الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
توسعة المسجد النبوي الشريف
في العهد السعودي الزاهر
1368هـ - 1413هـ
الدكتور / محمد هزاع الشهري
أستاذ مساعد قسم التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة أم القرى
ملخص البحث
يصف البحث عملين معماريين متميزين،تما في توسعة المسجد النبوي الشريف في العهد السعودي الزاهر. أولهما قام به جلالة الملك عبد العزيز سنة 1372هـ وأتمه ابنه جلالة الملك سعود 1375هـ.
وكان لهذا العمل الرائع أسبابه ودواعيه الخاصة به، وقد جاء وفق الطموحات والآمال، التي عقدها المؤسس الباني جلالة الملك عبد العزيز رحمه الله رغم الإمكانيات المتواضعة التي تملكها الدولة آنذاك.
وجاء كل من التصميم والتنفيذ، متوائماً مع معالم الجزء الذي استبقى في مقدمة المسجد النبوي الشريف من العمارة المجيدية. والتي تحوي في بعض جوانبها بقايا من خصائص العمارة المملوكية، والمتمثل في المنارة الرئيسية وبعض أجزاء القبة الشريفة، مع المحافظة على مسمى المداخل والأبواب القديمة.
ورغم كبر المساحة التي أضافتها التوسعة المذكورة (6024م) 2 إلى ما كان قبلها، فقد عجز المسجد الشريف، عن استيعاب الأعداد المتزايدة من الزوار والمصلين لاسيما في أيام الجمع والمواسم، مما حدا بجلالة الملك فيصل طيب الله ثراه، إلى إضافة مساحة من الأرض المظللة، في الجانب الغربي من المسجد النبوي الشريف سنة 1395هـ قدرت 35.000 م2.
أما العمل الثاني والمميز أيضاً، فقد أنجز في عهد خادم الحرمين الشريفين 1405هـ - 1411هـ؛ وقد عكس جماليات البناء التي تميزت بها المنشآت التي أقيمت في عهده، وجاء بحجم الآمال التي تعقدها الشعوب والحكومات الإسلامية في مقدرة المملكة العربية السعودية في خدمة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة.
***
توسعة المسجد النبوي الشريف في العهد السعودي الزاهر 1368 – 1413هـ
1-
أسباب التوسعة السعودية الأولى 1368 – 1375هـ:
مكونات التوسعة:
أولاً: الأروقة.
ثانياً: العقود والسقوف.
ثالثاً: المآذن.
رابعاً: الأبواب والمداخل.
خامساً: الإنارة والتهوية.
2-
التوسعة السعودية الثانية 1392 – 1395هـ.
المرحلة الأولى.
المرحلة الثانية.
المرحلة الثالثة.
3-
التوسعة الكبرى في عهد خادم الحرمين الشريفين 1405هـ - 1413هـ.
الجهة المنفذة والمشرفة.
جغرافية المنطقة وتكونيها المعماري.
مخطط التوسعة الكبرى ومميزاته.
أساسات التوسعة (البنية التحتية) .
مكونات التوسعة:
أولاً: الأروقة والقباب.
ثانياً: المآذن.
ثالثاً: الأبواب والنوافذ.
رابعاً: الساحات والمرافق العامة.
توسعة المسجد النبوي الشريف في العهد السعودي الزاهر 1368- 1413هـ
توالت على المسجد النبوي الشريف منذ تأسيسه في عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم، عدة توسعات وتجديدات،كان لكل منها أسبابها ودوافعها المختلفة. ويمكن لمتتبع تاريخ تلك الأعمال المعمارية أن يلمس حقيقتين هامتين هما:
أولاً: إن التوسعات التي تمت في عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم، وعهد الخلفاء الراشدين ودولة بني أمية وبداية الدولة العباسية، كانت في معظمها استجابة لنمو أعداد المسلمين، بالإضافة إلى حرص كل من الدولتين الأموية والعباسية على أن يكون لهما عمل مميز في توسعة المسجد النبوي الشريف وعمارته؛ وقد بلغت مساحة تلك الأعمال في مجملها 8890م (1) .
ثانياً: إن الأعمال التي جاءت بعد الحريق الذي دمر المسجد النبوي سنة 654هـ، حافظت في معظمها على مساحة المسجد قبل الحريق، ماعدا زيادة بسيطة زادها السلطان المملوكي الأشرف قايتباي، في الجانب الشرقي من مقدمة المسجد سنة 888هـ؛ وقدرت ب 120متراً مربعاً، وكذلك زيادة السلطان العثماني عبد المجيد خان سنة 1265-1277هـ والمقدرة ب 1293م2 (2) .
وعندما دخلت الحجاز في كنف الدولة السعودية، في عهد مؤسسها الملك عبد العزيز طيب الله ثراه سنة 1343هـ، كان لابد لهذه الأراضي المقدسة أن تنعم بالأمن والاستقرار كغيرها من أنحاء المملكة، مما زاد بطبيعة الحال في أعداد الراغبين من الحجاج في زيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم. (3)
ولكون المملكة العربية السعودية أدركت منذ عهد مؤسسها الملك عبد العزيز، أنها مسئولة روحياً عن عموم المسلمين في مختلف أنحاء العالم؛ (4) فقد وعت عظم مسئولياتها وواجباتها تجاه الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة.
ومن محاسن الصدف أن تكون العناية بالحرم النبوي الشريف فاتحة خير لتوجيه اهتمام الدولة السعودية في عهد جلالة الملك عبد العزيز بالحرمين الشريفين حرسهما الله تعالى. ولذلك من الأسباب والدواعي ما يجب ذكره.
أسباب التوسعة السعودية الأولى 1368 – 1375هـ:
مر على إتمام العمارة العثمانية التي أنجزها السلطان عبد المجيد خان، في المسجد النبوي الشريف 1277هـ؛ إلى قيام الملك عبد العزيز بأول عمل في ترميم بعض جوانب من المسجد النبوي الشريف سنة 1348هـ. قرابة 71عاماً، وإلى الشروع في الأمر بالبناء سنة 1368هـ 91 عاماً.
وهي فترة عاود فيها الخلل أماكن مختلفة من جدران المسجد الشريف وأعمدته وقبابه وعقوده، نتيجة لطول المدة وقلة الصيانة (5) ، ولا سيما الفترة التي احتدم فيها النزاع بين الأتراك والشريف حسين قبل وبعد إعلان الثورة العربية.
ومن المعروف جيداً أن عمارة السلطان عبد المجيد، اقتصرت على تجديد بعض أجزاء من الجدار الخارجي لمبنى المسجد النبوي الشريف، (6) ، فيما بقى البعض الآخر محتفظاً بعمارته الأموية أو العباسية أو المملوكية، أو التي جددها أسلاف السلطان عبد المجيد خان (7) . كما تركزت عمارة السلطان عبد المجيد بشكل أساسي في تجديد سقف المسجد النبوي الشريف وإحلال القباب محل السقوف الخشبية المزدوجة (8) ، التي كانت سائدة في المسجد النبوي إبان العصر الأموي والعباسي ومعظم العصر المملوكي.
وقد جاءت أول أعمال الملك عبد العزيز طيب الله ثراه، لتعالج آثار التلف التي ظهرت في هبوط أرض الأروقة المطلة على صحن المسجد؛ من جهاته الأربع عام 1348هـ (9) . ومرد ذلك كما يظهر من كلام عبد القدوس الأنصاري، إلى عدم تصريف مياه الأمطار التي تتجمع في صحن المسجد لانسداد مجاريها، مما أدى إلى انتشار الرطوبة في الأماكن القريبة من الصحن، حيث تركز الخلل فيما بعد في أكثر من موضع.
ثم جاء العمل الثاني في عهد الملك عبد العزيز، ليمنع التلف الذي بدأ يظهر في تشقق بعض الأعمدة في المجنبتين الواقعتين شرق الصحن، وغربه، وذلك بوضع أطواق من الحديد على ما تلف منها سنة 1350هـ (10) . وهو أمر مألوف نراه اليوم في بعض أعمدة الجزء القديم من المسجد الحرام
ثم عاد الخلل ليظهر مرة أخرى في أماكن مختلفة من المسجد النبوي الشريف، حتى أصبح المبنى كما يقول أحد المهتمين بالآثار في حالة سيئة (11) .
ونتيجة لذلك قامت وزارة الأوقاف المصرية، بترميم أماكن مختلفة شملت الأرضيات والأروقة والمآذن والمداخل، وقد امتدت من سنة 1354- 1357هـ؛ (12) وأنفقت عليها من أوقاف الحرمين الشريفين بمصر. (13)
ولم تكن حكومة الملك عبد العزيز ترى في ذلك عضاضة، ولاسيما وأن مصر تملك الخبرة والمقدرة في هذا المجال؛ إلا أن المبالغة التي ضمنها رئيس البعثة المصرية المهندس محمد نافع تقريره عما أنجزه من ترميم في مبنى المسجد الشريف، وما لاحظه من تصدع في أحد الأعمدة الواقعة خلف دكة الأغوات (14) قد آثار الصحف المصرية التي بالغت في تضخيم الضرر، ودعت المسلمين إلى العناية بمسجد نبيهم عليه أفضل الصلاة والسلام. (15)
وخوفاً من أن تأخذ القضية بعداً سياسياً في العلاقة بين المملكة والحكومة المصرية كما حدث من قبل حول كسوة الكعبة سنة 1345هـ وما قبلها (16) ، فقد سارعت حكومة المملكة العربية السعودية من خلال الصحف المحلية والعالمية، إلى طمأنة عموم المسلمين في الداخل والخارج بسلامة المسجد النبوي الشريف، وانحصار التلف في مواضع محددة منه، وعزمها على معالجة ذلك بأسرع وقت. (17)
وكان الملك عبد العزيز كما يقول أحد العارفين بمزاياه، يتساهل في كل شيء إلا ما يمس سيطرته الشخصية أو مركز حكومته (18) . وللتأكيد على اهتمامه بأمور المسلمين وتسهيل وصولهم على الحرمين الشريفين لأداء مناسك الحج، أنشأ مديرية للحج وأمر في سنة 1371هـ بإلغاء الرسوم المفروضة على الحجاج (19)
ولتأكيد النوايا الحسنة لمؤسس المملكة حول هذه القضية، فقد طلبت حكومته آنذاك من الحكومة المصرية؛ تشكيل وفد من كبار المهندسين المصريين لدراسة وتقييم أوضاع المبنى الشريف بشكل عام. فاختير المهندس مصطفى بك فهمي لرئاسة الوفد وقدمت لهم المملكة كل ما يسهل مهمتهم. وتبين لهم بعد إجراء بحوث مطولة في داخل المسجد النبوي وخارجه، بما يملكون من خبرة ووسائل متاحة؛سلامة مبانيه من المخاطر، ماعدا بعض الشروخ التي وجدت في بعض الأعمدة المحيطة بصحن المسجد (20) ، مع سهولة إيجاد الحلول المناسبة لها (21) .
ونتيجة لما لمسه أعضاء الوفد المصري من ضيق الطريق المحيط بمبنى المسجد النبوي الشريف، واقتراب بعض البيوت منه كما هو الحال في الحرم المكي آنذاك وانعدام الميادين التي تحيط ببعض المساجد الجامعة في العالم الإسلامي.
اقترح الوفد توسعة مسطح المسجد النبوي الشريف من الشرق والغرب والشمال وإحاطته بميدان فسيح (22) ، لتخفيف الضغط على رواق القبلة، وتوفير المساحة اللازمة لاستيعاب الأعداد المتزايدة من المسلمين في كل موسم.
وقد أنهى الوفد المصري بجديته وحياده كل جدل حول خطورة مبنى المسجد النبوي الشريف، وجاء دور المملكة العربية السعودية لتؤكد لكل متشكك في إخلاصها ومقدرتها على خدمة الحرمين الشريفين وتسهيل الوصول إليهما، ونشر الأمن في ربوعهما، فقررت بعد استحسانها لاقتراحات الوفد المصري، وما تلاه من التماس تصدر افتتاحية جريدة المدينة المنورة في عددها الصادر في 6/8/1368 رقم 297 (23) ، عزم المملكة العربية السعودية على القيام بعمارة الحرمين الشريفين.
وفي 12شعبان 1368هـ أعلن جلالة الملك عبد العزيز طيب الله ثراه في خطاب إلى الأمة الإسلامية في جريدة المدينة المنورة في 5رمضان سنة 1368هـ العدد 301 عزم حكومته على البدء في توسعة المسجد النبوي الشريف؛ (24) وقد استقبل الخبر بالرضى والاستحسان في الداخل والخارج.
وثقة من جلالة المؤسس الباني في مقدرة أبناء الوطن على العطاء والمثابرة، اختير للقيام بهذا العمل المبارك أبرز رجال البناء والتعمير في ذلك الوقت، المعلم محمد بن لادن رحمه الله تعالى، والمعروف عند جلالة الملك عبد العزيز بالأمانة المدعومة بحسن المعتقد والإخلاص في العمل.
