المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

إن الحمد لله .. نحمده ونستعينه ونستغفره .. ونعوذ بالله - محو الأمية التربوية - جـ ١٥

[محمد إسماعيل المقدم]

الفصل: إن الحمد لله .. نحمده ونستعينه ونستغفره .. ونعوذ بالله

إن الحمد لله .. نحمده ونستعينه ونستغفره .. ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ..

من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلا هادي له .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على آل إبراهيم ..

أما بعد ..

فإن أصدق الحديث كتاب الله .. وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم. وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار .. ثم أما بعد ..

فقد تناولنا الأسبوع الماضي فقه إثابة الأطفال ومكافأتهم. وبينا دور هذه الإثابة في تحفيز الأطفال إلى تحسين سلوكياتهم. ذكرنا أنواعا كثيرة من الإثابة وقواعد أو ضوابط هذه الإثابة، وكان من ضمن ما ذكرناه: أن الإثابة المعنوية من أهم صورها المدح أو التشجيع .. التشجيع الذي هو أقوى سلاح يمكن أن يستعمل، بالذات مع نوعية معينة من الأطفال النوابغ والأذكياء أو الذين يفعل فيهم التشجيع مفعول السحر، بحيث إنه يغير مستقبل حياته كله.

‌التثبيط:

والعكس طبعا، التثبيط الذي يصدر من أعداء النجاح، لأن النجاح له أعداء، لا يتحملون أن ينجح غيرهم، ولذلك يحصل التثبيط، فإذا صادف التثبيط نفسا ضعيفة فإن هذا الشخص ينهار ويوأد ويخنق في مهده، بحيث إنه لا يكمل مسيرة النجاح.

التفاعل الفطري مع قضية التثبيط، في التشجيع في الغالب ينجح جدا معه.

لكن التثبيط يختلف بحسب نفسية هذا الطفل، ممكن تثبيط هناك طفل يأخذه بصورة فيها تحد ..

ليس طفلا طبعا ممكن حتى الكبار طبعا، حتى الكبار.

ص: 2

فإذا ثبط من أب أو مرب أو معلم أو صديق، فإن هذا التثبيط هو يتفاعل معه بطريقة إيجابية جدا، ويبدأ يأخذه بنوع من التحدي بحيث إن هذا التثبيط يكون سببا في إنجازه العظيم، وأن لا يكون شيئا مهما بعد ذلك.

وهناك من يتفاعل بطريقة سلبية جدا مع التثبيط وتحط همته وينسحب ويفشل.

والنماذج كثيرة ولا شك أن كلا منا يتذكر أو يقرأ أو يسمع كثيرا من هذه الحوادث وإن ممكن كلمة تشجيع تصنع في الإنسان صنع السحر.

وكذلك كلمة التثبيط قد يتفاعل معها بطريقة سلبية وتكون هي السبب في نهضته بنفسه.

نسلط الضوء في هذه الليلة على مبدأ التشجيع وأهميته سواء كان بالنسبة للصغار أو بالنسبة للكبار.

فموضوع التشجيع، موضوع رفع الإسلام قدره إلى حد عظيم جدا، إلى حد أن الشريعة الإسلامية جعلت التشجيع في بعض الظروف أخذ حكم الفريضة، فريضة التشجيع.

جعل الإسلام التشجيع في بعض الأحوال فريضة على الأشخاص غير القادرين على إقامة فروض الكفايات مثل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، طلب العلم، الولاية والإمامة.

وعبارة الفقهاء في مثل هذه الفروض، يقولون: إنها واجب على الكفاية.

فإن قام بها البعض سقط عن الآخرين، وإن لم يقم بها أحد أثموا جميعا.

يعني يأثم القادر ويأثم غير القادر.

يأثم القادر لأنه قصر.

طيب لماذا ياثم غير القادر؟

هل يأثم لأنه عاجز، أم يأثم لماذا؟

لأنه لم يشجع القادر.

ص: 3

لأن الناس واحد من اثنين بالنسبة لفروض الكفايات.

إما قادر فيأثم إذا قصر، وإما غير قادر، فبما أنه غير قادر والواجبات منوطة بالاستطاعة فهو غير آثم لأنه عاجز، لكنه يأثم لأنه لم يشجع القادر.

فانظر إلى الأهمية العظمى للتشجيع في الإسلام بحيث أنه يصل لحد أن يكون من الفروض.

يقول الإمام الشاطبي في الاعتصام: إن هذه الواجبات واجب على الكفاية، فإن قام بها البعض سقط الوجوب عن الآخرين، وإن لم يقم بها أحد أثموا جميعا، القادر لأنه قصر، وغير القادر لأنه قصر فيما يستطيعه، وهو التفتيش عن القادر وحثه على العمل.

وحثه وتشجيعه وإعانته على القيام به، بل إجباره على ذلك.

بل إجباره على ذلك.

والله سبحانه وتعالى أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا التشجيع كما قال ماذا؟

{وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ} .

{وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ} (1)، الذي هو هذا التشجيع.

تسابق المسلمون في شتى العصور على تشجيع الموهوبين وكبيري الهمة بكافة صور التشجيع، فكانوا ينفقون الأموال الجزيلة لنفقة النابغين من طلاب العلم.

الذين حبسوا أنفسهم على طلبه كي يغنوهم عن سؤال الناس، أو الاشتغال عن العلم بطلب المعاش.

هذا هو الإمام أبو حيان محمد بن يوسف الغلماطي، رحمه الله تعالى، قال فيه الصفني: لم أره قط إلا يسمع أو يكتب أو ينظر في كتاب. ولم أره على غير ذلك.

وكان له إقبال على أذكياء الطلبة يعظمهم وينوه بقدرهم.

(1) النساء: 84.

ص: 4