المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[قوله تعالى فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه] - مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل - جـ ٢

[عبد الله الزيد]

فهرس الكتاب

- ‌[قَوْلُهُ تَعَالَى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ]

- ‌[قوله تعالى وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ]

- ‌[قوله تَعَالَى وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ]

- ‌[قوله تعالى وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ]

- ‌[قوله تعالى فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ]

- ‌[قوله تعالى وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ]

- ‌[قوله تعالى وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا]

- ‌[قوله تعالى وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا]

- ‌[قوله تعالى فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ]

- ‌[قَوْلُهُ تَعَالَى وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ]

- ‌[قوله تعالى هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ]

- ‌[سُورَةُ الأعراف]

- ‌[قوله تعالى المص كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ]

- ‌[قوله تعالى قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ]

- ‌[قوله تعالى قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ]

- ‌[قَوْلُهُ تَعَالَى يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ]

- ‌[قوله تعالى قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ]

- ‌[قَوْلُهُ تَعَالَى وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ]

- ‌[قوله تعالى وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ]

- ‌[قوله تعالى وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ]

- ‌[قوله تعالى أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ]

- ‌[قوله تعالى وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ]

- ‌[قَوْلُهُ تَعَالَى وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا

- ‌[قوله تعالى قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ]

- ‌[قَوْلُهُ تَعَالَى وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا]

- ‌[قوله تعالى وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ]

- ‌[قوله تعالى وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ]

- ‌[قَوْلُهُ تَعَالَى فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ]

- ‌[قَوْلُهُ تَعَالَى وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا]

- ‌[قوله تعالى قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ]

- ‌[قوله تعالى وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا]

- ‌[قوله تعالى وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي]

- ‌[قوله تعالى وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا]

- ‌[قَوْلُهُ تَعَالَى وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا]

- ‌[قَوْلُهُ تَعَالَى وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ]

- ‌[قوله تعالى وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ]

- ‌[قوله تَعَالَى قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا]

- ‌[قوله تعالى إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ]

- ‌[سورة الأنفال]

- ‌[قوله تعالى يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ]

- ‌[قَوْلُهُ تَعَالَى إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي]

- ‌[قَوْلُهُ تَعَالَى فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا]

الفصل: ‌[قوله تعالى فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه]

غَالِبُونَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ فِرْعَوْنُ يُقَتِّلُ أَبْنَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ في العام الذي قيل له أَنَّهُ يُولَدُ مَوْلُودٌ يَذْهَبُ بِمُلْكِكَ، فَلَمْ يَزَلْ يَقْتُلُهُمْ حَتَّى أَتَاهُمْ مُوسَى بِالرِّسَالَةِ، وَكَانَ، مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ، فَقَالَ فِرْعَوْنُ: أَعِيدُوا عَلَيْهِمُ الْقَتْلَ، فَأَعَادُوا عَلَيْهِمُ الْقَتْلَ، فَشَكَتْ ذَلِكَ بَنُو إِسْرَائِيلَ.

[128]

{قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ} [الأعراف: 128] يعني أرض مصر، {يُورِثُهَا} [الأعراف: 128] يُعْطِيهَا {مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128] بِالنَّصْرِ وَالظَّفَرِ. وَقِيلَ: السَّعَادَةُ وَالشَّهَادَةُ. وقيل: الجنة.

