط المار على رقبة من لم يسد الفرج أه هذا الحكم عند السادة الحنفية وأما عند السادة المالكية فقد قال في المدونة وقال مالك رضي الله عنه إذا فرغ المؤذن من الإقامة ينتظر الإمام قليلاً قدر ما تستوي الصفوف ثم يكبر ثم قال وقد كان عمر وعثمان يوكلان رجالاًَ

ص: 18

بتسوية الصفوف فإذا أخبروهما أن قد استوت كبرا.

وأما الحكم عند السادة الشافعية فقد قال في فتح المعين وندب وقوف في صف أول وهو ما يلي الإمام وإن تخلله منبر أو عمود ثم ما يلي وهكذا أفضل كل صف يمينه ولو ترادف يمين الإمام والصف الأول قدم فيما يظهر ويمينه أولى من القرب إليه في يساره وإدراك الصف الأول أولى من إدراك الركوع غير الركعة الأخيرة أما هي فإن فوتها قصد الصف الأول فإدراكها أولى من الصف الأول وكره لمأموم انفراد عن الصف وشروع في الصف قبل إتمام ما قبله وكل هذه تفوت فضيلة الجماعة كما صرحوا به ويسن أن لا يزيد ما بين كل صفين وما بين الأول والإمام على ثلاثة أزرع قال محشية العلامة السيد علوي السقاف عند قوله يمينه ويستحب لكل واحد تسوية الصفوف والأمر بذلك والمراد تعديلها والتراص فيها ووصلها وسد فرجها وتقاربها وتحاذي القائمين بحيث لا يتقدم صدر واحد ولا شيء منه على من بجنبه ولا يشرع في الصف الثاني حتى يتم الصف الذي قبله فإن خالف في شيء من ذلك كره ولا يضر طول الفصل بين الإقامة والصلاة لتعديلها الصفوف كما في التحفة في باب الآذان وعد في الزواجر قطع الصف وعدم تسويته من الكبائر وهو ظاهر خبر من قطع صفاً قطعه الله أه. إذ هو بمعنى لعنه الله واللعن من علامة الكبائر لكن لم أر من عده كبيرة بل هو عندنا مكروه أه وأما الحكم عند السادة الحنابلة فقد قال شيخ الإسلام الشيخ منصور بن يونس البهوتي في شرح المنتهى عند قول المصنف (ثم يسوي إمام الصفوف بمنكب وكعب) استحباباً فيلتفت عن يمينه فيقول استووا رحمكم الله وعن يساره كذلك لحديث محمد بن مسلم قال صليت إلى جنب أنس بن مالك يوماً فقال هل تدري لم صنع هذا العود فقلت لا والله فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة أخذه بيمينه فقال اعتدلوا وسووا صفوفكم ثم أخده بيساره وقال اعتدلوا وسووا صفوفكم رواه أبو داود ثم كتب عند قول الصنف (وسن تكميل) صفوف (أول فأول) حتى ينتهي إلى الآخر فلو ترك الأول فالأول كره لحديث لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا على ذلك لاستهموا عليه وظاهره حتى بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم وإن كانت الصلاة في محراب زيادة عثمان قال في (الفروع) وظاهر كلامهم يحافظ على الصف الأول وإن فاتته ركعة ويتوجه من نصه يسرع إلى الأولى

ص: 19

للمحافظة عليها والمراد من كلامهم إذا لم تفته الجماعة بالكلية مطلقاً وإلا حافظ عليها فيسرع إليها وقد ورد في السنة الوعيد الشديد لمن ترك تسوية الصفوف وإتمامها وسد فرجها قال صلى الله عليه وسلم لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم وعن أنس قال أقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال أقيموا صفوفكم وتراصوا فإني أراكم من وراء ظهري وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الغرق والمبطون والمطعون والهدم وقال لو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبواً ولو يعلمون ما في الصف المقدم لاستهموا وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة وفي البخاري. .

باب أثم من لم يتم الصفوف

عن أنس رضي الله عنه أنه قدم المدينة فقيل له ما أنكرت منا منذ يوم عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنس ما أنكرت شيئاً إلا أنكم لا تقيمون الصفوف وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أقيموا صفوفكم فإني أراكم من وراء ظهري وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه كناية عن المبالغة في تعديل الصف وسد خلله وروى أبو داود من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ولا تذروا فرجات للشيطان ومن وصل صفاً وصله الله ومن قطع صفاً قطعه الله عز وجل وقد صححه ابن خزيمة والحاكم وهنا نلفت أنظار حملة العلم إلى إحياء هذه السنن التي اعتاد كثير من الناس تركها ولا زاتجر لاسيما وكثير من الخاصة وأهل العلم يصلون تحت الدكة (السدة) مع وجود صفوف كثيرة غير تامة ووجود مسافة طويلة بينهم وبين آخر صف ووجود فرج في بعض الصفوف والعامة يقتدون بأهل العلم في أعمالهم وخصوصاً ما كان منها عبادة وفي المساجد وعليه ينبغي لأهل العلم إرشاد الناس بأقوالهم وأفعالهم إلى إحياء هذه السنن المتروكة ليكون لهم أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة والله الموفق والهادي.

ص: 20