المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في نصح أهل العلم وبيان العلوم النافعة والضارة - مختصر المؤمل في الرد إلى الأمر الأول

[أبو شامة المقدسي]

فهرس الكتاب

- ‌خطْبَة الْكتاب

- ‌فصل فِي مَنَاقِب الإِمَام الشَّافِعِي

- ‌فصل فِي صفة أهل الْعلم

- ‌فصل فِي قبض الْعلمَاء وفشو الْجَهْل

- ‌فصل فِي حَالَة السّلف الصَّالح فِي تدافع الْفَتْوَى عِنْد حُدُوث الْحَادِثَة

- ‌فصل فِي السُّؤَال عَن الْحَادِثَة وَالْكَلَام فِيهَا قبل وُقُوعهَا

- ‌فصل فِي التنفير من القَوْل بِالرَّأْيِ

- ‌فصل فِي كَلَام الْعلمَاء فِي الرَّأْي وَالْقِيَاس

- ‌فصل فِي الرُّجُوع إِلَى كتب السّنة وتمييز الطّيب من الْخَبيث من الْأَحَادِيث

- ‌فصل فِي بَيَان أَن الْأَحْكَام تثبت بالأدلة من دواوين السّنة الْمُعْتَبرَة

- ‌عذر الْعلمَاء فِي الصَّدْر الأول لَا يُوجد الْآن لتوفر كتب الحَدِيث

- ‌فِي نُصُوص الْأَئِمَّة فِي الرُّجُوع إِلَى الْكتاب وَالسّنة والنهى عَن تقليدهم

- ‌نُصُوص الإِمَام الشَّافِعِي فِي اتِّبَاع السّنة

- ‌نُصُوص الإِمَام مَالك فِي اتِّبَاع الْكتاب وَالسّنة

- ‌نُصُوص الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل فِي اتِّبَاع الْكتاب وَالسّنة

- ‌نُصُوص الإِمَام أبي حنيفَة فِي اتِّبَاع السّنة وتأسيس مذْهبه

- ‌نُصُوص بعض الْأَئِمَّة الآخرين فِي اتِّبَاع السّنة

- ‌فصل فِي عناية الشَّافِعِيَّة بمختصر الْمُزنِيّ وَالثنَاء عَلَيْهِ

- ‌تَرْجِيح الْبَيْهَقِيّ مَذْهَب الشَّافِعِي وَسَببه

- ‌كَلَام نَفِيس فِي ترك التَّقْلِيد الْأَعْمَى وَاتِّبَاع من شهِدت لَهُ الشَّرِيعَة بالعصمة

- ‌بعض شُبُهَات المقلدين وَالرَّدّ عَلَيْهَا

- ‌ذكر رُجُوع الصَّحَابَة عَن آرائهم إِلَى أَحَادِيث النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر معرفَة المقلدين بمراتب أئمتهم وجهلهم بمراتب السّلف الصَّالح

- ‌فصل فِي أَن مَذْهَب الشَّافِعِي أشبه الْمذَاهب بِالدَّلِيلِ إِذا عمل بقوله فِي الرُّجُوع إِلَى السّنة

- ‌فصل فِي نصح أهل الْعلم وَبَيَان الْعُلُوم النافعة والضارة

الفصل: ‌فصل في نصح أهل العلم وبيان العلوم النافعة والضارة

‌فصل فِي نصح أهل الْعلم وَبَيَان الْعُلُوم النافعة والضارة

175 -

هَذِه الْفُصُول الَّتِي ذَكرنَاهَا حَسَنَة كَثِيرَة الْفَوَائِد مَجْمُوعَة من عدَّة مصنفات يَنْبَغِي لكل من يعتني بِالْعلمِ النّظر فِيهَا والاطلاع عَلَيْهَا

176 -

وَقد رَأَيْت أَن أختمها بفصل هُوَ أهمها وأجلها وأعمها نفعا وأولاها ذكرا وَهُوَ مَا اعتنى ببيانه الإِمَام أَبُو حَامِد رحمه الله فِي كتاب الْإِحْيَاء من نصح أهل الْعلم وَبَيَان الْعُلُوم النافعة والتحذير من الْعُلُوم الضارة

