الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خطبة في ذكر شيء من آيات النبي صلى الله عليه وسلم
-
الحمد لله الذي أيد الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم بالآيات البينات واختصه بالفضائل الكثيرة والكرامات، وأشهد أن لا إله وحده لا شريك له في الألوهية والربوبية والأسماء والصفات، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى على جميع المخلوقات المبعوث رحمة للعالمين وقدوة للسالكين إلى رب الأرض والسماوات، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان في الأقوال والأعمال والاعتقادات وسلم تسليما.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى واعرفوا ما أيد الله به نبيكم صلى الله عليه وسلم من الآيات فإن الله أعطاه من الآيات ما يؤمن على مثله البشر، وأبلغ ما أوتيه صلى الله عليه وسلم هذا القرآن العظيم، ففيه عبرة لمن اعتبر، فيه خبر ما قبلكم ونبأ ما بعدكم وفصل ما بينكم، اشتمل على ذكر أخبار الأولين والآخرين وعلى الفصاحة والبلاغة اللتين عجزت عنهما مدارك الجن والإنس السابقين منهم واللاحقين:{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} أي معاونا، ألا وإن من أعظم آياته سيرته في عبادته ومعاملاته وأخلاقه، كان صلى الله عليه وسلم أتقى الناس لله تعالى وأجود الناس وأشجعهم وأصبرهم وأحسنهم مجالسة وألطفهم مكالمة وألينهم جانبا، وأبلغهم في جميع
صفات الكمال ألا وإن من آياته صلى الله عليه وسلم انشقاق هذا القمر فرقتين كل فرقة منهما على جبل حين طلب أهل مكة من النبي صلى الله عليه وسلم آية، ألا وإن من آياته صلى الله عليه وسلم إجابة دعائه في استسقائه واستصحائه وغير ذلك، ففي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه قال:«بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في يوم الجمعة قام أعرابي فقال: يا رسول الله، هلك المال وجاع العيال، فادع الله لنا، فرفع يديه، وما نرى في السماء قزعة - يعني قطعة غيم - فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته حتى الجمعة الأخرى، فقام ذلك الأعرابي أو قام غيره، فقال: يا رسول الله، تهدم البناء وغرق المال فادع الله لنا فرفع يديه، فقال: اللهم حوالينا ولا علينا، فما يشير إلى ناحية من السماء إلا انفرجت وصارت المدينة في مثل الجوبة» يعني أن ما فوقها صحو وما على جوانبها ليس بصحو وإنما يمطر.
ومن آياته صلى الله عليه وسلم أنه حضرت الصلاة ذات يوم وهو في أصحابه وليس عندهم ما يتوضئون به فجيء بقدح فيه ماء يسير، فأخذه نبي الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ منه ثم مد أصابعه الأربع على القدح فجعل الماء ينبع من بين أصابعه حتى توضأ القوم أجمعون، وكانوا ثمانين رجلا. وأتى بإناء فيه ماء يسير لا يغطي أصابعه فوضع يده فيه فجعل الماء ينبع من بين أصابعه فتوضأ القوم أجمعون وكانوا ثلاثمائة رجل.
ومن آياته صلى الله عليه وسلم أنه أراد ذات يوم أن يقضي حاجته فنظر فلم ير شيئا يستتر به فإذا بشجرتين بشاطئ الوادي فانطلق إلى إحداهما فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: انقادي علي بإذن الله! فانقادت عليه كالبعير الذي يصانع قائده، ثم فعل بالأخرى مثلها ثم جمعهما فقال: التئما علي بإذن الله! فالتأمتا عليه، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم افترقتا وقامت كل واحدة منهما على ساق، وقال له جبريل: أتحب أن أريك آية؟! قال: نعم. قال: فنظر إلى شجرة من وراء الوادي فقال: ادع تلك الشجرة، فدعاها، فجاءت تمشي حتى وقفت بين يديه، فقال جبريل: مرها فلترجع! فأمرها فرجعت إلى مكانها.
«وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة فخرجنا في بعض نواحيها فما استقبله جبل ولا شجر إلا قال: السلام عليكم يا رسول الله» . «وجاء قوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله! إن لنا بعيرا قد ند في حائط فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البعير فقال: تعال فجاء البعير مطأطئا رأسه حتى خطمه وأعطاه أصحابه، فقال أبو بكر: يا رسول الله! كأنه علم أنك نبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما بين لا بتيها أحد لا يعلم أني نبي الله إلا كفرة الجن والإنس ".» وآياته الدالة على أنه رسول الله كثيرة جدا، فسبحان من أيد هذا النبي بأنواع الآيات البينات ورفع له ذكره بين جميع المخلوقات اللهم فأحينا على سنته وتوفنا على ملته وأوردنا
حوضه واسقنا منه إنك جواد كريم رؤوف رحيم.