الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيهما: وهو الأنسب أن يلتزم العَلم صورة واحدة فى جميع الأساليب (1)، مهما اختلفت العوامل الإعرابية، وهذه الصورة هى التى سمى بها، واشتهر، فيقال ـ مثلا ـ كان أبوبكر رفيق الرسول عليه السلام فى الهجرة ـ إنَّ أبو بكر من أعظم الصحابة رضوان الله عليهم، أثنى الرسول عليه السلام على أبو بكر خير الثناء
…
فكلمة: «أبو» ونظائرها من كل عَلم مضاف صدره من الأسماء الستة يلتزم حالة واحدة لا يتغير فيها آخره، ويكون معها معربًا بعلامة مقدرة، سواء أكانت العلامة حرْفًا أم حركة على حسب اللغات المختلفة السالفة (2)].
28.
«يا أبو سعيد» ، «لأبو فلان» ، «يا أبو فلان»
.
* ساق الأنباري (ت 328 هـ) رحمه الله في «إيضاح الوقف والابتداء» (1/ 59) رقم
…
(89) بإسناده إلى يعلى بن حكيم قوله: دخل فَرْقَد على الحسَن [البصري] فقال: السلام عليك يا أبو سعيد.
فقال الحسن: مَن هذا؟ قالوا: هذا فرقد.
(1) هذه المسألة هي محل البحث، ولم أجدها ـ حسب بحثي ـ في كتب النحو صريحةً مفصَّلةً سواء في باب الأسماء الستة، أوفي باب الحكاية، وإيراد الأستاذ عباس رحمه الله لها يضاف إلى محاسن كتابه، وقد ذكَّرني بكتاب «غرائب مجالس النحويين الزائدة على تصنيف المصنفين» ذكره السيوطي في «الأشباه والنظائر في النحو» (5/ 62) وقال:(لم أقف على اسم مصنفه، وأظنه لأبي القاسم الزجاجي).
(2)
وإنما كان هذا الوجه أنسب وأولى لمطابقته للواقع الحقيقي، البعيد عن اللبس، ولأن بعض المعاملات الرسمية الآن لا تجري إلا على أساس الاسم الرسم المدون في السجلات الحكومية. انظر سبباً مماثلاً في:«حـ» من
…
(ص 125). «النحو الوافي» .
قال: ومن فرقد؟ قالوا: إنسان يكون بالسبخة. (1)
فقال: يا فُرَيقِد، ما تقول فيمن يأكل الخبيص؟ قال: لا أحبه، ولا أحب من يحبه، ولا أتولاه في الدنيا ولا في الآخرة.
فقال الحسن: أترونه مجنونًا؟
* وساق البيهقي (ت 458 هـ) رحمه الله في «شعب الإيمان» (3/ 215)(1563) بإسناده إلى حُريث بن السائب قال: شهدت الحسن فأتاه رجل، فقال: يا أبو سعيد.
قال: «كسب الدوانيق شغلك أن تقول: يا أبا سعيد» . (2)
* وأخرجه: الخطيب البغدادي (ت 463 هـ) رحمه الله في «تلخيص المتشابه في الرسم» (1/ 567) بإسناده إلى سنان بن أبي سنان ــ قاضي بلخ ـ: أن رجلاً قال للحسن: يا أبو سعيد، فقال:«ما على أحدكم أن يتعلم العربية، فيقرأ بها القرآن» .
* ونُسِب للأصمعي كما في «الإبانة في اللغة العربية» لسلمة بن مسلم العوتبي الصُحَاري الأبَاضي (ت ق 5 هـ)(1/ 18): (وروي أن رجلاً قال للأصمعي: يا أبو سعيد، فقال: يا لُكع، كسب الدوانيق شغلك أن تقول: يا أبا سعيد.
وروي أن رجلاً قال له: يا أبي سعيد، فقال له: لا أدركتني بالفتحة، لقتلتني بالكسرة.
(1) قال ابن حجر في «التقريب» (ص 474): فرقد بن يعقوب السَّبَخِي، صدوق عابد، لكنه ليِّن الحديث، كثير الخطأ.
(2)
وذكره بلا إسناد: ابن عبد ربه في «العقد» (2/ 480)، والآبي في «نثر الدر» (5/ 135)، وابن عبدالبر في «بهجة المجالس» (1/ 66)، والحصري في «زهر الآداب» (3/ 775) وزاد: ثم قال الحسن: (تعلَّموا العلمَ للأديان، والنحوَ للسَان، والطبَّ للأبدان).
وجاء رجل إلى صديق له، فوقف ببابه، ونادى: يا أبو فلان، فلم يُجبه، فقال: يا أبي فلان. فقال له: قل الثالثة وادخل. يريد قل: يا أبا فلان).
