الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الحدود
1044 -
حديث أبي سعيد:
قتل قتيل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخطب، وقال:
"ما تدرون من قتل هذا بين أظهركم؟
…
الحديث.
قلت: خبر واه.
1044 - المستدرك (4/ 352): روى الحاكم حديث جرير بن عبد الله مرفوعاً: "من مات لا يشرك بالله شيئاً، ولم يتندّ بدم حرام، دخل من أي أبواب الجنة شاء"، ثم قال:"وقد روي في هذا الباب عن عطية العوفي حديث لم أر من إخراجه بداً، وقد علوت فيه أيضاً"، ثم قال:
أخبرناه أبو بكر أحمد بن إسحاق الِإمام، أنبأ عبيد بن حاتم الحافظ المعروف بـ: العجل، ثنا إسحاق بن إبراهيم بن عبد الرحمن البغوي، ثنا داود بن عبد الحميد -أصله من الكوفة، وانتقل إلى الموصل-، ثنا عمرو بن قيس الملائي، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قتل قتيل على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة، فصعد المنبر خطيباً، فقال:
"ما تدرون من قتل هذا القتيل بين أظهركم؟ " -ثلاثاً-، قالوا:"والله ما علمنا له قاتلاً"، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= "والذي نفسي بيده، لو اجتمع على قتل مؤمن أهل السماء، وأهل الأرض، ورضوا به، لأدخلهم الله جميعاً جهنم، والذي نفسي بيده، لا يبغضنا أهل البيت أحد إلا أكبّه الله في النار".
تخريجه:
الحديث أخرجه البزار في مسنده (4/ 122 رقم 3348 / كشف) من طريق شيخه إسحاق بن إبراهيم البغوي، عن داود بن عبد الحميد، به نحوه.
وأخرجه أحمد في المسند (3/ 39و 89).
والبزار في مسنده (2/ 209 رقم 1534).
والعقيلي في الضعفاء (1/ 76).
ثلاثتهم من طريق أبي إسرائيل الملائي، عن عطية عن أبي سعيد قال: وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قتيلاً بين قريتين، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فزرع ما بينهما، قال: وكأني أنظر إلى شبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقاه على أقربهما. هذا لفظ أحمد، ولفظ البزار، والعقيلي نحوه.
قال البزار عقبه: "لا نعلمه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الِإسناد وأبو إسرائيل ليس بالقوي".
وقال العقيلي: "ما جاء به غيره، (يعني أبا إسرائيل) وليس له أصل".
دراسة الِإسناد:
الحديث أورده الحاكم شاهداً لحديث جرير بن عبد الله المتقدم ذكره، وتعقبه الذهبي بقوله:"خبر واه".
وفي سند الحديث عطية بن سعد العوفي، وتقدم في الحديث (583) أنه: ضعيف، ومدلس من الرابعة، وقد عنعن هنا.
وفي سند الحديث أيضاً داود بن عبد الحميد الكوفي، وتقدم في الحديث =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (853) أنه ضعيف، وأن العقيلي قال عنه:"روى عن عمرو بن قيس الملائي أحاديث لا يتابع عليها".
قلت: وهذا من أحاديثه عن عمرو بن قيس، ولم أجد من تابعه عليه بهذا السياق وإنما أخرجه الِإمام أحمد، والبزار من طريق أبي إسرائيل الملائي عن عطية بالسياق المتقدم، وفي إسنادهما أيضاً إسماعيل بن خليفة العبسي، أبو إسرائيل الملائي الكوفي معروف بكنيته، وهو صدوق سيء الحفظ، نسب إلى الغلو في التشيع، الجرح والتعديل (2/ 166 رقم 559)، والتقريب (1/ 69 رقم 505) والتهذيب (1/ 293 - 294 رقم 545) ومع ما في أبي إسرائيل من سوء الحفظ، فإن حديثه هذا في القتيل مما أنكره عليه العلماء.
ذكر الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من التهذيب أن الإمام أحمد قال عن أبي إسرائيل: "روى حديثاً منكراً في القتيل".
وتقدم أيضاً كلام العقيلي عنه.
الحكم على الحديث:
الحديث بإسناد الحاكم ضعيف جداً للأمور المتقدمة في دراسة الِإسناد، وكذا الحديث الآخر الذي رواه أبو إسرائيل الملائي ضعيف جداً أيضاً، والله أعلم.
1045 -
حديث أبي هريرة مرفوعاً:
"من عمل عمل قوم لوط فارجموا (1) الفاعل، والمفعول به".
قلت: فيه عبد الرحمن العمري، وهو ساقط.
(1) في (ب): (فارجموه).
1045 -
المستدرك (4/ 355): حدثنا أحمد بن سهل الفقيه ببخارى، أنبأ أبو عصمة سهل بن المتوكل، ثنا القعبني، ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر العمري، عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من عمل عمل قوم لوط، فارجموا الفاعل، والمفعول به".
تخريجه:
الحديث يرويه سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة.
وله عن سهيل طريقان.
الأولى: هي طريق الحاكم هذه ويرويها عبد الرحمن العمري، عن سهيل.
الثانية: يرويها عاصم بن عمر، عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يعمل عمل قوم لوط، قال:"ارجموا الأعلى والأسفل ارجموهما جميعاً".
أخرجه ابن ماجه في سننه (2/ 856 رقم 2562) في الحدود، باب من عمل عمل قوم لوط واللفظ له.
وعلقه الترمذي (5/ 21 - 22) في الحدود، باب ما جاء في حد اللوطي، فقال:"وقد روي هذا الحديث عن عاصم بن عمر، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اقتلوا الفاعل، والمفعول به".
هذا حديث في إسناده مقال، ولا نعلم أحداً رواه عن سهل بن أبي صالح =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= غير عاصم بن عمر العمري، وعاصم بن عمر يُضَعّف في الحديث من قبل حفظه". اهـ.
وذكره الحافظ في "التلخيص الحبير"(4/ 61 - 62) وعزاه للبزار أيضاً، فقال:"وحديث أبي هريرة لا يصح، وقد أخرجه البزار من طريق عاصم بن عمر العمري، عن سهيل، عنه، وعاصم متروك".
قلت: وقد أخرجه أبو الشيخ في "مجلس من حديثه"(من63/ 2)، وابن عساكر في:"جزء تحريم الابنة"(من166/ 1) -كما في الِإرواء للشيخ الألباني (8/ 18) - من طريق عاصم أيضاً، بنحو ابن ماجه.
دراسة الِإسناد:
حديث أبي هريرة هذا أورده الحاكم شاهداً لحديث ابن عباس الذي سيأتي ذكره في الشواهد، وتعقبه الذهبي بقوله:"عبد الرحمن ساقط".
وعبد الرحمن هذا هو ابن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، أبو القاسم المدني، العمري، نزيل بغداد، وهو متروك، الكامل (4/ 1587 - 1590)، والتقريب (1/ 487 - 488 رقم 1012)، والتهذيب (6/ 213 - 214 رقم 431).
وتابعه عاصم بن عمر، عن سهيل، به، وعاصم تقدم في الحديث (492) أنه: ضعيف.
الحكم على الحديث:
الحديث بإسناد الحاكم ضعيف جداً لشدة ضعف عبد الرحمن العمري وهو ضعيف فقط من الطريق الأخرى التي رواها عاصم، عن سهيل.
ويشهد له حديث ابن عباس المشهور الذي أورد الحاكم هذا الحديث شاهداً له وأخرجه قبل هذا الحديث من طريق عمرو مولى الكلب، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= "من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به".
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، وأقره الذهبي.
وأخرجه الِإمام أحمد في المسند (1/ 300).
وأبو داود في سننه (4/ 607 - 608 رقم 4462) في الحدود، باب فيمن عمل عمل قوم لوط.
والترمذي في الموضع السابق رقم (1481).
وابن ماجه في الموضع السابق أيضاً برقم (2561).
وابن الجارود في المنتقى (ص 278 - 279 رقم 820).
وابن عدي في الكامل (5/ 1768).
والبيهقي في سننه (8/ 231 - 232) في الحدود، باب ما جاء في حد اللوطي.
جميعهم من طريق عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب، عن عكرمة، به مثله سواء.
قال الترمذي: "إنما نعرف هذا الحديث عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الوجه".
وقال أبو داود: "رواه عباد بن منصور، عن عكرمة، عن ابن عباس رفعه.
ورواه ابن جريج، عن إبراهيم، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس رفعه".
قلت: أما رواية عباد بن منصور فأخرجها:
ابن عدي في الكامل (4/ 1645).
ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق.
من طريق عباد بن منصور، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= صلى الله عليه وسلم في الذي يعمل عمل قوم لوط، وفي الذي يؤتى في نفسه، وفي الذي يقع على ذات محرم، وفي الذي يأتي البهيمة، قال:"يقتل".
وهذه الطريق ضعيفة، لأن عباد بن منصور تقدم في الحديث (936) أنه اختلط، ومدلس من الرابعة وقد عنعن هنا.
وأما رواية ابن جريج فأخرجها:
ابن عدي أيضاً (1/ 223) من طريق ابن جريج، أخبرني إبراهيم، عن داود بن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"اقتلوا الفاعل والمفعول به، يعني الذي يعمل عمل قوم لوط، والذي يأتي البهمة والبهيمة".
ومن طريق ابن عدي أخرجه البيهقي في الموضع السابق.
ومن طريق ابن جريج أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 226 رقم 11569) بلفظ: "اقتلوا الفاعل والمفعول به عمل قوم لوط، والذي يأتي البهيمة، والذي يأتي ذات محرم".
وإبراهيم هذا هو ابن محمد بن أبي يحيى الأسلمي وهو متروك. الكامل (1/ 219)، والتقريب (1/ 42 رقم 269)، والتهذيب (1/ 158 رقم 284)، ولم ينفرد بالحديث عن داود، بل تابعه إبراهيم بن أبي حبيبة، عن عكرمة، به بلفظ:
اقتلوا الفاعل والمفعول به في عمل قوم لوط، والبهيمة، والواقع على البهيمة، ومن وقع على ذات محرم فاقتلوه"، وهو الحديث الآتي برقم (1047)، وهو ضعيف كما سيأتي بيانه.
وعليه فالحديث بمجموع هذه الطرق صحيح لغيره، عدا الطريق التي فيها عبد الرحمن العمري، وإبراهيم بن أبي يحيى، فلا يستشهد بهما، لشدة ضعفهما والله أعلم.
1046 -
حديث أبي هريرة مرفوعاً:
"لعن الله سبعة من خلقه: ملعون، ملعون، ملعون: من عمل عمل قوم لوط"(1) الخ.
قلت: فيه (2) هارون التَّيْمي ضعفوه.
(1) من قوله: (ملعون) إلى هنا ليس في (ب).
(2)
قوله: (فيه) ليس في (ب).
1046 -
المستدرك (4/ 356): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج، ثنا ابن أبي فديك، ثنا هارون التيمي، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"لعن الله سبعة من خلقه"، فردّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على كل واحد ثلاث مرات، ثم قال:"ملعون، ملعون، ملعون: من عمل عمل قوم لوط، ملعون من جمع بين المرأة وابنتها، ملعون من سب شيئاً من والديه، ملعون من أتى شيئاً من البهائم، ملعون من غير حدود الأرض، ملعون من ذبح لغير الله، ملعون من تولى غير مواليه".
تخريجه:
الحديث أخرجه ابن عدي في الكامل (7/ 2586) من طريق هارون التيمي، به بنحو لفظ الطبراني الآتي:
فالحديث أخرجه الطبراني في الأوسط -كما في مجمع البحرين (1/ ل 217 أ/ نسخة أحمد الثالث)، فقال: ثنا معاذ، ثنا أبو مصعب الزهري، ثنا محرز بن هارون القرشي عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لعن الله سبعة من خلقه، من فوق سبع سماواته"، وردد اللعنة على واحد منهم ثلاثاً ولعن كل واحد منهم لعنة تكفيه، فقال: "ملعون من عمل عمل قوم لوط، ملعون من عمل عمل قوم =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= لوط، ملعون من عمل عمل قوم لوط، ملعون من ذبح لغير الله، ملعون من أتى شيئاً من البهائم، ملعون من عق والديه، ملعون من جمع بين امرأة وبين ابنتها، ملعون من غير حدود الأرض، ملعون من ادعى إلى غير مواليه".
ومن طريق محرز، بنحو لفظ الطبراني هذا أيضاً أخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 2434) وأخرجه أيضاً الخرائطي في مساويء الأخلاق، والبيهقي في الشعب -كما في كنز العمال (16/ 91 - 92 رقم 44043).