[129]

{قَالُوا أُوذِينَا} [الأعراف: 129] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا آمَنَتِ السَّحَرَةُ اتَّبَعَ مُوسَى سِتِّمِائَةُ أَلْفٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَقَالُوا - يَعْنِي قَوْمَ مُوسَى - إِنَّا أُوذِينَا، {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا} [الأعراف: 129] بِالرِّسَالَةِ بِقَتْلِ الْأَبْنَاءِ، {وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا} [الأعراف: 129] بِإِعَادَةِ الْقَتْلِ عَلَيْنَا. وَقِيلَ: فَالْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ يَسْتَسْخِرُهُمْ قَبْلَ مَجِيءِ مُوسَى إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ، فَلَمَّا جَاءَ مُوسَى اسْتَسْخَرَهُمْ جَمِيعَ النَّهَارِ بِلَا أَجْرٍ. وَذَكَرَ الْكَلْبِيُّ أَنَّهُمْ كَانُوا يَضْرِبُونَ لَهُ اللَّبِنَ بِتِبْنِ فِرْعَوْنَ، فَلَمَّا جَاءَ مُوسَى أَجْبَرَهُمْ أَنْ يَضْرِبُوهُ بِتِبْنٍ من عندهم. {قَالَ} [الأعراف: 129] مُوسَى {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ} [الأعراف: 129] فرعون، {وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ} [الأعراف: 129] أَيْ: يُسْكِنَكُمْ أَرْضَ مِصْرَ مِنْ بعدهم، {فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 129] فَحَقَّقَ اللَّهُ ذَلِكَ بِإِغْرَاقِ فِرْعَوْنَ وَاسْتِخْلَافِهِمْ فِي دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ فَعَبَدُوا الْعِجْلَ.

[130]

قَوْلُهُ عز وجل: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ} [الأعراف: 130] أي: بالجدب وَالْقَحْطِ. تَقُولُ الْعَرَبُ: مَسَّتْهُمُ السَّنَةُ، أَيْ: جَدْبُ السَّنَةِ وَشِدَّةُ السَّنَةِ. وَقِيلَ: أَرَادَ بِالسِّنِينَ الْقَحْطَ سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ، {وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ} [الأعراف: 130] وَالْغَلَّاتِ بِالْآفَاتِ وَالْعَاهَاتِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: أَمَّا السِّنِينَ فَلِأَهْلِ الْبَوَادِي، وَأَمَّا نَقْصِ الثَّمَرَاتِ فَلِأَهْلِ الْأَمْصَارِ، {لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأعراف: 130] أَيْ: يَتَّعِظُونَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الشِّدَّةَ تُرَقِّقُ الْقُلُوبَ وَتُرَغِّبُهَا فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ عز وجل.

[قَوْلُهُ تَعَالَى فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ]

وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ. . . .

[131]

{فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ} [الأعراف: 131] يَعْنِي الْخِصْبَ وَالسَّعَةَ وَالْعَافِيَةِ، {قَالُوا لَنَا هَذِهِ} [الأعراف: 131] أَيْ: نَحْنُ أَهْلُهَا وَمُسْتَحِقُّوهَا عَلَى الْعَادَةِ الَّتِي جَرَتْ لَنَا فِي سَعَةِ أَرْزَاقِنَا وَلَمْ يَرَوْهَا تَفَضُّلًا مِنَ اللَّهِ عز وجل فَيَشْكُرُوا عليها، {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} [الأعراف: 131] جَدْبٌ وَبَلَاءٌ وَرَأَوْا مَا يَكْرَهُونَ، {يَطَّيَّرُوا} [الأعراف: 131] يتشاءموا، {بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ} [الأعراف: 131] وَقَالُوا: مَا أَصَابَنَا بَلَاءٌ حَتَّى رَأَيْنَاهُمْ، فَهَذَا مِنْ شُؤْمِ مُوسَى وقومه. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ} [الأعراف: 131] أَيْ: انْصِبَاؤُهُمْ مِنَ الْخِصْبِ وَالْجَدْبِ وَالْخَيْرِ وَالشَّرِّ كُلُّهُ مِنَ اللَّهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. طَائِرُهُمْ مَا قَضَى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَقَدَّرَ لَهُمْ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: شُؤْمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَمِنْ قِبَلِ اللَّهِ أَيْ: إِنَّمَا جَاءَهُمُ الشُّؤْمُ بِكُفْرِهِمْ بِاللَّهِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الشُّؤْمُ

ص: 319

الْعَظِيمُ الَّذِي لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 131] أَنَّ الَّذِي أَصَابَهُمْ مِنَ اللَّهِ.

