المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التفريق بين الزوجين للغيبة - مجلة جامعة أم القرى ١٩ - ٢٤ - جـ ١١

[مجموعة من المؤلفين]

الفصل: ‌التفريق بين الزوجين للغيبة

‌التفريق بين الزوجين للغيبة

د. عبد العزيز بن محمد بن عثمان الربيش

أستاذ الفقه المشارك بجامعة الملك سعود - فرع القصيم

ملخص البحث

يحمل البحث عنوان "التفريق بين الزوجين للغيبة ".

جعله الباحث في مقدمة وخاتمة وأربعة مباحث:

المبحث الأول: في تعريف وتحديد مصطلح "الغيبة" وقد حدد الباحث مصطلح "الغيبة" الذي يدور عليه البحث وهو من غادر موطنه إلى موطن آخر ولم يعد إليه لفترة وحياته معلومة ومكانه معروف ويمكن الاتصال به وهذا هو "الغائب" أو الغيبة غير المنقطعة الذي سيكون محل الدراسة، ولذا لا يدخل فيه المفقود ونحوه.

المبحث الثاني: في اختلاف الفقهاء في التفريق بين الزوجين للغيبة وتبين للباحث رجحان قول من قال بالتفريق بين الزوجين للغيبة إذا تضررت الزوجة من هذه الغيبة وطالبت بالفرقة وتوفرت شروط التفريق.

المبحث الثالث: في شروط التفريق بين الزوجين للغيبة عند من يقول بجوازها وتوصل الباحث إلى أن الذين قالوا بالتفريق بين الزوجين للغيبة وهم المالكية والحنابلة اشترطوا شروطاً لابد من توفرها قبل التفريق منها شروط اتفقوا عليها، ومنها ما اشترطه الحنابلة ومنها ما اشترطه المالكية والحنابلة واختلفوا فيها، كما ترجح لدى الباحث رجحان قول المالكية، وهو أنه لا يشترط للتفريق أن تكون الغيبة لعذر.

المبحث الرابع: في نوع الفرقة للغيبة. وتبين للباحث رجحان قول من قال إن الفرقة فسخ وليس طلاقاً. واللَّه أعلم بالصواب.

***

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فهذا بحث في " التفريق بين الزوجين للغيبة ".

جعلته في مقدمة وأربعة مباحث، وخاتمة بينت فيها أهم النتائج التي توصلت إليها في البحث.

أما مباحثه الأربعة فهي كالتالي:

الأول: في تعريف وتحديد مصطلح " الغيبة ".

ص: 59

والثاني: في اختلاف الفقهاء في التفريق بين الزوجين للغيبة.

والثالث: في شروط التفريق بين الزوجين للغيبة عند من يقول بجوازها.

والرابع: في نوع الفرقة للغيبة.

هذا ولا يخفى أهمية هذا البحث وخاصة لأولئك الذين يسافرون إلى غير بلادهم بدون زوجاتهم ويمكثون فيها مدة طويلة لأي سبب من الأسباب فإن البحث يجيب عن كثير من الأسئلة الفقهية التي تدور في أذهانهم. أسأل اللَّه سبحانه أن أكون قد وفقت في طرح الموضوع ومعالجة مباحثه، كما أسأله جل شأنه السداد والإخلاص.

وصلى اللَّه وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المبحث الأول: تعريف وتحديد مصطلح الغيبة

تعريف الغيبة:

الغيبة في اللغة:

الغيب: الشك، وكل ما غاب عنك وكل ما غاب عن العين فهو غيْب.

والغيبة - فتح الغين -: مصدر غاب ومعناها في اللغة: البعد وتستعمل بمعنى التواري، يقال: غابت الشمس إذا توارت عن العين، وامرأة مُغيب ومُغْيب ومُغيبة غاب بعلها أو أحد من أهلها وأغابت المرأة فهي مُغيب (1) .

الغيبة في اصطلاح الفقهاء:

معنى الغيبة عند الفقهاء لا يخرج عن المعنى اللغوي ويقصدون بالغياب " انتقال الزوج بدون زوجته إلى موطن آخر غير الموطن الذي كان فيه بيت الزوجية "(2) . وحياته معلومة ومكانه معروف ويمكن الاتصال به (3) .

تحرير وتحديد مصطلح الغيبة:

من المهم قبل دراسة مسائل الموضوع أن أحرر وأحدد مصطلح "الغيبة" الذي ستكون مسائله وأبحاثه ميداناً للبحث بحيث لا يدخل فيه ما ليس منه ولا يخرج عنه ما يعتبر داخلاً فيه.

(1)

انظر: لسان العرب لابن منظور1/654، والمصباح المنير للفيومي ص174، والموسوعة الكويتية 31/321، والمفصل في أحكام المرأة للدكتور عبد الكريم زيدان 8/460.

(2)

المفيد من الأبحاث في أحكام الزواج والطلاق والميراث لمحمد الشماع ص147.

(3)

الموسوعة الكويتية 29/62، والمفصل في أحكام المرأة 8/460.