قال الحافظ المنذري في الترغيب (3/ 198): رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح، إلا محرز بن هارون التيمي، ويقال فيه، محرر- بالِإهمال.
ورواه الحاكم من رواية هارون أخي محرز، وقال: صحيح الِإسناد. قال الحافظ (أي المنذري): كلاهما رواه، ولكن محرز قد حسن له الترمذي، ومشاه بعضهم، وهو أصلح حالاً من أخيه هارون". اهـ.
وقال الهيثمي في المجمع (6/ 272): "فيه محرز بن هارون، ويقال: محرر، وقد ضعفه الجمهور، وحسن الترمذي حديثه، وبقية رجاله رجال الصحيح".
دراسة الِإسناد:
الحديث أعله الذهبي بقوله: "هارون ضعفوه".
وهارون هذا هو ابن هارون بن عبد الله بن محرز بن الهدير القرشي التيمي، أبو محرز ويقال: أبو عبد الله، المدني وهو ضعيف، الكامل (7/ 2586 - 2587)، والتقريب (2/ 313 رقم 30)، والتهذيب (11/ 15 رقم 30).
وتابعه أخوه محرز، أو محرر وهو متروك، الكامل (6/ 2434)، والتقريب (2/ 231رقم941)، والتهذيب (10/ 55 رقم 89). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومن خلال ترجمة هذين الأخوين يتضح أن الصواب خلاف ما ذكر الحافظ المنذري، فحال هارون أصلح من حال أخيه محرز، وكان المنذري رحمه الله اعتمد على تحسين الترمذي لحديث محرز.
الحكم على الحديث:
الحديث بإسناد الحاكم ضعيف لضعف هارون التيمي، ومتابعة أخيه محرز له ضعيفة جداً لشدة ضعفه، فلا يستقيم عود الرواية بها.
والحاكم رحمه الله ذكر حديث أبي هريرة هذا شاهد لحديثٍ لابن عباس. فقد أخرج قبل هذا الحديث من طريق عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من غير تخوم الأرض، لعن الله من كمه الأعمى عن السبيل، لعن الله من سب والديه، لعن الله من تولى غير مواليه، لعن الله من عمل عمل قوم لوطه، وزاد في رواية: "لعن الله من وقع على بهيمة"، قال الحاكم: "صحيح الِإسناد، ولم يخرجاه"، وأقره الذهبي.
وهذا الحديث أخرجه أحمد في المسند (1/ 217 و309 و317 ثلاث مرات).
وابن حبان في صحيحه (ص 43 رقم 53).
والطبراني في الكبير (11/ 218 رقم 11546).
والبيهقي في سننه (8/ 231) في الحدود، باب ما جاء في تحريم اللواط.
جميعهم من طريق عمر بن أبي عمرو، به نحو.
قال الهيثمي في المجمع (1/ 103): "رجاله رجال الصحيح".
وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند (3/ 266 رقم 1875): "إسناده صحيح". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلت: وقد أخرج مسلم بعضه من حديث علي رضي الله عنه (3/ 1567 رقم 43 و 44 و 45) في الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله، ولعن فاعله، مرفوعاً:"لعن الله من لعن والده، ولعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من آوى محدثاً، ولعن الله من غير منار الأرض".
وعليه، فالحديث بمجموع هذين الطريقين صحيح لغيره، عدا قوله:"ملعون من جمع بين المرأة وابنتها"، فإني لم أجد حديثاً فيه لعن المرتكب لهذا الأمر وهو محرم بنص كتاب الله تعالى كما في قوله تعالى:
(الآية 23 من سورة النساء).
1047 -
حديث ابن عباس مرفوعاً:
"من وقع على ذات محرم فاقتلوه".
قال: صحيح.
قلت: لا.
1047 - المستدرك (4/ 356): حدثنا علي بن حمشاذ العدل، ثنا عبيد بن شريك، ثنا ابن أبي مريم، ثنا إبرإهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، حدثني داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فذكره بلفظه.
تخريجه:
الحديث أخرجه أحمد في المسند (1/ 300).
والترمذي في السنن (5/ 30 - 31 رقم 1487) في الحدود، باب ما جاء فيمن يقول للآخر يا مخنث وابن ماجه (2/ 856 رقم 2564) في الحدود، باب من عمل عمل قوم لوط.
والدارقطني في سننه (3/ 126 رقم 142).
وابن أبي حاتم في العلل (1/ 455 رقم 1367).
والبيهقي في سننه (8/ 234 و 273) في الحدود، باب من أتى بهيمة، وباب من وقع على ذات محرم.
جميعهم من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، به، ولفظ البيهقي في الموضع الثاني مثل لفظ الحاكم، ولفظه في الأول مثله، وزاد:"ومن وقع على بهيمة فاقتلوه، واقتلوا البهيمة"، ولفظ ابن ماجه، والدارقطني، وابن أبي حاتم مثل لفظ البيهقي في الموضع الأول، إلا أن عند الدارقطني، وابن أبي حاتم زيادة أخرى في أول الحديث هي عند الترمذي أيضاً، ولفظ الشاهد منه عنده مثل لفظ الحاكم وكذا لفظ الِإمام =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أحمد مثل لفظ الحاكم أيضاً، وزاد في أوله "اقتلوا الفاعل والمفعول به في عمل قوم لوط، والبهيمة، والواقع على البهيمة".
قال الترمذي عقبة: "هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وإبراهيم بن إسماعيل يُضَعَّف في الحديث". اهـ.
ونقل ابن أبي حاتم عن أبيه قال: "هذا حديث منكر لم يروه غير (ابن) أبي حبيبة". اهـ.
وقال البيهقي في الموضع الأول: "ورويناه في الباب قبله عن إبراهيم بن أبي يحيى عن داود بن الحصين".
وقال في الثاني: "وقد رويناه من حديث عباد بن منصور، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً".
قلت: كلاهما تبين الروايتين تقدمتا في الحديث رقم (1045)، ورواية ابن أبي يحيى ضعيفة جداً، وليس في لفظها عند البيهقي:"من وقع على ذات محرم فاقتلوه وإنما ذلك في رواية الطبراني كما تقدم هناك، وأما رواية عباد ففيها موضع الشاهد، لكن أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (10/ 104 رقم 8914) من طريق يزيد بن هارون، عن عباد بن منصور، عن عكرمة، عن ابن عباس موقوفاً عليه ولفظه: اقتلوا كل من أتى ذات محرم".
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"لا"، أي ليس بصحيح، ولم يذكر علة القدح في صحة الحديث.
وفي الحديث هنا من رواية داود بن الحصين، عن عكرمة، وتقدم في الحديث (655) أن داود بن الحصين ثقة، إلا في عكرمة، فروايته عنه ضعيفة.
وفي سند الحديث -أيضاً- إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، وتقدم في الحديث (950) أنه: ضعيف. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأما متابعة عباد بن منصور لداود على الحديث عن عكرمة فمعلولة بالآتي:
1 -
و 2 - عباد بن منصور تغير بآخره ومدلس من الطبقة الرابعة -كما تقدم في الحديث (936) وقد عنعن هنا.
3 -
الاختلاف عليه في الحديث، فقد رفعه مرة، ووقفه مرة أخرى.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بإسناد الحاكم لما تقدم في دراسة الِإسناد.
وتقدم نقل أبي حاتم عن أبيه أنه قال عن الحديث "منكر".
وأما الطريق التي رواها إبراهيم بن أبي يحيى فتقدم في الحديث (1045) أنها ضعيفة جداً لشدة ضعف إبراهيم.
وأما الطريق التي رواها عباد بن منصور فضعيفة جداً أيضاً لاختلاطه، وتدليسه، والاختلاف عليه في الحديث، والله أعلم.
1048 -
حديث سهل مرفوعاً:
"من (توكل) (1) لي ما بين لحييه، ورجليه توكلت له بالجنة"(2).
قال: على شرط البخاري ومسلم.
قلت: ذا في البخاري.
(1) في (أ) و (ب): (يولى)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(2)
قوله: (توكلت له بالجنة) ليس في (ب).
1048 -
المستدرك (4/ 358): حدثني أبو بكر، أنبأ محمد بن أيوب، أنبأ أبو الربيع، ثنا عمر بن علي، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توكل لي ما بين لحييه، وما بين رجليه توكلت له بالجنة".
تخريجه:
الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق عمر بن علي، ثم قال:"هذا حديث صحيح الِإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، فتعقبه الذهبي بقوله:"ذا في البخاري" وهو كذلك.
فالحديث أخرجه البخاري (11/ 308 رقم 6474) في الرقاق، باب حفظ اللسان و (12/ 113 رقم 6807) في الحدود، باب فضل من ترك الفواحش، من طريق عمر بن علي، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، به مثله، ونحوه.
وأخرجه الِإمام أحمد في المسند (5/ 333).
والترمذي (7/ 89 - 90 رقم 2520) في الزهد؛ باب ما جاء في حفظ اللسان.
والطبراني في الكبير (6/ 234 رقم 5960). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والبغوي في شرح السنة (14/ 313 رقم 4122).
جميعهم من طريق عمر بن علي، ولفظ أحمد مثله، ولفظ الباقين نحوه.
دراسة الِإسناد:
الحديث أخرجه الحاكم والبخاري كلاهما من طريق عمر بن علي ورجال الحاكم إلى عمر هذا بيان حالهم كالتالي:
أبو الربيع اسمه سليمان بن داود العَتَكي، أبو الربيع الزهراني، البصري، نزيل بغداد، وهو ثقة من رجال الشيخين، الجرح والتعديل (4/ 113 رقم 493)، والتقريب (1/ 324 رقم 434)، والتهذيب (4/ 190 - 191 رقم 322).
ومحمد بن أيوب بن يحيى بن الضُّريس، البَجَلي، الرازي، أبو عبد الله ثقة حافظ محدث مصنف. السير (13/ 449 رقم 222).
وشيخ الحاكم أبو بكر بن إسحاق الصبغي تقدم في الحديث (652) أنه إمام علامة محدث.
الحكم على الحديث:
الحديث استدركه الحاكم على الشيخين فلم يصب، حيث أخرجه البخاري كما تقدم في طريق عمر بن علي، وبنفس لفظ الحاكم.
وسند الحاكم إلى من أخرج البخاري الحديث من طريقه صحيح كما يتضح من دراسة الِإسناد. والله أعلم.
1049 -
حديث عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب بن عبد الله، عن عبادة بن الصامت مرفوعاً:
"إضمنوا لي ستاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة: أصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم
…
إلخ (1).
قال: صحيح.
قلت: فيه إرسال.
(1) من قوله: (أصدقوا) إلى هنا ليس في (ب).
1049 -
المستدرك (4/ 358 - 359): حدثنا علي بن عيسى الحيري، ثنا المسيب بن زهير البغدادي، ثنا عاصم بن علي، ثنا إسماعيل بن جعفر، ثنا عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب بن عبد الله، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:"إضمنوا لي ستاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة، أصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم".
تخريجه:
الحديث أخرجه أحمد في المسند (5/ 323).
وابن أبي الدنيا في كتاب "الصمت"(ص 471 رقم 446).
وابن حبان في صحيحه (ص 632 رقم 2547).
والخرائطي في مكارم الأخلاق (ص 31).
والبيهقي في سننه (6/ 288) في الوديعة، باب ما جاء في الترغيب في أداء الأمانات جميعهم من طريق إسماعيل بن جعفر، به مثله سواء.
وأخرجه البيهقي في الشعب -كما في كنز العمال (15/ 893 رقم 43531). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وابن خزيمة في "حديث علي بن حجر"(ج 3 رقم 91)، والطبراني (49/ 1 - منتقى منه) كما في السلسلة الصحيحة للألباني (3/ 454).
دراسة الإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"فيه إرسال"، وسبقه إلى ذلك المنذري في الترغيب (3/ 64)، حيث ذكر الحديث، وتصحيح الحاكم له، ثم تعقبه بقوله:"بل المطلب لم يسمع من عبادة".
