الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عذر الْعلمَاء فِي الصَّدْر الأول لَا يُوجد الْآن لتوفر كتب الحَدِيث
115 -
وَقد كَانَ الْعلمَاء فِي الصَّدْر الأول معذورين فِي ترك مَا لم يقفوا عَلَيْهِ من الحَدِيث لِأَن الْأَحَادِيث لم تكن حِينَئِذٍ بَينهم مدونة إِنَّمَا كَانَت تتلقى من أَفْوَاه الرِّجَال وهم متفرقون فِي الْبِلَاد
116 -
وَلَو كَانَ الشَّافِعِي وجد فِي زَمَانه كتابا فِي أَحْكَام السّنَن أكبر من الْمُوَطَّأ لحفظه مُضَافا إِلَى مَا تَلقاهُ من أَفْوَاه مشايخه
فَلهَذَا كَانَ الشَّافِعِي بالعراق يَقُول لِأَحْمَد بن حَنْبَل أعلموني بِالْحَدِيثِ الصَّحِيح أصر عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَة إِذا صَحَّ عنْدكُمْ الحَدِيث عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقولُوا لي حَتَّى أذهب إِلَيْهِ
117 -
ثمَّ جمع الْحفاظ الْأَحَادِيث المحتج بهَا فِي الْكتب ونوعوها وقسموها وسهلوا الطَّرِيق إِلَيْهَا فبوبوها وترجموها وبينوا ضعف كثير مِنْهَا وَصِحَّته وَتَكَلَّمُوا فِي عَدَالَة الرِّجَال وجرح الْمَجْرُوح مِنْهُم وَفِي علل الْأَحَادِيث وَلم يدعوا للمشتغل شَيْئا يتعلل بِهِ
وفسروا الْقُرْآن والْحَدِيث وَتَكَلَّمُوا على غريبها وفقهها وكل مَا يتَعَلَّق بهَا فِي مصنفات عديدة جليلة فالآلات متهيئة لطَالب صَادِق وَلِذِي همة وذكاء وفطنة
118 -
وأئمة الحَدِيث هم المعتبرون الْقدْوَة فِي فنهم فَوَجَبَ الرُّجُوع إِلَيْهِم فِي ذَلِك وَعرض آراء الْفُقَهَاء على السّنَن والْآثَار الصَّحِيحَة فَمَا ساعده الْأَثر فَهُوَ الْمُعْتَبر وَإِلَّا فَلَا نبطل الْخَبَر بِالرَّأْيِ وَلَا نضعفه إِن كَانَ على خلاف وُجُوه الضعْف من علل الحَدِيث الْمَعْرُوفَة عِنْد أَهله أَو بِإِجْمَاع الكافة على خِلَافه
119 -
فقد يظْهر ضعف الحَدِيث وَقد يخفى وَأقرب مَا يُؤمر بِهِ فِي ذَلِك أَنَّك إِذا رَأَيْت حَدِيثا خَارِجا عَن دواوين الْإِسْلَام كالموطأ ومسند أَحْمد والصحيحين وَسنَن أبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَنَحْوهَا مِمَّا تقدم ذكره وَمِمَّا لم نذكرهُ فَانْظُر فِيهِ فَإِن كَانَ لَهُ نَظِير فِي الصِّحَاح والحسان قرب أمره وَإِن رَأَيْته يباين الْأُصُول وارتبت بِهِ فَتَأمل رجال إِسْنَاده وَاعْتبر أَحْوَالهم من الْكتب المصنفة فِي ذَلِك
120 -
وأصعب الْأَحْوَال أَن يكون رجال الْإِسْنَاد كلهم ثِقَات وَيكون متن الحَدِيث مَوْضُوعا عَلَيْهِم أَو مقلوبا أَو قد جرى فِيهِ تَدْلِيس وَلَا يعرف هَذَا إِلَّا النقاد من عُلَمَاء الحَدِيث فَإِن كنت من أَهله فبه وَإِلَّا فاسأل عَنهُ أَهله
121 -
قَالَ الْأَوْزَاعِيّ كُنَّا نسْمع الحَدِيث فنعرضه على أَصْحَابنَا كَمَا نعرض الدِّرْهَم الزيف فَمَا عرفُوا مِنْهُ أخذناه وَمَا أَنْكَرُوا تَرَكْنَاهُ
122 -
فالتوصل إِلَى الِاجْتِهَاد بعد جمع السّنَن فِي الْكتب الْمُعْتَمدَة إِذا رزق الْإِنْسَان الْحِفْظ والفهم وَمَعْرِفَة اللِّسَان أسهل مِنْهُ قبل ذَلِك لَوْلَا قلَّة همم الْمُتَأَخِّرين وَعدم المعتبرين
وَمن أكبر أَسبَاب تعصبهم تقيدهم بِرِفْق الْوُقُوف وجمود أَكثر المتصدرين مِنْهُم على مَا هُوَ الْمَعْرُوف الَّذِي هُوَ مُنكر مألوف