الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمشكلة في هذا الإنسان صاحب هذا الاضطراب أنه لا يشعر ولا يعترف بأن لديه مشكلة، فليس كأصحاب الأمراض الأخرى الذي يجري من أجل أن يبحث عن العلاج، بل هو يرى نفسه بأنه لا يوجد فيه أي عيب.
فهذا نموذج من تضخيم الذات، وكما الطاووس عندما ينتفخ ويغتر بنفسه، وهذا الجمال الذي في ريش الطاووس ناشء عن فقاعات غازية في ريشه، فمن أجل ذلك تعطيه الصورة التي نراها.
العُجب (نفخ الذات):
على الجهة الأخرى ..
فإذاً عملية نفخ الذات تكون أحيانا كثيرة مظهر من مظاهر المرض، اضطراب نفسي عدم استقرار أو خلل معين.
في الجهة الأخرى، هناك ضعف تقدير الذات، هذا إفراط وهذا تفريط.
فهو إنسان لا يرى في نفسه شيئا حسنا أبدا، عنده احتقار ذاتي، ويقدر نفسه بأقل مما تستحق، الثاني ..
هذا الذي يقول لك: أنا لا أنفع، والدنيا مظلمة والمستقبل مظلم وكل العالم سيء وأنا سيء ولن أنفع في حاجة ولا عندي كفاءة في شيء ..
وهذه المنظومة للمكتئب في الغالب.
أما استوائي القطبين، تجيئه أحيانا نوبات زهو وهوس فيرى نفسه نابليون وبونابرت وهتلر والمهدي .. إلى آخره.
وممكن نوبة تجيئة تحت خالص فيرى نفسه تحت خالص.
فالشاهد إنني أذكر هذه الأمثلة من أجل أن نعرف أن هناك طرفان ووسط.
الوسط شيء صحي جدا، وهو الإنسان الذي يعرف قدر نفسه.
يعرف قدر نفسه، يعني يعطي نفسه تقديرها الحقيقي لا يبالغ ولا يحط من قدرها.
وسبق أيضا أن تكلمنا في شيء من هذا، ممكن أن نراجع شيئا منه، لأن هذا الموضوع من الموضوعات المهمة جدا.
مثلا هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان وأم معاوية رضي الله عنهم أجمعين.
حين أتاها نعي يزيد بن أبي سفيان فأتى بعض المعزين يعزونها، فقالوا: إنا لنرجو أن يكون في معاوية خلف لليزيد، فغضبت هند أم معاوية، وقالت: أو مثل معاوية ..
وهو لا زال طفل صغير صبي.
وقالت: أو مثل معاوية يكون خلف لأحد، والله لو جمعت العرب من أقطارها ثم رمي به فيها، لخرج من أي أعرابها شاه.
وقيل لها ومعاوية رضيع بيديها، قيل: إن عاش معاوية ساد قومه، فردت وقالت: ثكلته إن لم يسد إلا قومه.
يموت أحسن إذا كان سيكون سيدا على قومه فقط.
فتخيلوا هذه الأم بهذه النفسية وهذا التخطيط البعيد، كيف ستربي ابنها، وقد نجحت بالفعل لأن معاوية كان من أسود الناس، وقطعا معاوية أعدل ملوك الإسلام على الإطلاق.
صحيح كل من كانوا قبله كانوا أفضل منه، لأنهم من كبار أئمة الإسلام أبي بكر وعمر والخلفاء الراشدون، ولكن هو أفضل من كل من جاء بعده، فأمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه كان مشهورا بالسيادة، ولذلك لما حكم فترة طويلة جدا في أهل الشام وكانوا يحبونه حبا جما، لأنه كان عنده عنصر السيادة كان رجلا سيدا
يعني يعدل بين الناس، وكان مشهورا بالحلم والسيادة ونحو ذلك.
فلما قالوا لها: إن عاش معاوية -وهو وليد- ساد قومه، قالت: ثكلته إن لم يسد إلا قومه.