الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خطبة في تحقيق التوحيد وتخليصه من شوائب الشرك
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى واشكروه على ما من به عليكم أن بعث فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياته ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة. رسولا أخرجكم الله به من الظلمات إلى النور، من ظلمات الجهل إلى نور العلم، ومن ظلمات الشرك والكفر إلى نور التوحيد والإيمان، ومن ظلمات الجور والإساءة إلى نور العدل والإحسان، ومن ظلمات الفوضى الفكرية والاجتماعية إلى نور الاستقامة في الهدف والسلوك، ومن ظلمات القلق النفسي وضيق الصدر إلى نور الطمأنينة وانشراح الصدر {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} .
لقد بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم والناس يتخبطون في الجهالات ففتح لهم أبواب العلم: أبواب العلم في
معرفة الله تعالى وما يستحقه من الأسماء والصفات وما له من الأفعال والحقوق، وأبواب العلم في معرفة المخلوقات في المبدأ والمنتهى والحساب والجزاء، قال الله تعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} . وفتح الله لعباده بما بعث به نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أبواب العلم في عبادة الله تعالى والسير إليه.
وأبواب العلم في السعي في مناكب الأرض وابتغاء الرزق بوجه حلال، فما من شيء يحتاج الناس لمعرفته من أمور الدين والدنيا إلا بين لهم ما يحتاجون إليه فيه حتى صاروا على طريقة بيضاء نقية ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ولا يتيه فيها إلا أعمى القلب. لقد بعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم والناس منغمسون في الشرك في شتى أنواعه، فمنهم من يعبد الأصنام، ومنهم من يعبد المسيح ابن مريم، ومنهم من يعبد الأشجار، ومنهم من يعبد الأحجار، حتى كان الواحد منهم إذا سافر ونزل أرضا أخذ منها أربعة أحجار فيضع ثلاثة منها تحت القدر وينصب الرابع إلها يعبده، فأنقذهم الله برسوله من هذه الهوة الساحقة والسفه البالغ من عبادة الأوثان إلى عبادة الرحمن، فحقق التوحيد لرب العالمين تحقيقا بالغا، وذلك بأن تكون العبادة لله وحده يتحقق فيها
الإخلاص لله بالقصد والمحبة والتعظيم، فيكون العبد مخلصا لله في قصده، مخلصا لله في محبته، مخلصا لله في تعظيمه، مخلصا لله تعالى في ظاهره وباطنه لا يبتغي بعبادته إلا وجه الله تعالى والوصول إلى دار كرامته:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} ، {فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا} .
هكذا جاء كتاب الله تعالى وتلته سنة رسوله صلى الله عليه وسلم بتحقيق التوحيد وإخلاصه وتخليصه من كل شائبة، وسد كل طريق يمكن أن يوصل إلى ثلم هذا التوحيد أو إضعافه حتى إن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم:«"ما شاء الله وشئت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أجعلتني لله ندا؟ بل ما شاء الله وحده» فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الرجل أن يقرن مشيئته بمشيئة الله تعالى بحرف يقتضي التسوية بينهما وجعل ذلك من اتخاذ الند الله عز وجل، واتخاذ الند لله تعالى إشراك به.
وحرم النبي صلى الله عليه وسلم أن يحلف الرجل بغير الله وجعل ذلك من الشرك بالله فقال صلى الله عليه وسلم: «"من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك» ، وذلك لأن الحلف بغير الله تعظيم للمحلوف به بما لا يستحقه إلا الله عز وجل فلا يجوز للمسلم أن يقول عند الحلف: والنبي أو وحياة النبي أو وحياتك أو وحياة فلان، بل يحلف بالله وحده أو يصمت عند الحلف ولما «سئل صلى الله عليه وسلم عن الرجل يلقى أخاه فيسلم عليه أينحني له؟ فقال: "لا» فمنع - صلى الله
عليه وسلم - من الانحناء عند التسليم؛ لأن ذلك خضوع لا ينبغي إلا لله رب العالمين فهو سبحانه وحده الذي يركع له ويسجد، وكان السجود عند التحية جائزا في بعض الشرائع السابقة ولكن هذه الشريعة الكاملة شريعة محمد صلى الله عليه وسلم منعت منه وحرمته إلا لله وحده.
