الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفائدة الخامسة
[أحكام الحج]
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه المسألة للشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله.
اعلم وفقني الله وإياك لطاعته أن من استكملت فيه شروط وجوب الحج لا يخلو من أن يكون صحيح البدن وهو الغالب، فيلزمه السعي إلى الحج فورا إذا تمت شروطه كأمن الطريق، وإما أن يكون مريضا ونحوه؛ والمرض إما أن يرجى برؤه كغالب الأمراض أو لا، فإن كان يرجى برؤه فلا يجوز له الاستنابة بحال، فإن برئ حج بنفسه، وإن مات أقيم من يحج عنه من رأس ماله. وإن كان المرض لا يرجى برؤه كمرض السل في آخره لزمه أن يقيم من يحج عنه كالكبير الذي يشق عليه السفر مشقة غير محتملة، قال في "الإنصاف": وإن عجز عن السعي للكبر أو مرض لا يرجى برؤه لزمه أن يقيم من يحج عنه من بلده. انتهى.
قلت: وأصله حديث ابن عباس أن امرأة من خثعم قالت: "يا رسول الله إن فريضة الله، على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا"1 الحديث، وهذا الحكم خاص لمن كان بعيدا عن الحرم، ولم يتلبس بالإحرام من الميقات، أما من أحرم منه فليس له أن يستنيب من يحج عنه بحال إذا حصر بعدو أو مرض ونحوه؛ ولم ينقل عن أحد من العلماء أنه أجاز لمن أحصر أن يستنيب فيما أعلم. وحكم من حصره عدو أو ضل عن الطريق
1 البخاري: الحج (1513)، ومسلم: الحج (1334)، والترمذي: الحج (928)، والنسائي: مناسك الحج (2635،2641)، وأبو داود: المناسك (1809)، وابن ماجه: المناسك (2907) ، وأحمد (1/ 213،1/ 251)، ومالك: الحج (806)، والدارمي: المناسك (1831،1833).
أن يتحلل بهدي إن وجده، وإلا صام عشرة أيام للآية الكريمة هذا إذا لم يشترط في ابتداء إحرامه، وهل يجوز له إذا لم يشترط أن يتحلل بالمرض وذهاب النفقة؟ المذهب أنه لا يحل حتى يقدر على المبيت، وإن فاته الحج تحلل بعمرة، وفيه احتمال يتحلل كمن حصره عدو، قال في "الإنصاف": وهي رواية اختارها تقي الدين. انتهى. وهذا فيمن إحرامه تام، أما من أحصر عن طواف الإفاضة فإنه لا يتحلل حتى يطوف، قال في المنتهى وشرحه: ومن أحصر عن طواف الإفاضة فقط لم يتحلل حتى يطوف ويسعى إن لم يكن سعى، وكذا لو أحصر عن السعي فقط، لأن الشرع ورد بالتحلل بإحرام تام يحرم جميع المحظورات، وهذا يحرم النساء خاصة فلا يلحق به، ومتى زال الحصر أتى بالطواف والسعي إن لم يكن سعى، وتم حجه.
إذا علمت ذلك، فالواجب على من ينتسب إلى معرفة شيء من أحكام الشرع أن لا يفتي في مسألة حتى يعرف حكمها بالنص عليها في كلام العلماء -رحمهم الله تعالى-، فعلى هذا لا تصح الاستنابة عن طواف الإفاضة بحال ويلزم من لم يطف للإفاضة بنفسه أن يعتزل النساء حتى يرجع فيحرم من الميقات بعمرة، فإذا طاف طواف العمرة وسعى طاف لحجه وسعى إن لم يكن سعى، والله سبحانه وتعالى أعلم، قاله الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمهم الله تعالى-.