وتقدم في الحديث (828) و (998) بيان أن المطلب لم يدرك أحداً من الصحابة، إلا سهل بن سعد، وأنساً، وسلمة بن الأكوع، ومن كان قريباً منهم، وأن عامة روايته مرسلة، ونصوا على أنه لم يسمع من أبي هريرة الذي توفي سنة (58 هـ)، مع أن عبادة رضي الله عنه متقدم الوفاة أيضاً، حيث قيل إنه توفي سنة أربع وثلاثين للهجرة، وقيل: بقي حتى توفي في خلافة معاوية -كما في ترجمته في التهذيب (5/ 112) -، ومعاوية رضي الله عنه توفي سنة ستين للهجرة -كما في التهذيب (10/ 207) - وعلى فرض أنه بقي حتى آخر خلافة معاوية، فتكون وفاته قريبة من وفاة أبي هريرة، وتقدم أنه لم يسمع منه، وهكذا يكون حاله مع عباده رضي الله عنه، ولذا نص الذهبي، ومن قبله المنذري على أن روايته عنه مرسلة وهما من الأئمة المعتبرين في هذا المجال، ولم أجد لهما مخالفاً.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الإسناد للِإرسال المتقدم بيانه في دراسة الإسناد.
وله شاهد من حديث أنس، وأبي أمامة الباهلي، والزبير رضي الله عنهم.
أما حديث أنس رضي الله عنه فأورده الحاكم عقب هذا الحديث شاهداً له، ولم يتعقبه الذهبي بشيء، وهو من طريق الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سعد بن سنان، عن أنس بن مالك =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"تقبلوا لي بست أتقبل لكم الجنة"، قالوا: وما هي؟ قال: "إذا حدث أحدكم فلا يكذب، وإذا وعد فلا يخلف، وإذا ائتمن فلا يخن، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم، واحفظوا فروجكم".
وأخرجه أبو يعلى في مسنده (ل 199 أ).
والخرائطي في مكارم الأخلاق (ص 30).
كلاهما من طريق الليث به نحوه، وسنده حسن.
سعد بن سنان، ويقال: سنان بن سعد، الكندي، المصري: صدوق له أفراد ولم يرو له أحد من الشيخين في صحيحهما، الجرح والتعديل (4/ 251 رقم 1085)، والتقريب (1/ 287 رقم 85)، والتهذيب (3/ 471 - 472 رقم 877).
ويزيد بن أبي حبيب ثقة فقيه، والليث بن سعد إمام مشهور ثقة ثبت فقيه، تقدم ذلك في الحديث (489) و (768).
وأما حديث أبي أمامة رضي الله عنه فلفظه مثل لفظ حديث أنس، إلا أنه قال في أوله: "كفلوا لي بستّ أكفل لكم الجنة
…
" فذكره.
أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 314 رقم 8018) وفي "أحاديث منتقاة"(ل 12 ب) وفي الأوسط -كما في المجمع (10/ 301).
وابن عدي في الكامل (6/ 2047).
والخطيب في تاريخه (7/ 392).
ثلاثتهم من طريق فضال، عن أبي أمامة، رفعه، به.
قال الهيثمي في المجمع: "فيه فضال بن الزبير، ويقال: ابن جبير، وهو ضعيف. وأما حديث الزبير رضي الله عنه فقال الألباني في الموضع السابق من سلسلته الصحيحة بعد ذكر حديث عبادة". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= "ذكر له البيهقي (يعني في الشعب) (2/ 125/ 2) شاهداً مرسلاً من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي إسحاق، عن الزبير، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ضمن لي ستاً ضمنت له الجنة"، قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال:
"من إذا حدث صدق، وإذا وعد أنجز، وإذا ائتمن أدى، ومن غض بصره، وحفظ فرجه، وكف يده"، أو قال:"نفسه". قال الألباني:
قلت: "والزبير هذا إن كان ابن العوام فهو منقطع، لأن أبا إسحاق وهو عمرو بن عبد الله السبيعي، فإنه روى عن علي، وقيل: لم يسمع منه، وهو -أعني الزبير أقدم وفاة من علي، فلأن يكون لم يسمع منه أولى، ثم هو إلى ذلك مدلس، ولم يصرح بالتحديث، فلعل هذا الانقطاع هو الإرسال الذي عناه البيهقي حين قال:
وله شاهد مرسل". اهـ.
وعليه: فالحديث بمجموع هذه الطرق صحيح لغيره، وكذا حكم عليه الألباني، ولم يذكر طريق أبي أمامة، والله أعلم.
1050 -
حديث زيد بن أرقم في السحر، وقصة أخذه من البئر.
قال: على شرط البخاري ومسلم.
قلت: فيه ثمامة بن (عقبة)(1) ولم يخرجا له شيئاً، وهو صدوق.
(1) في (أ) و (ب): (عتبة)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
1050 -
المستدرك (4/ 360 - 361): حدثنا الأستاذ أبو الوليد، ثنا أبو عبد الله البوشنحي ثنا أحمد بن حنبل، ثنا جرير، عن الأعمش، عن ثمامة بن عقبة المحلمي، عن زيد بن أرقم، قال: كان رجل يدخل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، (فأخذه) رجل، فعقد له عقداً، فوضعه، وطرحه في بئر رجل من الأنصار، فأتاه ملكان يعودانه، فقعد أحدهما عند رأسه، وقعد الآخر عند رجليه، فقال أحدهما: أتدري ما رجعه؟ قال: فلان الذي كان يدخل عليه عقد له عقداً، فألقاه في بئر فلان الأنصاري، فلو أرسل إليه رجلاً، فأخذ منه العقد، فوجد الماء قد اصفر، قال: وأخذ العقد، فحلها فيها، قال: فكان الرجل بعد يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فلم يذكر له شيئاً، ولم يعاتبه. اهـ.
وما بين القوسين، وهو قوله:(فأخذه) أثبته من المخطوط والتلخيص وفي المطبوع من المستدرك: (فسحره) والحديث بلفظ المخطوط والمطبوع في هذا الموضع فيه لبس بالعبارة، ويحذف قوله:(فأخذه رجل) تستقيم العبارة وفي رواية الطبراني وغيره ما يؤيد ذلك -كما سيأتي-.
تخريجه:
الحديث يرويه الأعمش، عن ثمامة بن عقبة، عن زيد بن أرقم.
ورواه عن الأعمش هكذا جرير، وسفيان الثوري، وشيبان.
وخالفهم أبو معاوية، فرواه عن الأعمش، عن يزيد بن حيان، عن زيد بن أرقم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أما رواية جرير فأخرجها الحاكم هنا.
والطبراني في الكبير (5/ 201 رقم 5011)، ولم يذكر قوله: فأخذه -أو: فسحره رجل- أما رواية سفيان الثوري فأخرجها ابن سعد في الطبقات (2/ 199).
وأما رواية شيبان فأخرجها الفسوي مع بعض الاختصار في "المعرفة والتاريخ"(3/ 289 - 290).
والطبراني في الموضع السابق برقم (5012).
ولفظهم نحو لفظ الحاكم، إلا أن رواية ابن سعد للحديث من طريق سفيان فيها نسبة الرجل إلى الأنصار، قال:"فوجدوا الماء قد اخضر" بدلًا من قوله: (أصفر).
وأما رواية أبي معاوية للحديث عن الأعمش، عن يزيد بن حبان، عن زيد، فأخرجها:
الإمام أحمد في المسند (4/ 367).
والنسائي في سننه (7/ 112 - 113) في تحريم الدم، باب سحرة أهل الكتاب.
وعبد بن حميد في مسنده (1/ 247 رقم 271).
والطبراني في الكبير (5/ 202و 202 - 203 رقم 5013 و 5016).
جميعهم من طريق أبي معاوية، به بلفظ:
سحر النبي صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود، قال: فاشتكى لذلك أياماً قال: فجاءه جبريل عليه السلام، فقال: إن رجلاً من اليهود سحرك، عقد لك عقداً في بئر كذا، وكذا، فأرْسِلْ إليها من يجيء بها، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً رضي الله عنه، فاستخرجها، فجاء بها، فحللها، فقام رسول الله -صلى الله عليه =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وسلم- كأنما نشط من عقال، فما ذكر لذلك اليهودي ولا رآه في وجهه قط حتى مات.
وهذا لفظ أحمد، ولفظ الباقين نحوه.
دراسة الإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله:"لم يخرجا لثمامة شيئاً، وهو صدوق".
وثمامة هذا هو ابن عقبة المُحَلِّمي -بضم الميم وفتح المهملة، وكسر اللام المثقلة، ثقة، روى له البخاري في الأدب المفرد، والنسائي، وأما في الصحيحين فلم يخرجا له شيئاً، الجرح والتعديل (2/ 465 - 466 رقم 1892)، والتقريب (1/ 120 رقم 46)، والتهذيب (2/ 29 رقم 50).
وأما باقي رجال إسناد الحاكم فبيان حالهم كالتالي:
الأعمش تقدم في الحديث (712) أنه: ثقة حافظ ورع عارف بالقراءة.
وجرير بن عبد الحميد تقدم في الحديث (681) أنه: ثقة، وأحمد بن حنبل أحد الأئمة مشهور تقدمت ترجمته في الحديث (531).
والبوشنجي اسمه محمد بن إبراهيم بن سعيد، وهو ثقة حافظ فقيه، تقدمت ترجمته في الحديث (758).
وشيخ الحاكم أبو الوليد حسان بن محمد النيسابوري إمام أهل الحديث بخراسان، تقدمت ترجمته في الحديث (1035).
وأما مخالفة أبي معاوية لجرير، لسفيان الثوري، وشيبان يجعل الحديث من رواية الأعمش عن يزيد بن حيان، فالظاهر أن الأعمش يروي الحديث عن ثمامة، وعن يزيد وحدث به مرة كذا، ومرة كذا، لأن أبا معاوية محمد بن خازم ثقة، أحفظ الناس لحديث الأعمش -كما تقدم في الحديث (676)، فلا يمكن ترجيح أي من الروايتين على الأخرى، وليس هناك ما يمنع من تحديث الأعمش به على ما تقدم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحكم على الحديث:
من خلال ما تقدم في دراسة الإسناد يتضح أن الحديث صحيح بإسناد الحاكم، وأصله في الصحيحين.
فالحديث أخرجه البخاري في صحيحه (6/ 276 رقم 3175) في الجزية والموادعة، باب هل يعفى عن الذمي إذا سحر؟
و (6/ 334 رقم 3268) في بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده.
و (10/ 221 و232 و 235 - 236 رقم 5763 و 5765 و 5766) في الطب، باب السحر وقول الله تعالى: {ولكن الشياطين كفروا
…
}، وباب يستخرج السحر، وباب السحر.
و (10/ 479 رقم 6063) في الأدب، باب قول الله تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والِإحسان
…
}.
و (11/ 192 - 193 رقم 6391) في الدعوات، باب تكرير الدعاء.
وأخرجه مسلم (4/ 1719 - 1721 رقم 43 و 44) في السلام، باب السحر.
كلاهما من طريق عائشة في قصة سحر لبيد بن الأعصم اليهودي للنبي صلى الله عليه وسلم.
1051 -
حديث ابن عباس:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لِماعِز:
"ويحك، لعلك قبلت، أو لمست؟
…
إلخ.
قال: على شرط البخاري ومسلم.
قلت: ذا في البخاري.
1051 - المستدرك (4/ 361): حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، ثنا إبراهيم بن عبد الله، ثنا وهب بن جرير، ثنا أبي، قال: سمعت يعلى بن حكم يحدث عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لماعز بن مالك: "ويحك! لعلك قبّلت، أو لمست، أو غمزت، أو نظرت؟ " قال: لا، قال:"أفعلتها؟ " قال: نعم، قال: فعند ذلك أمر برجمه.
تخريجه:
الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق وهب بن جرير، وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، فتعقبه الذهبي بقوله:"ذا في البخاري"، وهو كذلك.
فالحديث أخرجه البخاري في صحيحه (12/ 135 رقم 6824) في الحدود، باب هل يقول الِإمام للمقر: لعلك لمست، أو غمزت؟
أخرجه من طريق وهب بن جرير، حدثنا أبي، قال: سمعت يعلى بن حكيم، عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما أتى ماعز بن مالك النبي صلى الله عليه وسلم، قال له:"لعلك قبلت، أو غمزت، أو نظرت؟ " قال: لا يا رسول الله، قال:"أنكتها؟ " -لا يكنِّي- قال: فعند ذلك أمر برجمه.
وقد أخرجه مسلم أيضاً (3/ 1320 رقم 19) في الحدود، باب من اعترف =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= على الزني بنفسه، من حديث ابن عباس، لكن من طريق سماك، عن سعيد بن جبير، عنه، به بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لماعز بن مالك: "أحق ما بلغني عنك؟ " قال: وما بلغك عني؟ قال: "بلغني أنك وقعت بجارية آل فلان؟ " قال: نعم، قال: فشهد أربع شهادات، ثم أمر به فرجم.
وأخرجه الإمام أحمد في المسند (1/ 238 و270) من طريق جرير، عن يعلى، به نحوه.