وروى النسائي بسند جيد عن أنس بن مالك رضي الله عنه «أن ناسا جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله! يا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا! فقال: "يا أيها الناس قولوا بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد عبد الله ورسوله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل» ولقد بلغ من سد النبي صلى الله عليه وسلم ذرائع الشرك ووسائله أن لا يترك في بيته صورة شيء يعبد من دون الله تعالى أو يعظم تعظيم عبادة. ففي صحيح البخاري «عن عائشة رضي الله عنها قالت: لم يكن النبي صلى الله»
«عليه وسلم يترك في بيته شيئا فيه تصاليب إلا نقضه» . والتصاليب هي الصلبان التي يتخذها النصارى شعارا لدينهم أو يعبدونها، والصليب كل ما كان على شكل خطين متقاطعين، هكذا عرفه صاحب المنجد ومعناه أن يكون على شكل خط مستقيم رأسه إلى فوق يعترضه خط رأسه إلى الجانب سواء كان هذا الخط المعترض في وسط الخط المستقيم أو فوق وسطه، يزعم النصارى أن المسيح ابن مريم عليه الصلاة والسلام صلب عليه بعد أن قتل، وقد قال الله تعالى في القرآن مكذبا من زعموا أنهم قتلوه:{وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} ، وقال تعالى:{وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} ، فكان النصارى يقدسون الصليب يضعونه فوق محاربهم ويتقلدونه في أعناقهم، فكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم إزالة كل ما فيه تصاليب حماية لجانب التوحيد وإبعادا عن مشابهة غير المسلمين.
ولقد كانت بلادنا هذه ولله الحمد من أعظم البلاد الإسلامية محافظة على توحيد الله تعالى ومتابعة رسوله صلى الله عليه وسلم بما من الله عليها من علماء مبينين وولاة منفذين، وصارت عند أعداء الإسلام قلعة الإسلام فغزوها من كل جانب بكل شكل من أشكال الغزو حتى كثرت الفتن فيها، وصارت صور الصلبان على بعض الألعاب للأطفال، بل وعلى الفرش لتكون نصب أعين المسلمين صبيانهم وكبارهم فلا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون.
اللهم احفظ لهذه الأمة دينها وقها شر أعدائها وأيقظ القلوب من الغفلة عما يراد بنا يا رب العالمين إنك جواد كريم. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
…
إلخ.
خطبة في خلق السموات والأرض
الحمد لله الذي رفع السماوات بغير عماد ووضع الأرض وهيأها للعباد وجعلها مقرهم أحياء وأمواتا، فمنها خلقهم وفيها يعيدهم ومنها يخرجهم تارة أخرى يوم المعاد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ند ولا مضاد، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل العباد، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليما.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله وأطيعوه وصدقوا بما أخبركم به واعتقدوه وارفضوا ما خالف كتابه وسنة نبيه من أقوال الناس وردوه؛ لأن ما خالف الكتاب والسنة فهو باطل زور وبهتان، وما وافق الكتاب والسنة فهو حق ثابت لقيام الحجة والبرهان، واعلموا أن الله سبحانه لم يشهد أحدا خلق السماوات والأرض فلا علم عند أحد في ذلك إلا ما جاء عن طريق الوحي {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} ، فكل من تكلم عن خلق السماوات والأرض من أي مادة هو وكيف وقع ومتى وقع كل من تكلم بذلك من غير طريق الوحي، فإنما يتكلم على أمر نظري وقياس ظني قد يصيب وقد يخطئ وقد يرفض وقد يغير إذ ليس أحد من البشر شاهد كيف خلق السماوات والأرض هذه هي الحقيقة الثابتة، وعلى هذا فالاعتماد في ذلك على ما جاء
في كتاب الله أو صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أيها المسلمون لقد خلق الله السماوات والأرض في ستة أيام فجعل السماوات سبعا والأرضين سبعا، جعل الله السماوات سبعا طباقا بعضها فوق بعض {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا} ، وبناها بناء محكما قويا شديدا {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ} ، {والسماء بنيناها بأيد} (يعني بقوة){وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} ، {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا} أي قوية محكمة، جعل الله بين كل واحدة والأخرى مسافة، فكان جبريل يعرج بالنبي صلى الله عليه وسلم من سماء إلى سماء حتى بلغ السابعة.