وصدرت إليه التعليمات الكريمة بالشروع فوراً في إعداد ما يلزم من دراسات، وتوفير العمالة اللازمة لتنفيذ التوسعة المباركة على أحسن وجه، وفي أسرع وقت (25) ، كما صدرت أوامر جلالته إلى المختصين في حكومته بصرف ما يحتاجه المشروع من نفقات دون قيد أو شرط (26) .
وكما هي العادة في مثل هذا العمل فلابد للجهة المنفذة من زيارات متكررة لمواقع العمل، مع فريق من المهندسين والمساحين، لدراسة المواضع المقترح إضافتها إلى الحرم النبوي الشريف. وتسجيل ذلك في تقرير هندسي اصطحبه الشيخ محمد بن لادن في سفره إلى الرياض، لعرضه على جلالة الملك عبد العزيز في أوائل شهر رمضان المبارك سنة 1370هـ.
وعاد الشيخ محمد بن لادن بعد هذا اللقاء المبارك إلى المدينة المنورة في نهاية الشهر من نفس العام، مدعوماً بالتوجيهات الكريمة في هذا الخصوص، وحضر الاجتماع الذي أقامته إمارة المدينة المنورة؛ داخل المسجد النبوي الشريف في الأول من أيام عيد الفطر المبارك لعام 1370هـ (27) .
وبعد افتتاح الحفل بالقرآن الكريم،عرض أمير المدينة المنورة عبد الله السديري، توجيهات الملك عبد العزيز بخصوص التوسعة؛ وأمر بالشروع فيها على بركة من الله وتوفيقه (28) ، ثم تلاه منفذ المشروع فشرح للحضور مواضع الهدم والإزالة، وجميعها في المنطقة الشمالية والشرقية والغربية من مبنى العمارة المجيدية، وغالبها أوقاف متهدمة أو آيلة للسقوط، بالإضافة إلى عدة مدارس ومرافق أخذت الدولة على عاتقها ضرورة استبدالها بأحسن وأوسع منها (29) .
وتشكلت لجنة من رئيس البلدية ومدير الأوقاف ومدير المالية وعضوية الشيخ محمد بن لادن، لتقدير أثمان الدور المنزوعة لصالح المشروع (30) ، ورجحت في تقديرها للأثمان مصلحة المالكين للعقار قبل كل شيء (31) .
وقد بلغت مساحة ما انتزع من الأرض والدور لصالح التوسعة، بالإضافة إلى مساحة الشوارع والميادين التي أحيط بها المسجد النبوي الشريف بعد التوسعة 22955م2؛ (32) وبلغت التكلفة الإجمالية لكل ما ذكر أعلاه، أربعون مليون ريال سعودي (33) في وقت كانت قيم العقار في المدينة المنورة متدنية جداً (34) .
وكان لهذا الدفع السخي أثره الواضح في الارتفاع بقيم العقار في المدينة المنورة، فضلاً عن تحسن مستوى، البناء لاسيما القريب من المسجد النبوي الشريف، حيث الكثافة السكانية والاستثمار المربح. وإلى جانب هذا كان المردود الاقتصادي الذي عاد بالخير على بعض أهل المدينة المنورة، نتيجة العمالة الوافدة للمشاركة في أعمال البناء.
ومهما يكن الحال فقد بدئ في مباشرة هدم المباني التي تقرر إزالتها في 5شوال سنة 1370هـ (35) .
واستمر العمل في هدمها ونقل أنقاضها حتى 14شعبان سنة 1372هـ (36) ، وقد ساعد هذا التأخير الجهة المنفذة في استكمال الخرائط والرسومات اللازمة لتنفيذ المشروع، وقد أعدت في مصر على يد أشهر المهندسين والرسامين المصريين (37) .
كما كان لهذا التأخير ما يبرره من الناحية العملية، فإن الطرق المؤدية إلى المسجد النبوي الشريف، ومواضع الهدم من حوله كانت ضيقة جداً؛ ولا يقدر ذلك إلا من عايش المباني التي كانت محيطة بالمسجد، قبل التوسعة التي قام بها الملك فيصل في الجانب الغربي، وكذلك قبل توسعة خادم الحرمين الشريفين وبالإضافة إلى ذلك فإن حرمة المسجد النبوي، وضرورة التأدب معه أثناء هدم ما يقع خلف رواق القبلة من العمارة المجيدية، وتهيئة مواقع إضافية لمساندة مقدم المسجد النبوي، في استقبال الزوار والمصلين كانت جميعاً من الأسباب التي أخرت البدء بالتنفيذ.
ولهذا تأخر الاحتفال بوضع حجر الأساس، الذي تشرف الملك سعود بحضوره حين كان ولياً للعهد إلى شهر ربيع الأول عام 1372هـ (38) .وبدءوا في 14/8/1372هـ في حفر أساس المسجد من الجانب الغربي مما يلي باب الرحمة (39) ، وقد وصلوا بالأساسات إلى عمق 5 أمتار (40) ، أما الأساليب التي نفذت في وضع أساسات التوسعة السعودية الأولى فلا نعرف عنها شيء، إلا أنها لابد قد صارت على نهج الأساليب المتبعة في العمارة الحديثة، قواعد ضخمة للأعمدة والجدران ترتبط بميدات مسلحة.
وتأكيداً على اهتمام الدولة بمتابعة أعمال البناء، قام جلالة الملك سعود الذي تولى تصريف أمور الدولة في الفترة التي اشتد فيها المرض على والده، (41) بمتابعة أعمال البناء في توسعة المسجد النبوي الشريف، والذي اكتمل في بناء أساس الجزء الغربي، مما تطلب نقل الأحجار التي وضعها جلالة الملك سعود حين افتتح التوسعة نيابة عن والده سنة 1372هـ إلى هذا الجدار، ووضعها في مكان بارز في إحدى زوايا الجدار الغربي من التوسعة، مكتوباً عليها بخط نسخي واضح " بني بيده هذه الأحجار الأربعة جلالة الملك سعود، تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول عام 1372هـ ". (42) .
وتواصل العمل في تجهيز مواد البناء وآلاته، واستيراد ما غاب منها عبر ميناء ينبع، وأقيم من أجل العمارة مصنع مخصوص لعمل الأحجار الصناعية (الموزايكو) ، وزود بما يحتاجه من آلات ومعدات لقطع الصخور وصقلها، مع خبراء في هذه المهنة من إيطاليا يساعدهم أكثر من أربعمائة عامل (43) .
وتولى الشيخ محمد بن لادن الإشراف على أعمال التوسعة، تسانده نخبة من الإداريين والمهندسين والفنيين (44) ، حتى تم إنجازه في أقصر وقت، ووفق أعلى المعايير الهندسية والإمكانيات المادية المتاحة آنذاك.
وقد افتتح رسمياً في شهر ربيع الأول عام 1375هـ تحت رعاية الملك سعود، وحضرته وفود إسلامية من داخل المملكة وخارجها، شارك بعضهم الشعب السعودي فرحته، بإتمام هذا المشروع بكلمات كان أبرزها خطاب سفير مصر لدى المملكة العربية السعودية الدكتور عبد الوهاب عزام، والتي يحسن ذكر شيء منها، لأنها لامست جوانب هامة من اهتمام جلالة الملك عبد العزيز بأمر الحرم النبوي الشريف، وعزمه على توسعته على نفقته قياماً بالواجب ونيل رضى الله تعالى فقال:" فلما أشيع في العالم الإسلامي أن المسجد النبوي في حاجة إلى الترميم والتعمير، وتنادى المسلمون للتعاون في هذا العمل الجليل، أبى المغفور له الملك عبد العزيز إلا أن يحمل وحده هذا العبء، وينفرد بهذا الشرف ويحظى عند الله سبحانه وتعالى بهذه المثوبة ". (45) .
وهكذا تمت أعمال البناء في وقت قياسي، مما أثار الدهشة والاستحسان في آن واحد، ولم تكن الغرابة في سرعة تنفيذها فالدولة لم تبخل بشيء في سبيل إنجازها، ولكن الدهشة تركزت في جمال مظهرها وتناسق أجزائها وملاءمتها للطابع المحلي والتاريخي للعمارة الإسلامية (46) ، لاسيما وأنها التجربة التي أظهرت ما يتمتع به الشيخ محمد بن لادن من إمكانيات وخبرة وموهبة، وجعلته جديراً بالثقة التي أولاه إياها الملك سعود، وجلالة الملك فيصل الذي أنعم عليه بلقب معالي (47) ، تقديراً لجهوده المخلصة في إنجاز المشاريع الحكومية وخاصة الدينية منها. وإتمام للفائدة يجب التعرف على مكونات التوسعة السعودية الأولى.
مكونات التوسعة السعودية الأولى
أولاً: الأروقة:
تغير مسقط المبنى العثماني للمسجد النبوي الشريف، حيث احتفظ فقط برواق القبلة (ظلة القبلة) ، المميز بلونه البني الغامق، وأعمدته الحجرية، وقبابه المزخرفة من الداخل بالكتابات وأشكال الزهور والورود المنوعة؛ ثم ربط به من الشمال المساحة التي شملتها التوسعة، وقد جاء مسقطها على شكل مستطيل طول الجدار الشرقي والغربي فيه 128 متراً والشمالي والجنوبي 91 متراً. (48)
وقد احتوت التوسعة خلافاً لما تم من قبل في التوسعات السابقة للعهد السعودي الزاهر، على صحنين يقع الأول خلف رواق القبلة مباشرة، ويفصله عن الصحن الشمالي ثلاث بوائك موازية لجدار القبلة.
وللتوسعة مجنبتان ومؤخرة، وتتماثل المجنبتان فبكل واحدة منها ثلاث بلاطات، مسقوفة بعقود تمتد عمودياً على جدار القبلة، وبالمؤخرة خمسة صفوف موازية لجدار القبلة. (49) .
وقد أقيمت التوسعة السعودية الأولى كهيكل من الخرسانة المسلحة (50) ، وهي الوسيلة المتبعة حالياً في مختلف أنحاء العالم، لاسيما في المنشآت الكبيرة، وحفرت أساسات الجدران والأعمدة إلى عمق خمسة أمتار (51) .
وقد نظمت فيها الأعمدة التي ارتبطت فيما بينها بميدات خرسانية مسلحة لتضمن ثباتها وعدم حركتها. وقد جاء ما يفيد بأن عمق الجدران التي ضمت التوسعة من جوانبها الثلاثة، الشرق والغرب والشمال كان خمسة أمتار (52) ، فلابد إذن أن يكون قد أقيم لها جدار استنادي مسلح، يدعم القواعد وميداتها ويحفظها من الحركة، كما تم في توسعة الملك فهد. أما الأعمدة المستخدمة في التوسعة فقد بلغ عددها 706 (53) وبيانها كالتالي:
232 عمود مستدير ترتكز على قواعد خرسانية بارزة على مستوى الأرض، تتماثل مع قواعد ما تبقى من العمارة المجيدية. وجميع تيجانها متشابهة فهي مربعة من أعلاها ومشطوفة الأركان، مما أدى إلى ظهور مثلثات معتدلة ومقلوبة ومزخرفة بالنحاس المذهب بزخارف نباتية إسلامية مجردة من نوع الأرابسك (54) . كما هو مبين بالصورة رقم (1) .
الصورة رقم (1) عن وزارة الإعلام (الأماكن المقدسة)
أما الجدران الداخلية المحيطة بالتوسعة فبها 474 عموداً مربعاً (55) ، اقتضتها طبيعة الجدار الذي تعددت فيه الإنكسارات والمداخل بفتحاتها المتعددة. وما نتج عن ذلك من استحداث بعض المكاتب والمخازن، لاسيما في مؤخرة المسجد الشريف، على يمين ويسار باب سيدنا عمر بن الخطاب وباب سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنهما، وكذلك باب الملك عبد العزيز وباب الملك سعود رحمهما الله. انظر بالشكل رقم (1)
الشكل رقم (1) مسقط المسجد النبوي بعد التوسعة السعودية الأولى عن عبد القدوس الأنصاري
(آثار المدينة المنورة)
ثانياً: العقود والسقوف:
ارتبطت الأعمدة التي كونت أروقة العمارة السعودية الأولى بعقود مدببة (56) ، توحي صنجاتها الملونة بأنها معشقة كما هو الحال في البناء القديم. ويبدو هذا واضحاً في العقود الظاهرة فوق الأبواب والمداخل أو المطلة على صحني التوسعة؛ وبين كل عقدين جامة مدورة بها عبارات ذات دلالات مناسبة.
انظر الصورة رقم (2) .
الصورة رقم (2) عن عظمت شيخ (الحرمين الشريفين)
وقد جاءت العقود التي تعلو النوافذ المفتوحة في الجدران الخارجية من مبنى التوسعة وعددها 44 شباكاً (57) ،مماثلة لما شاع في الداخل من عقود.انظر الصورة رقم (3) .
الصورة رقم (3) عن عظمت شيخ (الحرمين الشريفين)
ومن الإبداعات التي وفق فيها مصمم التوسعة، تزيين أرجل العقود في داخل المبنى وعلى أبوابه، بمصابيح كهربائية مزجت بين الوظيفة والجمال في إبداع يثير الإعجاب. انظر الصورة رقم (4) .