ص: 60

لقد تبين لنا من تعريف الغيبة أن الغائب: هو من غادر موطنه إلى موطن آخر أي سافر من بلده إلى بلد آخر ولم يعد إليه لفترة وحياته معلومة ومكانه معروف ويمكن الاتصال به فهذا هو الغائب والذي سيكون محل الدراسة والبحث لا غير، أما من غادر مكانه ولم يعد إليه وجهلت حالته فهو المفقود ولا شك أنه يختلف عن الغائب وله أحكام تختلف عن أحكام الغائب ولذا لن يكون محلاً للدراسة والبحث.

وعند بعض الفقهاء يطلقون مصطلح " فقدان الزوج " على الغائب والمفقود ويفرقون بينهما بأن الغائب هو " الغيبة غير المنقطعة " أي: انتقال الزوج ولكنه معروف المكان ويمكن الاتصال به، والمفقود يطلقون عليه " الغيبة المنقطعة "(1) ، ولذا سواء أطلقنا عليه " الغائب " أو " الغيبة غير المنقطعة " فإنه هو ميدان البحث لا غير، ولن أتطرق للمفقود أو غيره، وبالله التوفيق.

المبحث الثاني: اختلاف الفقهاء في التفريق بين الزوجين للغيبة

اختلف الفقهاء في جواز التفريق بين الزوجين للغيبة إلى قولين في الجملة (2) :

القول الأول:

عدم جواز التفريق بين الزوجين للغيبة مطلقاً، حتى لو تضررت الزوجة من عدم الوطء وطلبت التفريق.

قال بذلك الشافعية (3) .

القول الثاني:

جواز التفريق بين الزوجين للغيبة إذا طلبت الزوجة التفريق.

(1)

المرجع السابق، وزوجة الغائب للدكتور محمد عبد الرحيم محمد ص23.

(2)

أشير هنا إلى أن عرض الخلاف في المسألة سيكون مجملاً وهناك تفصيلات سنعرضها عند الكلام عن شروط التفريق للغيبة عند من يقول بها.

(3)

انظر: الأم 5/239، والتكملة الثانية للمجموع شرح المهذب 18/158، ومغني المحتاج 3/442.

ص: 61

قال بذلك المالكية (1) ، والحنابلة (2) ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية (3) .

أما الحنفية (4) فإنهم وسط بين القولين، فيقولون: لا يجوز التفريق بين الزوجين لغيبة الزوج وترك مباشرته لزوجته بالجملة.

(1)

قال الحطاب في مواهب الجليل 4/155-156: " اعلم أن الغائبين عن أزواجهم خمسة. فالأول: غائب لم يترك نفقة ولا خلف مالاً ولا لزوجته عليه شرط في المغيب فإن أحبت زوجته الفراق فإنها تقوم عند السلطان بعدم الإنفاق. والثاني: غائب لم يترك نفقة ولزوجته عليه شرط في المغيب فزوجته مخيرة في أن تقوم بعدم الإنفاق أو بشرطها وهو أيسر عليها لأنه لا يضرب له في ذلك أجل. والثالث: غائب خلف نفقة ولزوجته عليه شرط في المغيب فهذه ليس لها أن تقوم إلَاّ بالشرط خاصة وسواء كان الغائب في هذه الثلاثة الأوجه معلوم المكان أو غير معلوم إلَاّ أن معلوم المكان يعذر إليه إن تمكن من ذلك. والرابع: غائب خلف نفقة ولا شرط لامرأته وهو مع ذلك معلوم المكان فهذا يكتب إليه السلطان إما أن يقدم أو يحمل امرأته إليه أو يفارقها وإلا طلق عليه. والخامس: غائب خلف نفقة ولا نفقة ولا شرط لامرأته عليه وهو مع ذلك غير معلوم المكان فهذا هو المفقود " اهـ.

وانظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/431، وشرح الزرقاني على مختصر خليل 4/155، وشرح منح الجليل على مختصر خليل 2/313.

(2)

انظر: المغني تحقيق الدكتور عبد اللَّه التركي والدكتور عبد الفتاح الحلو 10/240، وانظر: المقنع والشرح الكبير والإنصاف ثلاثة كتب في كتاب واحد تحقيق الدكتور عبد اللَّه التركي 21/406.

(3)

الاختيارات الفقهية للبعلي ص423.

(4)

انظر: بدائع الصنائع 2/331، والبحر الرائق شرح كنز الرقائق 3/219، وحاشية رد المحتار 3/202.

ص: 62

أما التفصيل: فإنهم يقولون: يسقط حق المرأة في الوطء قضاءاً إذا وطئها الزوج مرة فلا يجوز التفريق بينهما، أما إذا لم يصبها مرة واحدة فإن القاضي يؤجله سنة ثم يفسخ العقد (1) .

الأدلة والمناقشة:

اختلاف الفقهاء في هذه المسألة مبني على اختلافهم في حق دوام الوطء هل هو حق للرجل فقط وليس للزوجة فيه حق أو أنه حق للزوجة أيضاً مثل ما هو حق للزوج؟

فمن ذهب إلى أنه حق للزوج فقط وليس للزوجة فيه حق الشافعية؛

قالوا إذا ترك الزوج وطأ زوجته مدة لم يكن ظالماً لها أمام القاضي وإذا طلبت التفريق لتضررها بعدم الوطء لا يفرق القاضي بينهما سواء أكان حاضراً أم غائباً، طالت غيبته أو لا، لكن يستحب عند الشافعية أن لا يعطلها؛ لأنه إذا عطلها لم يأمن الفساد (2) .