وأخرجه أيضاً (1/ 255و 289 و 325) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، به نحوه.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند (1/ 255) من طريق يحيى أيضاً.
وأخرجه أبو داود في سننه (4/ 579 - 580 رقم 4427) في الحدود، باب رجم ماعز بن مالك، من طريق وهب، به نحوه.
وأخرجه أحمد أيضاً في المسند (1/ 245 و 328).
وأبو داود في الموضع السابق برقم (4425 و 4426).
كلاهما من طريق سماك بن حرب عن سعيد بن جبير، به نحو رواية مسلم.
دراسة الِإسناد:
الحديث أخرجه الحاكم، والبخاري، كلاهما من طريق وهب بن جرير، وإسناد الحاكم إلى وهب هذا بيان حال رجاله كالتالي:
إبراهيم بن عبد الله هو السعدي، إمام حافظ ثقة تقدمت ترجمته في الحديث (641). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وشيخ الحاكم أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن الأخرم إمام حافظ تقدمت ترجمته في الحديث (523).
الحكم علي الحديث:
الحديث أخرجه الحاكم واستدركه على الشيخين، فلم يصب، حيث أخرجه البخاري من طريق وهب بن جرير، وبلفظ مقارب كما سبق، وسند الحاكم إلى وهب صحيح كما تقدم، والله أعلم.
1052 -
حديث ابن عباس:
أن ماعزاً جاء إلى رجل من المسلمن، فقال: إني أصبت فاحشة، فما تأمرني؟
قال: إذهب إلى رسول الله
…
الحديث (1).
قلت: فيه حفص عمر العدني ضعفوه.
(1) من قوله: (فقال: إني أصبت) إلى هنا ليس في (ب).
1052 -
المستدرك (4/ 361 - 362) قال الحاكم عقب الحديث السابق:
"وقد رواه الحكم بن أبان، عن عكرمة بزيادات ألفاظ"، ثم قال: كما حدثناه بكر بن محمد بن حمدان المروزي، ثنا عبد الصمد بن الفضل، ثنا حفص بن عمر العدني، ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن ماعزاً جاء إلى رجل من المسلمين، فقال: إني أصبت فاحشة، فما تأمرني؟ فقال له الرجل: إذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فكره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلامه، أو قال: قوله، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمن كان معه:"أبصاحبكم مس؟ " قال ابن عباس: فنظرت إلى القوم لأشير عليهم، فلم يلتفت إلي منهم أحد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لعلك قبلتها؟ " قال: لا، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "فمسستها؟ " قال: لا، قال: "ففعلت بها ولم تكنّ؟ " قال: نعم، قال: "فارجموه"، قال: فبينما هو يرجم إذ رماه الرجل الذي جاءه ماعز يستشيره، رماه بعظم، فخر ماعز، فالتفت إليه، فقال له ماعز: قاتلك الله (أريتني) ثم أنت الآن ترجمني. اهـ.
وقوله: (أريتني) أثبته من المستدرك المخطوط، وفي المطبوع:(إذ رأيتني). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= دراسة الِإسناد:
الحديث أعله الذهبي بقوله: "حفص ضعفوه".
وهو حفص بن عمر العدني، وتقدم في الحديث (501) أنه ضعيف.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الإسناد لضعف حفص العدني.
والقصة ثابتة في الصحيحين وغيرهما بغير هذا السياق، وتقدم الكلام عن ذلك في الحديث السابق.
1053 -
حديث ابن عباس مرفوعاً:
"من يخالف دينه (من) (1) المسلمين فاقتلوه"(2).
قال: صحيح.
قلت: فيه مثل ما قبله (3).
(1) في (أ): (دين)، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(2)
قوله: (من المسلمين فاقتلوه) ليس في (ب).
(3)
في (ب): (قلت: فيه ما قبله)، وما أثبته من (أ)، وأما التلخيص فقال فيه:(قلت: العدني هالك)، وقد تصرف ابن الملقن في العبارة، فأحال بالحكم على الحديث السابق لكون العلة واحدة.
1053 -
المستدرك (4/ 366): أخبرنا بكر بن محمد بن حمدان الصيرفي بمرو، ثنا عبد الصمد بن الفضل، ثنا حفص بن عمر العدني، ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:"من يخالف دينه من المسلمين فاقتلوه، وإذا قال العبد: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله فلا سبيل لنا إليه إلا بحقه إذا أصاب أن يقام عليه ما هو عليه".
تخريجه:
الحديث لم أجد من أخرجه من طريق حفص العدني، ولا بهذا السياق.
لكن قوله: "من يخالف دينه من المسلمين فاقتلوه" جاء من طريق آخر عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ: "من بدل دينه فاقتلوه".
أخرجه البخاري في صحيحه (6/ 149 رقم 3017) في الجهاد، باب لا يعذب بعذاب الله و (12/ 267 رقم 6922) في استتابة المرتدين، باب حكم المرتد، والمرتدة، واستتابتهم.
والإمام أحمد في مسنده (1/ 282 و 282 - 283). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومن طريقه أبو داود في سننه (4/ 520 رقم 4351) في الحدود، باب الحكم فيمن ارتد.
وأخرجه الترمذي (5/ 24 رقم 1483) في الحدود، باب ما جاء في المرتد.
والنسائي (7/ 104) في تحريم الدم، باب الحكم في المرتد.
وابن ماجه (2/ 848 رقم 2535) في الحدود، باب المرتد عن دينه.
جميعهم من طريق أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، به بلفظه، وفي أوله قصة تحريق علي لبعض المرتدين، عن النسائي وابن ماجه فلم يذكرا القصة.
دراسة الإسناد:
الحديث أعله الذهبي بحفص بن عمر العدني الذي تقدم في الحديث السابق أنه ضعيف.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بإسناد الحاكم لضعف حفص العدني، وقوله:
"من يخالف دينه من المسلمين فاقتلوه" صحيح لغيره بالطريق التي أخرجها البخاري وغيره.
وأما قوله: "إذا قال العبد
…
" إلخ، فيشهد له.
ما أخرجه البخاري (1/ 75 رقم 25) في الِإيمان، باب:(فإن تابوا وأقاموا الصلاة).
ومسلم (1/ 53 رقم 36) في الِإيمان أيضاً، باب الأمر بقتال الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله.
كلاهما من طريق شعبة، عن واقد بن محمد، عن أبيه، عن عبد الله بن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم، وأموالهم، إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله".
هذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم نحوه.
وعليه يكون الحديث بما تقدم صحيحاً لغيره، والله أعلم.
1054 -
حديث أنس رضي الله عنه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما سَمَل (1) أعينهم لأنهم سملوا أعين الرعاة.
قلت: ذا في مسلم.
(1) سمل: أي فقأ العين بحديدة محماة، أو غيرها، النهاية (2/ 403).
1054 -
المستدرك (4/ 367): حدثنا علي بن حمشاذ العدل، ثنا هشام بن علي السدوسي، ثنا يحيى بن عبد الله، ثنا يزيد بن زريع، عن سليمان التيمي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما سمل أعين العرنيين لأنهم سملوا أعين الرعاء.
حدثنا علي بن عيسى الحيري، ثنا محمد بن إسحاق الِإمام، حدثني أبو بكر بن محمد بن النضر الجارودي، ثنا الفضل بن سهل الأعرج، ثنا يحيى بن عبد الله، فذكر بإسناده نحوه.
تخريجه:
الحديث أخرجه الحاكم من هنا من طريق يحيى بن عبد الله، عن يزيد بن زريع، عن سليمان التيمي، عن أنس وقال:"صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، فتعقبه الذهبي بقوله:"ذا في مسلم" وهو كذلك.
فالحديث أخرجه مسلم في صحيحه (3/ 1298 رقم 14) من طريق يحيى بن غيلان، عن يزيد بن زريع، به ولفظه: إنما سمل النبي صلى الله عليه وسلم أعين أولئك، لأنهم سملوا أعين الرعاء.
وأخرجه الترمذي (1/ 246 رقم 73) في الطهارة، باب ما جاء في بول ما يؤكل لحمه.
والنسائي (7/ 100) في تحريم الدم، باب تأويل قوله عز وجل: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله
…
}. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= كلاهما من طريق يزيد، به، ولفظ النسائي مثل لفظ مسلم، ولفظ الترمذي نحوه.
دراسة الِإسناد:
الحديث أخرجه الحاكم ومسلم كلاهما من طريق يحيى، لكن اسمه عند الحاكم: يحيى بن عبد الله، وعند مسلم يحيى بن غيلان، وهما واحد، وإنما نسب عند الحاكم إلى جده، لأن اسمه يحيى بن غيلان بن عبد الله بن أسماء والخزاعي -كما في التقريب (2/ 355 رقم 146)، يدل على ذلك أن الحاكم ساق الحديث أيضاً من طريق الفضل بن سهل الأعرج، ثنا يحيى، وسماه: ابن عبد الله.
والفضل بن سهل هذا هو الذي روى الحديث عند مسلم، وسماه يحيى بن غيلان.
وقد ساق الحاكم الحديث بإسنادين ألتقي في أحدهما مع مسلم في الفضل بن سهل في الآخر في يحيى بن غيلان.
وفي أحد الِإسنادين هشام بن علي السدوسي، ولم أجد من ذكره.
والراوي عنه شيخ الحاكم علي بن حمشاذ، وتقدم في الحديث (509) أنه: ثقة حافظ إمام.
وأما الإسناد الآخر فبيان حال رجاله كالتالي:
أبو بكر محمد بن النضر بن سلمة العامري، الجارودي، النيسابوري ثقة حافظ./ الجرح والتعديل (8/ 111 رقم 492) والتقريب (2/ 213 رقم 768)، والتهذيب (9/ 490 - 491رقم 799).
ومحمد بن إسحاق الِإمام هو ابن خزيمة إمام مشهور تقدمت ترجمته في الحديث (510).
وشيخ الحاكم هو علي بن عيسى الحيري، وتقدم في الحديث (816) أني لم أجده. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحكم علي الحديث:
الحديث أخرجه الحاكم ومسلم كلاهما من طريق يحيى بن غيلان.
وقد أخرجه الحاكم من طريقين إلى يحيى.
وفي الأولى هشام السدوسي، وفي الثانية علي الحيري، ولم أجدهما.
فالحكم على إسناد الحاكم إلى من أخرج مسلم الحديث من طريقه يتوقف على معرفة حال هذين المذكورين، والله أعلم.
1055 -
حديث عمر مرفوعاً (1):
"من مثل بعبده (2) فهو حر، وهو مولى لله ورسوله (3) ".
قلت: فيه حمزة النصيبي، قال ابن عدي: كان (1) يضع الحديث (4).
(1) قوله: (مرفوعاً) و (كان) ليسا في (ب).
(2)
قوله: (بعبده)، في (ب):(بعبد).
(3)
قوله: (وهو مولى لله ورسوله) ليس في (ب).
(4)
الكامل لابن عدي (2/ 785).
1055 -
المستدرك (4/ 368) هذا الحديث، والذي بعده أوردهما الحاكم شاهدين لحديث قبلها في إعتاق عمر لأمة مثْل بها، ثم قال الحاكم:"وله شاهدان".
أخبرنا أبو جعفر بن دحيم، ثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة، ثنا مالك بن إسماعيل، ثنا أبو شهاب عبد ربه بن نافع، عن حمزة الجزري، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره بلفظه.
تخريجه:
الحديث أخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 786) بنحوه.
دراسة الإسناد:
الحديث أعله الذهبي بقوله: "حمزة هو النصيبي قال ابن عدي: يضع الحديث. وحمزة هذا تقدم في الحديث (861) أنه: متروك متّهم بالوضع.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف جداً بهذا الإسناد لشدة ضعف حمزة النصيبي.
وأما المعنى الذي أورد الحاكم هذا الحديث شاهداً له فإنه صحيح -كما سيأتي في الحديث الآتي-، والله أعلم.
1056 -
حديث سُوَيْد بن مُقَرِّن مرفوعاً في العتق باللطمة.
(قلت)(1): صحيح.
(1) ما بين القوسين ليس في (أ).
1056 -
المستدرك (4/ 368 - 369): أخبرنا أبو جعفر بن دحيم، ثنا أحمد بن حازم، ثنا عاصم بن يوسف اليربوعي، ثنا عبثر بن قاسم، ثنا حصين، عن هلال بن يساف، قال: كنا نزولاً في دار سويد بن مقرن، ومعنا شيخ حديد جاهل، فلا أدري.