* وأخرج الخطيب البغدادي ـ أيضاً ـ في «تاريخ بغداد» (13/ 594)، ومن طريقه:[ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (43/ 248)] بإسناده إلى أبي عُبيدة مَعمر بن المثني، قال: مرَّ أبو عَمرو بن العلاء بالبصرة، فإذا أعدالٌ مَطروحة مكتوب عليها:«لأبو فلان» ، فقال أبو عمرو: يا ربِّ يَلحنون ويُرزقون! (1)
* وفي «معجم الأدباء» (1/ 23) قرع رجل على الحسن البصري الباب وقال: يا أبو سعيد فلم يجبه، فقال: أبي سعيد، فقال الحسن: قل الثالثة وادخل.
* وفي «نهاية الأرب» للنويري (4/ 13): جاء رجل الى الحسن البصري فقال: ما تقول في رجل مات فترك أبيه وأخيه؟
فقال الحسن: ترك أباه وأخاه. فقال: ما لأباه وأخاه. فقال الحسن: ما لأبيه وأخيه.
(1) وذُكر بلا إسناد عن أبي عَمرو رحمه الله في: «تاريخ دمشق» لابن عساكر (67/ 113)، «إنباه الرواة» للقفطي (2/ 319)، «نهاية الأرب» للنويري (4/ 13).
وورد عن أبي الأسود الدؤلي رحمه الله ولفظه: رأى أبو الأسود الدُّؤلي أعدالاً للتجار مكتوباً عليها: «لأبو فلان» فقال: سبحان الله! يلحنون ويربحون! ! ذكره ابن عبدالبر في «بهجة المجالس» (1/ 66)، والصفدي في
…
«نصرة الثائر على المثل السائر» (ص 67).
وورد منسوباً إلى أعرابي: ففي «عيون الأخبار» (2/ 159)، و «ربيع الأبرار» للزمخشري (2/ 26)، و «معجم الأدباء» (1/ 23): دخل أعرابيٌّ السوق فسمعهم يلحنون، فقال: سبحان الله! يلحنون ويربحون، ونحن لا نلحن ولا نربح!
وانظر: نثر الدر في المحاضرات (5/ 178).
فقال الرجل: إني أراك كلما طاوعتك تخالفني!
* قال أبو داوود الطيالسي (ت 204 هـ) رحمه الله في «مسنده» (3/ 649) رقم (2310): حدثنا شعبة، قال: أخبرني قيس بن مسلم، قال: سمعت طارق بن شهاب، قال: قدَّمَ مَروان الخطبة قبل الصلاة، فقام رجل فقال: خالفت السنة، كانت الخطبة بعد الصلاة، قال: تُرك ذاك يا أبو فلان ــ قال شعبة: وكان لحاناً ـ فقام أبو سعيد فقال: من هذا المتكلم؟ قد قضى ما عليه، قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من رأى منكم منكراً فلينكره بيده، فمن لم يستطع فلينكره بلسانه، فمن لم يستطع فلينكره بقلبه، وذاك أضعف الإيمان» .
الموضوع في خطبة العيد، وأنها بعد الصلاة.
والحديث في: «صحيح البخاري» رقم (956)، و «صحيح مسلم» رقم (78)، وليس فيهما الشاهد:(يا أبو فلان)
وجاء في «مسند أحمد» (18/ 42، 78، 378) رقم (11460، و 11514، و 11876): يا أبا فلان.
29.
اطلَّع الأستاذ البحَّاثة الموفَّق: فيصل بن علي المنصور (1) ـ حفظه الله ونفع به ـ على هذه الأوراق في نسختها الأولى (9 صفحات) قبل الزيادات، فأجاب بقوله:
(هنا مسألتان:
الأولى: هل ثبت عن العرب قديماً إلزام (أبو) الواو؟
الذي أكاد أقطع به أنه لم يثبت، لما ذكرتُ، ولعلل أخرى تحتاج إلى بسط.
الثانية: هل لنا أن نلزم العلم في زماننا الواو إذا كان لا يعرف إلا بها مثل (أبو ظبي)؟
أجدني أميل إلى تصحيح ذلك؛ لأنه صار جزءاً من العلَمية، وتغييره قد يخلُّ بذلك.
ومثله قولك: «أرسطو» و «خوفو» بالواو، وإن لم يكن في العربية اسم مُعْرَبٌ آخره واو قبلها ضمة؛ وذلك حفاظاً على صورة العلم من التغيير.
وقد يشهد لهذا لزوم الواو في نحو «سورة المؤمنون» ؛ للعلة نفسها.
فهاتان مسألتان ينبغي أن نفرق بينهما). انتهى
ثم كتب ـ أحسن الله إليه ورفع قدره ـ بعد اطلاعه على البحث كاملاً ـ:
(وهنا مسألة مهمة أراك بنيتَ عليها، وهي مسألة الحكاية. ولعلك تراجعها، فالحكاية إنما تكون في الاستفهام فقط دون الإخبار، (2) فلا يصح أن يحمَل عليها نحو «علي بن أبو طالب» .