أما من ذهب إلى أنه حق للزوجة أيضاً مثل ما هو حق للزوج واستدامة الوطء واجب للزوجة على زوجها قضاء إذا لم يكن عند الزوج عذر وهم المالكية والحنابلة (3) ، قالوا إذا غاب الزوج عن زوجته مدة وتضررت من ترك الوطء وطلبت التفريق من القاضي فإنه يفرق بينهما (4) . أمَّا الحنفية فتقدم قولهم في المسألة (5)

(1) حاشية رد المحتار 3/202.

(2)

المهذب 2/67.

(3)

انظر: مراجع المالكية والحنابلة السابقة وقوانين الأحكام الشرعية ص211، والمغني 10/239.

(4)

انظر: الموسوعة الكويتية.

(5)

فقالوا الواجب على الزوج قضاء أن يطأ زوجته مرة واحدة والزيادة عن المرة الواحدة تجب ديانة عند بعض الحنفية وقال بعضهم بل تجب أيضاً قضاء. قال في بدائع الصنائع 2/331: " وللزوجة أن تطالب زوجها بالوطء لأن حله لها حقها كما أن حلها له حقه وإذا طالبته يجب على الزوج ويجبر عليه في الحكم مرة واحدة والزيادة على ذلك تجب فيما بينه وبين اللَّه تعالى من باب حسن المعاشرة واستدامة النكاح فلا يجب عليه في الحكم عند بعض أصحابنا وعند بعضهم يجب عليه في الحكم " اهـ.

وقال في حاشية رد المحتار 3/202: " قال في النهر: في هذا الكلام تصريح بأن الجماع بعد المرة حقه لا حقها. اهـ. قلت [أي ابن عابدين] : فيه نظر بل هو حقه وحقها أيضاً، لما علمت من أنه واجب ديانة " اهـ. وانظر: البحر الرائق شرح الكنز الدقائق 3/219.

ص: 63

ولهذا سيكون الاستدلال في مسألة الغيبة هو الاستدلال لمسألة الوطء هل يعتبر حقاً للزوجة كما أنه حق للرجل أو أنه ليس بحق لها.

أدلة القول الأول:

الدليل الأول:

أن الوطء حق للزوج فلا يجب عليه كسائر حقوقه فيجوز له تركه كسكنى الدار المستأجرة (1) .

ويناقش: بالتسليم بذلك فيما لو كان الوطء حقاً من حقوق الزوج فقط ولكن الصحيح أنه حق للزوجة أيضاً كما هو حق للزوج كما سيتبيّن لنا من أدلة القول الثاني.

الدليل الثاني:

أن الداعي إلى الاستمتاع الشهوة والمحبة فلا يمكن إيجابه (2) .

ويناقش: بأن الإيجاب هنا من أجل تضرر الزوجة والخشية عليها من الوقوع في الزنا، فالإيجاب حماية للزوجة من الوقوع في المحرم وليس لمجرد الإيجاب، ولذا الذين يقولون بإيجاب الوطء واستمراره على الزوج يقولون إذا لم تتضرر الزوجة من عدم الوطء ولم تطالب به فلن يُلزم الزوج به ولذلك شرع الزواج ومن مصالحه وأهدافه عفة الزوج والزوجة من الوقوع في المحرم وقضاء الوطر فيما أحله اللَّه. كما أن الزوج روعي فيه، فالذين يقولون بإيجابه واستمراره على الزوج قيدوه بما إذا لم يكن بالزوج عذر يمنعه من الوطء (3) .

فيتبين لنا ضعف هذا الدليل.

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول:

(1) انظر: المهذب 2/67، والمغني 10/237، والفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي 7/329.

(2)

انظر: المهذب 2/67، والفقه الإسلامي وأدلته 7/329.

(3)

انظر: قوانين الأحكام الشرعية ص211، والمغني 10/239.

ص: 64

حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال لي رسول اللَّه (: " يا عبد اللَّه ألم أُخْبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟ فقلت: بلى يا رسول اللَّه، قال: فلا تفعل، صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقاً، وإن لعينيك عليك حقاً، وإن لزوجك عليك حقاً

"الحديث متفق عليه (1) .

فبين النَّبِيّ (في هذا الحديث أن للزوجة على زوجها حقاً (2) .

الدليل الثاني:

قصة المرأة التي جاءت تشكي زوجها إلى عمر رضي الله عنه وعنده كعب بن سور-رضي الله عنه.

وأخرج القصة عبد الرزاق (3) بسنده عن الشعبي قال: " جاءت امرأة إلى عمر فقالت: زوجي خير الناس، يقوم الليل، ويصوم النهار. فقال عمر: لقد أحسنت الثناء على زوجك، فقال كعب بن سور: لقد اشتكت فأعرضت الشكية، فقال عمر: اخرج مما قلت. قال: أرى أن تنزله بمنزلة رجل له أربع نسوة له ثلاثة أيام ولياليهن، ولها يوم وليلة ".