انظر الصورة رقم (4) عن وزارة الإعلام (الحج إلى بيت الله الحرام)
أما السقوف التي تعلو التوسعة فترتفع عن أرض المسجد بحوالي 12.5 متراً، مقارنة بما عرف من ارتفاع السقوف في توسعة خادم الحرمين الشريفين. وقد قسم مسطحه إلى مربعات يحتوي كل منها على وحدات زخرفية مرسومة بأسلوب الأرابسك. (58) .
ثالثاً: المآذن:
احتفظ مقدم المسجد النبوي الشريف بمئذنتين جميلتين، إحداهما المئذنة الرئيسية والمجاورة للحجرة الشريفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام. وهي مملوكية البناء والطراز (59) ، وكانت قبل العمارة السعودية أجمل مآذن المسجد النبوي الشريف، لما بها من مقرنصات في صفوف متعاقبة تحمل شرفاتها الثلاثة. ولما يتميز به بدنها المزين بعدد من الفتحات الطولية، وطريقة الانتقال بالبناء فيه من المربع إلى المثمن فأضعاف المثمن فالأسطواني. كما هو الحال في الجزء الأخير منها والمتوج بخوذة مفصصة، ركب في أعلاها هلال جميل المظهر يعود إلى العصر العثماني.
ثانيهما: مئذنة باب السلام. وهي عثمانية الطراز (تركية) تنتمي إلى فترتين مختلفتين من العهد العثمان،ي فالزخارف المعمارية التي تميز المربع منها تعود إلى الفترة الممتدة من 1058 – 1099هـ.وتعود الزخارف التي تحلي الجزء العلوي منها إلى فترة سيادة فن الباروك في العمارة العثمانية (60) .
والمئذنتان تنتميان إلى عهدين مختلفين من عصور العمارة الإسلامية (مملوكية وعثمانية) ، وهو أمر لم يغب عن الجهة المنفذة. مما حدا بالهيئة المشرفة على اختيار التصاميم المناسبة للعمارة السعودية، وهم اتحاد المهندسين الاستشاريين في كراتشي بباكستان (61) ، إلى المفاضلة بين ما تتميز به المنارتين من خصائص معمارية وزخرفية.
ولأن المنارة الرئيسية قد حظيت عند بنائها باشتمالها على كل ما يميز المآذن المملوكة من زخارف وعناصر معمارية (62) ، فإن التشابه بينها وبين المئذنتين اللتين أقيمتا في التوسعة السعودية الأولى، يدعو إلى الاعتقاد إن لم يكن الجزم، بأن زخارفها وتكوينها المعماري، قد أوحى إلى مصمم المئذنتان السعوديتين باقتباس معظم زخارفها، كالمقرنصات والخطوط المتكسرة التي تزين الجزء الأسطواني في الجزء الثالث من المئذنتين السعوديتين. لاسيما وقد طلب الملك عبد العزيز من الجهة المنفذة مراعاة التجانس المعماري بين التوسعة وما تبقى من العمارة العثمانية في مقدمة المسجد النبوي الشريف. (63)
وتقع المئذنتان المذكورتان في مؤخرة التوسعة السعودية، إحداهما في الركن الشمالي الشرقي، والأخرى في الركن الشمالي الغربي، وقد حفر أساسهما إلى عمق 17 متراً (64) . وتتكون كل منهما من أربعة طوابق.
الطابق الأول: مربع الشكل يرتفع من الأساس إلى أعلى سطح المسجد، وينتهي بشرفة مربعة محمولة على أربعة صفوف من المقرنصات (الدلايات) ، وبكل ضلع منها فتحة ضيقة مسدودة بالزجاج، تمتد من فوق القاعدة إلى قرب الشرفة. وقد جاء موقعهما كما يتضح من الشكل (1) والصورة رقم (5) ، بارزاً عن أصل الجدار وظاهراً في داخل المسجد، مما أضفى على شكلهما الخارجي بهاءاً وجمالاً.
الطابق الثاني: مثمن الشكل كما هو في المنارة المملوكية، وينتهي بشرفة مثمنة محمولة على ثلاثة صفوف من المقرنصات. وقد فتح في كل ضلع فتحة طولية تنتهي بعقد على شكل مثلث تعلوه جامة مدورة، وترتكز رجلاه على عمودين جميلين. وينتهي بحزامين ملونين يمهدان لبداية الشرفة.
الطابق الثالث: أسطواني الشكل خال من الفتحات، تميزت زخارفه بأفاريز من الأحجار الملونة على شكل خطوط منكسرة، كما هو الحال في الجزء الثالث من المنارة الرئيسية.
الطابق الرابع: أسطوانياً أيضاً ويبدأ أوله محمولاً على ثمانية أعمدة رخامية، نتج عنها تشكيل ثمانية عقود مشرشرة تنتهي بالتدبيب، ويعلوها جميعاً شرفة محمولة على صفين من المقرنصات (الدلايات) .
ويعلو هذا الطابق شبه طابق خامس، جاء على شكل خوذة مضلعة تنتهي بشكل شبه مخروطي في نهايته قبة بصلية (65) ، بأعلاها هلال من النحاس المذهب.
وترتفع كل من المئذنتين عن مستوى أرض المسجد الشريف 70 متراً. ولقد حرصت على معرفة ارتفاع كل قسم من الأقسام السابقة فلم أجد ما يبين ذلك ويمكن توزيع الرقم الذي أورده على حافظ (66) على أقسام المئذنة كما وردت آنفاً.
رابعاً: الأبواب والمداخل:
احتفظ مقدم المسجد النبوي الشريف في العمارة السعودية الأولى بأبوابه ومداخله القديمة اثنان منها في الشرق هما:
1-
باب جبريل عليه السلام.
2-
باب النساء.
وثلاثة منها في الجانب الغربي من المسجد الشريف هي على التوالي من الجنوب إلى الشمال.
3-
باب السلام.
4-
باب الصديق رضي الله عنه.
5-
باب الرحمة.
وكان لابد للتوسعة السعودية الأولى التي شملت مجنبتي المسجد ومؤخرته مع ما زيد فيها من توسعة، من أبواب تسهل الدخول والخروج إلى المسجد من جميع الجهات، وبالنظر إلى مخطط المسجد الشريف في التوسعة السعودية الأولى شكل (1)، يتبين أن المداخل الجديدة جاءت منسجمة مع الصحنين اللذين تميزت بهما التوسعة السعودية وكانت على النحو التالي:
6-
باب الملك عبد العزيز،وله ثلاثة مداخل ويقع في منتصف الجدار الشرقي من التوسعة، ويقابله على امتداد المحور من الغرب.
7-
باب الملك سعود وله ثلاثة مداخل أيضاً،وهو مثل سابقه في السعة والفخامة والجمال.
وقد جاء كل من البابين في طرفي الجزء المسقوف، الذي يفصل بين الصحنين وهي ثلاث بلاطات (بوائك) موازية لجدار القبلة. (67)
ومن هذا يتبين أن الهدف من وضع البابين المذكورين في وسط الجدار الشرقي والغربي للتوسعة، هو تسهيل حركة الدخول والخروج من وإلى مقدمة المسجد وصحنيه ومؤخرته.
وتتميز الفتحات المذكورة بعقود مدببة،محلاة بصنجات ملونة بالأبيض والأسود. أما أبواب المؤخرة فقد جاء توزيعها ملائماً لمخطط المسجد الشريف، وحرص القائمون عليه في تسهيل وتنظيم حركة الدخول والخروج منه وإليه.
وقد عكس وفاء المملكة العربية السعودية وتقديرها، لمن أسهم في العصور الماضية بعمل معماري في عمارة المسجد النبوي الشريف، فلم تلغ شيء من الأسماء التي كانت ظاهرة عل أبوابه ومداخله قبل التوسعة.
وقد تجلى ذلك في تسمية أبواب المؤخرة، بأسماء ثلاثة من الأعلام كان لكل منهم جهد بارز في صيانة المسجد الشريف وعمارته وبيانها كالتالي:
8-
باب عبد المجيد (الباب المجيدي) ويتصدر الجدار الشمالي، وكان الباب الوحيد في هذا الجانب، فقد فتح فيه أثناء العمارة التي أتمها السلطان عبد المجيد خان العثماني سنة 1277هـ، وكان يسمى باب الوسيلة، ثم عرف فيما بعد بالباب المجيدي. (68) .
9-
باب عمر بن الخطاب رض الله عنه، ويقع على يمين الداخل من باب السلطان عبد المجيد.
10-
باب عثمان بن عفان رضي الله عنه، ويقع على يسار الداخل من باب السلطان عبد المجيد.
وتظهر الأبواب الثلاثة بمداخل فخمة ترتفع إلى مستوى السطح تقريباً. انظر الصورة رقم (5) . وقد اقتضت النواحي الهندسية والفنية من المصمم إبراز بابي الفاروق وذي النورين عن مستوى جدار المسجد، مما أضفى عليهما مسحة من الجمال يدركها كل من دقق النظر في الصورة رقم (5) . ومما زادهما بهاءً تحلية
الصورة رقم (5) عن وزارة الإعلام
عقديهما بزخارف جصية تماثل ما حلى به باب السلام وباب الرحمة، بالإضافة إلى وجود ساحة كبيرة تتقدم الأبواب الثلاثة وتبرز مكانتها وجمالها، وتعرف بساحة الباب المجيدي، وكانت قد أضيفت إلى التوسعة بعد نزع ملكية ما عليها من دو ومتاجر في أواخر التوسعة وتبلغ مساحتها 5000م2 (69) .
خامساً: الإنارة والتهوية:
لم يكن بالإمكان ربط ما يحتاج المسجد النبوي الشريف بعد التوسعة الأولى من طاقة كهربائية،على شركة كهرباء المدينة الحديثة آنذاك والضعيفة أيضاً. وحتى لا يتأثر المسجد النبوي بأي عطل أو خلل طارئ، بوشر منذ اللحظة الأولى عندما تقرر إنشاء مصانع نحت الأحجار في أبار على (ذي الحليفة) ، تأسيس محطة توليد كهرباء تقوم بخدمة الهدفين، وتكون في المستقبل نواة لمحطة توليد خاصة بالمسجد النبوي الشريف. وقد تم ربط المسجد النبوي بها بعد اكتمال التوسعة في سنة 1375هـ. (70)
أما الإضاءة داخل التوسعة فقد أوضحنا من قبل، أنهم حرصوا عند التصميم والتنفيذ،على تزيين رؤوس الأعمدة وكذلك أرجل العقود بمصابيح كهربائية جميلة؛ كتب في أعلاها بخط الثلث كلمة (الله نور السموات والأرض ((71) انظر الصورة رقم (4) .
وقد بين عددها أحد الباحثين فقال إنها 1011 مصباحاً،ركبت في أعلى الأعمدة، وأن 1400 مصباح دائري الشكل ركبت في زوايا العقود، بالإضافة إلى 16 مصباحاً في زوايا العقود تختلف عن سابقتها (72) ، كما نصب في أرضية صحني التوسعة عدد من الأعمدة الرخامية مخروطية الشكل جميلة المظهر، صنعت من قطعة واحدة من أجود أنواع الرخام، تنتهي بتيجان كورنثية الطراز، في نهاية كل منها مصباح كهربائي، عليه حاجز من النحاس المذهب بشكل زخارف نباتية في نهايتها قبة نحاسية مذهبة. انظر الصورة رقم (6) .
الصورة رقم (6) عن عظمت شيخ (الحرمين الشريفين)
أما تهوية المسجد النبوي الشريف فاقتصرت في هذه التوسعة على المراوح التي وزعت بانتظام على جميع أنحاء التوسعة، كما ركب منها ما يكفي في الجزء المتبقي من العمارة المجيدية في مقدم المسجد.
سادساً: الساحات والمرافق:
لم يكن للمسجد النبوي بعد التوسعة الأولى من الساحات والميادين إلا موضعين، كما يتضح من الصورة الجوية المرفقة شكل رقم (2) .
شكل رقم (2)
صورة جوية وأخرى من واقع الطبيعة تبيين ضيق الطرقات المحيطة بالمسجد النبوي الشريف قبل وبعد التوسعة السعودية الأولى،عن محمد سعيد فارسي (التكوين المعماري والحضري لمدن الحج)
إحداهما: ساحة باب السلام وتبلغ مساحتها 3000م2 وكانت قبل التوسعة مليئة بالمساكن والدكاكين ، فنزعت ملكيتها لصالح الميدان الذي أبرز وسهل الوصول إلى باب السلام، وباب الرحمة، وباب الصديق.
ثانيهما: ساحة الباب المجيدي، وكانت أيضاً مكتظة بالمنازل والدكاكين، فنزعت الدولة ملكيتها، وهيأتها لخدمة المسجد الشريف. وهي أكبر من الأولى إذ تبلغ مساحتها 5000م2 (73) . وقد أبرزت كما ذكرنا من قبل الأبواب الثلاثة التي فتحت في شمال المسجد فضلاً عن إمكانية استخدامها لأداء الصلاة في أوقات الذروة.
