الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [سورة لقمان آية: 22].
وإحسان العمل لا بد فيه من الإخلاص، ومتابعة ما شرعه الله ورسوله. ولا بد أيضا لقائل هذه الكلمة من اليقين بمعناها المنافي للشك والريب كما في الحديث الصحيح:"مستيقنا بها قلبه غير شاكٍ فيها"1؛ ومن لم يكن كذلك فإنها لا تنفعه كما دل عليه حديث سؤال الميت في قبره. ولا بد -أيضا- من الصدق المنافي للكذب كما قال -تعالى- عن المنافقين: {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} [سورة الفتح آية: 11]. والصادق يعرف معنى هذه الكلمة، ويقبله ويعمل بما يقتضيه، وما يلزم قائلها من واجبات الدين، ويصدق قلبه لسانه. فلا تصح هذه الكلمة إلا إذا استجمعت هذه الشروط؛ وبالله التوفيق، آخره، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
الفائدة الثالثة
[النهي عن مفارقة الجماعة]
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الرحمن بن حسن إلى من يصل إليه من الإخوان، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(وبعد):
تفهمون أن الجماعة فرض على الإسلام، وعلى من دان بالإسلام كما قال -تعالى-:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} [سورة آل عمران آية: 103]. ولا تحصل الجماعة إلا بالسمع والطاعة لمن ولاه الله أمر المسلمين، وفي الحديث الصحيح عن العرباض بن سارية قال: "وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع، فأوصنا. قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد حبشي، وإنه من يعش منكم بعدي فسيرى
1 مسلم: الإيمان (31).
اختلافًا كثيرًا. فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي. تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ".
وقد جمع الله أوائل الأمة على نبيه صلى الله عليه وسلم وذلك بسبب الجهاد، وكذلك الخلفاء ردَّ الله بهم إلى الجماعة من خرج عنها، وأقاموا الجهاد في سبيل الله؛ فأظهر الله بهم دينه، وفتح الله لهم الفتوح، وجمع الله عليهم. وتفهمون أن الله سبحانه وتعالى جمعكم على إمامكم عبد الله بن فيصل بعد وفاة والده فيصل رحمه الله فاللي بايع بايع وهم الأكثرون، واللي ما بايع بايعوا لهم كبارهم، واجتمعوا عليه أهل نجد باديهم وحاضرهم، وسمعوا وأطاعوا، ولا اختلف عليه أحد منهم حتى سعود بن فيصل بايع أخوه. وهو ما صار له مدخال في أمر المسلمين لا في حياة والده ولا بعده، ولا التفت له أحد من المسلمين، ونقض البيعة وتبين لكم أمره أنه ساع في شق العصا، واختلاف المسلمين على إمامهم، وسعى في نقض بيعة الإمام، وقد قال -تعالى-:{وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [سورة النحل آية: 91].
وسعود سعى في ثلاثة أمور كلها منكر: نقض البيعة بنفسه، وفارق الجماعة، ودعا الناس إلى نقض بيعة الإسلام؛ فعلى هذا يجب قتاله، وقتال من أعانه، وفي الحديث:"من فارق الجماعة قيد شبر فمات، فميتته جاهلية"1 وفي الحديث الآخر: "فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه"2، فإن كان أحد مشكل عليه وجوب قتاله لما في الحديث:"إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار"3.
1 البخاري: الفتن (7054) والأحكام (7143)، ومسلم: الإمارة (1849) ، وأحمد (1/ 275،1/ 297،1/ 310)، والدارمي: السير (2519).
2 النسائي: قطع السارق (4872).
3 البخاري: الإيمان (31)، ومسلم: الفتن وأشراط الساعة (2888)، والنسائي: تحريم الدم (4120،4121،4122،4123)، وأبو داود: الفتن والملاحم (4268) ، وأحمد (5/ 41،5/ 43،5/ 46،5/ 48،5/ 51).