قال ابن قدامة رحمه الله: " هذه قضية اشتهرت فلم تنكر، فكانت إجماعاً " اهـ (4) .

الدليل الثالث:

إن الوطأ حق للزوجة " لأنه لو لم يكن حقاً للمرأة لم تستحق فسخ النكاح لتعذره بالجب والعنة "(5) .

الدليل الرابع:

إن الوطأ حق للزوجة " لأنه لو لم يكن حقاً للمرأة لملك الزوج تخصيص إحدى زوجتيه به كالزيادة في النفقة على قدر الواجب "(6) .

الدليل الخامس:

(1) أخرجه البخاري في مواضع متعددة منها في كتاب الصوم، باب حق الجسم في الصوم 2/245، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به أو فت به حقاً (ح1159) 1/812-813.

(2)

انظر: المغني 10/237.

(3)

في المصنف 7/148 (ح12586) ، بهذا اللفظ وألفاظ أخرى، وذكرها ابن قدامة في المغني 10/237-238.

(4)

المغني 10/238.

(5)

المصدر السابق.

(6)

المصدر السابق.

ص: 65

إن الوطأ " حق واجب بالاتفاق إذا حلف على تركه، فيجب قبل أن يحلف، كسائر الحقوق الواجبة يحقق هذا أنه لو لم يكن واجباً لم يصر باليمين على تركه واجباً، كسائر ما لا يجب "(1) .

الدليل السادس:

" إن النكاح شرع لمصلحة الزوجين، ودفع الضرر عنهما وهو مفضٍ إلى دفع ضرر الشهوة عن المرأة كإفضائه إلى دفع ذلك عن الرجل، فيجب تعليله بذلك، ويكون النكاح حقاً لهما جميعاً "(2) .

الدليل السابع:

إنه لو لم يكن للمرأة في الوطء حق لما وجب استئذانها في العزل (3) .

الترجيح:

(1) المغني 10/239.

(2)

المصدر السابق 10/240.

(3)

المصدر السابق.

ص: 66

تبين لي مما تقدم ترجيح القول الثاني، وهو أن للمرأة حقاً في الوطء كما أن للرجل حقاً في ذلك لقوة أدلتهم وضعف أدلة القول الأول وما أورد عليها من مناقشة، ولأن القول الثاني هو الذي يتوافق مع التشريع الإسلامي الذي جعل من أهداف الزواج ومصالحه إعفاف الزوجين خاصة إذا ألحق تركه ضرراً بالزوجة وقد جاء الإسلام بدفع الضرر لقوله (:" لا ضرر ولا ضرار "(1) .

(1) الحديث روي عن عبادة بن الصامت، وعبد اللَّه بن عباس، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، وجابر بن عبد اللَّه، وعائشة، وثعلبة بن أبي مالك القرظي، وأبي لبابة رضي الله عنهم أجمعين-، وذكر طرقه وفصلها الزيلعي رحمه الله في نصب الراية 4/384-386، والألباني رحمه الله في إرواء الغليل 3/408-414 (ح896) . قال الألباني رحمه الله في الإرواء بعدما ذكر طرقه:" فهذه طرق كثيرة لهذا الحديث قد جاوزت العشر وهي وإن كانت ضعيفة مفرداتها، فإن كثيراً منها لم يشتد ضعفها، فإذا ضم بعضها إلى بعض تقوى الحديث بها وارتقى إلى درجة الصحيح إن شاء اللَّه، وقال المناوي في "فيض القدير" والحديث حسنه النووي في "الأربعين" قال: ورواه مالك مرسلاً وله طرق يقوي بعضها بعضاً. وقال العلائي: للحديث شواهد ينتهي مجموعها إلى درجة الصحة أو الحسن المحتج به. انتهى كلام الألباني.

وقال الألباني أيضاً في الإرواء: " وقد احتج به الإمام مالك، وجزم بنسبته إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وكذلك احتج به محمد بن الحسن الشيباني في مناظرة جرت بينه وبين الإمام الشافعي وأقره الإمام عليه " اهـ.

وانظر: الموطأ كتاب المكاتب، باب ما لا يجوز من عتق المكاتب 2/805، والمستدرك للحاكم كتاب البيوع، باب النهي عن المحاقلة والمخاضرة والمنابذة 2/57-58، وموسوعة أطراف الحديث النبوي لمحمد السعيد زغلول 7/264.

ص: 67

وينبني على هذا أن القول بالتفريق بين الزوجين للغيبة إذا تضررت الزوجة من ذلك وطالبت بالفرقة وتوفرت شروط التفريق، هو القول الراجح، واللَّه أعلم.