أما دورات المياه فلم أجد لها ذكر عند من كتب عن التوسعة الأولى، وقد رأيت أماكن للضوء بنيت خارج البيوت المحيطة بالساحة المجيدية، وذلك قبل توسعة الملك فهد، فلعلها إحدى المرافق المساندة التي جهزت لهذا الغرض في أعقاب التوسعة المذكورة. لاسيما وأن المساجد الجامعة كانت تزود بهذه المرافق الهامة في جميع عصور العمارة الإسلامية.
التوسعة السعودية الثانية في عهد الملك فيصل 1392 – 1395هـ
لم تكن التوسعة السعودية الأولى التي تمت ف المسجد النبوي الشريف سنة 1375هـ طموحة بما فيه الكفاية. وإن كانت متمشية مع ظروف بناء الدولة وإمكانياتها في عهد الملك عبد العزيز، بالإضافة إلى أن النمو السكاني والعمراني للمدينة المنورة كان حينذاك بطيئاً. فلم يزد عدد سكانها سنة 1348هـ عن 13 ألف نسمة (74) . ورغم ارتفاعه في سنة 1375هـ إلى 150 ألف نسمة (75) إلا أن أحداً لم يكن يتصور بأن المدينة المنورة ستشهد مجيء أعداد غفيرة من الزوار في المستقبل القريب. وكانت المفارقة الكبيرة عندما ازداد نموها اضطراداً، في أواخر عهد الملك سعود، وعهد الملك فيصل يرحمها الله. كما يتضح من الجدول التالي:
السنة
عدد السكان
المصدر
1231هـ/ 1815م
16000-
20000
بوركهات
1234هـ / 1818م
18000
سادلير
1270هـ / 1853م
16000
بورتون
1326هـ / 1908م
30000
وافيل
1328هـ / 1910م
60000
البتنوني
1323هـ/ 1914م
60000-
70000
مورينز
35-
1336هـ/1916/17 م
15000
علي حافظ
1344هـ / 1925م
6000
روتر
1350هـ / 1931م
15000
فيلبي
1394هـ / 1974م
198000
مكتب التخطيط
1401هـ / 1980م
250000
مكتب التخطيط
جدول رقم (1)
نقلاً عن محمد سعيد فارسي، " التكوين المعماري والحضري لمدن الحج " المملكة العربية السعودية
وعلى الرغم من ارتفاع التوسعة التي تمت في المسجد النبوي سنة 1375هـ بمساحة المسجد، من 10303م2 إلى 16327م2 (76) ، فإن بالإمكان القول أنها جاءت لترتفع بمستوى نوعية العمارة، لا بمستوى المساحة التي قصد بها التوسيع للمصلين القاصدين زيارة المسجد النبوي الشريف.
فلم يمض على إنجازها أكثر من عام، حتى ظهرت الحاجة إلى توسعة ثانية (77) ، تستوعب زوار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين يزداد عددهم عاماً بعد عام. وفي ذلك يقول شاهد عيان حضر الاحتفال بإتمام التوسعة سنة 1375هـ." أذكر أننا أدينا صلاة الجمعة خارج المسجد، في الشوارع والميادين وعلى أسطح المنازل المحيطة بالحرم، وكان عدد الذين يصلون فيها أضعاف من يضمهم المسجد، وأن بالمسجد ذاته أضعاف من يتسع لهم عادة من المصلين"(78) .
وبالرجوع إلى الإحصاءات الرسمية من عدد الحجاج من خارج المملكة، وهم الحريصون في الغالب على الذهاب إلى المدينة المنورة،قبل الحج أو بعده لزيارة المسجد النبوي الشريف والصلاة فيه، يتبين أن عددهم ارتفع من 220735 حاج سنة 1375هـ، إلى 894573 حاج سنة الانتهاء من التوسعة الثانية في عهد جلالة الملك فيصل طيب الله ثراه،سنة 1395هـ. (79) انظر الجدول رقم (3) .
وبما أن ضيق المسجد النبوي الشريف بالمصلين، لا يحدث في الغالب إلا في أسابيع محدودة بعد موسم الحج، ولكون العمل ما يزال قائماً في إتمام عمارة المسجد الحرام في مرحلته الثانية من التوسعة السعودية الثانية في عهد الملك فيصل 1389- 1396هـ (80) ، فلعل ذلك كان وراء إرجاء الملك فيصل لفكرة توسعة
المسجد النبوي؛ والاكتفاء بإزالة ما يقع غربه من مبان وتهيئة موقعها للمصلين، وقد نفذت على ثلاث مراحل:
الجدول رقم (2)
تطور أعداد الحجاج، عن محمد سعيد فارسي (التكوين المعماري والحضري لمدن الحج)
المرحلة الأولى: قدرت مساحتها 35000م2 (81) ،وثمنت أنقاضها بخمسين مليون ريال، وتمتد من الجدار الغربي للمسجد النبوي الشريف إلى الشارع العيني بطول 165متراً (82) ، وقد رصفت أرضها بالرخام، وظللت بسقوف مؤقتة، وزودت بالإنارة والمراوح، لتخفيف وطأة الحر عن المصلين.
المرحلة الثانية: وقد امتدت من الجنوب الغربي إلى الشمال الغربي لحي الساحة (83) وبلغت مساحتها 5550م (84) .
المرحلة الثالثة: وتركزت في إيجاد ميدان فسيح، يتصل بشارع المناخة وتبلغ مساحته 43000م2 (85) ، وقد تم تغطيته بالمظلات المؤقتة في عهد الملك خالد رحمه الله (86) .
ولا يخفى ما لهذا العمل من نفع في التوسعة على المصلين، أيام الجمع والمواسم لاسيما وأنها زودت جميعاً بمبكرات للصوت؛ ربطت المصلين فيها بالإمام داخل الحرم النبوي الشريف، كما أن لها نفع آخر تمثل في إبراز جزء كبير من مبنى التوسعة الأولى للمسجد الشريف، ولاسيما الجانب الغربي مع معظم الجزء الشمالي الذي حظي من قبل بميدان فسيح،سهّل حركة الدخول والخروج من وإلى الأبواب الثلاثة التي تقع في هذا الجانب من المسجد الشريف.
وكان للحريق الذي أصاب في 18 رجب سنة 1397هـ ما تبقى من المباني الواقعة غرب المسجد النبوي الشريف، بين ميدان المناخة ومسجد الغمامة. والمؤلفة من سوق الحباية والباب المصري وسوق القماشة (سويقة) ومحلة الشونة أثر في توسيع المنطقة المفتوحة التي أحاطت بالمسجد النبوي، وأبرزت مبناه من هذه الجهة وسهلت حركة الوصول إليه.
وقد قامت حكومة الملك فيصل رحمه الله، بتعويض أصحاب الدور والمتاجر بأثمان سخية، ثم إزالة أنقاضها وهيأت موقعها ليصبح ميداناً فسيحاً أمام باب السلام، وقد سفلتته بلدية المدينة وأضاءته وشجرته فيما بعد (87) . ورأيت في طرفه عدد كبير من دورات المياه، وقد خصص جزء منه لمواقف السيارات.
التوسعة الكبرى في عهد خادم الحرمين الشريفين 1405- 1413هـ
رأينا فيما سبق أن التوسعة التي أنجزت في عهد الملك فيصل، جاءت كحل مؤقت ريثما تهيأت الظروف للقيام بتوسعة تكون قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من الزوار والمصلين (88) ، لاسيما وأن الصلاة تحت السقوف التي أقيمت في الساحات التي تقع غرب المسجد النبوي كانت غير مريحة.
وقد ذكر أحد أعيان المدينة المنورة في مؤلف خص به الحديث عن عمارة المسجد النبوي الشريف عبر العصور " أنه لم يمض على هذه التوسعة أعوام قليلة حتى ضاقت بالمصلين، ولم تعد تتسع لقاصدي المسجد الكريم.حتى أننا في أيام الجمعة وفي غير المواسم لا نستطيع الصلاة تحت ظل هذه المظلات، وكثير من المصلين يصلون اضطراراً تحت لفحة الشمس وحرارة الجو ". (89) .
وقد رأينا فيما سبق، كيف أن أعداد الحجاج من خارج المملكة تضاعف أربع مرات بين سنة 1375هـ - 1395هـ (90) ، وبالرغم أن هذه النسبة قد بقيت على حالها حتى سنة 1401هـ.كما يظهر من الإحصائية الرسمية الصادرة من وزارة الداخلية، إلا أنه يلاحظ من خلال الأرقام التي ذكرتها الإحصائية السابقة، ارتفاع أعداد حجاج الداخل سنة 1395هـ من 1.557.867 حاج إلى 1.943.180 حاج سنة 1401هـ (91) .
ولهذه الزيادة الكبيرة في أعداد حجاج الداخل أسباب لخصها أحد المهتمين بتكوين مدن الحج (93) يحسن ذكر أهمها فيما يلي: -
1-
توفير الأمن والاستقرار في مناطق الحج.
2-
حصول دول إسلامية على استقلالها، وانتهاء القيود التي كانت تحد من ممارستهم لشعائر دينهم.
3-
بداية حركة نشيطة وصحوة إسلامية في الدول الإسلامية.
4-
الانتعاش الاقتصادي لكثير من الدول الإسلامية.
5-
تطور أجهزة النقل والمواصلات.
6-
التوسع في إنشاء الطرق البرية، التي تربط المملكة بالدول المحيطة بها.
7-
تطوير وسائل النقل وسهولة امتلاكها لمعظم أفراد الشعب السعودي.
8-
تطوير أجهزة الخدمات الأساسية للحج، والرعاية الصحية في المشاعر.
9-
استخدام أعداد كبيرة من الأيدي العاملة المسلمة، في تنفيذ برامج التنمية في المملكة ودول الخليج.
واستجابة لهذا النمو المتجدد في أعداد الحجاج،قررت حكومة المملكة العربية السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين حفظه الله تعالى؛ القيام بدورها في توسعة الحرمين الشريفين.
وبما أن معظم القاصدين الحج يأتون في الغالب إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، رغم تفاوت الحرمين في المساحة (93) ، فقد تأكد لولي الأمر حاجة المسجد الشريف إلى توسعة تخالف ما سبقها من توسعات؛ في السعة والارتقاء بمستوى الخدمات المساندة للتوسعة الكبرى. (توسعة خادم الحرمين الشريفين) .
وقد اتخذ القرار في الزيارة الميمونة التي قام بها إلى المدينة المنورة في شهر محرم من سنة 1403هـ، بعد شهور من مبايعة الأمة له في 21/8/1402هـ (94) . وفي هذا ما يدل على أن التفكير في التوسعة لم تكن وليدة الزيارة المذكورة، ولا عملاً ارتجالياً غير مدروس، فقد كان لبقائه في المدينة في تلك الزيارة أكثر من شهر ونصف (95) ؛ ما أكد له ضرورة الشروع في التوسعة.
وأذكر أن حكومة المملكة قد دعت عبر وسائل الإعلام المختلفة،جميع الدول الإسلامية والعربية، وأهل الخبرة في مجال البناء؛ إلى المساهمة بأفكارهم ومقترحاتهم في تحقيق هذه التوسعة. (96) .
وقد أشار جلالة الملك فهد إلى أن كثير من الآراء التي عالجت جوانب متعددة من المشروع لم تكن مشجعة (97) ، إلا أن حرصه الدائم لخدمة الحرمين الشريفين ورفع مستوى الخدمات بهما، أبى إلا أن تذلل جميع الصعاب التي تقف في طريق هذا المشروع مهما كان نوعها (98) .
ولكون خادم الحرمين الشريفين قد عقد العزم في سنة 1403هـ،على توسعة الحرمين الشريفين في وقت واحد (99) ، فقد وضعت قواعد أساسية كقاسم مشترك بين المشروعين، لجميع الأعمال التي ستتم في الحرمين الشريفين، ليكون العمل كما أراده حفظه الله تعالى. وبيانها كما يلي:(100)
أولاً: دراسة تفصيلية تتناول كل عناصر التربة والأحمال وأنوع المواد المستخدمة، وأنواع الخرسانات وحاجة كل موقع لهذا النوع أو ذاك لضمان أفضل المعايير الهندسية والفنية والإنشائية والمعمارية.
ثانياً: أن تكون التصاميم معبرة بدقة بالغة عن كل الدراسات، وترجمة دقيقة لكل تفصيلاتها، ووضوح بين لا يؤدي إلى أي احتمال للخطأ.
ثالثاً: أن تعبر معمارياً عن التجانس الكامل بين التوسعة والحرمين القائمين في العناصر، حتى يكون التداخل طبيعياً ومتآلفا في الشكل والموضوع.
رابعاً: استخدام أفضل ما وصلت إليه التقنية الحديثة من آليات ومعدات وخامات،لتوفير أداء وتنفيذ مميزين يحققان الجودة المطلوبة والعمر الأطول بإذن الله.
أما الأهداف التي توخاها ولي الأمر من المشروعين، فكانت واضحة ومحددة. وبيانها كالتالي:(101)
1-
إضافة مبنيين للحرمين القائمين يزيدان القدرة الاستيعابية.