ما قالت وليدة سويدة؟ فلطمها، فغضب من ذلك غضباً ما غضب مثله قط، قال: عجز عليك إلا حر وجهها، لقد رأيتني سابع سبعة من بني مقرن، ما لنا إلا خادم واحد، فلطمها أصغرنا، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نعتقها.
تخريجه:
الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق حصين، عن هلال بن يساف، عن سويد. وأورده شاهداً للحديث الذي أشرت إليه في الحديث السابق، وسكت عنه، فتعقبه الذهبي بقوله:"صحيح".
ولم يتكلم ابن الملقن عن الحديث بشيء.
وفاتهم جميع أن الحديث أخرجه مسلم (3/ 1279 - 1280 رقم 32) في الِإيمان، باب صحة المماليك، وكفارة من لطم عبده، من طريق حصين، عن هلال بن يساف، فذكره بنحو سياق الحاكم.
وأخرجه الإِمام أحمد في المسند (5/ 444).
وأبو داود في سننه (5/ 363 - 364 رقم 5166) في الأدب، باب في حق المملوك.
والترمذي (5/ 146 رقم 1582) في الأيمان والنذور، باب في الرجل يلطم خادمه.
والطبراني في الكبير (7/ 100 - 101 رقم 6451 و 6452). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= جميعهم من طريق حصين، به نحوه، إلا الترمذي فلفظه مختصر.
وللحديث عن سويد أيضاً طريقان آخران.
أحداهما يرويها معاوية بن سويد، والأخرى يرويها أبو شعبة العراقي.
أما رواية معاوية بن سويد فأخرجها:
مسلم في الموضع السابق برقم (31).
وأحمد في المسند (3/ 447 - 448 و5/ 444).
وعبد الرزاق في المصنف (9/ 441 رقم 17937).
وأبو داود في الموضع السابق برقم (5167).
والطبراني في السابق أيضاً برقم (6448 و6449 و6450).
جميعهم من طريق سلمة بن كهيل، عن معاوية بن سويد قال: لطمت مولى لنا، فهَرَبْتُ، ثم جئت قبيل الظهر فصليت خلف أبي، فدعاه ودعاني، ثم قال: امتثل منه، فعفى، ثم قال: كنا بني مقرن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لنا إلا خادم واحدة، فلطمها أحدنا، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"أعتقوها"، قالوا: ليس لهم خادم غيرها، قال:"فليستخدموها، فإذا استغنوا عنها، فليخلوا سبيلها"، وهذا لفظ مسلم، ولفظ الآخرين نحوه.
وأما رواية أبي شعبة العراقي فأخرجها:
مسلم أيضاً برقم (33).
وأحمد في المسند (3/ 447).
والطبراني برقم (6453).
ثلاثتهم من طريق شعبة قال: قال لي محمد بن المنكدر: ما اسمك؟ قلت: شعبة، فقال محمد: حدثني أبو شعبة العراقي، عن سويد بن مقرن، أن جارية له لطمها إنسان، فقال له سويد: أما علمت أن الصورة محرمة؟ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فقال: لقد رأيتني، وإني لسابع أخوة لي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما لنا خادم غير واحد، فعمد أحدنا فلطمه، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نطلقه.
وهذا سياق مسلم، وسياق أحمد، والطبراني بنحوه، إلا أن أحمد لم يذكر محاورة ابن المنكدر لشعبة.
دراسة الِإسناد:
الحديث أورده الحاكم شاهداً لحديث آخر، ولم يتكلم عنه بشيء، وقال عنه الذهبي:"صحيح"، وفاتهما أن مسلماً أخرجه عن طريق حصين الذي أخرج الحاكم الحديث من طريقه.
ورجال الحاكم إلى حصين هذا بيان حالهم كالتالي:
عبثر بن القاسم الزُّبيدي -بالضم-، أبو زبيد -بالضم كذلك-، الكوفي، ثقة، روى له الجماعة./ الجرح والتعديل (7/ 43 رقم 244)، والتهذيب (5/ 136 رقم 236)، والتقريب (1/ 400 رقم 169) وعاصم بن يوسف اليربوعي، أبو عمرو الخياط الكوفي: ثقة روى له الشيخان. / سؤالات الحاكم للدارقطني (ص258 رقم 437)، والتقريب (1/ 386 رقم 34)، والتهذيب (5/ 59 - 60 رقم 98).
أحمد بن حازم الغفاري تقدم في الحديث (822) أنه: ثقة حافظ متقن صدوق.
وشيخ الحاكم أبو جعفر بن دحيم اسمه محمد بن علي بن دحيم الشيباني الكوفي، وهو شيخ ثقة مسند فاضل./ السير (16/ 36 - 37 رقم 23).
الحكم علي الحديث:
الحديث أخرجه الحاكم ومسلم كلاهما من طريق حصين، وسند الحاكم إلى حصين هذا صحيح كما يتضح من دراسة الإسناد، وقد جاء الحديث من طرق أخرى عند مسلم وغيره -كما تقدم في التخريج-، والله أعلم.
1057 -
حديث (عمرو بن العاص)(1) مرفوعاً:
"أيما عبد، أو امرأة قال، أو قالت لوليدتها: يا زانية (2)، ولم تطلع منها على زنا جلدتها وليدتها يوم القيامة، لأنه لا حد لهن في الدنيا".
قال: صحيح.
قلت: فيه عبد الملك بن هارون بن عنترة، وهو متروك بالاتفاق، حتى قيل فيه: وإنه (3) دجّال.
(1) في (أ) و (ب): (عبد الله بن عمرو)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(2)
إلى هنا ينتهي متن الحديث في (ب)، وبعده قوله:(الحديث) إشارة لاختصار متنه.
(3)
قوله: (إنه) ليس في (ب).
1057 -
المستدرك (4/ 370): أخبرنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة، ثنا أحمد بن موسى التميمي، ثنا منجاب بن الحارث، ثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة، عن أبيه عن جده، عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه زار عمة له، فدعت له بطعام، فأبطأت الجارية، فقالت: ألا تستعجلي يا زانية؟ فقال عمرو: سبحان الله!! لقد قلت أمراً عظيماً، هل اطلعت منها على زني؟ قالت: لا والله، فقال عمرو رضي الله عنه: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:
"أيما عبد، أو امرأة قال، أو قالت لوليدتها: يا زانية، ولم تطلع منها على زنا جلدتها وليدتها يوم القيامة، لأنه لا حد لهن في الدنيا".
دراسة الإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله.
"بل عبد الملك متروك باتفاق، حتى قيل فيه "دجال". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وعبد الملك هذا هو ابن هارون بن عنترة، وصحح الحاكم هنا حديثه مع أنه قال عنه فيما رواه السجزي:"ذاهب الحديث جداً". وقال في المدخل: "روى عن أبيه أحاديث موضوعة".
أقول: وعبد الملك هذا تقدم في الحديث (580) أنه كذاب يضع الحديث.
الحكم على الحديث:
الحديث موضوع بهذا الِإسناد لنسبة عبد الملك بن هارون بن عنترة إلى الكذب ووضع الحديث.
ومعنى الحديث الصحيح ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: "من قذف مملوكه بالزني يقام عليه الحد يوم القيامة، إلا أن يكون كما قال".
أخرجه البخاري (12/ 185 رقم 6858) في الحدود، باب قذف العبيد.
ومسلم (3/ 1282 رقم 37) في الأيمان، باب التغليظ على من قدف مملوكه بالزنى.
وأبو داود (5/ 363 رقم 5165) في الأدب، باب في حق المملوك.
والترمذي (6/ 78 رقم 2/ 20) في البر والصلة، باب النهي عن ضرب الخدام وشتمهم.
جميعهم من طريق فضيل بن غزوان، عن عبد الرحمن بن أبي نُعَمْ، عن أبي هريرة، به، واللفظ لمسلم، ولفظ الباقين بمعناه.
قلت: وقد أشار الحاكم لهذا الحديث عقب روايته لحديث عمرو بن العاص، فقال:"هذا حديث صحيح الِإسناد ولم يخرجاه، إنما اتفقا على حديث عبد الرحمن بن أبي نعم، عن أبي هريرة رضي الله عنه: من قذف مملوكه بالزنا أقيم عليه الحد يوم القيامة"،. اهـ. والله أعلم.
1058 -
حديث ابن عباس:
أن رجلًا من بني بكر أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأقر أنه زنى بامرأة أربع مرار، فجلد مائة، وكان بكراً، ثم (سأله)(1) البينة (على)(1) المرأة، فقالت: كذب والله، يا رسول الله فجلده حدّ الفرية ثمانين (2).
قال: صحيح.
قلت: فيه (3) القاسم بن فياض ضعيف.
(1) في (أ): (سأل)، (عن)، وليسا في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(2)
من قوله: (أربع مرار) إلى هنا ليس في (ب).
(3)
قوله: (فيه) ليس في (ب).
1058 -
المستدرك (4/ 370) هذا الحديث أورده الحاكم شاهداً لحديث آخر، فقال: وشاهده ما حدثناه محمد بن صالح بن هانيء، ثنا يحيى بن محمد بن يحيى، ثنا موسى بن هارون البردي، ثنا هشام بن يوسف، ثنا القاسم بن فياض الأنباري، عن خلاد بن عبد الرحمن، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلًا من بني بكر بن ليث أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأقرّ أنه زنى بامرأة أربع مرار، فجلد مائة، وكان بكراً، ثم سأله البينة على المرأة، فقالت المرأة: كذب والله يا رسول الله، فجلده حد الفرية ثمانين.
تخريجه:
الحديث أخرجه أبو داود في سننه (4/ 611 رقم 4467) في الحدود، باب إذا أقر الرجل الزنا، ولم تقر المرأة.
والنسائي في الكبرى -كما في تحفة الأشراف (4/ 464 رقم 5664) -. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأبو يعلى في مسنده (5/ 58 - 59 رقم 2649).
والطبراني في الكبير (10/ 354 - 355 رقم 10701).
جميعهم من طريق هشام بن يوسف، به، ولفظ أبي داود مثله، ولفظ الطبراني وأبي يعلي بنحوه، إلا أن فيه طولاً بذكر قصة فيه.
وذكر المزي في الموضع السابق من التحفة أن النسائي قال عن الحديث: "هو منكر".
دراسة الإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"القاسم ضعيف".
والقاسم هذا هو ابن فياض بن عبد الرحمن الْأبْناوي -بفتح الهمزة، بعدها موحدة ساكنة، ثم نون-، الصنعاني، وهو ضعيف، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال هشام بن (يوسف): لما حدثني بتلك الأحاديث اتهمته، فقلت له: هي عندك مكتوبة؟ قال: نعم، وأخرج لي قرطاساً، وأملاها علي. وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال عن حديثه هذا: منكر. وقال ابن المديني: إسناده مجهول. وذكره ابن حبان في الثقات، ثم ذكره في الضعفاء، وقال: كان ينفرد بالمناكير عن المشاهير فلما كثر ذلك في روايته بطل الاحتجاج به. وقال أبو داود: ثقة. اهـ. من المجروحين (2/ 213)، والتهذيب (8/ 330 رقم 595)، وانظر ديوان الضعفاء للذهبي (ص 252 رقم 3421).
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الإسناد لضعف القاسم بن فياض.
ولبعضه شاهد من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً أتاه، فأقر عنده أنه زنى بامرأة سماها له، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المرأة، فسألها عن ذلك، فأنكرت أن تكون زنت، فجلده الحد، وتركها. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أخرجه أبو داود في الموضع السابق برقم (4466): حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا طلق بن غنام، حدثنا عبد السلام بن حفص، حدثنا أبو حازم، عن سهل بن سعد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، به.
وسنده صحيح، رجاله كالتالي:
أبو حازم اسمه سلمة بن دينار، تقدم في الحديث (786) أنه: ثقة عابد.
وعبد السلام بن حفص السلمي، ويقال: الليثي، القرشي، مولاهم، أبو حفص، ويقال: أبو مصعب المدني ثقة وثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال أبو حاتم: ليس بمعروف. اهـ. من تاريخ ابن معين (2/ 364 رقم 815)، والتهذيب (6/ 317 - 318 رقم 612).
وطلق بن غنام بن طلق بن معاوية النخعي، أبو محمد الكوفي ثقة روى له البخاري./ طبقات ابن سعد (6/ 405)، والتقريب (1/ 380 رقم 50)، والتهذيب (5/ 33 - 34 رقم 52).
وعثمان بن محمد بن إبراهيم بن شيبة، أبو الحسن الكوفي: ثقة حافظ شهير له أوهام، روى له الشيخان./ الجرح والتعديل (6/ 166 رقم 913)، والتقريب (2/ 14 رقم 107)، والتهذيب (7/ 149 رقم 298).