177 -

حَيْثُ قَالَ فأدلة الطَّرِيق هم الْعلمَاء الَّذين هم وَرَثَة الْأَنْبِيَاء وَقد شغر مِنْهُم الزَّمَان وَلم يبْق إِلَّا المترسمون وَقد استحوذ عَلَيْهِم الشَّيْطَان واستغواهم الطغيان وَأصْبح كل وَاحِد بعاجل حَظه مشغوفا فَصَارَ يرى الْمَعْرُوف مُنْكرا وَالْمُنكر مَعْرُوفا حَتَّى ظلّ علم الدّين مندرسا ومنار الْهدى فِي أقطار الأَرْض منطمسا

ص: 72

وَلَقَد خيلوا إِلَى الْخلق أَنه لَا علم إِلَّا فَتْوَى حُكُومَة يَسْتَعِين بهَا الْقُضَاة على فصل الْخِصَام عِنْد تهاوش الطغام

أَو جدل يتذرع بِهِ طَالب المباهاة إِلَى الْغَلَبَة والإفحام

أَو سجع مزخرف يتَوَصَّل بِهِ الْوَاعِظ إِلَى اسْتِدْرَاج الْعَوام

إِذْ لم يرَوا مَا سوى هَذِه الثَّلَاثَة مصيدة لِلْحَرَامِ وشبكة للحطام

فَأَما علم طَرِيق الْآخِرَة وَمَا درج عَلَيْهِ السّلف الصَّالح مِمَّا سَمَّاهُ الله سبحانه وتعالى فِي كِتَابه فقها وَحِكْمَة وعلما وضياء ونورا وهداية ورشدا فقد أصبح بَين الْخلق نسيا منسيا

178 -

ثمَّ أثنى على علم الْمُعَامَلَة وَقَالَ هُوَ علم أَحْوَال الْقلب كالصبر وَالشُّكْر وَالْخَوْف والرجاء والرضى والزهد وَالتَّقوى والقناعة والسخاء وَحسن الْخلق والصدق وَالْإِخْلَاص وَمَا يذم كالغل والحقد والحسد والغش وَالْكبر والرياء وَالْبخل والتزين لِلْخلقِ والمداهنة والخيانة وَطول الأمل وَالْقَسْوَة وَقلة الْحيَاء وَقلة الرَّحْمَة فَهَذِهِ وأمثالها من صِفَات الْقلب مغارس الْفَوَاحِش والأخلاق المحمودة منبع الطَّاعَات

179 -

إِلَى أَن قَالَ وَلَا يَنْبَغِي للْإنْسَان أَن يغتر بقول سُفْيَان تعلمنا الْعلم لغير الله فأبا أَن يكون إِلَّا لله وَكَانَ علمهمْ الْكتاب وَالسّنة

وَإِن الْعلمَاء يتعلمون لغير الله لِأَن مَا يشتغلون بِهِ غير مأمورين بِهِ وَانْظُر إِلَى أَعمار الْأَكْثَرين مِنْهُم واعتبروهم فَإِنَّهُم مَاتُوا وهم هلكى على طلب الدُّنْيَا وَلَيْسَ الْخَبَر كالمعاينة

180 -

وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَان الْخطابِيّ دع الراغبين فِي صحبتك والتعلم مِنْك فَلَيْسَ لَك مِنْهُم مَال وَلَا جمال إخْوَان الْعَلَانِيَة أَعدَاء السِّرّ إِذا لقوك تملقوا لَك وَإِذا غبت عَنْهُم سلقوك وَمن أَتَاك مِنْهُم كَانَ عَلَيْك رقيبا وَإِذا خرج كَانَ

ص: 73

عَلَيْك خَطِيبًا أهل نفاق ونميمة وغل وحقد وخديعة

وَلَا تغتر باجتماعهم عَلَيْك فَمَا غرضهم الْعلم بل الجاه وَالْمَال وَأَن يتخذوك سلما إِلَى أوطارهم وَحِمَارًا إِلَى حاجاتهم إِن قصرت فِي غَرَض من أغراضهم كَانُوا أَشد الْأَعْدَاء عَلَيْك ثمَّ يعدون ترددهم إِلَيْك دَالَّة عَلَيْك ويرونه حَقًا وَاجِبا عَلَيْك ويعرضون لَك أَن تبذل عرضك وَدينك وجاهك لَهُم فتعادي عدوهم وَتَنصر قريبهم وخادمهم ووليهم وتنتهض لَهُم سَفِيها وَقد كنت فَقِيها وَتَكون لَهُم تَابعا خسيسا بعد أَن كنت متبوعا رَئِيسا وَلذَلِك قيل اعتزال الْعَامَّة مُرُوءَة تَامَّة