2-
توسيع القاعدة الاستيعابية للمصلين، بالاستفادة من المساحات المحيطة بالحرم، وبأسطح المبنيين الجديدين والحرمين القائمين.
3-
تطوير المنطقتين المركزيتين حول الحرمين الشريفين، لإيجاد حرية الحركة وخدمات مساندة فاعلة، وتأمين سهولة الدخول والخروج لهذا الكم الضخم من المصلين والزائرين؛ في فترات الصلوات، وإعداد بوابات كافية ومناسبة للطاقة الاستيعابية.
4-
تأمين أنظمة أمن وسلامة متطورة.
5-
نظام لتغذية الماء وصرف صحي مناسب لحجم التوسعة في كل حرم.
6-
مواقف سيارات ذات طاقة استيعابية متناسبة مع التوسعة وسهولة مرورية فعالة.
الجهة المنفذة والمشرفة:
تمتلك مجموعة بن لادن السعودية إمكانيات لا تضاهيها فيها أي مؤسسة أو شركة وطنية أخرى، ويقوم بإداراتها والإشراف عليها مهندسان من أبناء معالي الشيخ محمد بن عوض بن لادن رحمه الله، يتسمان بالكفاءة والإخلاص والمثابرة.
ولما لهذه المجموعة من خبرة وقدرة وإسهامات في مجال بناء الوطن، الذي أرسى قواعده جلالة الملك عبد العزيز طيب الله ثراه، فقد أسند لها شرف القيام بتنفيذ عمارة الحرمين الشريفين في هذا العهد الزاهر.
وكان يدفعهما إلى العمل والمثابرة ما يلقيانه من خادم الحرمين الشريفين من دعم ومؤازرة (102) ، ومتابعة حتى في أدق التفاصيل. وفي ذلك يقول المهندس بكر بن لادن في تصديره لقصة التوسعة الكبرى " ولم تكن متابعته فقط في مناقشة الخرائط التي أعدت للتوسعتين، وإنما كانت المتابعة مستمرة في مراحل التنفيذ
…
فقد كان يزور المشروعين في مراحلهما المختلفة، ويختار من أنواع الخامات الأميز والأفضل والأرقى مستوى " (103) .
ولكي لا تعوق الإجراءات المالية تقدم المشروع أصدر خادم الحرمين الشريفين أمراً إلى الجهات المختصة في حكومته، يقضي بوضع حساب مفتوح لهذين المشروعين (104) .
أما الإشراف الفني على توسعة خادم الحرمين الشريفين، فقد أسندت إلى مكتب الديار السعودية للاستشارات الهندسية (105) ، ورغم قلة معلوماتنا عن نشاط هذا المكتب وخبرته؛ فإن الدقة التي ظهر بها العمل في المشروعين المذكورين، يدعو إلى الاعتقاد بأن لديه من الإمكانيات والخبرات ما يجعله يكون جديراً بالثقة الغالية، التي شرف بها من قبل الدولة والجهة المنفذة على حد سواء.
ونظراً لاهتمام خادم الحرمين الشريفين بهذا المشروع وحرصه الدائم على متابعة جميع مراحله، فقد ترأس اللجنة الخاصة بالتوسعة الكبرى والتي تضم عدداً من الوزراء وأهل الاختصاص، وأناب عنه في رئاستها صاحب السمو الملكي الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز أمير المدينة المنورة (106) ، لمتابعة العمل في المشروع أولاً بأول وتقديم التقارير اللازمة لخادم الحرمين الشريفين.
جغرافية المنطقة وتكوينها المعماري:
تتميز المنطقة المحيطة بالمسجد النبوي الشريف بخلوها من الجبال والأودية العميقة، وبكونها منطقة مفتوحة من جميع الجهات (107) ، الأمر الذي ساعد القائمين على تنفيذ مشروع التوسعة الكبرى، في إنجازه في أقصر وقت، وبأساليب تتناسب مع نوعية التربة المتغيرة في الموقع (108) ، دون الحاجة إلى الحفر العميق أو استخدام المتفجرات.
أما النسيج العمراني فقد عرفنا فيما سبق من حديث عن الأعمال التي قام بها جلالة الملك فيصل، خلو الجانب الغربي من أي مبان (109) ، مما قلل من الأعباء المالية والعملية؛ وكانت الجهة الشرقية والشمالية مكتظة بالأسواق والفنادق والمساكن الخاصة.
وكان حي الأغوات بما يحويه من مبان قديمة ومتهدمة، غالبها أوقاف وأملاك خاصة، تحتل معظم الجزء الجنوبي والشرقي من المسجد الشريف، وقد أزيلت بكاملها مع ما يقع في مقدمة المسجد الشريف من مبان حكومية. انظر الشكل (2) .
وقد قدرت مساحة الدور المنزوعة لصالح المشروع بمائة ألف متر مربع، دفع لأصحابها من خزينة الدولة مبالغ مجزية (110) ، واستغرق العمل في هدمها ونقل أنقاضها ثلاث سنوات 1405 – 1408 هـ. روعي فيها حرمة الجوار فلم تستخدم المتفجرات، ولا غيرها مما يؤذي مرتادي المسجد النبوي الشريف، كما أن ولاة الأمر وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين، قدروا حاجة السكان من أصحاب الدور والمتاجر المنزوعة ملكيتها؛فأعطوهم من الوقت ما يكفي للبحث عن بدائل مناسبة، دون أن يقطعوا عنهم خدمات الماء والكهرباء والهاتف إلا بعدما يتم الإخلاء بالكامل (111) لجميع ما تقرر هدمه لأجل التوسعة الكبرى.
مخطط التوسعة الكبرى ومميزاته:
جاء المخطط الذي أقره خادم الحرمين الشريفين، ن لتوسعة المسجد النبوي الشريف كأحسن ما يكون ملاءمة ونفعاً، لما عقد عليه العزم من تنفيذ التوسعة التي تفوق وتختلف عن سابقاتها من التوسعات، التي تمت في المسجد النبوي الشريف، عبر العصور الماضية في السعة والجمال، ومن أبرز خصائصها احتضانها مبنى المسجد الشريف بحالته التي كان عليها بعد التوسعة السعودية الأولى (112) .
ولا يمكن لأحد أن يتصور حلاً ملائماً يخالف ما نفذ في توسعة خادم الحرمين الشريفين للأسباب التالية:
أولاً: أن مقدمة المسجد النبوي الشريف، تضم كامل مساحة المسجد الشريف في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلفائه الراشدين، بما يضم من معالم مشهورة، أبرزها أسطوانات الروضة الشريفة، ومنبر المسجد وموضع مصلاه صلى الله عليه وسلم، وبالتالي فلا يمكن لأي توسعة أن تتقدم جداد القبلة مهما كانت الأحوال والظروف.
كما لا يمكن أن يتصور أحد بأن التوسعة المقترحة بحجمها الحالي ستنجح، لو نفذت فقط في الجانب الغربي من الحرم القديم،لأنها حينذاك ستجعل الجزء الأهم من المسجد النبوي الشريف، في طرف التوسعة. وهو أمر مرفوض هندسياً وعملياً أيضاً، كما لا يمكن لها أن تكون في الجانب الشرقي فقط لأنها حينذاك ستصطدم بمقبرة البقيع، ولا يخفى ما في هذا من محضور شرعي.
ثانياً: لا يمكن لها أن تنفذ في الجانب الشمالي من الحرم القديم، أو في الجانب الشمالي والشرقي فقط، أو في الجانب الغربي فقط، لأنها حينئذ ستظهر منعزلة عن المبنى القديم.
ولهذا وذاك فإن المخطط الذي نفذت عليه التوسعة كما يتضح من الشكل رقم (3)، كان ناجحاً بل وموفقاً وملائماً للأسباب التالية:
1-
أنه حافظ على كامل مبنى المسجد النبوي الشريف، كما كان عليه بعد التوسعة السعودية الأولى، وظل مستقلاً بأبوابه ومآذنه، مع سهولة الاتصال بينه وبين جوانب التوسعة الكبرى، من خلال المساحة المحيطة به من جميع الجهات. انظر الشكل رقم (3) .
الشكل رقم (3)
مخطط التوسعات بالحرم النبوي الشريف
(عن عمارة الحرمين الشريفين، رؤية حضارية، ج1، مؤسسة عكاظ – إصدارات خاصة)
2-
قدراً عالياً المكانة المرموقة التي يحظى به الجزء الأمامي من المسجد النبوي الشريف، فأبرزه عن جدار التوسعة من الجنوب بشكل يسترعي الانتباه، ولم يحطه بشيء يحد من رؤيته أو يضايق مداخله، بل سهل الدخول والخروج منه، من خلال باب البقيع الذي فتحه خادم الحرمين الشريفين، في الجدار الشرقي من مقدمة المسجد النبوي،بجوار المنارة الرئيسية في مقابل باب السلام المواجه له من الشرق، وكانت حركة القادمين من باب جبريل تصطدم بمن جاء من الزوار من باب السلام.
كما أن من الأعمال الجيدة استحداث باب في جدار القبلة، على يمين المحراب العثماني خصص لدخول الجنائز للصلاة عليها دون تخطي صفوف المصلين أو مضايقتهم.
3-
احتضن المبنى القديم للمسجد الشريف من ثلاث جهات، دون الإخلال بمظهره أو التأثير عليه بعلو مبان التوسعة عليه، أو إلصاقها بمبانيه.
4-
أحيطت التوسعة من جميع الجهات بميدان فسيح، أبرز التوسعة وسهل الوصول إلى جميع أجزائها. (113) .
5-
تعددت فيه المداخل الفرعية والرئيسية، بشكل يثير الإعجاب ويحظى بالتقدير، مما يسهل على أي قادم للمسجد الشريف من رؤيته عن بعد؛ والوصول إلى أي جزء فيه دون مشقة أو عناء.
أساسات التوسعة (البنية التحتية) :
بدئ في تنفيذ المخطط الذي أقره خادم الحرمين الشريفين على أعلى المعايير الهندسية والمهنية، ووضع بيده الكريمة حجر الأساس، للتوسعة الكبرى في المسجد النبوي الشريف، يوم الجمعة 9/2/1405هـ.
ورغم عدم توفر المعلومات عن الأبعاد الحقيقية لمسقط التوسعة، فإن بالإمكان كما يتضح من شكلها، ومن المسقط المنشور في قصة التوسعة الكبرى وغيرها من الكتب، ومقارنته بما عرف من أبعاد المسجد الشريف في التوسعة الأولى في العهد السعودي الزاهر (128 × 91 م) . يتبين أنه يشغل مساحة مستطيلة الشكل تمتد من الشرق إلى الغرب بطول 385م، ومن الشمال إلى الجنوب بطول 222م تقريباً، وتعطينا الأبعاد المذكورة مساحة 91 ألف م2، وهي قريبة جداً من المساحة التي شغلتها التوسعة والتي ذكرت في أكثر من مصدر وهي 82 ألف م2 (114) ، خاصة إذا استثنينا منها الجزء المدمج فيها من التوسعة السعودية الأولى وما حوله من الممرات. وكذلك ما بين الأبواب التي برزت عن جدار التوسعة.
انظر الشكل رقم (4) .
الشكل رقم (4)
وبناء على الدراسة المكثفة التي أجريت على تربة الموقع المتغيرة من مكان لآخر (115) ، تقرر استخدام نظام الخوازيق لتقوية الأساسات بأنواعها، وبدئ في تنفيذها من الجهة الشرقية والغربية في يوم السبت 17/1/1406هـ، وحفرت الأساسات بعمق 4.5م (116) ،ثم غرست الخوازيق التي تقرر تقوية الأساسات بها. ونفذت بطريقتين إحداهما بالدق والأخرى بالحفر العميق، حتى تصل إلى الصخر الذي تراوح الوصول إليه ما بين 30، 50 متراً. (117) .
وباكتمال زرع الخوازيق التي بلغت في مجموعها 8500 عمود، جاءت مرحلة بناء القواعد، بحيث تقام قاعدة كل عامود فوق رؤوس أربعة خوازيق. أما قواعد المنارات فتوضع فوق رؤوس مجموعة من الخوازيق، تتراوح بين 16 خازوق أو 32 خازوق، لأسباب اقتضتها القواعد الهندسية والمهنية، وقد جاء ما يفيد بأن تكعيب القواعد كانت في الغالب موحدة 14 × 12 × 2.5م (118)
وقد بلغ مجموع القواعد 1877 قاعدة، ارتبطت ببعضها بكمرات من الخرسانة المسلحة، وبنفس ارتفاع القواعد 2.5م، طمعاً في الوصول بأساس التوسعة إلى أعلى مراحل الإتقان والأمان، مما يمكنها مستقبلاً لتحمل إمكانية إنشاء دور ثاني فوق سطح التوسعة الكبرى.