المبحث الثالث: أسباب وشروط التفريق بين الزوجين للغيبة عند من يقول بجوازها

قلنا في المبحث السابق إن الفقهاء مختلفون في التفريق بين الزوجين للغيبة إلى قولين: الجواز، وعدمه. وفي هذا المبحث سنتحدث عن أسباب وشروط التفريق بين الزوجين للغيبة عند من يقول بجوازه وهم المالكية والحنابلة ومن تبعهم، وعند استعراض هذه الشروط والأسباب نجد أن منها ما هو محل اتفاق بين المالكية والحنابلة، ومنها ما اشترطه الحنابلة فقط، ومنها ما اشترطه المالكية والحنابلة ولكنهم اختلفوا فيه لذا سيكون الحديث عن هذه الشروط مقسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: الشروط والأسباب المتفق عليها بين المالكية والحنابلة:

أ - الأسباب:

1/1 - النفقة:

فيجب على الزوج الغائب أن ينفق على زوجته من ماله حال غيابه وإذا لم ينفق عليها وطلبت التفريق فإنه يفرق بينهما لعدم النفقة (1) .

2/2 - أن تخشى الزوجة على نفسها الضرر بسبب هذه الغيبة:

والضرر هنا فسره المالكية (2) بخشية الوقوع في الزنا، وليس اشتهاء الجماع فقط.

والحنابلة (3) أطلقوا الضرر ولكنهم يريدون به خشية الزنا كالمالكية (4) ، وهذا واضحٌ؛ لأن المرأة لا تطلب من القاضي التفريق إلَاّ إذا خافت على نفسها من الوقوع في الحرام.

ب - الشروط:

3/3 - الكتابة إلى الزوج الغائب:

(1) انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/431، وشرح الزرقاني على مختصر خليل 4/155، وشرح منح الجليل على مختصر خليل 2/313، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف 24/96، 21/406 وما بعدها، والمغني 10/240.

(2)

انظر: مصادرهم السابقة.

(3)

انظر: مصادرهم السابقة.

(4)

الموسوعة الكويتية 29/64.

ص: 68

أن يكتب القاضي إلى الزوج الغائب بالرجوع إلى زوجته أو نقلها إليه أو تطليقها ويمهله مدة مناسبة وهذا إذا كان له عنوان معروف وعلم مكانه وأمكن الوصول إليه وإن أبى ذلك كله أو لم يرد بشيء وقد انقضت المدة المضروبة أو لم يكن له عنوان معروف فإن القاضي يفرّق بينهما (1) .

4/4 - أن تطلب الزوجة التفريق:

لا يفرِّق القاضي بينهما لغيبة الزوج إلَاّ إذا رفعت الزوجة أمرها إلى القاضي وطلبت التفريق (2) لأنه لحقها فلم يجز من غير طلبها كالفسخ للعنة (3) .

القسم الثاني: ما اشترطه الحنابلة فقط:

5/1 - أن تكون الغيبة لغير عذر:

اشترط الحنابلة للتفريق بين الزوجين للغيبة أن تكون غيبة الزوج بغير عذر فإن كانت هذه الغيبة لعذر مثل الحج والجهاد وطلب الرزق له ولأولاده (4) ، وطلب العلم (5) ، فإنه لا يفرق بينهما.

قال صاحب الإنصاف (6) : " قد صرح الإمام أحمد رحمه الله بما قال. فقال في رواية ابن هانىء، وسأله عن رجل تغيب عن امرأته أكثر من ستة أشهر؟ قال: إذا كان في حج، أو غزو، أو مكسب يكسب على عياله، أرجو أن لا يكون به بأس، إن كان قد تركها في كفاية من النفقة ومحرم رجل يكفيها"اهـ.

(1) انظر: مصادر المالكية والحنابلة السابقة، والموسوعة الكويتية 29/64، والمفصل في أحكام المرأة 10/463، والأحوال الشخصية لمحمد أبو زهرة ص427، والفرقة بين الزوجين وأحكامها في مذهب أهل السنة، للدكتور السيد أحمد فرج، ص294 وما بعدها، والطلاق بين الإطلاق والتقييد في الشريعة الإسلامية للدكتور محمود محمد علي ص282.

(2)

انظر: مصادر المالكية والحنابلة السابقة.

(3)

الفقه الإسلامي وأدلته 7/534.

(4)

انظر: الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 21/408، وكشاف القناع 4/193.

(5)

انظر: كشاف القناع 5/193.

(6)

انظر: الموضع السابق.

ص: 69

أما المالكية فإنهم لا يشترطون ذلك ولهذا للزوجة حق طلب التفريق للغيبة سواء أكانت لعذر أو لغير عذر (1) .

الترجيح:

الناظر إلى المسألة بعين بصيرة يجد أنها تدور بين حق الرجل وحق المرأة فالحنابلة عندما فرقوا بين الغيبة للعذر والغيبة لغير العذر قالوا بذلك من أجل أن لايتضرر الزوج، فإذا غاب من أجل طلب الرزق له ولأولاده أو لطلب العلم ونحو ذلك لا يفرق بينهما وإن طلبته الزوجة.

أما إذا كان سفره لغير حاجة أو بدون عذر كالسياحة مثلاً فإن الزوجة تجاب إلى طلب التفريق؛ لأنه ليس له عذر في غيابه.

أما المالكية فإنهم نظروا إلى تضرر الزوجة من غياب زوجها ولو كان غيابه لعذر، فإذا طلبت الزوجة التفريق فإنها تجاب إلى طلبها خشية عليها من الضرر وهو الوقوع في الحرام.

فالزوج معذور فيما بينه وبين اللَّه عندما تكون غيبته لعذر، ولكن للزوجة حقاً في التفريق.

لذا فإني أميل إلى ترجيح قول المالكية عملاً بالقواعد الفقهية " درء المفاسد مقدمٌ على جلب المصالح "، " والضرر يزال "، و " ارتكاب أخف الضررين"(2) .

خاصة وأن المالكية يرون أنه لا يفرق بينهما للغيبة إلا إذا كانت الغيبة طويلة حددوها في المعتمد عندهم بسنة (3) .

وهذا كافٍ للزوج في قضاء مصالحه في غيبته، فإن زادت عن ذلك فيكون التفريق مراعاة لمصلحة المرأة ودفع الضرر عنها، واللَّه أعلم.

القسم الثالث: ما اشترطه المالكية والحنابلة واختلفوا فيه:

6/1 - أن تكون غيبة الزوج طويلة:

(1) انظر: مصادر المالكية السابقة فإنهم لم يذكروا هذا الشرط عند ذكرهم لشروط التفريق بين الزوجين للغيبة وانظر أيضاً الموسوعة الكويتية 29/64، والفقه الإسلامي وأدلته 7/533، والفرقة بين الزوجين وأحكامها في مذهب أهل السنة ص295، والأحوال الشخصية لمحمد أبو زهرة ص429.

(2)

انظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم ص85 وما بعدها.

(3)

انظر تفصيل المسألة في الشرط التالي.

ص: 70

فاشترط المالكية والحنابلة للتفريق بين الزوجين للغيبة أن تكون الغيبة طويلة ولكنهم اختلفوا في تحديد مدة هذه الغيبة.

فذهب المالكية (1) ، في المعتمد عندهم إلى أن هذه المدة سنة وللفرياني وابن عرفة من المالكية أن السنتين والثلاث ليست بطول بل لابد من الزيادة عليها.

وذهب الحنابلة إلى (2) أن توقيت هذه المدة ستة أشهر.

قال ابن قدامة (3) : "

فإن أحمد ذهب إلى توقيته بستة أشهر، فإنه قيل له: كم يغيب الرجل عن زوجته؟ قال: ستة أشهر، يكتب إليه فإن أبى أن يرجع فرق الحاكم بينهما

" اهـ.

واستدل الحنابلة لهذا التوقيت بما أخرجه سعيد بن منصور (4) ، والبيهقي (5)، عن زيد بن أسلم قال: بينما عمر بن الخطاب يحرس المدينة فمر بامرأة في بيتها وهي تقول:

تطاول هذا الليل واسود جانبه وطال على أن لا خليل أُلاعبه

ووالله لولا خشية الله وحده

... لحُرِّك من هذا السرير جوانبه

فسأل عنها عمر، فقيل له: هذه فلانة، زوجها غائب في سبيل الله فأرسل إليها امرأة تكون معها، وبعث إلى زوجها فأقفله، ثم دخل على حفصة، فقال: يا بنية، كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: سبحان الله، مثلك يسأل مثلي عن هذا فقال: لولا أني أريد النظر للمسلمين ما سألتك. قالت: خمسة أشهر أو ستة أشهر فوقّت للناس في مغازيهم ستة أشهر، يسيرون شهراً، ويقيمون أربعة، ويسيرون شهراً راجعين (6) .

المبحث الرابع: نوع الفرقة للغيبة

اختلف الفقهاء الذين قالوا بجواز التفريق بين الزوجين للغيبة في نوع هذه الفرقة إلى قولين:

القول الأول:

(1) انظر: مصادر المالكية السابقة والمراجع المتقدمة.

(2)

انظر: مصادر الحنابلة السابقة.

(3)

المغني 10/240، وانظر أيضاً: الشرح الكبير ومعه المقنع والإنصاف 21/407.

(4)

في سنته 2/174.

(5)

في السنن الكبرى " مختصرا" في كتاب السير، باب الإمام لا يجمر بالغزى 9/29.

(6)

وانظر هذه القصة في مصادر الحنابلة السابقة.

ص: 71

ذهب المالكية (1) إلى أن هذه الفرقة طلاق بائن؛ لأن المالكية يقولون إن كل فرقة يوقعها القاضي تكون طلاقاً بائناً إلا الفرقة للإيلاء أو الإعسار بالنفقة فإنه يكون رجعياً والسبب في كونه طلاقاً بائناً عند المالكية أنهم يقولون: إن المراد رفع الضرر عن المرأة، وهو لا يرتفع إلا بالبينونة (2) .

ويجاب عن ذلك:

بأن الضرر يرفع عن المرأة بغير البينونة مثل الفسخ.

القول الثاني:

ذهب الحنابلة (3) ، إلى أن هذه الفرقة فسخ لأنها فرقة من جهة الزوجة والفرقة من جهة الزوجة عند الحنابلة فسخاً (4) ، والفسخ عندهم بينونة صغرى.