رفعها الله رفعا عظيما {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا} ، {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا} . رفعها سبحانه بغير عمد وأمسكها بقوته {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} ، {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} . جعلها الله سقفا للأرض محفوظا من الشياطين {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا} ، {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ} ، جعل لها أبوابا لا تفتح إلا بإذنه {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ} ، وفي يوم القيامة يطوي الله هذه السماوات بيمينه
{يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} ، {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} .
أيها المسلمون: إن هذه الآيات الكريمة العظيمة لتدل دلالة قاطعة لا تقبل الشك ولا الجدال في أن السماوات السبع أجرام محسوسة رفيعة قوية محكمة محفوظة لا يستطيع أحد دخولها ولا اختراقها إلا بإذن الله عز وجل، ألم تعلموا أن محمدا صلى الله عليه وسلم أشرف البشر وجبريل أشرف الملائكة ما دخلا السماوات حين عروجهما إلا بالإذن والاستفتاح، فكيف بغيرهما من المخلوقين؟!.
أيها الناس: أفبعد هذا يمكن لمؤمن أن يقول: إن السماوات هي المجرات أو هي الغلاف الجوي للأرض، أو يقول: إن ما نشاهده فضاء لا نهاية له، إن من يقول ذلك فهو إما جاهل بوحي الله وإما مكذب به مستكبر عنه مشاق الله ورسوله {وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} ، {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} . إن إنكار السماوات أو التكذيب بها أو بأنها ذات بناء وإحكام تكذيب لله وكفر به سواء قالها قائل أو صدق من يقولها.
أما الأرض فإنها سبع أرضين في ظاهر كلام الله تعالى وصريح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى:
{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} ، وهذه المثلية تقتضي المساواة في كل ما تمكن فيه، فالأرض مثل السماوات في العدد. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«"اللهم رب السماوات السبع وما أظللن والأرضين السبع وما أقللن» (رواه النسائي) ، والأرض مثل السماوات في التطابق، فإذا كانت السماوات سبعا طباقا فكذلك الأرض مثلهن، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«"من أخذ شبرا من الأرض ظلما فإنه يطوقه يوم القيامة من سبع أرضين» (رواه البخاري) . وقال أيضا: «"من اقتطع شبرا من الأرض بغير حقه طوقه إلى سبع أرضين» (تفرد به أحمد وهو على شرط مسلم) . والغاية تدل على أن كل أرض تحت الأرض وما أوتيتم من العلم إلا قليلا.
لقد خلق الله هذه السماوات وهذه الأرضين وقدر فيهن ما قدر من عجائب مخلوقاته وأسرار مبدعاته وفصل لنا ما فصل منها في سورة فصلت حيث قال: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} . وحجب عن عباده كثيرا من ذلك فلا يحل لأحد أن يثبت شيئا من أسرار
الكون إلا بدليل منقول أو محسوس، أما مجرد النظريات التي قد تتغير وتتبدل فلا يمكن الاعتماد عليها، وأشد من ذلك وأدهى أن يحرف من أجلها كتاب الله وسنة رسوله فينزل على الآراء والنظريات القابلة للنقض والإفساد، ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار.
وفقني الله وإياكم لفهم كتابه والعمل به وجنبنا الزيغ والزلل في القول والعمل أقول قولي هذا
…
إلخ.