[132]

{وَقَالُوا} [الأعراف: 132] يعني: القبط لموسى، {مَهْمَا} [الأعراف: 132] مَتَى (مَا) كَلِمَةٌ تُسْتَعْمَلُ لِلشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ، {تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ} [الأعراف: 132] من علامة، {لِتَسْحَرَنَا بِهَا} [الأعراف: 132] لِتَنْقِلَنَا عَمَّا نَحْنُ عَلَيْهِ مِنَ الدِّينِ، {فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 132] بمصدقين.

[133]

{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ} [الأعراف: 133] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: دَخَلَ كَلَامُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ لَمَّا آمَنَتِ السَّحَرَةُ، وَرَجَعَ فِرْعَوْنُ مَغْلُوبًا أَبَى هُوَ وَقَوْمُهُ إِلَّا الْإِقَامَةَ عَلَى الْكُفْرِ وَالتَّمَادِي فِي الشَّرِّ فَتَابَعَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْآيَاتِ وأخذهم بالسنين ونقص مع الثَّمَرَاتِ، فَلَمَّا عَالَجَ مِنْهُمْ بِالْآيَاتِ الْأَرْبَعِ: الْعَصَا وَالْيَدِ وَالسِّنِينَ وَنَقْصِ الثِّمَارِ، فَأَبَوْا أَنْ يُؤْمِنُوا فَدَعَا عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: يَا رَبِّ إِنَّ عَبْدَكَ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وبغى وعتا وإن قومه نَقَضُوا عَهْدَكَ، رَبِّ فَخُذْهُمْ بِعُقُوبَةٍ تَجْعَلُهَا لَهُمْ نِقْمَةً وَلِقَوْمِي عِظَةً وَلِمَنْ بَعْدَهُمْ آيَةً وَعِبْرَةً، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ -وَهُوَ الْمَاءُ- أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْمَاءَ وَبُيُوتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبُيُوتُ الْقِبْطِ مُشْتَبِكَةٌ مُخْتَلِطَةٌ، فَامْتَلَأَتْ بُيُوتُ الْقِبْطِ حَتَّى قاموا في الماء إلى تراقيهما وَمَنْ جَلَسَ مِنْهُمْ غَرِقَ وَلَمْ يَدْخُلْ بُيُوتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْمَاءِ قَطْرَةٌ، وَرَكَدَ الْمَاءُ عَلَى أَرْضِهِمْ لَا يَقْدِرُونَ أَنْ يَحْرُثُوا وَلَا يَعْمَلُوا شَيْئًا، وَدَامَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ مِنَ السَّبْتِ إِلَى السَّبْتِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ: الطُّوفَانُ الْمَوْتُ. وَقَالَ وَهْبٌ. الطُّوفَانُ الطَّاعُونُ بِلُغَةِ الْيَمَنِ. وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ: الطُّوفَانُ الْجُدَرِيُّ، وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ عُذِّبُوا بِهِ فَبَقِيَ فِي الْأَرْضِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: الطُّوفَانُ الْمَاءُ طغى فوق حروثهم، فَقَالَ لِمُوسَى: ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يَكْشِفُ عَنَّا الْمَطَرَ فَنُؤْمِنُ بِكَ وَنُرْسِلُ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَدَعَا رَبَّهُ فَرَفَعَ عَنْهُمُ الطُّوفَانَ، فَأَنْبَتَ اللَّهُ لَهُمْ فِي تِلْكَ السَّنَةِ شَيْئًا لَمْ يُنْبِتْهُ لَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ مِنَ الْكَلَأِ وَالزَّرْعِ وَالثَّمَرِ وَأَخْصَبَتْ بِلَادُهُمْ، فَقَالُوا: مَا كَانَ هَذَا الْمَاءُ إِلَّا نِعْمَةً عَلَيْنَا وَخِصْبًا، فَلَمْ يُؤْمِنُوا وَأَقَامُوا شَهْرًا فِي عَافِيَةٍ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَرَادَ فَأَكَلَ عَامَّةَ زُرُوعِهِمْ وَثِمَارِهِمْ وَأَوْرَاقِ الشَّجَرِ حَتَّى كَانَتْ تَأْكُلُ الْأَبْوَابَ وَسُقُوفَ الْبُيُوتِ وَالْخَشَبِ وَالثِّيَابِ وَالْأَمْتِعَةِ وَمَسَامِيرِ الْأَبْوَابِ مِنَ الْحَدِيدِ حَتَّى تَقَعَ دُورُهُمْ، وَابْتُلِيَ الْجَرَادُ بِالْجُوعِ، فَكَّانِ لَا يَشْبَعُ وَلَمْ يُصِبْ بَنِي إِسْرَائِيلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَعَجُّوا وَضَجُّوا، وَقَالُوا: يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَأَعْطَوْهُ عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ، فَدَعَا مُوسَى عليه السلام فَكَشَفَ اللَّهُ عنهم الجراد بَعْدَمَا أَقَامَ عَلَيْهِمْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ من السبت إلى السبت وَكَانَتْ قَدْ بَقِيَتْ مِنْ زُرُوعِهِمْ وَغَلَّاتِهِمْ بَقِيَّةٌ، فَقَالُوا: قَدْ بَقِيَ لَنَا مَا هُوَ كَافِينَا فَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي دِينِنَا، فَلَمْ يَفُوا بِمَا عَاهَدُوا وَعَادُوا لِأَعْمَالِهِمِ السُّوءِ فَأَقَامُوا شَهْرًا فِي عَافِيَةٍ، ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْقُمَّلَ. وَاخْتَلَفُوا فيه فقيل: الْقُمَّلُ السُّوسُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الْحِنْطَةِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ وَقَتَادَةُ وَالْكَلْبِيُّ: الْقُمَّلُ الدَّبَى وَالْجَرَادُ الطَّيَّارَةُ الَّتِي لَهَا أَجْنِحَةٌ، وَالدَّبَى الصِّغَارُ التي لا أجنحة لهها وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَهُوَ الْحَمْنَانُ وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْقُرَادِ. وَقَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: هُوَ الْقُمَّلُ. وَبِهِ قَرَأَ أَبُو الْحَسَنِ (الْقَمْلُ) بِفَتْحِ القاف وسكون الميم فَتَتَبَّعَ مَا بَقِيَ مِنْ حُرُوثِهِمْ وأشجارهم ونباتهم فأكله فَصَرَخُوا وَصَاحُوا إِلَى مُوسَى أَنَّا نَتُوبُ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يَكْشِفْ عَنَّا الْبَلَاءَ، فَدَعَا مُوسَى عليه السلام اللَّهَ فَرَفَعَ اللَّهُ الْقَمْلَ عَنْهُمْ بَعْدَمَا أَقَامَ عَلَيْهِمْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ مِنَ السَّبْتِ إِلَى السَّبْتِ، فَنَكَثُوا وَعَادُوا إِلَى أَخْبَثِ أَعْمَالِهِمْ وقالوا: وعزة فرعون لا نتبعه أبدا ولا نصدقه، فأقاموا شَهْرًا فِي عَافِيَةٍ فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الضَّفَادِعَ فَامْتَلَأَتْ مِنْهَا بُيُوتُهُمْ وَأَفْنِيَتُهُمْ وَأَطْعِمَتُهُمْ وَآنِيَتُهُمْ، فَلَا يَكْشِفُ أَحَدٌ إِنَاءً وَلَا طَعَامًا إِلَّا وجد فيه الضفادع فلقوا منها أذى شديدا فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ بَكَوْا

ص: 320