وبما أنه قد تقرر تنفيذ مخطط التوسعة من طابقين، أحدهما للخدمات والآخر للمصلين، فقد أعطى الدور السفلي عناية كبرى من جميع النواحي الهندسية والفنية، فقسمت أرضيته إلى 95 بلاطه أصغرها بمساحة 480م2، وأكبرها مساحة 1527م2، وقد صبت أرضياتها بالخرسانة والمواد العازلة للرطوبة، مع مراعاة تنظيم التمديدات الكهربائية وغيرها من الخدمات. (119) .
ولتقوية أرضية الطابق السفلي وحماية ركائز الأعمدة وقواعدها من الحركة أو الاهتزازات الأفقية لطبقات الأرض، فقد تقرر إنشاء جدار استنادي يحيط بمساحة التوسعة (120) ، وبارتفاع الدور الأرضي البالغ أربعة أمتار، ثم ألبس من الخارج بطبقة عازلة للرطوبة، وأقيم من وراء ذلك جدار من البلك الأسمنتي إمعاناً في الحيطة والأمان.
وعند الانتهاء من أعمال الإنشاء في سقف الدور السفلي، والذي يكون بطبيعة الحال أرضية المصلى في التوسعة الجديدة، نفذت فيه جميع التمديدات اللازمة للإنارة، والهاتف ومكبرات الصوت، والدوائر التلفزيونية المغلقة، بالإضافة إلى تحديد الفتحات الأربع، التي يظهر من خلالها الهواء المبرد من قواعد الأعمدة، وهو عمل جديد في صنعه ونفعه يثير الإعجاب ويستحق التقدير.
أما السقف فقد قسم كما هو الحال في أرضية الطابق السفلي التي ظهرت منها الأعمدة التي حملت السقف، إلى 95 بلاطة تتساوى في المساحات مع البلاطات السفلية، ثم صبت الخرسانة بعد اكتمال أعمال الحدادة وتجهيز التمديدات السابق ذكرها. (121) .
وقد جاءت جميعاً وفق ما هو مخطط من قبل وبأتم الدقة والكمال، وعند الانتهاء من ذلك كله بدأت معالم التوسعة تظهر للعيان في منتصف عام 1410هـ/ 1990م (122) .
مكونات التوسعة:
أولاً: الأروقة (الساحات، البلاطات) والقباب:
تضمنت التوسعة التي بلغت 82 ألف متر مربع 95 ساحة أو بلاطه مربعة تكون في مجموعها صفوف موازية أو عمودية على جدار القبلة.
وتتباعد الأعمدة عن بعضها ما بين 6 أمتار، وهو الغالب في معظم أعمدة التوسعة، وما بين 18 متراً، وهو البعد بين الأعمدة المتقابلة في الجوانب الأربع لجميع الساحات التي تكونت منها التوسعة، والبالغة 95 كما يظهر من الشكل رقم (5) .
الشكل رقم (5)
ويبلغ عدد الأعمدة الظاهرة في مبنى التوسعة 2104 عموداً مستديراً بقطر 64سم لكل منها (123) ، ولها جميعاً قواعد بارزة في أرض مصلى التوسعة على شكل مربع مشطوفة أركانه الأربعة، وبها فتحات لخروج الهواء المبرد. كما أن لها جميعاً تيجان متشابهة مع التيجان التي حليت بها أعمدة التوسعة السعودية الأولى، والمزخرفة بزخارف هندسية ونباتية متشابهة في جميع تيجان التوسعتين. الصورة رقم (4) .
ونظراً لحرص ولي الأمر في إبراز المبنى القديم للمسجد النبوي الشريف كما ذكرنا من قبل، فقد وزعت الساحات المربعة أو ما يعرف بالبلاطات، التي تكونت منها التوسعة لتظهر متساوية فيما يقع شرق المبنى القديم أو غربه، بواقع خمس بلاطات عمودية على جدار القبلة، في كل جانب كما قسم سقف التوسعة إلى 95 مربعاً غطى منها 68 مربعاً بسقوف ثابتة،تبدو مقسمة مما يلي أرض التوسعة إلى 9 مربعات، محلاة بصرر لزخارف جصية بارزة بأسلوب الأرابسك. انظر الصورة رقم (7) .
أما الباقي من المربعات التي تكون منها سطح التوسعة وقدرها 27 مربعاً فتركت مفتوحة لإدخال ما يحتاجه المسجد من هواء وضوء في أوقات البرد واعتدال الجو، ونظراً لضرورة المحافظة على تكييف الهواء في الأوقات التي يشتد فيها الحر، ومنعاً من وصول الأمطار وقت نزولها إلى داخل التوسعة، صنعت لها قباب متحركة ترتفع عن مستوى أرض المسجد الشريف 16.65متراً، وعن سطح التوسعة 3.55 متراً. ومساحة كل قبة 18 × 18 متراً، ونصف قطرها من الداخل 7.375 متراً، ويمكن تحريكها ألياً. فلقاعدتها خاصية الانزلاق بواسطة أربعة دواليب بكل دولاب ما طور قوته 2.5 كيلو وات. كما يمكن تحريك القبة الواحدة باليد وقد يستغرق ذلك نصف ساعة، نظراً لوزنها البالغ 80 طناً.وتتكون من هيكل فولاذي وزنه 40 طناً، ووجه داخلي وآخر خارجي بينهما طبقة إضافية من المواد العازلة للماء والحرارة بسمك 20 سم (124) .
الصورة رقم (7)
عن محموعة بن لادن السعودية
وقد جاءت فكرة القباب التي وزعت بانتظام في سقف التوسعة كما يظهر من الشكل (6) ، لتمزج بين أصالة البناء التقليدي للقباب، وبين الاستفادة من الوسائل الحديثة، وقد شارك الكثير من أهل الخبرة والاختصاص في مجال البناء في مختلف أنحاء العالم بالأفكار،وقدموا التصاميم المقترحة، وبعد دراستها والمفاضلة بينها، اختير النموذج الذي قدمته إحدى المؤسسات الألمانية المتخصصة
الشكل رقم (6)
ثم صنعت وفق أعلى المعايير، وركبت فوق مجاري معدنية يسهل تحريكها آلياً أو يدوياً عند الفتح أو الإغلاق رغم ثقل وزنها الذي يبلغ 80 طناً لكل قبة.
وزخرفت جميع القباب من الداخل بتقسيمات هندسية، قوامها الطبق النجمي المؤلف من 16 لوزة، 16 كندة، كما زخرفت اللوزات والكندات من الداخل بزخارف نباتية متماثلة من نوع الأرابسك، ومثل ذلك في جميع المثلثات الواقعة في الأركان الأربعة لكل قبة، هذا فضلاً عن الشريط الزخرفي الذي يحيط بالمربع الذي قامت عليه القبة من جهاته الأربعة. انظر الصورة رقم (8) .
الصورة رقم (8)
عن منصور عطار (الحرمان الشريفان قمة العمارة الإسلامية المعاصرة)
ثانياً: المآذن:
وزعت مآذن التوسعة على أركانها الأربعة، جرياً على العادة المتبعة من قبل في جميع مراحل بناء المسجد النبوي الشريف، ولكون مسقط التوسعة الكبرى قد جاء مستطيلاً كما رأينا من قبل، فقد أقيمت أربع من المآذن في أركانه، كما أقيمت اثنتان من مآذنه الست على طرفي البوابة الرئيسية للتوسعة، والتي تتوسط الجدار الشمالي والمعروفة ببوابة الملك فهد، لتكون في مقابل مآذن المبنى القديم.
وبهذا فإن مجموع ما أنشئ في توسعة خادم الحرمين الشريفين ست مآذن، تزيد في ارتفاعها عن المئذنتين اللتين أقيمتا في مؤخرة التوسعة السعودية سنة 1375هـ ب 32 متراً،أي أن طول كل مئذنة مع هلالها 104متراً (125) ،وهو طول تطلبته ضخامة التوسعة. وسعة مسطحها.
وقد أضافت كما يقول أحد الباحثين بشموخها الزاهي، لمسة من التناسق المعماري، وفيضاً من الرونق الجمالي، الذي يأسر شعور الناظر إليها من بعد أو المتأمل لها من قرب (126) .
وكما هو الحال في بناء مئذنتي التوسعة الأولى، فإن الخرسانة المسلحة هي مادة البناء الرئيسية في هيكل المئذنة (128) وتتكون كل مئذنة من الداخل من أسطوانة خرسانية مفرغة قطرها 70 سم، وسماكة جدرانها 20 سم، تنتهي إلى نهاية الجزء الثالث من المنارة (المئذنة) ، وبداخلها سلم حلزوني الشكل، عرضه 8سم يؤدي إلى الشرفة الأولى والثانية والثالثة (129) ، لاستخدامه عند الحاجة.
أما أبعاد الشكل الخارجي لكل مئذنة فإنما تتألف من عدة أجزاء مختلفة في الشكل والأبعاد. وذلك على النحو التالي:
أ - الجزء الأول: مربع الشكل 5.5 × 5.5م، ويرتفع عن مستوى قواعد الدور الأرضي للتوسعة إلى ما فوق سطح التوسعة بطول 4 أمتار،هي ارتفاع الدور الأرضي + 27 متراً من مستوى أرض التوسعة. ينتهي هذا الجزء بشرفة مربعة الشكل محمولة على مقرنصات في صفوف متتالية، ولها حاجز من البناء المزخرف بمربعات تحتوي على مثمنات ظاهرة تتناسب مع الزخارف السفلي.
ب – الجزء الثاني: مثمن الشكل قطره حوالي 5.5م، ويرتفع إلى حوالي 21م ويحتوي على ثلاثة نماذج من الشبابيك المتتالية، والتي تظهر في منتصف كل ضلع من أضلاع المثمن وتنتهي بشرفة مثمنة.
ج - الجزء الثالث: أسطواني الشكل قطره 5م، ويرتفع إلى 18متراً تقريباً، ويتميز بخلوه من الفتحات، وبزخارفه الملونة بالأبيض والأسود في خطوط أفقيه متكسرة، وينتهي الجزء بشرفة دائرية محمولة على مقرنصات.
د - الجزء الرابع: وهو أسطواني رغم اختلافه عن الجزء الثالث، وقطره حوالي 4.5م، ويرتفع إلى حوالي 15 متراً. تزينه ثمانية عقود مدببة ترتكز أرجلها على أعمدة رخامية بلون أبيض، ويعلوها شرفة دائرية أصغر من سابقتها، وتزينها المقرنصات أيضاً، وتلفها عصابة من الحواجز المحلاة بالمربعات التي تتوسطها دوائر صغيرة.
هـ- الجزء الخامس والأخير، ويصل ارتفاعه إلى حوالي 33متراً بما في ذلك الهلال، ويمكن تقسيم هذا الجزء إلى عدة عناصر. فأولها يبدأ ببناء أسطوانياً ينتهي بتاج مشرشر يكون شرفة صغيرة تحمل الجزء العلوي، والذي يبدأ بشكل مخروطي، في نهايته قبة بصلية هي في الواقع قاعدة الهلال البرونزي الذي يتوج جميع المآذن، المطلي بالذهب الخالص.ويبلغ ارتفاعه 6 أمتار ويزن أربعة أطنان ونصف (130) .
ثالثاً: الأبواب والنوافذ:
تميزت التوسعة الكبرى للمسجد النبوي الشريف بكثرة الأبواب والمداخل، التي تسهل حركة الدخول والخروج من جميع الجوانب، بالإضافة إلى ربط التوسعة الكبرى، بمبنى التوسعة السعودية الأولى، بعدد من المداخل التي تقابل الأبواب القديمة.
وبالنظر إلى المخطط الذي أعده مركز أبحاث الحج، وبين عليه أرقام المداخل من واقع ما كتب على أبواب المسجد النبوي الشريف، بعد توسعة خادم الحرمين الشريفين، يتبين ما يأتي:
1-
تميز الجانب الشمالي من التوسعة الكبرى بكثرة الأبواب والمداخل، بعضها فتح في أصل الجدار والبعض الآخر بارز عنه، ويتوسطها باب الملك فهد بن عبد العزيز بخمسة مداخل. وقد جاء هذا الباب في مقابلة الأبواب الثلاثة التي فتحت في مؤخرة التوسعة السعودية الأولى، والمسماة بالباب المجيدي، وباب سيدنا عمر بن الخطاب، وباب سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنهما. مع وجود سلمين متحركين في طرفي الضلع الشمالي، لتسهيل الصعود إلى سطح المسجد، الذي أعد أيضاً لأداء الصلاة في أوقات الذروة.
2-
تتساوى الأبواب المفتوحة في الضلع الشرقي والغربي من التوسعة في العدد واستقامة المحور، مع وجود سلم متحرك في وسط كل ضلع يؤدي إلى سطح التوسعة.
3-
أما الضلع الجنوبي فبه مدخلان رئيسيان، جاءا في مقابل المدخلان اللذان يقعان في الجانب الشمالي من التوسعة، على طرفي بوابة الملك فهد بن عبد العزيز. الشكل رقم (4) وإلى جانب ذلك مدخلان صغيران، بالقرب من باب النساء وباب الرحمة، ويحملان رقمي 38، 40، كما أن بطرفي التوسعة من هذا الجانب، سلمان متحركان يسهلان الصعود إلى سطح التوسعة.