(1) من أسرة المنصور في «بُريدة» من «منطقة القصيم» ، عضو هيئة التدريس في جامعة أم القرى، وله كتابان منشوران:«تدليس ابن مالك في شواهد النحو ـ عرض واحتجاج ـ» (ط. 1435 هـ، في 194 صفحة)،
…
و «رسالة في كل عام وأنتم بخير، متضمنة مسائل نادرة في النحو والتصريف والبلاغة وأصولهن» (ط. 1431 هـ، في 96 صفحة)، وهو المشرف على «ملتقى أهل اللغة في الشبكة العالمية» ، وله بحوث ومقالات علمية رصينة في علوم اللغة نحواً وصرفاً وأدباً، تنبئ عن عِلْم كبير، وتوفيق وتسديد من العليم الخبير ـ زاده الله توفيقاً وسداداً وبركةً، ونفع به الإسلام والمسلمين ـ.
(2)
لم يتبين لي ذلك، وإن كان التمثيل في باب الحكاية جاء غالبه في الاستفهام، وأظن ذلك لقربه من الأفهام، بخلاف الأسماء الدارجة حكايةً فإنها تختلف باختلاف الأزمان والبلدان، وأيضاً نجد النصوص الأخرى من الأمثال السائرة، وأسماء السور، وغيرها مما نص العلماء على الحكاية وهي ليست في معرض الاستفهام.
ومن الحجج التي تؤيد قول الفراء وغيره أن الكنى في كلام العرب فاشية جدًّا، فلو كانوا يلزمون «أبو طالب» الواو لكانت هذه لغة قريش على الأقلّ، ولو كانت لغة قريش لوجدناهم يعملون في «أبو لهب» العمل نفسه، ولو كان ذلك كذلك لانبغى:
1.
أن يقرأ بها عدد من القراء على الأقلّ لأن القرآن نزل على لسانهم في الغالب، وهذا علم، وحقّ الأعلام أن تُحفظ ولا تغيّر.
2.
أن تكون هذه لغة النبي صلى الله عليه وسلم. ولو كانت كذلك لذاعت ولكثرت شواهدها في كلامهم، ولعرفها متقدمو النحاة وأثبتوها ونصَّوا عليها. وهذا لم يثبت، فدلَّ ذلك على أن القول ما قال الفراء، وهو عالم ثقة ضابط عارف برسم المصاحف وهو أقدم أو من أقدم من عرض لهذه المسألة من النحاة.
وقوله مُقدَّم على ابن قتيبة، فابن قتيبة متأخر عنه، وليس علمه في وزن علم الفراء ولا قريبًا منه.
هذا مع أن كلام ابن قتيبة لا يقطع بخلاف قول الفراء لو تأملته، فمن الممكن أنه يحتج بذلك لسبب رسمه بالواو، ولذا قال:«يكتبون» ولم يقل: «ينطقون» ، فليُتأمل.
وأما غير هذين فهم غالبًا متأخرون، فلا يعاج (1) كثيرًا بدعاواهم وقد خالفت الأدلة والمعهود من كلام العرب ونصوص النحاة المتقدمين).
(1) في «القاموس» (ص 255): عاجَ عوْجاً ومعاجاً: أقام، لازِم مُتعَدٍّ، ووقف ورجع
…
في الختام:
الذي ظهر لي من خلال النقول السابقة، أن العلماء اختلفوا في الصورة المذكورة التالية:
علي بن أبو طالب، معاوية بن أبو سفيان رضي الله عنهم ونحو ذلك:
القول الأول: تأتي «أبو» في موضع نصب أو جر، على الحكاية.
قال به: الكوفيون ـ فيما فهمته من كلام النحَّاس ـ، وابنُ قتيبة (ت 276 هـ)، والخطَّابي، والحاكم، وابن بري، وابن الأثير في موضع، وابن هشام في موضع، والعيني، وخالد الأزهري، وابن حجر، والصالحي، وعباس حسن في «النحو الوافي» .
وهو لغة أهل الحجاز، لما نقله سيبويه، وأبو حيان ـ كما سبق ـ: حكاية العلم اسماً وكنيةً ولقباً في لغة الحجاز.
وأما قراءة: «تبت يدا أبو لهب» ، وما ورد في الشهادة على الإقطاع لتميم، فلا يثبت.
وما في الصحيحين ليس باتفاق الرواة، فقد ورد بالرفع، وورد بحسب موقعها الإعرابي.
والنصوص التي وردت فيها (أبو) في المراجع المحال إليها في الحاشية أول البحث، تُحمَل عند المانعين على: اللحن، أو الكتابة دون النطق.
القول الثاني: إذا وردت «أبو» في موضع نصب أو جر، فهي كتابةً لا نطقاً.
قال به: الفرَّاء (ت 207 هـ)، وابن خروف في «شرح سيبويه» ، وعلي بن سليمان الأخفش، والزجاج (ت 338 هـ)، وأبو بكر بن أبي طلحة في «شرح الجمل» ، وابن جرير، وابن مالك
…
ــ وذكر أنه المختار عند المحققين ــ، وابن الأثير في «البديع» ، وابن هشام ـ وهو ترجيحه ـ، والصفدي.
وهذا ما يرجحه الأستاذان الفاضلان: د. عبدالله بن سليم الرشيد، وفيصل بن علي المنصور