قلت: فأصل القصة صحيح من هذه الطريق، وأما كون النبي صلى الله عليه وسلم جلده مرتين، مرة عن الزنا ومرة عن الفرية، فلم أجد ما يشهد له، والله أعلم.
1059 -
حديث معاوية مرفوعاً:
"إن شربوا الخمر فاجلدوهم، ثم (1) إن شربوا فاجلدوهم، (ثم إن شربوا فاجلدوهم)(2)، ثم إن شربوا (الرابعة)(2) فاقتلوهم.
قلت: صحيح.
(1) إلى هنا ينتهي متن الحديث في (ب) وبعده قوله: (الحديث) إشارة لاختصار متنه.
(2)
ما بين المعكوفين ليس في (أ) و (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
1059 -
أخرج الحاكم حديث أبي هريرة بنحو حديث معاوية هذا (4/ 371)، وقال عقبه:
"هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم، ولم يخرجاه. وفي الباب عن جرير بن عبد الله البجلي، وعبد الله بن عمر، وأبي هريرة، ومعاوية بن أبي سفيان، والشريد ابن سويد، وعبد الله بن عمرو، وشرحبيل بن أوس، وهو من الصحابة"، وسقط من المطبوع بعض العبارة، وما أثبته من المخطوط، ثم بدأ الحاكم بذكر روايات هؤلاء الصحابة، فقال:
فأما حديث معاوية فحدثناه الحسن بن يعقوب العدل، ثنا يحيى بن أبي طالب، ثنا عبد الوهاب بن عطاء، أنبأ سعيد (عن) عاصم بن بهدلة، عن ذكوان أبي صالح -وأثنى عليه خيراً-، عن معاوية رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: فذكره بلفظه.
تخريجه:
الحديث أخرجه عبد الرزاق في المصنف (9/ 247 رقم 17087).
وأحمد في المسند (4/ 95 و96 و 100 - 101).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأبو داود في سننه (4/ 623 - 624 رقم 4482) في الحدود، باب إذا تتابع في شرب الخمر.
والترمذي في سننه (4/ 722 رقم 1469) في الحدود، باب ما جاء من شرب الخمر فاجلدوه.
وابن ماجه (2/ 859 رقم 2573) في الحدود، باب من شرب الخمر مراراً.
وابن حبان في صحيحه (ص 364 رقم 1519).
والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 159).
والطبراني في الكبير (19/ 334 رقم 767 و 768).
والبيهقي في سننه (8/ 313) في الحدود، باب من أقيم عليه الحد أربع مرات ثم عاد له.
وابن حزم في المحلى (13/ 420).
جميعهم من طريق عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح، عن معاوية، به نحوه.
وأخرجه أحمد (4/ 93 و97).
والطحاوي في الموضع السابق.
والطبراني في الكبر (19/ 359 - 360 رقم 843 و 844 و 845 و846).
جميعهم من طريق مغيرة، عن معبد القاصّ، عن عبد الرحمن بن عبد، عن معاوية، به نحوه.
وفي بعض أسانيد الطبراني اختلاف فلست أدري من الطباعة، أو هو اختلاف على مغيرة فيه؟
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الذهبي كما تقدم، وبيان حال رجال إسناده كالتالي: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ذكوان أبو صالح تقدم في الحديث (874) أنه ثقة ثبت.
عاصم بن بهدلة تقدم في الحديث (508) أنه: صدوق.
وسعيد بن أبي عروبة مهران اليشكري، تقدم في الحديث (600) أنه ثقة حافظ، له تصانيف، وهو من أثبت الناس في قتادة، وقد اختلط، لكن الراوي عنه عند الحاكم هو عبد الوهاب بن عطاء، وعند الطبراني عبد الأعلى السامي، وقد سمعا منه قبل الاختلاط./ انظر الكواكب النيرات (ص 190 - 212 رقم 25).
وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف، أبو نصر العجلي، مولاهم، قال عنه الحافظ في التقريب (1/ 528 رقم 1406):"صدوق ربما أخطأ، أنكروا عليه حديثاً في فضل العباس يقال: دلسه عن ثور".
قلت: ورواية عبد الوهاب عن سعيد بن أبي عروبة لم أر من قدح فيها، بل أن عبارتهم إلى قبولها أقرب، فقد قام الإمام أحمد:"كان عالماً بسعيد"، وقال الآجري: سئل أبو داود عن السهمي، والخفاف في حديث ابن أبي عروبة، فقال:"عبد الوهاب أقدم" فقيل له: سمع زمن الاختلاط، فقال:"من قال هذا؟! سمعت أحمد يقول: عبد الوهاب أقدم"، وقال يحيى بن أبي طالب:"بلغنا أن عبد الوهاب كان مستملي سعيد"، وقال محمد بن سعد:"لزم سعيد بن أبي عروبة، وعرف بصحبته، وكتب كتبه، وكان كثير الحديث معروفاً، قدم بغداد فلم يزل بها حتى مات". اهـ. من التهذيب (6/ 450 - 453 رقم 935).
وقد تتبعت الكامل لابن عدي، والضعفاء للعقيلي، والمجروحين لابن حبان، فلم أجد ابن حبان ذكر عطاء ضمن كتابه، وذكره العقيلي (3/ 77)، ولم يذكر شيئاً من رواياته، وذكره ابن عدي في الكامل (5/ 1934)، وذكر له حديثين الأول منهما من روايته عن عبد العزيز بن أبي رواد، والآخر من روايته عن داود بن أبي هند، ثم قال:"لا بأس به".اهـ، ولم يذكر شيئاً من الأحاديث المنتقدة عليه من روايته عن سعيد. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقد اختلفت كلمة النقاد في عبد الوهاب، فمنهم من وثقه، ومنهم من تكلم فيه، والذي تميل إليه النفس أن عبارة ابن حجر السابقة أليق بحاله، إلا في روايته عن سعيد بن أبي عروبة فالأرجح أنها لا تنزل عن درجة الحسن، والله أعلم.
وأما يحيى بن أبي طالب فتقدم في الحديث (951) أنه صدوق وأما شيخ الحاكم الحسن بن يعقوب العدل فتقدم في الحديث (951) أيضاً أنه شيخ صدوق نبيل.
ولم ينفرد عبد الوهاب بالرواية عن سعيد، بل تابعه عند الأعلى السامي عند الطبراني.
ولم ينفرد سعيد بالرواية عن عاصم، بل تابعه سفيان الثوري، وغيره كما تقدم. ورواية سفيان الثوري هي التي رواها عنه عبد الرزاق في مصنفه، وسفيان إمام تقدمت ترجمته في الحديث (657).
الحكم على الحديث:
الحديث بإسناد الحاكم حسن لذاته كما يتضح من دراسة الإسناد وهو صحيح لغيره بالمتابعات الأخرى، ومنها التى رواها عبد الرزاق في مصنفه فإنها حسنه لذاتها. وله شواهد عن كثير من الصحابة، وقد يصل إلى درجة التواتر، فقد روى من حديث معاوية هنا، ومن حديث ابن عمر، وأبي هريرة، وابن عمرو، وجابر، وذؤيب، وشرحبيل بن أوس، وجرير، وغضيف، والشريد بن سويد، ونفر من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين-، وقد أخرج الحاكم روايات كثير من هؤلاء، واستوعب الكلام عن الحديث بجمع طرقه، والكلام عن متنه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في حاشيته على المسند (9/ 40 - 70). فأطال في ذلك، وخرج منه بنصرته للرأي القائل بقتل الشارب في الرابعة، وأجاب عن دعوى النسخ التي أثارها بعض علماء الِإسلام، ومن أراد استيفاء البحث فليرجع إلى كلامه رحمه الله، فإن فيه فوائد جمة، والله أعلم.
1060 -
حديث عقبة بن الحارث، قال:
جيء (بالنعيمان)(1)، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من في البيت، فضربوه بالأيدي، والنعال، (وكنت فيمن ضربه)(2).
قلت: على شرط البخاري ومسلم.
(1) في (أ) و (ب): (النعمان)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه، ومصادر التخريج.
(2)
في (أ): (وكتب في مرضه) وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
ومن قوله: (فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم) إلى هنا ليس في (ب).
1060 -
المستدرك (4/ 374) أخرج الحاكم هذا الحديث من طريق عبد الوهاب، ثنا أيوب، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن عقبة بن الحارث، ثم قال:
"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقد تابع عبد الوارث بن سعيد عبد الوهاب الثقفي على وصله بذكر عقبة بن الحارث"، ثم ساق الحديث، فقال: حدثناه أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، ثنا يوسف بن يعقوب القاضي، ثنا محمد بن أبي بكر، ثنا الوارث، ثنا أيوب، عن ابن أبي مليكة، قال:
أخبرني عقبة بن الحارث، قال، فذكره بلفظه.
تخريجه:
هذا الحديث أخرجه الحاكم من طريق عبد الوهاب، وساقه من طريق عبد الوارث متابعاً له، كلاهما عن أيوب، عن ابن أبي مليكة، عن عقبة، به، ثم قال الحاكم عن رواية عبد الوهاب:"صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، وفاته هو والذهبي، وابن الملقن أن البخاري أخرجه (4/ 492 رقم 2316) في الوكالة، باب الوكالة في الحدود =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= و (12/ 64 و65 رقم 6774 و 6775) في الحدود، باب من أمر بضرب الحد في البيت، وباب الضرب بالجريد والنعال، أخرجه من طريق عبد الوهاب، ووهيب بن خالد، كلاهما عن أيوب، به بلفظ:
جيء بالنعيمان -أو ابن النعيمان- شارباً، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان في البيت أن يضربوه، قال: فكنت أنا فيمن ضربه، فضربناه بالنعال والجريد.
وأخرجه أحمد في المسند (4/ 7 و8 و 384) من طريق عبد الوارث، ووهيب بن خالد، كلاهما عن أيوب، به نحوه.
وأخرجه النسائي في الكبرى -كما في التحفة (7/ 301 رقم 9907) - من طريق وهيب، به.
دراسة الإسناد:
الحديث أخرجه الحاكم هنا والبخاري في صحيحه، كلاهما من طريق أيوب، عن ابن أبي مليكة.
ورجال إسناد الحاكم إلى أيوب بيان حالهم كالتالي:
عبد الوارث بن سعيد تقدم في الحديث (976) أنه ثقة ثبت من رجال الجماعة.
ومحمد بن أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدم المقدمي، أبو عبد الله الثقفي، مولاهم البصري، ثقة من رجال الشيخين./ الجرح والتعديل (7/ 213 رقم 1178)، والتقريب (2/ 148 رقم 79)، والتهذيب (9/ 79 رقم 98).
ويوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد، أبو محمد القاضي إمام حافظ كبير فقيه ثقة، صاحب التصانيف في السنن./ السير (14/ 85 رقم 45). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وشيخ الحاكم أحمد بن يعقوب بن أحمد بن مهران الثقفي الزاهد، أبو سعيد هو ممن أكثر عنه الحاكم في الرواية، فقد ذكر الشيخ محمود الميرة في رسالته عن الحاكم (ص 95) أن مروياته في المستدرك بلغت ثمان ومائتين (208)، وبالرغم من ذلك فلم أجد من ترجمه.
الحكم على الحديث:
الحديث استدركه الحاكم على الشيخين، وتعقبه الذهبي بأنه على شرط البخاري ومسلم، ولم يتعقبهما ابن الملقن بشيء، وفاتهم أن البخاري أخرجه كما سبق.
ورجال إسناد الحاكم الذين في طبقة شيوخ البخاري فمن فوقهم رجال الشيخين كما ذكر الذهبي، لكن الحكم على إسناد الحاكم يتوقف على معرفة حال شيخه، ولم أجد من ذكره، والحديث أخرجه البخاري كما سبق، من طريق عبد الوهاب، عن أيوب والله أعلم.
1061 -
حديث السائب بن يزيد، قال:
كان يؤتى بالشارب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (1)
…
الحديث.
قال: على شرط البخاري ومسلم.
قلت: ذا في البخاري.
(1) قوله: صلى الله عليه وسلم ليس في (ب).