وبهذا فإن مجموع المداخل التي فتحت في التوسعة الكبرى لخادم الحرمين الشريفين 35 باباً، بعضها بثلاثة مداخل، والبعض الآخر بمدخل واحد. الشكل رقم (5) . وجميعها بعقود محلاة بالأحجار الملونة، ما عدا الفتحتان اللتان تقعان على يمين ويسار المداخل الكبيرة، 3 في الشمال، 2 في الشرق، 2 في الغرب، 2 في الجنوب. فإن لها جميعاً زخارف جصية بيضاء، مماثلة للزخارف التي تعلو الأبواب الرئيسية، في التوسعة السعودية الأولى،كباب السلام وغيره. انظر الصورة رقم (9) .
الصورة رقم (9)
عن وزارة الإعلام (توسعة الحرمين الشريفين)
ولهذه الأبواب جميعاً مصاريع كبيرة،من أجود أنواع الخشب المزين بتعشيقات مربعة، تحليها المستطيلات المتقابلة والمحلاة بأطر وصرر من النحاس المذهب. انظر الصورة رقم (10) . وقد جاء ما يفيد بأنها صنعت من خشب الساج في مدينة برشلونة بأسبانيا وفق رسومات أعدت مسبقاً لارتفاع المداخل وعرضها. بينما صنعت الأشكال الهندسية النحاسية في مدينة رواه الفرنسية وطليت بالذهب في مغاطس ذات جودة عالية، ثم شحنت إلى برشلونة حيث تم تركيبها على مصارع الأبواب، وكان وزن كل منها بعد اكتمال تصنيعه (2.5) طن (131) . وقد جاءت بعد تركيبها على المداخل آية في الجودة والدقة والجمال، قوام زخارفها أشكال هندسية ونباتية وكتابية،يظهر لفظ الجلالة وكلمة أكبر (الله أكبر) في داخل دائرة بأعلى كل مصراع، كما تظهر عبارة (محمد رسول الله) وسط الصرة النحاسية التي تتوسط المصراعين. وقد تداخلت حروفها مع زخارف نباتية متداخلة غير معقدة.
صورة رقم (10) عن حامد عباس (قصة التوسعة الكبرى)
أما النوافذ فتعددت بتعدد الإنكسارات الناتجة عن الخروج بالأبواب الرئيسية، عن استقامة جدار التوسعة من جميع الجهات؛ وأكثرها جاء في الجهة، الشمالية.فثمان منها على يمين الداخل من باب الملك فهد بن عبد العزيز، ومثلها عن يساره، وخمس على يمين الباب الذي يقع في الطرف الغربي من هذه الجهة ومثلها على يسار الباب الذي يقع في الطرف الشرقي من هذه الجهة.
أما الجهة الشرقية والغربية من التوسعة الكبرى، فنجد مجموعة من النوافذ بين البابين المفتوحين في كل جانب، وتظهر النوافذ المذكورة في الشكل رقم (5) مقابل السلم الكهربائي الذي يتوسط البابين المفتوحين في كل جهة.
وأما الجهة الجنوبية فبها عدد من النوافذ على يمين الجزء البارز من المبنى القديم للمسجد النبوي الشريف، وجاء توزيعها بالتساوي عن يمين البابين البارزين عن استقامة جدار التوسعة من هذه الجهة. ثمان نوافذ عن يمينه وثمان على يساره مما يلي باب الرحمة، وكذلك في الجانب الآخر الواقع جهة باب السلام.
وجميع النوافذ متشابهة، فتحاتها طولية معقودة بعقود مدببة تدبيباً خفيفاً، ومحلاة بصنجات ملونة مستوحاة من التراث الإسلامي، على هيئة ما زينت به نوافذ التوسعة السعودية الأولى. الصورة رقم (11) والصورة رقم (3) .
ولجميع هذه النوافذ أبواب مستطيلة، صنعت من أجود أنواع الخشب قيل إنه خشب القرو وهي مسدودة من الخارج بمشربيات من البرونز (132) ،صنعت على هيئة الخشب المستخدم في نوافذ العمارة الإسلامية بطريقة الخرط، ويعلو أبوابها الخشبية شبابيك مستديرة،من الحجر الصناعي والزجاج الملون، نفذت بمهارة عالية، على خامات راقية، وبها زخارف هندسية ونباتية مستوحاة من التراث الإسلامي العريق.
الصورة رقم (11)
عن منصور عطار (الحرمان الشريفان قمة العمارة الإسلامية المعاصرة)
خامساً: الساحات والمرافق العامة:
كان من الأهداف التي رسمت لتوسعة الحرمين الشريفين في عهد الملك فهد بن عبد العزيز، تطوير المنطقة المركزية المحيطة بالحرمين الشريفين، وإيجاد ساحات ودورات مياه، ومواقف سيارات، تتماشى مع التوسعة، وتلبي احتياجات زوارها ومرتاديها.
وقد تم تحقيقها جمعياً في التوسعة التي شهدها المسجد النبوي الشريف 1405هـ /1413هـ، وساعد على ذلك طبيعة الأرض التي نفذت عليها التوسعة الكبرى، وكذلك الأرض المحيطة بها لخلوها من الجبال والمناطق الصخرية، وقد جاءت كما أريد لها أن تكون. فعادت بالنفع على زوار المسجد الشريف وسهلت الوصول إليه من جميع الجهات.
وفيما يلي بيان بمواقعها وأعدادها وأهم فوائدها:
أ - الساحات: كان المسجد النبوي الشريف، قبل العهد السعودي محاطاً بالبيوت والطرقات الضيقة، كما هو حال جميع المدن القديمة. ولم يكن بالإمكان تغيير هذا الواقع، عند إتمام الأعمال المعمارية التي تمت فيه عبر العصور الماضية، لأن الجهد الذي أولاه الخلفاء والسلاطين لهذا المسجد – من بعد انتقال العاصمة من المدينة المنورة – كان منصباً على تجديد عمارته أو ترميم ما تلف منها، دون الاهتمام بإحاطته بميادين واسعة، كما هو الحال في بعض الجوامع التي ميزت العهد العثماني.
وقد رأينا فيما سبق أن الميادين التي هيأت بعد التوسعة السعودية الأولى، لخدمة المسجد النبوي الشريف، كانت متمشية مع تلك التوسعة، ولم توضع إلا في موضعين، هما ساحة باب السلام وساحة باب المجيدي، ثم أضيفت إليه ساحات أخرى في عهد الملك فيصل رحمه الله تعالى. إلا أنها رغم سعتها لم تبرز التوسعة إلا من جانب واحد،هذا فضلاً عن أنها ركزت التواجد السكاني والتجاري في الجانب الشرقي ومعظم الجنوبي، حتى أن المرء ليشعر بالاختناق عند خروجه من المسجد الشريف أو دخوله إليه وقت الذروة قبل التوسعة الكبرى.
وإدراكاً من خادم الحرمين الشريفين حفظه الله،لما لهذه الساحات من نفع عام للناس وخاص بالتوسعة،حرص من البداية على إيجاد ساحات محيطة بالحرم النبوي الشريف، بعد التوسعة من جوانبه الأربعة.
وقد تم ذلك بالفعل، بحيث أحيطت بساحة شبه مستطيلة، قدرت أبعادها التي لم أجد ما يفيد في ذلك بحوالي 570 × 550 متراً طولياً. الشكل رقم (4) .
وقد جاء ما يفيد بأن مساحتها 235000 متراً مربعاً (133) ، وقدرت عرضها مما يلي الجنوب 207م، ومن الشمال 154م، ومن الغرب 144م، أما من الشرق فبلغ عرضها 27 متراً لاقتراب مقبرة البقيع من التوسعة، وفرشت أرضها بأجود أنواع الرخام، مع غلبة اللون الأبيض عليه، كل ذلك في تقسيمات هندسية بديعة.
كما أنها أضيئت بالمصابيح المحمولة على أعمدة مثمنة،تحاكي ما نصب في صحني التوسعة الأولى، وإن اختلفت تيجانها في نوع الزخرفة وطريقة توزيع المصابيح على جهاتها الأربع. (الصورة رقم 12) . وزودت بثلاثين مدخلاً بسلالم كهربائية، وأخرى ثابتة تؤدي جميعاً إلى مباني الخدمات ودورات المياه.
الصورة رقم (12)
عن حامد عباس (قصة التوسعة الكبرى)
ب – دورات المياه ومواقف السيارات:
زود المسجد النبوي الشريف في هذه التوسعة، بعدد كبير جداً من دورات المياه وأماكن الوضوء، روعي في تصميمها وطريقة توزيعها وضوح أماكنها وسهولة الوصول إليها، فوزعت على 30 موقعاً تحت أرض الساحة المحيطة بالتوسعة. الشكل رقم (5) وعددها 6214نقطة وضوء، 758 نقطة شرب (134) 2432 دورة مياه. ويتوصل إليها جميعاً عبر 116 سلماً كهربائياً تؤدي إلى أدوارها الأربعة،وتفضي إلى أرض الساحة من خلال 30 سلماً ثابتاً ومتحركاً (135) .
أما مواقف السيارات فقد بنيت من دورين حسب رغبة خادم الحرمين الشريفين، الذي أمر كما يقول المهندس بكر بن لادن بمضاعفة قدرتها الاستيعابية، بعد أن اطلع في البداية على التصاميم الأولية القائمة، على جعلها من دور واحد (136) مما تطلب إعادة التصاميم وفق ما هي عليه الآن.
وتشغل مساحة كبيرة جداً (390000) م2 تكفي لاستيعاب 4200 سيارة، تصل في الذروة إلى 4500 سيارة.وقسم كل دور إلى 11 وحدة، تفصل بينها مباني دورات المياه المؤلفة من أربعة طوابق، وسلالمها الثابتة والمتحركة، مما سهل على أصحاب السيارات وركابها استخدامها جميعاً.
ويبلغ ارتفاع الدور السفلي منها 4.9م، والعلوي 4 أمتار فقط، وقد روعي في تصميمها توفير وسائل الأمن والسلامة، بالإضافة إلى توفير عدة مبان خاصة بخدمات المسجد النبوي الشريف (136) ، ويسهل الدخول إليها والخروج منها إلى جميع جهات المدينة المنورة، عبر 6 مداخل ومخارج موزعة بانتظام على ثلاثة أركان من كل طابق ثلاثة في السفلي، وثلاثة في العلوي. انظر الشكل رقم (5) .
الشكل رقم (5)
مسقط مواقف السيارات أسفل ساحات المسجد النبوي الشريف
عن معهد خادم الحرمين الشريفي لأبحاث الحج
ج – منطقة الخدمات (ذي الحليفة، آبار علي) :
أقيم في ذي الحليفة خارج منطقة الحرم المدني، على بعد 7 كم من المسجد النبوي الشريف، عدة مبان وأجهزة خدمات متكاملة وتضم:-
1-
محطة توليد الطاقة بها خمس مولدات ضخمة طاقة كل منها 2.5 ميجاوات، تستخدم في إنارة المسجد وتوسعته بما فيها الساحات والمرافق وتوفير الطاقة اللازمة لما فيه من آلات، بالإضافة إلى توفير ما تحتاجه محطة تكثيف الماء التي أقيمت في منطقة الخدمات من طاقة، وكذلك المضخات (137) التي تدفع الماء البارد عبر أنبوبين يسيران في إحدى جوانب النفق، الذي أنشئ لهذا الغرض لتزويد المسجد بالطاقة؛ بالإضافة إلى مكافحة وسائل الحريق، وتصريف مياه الأمطار والمجاري الصحية الخاصة بالتوسعة.
صورة رقم (13)
ويعتبر هذا النفق من معالم التوسعة الكبرى، فقد امتد من منطقة الخدمات في ذي الحليفة إلى بدروم التوسعة، بطول 7 كم وبارتفاع 1/4م وعرض 6.2م وبنيت جدرانه بالخرسانة المسلحة، وفق مواصفات عالية الجودة روعي فيها عدم تأثيره على خدمات المدينة المنورة في المستقبل القريب أو البعيد. وزود ب 31 غرفة تهوية مزودة بالمراوح اللازمة لتجديد الهواء بداخله، لسلامة العاملين في صيانته، وللمحافظة على ما فيه من آلات وكوابل ومفاتيح طاقة وخلاف ذلك.
وهو أمر ما كان ليتم لولا هذا العطاء السخي، الذي أعان الله به ولي الأمر ووفقه إليه، فله منا ومن عموم المسلمين الدعاء والتوفيق في الدنيا والآخرة. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى
…
الحواشي والتعليقات
(1، 2) علي حافظ، " فصول من تاريخ المدينة المنورة " طبع ونشر شركة المدينة المنورة للطباعة والنشر، جدة، ص 86.
(3)
محمد سعيد فارسي، " التكوين المعماري والحضري لمدن الحج " طبع ونشر شركة عكاظ، الطبعة الأولى، 1404هـ / 1984م، ص 42.
(4)
حامد عباس، " قصة التوسعة الكبرى " نشر مجموعة بن لادن السعودية، الطبعة الأولى، 1416هـ / 1995م، ص 317.