دليل القول الثاني:

لأن الزوج ترك حقاً عليه تتضرر منه الزوجة (5) ، فيفرق بينهما بالفسخ لأنه يحقق المقصود ولا يحسب من الطلاق.

الفرق بين الطلاق والفسخ:

الطلاق: إنهاء الزواج واحتسابه من الطلقات الثلاث التي يملكها الزوج على زوجته.

أما الفسخ: فهو منع لاستمرار العقد ولا يحتسب من عدد الطلاق (6) .

الترجيح:

(1) انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/351-352.

(2)

الفرقة بين الزوجين وما يتعلق بها من عدة ونسب ص145، والطلاق بين الإطلاق والتقييد في الشريعة الإسلامية ص283.

(3)

انظر: المغني 10/241، والشرح الكبير ومعه المقنع والإنصاف 24/97، والإنصاف ومعه المقنع والشرح الكبير 21/410، وكشاف القناع 5/193.

(4)

الفقه الإسلامي وأدلته 7/533.

(5)

كشاف القناع 5/193.

(6)

المرجع السابق 7/510.

ص: 72

أرى - والله أعلم بالصواب- أن الراجح في نوع الفرقة للغيبة هو قول الحنابلة حيث يقع فسخاً لا طلاقاً " لأنه أقرب إلى روح التشريع ومقاصده، ذلك التشريع القائم على السهولة والتيسير والمصلحة ورفع الحرج

وهذا يظهر واضحاً جلياً فيما إذا عاد الزوج الغائب إلى زوجته بعد وقوع الفرقة فمن قال إنها فسخ - وهم الحنابلة - لم يحتسبه طلقة وهذا يعطي الزوج الغائب الفرصة الكافية ليعود إلى زوجته مرة ثانية؛ لأنه لو كان قد طلق امرأته تطليقتين ثم فرق القاضي بينهما للغياب ثم عاد وأراد أن يتزوجها فله ذلك؛ لأن اعتبار التفريق للغياب فسخاً لم يضاف إلى الطلقتين ولم يحسب طلقة وفي هذا محافظة على بناء الحياة الزوجية واستمرارها.

أما من قال إنه طلاق فليس للزوج - والحالة هذه - حق مراجعتها حتى تنكح زوجاً غيره لأن بالتفريق كملت الطلقات الثلاث فيجب عليه الامتثال لقوله تعالى: (فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره ((1) ، وفي هذه الحالة الثانية تفكك للأسرة وتشريد للأطفال وضياعهم وما إلى ذلك من أمور ليست في مصلحة أحد من الزوجين (2) .

الفرق بين التفريق والطلاق:

حيث ورد في البحث مصطلح التفريق فيحسن هنا أن أوضح الفرق بينه وبين الطلاق: من المعروف أن الطلاق يقع باختيار الزوج وإرادته أما التفريق: فيقع بحكم القاضي، لتمكن المرأة من إنهاء الرابطة الزوجية جبراً عن الزوج، إذا لم تفلح الوسائل الاختيارية من طلاق أو خلع (3)

(1) سورة البقرة: 230.

(2)

زوجة الغائب ص31.

(3)

الفقه الإسلامي وأدلته 7/509.

المصادر والمراجع

أبو زهرة، محمد. الأحوال الشخصية: دار الفكر العربي.

الألباني، محمد ناصر الدين. إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل: المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية 1405هـ.

الأصبحي: مالك بن أنس بن مالك. الموطأ: دار الدعوة.

ابن عابدين، محمد أمين. رد المحتار على الدر المختار المسمى "بحاشية ابن عابدين": دار الفكر، الطبعة الثانية 1386هـ.

ابن قدامة. موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد. المغني: تحقيق: د. عبد الله التركي، د. عبد الفتاح الحلو، دار هجر - القاهرة، الطبعة الأولى، 1406هـ.

ابن منظور، أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم. لسان العرب: دار الرشاد الحديثة.

البخاري، محمد بن إسماعيل. صحيح البخاري: دار الدعوة.

البعلي، علاء الدين علي بن محمد. الاختيارات الفقهية، من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: المؤسسة السعيدية - الرياض.

البهوتي، منصور بن يونس. كشاف القناع عن متن الإقناع: عالم الكتب، بيروت.

الحطاب، محمد بن عبد الرحمن المغربي. مواهب الجليل لشرح مختصر خليل: دار الفكر، الطبعة الثانية.

الخطيب، محمد الشربيني. مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج: الناشر مصطفى البابي الحلبي وأولاده - مصر.

الدسوقي، محمد بن عرفة. حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: دار الفكر.

الزحيلي، وهبة. الفقه الإسلامي وأدلته: دار الفكر، دمشق، الطبعة الثانية 1405هـ.

الزرقاني، عبد الباقي. شرح الزرقاني على مختصر خليل: دار الفكر، بيروت.

زغلول، محمد السعيد بن بسيوني. موسوعة أطراف الحديث النبوي: عالم التراث، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 1410هـ.

زيدان، عبد الكريم. المفصل في أحكام المرأة: مؤسسة الرسالة - بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 1413هـ.