181 -

وَقد رَأَيْت أَن أختمه من عِبَارَات أهل الْمعرفَة وَالتَّقوى العاملين بِالْعلمِ الَّذِي يُورث الْجوف والهيبة والخشوع والزهد فِي الدُّنْيَا

182 -

روينَا عَن عبد الله بن خبيق الْأَنْطَاكِي وَهُوَ أحد السَّادة الْعباد قَالَ سَأَلت يُوسُف بن أَسْبَاط هَل مَعَ حُذَيْفَة المرعشي علم قَالَ مَعَه الْعلم الْأَكْبَر خوف الله

183 -

ذكر فِي مجْلِس أَحْمد بن حَنْبَل أَمر مَعْرُوف الْكَرْخِي فَقَالَ بعض من حضر هُوَ قَلِيل الْعلم فَقَالَ أَحْمد أمسك عافاك الله وَهل يُرَاد من الْعلم إِلَّا مَا وصل إِلَيْهِ مَعْرُوف

ص: 74

184 -

وَقَالَ عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل ذهب أبي وَيحيى بن معِين إِلَى مَعْرُوف فَقَالَ ابْن معِين إيش معنى سَجْدَتي السَّهْو فِي الصَّلَاة فَقَالَ مَعْرُوف شرعتا عُقُوبَة للقلب إِذا سَهَا وَهُوَ بَين يَدي الله فَقَالَ لَهُ أبي هَذَا من علمك هَذَا فِي كتبك أَو كتب أَصْحَابك

185 -

وَقَالَ الْجُنَيْد بن مُحَمَّد أَتَدْرُونَ مَا فرض الصَّلَاة قطع العلائق وَجمع الْهم والحضور بَين يَدي الله تَعَالَى قيل لَهُ كَيفَ تدخل فِي الصَّلَاة قَالَ بإلقاء سمع وشهود قلب وَحُضُور عقل وَجمع هم وَصِحَّة تيقظ وَحسن إقبال وتدبر فِي ترتيل

186 -

وَقَالَ أَبُو حَاتِم مُحَمَّد بن إِدْرِيس الرَّازِيّ دخلت دمشق على كتبة الحَدِيث فمررت بِحَلقَة قَاسم الجوعي فَرَأَيْت نَفرا جُلُوسًا حوله وَهُوَ يتَكَلَّم عَلَيْهِم فهالني مظهرهم فتقدمت إِلَيْهِم فَسَمعته يَقُول اغتنموا من أهل زمانكم خمْسا إِن حضرتم لم تعرفوا وَإِن غبتم لم تفقدوا وَإِن شهدتم لم تشاوروا وَإِن قُلْتُمْ شَيْئا لم يقبل قَوْلكُم وَإِن عملتم شَيْئا لم تعطوا بِهِ

وأوصيكم بِخمْس أَيْضا إِن ظلمتم لَا تظلموا وَإِن مدحتم لَا تفرحوا وَإِن ذممتم لَا تجزعوا وَإِن كَذبْتُمْ فَلَا تغضبوا وَإِن خانوكم لَا تخونوا قَالَ فَجعلت هَذَا فائدتي من دمشق

ص: 75

187 -

قَالَ المُصَنّف رحمه الله فَهَذَا وَأَمْثَاله هُوَ ثَمَرَة علم الْعلمَاء الَّذين يُرِيدُونَ الله تَعَالَى بِطَلَب الْعلم النافع

جعلنَا الله مِنْهُم بمنه وفضله وَكَرمه ووفقنا للسلوك فِي مناهجهم برحمته وإحسانه وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَصلى الله على سيدنَا مَوْلَانَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ آمين

ص: 76