(5)
أسعد درابزوني، " خلاصة عن مشروع توسعة الحرم النبوي الشريف سنة 1372هـ " نشرها مع كتاب عمدة الأخبار في مدينة المختار، لعبد الحميد العباسي، الطبعة الثالثة، نشر أسعد درابزوني، ص 6.
(6، 7، 8) محمد هزاع الشهري، " المسجد النبوي الشريف في العصر العثماني " رسالة دكتوراه لم تطبع، 1407هـ / 1987م، ص 8 وما بعدها.
(9، 10) عبد القدوس الأنصاري " آثار المدينة المنورة " دار العلم، بيروت، الطبعة الثالثة، 1393هـ/ 1973م، ص 107.
(11، 12) نقل ذلك صالح لمعي في كتابه المدينة المنورة تطورها العمراني وتراثها المعماري، دار النهضة المصرية، بيروت، 1981م، ص 286، ص 101؛ وانظر محمد حسين هيكل " في منزل الوحي "، الطبعة الرابعة، مكتبة النهضة المصرية، 1967م، ص 497.
(13)
عبد القدوس الأنصاري، المصدر السابق، ص 108.
(14)
كان لهذا التقرير ما يبرره من جهة النظر الأثرية التي تحرص على معالجة الضرر قبل توسعة لاسيما وأن تخصص المهندس المذكور كان في هذا المجال كما يقول أسعد درابزوني في ص 6 من الملخص الذي ذكره في المصدر السابق. ويؤيد ذلك أن الوفد الذي جاء بعده بقيادة المهندس مصطفى بك فهمي أكد صحة بعض هذه المخاطر
(15)
أسعد درابزوني، المصدر السابق، ص 6.
(16)
عبد الله باسلامة، " تاريخ الكعبة المعظمة "، الطبعة الثانية، 1402هـ / 1982م، ص 291.
(17)
أسعد درابزوني، المصدر السابق، ص 6.
(18)
حافظ وهبة، " جزيرة العرب في القرن العشرين، الطبعة الخامسة، 1387هـ، ص 284.
(19)
حامد عباس، المصدر السابق، ص 231، أسعد درابزوني، المصدر السابق، ص 5.
(20)
لعلها التي سبق أن أشار إليها تقرير المهندس محمد نافع بعد سنة 1357هـ والتي سبق للحكومة السعودية أن طوقتها بأحزمة من الحديد سنة 1350هـ، وانظر ص 4.
(21، 22) أسعد درابزوني، المصدر السابق، ص 6، 7.
(23)
علي حافظ، المصدر السابق، ص 80، 81.
(24)
عبد القدوس الأنصاري، المصدر السابق، ص 108.
(25)
أسعد درابزوني، المصدر السابق، ص 7.
(26)
علي حافظ، المصدر السابق، ص 83.
(27)
أسعد درابزوني، المصدر السابق، ص 8.
(28)
أسعد درابزوني، المصدر نفسه، ص 8؛ وانظر علي حافظ، المصدر السابق، ص 84.
(29)
علي حافظ، المصدر السابق، ص 79، 84.
(30)
أسعد درابزوني، المصدر السابق، ص 9، وانظر عبد القدوس الأنصاري، المصدر السابق، ص 109.
(31، 32) عبد القدوس الأنصاري، المصدر السابق، ص 109.
(33)
علي حافظ، المصدر السابق، ص 78.
(34)
محمد حسين هيكل، المصدر السابق، ص 501 وما بعدها.
(35)
عبد القدوس الأنصاري، المصدر السابق، 108.
(36)
جاء ذلك في عرض موجز عن التوسعة نشر في نهاية الجزء الرابع من وفاء الوفاء للسمهودي، الطبعة الثانية، 1393هـ، ص 1425.
(37)
أسعد درابزوني، المصدر السابق، ص 7.
(38)
عبد القدوس الأنصاري، المصدر السابق، ص 8، وانظر حامد عباس، المصدر السابق، ص 254.
(39)
عبد القدوس الأنصاري، المصدر السابق، ص 8.
(40)
علي حافظ، المصدر السابق، ص 87.
(41)
ذكر حافظ وهبة في جزيرة العرب في القرن العشرين، ص 313 " أن جلالة الملك سعود قد أصبح منذ 15/12/1372هـ ملكاً غير متوج بيده الحل والربط في أمور الدولة كلها نظراً لاشتداد المرض بوالده -رحمهما الله تعالى.
(42)
محمد السيد الوكيل، " عمارة المسجد النبوي عبر التاريخ "، دار المجتمع للنشر، الطبعة الأولى، 1419هـ، ص 187، وقد أورد التاريخ التالي " شهر ربيع الأول " عام 1373هـ.
(43، 44) انظر وفاء الوفاء، ج 4، ص 1425.
(45)
حامد عباس، المصدر السابق، ص 258.
(46)
محمد كامل حته: في ظلال الحرمين، دار المعارف، ص 250.
(47)
منصور عطاء، " الحرمان الشريفان في العمارة الإسلامية المعاصرة "، ص 116.
(48)
علي حافظ، المصدر السابق، ص 86.
(49)
د. سعاد ماهر، " العمارة الإسلامية عبر العصور، ج 4، ص 14؛ وانظر صالح لمعي المصدر السابق، ص 101.
(50)
. صالح لمعي، المصدر السابق، ص 101.
(51)
علي حافظ، المصدر السابق، ص 87.
(52)
لابد أن يكون الجدار قد حفر بعمق الأرض التي وضعت فيها قواعد الأعمدة، وذلك على نحو ما جاء في حفر أساسات توسعة خادم الحرمين، انظر ص 28، ص 29.
(53)
أورد علي حافظ في المصدر السابق، ص 86 بياناً بعدد الأعمدة نقلاً عن مكتب التوسعة التابع ل بن لادن.
(54)
سعاد ماهر، المصدر السابق، ص 148.
(55)
علي حافظ، المصدر السابق، ص 86.
(56)
صالح لمعي، المصدر السابق، ص 101.
(57)
علي حافظ، المصدر السابق، ص 87.
(58)
سعاد ماهر، المصدر السابق، ص 148.
(59)
محمد هزاع الشهري " عمارة المسجد النبوي في العصر المملوكي " رسالة ماجستير لم تطبع، 1402هـ/ 1982م، ص 388.
(60)
محمد هزاع الشهري " المسجد النبوي في العصر العثماني " ص 199.
(61)
منصور عطار، المصدر السابق، ص 115.
(62)
محمد هزاع الشهري " المئذنة وتطورها في الإسلام " توسعة وعمارة الحرمين رؤية حضارية ج 2 ص 47.
(63)
حامد عباس، المصدر السابق، ص 254.
(64)
علي حافظ، المصدر السابق، ص 87.
(65)
صالح لمعي، المصدر السابق، ص 104.
(66)
علي حافظ، المصدر السابق، ص 87.
(67)
سعاد ماهر، المصدر السابق، ج 4، ص 147.
(68)
محمد هزاع الشهري، " المسجد النبوي في العصر العثماني " ص 157.
(69، 70) حامد عباس، المصدر السابق، ص 257.
(71)
سورة النور، آية رقم 35.
(72)
علي حافظ، المصدر السابق، ص 87.
(73)
حامد عباس، المصدر السابق، ص 257.
(74)
محمد حسنين هيكل، المصدر السابق، ص 497، 501.
(75)
محمد كامل حته، المصدر السابق، ص 288.
(76)
علي حافظ، المصدر السابق، ص 288.
(77)
عبد القدوس الأنصاري، المصدر السابق، ص 112.
(78)
محمد كامل حته، المصدر السابق، ص 293.
(79)
وزارة الإعلام " الحج إلى بيت الله الحرام "؛ حامد عباس، المصدر السابق، ص 280 – 281.
(80)
توسعة وعمارة الحرمين الشريفين، رؤية حضارية، ج 2، ص 22.
(81)
وزارة الإعلام " توسعة الحرمين الشريفين "، ص 56.
(82، 83) عبد القدوس الأنصاري، المصدر السابق، ص 112.
(84، 85) وزارة الإعلام " توسعة الحرمين الشريفين "، ص 56.
(86، 87) محمد صالح البليهشي " المدينة المنورة "، الطبعة الثانية، الرياض، 1408هـ، ص 44
(88)
وزارة الإعلام " توسعة الحرمين الشريفين "، ص 56.
(89)
محمد السيد الوكيل، المصدر السابق، ص 201.
(90)
انظر ص 18.
(91، 92) محمد سعيد فارسي، المصدر السابق، ص 40، 38.
(93)
كانت مساحة المسجد الحرام 160168م2 بينما مساحة المسجد النبوي 16327م2.
(94، 95) حامد عباس، المصدر السابق، ص 295، 300.
(96)
كان هذا بعد قرار توسعة الحرم النبوي عقب الزيارة التي قام بها خادم الحرمين إلى المدينة، في المحرم من سنة 1403هـ؛ وانظر: حامد عباس المصدر السابق، ص 294، سنة 1403هـ
(97)
يذكر الناشر لقصة التوسعة الكبرى، ص 294 إن هذه الجوانب مالية وإدارية وفنية.
(98)
انظر قصة التوسعة الكبرى، ص 294، فقد نقل جزء من كلمة خادم الحرمين الشريفين التي ألقيت في مجلس الوزراء في 3/6/1412هـ.
(99)
حامد عباس " قصة التوسعة الكبرى " ص 295.
(100، 101) حامد عباس، المصدر نفسه، ص 337، 338.
(102)
منصور عطاء، المصدر السابق، ص 116.
(103)
حامد عباس، المصدر السابق، تصدير الناشر.
(104،105) منصور عطاء، المصدر السابق، ص 115، 116.
(106)
محمد صالح البليهشي، المصدر السابق، ص 46.
(107)
صالح لمعي، المصدر السابق، ص 9.
(108)
منصور عطاء، المصدر السابق، ص 103.
(109)
انظر ص 19.
(110،111) حامد عباس، المصدر السابق، ص 146.
(112)
انظر الشكل رقم (4) .
(113)
انظر الشكل رقم (5) .
(114)
مجلة المدينة المنورة العدد 106 سنة 1410هـ ربيع الثاني وجمادى الأول، جريدة الشرق الأوسط العدد 4941، تقرير مقدم من رئاسة الحرمين الشريفين، وانظر محمد صالح البلهشي، المدينة المنورة، ص 46، وقصة التوسعة الكبرى، ص 347.
(115)
حامد عباس، المصدر السابق، ص 346؛ منصور عطاء، المصدر السابق، ص 103
(116)
مجلة المدينة المنورة، العدد 106؛ جريدة الشرق الأوسط العدد 4941.
(117)
حامد عباس، المصدر السابق، ص 346.
(118)
منصور عطار، المصدر السابق، ص 104.
(119)
لمزيد من المعلومات التفصيلية انظر: حامد عباس " قصة التوسعة الكبرى "، ص 347
(120)
حامد عباس، المصدر السابق، ص 348؛ منصور عطار، المصدر السابق، ص 103
(121، 122) حامد عباس، المصدر نفسه، ص 347، 348.
(123)
منصور عطار، المصدر السابق، ص 103؛حامد عباس، المصدر السابق، ص 347
(124)
توسعة وعمارة الحرمين الشريفين، رؤية حضارية، 1/51 وما بعدها.
(125)
منصور عطار، المصدر السابق، ص 91، 92.
(126)
عبد الله سلطان الأفغاني " مآذن الحرم النبوي " توسعة وعمارة الحرمين الشريفين، رؤية حضارية 2/55.
(127)
انظر ص: 23.
(128)
عبد الله الأفغاني، المصدر السابق، ج2، ص 56.
(129)
منصور عطار، المصدر السابق، ص 104.
(130)
عبد الله الأفغاني، المصدر السابق، ص 56؛ ومنصور عطار، المصدر السابق، ص 104
(131)
حامد عباس، المصدر السابق، ص 386.
(132)
انظر ملخص عن التوسعة الكبرى نشر في نهاية كتاب تاريخ معالم المدينة قديماً وحديثاً.
(133)
حامد عباس، المصدر السابق، ص 276، 349.
(134)
ذكر حامد عباس في ص 351 من قصة التوسعة أن عددها 7858 نقطة شرب وهو خطأ لا شك مطبعي والصحة ما ذكره العطار في المصدر السابق ص 99 من أنها 758 نقطة شرب.
(135)
حامد عباس، المصدر السابق، ص 350؛ والعطار المصدر السابق، 98.
(136)
انظر كلمة الناشر في قصة التوسعة الكبرى لحامد عباس.
(137)
جاء تفصيلها في كتاب قصة التوسعة الكبرى لحامد عباس، ص 351 على النحو التالي:
4 مباني للأمن.
1 للعيادات الطبية.
1 مركز صحي.
5 غرف تحكم.
1 غرفة تحكم رئيسية.
6 لمكافحة الحريق.
2 ورش سيارات.
1 غرفة مفاتيح.
4 مراكز تفتيش.
2 مخازن
المجموع (27)