المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خطبة في الحث على الإيمان بأسماء الله تعالى - مجموع فتاوى ورسائل العثيمين - جـ ٦

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌شرح ثلاثة الأصول

- ‌ترجمة الشارح

- ‌الثانية: العمل به

- ‌ يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم ثلاث مسائل والعمل بهن

- ‌ المسألة الثانية مما يجب علينا علمه أن الله سبحانه وتعالى لا يرضى أن يشرك معه في عبادته أحد

- ‌ المسألة الثالثة مما يجب علينا علمه الولاء والبراء

- ‌أعظم ما أمر الله به التوحيد

- ‌ أعظم ما نهى الله عنه الشرك

- ‌ الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتها

- ‌أنواع العبادة

- ‌ الإيمان بالبعث

- ‌ الكفر بالطاغوت

- ‌من ادعى شيئا من علم الغيب

- ‌من حكم بغير ما أنزل الله

- ‌خطب في العقيدة

- ‌خطبة في شرح بعض أسماء الله الحسنى

- ‌خطبة في شرح بعض أسماء الله الحسنى أيضا

- ‌خطبة في الحث على الإيمان بأسماء الله تعالى

- ‌خطبة في ذكر بعض آيات الله الكونية

- ‌خطبة في ذكر بعض آيات الله الكونية أيضا

- ‌خطبة في بيان بدعة عيد المولد

- ‌خطبة في ذكر شيء من آيات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌خطبة في ذكر شيء من آيات الرسل الكرام

- ‌خطبة في الدجال ونزول عيسى ابن مريم

- ‌خطبة في ذكر يأجوج ومأجوج

- ‌خطبة في ذكر عدد من أشراط الساعة

- ‌خطبة في حكم الإيمان بالقدر

- ‌خطبة في حكم الإيمان بالقدر وكيفيته أيضا

- ‌خطبة في كمال الإسلام ويسره وسهولته

- ‌خطبة في حماية الإسلام للدين والنفس والعرض والمال

- ‌خطبة في شكر نعمة الإسلام بالعمل به

- ‌خطبة في تحقيق التوحيد وتخليصه من شوائب الشرك

- ‌خطبة في حقيقة الإيمان وعلاماته

الفصل: ‌خطبة في الحث على الإيمان بأسماء الله تعالى

‌خطبة في الحث على الإيمان بأسماء الله تعالى

الحمد لله الذي كتب الإيمان في قلوب المؤمنين حتى شاهدوا بعين البصيرة ونور العلم ما كان غائبا عن العيون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الحي الكامل في حياته، العليم الكامل في علمه، القدير الكامل في قدرته، فإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول كن فيكون، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إمام المتقين وخاتم النبيين وسيد الموقنين آمن فأيقن وعمل فأتقن واستمر على ذلك حتى أتاه اليقين، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى وآمنوا به وحققوا إيمانكم بمعرفة ربكم بأسمائه وصفاته وأفعاله وبالعمل بما تقتضيه وتوجبه تلك الأسماء والصفات، آمنوا بأن الله حي قيوم حياته كاملة لم يسبقها عدم ولا يلحقها فناء فكل شيء هالك إلا وجهه، فهو الأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء، هو قيوم السماوات والأرض قام بنفسه فلم يحتج إلى أحد من خلقه، وفي الحديث الصحيح أنه تبارك وتعالى يقول:«يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني» ، وهو الذي قامت السماوات والأرض بأمره، ولم يستغن

ص: 185

عنه أحد من خلقه فالعباد مضطرون إليه في جميع أحوالهم وأوقاتهم لا غنى لهم عن ربهم طرفة عين.

آمنوا بأن الله بكل شيء عليم وعلى كل شيء حفيظ رقيب وأنه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} ، فجميع حركاتكم وسكناتكم وأقوالكم وأفعالكم معلومة عند ربكم محفوظة لكم مسجلة عليكم في كتاب مبين. فحققوا رحمكم الله الإيمان بهذه الصفة صفة العلم، حققوها تحقيقا عمليا تطبيقا كما أنكم مأمورون بتحقيقها تحقيقا علميا. فإذا علمتم أن الله يعلم سركم وجهركم ويحفظ ذلك لكم، فإن مقتضى ذلك أن تعبدوه سرا وجهرا وأن تقدموا طاعته وخشيته على كل خشية وشريعته على كل شريعة ونظام.

أيها المسلم: ربما تعصي الله جهارا علنا من غير مبالاة، وربما تعصي الله سرا خفاء خوفا أو حياء من الناس فاعلم أنك في كلتا الحالين لا تخفى على الله حالك وأن الله يعلم بك ويسمع ما تقول ويرى ما تفعل ويحفظ ذلك في كتاب مبين. فهل يليق بك أن تعصيه بعد ذلك بمخالفة أمره أو ارتكاب نهيه.

عباد الله: آمنوا بأن الله على كل شيء قدير وأنه جواد كريم {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا} ، فهو قدير على تغيير الأمور وتحويلها وعلى

ص: 186

منع الأمور وتيسيرها. قال تعالى: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} ، وكم من آية في السماوات والأرض تبرهن على قدرته، وأن جميع الأمور بيده فإذا حققتم ذلك أوجب لكم أن تعلقوا رجاءكم به عند الشدائد وأن تسألوه ما تحبون عند المطالب وأن تعلموا أن قدرته وإرادته فوق الأسباب، وكم من أمور حدثت مع استبعاد الناس حدوثها، وكم من أمور عدمت مع استبعاد الناس عدمها كل ذلك دليل على أن قدرته فوق كل تقدير وتدبيره فوق كل تدبير.

عباد الله: آمنوا بأن الله حكيم يضع الأمور في مواضعها فلم يخلق خلقا عبثا ولم يشرع شرعا سفها، فكل ما قضاه وقدره فلحكمة، وكل ما شرعه لعباده من أمر ونهي فلحكمة، فإذا آمنتم بذلك حق الإيمان أوجب لكم أن تقفوا عند أفعال الله وأحكامه وأن لا تعترضوا على شرعه وخلقه وأن تتأدبوا بالأدب الواجب تجاه حكمة الله، فإن تبينت لكم الحكمة فذلك من فضل الله ومن نعمته، وإن لم تتبين لكم الحكمة فكلوا الأمر إلى العليم الحكيم واعرفوا كمال علم الله وحكمته ونقص علمكم وحكمتكم، وقولوا رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا. كيف يعترض على شرع الله من كان مؤمنا بالله وعلمه وحكمته.

أيها المسلمون: آمنوا بأن الله حكم عدل قهار، فإذا حققتم الإيمان بذلك أوجب لكم الإنصاف من أنفسكم والامتناع عن

ص: 187

الظلم لأن فوق أيديكم يد الواحد القهار، واعلموا أن لكم موقفا بين يدي الله عز وجل يقضي فيه للمظلوم من الظالم حتى يتمنى القاضي العادل أنه لم يقض بين اثنين في تمرة لما يرى من أخذ الظلمة فيخاف أن يكون قد ظلم فيتمنى أن يكون قد سلم، لكن القاضي العادل الذي علم الحق فقضى به ليس عليه إثم ولا وبال بل هو في الجنة وغير القاضي من الولاة مثله، فليحذر من ولاه الله على شيء أن يظلم وليتذكر أن الله حكم عدل قهار.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم....إلخ.

ص: 188