الزيلعي، جمال الدين محمد بن يوسف الحنفي. نصب الراية لأحاديث الهداية: دار الحديث - القاهرة.

السرخسي، محمد بن أبي الفضل. المبسوط: دار المعرفة، بيروت - لبنان، 1406هـ.

البيهقي، الحافظ أحمد بن الحسين بن علي. السنن الكبرى: وفي ذيله الجوهر النقي لابن التركماني، دار المعرفة - بيروت.

الشافعي، محمد بن إدريس. الأم: دار المعرفة، بيروت - لبنان، توزيع مكتبة المعارف -الرياض.

الشماع، محمد. المفيد من الأبحاث في أحكام الزواج والطلاق والميراث: دار القلم - دمشق، والدار الشامية - بيروت، ودار البشير جدة-، الطبعة الأولى 1416هـ.

الشيرازي، إبراهيم بن علي بن يوسف. المهذب: دار المعرفة، بيروت - لبنان، الطبعة الثانية 1379هـ.

الصنعاني، أبي بكر عبد الرزاق بن همام. المصنف: تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، المكتب الإسلامي- بيروت، الطبعة الثانية 1403هـ.

علي حسب الله. الفرقة بين الزوجين وما يتعلق بها من عدة ونسب: دار الفكر العربي، الطبعة الأولى، 1387هـ.

عليش، محمد. شرح منح الجليل على مختصر خليل: دار الباز، مكة المكرمة.

الغرناطي، محمد بن أحمد بن جزي الغرناطي المالكي. قوانين الأحكام الشرعية ومسائل الفروع الفقهية: الطبعة الأولى، عالم الفكر - القاهرة.

فرج، السيد أحمد. الفرقة بين الزوجين وأحكامها في مذهب أهل السنة: دار الوفاء، المنصورة - مصر.

الكاساني، علاء الدين أبي بكر. بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع: دار الكتاب العربي - بيروت.

المطيعي، محمد نجيب. المجموع شرح المهذب "التكملة الثانية": دار الفكر- لبنان.

محمد، عبد الرحيم محمد. زوجة الغائب: دار السلام، القاهرة - مصر، الطبعة الأولى 1410هـ.

محمود محمد علي. الطلاق بين الإطلاق والتقييد في الشريعة الإسلامية: طبع 1398هـ.

ابن قدامة، الموفق عبد اللَّه بن أحمد، وابن قدامة، شمس الدين عبد الرحمن بن محمد، والمرداوي، علي بن سليمان. المقنع والشرح الكبير والإنصاف: تحقيق الدكتور/ عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي، هجر للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 1416هـ، توزيع وزارة الشؤون الإسلامية، المملكة العربية السعودية.

الموسوعة الفقهية. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت: طبع ذات السلاسل، الكويت، ودار الصفوة.

ابن نجيم، زين العابدين بن إبراهيم: الأشباه والنظائر على مذهب أبي حنيفة النعمان، دار الكتب العلمية، بيروت، طبع عام 1400هـ.

النيسابوري، مسلم بن الحجاج القشيري. صحيح مسلم: دار الدعوة.

ص: 73

الخاتمة

وفي ختام هذا البحث أحمده سبحانه على أن أمدني بعونه وتوفيقه حتى انتهيت منه ولما كان لكل شيء ثمرة فإني أذكر في نهايته أهم النتائج التي توصلت إليها:

إن أبحاث هذا البحث تخص الغائب الذي غادر موطنه إلى موطن آخر ولم يعد إليه لفترة وحياته معلومة ومكانه معروف ويمكن الاتصال به.

إن الراجح من قولي العلماء هو القول بالتفريق بين الزوجين للغيبة إذا تضررت الزوجة من هذه الغيبة وطالبت بالفرقة وتوفرت شروط التفريق.

إن الذين قالوا بالتفريق بين الزوجين للغيبة وهم المالكية والحنابلة اشترطوا شروطاً لابد من توفرها قبل التفريق منها شروط اتفقوا عليها، ومنها ما اشترطه الحنابلة فقط، ومنها ما اشترطه المالكية والحنابلة واختلفوا فيه.

أنني أميل إلى ترجيح رأي المالكية في عدم اشتراط العذر للتفريق للغيبة دفعاً لتضرر الزوجة من طول الغياب وهو خشية الوقوع في الزنا وعملاً بالقواعد الفقهية "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"، و"الضرر يزال"، و"ارتكاب أخف الضررين" خاصة وأن المالكية يرون أنه لا يفرق بينهما للغيبة إلا إذا كانت الغيبة طويلة حددوها بسنة على المعتمد في المذهب وهذا كافٍ للزوج لقضاء مصالحه - حتى ولو كان سفره بعذر - فإذا زاد عن ذلك فالتفريق بينهما إذا طلبته الزوجة لمراعاة مصلحة المرأة ودفع الضرر عنها الحاصل من طول الغياب.

إن الراجح من القولين قول من قال إن الفرقة فسخٌ وليست طلاقاً لأن القول بأنه فسخ أقرب إلى روح التشريع ومقاصده المبنية على السهولة والتيسير والمصلحة ورفع الحرج.

الحواشي والتعليقات

ص: 74