1061 -
المستدرك (4/ 374): أخبرنا أبو أحمد بكر بن محمد بن حمدان الصيرفي بمرو، ثنا عبد الصمد بن الفضل البلخي، ثنا مكي بن إبراهيم، ثنا الجعيد بن عبد الرحمن، عن يزيد بن خصيفة، عن السائب بن يزيد، قال: كان يؤتى بالشارب في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفي امرة أبي بكر، وصدرا من امرة عمر -رضى الله عنهما- فنقوم إليه، فنضربه بأيدينا، ونعالنا، وأرديتنا، حتى كان صدراً من إمارة عمر، فجلد فيها أربعين، حتى إذا عاثوا فيها، وفسقوا جلد فيها ثمانين.
تخريجه:
الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق مكي بن إبراهيم، عن الجعيد بن عبد الرحمن، عن يزيد بن خصيفة، عن السائب، به، وقال:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، فتعقبه الذهبي بقوله:"ذا في البخاري"، وهو كذلك، فإن مكي بن إبراهيم الذي أخرج الحاكم حديثه من طريقه هو شيخ البخاري الذي أخرج الحديث عنه (12/ 66 رقم 6779) في الحدود، باب الضرب بالجريد، والنعال، به نحو لفظ الحاكم.
وأخرجه أحمد في المسند (3/ 449) بنحوه.
والنسائي في الكبرى -كما في التحفة (3/ 264 رقم 3806) -، كلاهما من طريق مكي، به. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= دراسة الإسناد:
الحديث أخرجه الحاكم هنا، والبخاري في صحيحه، كلاهما من طريق مكي بن إبراهيم، وإسناد الحاكم إلى مكي هذا بيان حال رجاله كالتالي:
عبد الصمد بن الفضل تقدم في الحديث (608) أن ابن حبان انفرد بتوثيقه.
وشيخ الحاكم أبو بكر الصيرفي تقدم في نفس الحديث أنه محدث رحال إمام فاضل عالم.
الحكم على الحديث:
الحديث استدركه الحاكم على الشيخين، فلم يصب، لأن البخاري أخرجه كما سبق.
وأما إسناد الحاكم إلى من أخرج البخاري الحديث من طريقه ففي سنده عبد الصمد بن الفضل، وقد انفرد ابن حبان بتوثيقه، والله أعلم.
1062 -
حديث علي:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع في بيضة قيمتها عشرون درهماً (1).
قال: صحيح.
قلت: فيه المختار بن نافع قال النسائي (2)، وغيره: ليس بثقة.
(1) قوله: (قيمتها عشرون درهماً) ليس في (ب).
(2)
التهذيب (10/ 69 - 70).
1062 -
المستدرك (4/ 378): حدثنا أحمد بن كامل بن خلف القاضي، ثنا عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي، ثنا أبو عتاب سهل بن حماد، ثنا المختار بن نافع، عن يحيى بن سعيد بن عبادة، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه فذكره بلفظه.
تخريجه:
الحديث أخرجه البزار في مسنده (2/ 220 رقم 1559).
وابن عدي في الكامل (6/ 2437).
كلاهما من طريق سهل بن حماد أبي عتاب، عن المختار بن نافع، عن أبي حيان التيمي، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في بيضة من حديد قيمتها واحد وعشرون درهماً.
هذا لفظ ابن عدي، ولفظ البزار نحوه.
وأبو حيان التيمي هو يحيى بن سعيد.
دراسه الإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وأعله الذهبي بقوله:"المختار، قال النسائي، وغيره: ليس بثقة". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وللحديث علتان أيضاً بالِإضافة لما ذكر الذهبي.
(1)
الاختلاف في متن الحديث.
(2)
وجود عبد الملك بن محمد الرقاشي في سند الحديث.
أما المختار بن نافع التميمي، العُكَلي، أبو إسحاق الثمار، فتقدم في الحديث (549) أنه منكر الحديث.
وأما الاختلاف في المتن، فإن روايتي البزار وابن عدي ذكر فيهما أن قيمة البيضة واحد وعشرون درهماً.
وأما رواية الحاكم ففيها أن القيمة عشرون درهماً، ولعل الاختلاف من عبد الملك بن محمد الرقاشي الذي روى الحاكم الحديث من طريقه، فإنه تغير حفظه لما سكن بغداد، تقدم ذلك في الحديث (719).
الحكم على الحديث:
الحديث بإسناد الحاكم ضعيف جداً لما تقدم في دراسة الِإسناد، وهو ضعيف فقط من الطريق التي أخرجها البزار، وابن عدي، والله أعلم.
1063 -
حديث الحارث بن حاطب:
أن رجلاً سرق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتي به، فقال: "اقتلوه،، فقالوا: إنما سرق!
…
الحديث (1).
قال: صحيح.
قلت: بل منكر.
(1) من قوله: (فأتي به) إلى هنا ليس في (ب).
1063 -
المستدرك (4/ 382): حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه، ثنا إسحاق بن الحسن بن الحربي، ثنا عفان بن مسلم، ثنا حماد بن سلمة، ثنا يوسف بن سعد، عن الحارث بن حاطب، أن رجلاً سرق على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأتي به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال:"اقتلوه"، فقالوا: إنما سرق! قال: "فاقطعوه"، ثم سرق أيضاً، فقطع ثم سرق على عهد أبي بكر فقطع، ثم سرق، فقطع، حتى قطعت قوائمه، ثم سرق الخامسة، فقال أبو بكر رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعلم بهذا حين أمر بقتله، اذهبوا به، فاقتلوه، فدفع إلى فتية من قريش فيهم عبد الله بن الزبير، فقال عبد الله بن الزبير: أقروني عليكم، فأمروه، فكأن إذا ضربه ضربوه، حتى قتلوه.
تخريجه:
الحديث أخرجه النسائي في سننه (8/ 89 - 90) في قطع السارق، باب قطع الرجل من السارق بعد اليد.
والطبراني (3/ 315 رقم 3408).
والبيهقي في سننه (8/ 272 - 273) في السرقة، باب السارق يعود فيسرق ثانياً، وثالثاً، ورابعاً. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ثلاثتهم من طريق حماد بن سلمة، عن يوسف بن سعد، عن الحارث، به نحوه.
وأخرجه الطبراني في الموضع السابق برقم (3409) من طريق خالد الحذاء، عن يوسف بن يعقوب، عن محمد بن حاطب، أن الحارث بن حاطب ذكر ابن الزبير، فقال: طالما حرص على الِإمارة، فذكر الحديث، بنحوه.
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وأعله الذهبي بقوله:"منكر"، ولم يبين وجه النكارة، ويتوجه ذلك إلى متنه، لما فيه من الأمر بقتل السارق، وسيأتي بيان ذلك.
وقد قال النسائي نحو هذه العبارة في حديث رواه عقب هذا الحديث، وهو حديث جابر رضي الله عنه وسياق أوله نحو سياق أول هذا الحديث، وفيه:
فأتي به الخامسة، قال:"اقتلوه"، قال جابر: فانطلقنا به إلى مربد النَّعَم، وحملناه، فاستلقى على ظهره، ثم كشّر بيديه، ورجليه، فانصدعت الإبل، ثم حملوا عليه الثانية، ففعل مثل ذلك، ثم حملوا عليه الثالثة، فرميناه بالحجارة، فقتلناه، ثم ألقيناه في بئر، ثم رمينا عليه بالحجارة.
قال النسائي عقبه: "وهذا حديث منكر، ومصعب بن ثابت ليس بالقوي في الحديث".
وكلام النسائي هنا لعله لمخالفة آخر الحديث لحديث الحارث بن حاطب، فإنه لم يتكلم عنه بمثل كلامه عن حديث جابر.
وسند حديث الحارث بن حاطب عند الحاكم بيان حال رجاله كالتالي:
يوسف بن سعد الجمحي، مولاهم البصري ثقة -كما في التقريب (2/ 380 رقم 434) - وانظر التهذيب (11/ 431 رقم 806). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وحماد بن سلمة ثقة عابد تغير حفظه بالآخر كما تقدم في الحديث (738)، لكن الراوي عنه عند الحاكم هو عفان بن مسلم، وتقدم في نفس الحديث: أن رواية عفان عنه سليمة -بإذن الله-، فقد قال ابن معين:"من أراد أن يكتب حديث حماد بن سلمة، فعليه بعفان بن مسلم".
وعفان تقدم في الحديث (728) أنه: ثقة.
وإسحاق بن الحسن بن ميمون الحربي، أبو يعقوب البغدادي ثقة -كما في السير (13/ 411).
وشيخ الحاكم أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه تقدم في الحديث (757) أنه: صدوق.
والحديث أخرجه الطبراني في الموضع السابق من طرق كثيرة عن حماد بن سلمة.
الحكم علي الحديث:
الحديث بإسناد الحاكم حسن الإسناد لذاته، وبالمتابعة الأخرى يكون صحيحاً لغيره، ويبقى بيان كلام الذهبي بقوله: عن الحديث: "منكر"، وتقدم أنه متجه إلى المتن، وأما الإسناد فصحيح.
وقد قال الشافعي: "القتل فيمن أقيم عليه حد في شيء أربعاً فأتي به في الخامسة: منسوخ"، نقله عنه البيهقي في السنن (8/ 275)، وقال:"واستدل عليه بما هو منقول في أبواب حد الشارب".
قلت: دعوى النسخ للحديث غير متجهة هنا، لأن الرجل في هذا الحديث قتل في عهد أبي بكر، ولو كان ذلك منسوخاً لما عمل به الصحابة، فأرى وجاهة قول الذهبي بإعلاله متن الحديث بالنكارة، سيما وقد قاله بعض أهل العلم بالحديث، ومنهم ابن عبد البر رحمه الله، نقل ذلك عنه ابن التركماني في "الجوهر النقي" (8/ 272 - 273) فقال: "في حديث مصعب قتل السارق في الخامسة، ولا أعلم أحداً من أهل العلم قال به، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= إلا ما ذكره أبو مصعب صاحب مالك في مختصرة عن أهل المدينة -مالك وغيره-، قال: فإن سرق الخامسة قتل كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعثمان، وعمر بن عبد العزيز. قال: وكان مالك يقول: لا يقتل. قال أبو عمر: حديث القتل منكر لا أصل له، وقد ثبت عنه عليه السلام: "لا يحل دم امريء مسلم إلا بإحدى ثلاث
…
" الحديث، ولم يذكر فيها السارق.
وقال عليه السلام في السرقة: فاحشة، وفيها عقوبة، ولم يذكر قتلاً، وعلى هذا جمهور أهل العلم في آفاق المسلمين". اهـ. وهذا هو الذي تميل إليه النفس، فالحديث صحيح الِإسناد، منكر المتن، والله أعلم.
1064 -
حديث ابن عمر:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام بعد أن رجم الأسلمي، فقال:
"اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عنها، فمن ألمّ فليستتر بستر الله، وليتب إلى الله، فإنه من يُبْدِ لنا (صفحته) (1) نُقِمْ عليه كتاب الله"(2).
قلت: على شرط البخاري ومسلم.
(1) في (أ): (صحفته)، وليست في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
(2)
من قوله: (التي نها الله عنها) إلى هنا ليس في (ب).
1064 -
المستدرك (4/ 383): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنبأ الربيع بن سليمان، ثنا أسد بن موسى، ثنا أنس بن عياض، عن يحيى بن سعيد، حدثني عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فذكره بلفظه، وفي آخره قال:
"كتاب الله تعالى عز وجل".-
تخريجه:
الحديث أعاده الحاكم هنا، وكان قد رواه (4/ 244): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا بحر بن نصر بن سابق الخولاني، ثنا أسد بن موسى، فذكره بمثله، وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، وأقره الذهبي.
وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار"(1/ 20 و 21) من طريق أسد بن موسى، ويونس، كلاهما عن أنس بن عياض، به نحوه.
وأخرجه البيهقي في سننه (8/ 330) في الأشربة والحد فيها، باب ما جاء في الاستتار بستر الله عز وجل، من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن يحيى بن سعيد، به مثله، ولم يذكر قوله: "وليتب
…
" الخ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (7/ 319 - 320رقم 13336) من طريق ابن جريج، أخبرني يحيى بن سعيد، بنحو لفظ البيهقي.
والحديث ذكره الشيخ ناصر الدين الألباني في سلسلته الصحيحة (2/ 271 - 272 رقم 663)، وذكر أن أبا عبد الله القطان أخرجه في حديثه (56/ 1)، وأبو القاسم الحنائي في "المنتقى من حديث الخصاص، وأبي بكر الحنائي"(160/ 2)، وابن سمعون في "الأمالي"(2/ 183/ 2)، والعقيلي (203).
قلت: ولم أجده عند العقيلي في الضعفاء.
دراسة الإسناد:
الحديث سبق أن صححه الحاكم على شرط الشيخين، وسكت عنه هنا فقال الذهبي عن الحديث:"على شرط البخاري ومسلم".
وإسناد الحاكم بيان حال رجاله كالتالي:
عبد الله بن دينار العدوي، مولاهم، أبو عبد الرحمن المدني، مولى ابن عمر، ثقة من رجال الجماعة./ الجرح والتعديل (5/ 46 رقم 217)، والتقريب (1/ 413 رقم 284)، والتهذيب (5/ 201 - 203 رقم 349).
ويحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري إمام حافظ ثقة ثبت من رجال الجماعة، تقدمت ترجمته في الحديث (641).
وأنس بن عياض بن ضمرة، الليثي، أبو حمزة المدني ثقة من رجال الجماعة./ الجرح والتعديل (2/ 289 رقم 1055)، والتقريب (1/ 84 رقم 643)، والتهذيب (1/ 375 - 376 رقم 689).
وأسد بن موسى صدوق يغرب، تقدمت ترجمته في الحديث (806)، وإنما روى له البخاري تعليقاً، ولم يرو له مسلم.
والربيع بن سليمان تقدم في الحديث (806) أيضاً أنه: ثقة. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وشيخ الحاكم أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم تقدم في الحديث (531) أنه: ثقة إمام محدث وقد تابع أنساً عبد الوهاب الثقفي، وابن جريج.
وتابع أسد بن موسى يونس.
وابن جريج قد صرح بالتحديث عند عبد الرزاق، وتقدم في الحديث (587) أنه ثقة فقيه فاضل.
الحكم على الحديث:
الحديث بإسناد الحاكم حسن لذاته، وليس هو على شرط الشيخين على مراد الذهبي إلا إلى طبقة أنس بن عياض، لكن أسد بن موسى هو في طبقة شيوخ البخاري ومسلم، ولم يخرج له مسلم، ولا البخاري إلا تعليقاً، والحديث صحيح لغيره بالطرق الأخرى ومنها طريق عبد الرزاق التي أخرجها عن ابن جريج، فإنها صحيحة الِإسناد، وصححه الألباني في الموضع السابق من سلسلته الصحيحة، ولم يذكر طريق عبد الرزاق هذه، والله أعلم.
1065 -
حديث عائشة مرفوعاً:
"ادرؤا الحدود بالشبهات".
قال: صحيح.
قلت: فيه يزيد بن (زياد)(1) قال النسائي: شامي متروك (2).
(1) في (أ) و (ب): (أبي زياد)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه، ومصادر الترجمة.
(2)
هذا التعقب في (أ) ليس هذا موضعه، وإنما وضعه الناسخ على الحديث رقم (977) في كتاب الأدب، وهو: "حديث أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً لتعقل عنه. قال: صحيح. قلت: فيه يزيد بن أبي زياد قال النسائي: شامي متروك)، وتقدم بيان ذلك عند الحديث رقم (916).
وما أثبته من (ب) والتلخيص.
وعبارة النسائي هذه في الضعفاء والمتروكين له (ص 111 رقم 644).
1065 -
المستدرك (4/ 384): أخبرنا القاسم بن القاسم السياري، أنبأ أبو الموجه، أنبأ عبدان، أنبأ الفضل بن موسى، عن يزيد بن زياد الأشجعي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:"ادرؤا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم لمسلم مخرجاً فخلوا سبيله، فإن الِإمام أن يخطيء في العفو خير من أن يخطيء بالعقوبة".
تخريجه:
الحديث أخرجه الترمذي (4/ 688 رقم 1444) في الحدود، باب ما جاء في درء الحدود. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والدارقطني (3/ 84 رقم 8).
والبيهقي في سننه (8/ 238) في الحدود، باب ما جاء في درء الحدود بالشبهات.
والخطيب في تاريخه (5/ 331).
جميعهم من طريق يزيد بن زياد، به، ولفظ البيهقي والخطيب مثله، ولفظ الترمذي، والدارقطني نحوه.
قال الترمذي: "لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث محمد بن ربيعة، عن يزيد بن زياد الدمشقي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه وكيع، عن يزيد بن زياد، نحوه، ولم يرفعه، ورواية وكيع أصح".
ثم أخرجه الترمذي برقم (1445).
وابن أبي شيبة في المصنف (9/ 569 - 570 رقم 8551).
والبيهقي في الموضع السابق.
ثلاثتهم من طريق وكيع، به، ولم يرفعه.
دراسه الإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:
"قال النسائي: يزيد بن زياد شامي متروك".
ويزيد هذا هو ابن زياد، أو ابن أبي زياد القرشي الدمشقي، وهو متروك./ الجرح والتعديل (9/ 262 رقم 1109)، والضعفاء والمتروكون للنسائي (ص 111 رقم 644)، والتقريب (2/ 364 رقم 253)، والتهذيب (11/ 328 - 329 رقم 629).
وأما قول الترمذي المتقدم: "رواه وكيع عن يزيد بن زياد، نحوه، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ولم يرفعه، ورواية وكيع أصح" ففيه نظر، لأن الترمذي قال قبله عن المرفوع:
"لا نعلمه مرفوعا إلا من حديث محمد بن ربيعة، عن يزيد بن زياد
…
"، فالترمذي رحمه الله لم يطلع على رواية من رواه مرفوعاً غير محمد بن ربيعة.
وقد رواه الفضل بن موسى هنا عند الحاكم، وعند البيهقي متابعاً لمحمد بن ربيعة عليه، فيكون الاختلاف في رفعه، ووقفه من قبل يزيد نفسه، والله أعلم.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف جداً بهذا الِإسناد لشدة ضعف يزيد، واختلافه في الحديث.
ولبعض الحديث شاهد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أخرجه ابن ماجه في سننه (2/ 850 رقم 2545) في الحدود، باب الستر على المؤمن، ودفع الحدود بالشبهات من طريق إبراهيم بن الفضل، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم فيدفعوا الحدود ما وجدتم لها مدفعاً".
قال البوصيري في الزوائد (3/ 103): "هذا إسناد ضعيف، إبراهيم بن الفضل المخزومي ضعفه أحمد، وابن معين، والبخاري، والنسائي، والأزدي، والدارقطني".
وعليه فلا ينجبر ضعف الحديث بهذا الشاهد، والله أعلم.
1066 -
حديث أبي قتادة مرفوعاً:
"رفع القلم عن ثلاثة، النائم حتى يستيقظ
…
" الحديث.
قال: صحيح.
قلت: فيه عكرمة بن إبراهيم ضعفوه (1).
(1) هذا الحديث في (أ) ليس هذا موضعه، وإنما هو مذكور في آخر كتاب الأدب، وما أثبته من (ب)، والمستدرك وتلخيصه، وانظر التعليق على الحديث رقم (978).
1066 -
المستدرك (4/ 389): أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي، ثنا هاشم بن مرثد الطبراني، ثنا عمرو بن الربيع بن طارق، ثنا عكرمة بن إبراهيم، حدثني سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن عبد الله بن أبي رباح، عن أبي قتادة رضي الله عنه أنه كان مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سفر، فأدلج فتقطع الناس عليه، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:"أنه رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المعتوه حتى يصح، وعن الصبي حتى يحتلم".
دراسة الإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"عكرمة ضعفوه".
وعكرمة هذا هو ابن إبراهيم الأزدي، وهو ضعيف، ضعفه النسائي، وقال مرة:
ليس بثقة. وقال أبو داود: ليس بشيء. وذكره ابن الجارود، وابن شاهين في الضعفاء. وقال يعقوب بن سفيان: منكر الحديث. وقال البزار: لين الحديث.
وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي. اهـ. من الضعفاء والمتروكين للنسائي (ص 86 رقم 482)، والميزان (3/ 89 رقم 5708)، واللسان (4/ 181 - 182 رقم 470). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الإسناد لضعف عكرمة بن إبراهيم، وله شاهد من حديث: عائشة رضي الله عنها، وغيرها.
أما حديث عائشة رضي الله عنها فأخرجه:
الإمام أحمد في المسند (6/ 100 - 101 و 101 و 144).
وأبو داود في سننه (4/ 558 رقم 4398) في الحدود، باب في المجنون يسرق أو يصيب أحداً.
والنسائي (6/ 156) في الطلاق، باب من لا يقع طلاقه من الأزواج.
وابن ماجه (1/ 658 رقم 2041) في الطلاق، باب طلاق المعتوه، والصغير، والنائم.
والدارمي (2/ 93 رقم 2301) في الحدود، باب رفع القلم عن ثلاث.
وابن حبان في صحيحه (ص 359) رقم 1496).
جميعهم من طريق حماد بن سلمة، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل".
وهذا لفظ الرواية الأولى عند أحمد، ونحوه لفظ رواية النسائي، وابن ماجه، والدارمي، وابن حبان، ولفظ رواية أبي داود قال:
"رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المبتلى حتى يبرأ، وعن الصبي حتى يكبر".
وأخرجه الحاكم (2/ 59) من طريق حماد بن سلمة أيضاً بلفظ: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= "رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يحتلم، وعن المعتوه حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ"، ثم قال الحاكم:"هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه"، وأقره الذهبي.
وقال الزيلعي في نصب الراية (4/ 162): " يعله الشيخ (أي ابن دقيق العيد) في "الإمام" بشيء، وإنما قال: هو أقوى إسناداً من حديث علي".
قلت: ظاهر الإسناد أن له علتين:
1 -
حماد بن أبي سليمان متكلم فيه.
2 -
حماد بن سلمة تغير حفظه بالآخر، مع كونه ثقة عابداً كما تقدم في الحديث (738).
أما حماد بن سلمة فإن الإمام أحمد أخرج الحديث من عدة طرق عنه، ومنها طريق عفان بن مسلم، عنه، وتقدم في الحديث (986) أن ابن معين قال:
"من أراد أن يكتب حديث حماد بن سلمة فعليه بعفان بن مسلم".
وأما حماد بن أبي سليمان مسلم مولى إبراهيم بن أبي موسى الأشعري، الكوفي، الفقيه، أبو إسماعيل، فإنه وثقه قوم، وتكلم فيه آخرون.
فقد وثقه ابن معين، والنسائي، والعجلي، وهو ظاهر كلام يحيى القطان، وأثنى عليه الإمام أحمد، وانتقد رواية حماد بن سلمة عنه، فقال: سماع هشام منه صالح، ولكن حماد يعني ابن سلمة عنده عنه تخليط كثير، وقال: هو أصح حديثاً من أبي معشر. وقال معمر: ما رأيت أفقه من هؤلاء: الزهري، وحماد، وقتادة.
وقال شعبة: صدوق اللسان.
وقال أبو حاتم: صدوق لا يحتج بحديثه، وهو مستقيم في الفقه، فإذا جاء الآثار شوّش، وقال ابن عدي: حماد كثير الرواية خاصة عن إبراهيم، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ويقع في حديثه أفراد، وغرائب، وهو متماسك في الحديث، لا بأس به./ الكامل (2/ 653)، والتهذيب (2/ 16 - 18 رقم 15).
قلت: وكأن الحافظ الذهبي لم يلتفت إلى كلام من جرح حماد بن أبي سليمان، فقال في الكاشف (1/ 252 رقم 1230):"ثقة، إمام مجتهد، وكريم جواد"، ورجح ذلك الشيخ عبد العزيز التخيفي في:"دراسة المتكلم فيهم من رجال تقريب التهذيب (1/ 342)، فقال: "الراجح لدي قول من وثقه، وأنه: ثقة، وأصح الناس عنه حديثاً: سفيان الثوري، وشعبة، وهشام الدستوائي، وقد رمي بالأرجاء".
أقول: فالذهبي رحمه الله رجح قول من وثق حماد بن أبي سليمان، فحديثه هنا أقل أحواله أنه حسن لذاته، بسبب الكلام في رواية حماد بن سلمة عنه لاختلاطه بالآخر، لكن رواية عفان بن مسلم للحديث عنه تجعل النفس تطمئن لسلامة حديثه، سيما وقد ورد الحديث من طرق كثيرة، ولا يخلوا طريق منها من مقال، لكن بمجموعها يتقوى الحديث.
فمن تلك الطرق طريق أبي قتادة التي رواها الحاكم هنا، وحديث علي بن أبي طالب، وأبي هريرة، وثوبان، وشداد بن أوس، وابن عباس رضي الله عنهم.
وقد جمع هذه الطرق الحافظ الزيلعي في نصب الراية (4/ 161 - 165)، وانظر مجمع الزوائد (6/ 251)، وصحح الحديث الشيخ الألباني في الأرواء (8/ 4 رقم 297)، والله أعلم.